الإصداراتالمقالات التحليلية

النشاط السوري في المهجر بالولايات المتحدة: النجاحات والتحديات

تُقدِّم هذه المقالة تقييماً نقدياً للجهود السورية المناهضة لنظام الأسد في الولايات المتحدة، فمع تقدُّم الحراك في ملف “العدالة الانتقالية” الساعي لمحاكمة مسؤولي نظام الأسد في المحاكم الدولية[1] تُمثّل جهود النشطاء السوريين عابرة الحدود و/أو في المهجر في الولايات المتحدة أحدث المكاسب المرئية في السياسة الدولية للثورة السورية، فمن قانون “قيصر” إلى مشروع قانون مكافحة تطبيع نظام الأسد الذي لا يزال قيد العمل، تُظهِر النجاحات تجربةً مثيرةً للإعجاب من قبل ائتلاف شعبي جديد اكتسب مهارات ومعرفة واسعة تتعلق بالنظام التشريعي الأمريكي.

بالتأكيد، يجب على النشطاء أن يأخذوا في اعتبارهم حالة عدم اليقين التي تفرضها الانتخابات الأمريكية في وقت لاحق من العام والخلفية المعقّدة للغاية للشرق الأوسط، حيث لا تزال الحرب في غزة مستمرة، ومعها حالة من الشكوك حول الحاضر والمستقبل. ومع أننا نشهد الإبادة الجماعية في فلسطين التي تُمكِّنها الولايات المتحدة، فإن التحديات الأكثر تعقيدًا هي داخلية وأخلاقية بطبيعتها، وتتعلق بمبادئ وأساليب التعبئة المدنية والسياسية.

النشطاء في المهجر في الولايات المتحدة:

فهم مسار النشاط السوري في المهجر في الولايات المتحدة يتطلّب مجموعة من الأدوات التحليلية المختلفة عن تحليل الحراك الذي يقوم به السوريون، من الأسفل إلى الأعلى، لمناهضة نظام الأسد السلطوي سواءً في الداخل السوري أو في تركيا، إذ ربما تتيح بيئة صنع السياسات عالية المؤسساتيّة داخل “الدول الديمقراطية” -كالولايات المتحدة ربما- إبداعًا وارتجالًا أقل، لكن استقرارًا وتنبؤًا أكبر، مقارنة بالنشاط المدني والسياسي للسوريين داخل سوريا أو حتى تركيا المجاورة.

في كتابها عن العناصر الناشطة عبر الحدود الوطنية لثورات الربيع العربي، ترى عالمة الاجتماع دانا موس أن النشطاء السوريين في المهجر بالولايات المتحدة كانوا أكثر فعاليةً من نظرائهم في المملكة المتحدة في “تكوين مجموعة قوية من منظمات المناصرة والإغاثة ومواصلة الضغط” مع تحوُّل الثورة إلى “حرب دموية ومعقّدة” بشكل متزايد[2]. لقد شُكِّلت بعض المجموعات، أبرزها المجلس السوري الأمريكي الذي تأسّس في عام 2005، من قبل السوريين قبل عام 2011. ومع اكتساب الثورة السورية زخمًا عام 2011، بدأ أولئك السوريون في المنفى في الولايات المتحدة والمهاجرون من الجيل الأول أو الثاني في تفعيل نشاطهم السياسي للدعوة لإنهاء نظام الأسد. لم يكتف هذا النوع من النشاط بنشر المعلومات حول فظائع نظام الأسد والعنف. بل أيضاً دفع النشطاء الذين اعتبروا أنفسهم “ممثّلين” للثوار ومطالبهم[3] الأممَ المتحدة وكذلك الولايات المتحدة للتدخُّل ضد نظام الأسد، من خلال الدعم السياسي للمعارضة السورية والدعم العسكري للمقاتلين المناهضين للأسد، وخاصة للجيش السوري الحر إلى مراكز العمليات العسكرية في تركيا (الموم) والأردن (الموك).

ومع ذلك، كما تؤكد موس، فإن النشطاء في المهجر يمكنهم فقط جذب الجمهور والتأثير على سياسات الدول بما يتماشى مع أهدافهم بقدر ما تتناسب مطالبهم مع إطار أوسع من “التوجُّهات الجيوسياسية الطويلة الأمد” لتلك الدول[4]. وبنفس السياق، يذكر لانتيز “مجموعات المجتمع المدني كالائتلاف السوري المعارض المبعوث للأمم المتحدة” (الذي دعم “المشاركة المستمرة”) كجزء صغير من “ائتلافات المناصرة” المتنافسة التي تتألف من جهات حكومية وغير حكومية، كما تساهم النقاشات والتأثير المتغيّر والمتراوح لمراكز الأبحاث أو “ثينكتانك” بما في ذلك مراكز الفكر الأمريكية مثل مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS)، ومؤسسة التراث (Heritage Foundation)، والمجلس الأطلسي (Atlantic Council)، في تفسير تقلُّبات سياسة “المشاركة المتردّدة” للولايات المتحدة في سوريا من إدارة أوباما حتى إدارة ترامب[5].

تعلُّم المناصرة:

هناك حاجة إلى تحليل تجريبي أكثر منهجيّة لتحديد التأثير الدقيق للمجموعات السورية على أي تشريع مناهض لنظام الأسد في مراحل مختلفة من عملية صنع السياسات، وحتى لو كان الناشطون السوريون في المهجر في الولايات المتحدة يساعدون في تشكيل بعض معالم السياسات الخاصة ببلدهم الأم، سيكون من المبالغة القول إن النشطاء السوريين يقودون السياسة الأمريكية، أو سياسة أي دولة أخرى (مثل تركيا). هناك زخم قوي في تمرير القوانين: قانون “قيصر” لحماية المدنيين السوريين، قانون “الكبتاغون”[6]، قانون “الكبتاغون 2” الذي مُرِّر في مجلس النواب، وقانون مكافحة التطبيع مع نظام الأسد الذي مُرِّر أيضًا في مجلس النواب. ومع ذلك، لا يمكن أن تُعزى هذه الإنجازات التشريعية بالكامل إلى المجموعات في المهجر بما في ذلك مجموعات منها “التحالف الأمريكي من أجل سوريا[7]” أو “المنظمة السورية للطوارئ[8]” أو “العدالة العالمية” وغيرها. ولكن ما هو مؤكد هو أن النشطاء المنظّمين -بما في ذلك وليس فقط أولئك المعروفون في المعارضة أو على وسائل التواصل الاجتماعي- قد أدرجوا أنفسهم ببراعة في عملية صنع السياسات الأمريكية.

لقد استند الناشطون السوريون في المهجر في الولايات المتحدة إلى “المعرفة الديمقراطية”، و\أو مجموعة من التوجُّهات المدنية والمواقف والقيم والممارسات[9] التي تمكّنوا منها وصقلوها على مدى 13 عامًا على الأقل، سعياً للتأثير على السياسة الدولية والأمريكية خاصة بشأن سوريا. تشمل هذه المهارات التنظيمية والسياسية التي اكتسبوها بشق الأنفس: بناء الشبكات، التواصل، المناشدات المعيارية أو الأخلاقية[10]؛ جمع التبرُّعات، الإبلاغ، الحوكمة غير الربحية واتخاذ القرارات، الوصول للتأثير على الناخبين عبر الولايات، بناء التحالفات بين السوريين، ومؤسسة الأمن القومي والكونغرس، وكذلك الفهم المفصَّل للعملية المعقّدة لصنع السياسات داخل نظام مُعقّد، حيث تتوزع السياسة الخارجية إلى حدّ ما بين الفرعين التنفيذي (البيت الأبيض) والتشريعي (الكونغرس) اللذين يمكن أن يكونا متعارضين. هذه المهارات لم تتطور فقط من خلال مستويات عالية من التعليم (مثل درجات الدراسات العليا في القانون والقيادة)، بل من خلال المعرفة التي تم اكتسابها من خلال التجارب العملية في الساحة السياسية، إذا جاز التعبير.

لذا، ليس من قبيل الصدفة أن تبدو مجموعات المناصرة والضغط السورية الأمريكية قد ابتعدت عن التركيز على البيت الأبيض في عهد بايدن الذي يرونه غير مستجيب إلى حدّ كبير لإصرارهم على تصعيد الضغط الأمريكي ضد الأسد. بدلاً من ذلك، كانت استراتيجيتهم في السنوات الأخيرة تشريعية، مؤكدة “دور الكونغرس المحوري في تشكيل سياسة أمريكية جديدة تجاه سوريا”[11]، ومكّنهم الفهم العميق لكيفية عمل النظام من اتباع هذا النهج.

تركزت الأهداف السياسية للنشطاء السوريين في المهجر في الولايات المتحدة بشكل محدد حول فرض العقوبات على نظام الأسد ومنع استئناف العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية (التطبيع) مع أي حكومة سورية يظل بشار الأسد على رأسها.

إنه من المعروف أن قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254، الذي يُعتبر أبعد ما وصل إليه “المجتمع الدولي” في وصف نوع من الانتقال السياسي في سوريا، قد وصل إلى طريق مسدود منذ فترة طويلة منذ صدوره في عام 2015. وعليه، فربما يكون الضغط على الحكومة الأمريكية لتمرير المزيد من التشريعات المناهضة للأسد من بين النوافذ السياسية التي لا تزال مفتوحة أمام النشطاء، فهم الآن متمرسون في قيود وإمكانيات العمل الأجنبي والدولي تجاه سوريا. حتى وإن كانت سنوات من عقوبات قانون “قيصر” لم تصبح مدمّرة لنظام الأسد الذي يتم إدخاله ببطء إلى الحظيرة العربية، فإن ذلك لا يُثني جهود الضغط التي تبدو أنها تتقدم بنفس نوع الاستراتيجية آنفة الذكر.

احتفل المجلس السوري الأمريكي بإضافة مشروع قانون مكافحة التطبيع إلى قانون تفويض الدفاع الوطني الأمريكي الذي سيتم التصويت عليه بحلول ديسمبر 2024[12]. جاء ذلك بعد ظهور معلومات تفيد بأن إدارة بايدن ضغطت على أعضاء الكونغرس لإزالة مشروع قانون مكافحة التطبيع من مشروع القانون التكميلي الذي تم تمريره في أبريل 2024 بقيمة 95 مليار دولار كمساعدات لـ “إسرائيل” وتايوان وأوكرانيا[13]. في إطار التشريعات الأمريكية المتعلقة بالسوريين المناهضين لنظام الأسد، كان هذا التغيير في النهج بلا شك انتصارًا.

مؤخراً، أعلن النشطاء أن ميزانيات وزارة الخارجية ووكالة الولايات المتحدة للتنمية الدولية (USAID) التي تم التصويت عليها مؤخراً ومرّت في مجلس النواب تتضمن الآن ثلاثة بنود جديدة تتعلق بسوريا: 1) تخصيص 15 مليون دولار لتمويل منظمة الخوذ البيضاء؛ 2) تمويل خاص “لاستقرار” شمال غرب سوريا، الذي كان مخصصاً سابقاً فقط لشمال شرق سوريا (أي منطقة نفوذ “قوات سوريا الديمقراطية-قسد”)؛ 3) منع بشار الأسد وعائلته من الاستفادة من أي تمويلات تقدّمها الولايات المتحدة لسوريا[14].

بالطبع، يواصل المجتمع المدني السوري في المهجر في الولايات المتحدة، بما في ذلك الأكاديميون، العمل على أكثر من جبهة، حيث تُركّز الكثير من جهود المجتمع المدني السوري في المهجر في الولايات المتحدة على الحفاظ على الثورة السورية وإبراز جرائم نظام الأسد على جدول أعمال السياسة الأمريكية والدولية. على سبيل المثال، تقوم عائلات القتلى في سجون الأسد بحملات لمقاضاة حكومة نظام الأسد في المحاكم الأمريكية، وذلك من أجل استمرارية التحدث عن سوريا من قبل صانعي السياسات[15]. في هذا السياق، اعترف وزير الخارجية الأمريكي، على سبيل المثال، بوفاة الدكتور مجد كم الماز، مطالبًا حكومة نظام الأسد بتوضيح ما جرى معه”[16]. بالطبع، لا يزال غير واضح متى ومَن سيتمكّن من تحقيق هذه المساءلة.

النشطاء يسهمون أيضًا في النقاشات السياسية. فعلى سبيل المثال، تعتبر المجموعة المدنية “مدنية”، المكوّنة من المجتمع المدني، نفسها “شريكًا حقيقيًا” أو “جهة حوار رئيسية لصانعي السياسات الدوليين، تدافع عن قيمنا وتُعرّف الفاعلين المدنيين السوريين كشركاء في عمليات صنع القرار المتعلقة بسوريا”[17]. فيما يبدو أن أعضاء المجموعة يعملون بصفة تكاملية (وليس بالضرورة قيادية) على تحديد الأولويات والسياسات لاستراتيجية غربية طويلة الأمد في سوريا. هذا يُمثّل نهجًا مختلفًا عن السياسات الأكثر تحديدًا التي يُروّج لها المجلس السوري الأمريكي ومجموعات أخرى على شكل مشاريع قوانين وعقوبات إضافة إلى المساعدات.

في مشروع استراتيجية سوريا الجديد المعلن عنه من قبل مراكز الأبحاث الأمريكية مثل المجلس الأطلسي ومعهد الشرق الأوسط، بالإضافة إلى المعهد الأوروبي للسلام، يبدو أن السوريين من خلال “مدنية” مستعدون للعب دور “واسع النطاق في المشاركة السورية”[18]، حيث سيكتب بعض الأكاديميين السوريين أوراق سياسات كجزء من هذه المشاركة الاستشارية التي تهدف إلى وضع “استراتيجية شاملة لحل مستدام لأزمة سوريا”.

بتلك المشاركة، دخل نشطاء جدد وأكاديميون سوريون في المهجر بشكل طويل الأمد في معمعة “مبادرة عابرة المحيط الأطلسي” (أي أمريكية-أوروبية) لمستقبل سوريا. جزء من الحجة المستخدمة للمشاركة في “مشروع استراتيجية سوريا”، وفقًا للمشاركين، هو المساعدة في سدّه الفجوة الكبيرة التي تركها المعارضون السوريون أنفسهم: “هناك اشكالية من طرفنا كسوريين أيضًا؛ لا يوجد لدينا خطة واضحة للانتقال السياسي إلى بلد حر ومستقل وديمقراطي”[19]. هل ستؤدي مثل هذه المدخلات من مراكز الأبحاث إلى تأثير سياسي في اتجاهات إلى حدّ ما توافقية بالنسبة للنشطاء والمعارضين لنظام الأسد؟ الأكاديميون السوريون هم شريحة واحدة ضمن مجموعة من باحثين آخرين غربيين ودبلوماسيين سابقين وليس من الواضح إلى أي مدى ستسعى توصياتهم المشتركة قياساً وأخذاً بعين الاعتبار وجهات النظر السياسية المتناقضة والمتنوعة، شديدة الاستقطاب، للسوريين الموزعين جغرافياً بين الداخل وبلاد اللجوء والشتات.

نظرة للأمام: الأسئلة الأخلاقية المُلحّة

يجب على أي استراتيجية من قبل المجموعات السورية الناشطة في المهجر في الولايات المتحدة أن تأخذ في الاعتبار الاستراتيجية العامة للولايات المتحدة الخاصة بالمنطقة. يمكن أن تُخطئ أو تتخبّط الإدارات الأمريكية بشكل كبير أمام الجماهير المحلية، ربما على حساب الانتخابات الرئاسية، كما هو الحال في دعم بايدن الصريح وغير المشروط لـ “إسرائيل”[20]. ومع ذلك، فإن الاهتمامات الأساسية للولايات المتحدة في المنطقة نسبيًا ثابتة: حماية ودعم “إسرائيل”، وفرة طاقة المحروقات الرخيصة نسبياً، و”مكافحة الإرهاب” والأمن بشكل أوسع. يجب أيضًا أن يُنظر إلى النجاح قصير الأمد من قبل الناشطين السوريين في الولايات المتحدة في إبقاء سوريا على جدول الأعمال، وضمان فرض عقوبات إضافية على الأسد ودائرته الضيقة، أو ردع التطبيع، ضمن سياق السياسة الخارجية الأمريكية الأوسع تجاه الشرق الأوسط.

إذا كان الناشطون يُفكّرون على نمط القضايا الفردية المنفصلة (مثلاً القضية السورية غير القضية الفلسطينية غير القضية الكردية الخ)، فإن مؤسسة السياسة الخارجية الأمريكية بالتأكيد لا تفعل ذلك. الشبكة المعقّدة لصنع السياسات الخارجية تُعبّر عن ذلك. ليس فقط عندما يتعلق الأمر بأكبر وأطول “نزاع في الشرق الأوسط”، حيث إن لوبي “إسرائيل” قد أثّر بشكل كبير لفترة طويلة[21]. على سبيل المثال، في السنوات بعد أحداث 11 سبتمبر، نجح اللوبي “الإسرائيلي” في الولايات المتحدة ممثلاً في “إيباك AIPAC ” في الترويج لقوانين عقوبات ضد نظام الأسد، التي رعاها أو دعمها بعض أعضاء الكونغرس المؤيدين  بشدة لـ “إسرائيل” , منهم من ايضا رعى او دعم قانون “قيصر” في عام 2019[22].

في الواقع، نجد أن أكبر التحديات أمام النشطاء السوريين في المهجر تحديات داخلية. بطريقة اخرى، قد يكون التحدي الأكثر أهمية هو ما يُعبَّر عنه في اللغة الانجليزية بـ”الفيل في الغرفة”[23]. ذلك أن النشطاء عموماً -ممن يتعامل مع حكومة الولايات المتحدة، والذين يندرجون تحت ما وصفه أحد الباحثين بأنه “الوسطاء في التضامن” الذين يسعون لإقناع أطراف ثالثة (مثل الدول الخارجية المعنيّة) بدعم الفئات المضطهدة في وطنهم الأم[24]، يواجهون أسئلة أخلاقية كبيرة. بالطبع، كانت الدعوة للتدخُّل الخارجي (بما في ذلك الغربي والعسكري) في سوريا جزءًا من مسيرة النشطاء والمعارضين السياسيين الدبلوماسية منذ الأيام الأولى للمجلس الوطني السوري[25]. القصد هنا هو أنه قد مر وقتاً كافياً لتقييم المواقف السابقة من أجل رسم مواقف جديدة أفضل.

قد يكون من السهل الانزلاق من السعي للمساهمة في مجتمع تمت الهجرة (أو النفي) إليه من جهة، إلى تبنّي المصالح العسكرية والإمبريالية (وايضا هنا: الصهيونية) من جهة أخرى، بحثًا عن نقاط الالتقاء بين الاثنين. ربما تكون بعض المقارنات في زمن الإبادة الجماعية التي نشاهدها في غزة أكثر وضوحاً. التنظيم من الأسفل في الشتات، مثلاً لمعالجة احتياجات السوريين الجدد في المهجر أو أفراد عائلات المهاجرين السوريين، هو أمر مهم وحتى ضروري. على سبيل المثال، شكّل مؤخراً طلاب سوريون في ألمانيا اتحادًا لحل مشاكلهم المشتركة ولتعزيز العلاقات بينهم، ولغرس الممارسات الديمقراطية عند هؤلاء الطلبة، كنوع مما يراه البعض شكلاً من أشكال المشاركة المدنية النشطة للسوريين في ألمانيا[26].

لقد قامت مجموعات المناصرة في الولايات المتحدة على مر السنين بالضغط على وزارة الأمن القومي لتمديد “وضع الحماية المؤقتة” لحاملي التأشيرات السورية في البلاد، وأبقت المعنيين على اطلاع بأحدث التطورات[27]. ومع ذلك، فإن العمل ضمن “اللعبة” السياسية والتشريعية الأمريكية لتعزيز اللعبة نفسها يُعدّ أمرًا مختلفًا تمامًا. هنا يجب على “الوسطاء في التضامن” السوريين في الولايات المتحدة أو في أي بلد آخر أن يُجروا تساؤلات نقدية حول ما تبدو عليه المصالح الأمريكية الحالية والماضية في المنطقة، وما يعنيه ذلك لقضية عادلة مثل الثورة المناهضة للسلطوية في سوريا. بصدق، ما هي المصالح والسياسات الأمريكية (مهما كانت فاشلة) في الشرق الأوسط التي يمكن أن تتطابق مع مصالح أي شعوب عربية؟ هل السوريون، الذين تشكل مجموعات المناصرة الخاصة بهم فقط واحدة من العديد من المجموعات، مقتنعون بنغمة السياسات الخارجية الأمريكية الرسمية التي يرددونها؟ هل لاحظوا على سبيل المثال ما قاله السيناتور ليندسي غراهام، الذي كان يُعتبر لسنوات عديدة إلى جانب جون ماكين صديقًا للشعب السوري، خلال هذه الإبادة الجماعية الإسرائيلية على غزة؟[28].

هذا يثير تساؤلات مهمة حول مدى تطابق أهداف النشطاء السوريين مع الأجندة الأمريكية في المنطقة، وما إذا كان عليهم إعادة تقييم استراتيجياتهم في ضوء هذه التناقضات. يجب على النشطاء أن ينظروا بعمق إلى الأهداف والسياسات الأمريكية في الشرق الأوسط وأن يُقيّموا مدى توافق هذه الأهداف مع تطلعاتهم للحرية والديمقراطية في سوريا.

إذا لم يقنع بقاء الأسد رغم التدخل العسكري الأمريكي المراقبين بالفجوة بين الكرامة والحرية (من السلطوية والإمبريالية) التي يسعى إليها السوريون وغيرهم من العرب، فإن الإبادة الجماعية في غزة يجب أن تستوقفنا جميعًا. الطلاب الجامعيون الذين منهم من لم يكن مكترث كثيرا بالسياسة الخارجية الأمريكية في السابق يستيقظون الآن على الأعمال الكارثية لحكومتهم في فلسطين وربما في أماكن أخرى. اذن أولئك الذين التقوا مرارًا وتكرارًا مع مسؤولي الدفاع والسياسة الخارجية الأمريكية مؤهّلين بشكل أفضل للإشارة إلى الطرق التي تدعم بها الولايات المتحدة الديكتاتوريين والمذابح واسعة النطاق (الأحدث والأكثر دراماتيكية للفلسطينيين) في المنطقة. أليس عصر الإبادة الجماعية مناسب لإعادة التفكير والتساؤل حول الأسس الأخلاقية والمعنوية للعمل السياسي للناشطين في الولايات المتحدة؟

هذه التساؤلات ليست مجرد أسئلة نظرية، بل هي دعوة إلى إعادة تقييم النهج والسياسات التي يتبعها النشطاء السوريون كعرب في المهجر. يجب أن يتساءل النشطاء عن مدى توافقهم مع الأجندة الأمريكية، وأن يفكروا في كيفية تأثير دعمهم للمواقف الأمريكية على قضيتهم الخاصة. إن التحدي الحقيقي يكمن في العثور على وسائل جديدة للمناصرة التي تدعم حقًا قيم الحرية والكرامة والعدالة، دون الوقوع في فخ الاستغلال السياسي أو التواطؤ مع سياسات إمبريالية.

التحرر من الأسد أو أي ديكتاتور عربي آخر ليست مشروعًا أمريكيًا، مهما كانت النسخة التي رأيناها من “الاستراتيجية الكبرى” للولايات المتحدة على مر السنين. يجب أن يكون هذا واضحًا. لطالما كان حتى توزيع المساعدات الإنسانية ودعم المجتمع المدني تجسيدًا ممنهجاً ومقصوداً لما يُعرف بـ “القوة الذكية” الأمريكية، فهذه المساعدات لم تُقلل بأي حال من الأحوال من الدفع العسكري للسياسة الخارجية الأمريكية في المنطقة، خاصة منذ “الحرب على الإرهاب”[29]. بالعكس، يُمكن القول إن الجمع بين السياسات القوية والناعمة، بما في ذلك في سوريا ساهم في قابلية تبرير الإمبريالية الأمريكية.

إذن هذه اللحظة المؤلمة هي فرصة للنشطاء السوريين، في الولايات المتحدة وخارجها، للتفكير مليًا في استراتيجيتهم الكبرى الخاصة. قد يفكرون في النقاط التالية:

  • من المحتمل أن تكون جهود التنظيم والتعبئة أكثر فعالية إذا تم توجيهها نحو العمل مع مجموعات المجتمع المدني التي تُعبّر عن شكوكها حول السياسة الأمريكية في المنطقة والعالم. بالنسبة للمحللين السياسيين، من اللافت أن هناك بعض مراكز الأبحاث التي تُروّج بشكل صريح للديمقراطية وحقوق الإنسان في المنطقة (مثل, ودون تقييم عملهم او توجاتهم هنا– مركز الديمقراطية في الشرق الأوسط ، أو معهد “تحرير” للسياسة الشرق الأوسط، أو الديمقراطية في العالم العربي الآن)، وبعضها مموّل من الحكومة الأمريكية أو من أموال المؤسسات.

الخلاصة هي أن هناك مساحة لمن يرغب حتى في واشنطن العاصمة للمناصرة بوضوح للقضايا المتعلقة بالثورة السورية والثورات الأخرى من منظور كثيرا ما يُعبّر عنه الكُتّاب العرب أو العرب-الأمريكيون أنفسهم—وبالطبع السوريون منهم. اذن تبقى التحليلات السياسية والمساهمات المعرفية في المهجر مهمة.

  • يمكن للنشطاء السوريين في الولايات المتحدة وخارجها وضع معايير أخلاقية محددة لعملهم مهما كان مجال المجتمع المدني أو الحكومة الذي يختارون المشاركة فيه. فعلى سبيل المثال، يمثل الالتزام بالسيادة الوطنية أحد هذه القيم الأساسية. كذلك، يمثل رفض استجداء التدخل العسكري الأمريكي او التعاون مع المنظومة العسكرية الأمريكية (أو أي دولة أخرى) حداً أدنى من التقييم الأخلاقي يبدو نقطة انطلاق معقولة. هذا ليس غريباً بين مجموعات المجتمع المدني العابرة للحدود التي لها دور في السياسة المحلية والدولية الرسمية. فعلى سبيل المثال، هناك منظمات نسائية مثل رابطة النساء الدولية للسلام والحرية تُعارض السياسات العسكرية بشكل دائم، سواء كانت تدافع عن حقوق النساء في سوريا أو فلسطين.
  • لقد حان الوقت، بل ربما تأخّرنا، للمراجعة الداخلية والجماعية بين النشطاء السوريين في الولايات المتحدة وزملائهم في إسطنبول أو مدن عالمية أخرى. إن مشاركة بعض النشطاء المقيمين في الولايات المتحدة في الاجتماع الأخير للجنة التفاوض السورية[30] في جنيف يبدو علامة على أن أعضاء بارزين في المجتمع المدني السوري في الشتات ما زالت قائمة بينهم علاقة لا بأس بها. إلى جانب المطالب “المعتادة” التي سمعناها لسنوات عديدة، سيستفيد هؤلاء النشطاء والمجموعات التي يمثلونها ومجتمعاتهم السورية من مناقشة صريحة فيها نقد ذاتي لما قاموا به بشكل صحيح وأين قصروا عن توقّعات الشعب منذ عام 2011، وما الدروس التي يمكنهم استخلاصها بشأن التكتيكات والاستراتيجيات التي نجحت؟ وهل هناك حدود دنيا للمناصرة السياسية قد يتفقون عليها؟
  • لطالما تعرّضت الهيئات السياسية المعارضة السورية والمجموعات الكبرى في المجتمع المدني للانتقادات حتى من السوريين المعارضين للأسد أنفسهم. إنهم يعانون من نقص كبير في الثقة. لهذا الغرض، سيكون من الجيد للنشطاء التفكير في كيفية تطوير المساءلة تجاه السوريين الذين يدافعون عنهم. سواء كانت رسمية من خلال الانتخابات (التي تُعتبر مستحيلة في هذه المرحلة) أو غير رسمية، يمكن أن تكون المساءلة أساسية عندما يتعلق الأمر بالنشطاء في الشتات الذين يمارسون أو يدّعون التمثيل السياسي للوطن أو المجتمع المنفي، خاصة عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع الأطراف الثالثة وديناميات السياسة الواقعية[31]. بالإضافة إلى التنظيم الأفضل، يمكن أن تساعد آليات المساءلة المناسبة في تقليل “خطر… الاستيعاب” من قبل الأطراف الثالثة (مثل الولايات المتحدة) التي قد تكون لديها مصالح أخرى في السياسة العليا عند دعم قضايا النشطاء في الشتات[32]. في هذه المرحلة يعاد رسم الخريطة الإقليمية (وربما العالمية) وعلاقات النفوذ المعنية، وتزداد الشكوك فيما يخص “النظام العالمي المبني على القواعد”[33]. سيكون من الأفضل للنشطاء والمعارضين السوريين التفكير في كيفية عملهم (المبادئ التوجيهية والإجراءات العملية) بالإضافة إلى محتوى مطالبهم المتكررة في العمل (تنفيذ قرار مجلس الأمن 2254، إلخ), مطالب سقطت على آذان صمّاء في “مجتمع دولي” غير مهتم أو غير راغب بتلبيتها.

بطبيعة الحال، سيحتفظ النشطاء بحرية العمل من أجل المصالح السورية بالطرق التي يختارونها، إذ إن تحقيق المزيد من “المكاسب” قصيرة الأجل في الكونغرس الأمريكي لا يزال مُمكنًا بالتأكيد. ومع ذلك، فإن الآفاق السياسية للسوريين والثوار الآخرين الساعين للتحرر – وهي قضية أخلاقية وكذلك سياسية – تتجاوز بكثير الحدود الضيقة والمثيرة للمشاكل الأخلاقية لصنع السياسات الأمريكية.


[1] وآخرها في فرنسا، يُنظر: French Court Sentences 3 Syrian Officials to Life in Prison in Absentia for War Crimes، أسوشتيد برس، 25 / 5 / 2024، ويُنظر: Paris Court Upholds Validity of France’s Arrest Warrant for Syrian President Bashar Assad.، أسوشيتد برس، 26 / 6 / 2024  
[2]  Dana M. Moss. 2022. The Arab Spring Abroad: Diaspora Activism Against Authoritarian Regimes. Cambridge: Cambridge University Press, p. 15.
[3] المرجع السابق، ص: 170
المرجع السابق، ص: 204 – 5  [4]
[5]  Lantis, J. S. 2020. “Advocacy Coalitions and Foreign Policy Change: Understanding US Responses to the Syrian Civil War.” Journal of Global Security Studies 6(1). pp. 11-13.
[6]  Congress.gov. 2022. H.R.625-117th Congress (2021-2022): CAPTAGON Act.
[7] تم الإعلان عن تشكيل التحالف في 22 أكتوبر/ تشرين الأول عام 2021، بعد اجتماع عُقِد في واشنطن ضم ممثلي عدة منظمات تعمل في الولايات المتحدة، ويقول التحالف إنه يسعى لـ “تمكين المجتمع السوري الأمريكي من التنظيم والدعوة إلى سورية حرة وديمقراطية وعلمانية وتعددية”.
[8] بحسب الموقع الرسمي للمنظمة، فإنه تم تأسيسها في شهر آذار من عام 2011 “رداً على وجود الدكتاتورية السورية وحلفائها الذين يشنون حرباً على المدنيين الأبرياء”. يقع مقرها الرئيسي في العاصمة واشنطن، وتقول إنها “تعمل بلا كلل في سوريا لوضع حد للقتل، من خلال الدعوات في المحاكم والمبادرات الإنسانية والسعي لتحقيق العدالة والمساءلة عن جرائم الحرب”.
[9]  Sadiki, Larbi. 2015. “Towards a ‘Democratic Knowledge’ Turn? Knowledge Production in the Age of the Arab Spring.” The Journal of North African Studies 20(5): 702-721.
[10] بما في ذلك، على سبيل المثال، التأكيد على أن ديكتاتورية الأسد لا يمكن التوفيق بينها وبين “القيم التي تأسست عليها الولايات المتحدة”، كما اعترف بذلك المشرعون الذين أظهروا “أخلاقيات شجاعة” من خلال دعم قانون مكافحة التطبيع، يُنظر:
[11] Ghanem, Mohammed Alaa. 2024, February 15. “Lawmakers Demand Accountability for Assad’s Crimes in Syria.” ACS Blog
[13]   See Rogin, Josh. 2024, April 30. “Biden is Letting Assad off the Hook, With Dangerous Consequences.” The Washington Post.
[14] ينظر تغريدة محمد علاء غانم في تويتر 26 / 6 / 2024:
وينظر أيضاً تغريدة للتحالف الأمريكي من أجل سوريا 27 / 6 / 2024:
وتنص الأقسام ذات الصلة من تعديلات مشروع قانون الموازنة رقم H.R. 8771 على أن تمويل منظمة الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) ليس فقط “لإنقاذ حياة الضحايا” المستهدفين من قبل نظام الأسد والروس والإيرانيين و”حزب الله”، ولكن أيضًا “للمساعدة في منع تدفقات اللاجئين من خلال مساعدة السوريين على البقاء في منازلهم”، يهدف تمويل “الاستقرار” في الشمال الغربي إلى “مواجهة تنظيم القاعدة وروسيا والميليشيات المدعومة من إيران وحزب الله ونظام الأسد”، ينظر:
Committee on Rules. 2024, 25 June. “H.R. 8771 – Department of State, Foreign Operations, and Related Programs Appropriations Act, 2025. https://rules.house.gov/bill/118/hr-FY2025-SFOPS
[16] تغريدة لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن على تويتر 12 / 6 / 2024:
[17] Madaniya 2023. Madaniya Booklet https://static1.squarespace.com/static/63f530de48280472fa412b18/t/6645e5b4a854ba30ba47df33/1715856841667/Madaniya%27s+Mobilisation+Booklet-ENG-NOV23.pdf, p. 9.
[20]   Lieffring, Christina. 2024, May 26. “Biden’s Support for Genocide May Cost Him Key Swing States.” Jacobin, https://jacobin.com/2024/05/bidens-trump-election-uncommitted-gaza-poll
[21] John Mearsheimer and Stephen Walt. 2008. The Israel Lobby and US Foreign Policy. New York: Penguin.
[22] Mearsheimer and Walt, pp. 263-289.
[23] عبارة “الفيل في الغرفة” تتحدث عن خطر يراه الجميع ومع ذلك لا يتحدث عنه أحد بل يتم تجاهله، لأن الخوض فيه أمر غير مريح أو مزعج، ينظر:
[24] Vasanthakumar, Ashwini. 2021. The Ethics of Exile: A Political Theory of Diaspora. Oxford: Oxford University Press, Ch. 4.
[26] التجمّع ضرورة سياسية في الشتات؟، الجمهورية نت، 13 / 6 / 2024
[27] Syrian American Council. 2024. “TPS for Syria: Resource Page.”
[28] Rashid, Hafiz. 2024, May 15. “Republican Congressman Joins Lindsay Graham in Calls to Nuke Gaza.” The New Republic,
[29] ينظر:
Saleh, Layla. 2017. US Hard Power in the Arab World: Resistance, the Syrian Uprising, and the War on Terror. London: Routledge, especially Chapter 2-4.
[30] تغريدة لهيئة التفاوض السورية على تويتر 12 / 6 / 2024:
[31] Vasanthakumar, pp. 141-142.
[32] أحد الأمثلة على ذلك هو دعم الولايات المتحدة للناشطين التبتيّين من خلال قانون السياسة والدعم التبتي لعام 2020، والذي كان مدفوعاً بمصالح السياسة الأمريكية تجاه الصين، يُنظر: Vasanthakumar, pp. 141-2, 190.
[33] ينظر على سبيل المثال:
Klare, Michael T. 2023, November 7, “Biden’s ‘Rule-Based International Order’ Is Broken,” The Nation,
Mansour, Renaud. 2024, January 26. “Will the War in Gaza become a Breaking Point for the Rules-Based International Order?” Chatham House, https://www.chathamhouse.org/2024/01/will-war-gaza-become-breaking-point-rules-based-international-order, among many other commentaries.
Avatar photo
د. ليلى صالح

الدكتورة ليلى صالح، عضو في الفريق الاستشاري بمركز الحوار السوري، باحثة في العلوم السياسية (حاصلة على درجة الدكتوراه من جامعة ويسكونسن-ميلواكي عام 2012) لها منشورات عديدة حول السياسة السورية والعربية، الربيع العربي، والسياسة الخارجية الغربية. من منشوراتها الأكاديمية عن سوريا كتاب القوة الصلبة الأمريكية في العالم العربي: المقاومة، الانتفاضة السورية، وحرب على الإرهاب (راوتليدج، 2017)، والمقالة العلمية " الصمود المدني أثناء النزاع: المجالس المحلية في سوريا، "(2018) والفصل في كتاب روتليدج لسياسات الشرق الأوسط (تحرير: العربي صدّيقي) بعنوان " ملاحظات مبدئية عن الانتفاضة السورية: بحث في سياسة الاحتجاج في الشتات " (2020). حاليًا، هي زميلة بحث في كلية العلوم الاجتماعية بجامعة تشيبا في اليابان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى