الأبحاث والدراساتالإصداراتالتوافق الوطنيوحدة الهوية المشتركة والتوافق

الورقة البحثية ” آلية تقوية البناء السياسي للثورة “

يشير مفهوم البناء السياسي عادة إلى المؤسسات والهيئات والمنظمات التي تشكل – مجتمعة- النظام السياسي في الدولة (المفهوم الشكلي أو البنيوي)، لكنه يشمل –في نظر البعض- الثقافة السياسية والقيم الاجتماعية السائدة في المجتمع (المفهوم الموضوعي)[1].

بإسقاط هذا التعريف للبناء السياسي على الثورة السورية، يمكن بيان مفهوم “البناء السياسي للثورة السورية” بأنه: مجموعة المؤسسات والمنظمات المؤثرة في المسار السياسي، والتي نشأت ومارست نشاطها في ظل الثورة، إضافة إلى مجموعة المفاهيم والقيم السياسية التي كرستها الثورة”.

من الناحية البنيوية، شهدت الثورة ميلاد العديد من المؤسسات والهياكل ذات الأثر السياسي ابتداء من التنسيقيات مروراً بالمجلس الوطني والائتلاف والمكاتب السياسية للفصائل وانتهاء بالهيئة العليا للمفاوضات، ولم تشذ هذه الكيانات عن القاعدة الأساسية التي وصمت البناء السياسي السوري منذ تشكيل الكيان الجمهوري، وهي: الضعف والترهل.

أما من الناحية الموضوعية، على الرغم من بساطة الشعارات التي نادت بها الثورة إبان انطلاقها “إسقاط النظام وبناء دولة الحرية والكرامة”، فقد فشلت الثورة إلى حد كبير في بلورة إجابات عن أهم القيم والمفاهيم التي تتبناها تجاه القضايا الأساسية مثل (شكل الدولة، المواطنة، الأقليات، الديمقراطية، المساواة…إلخ). إلا أن ذلك لا ينفي نجاح بعض المحاولات في تشكيل مبادئ سياسية أولية للثورة كوثيقة المبادئ الخمسة للثورة السورية.

عندما نتحدث عن آلية تدعيم البناء السياسي للثورة، فهذا يعني البناء على شيء موجود وليس الابتداء من الصفر و”اختراع العجلة من جديد” كما يقال. من هذا المنطلق تهدف هذه الورقة لبيان الخيارات المتاحة أمام القوى الثورية بمختلف توجهاتها واختصاصاتها لتدعيم البناء السياسي وتقويته بما يخفف من أسباب النزاع والاختلاف بينها لاحقاً.

ليس المقصود بهذه الورقة تقديم رؤى سياسية موضوعية، فهذا الأمر يحتاج إلى دراسات متعددة ومستقلة، بقدر الإشارة إلى عدة آليات يمكن من خلالها الوصول إلى هذه الرؤى، وبناء هياكل سياسية قوية أو على الأقل قابلة للحياة.

قسمنا الورقة إلى قسمين: نتحدث في الأول عن آليات تدعيم البناء السياسي الموضوعي للثورة، في حين خصصنا الثاني لبحث آليات تدعيم البناء السياسي الهيكلي للثورة.

[1] د. عادل فتحي ثابت عبد الحافظ، النظرية السياسية المعاصرة: دراسة في النماذج والنظريات التي قدمت لفهم وتحليل عالم السياسة، دار خوارزم، الإسكندرية، 2002، ص186.

مؤسسة بحثية سورية تسعى إلى الإسهام في بناء الرؤى والمعارف بما يساعد السوريين على إنضاج حلول عملية لمواجهة التحديات الوطنية المشتركة وتحقيق التنمية المستدامة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى