التنظيم القانوني للمدن الصناعية في المناطق المحررة شمال حلب.. دراسة تحليلية مقارنة
ورقة بحثية صادرة عن مركز الحوار السوري للمشاركة في مؤتمر الاستثمار الأول في الشمال السوري ونُشرت في بحوث "جامعة حلب في المناطق المحررة"
الملخص:
تعد البيئة القانونية الخاصة بالاستثمار أحد العوامل الرئيسية في تحفيزه وتعزيزه في أي مجتمع، ذلك ان أي مستثمر يهتم عادة في تجنب المخاطر القانونية والاجتماعية التي قد تنشأ بسبب التغيرات المختلفة، وبغية توفير ظروف مواتية للاستثمار برزت تجربة تخصيص بقع جغرافية خاصة للمنشآت الصناعية الأمر الذي ترافق مع حركة تشريعية وحوكمية لتوفير بيئة قانونية ملائمة إلى جانب عوامل أخرى لإنجاحها.
وقد عرفت سوريا قبل الثورة تجربة حديثة بالمدن الصناعية، حيث صدرت مجموعة من التشريعات ذات الصلة، فيما عرفت دول عديدة قبل سوريا تنظيماً قانونياً لهذه المدن كحالة فلسطين، على الرغم من أنها بيئات نزاعية على عكس الحالة السورية حينها. وكذلك شهدت نماذج محلية تجارب شبيهة مثل: حالة إقليم كردستان العراق، أما بعد الثورة السورية ونتيجة حالة الاستقرار النسبي في شمال غرب سوريا، توجهت المجالس المحلية الرئيسة فيها إلى إنشاء مدن صناعية عديدة لدعم التنمية وتوفير فرص العمل.
تستعرض هذه الورقة عبر منهج تحليل النصوص القانونية والمنهج المقارن قواعد التنظيم القانوني للمدن الصناعية، وتتناول بالدراسة والتحليل البنية القانونية والتنظيمية لتجربة المدن الصناعية في شمال حلب، وقد توصلت الورقة إلى جملة من النتائج، من أبرزها: وجود فراغ تشريعي في حالة شمال حلب انعكس نسبياً على تجربة المدن الصناعية، فضلاً عن فجوات حوكمية في الاشراف والإدارة والرقابة والتسهيلات والتحفيزات المختلفة، وقد قدمت الورقة مجموعة من التوصيات كان من أبرزها ضرورة اصدار لائحة ناظمة للمدن الصناعية وتشكيل هيئة مركزية تعمل بالتنسيق والتعاون مع أصحاب المصلحة، وضرورة تعزيز الحوافز والتسهيلات مع انخراط المجتمع المدني والبرامج والمؤسسات الدولية لتطوير التجربة.
مقدمة:
يرتبط الاستثمار بشكل عام بمجموعة من العوامل والمتطلبات الأساسية وفي مقدمتها العوامل السياسية والاجتماعية والاستقرار والأمان العام، كذلك يرتبط بطبيعة البيئة القانونية بوصفها عاملاً رئيسياً ومكملاً لتحفيز الاستثمار أو الحد منه، وتشمل هذه البيئة القانونية بمعناها الواسع جانبين اثنين: الأول: مجموعة القوانين الأساسية واللوائح متمثلة بالنصوص المكتوبة والقواعد القانونية غير مكتوبة متمثلة بالأعراف، والثاني هو طبيعة المؤسسات الكفيلة بإنفاذ القانون متجسدة في الهياكل التي تشرف على تطبيق القواعد القانونية. هذان المكونان للبيئة القانونية يشكلان ما يعرف على صعيد الاستثمار بـ “الأمن القانوني” الذي يعرف بأنه: “كل ضمانة، وكل نظام قانوني للحماية، يهدف إلى تأمين – ودون مفاجآت – حسن تنفيذ الالتزامات، وتلافي أو – على الأقل – الحد من عدم الوثوق في تطبيق القانون”[1].
ترتبط تلك المحددات بما فيها البيئة القانونية وما ينبثق عنها من محددات الأمن القانوني بالبيئات المستقرة عادة، إلا أن ذلك لا يعني استحالة الاستثمار في بيئات هشة مثل بيئات النزاع؛ فعلى الرغم من وجود مخاطر عالية في هكذا سياقات مضطربة إلا أن المراهنة على الاستقرار القادم يولد فرص جاذبة للاستثمار وخاصة الاستثمار المحلي والذي يدفع المستثمر إلى اتخاذ قراراته ذات الصلة في ضوء دراسة عوامل عديدة من أبرزها: دور السلطة القائمة في تشجيع الاستثمار، وتنوع فرص الاستثمار، وتحليل البيئة القانونية المحلية،
بالنظر إلى أهمية الدور الذي يؤديه الاستثمار كالمساهمة في تنمية البنية التحتية وتدريب الأيدي العاملة المحلية وتنمية مختلف الصناعات وتطويرها وتعزيز بناء القدرات التكنولوجية اللازمة للإنتاج والابتكار وروح المبادرة داخل الاقتصاد المحلي؛ فإن الدول وخاصة النامية منها تعمل جاهدة على توفير ظروف مواتية له، وفي هذا الصدد برزت تجربة تخصيص بقع جغرافية خاصة للمنشآت الصناعية والتي تأخذ مسميات متعددة دولياً من أبزرها: المدن الصناعية، المناطق الصناعية، الحديقة الصناعية، التجمع الصناعي.. الخ، ولتحقيق هذه الغاية كان لابد من إحاطة هذه المدن بتشريعات مواتية لها[2]، إذ أن وجود المدن الصناعية ليس شرطاً كافياً بحد ذاته لنجاح التجربة وتحقيق غاياتها.
في سوريا بدأت تجربة المدن الصناعية قبل الثورة وذلك مع صدور قانون خاص بالمدن الصناعية برقم 57 لعام 2004 وتعديلاته، فضلاً عن التعليمات التنفيذية له، وهو ما استمر بعد الثورة السورية من حيث الممارسة العملية في المناطق المحررة شمال حلب من خلال إنشاء مدن صناعية في الباب والراعي واعزاز وجرابلس وأخيراً في مارع وصوران وذلك الرغم من وجود حالة من عدم الاستقرار في ظل استمرار الحرب التي يشنها نظام الأسد وحلفائه على الشعب السوري، وفي هذا السياق لم تكن حالة المناطق المحررة استثناء من حيث إنشاء مدن صناعية في بيئات غير مستقرة، اذ شهدت كل من حالتي غزة وإقليم كردستان -بوصفه تجربة محلية- تجارب مماثلة.
يطرح ما سبق أسئلة متعددة بخصوص تجربة المدن الصناعية في الشمال السوري، يأتي في مقدمتها: ما هي أبرز القواعد القانونية الناظمة للمدن الصناعية في شمال حلب؟ وإلى أي مدى تمثل بيئة قانونية محفزة لنجاح هذه التجارب؟
يتفرع عن هذا السؤال الرئيسي مجموعة من الأسئلة الفرعية، منها:
- ما أهمية التنظيم القانوني للمدن الصناعية وماهي أبرز المعايير الفضلى؟
- ماهي أبرز القواعد القانونية الناظمة للمدن الصناعية وإدارتها في التشريعات السورية؟
- ماهي أبرز القواعد القانونية الناظمة للمدن الصناعية وادارتها في حالة فلسطين وشمال العراق؟
- كيف يمكن تطوير البينة القانونية للمدن الصناعية في شمال حلب؟
- ماهي سبل تفعيل الاستثمار من بوابة البيئة القانونية للمدن الصناعية في شمال حلب؟
تتمثل أهمية هذه الورقة من كونها ترتبط بواقع الاستثمار في المناطق المحررة شمال حلب والتي يمكن تعميمها على مناطق شمال غرب سوريا، ومنها تبحث في سبل تعزيزه انطلاقاً من مقاربة قانونية اقتصادية؛ بما يركز على تطوير البنية القانونية على مختلف المستويات من خلال التعامل مع ظروف الواقع ومعطياته؛ ومن أنها تسعى لتقديم مجموعة توصيات عملية لصناع القرار بغية تطوير التجربة وتحقيق بيئة مواتية للاستثمار، وإن اتصف الأخير بمستوى مشاريع اقتصادية صغيرة ومتوسطة، في ظل ظروف سياسية وأمنية معقدة وغير مستقرة.
بما أن الورقة تركز على البيئة القانونية خصوصاً ما يرتبط منها بالتنظيم القانوني، فإنها اعتمدت منهجية تحليل النصوص القانونية بشكل رئيس، من خلال تحليلها على مختلف مستوياتها ومصادرها وطنياً ودولياً[3]، كما اعتمدت على المنهج المقارن فيما يتعلق بالاستفادة من التنظيم القانوني للتجارب المشابهة في كل من غزة وإقليم كردستان العراق.
اعتمدت الدراسة على نوعين من المصادر:
الأولى: أصلية: وذلك من خلال مقابلات نوعية ” نصف -مهيكلة” مع 8 أشخاص من مختلف أصحاب المصلحة “صناع قرار ومستثمرين” من الذين قاموا بتجارب عملية ذات صلة بالمدن الصناعية (7 أشخاص)، وشخص من المستثمرين الذين لم يهتموا أساسا بالانضمام لتجربة المدن الصناعية[4]. (ينظر الشكل رقم 1)
الثانية: ثانوية: تتضمن الأبحاث والأوراق والدراسات الأخرى ذات الصلة بموضوع المدن الصناعية.
تتضمن هذه الورقة قسمين رئيسين الأول: نظري ويرتبط بعرض القواعد المعيارية، إلى جانب استعراض التنظيم القانوني السوري للمدن الصناعية، فضلاً عن نظرة على التجارب المقارنة في كل من فلسطين “غزة” وإقليم كردستان العراق. والثاني تطبيقي نركز من خلاله على الواقع القانوني – التنظيمي للمدن الصناعية في شمال حلب، لنخلص في نهاية الورقة إلى مجموعة التوصيات الرئيسة التي تسعى للمساهمة في إنجاح التجربة وتلافي الفجوات والتحديات.
أولاً: أهمية المدن الصناعية وتنظيمها في ضوء المعايير الفضلى
نشأت المدن الصناعية[5] منذ نهايات القرن الثامن عشر في بريطانيا في ظل أوج ثورتها الصناعية، إلا أن انتشار التجربة دولياً على نطاق واسع لم يبدأ إلا من منتصف القرن العشرين، ومع تطور التجارب الدولية والممارسات تزايد الاهتمام بالمدن الصناعية ودراساتها القانونية والاقتصادية وحتى الاجتماعية والبيئية على حد سواء، فيما أنتج مجموعة من المحددات والضمانات المتفق عليها على نطاق واسع لنجاحها؛ ومن ثم ترسخت مجموعة معايير فضلى أضحت تمثل مبادئ توجيهية يسترشد بها.
1-مبررات إنشاء المدن الصناعية ومحددات النجاح:
تعددت دوافع إنشاء المدن الصناعية تبعاً للفترات الزمنية المختلفة أو السياقات الخاصة بكل دولة؛ ففي بريطانيا التي كانت مهد التجربة الأولى تم استحداثها تاريخياً استجابة لحاجة عملية ناجمة عن اكتظاظ المدن بالمنشآت الصناعية في ظل الثورة الصناعية، أما في الولايات المتحدة فقد استهدف إنشاء هذه المدن والتجمعات تعزيز التنمية ولتصبح لاحقاً حاضنات للشركات وخاصة في المجالات الإبداعية، أما في الدول النامية فقد كانت الغاية الرئيسية منها، جذب الاستثمار استنادا لمبدأ الوفورات كمبدأ اقتصادي أساسي، بمعنى آخر أن تجمع عدة نشاطات في مكان واحد يؤدي لتحقيق وفورات لكل نشاط في المدخلات المستخدمة[6].
فضلاً عما سبق فقد ارتبط مفهوم المدن صناعية وتنظيمه عادة مع الاستراتيجيات الاقتصادية وخاصة الاستراتيجيات الموجهة للتصدير وهو أحد أكثر المفاهيم شيوعاً؛ ومن جانب آخر كان من أهم دوافع إنشاء المدن الصناعية في الدول النامية أن تكون أداة استراتيجية لإحلال الواردات[7].
وبذلك أصبحت المدن الصناعية إحدى الوسائل المتبعة لدفع عجلة النمو الصناعي، وباتت على نطاق واسع أحد أهم المشاريع الاقتصادية للدول المتقدمة والنامية معاً[8]، إذ أن تجمع الصناعات في مكان واحد يعود بمنافع عديدة منها: توفير فرص العمل ونقل وتوطين التقنيات الحديثة وتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة واستقطاب الاستثمارات وتعزيز قدرة المنتجات الوطنية على المنافسة وتوسيع رقعة الخدمات الأساسية فضلاً عن استغلال الخدمات والتسهيلات في تحفيز الاستثمار.. الخ[9]، من خلال إتاحة الفرصة لأصحاب الأموال لاستثمار أموالهم في القطاع الخاص والحصول على المزايا التي تقدمها هذه المدن.
ومن خلال تراكم التجارب برزت تدريجياً مجموعة من المحددات الرئيسية التي تضمن تحقيق النجاح والأهداف المرجوة من إنشاء هذه المدن؛ والتي يمكن إجمالها بما يلي:
- محددات البنية التحية: بمعايير عالية الجودة كالماء والكهرباء والطرق. الخ
- محددات الجذب والتحفيز: والتي تشمل منح الإعفاءات الضريبة كالتسهيلات الجمركية، وتقديم التسهيلات الإدارية.
- المحددات المرتبطة بطبيعة الدور الحكومي: من حيث الاستراتيجية الحكومة ومدى اتساقها ووضوحها، والاستقرار السياسي والتشريعي ودقة وشمولية الدراسات الاقتصادية وما يبنى عليها من كسب ثقة المستثمر[10].
- المحددات المرتبطة بالموقع: بحيث يكون الموقع مناسب وذلك عندما تتوافر فيه مجموعة معايير كالقرب من خطوط النقل ومصادر الطاقة والأسواق المحلية والأجنبية وبعيداً عن المجمعات السكنية فضلاً عن مراعاة المعايير البيئية[11].
- المحددات الاقتصادية والفنية الأخرى: ومن أبرزها: استخدام الأراضي داخل المدن الصناعية، التصميم العمراني، التكامل الصناعي داخل المدن[12].
2-أبرز المبادئ التوجيهية الدولية لتنظيم المدن الصناعية:
مع تطور التعاون الدولي وفي ظل الجهود المبذولة في تعزيز التنمية المستدامة أممياً ونظراً لتموضع التنمية الصناعية المستدامة في أهداف التنمية تم إنشاء منظمة متخصصة في تحقيق هذه الأهداف باسم منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية “UNIDO” والتي تهدف بشكل رئيس إلى تعزيز وتسريع التنمية الصناعية في الدول النامية والبلدان التي تمر اقتصاداتها بمرحلة انتقالية، وتعزيز التعاون الصناعي الدولي. وبناء عليه فقد تركز عملها في ثلاث مجالات رئيسية وهي: القضاء على الجوع من خلال مساعدة الشركات؛ ووقف انهيار المناخ من خلال استخدام الطاقة المتجددة وكفاءة استخدام الطاقة للحد من انبعاثات غازات الدفيئة الصناعية؛ ودعم سلاسل التوريد المستدامة[13].
وفي إطار جهودها، واعتماداً على خبراتها كمنظمة دولية أممية تخصصية، فقد حددت مجموعة من المبادئ التوجيهية الخاصة بتنظيم المناطق الصناعية والتي تشمل أشكال وأنماط مختلفة من التجمعات الصناعية باختلاف المسميات والأهداف: كالمدن الصناعية والمناطق الاقتصادية الخاصة ومناطق التكنولوجيا الفائقة.. الخ. وهي المبادئ التي تمثل أساساً يسترشد به عند تصدي التشريعات المختلفة لسن القواعد الازمة لتنظيم هذه المناطق. يوضح الجدول التالي أبرز هذه المبادئ[14]:
الرقم | المحور | المبادئ | بعض الإرشادات التطبيقية |
1 | التخطيط | دراسة الجدوى المناسبة | تقييم الاستثمار وأنماط التجارة |
تقييم الحوافز | |||
توقعات الطلب | |||
توقعات الأثر الاقتصادي | |||
تحديد مواقع مناسبة | دمج مدخلات المستثمرين في صنع القرار | ||
المقارنة المعيارية بين الخيارات المتاحة للموقع | |||
مراعاة مخاوف المجتمع المحلي | |||
2 | التصميم والتطوير | تقسيم داخل المنطقة | أماكن المنشآت الصناعية |
مراعاة أماكن الراحة والتدريب | |||
المناطق الخضراء | |||
البينة التحتية | بنية تحتية صناعية | ||
بنية تحتية بيئية | |||
بنية تحتية اجتماعية مثل الأسواق والنوادي..إلخ | |||
3 | التشغيل والادارة | وظائف مشغلي المناطق | تسويق قطع الأراضي |
الاتفاقات التعاقدية | |||
التشغيل اليومي | |||
إدارة علاقات العمل | القضايا القانونية وتسوية النزاعات | ||
إدارة النفايات | الحد من المواد الخطرة والملوثة | ||
إعادة التدوير | |||
4 | الأنظمة واللوائح | البيئة المؤسساتية وسياساتها | إنشاء هيئة مستقلة |
وكالة تنسيق دائمة بين الوزارات | |||
ضمانات الاستثمار | حرية الاستثمار | ||
حرية تحويل رأس المال | |||
حوافز الاستثمار | الإعانات والمنح والقروض | ||
الحوافز الضريبية | |||
الامتيازات التنظيمية كالأراضي المدعومة[15] | |||
5 | إدارة المخاطر | تحديد المخاطر وادارتها | مخاطر إمدادات الطاقة |
مخاطر حيازة الأراضي[16] | |||
المخاطر البيئية | |||
6 | تقييم الأداء | مؤشرات الأداء الاقتصادي | الحوكمة الاقتصادية الجيدة (مشاركة القطاع الخاص ..) |
طبيعة مؤثرة اقتصادياً[17] (إيرادات ..) | |||
مؤشرات الأداء الاجتماعي | الصحة والسلامة المهنية | ||
الشمولية الاجتماعية[18] | |||
مؤشرات الأداء البيئي | البنية التحتية الخضراء | ||
الأنظمة الخضراء[19] |
ثانياً: المدن الصناعية وإطارها القانوني؛ بين الحالة السورية والتجارب المقارنة
تأخرت سوريا في ظل سيطرة نظام الأسد على السلطة في تطوير استراتيجية داعمة للاستثمار عموماً أو استراتيجية صناعية على وجه الخصوص على الرغم من عراقة الصناعة السورية، وتبعاً لذلك فقد تأخر المشرع السوري أيضا في مواكبة الدول الأخرى في إصدار تشريعات خاصة بتنظيم المدن الصناعية، في حين عرفت فلسطين رغم التحديات والاحتلال منذ تسعينيات القرن العشرين قواعد قانونية ناظمة للمدن والتجمعات الصناعية، كما برزت تجربة إقليم كردستان العراق في جانبي التشريع والممارسة لإنشاء قواعد ناظمة للمدن الصناعية التي شرع في إنشائها في مرحلة متوازية زمنياً مع الحالة السورية رغم خصوصية كردستان كنموذج إقليم محلي وليس نموذج دولة -قانونياً على الأقل- بدأ بالتطور بداية القرن الحادي والعشرين.
1- التنظيم القانوني للمدن الصناعية في سوريا قبل الثورة وأثنائها:
امتلكت سوريا قطاعاً صناعياً عريقاً قياساً بالدول النامية الأخرى، إلا أن موجات التأميم وخاصة بعد استيلاء البعث على السلطة عام 1963 أدت إلى تحجيم دور القطاع الخاص عموماً، وخاصة الصناعي منه في ظل تحول الاهتمام الرسمي إلى القطاع العام الذي تضخم في ظل نهج اقتصادي اشتراكي راديكالي شعبوي يقوم على سيطرة مطلقة للحزب وكوادره على المؤسسات الاقتصادية[20]، في المقابل وتدريجياً تركز النشاط الصناعي الخاص على المنشآت الصناعية الصغيرة والمتوسطةـ إلا أن المرحلة التي جاءت مع الخطة الخمسية التاسعة بداية القرن العشرين حملت توجهات ما أطلق عليه “تحرير الاقتصاد”[21]. وفي هذه المرحلة تم تهيئة البنية القانونية الخاصة بهذه التحولات عبر قوانين ولوائح ونظم عديدة.
في هذا الصدد صدر المرسوم التشريعي رقم /57/ لعام 2004م الخاص بإحداث المدن الصناعية[22]، والذي عدل بالمرسوم التشريعي رقم 22 لعام 2013[23] ، وتم اصدار اللائحة التنفيذية الخاصة به[24]. فضلاً عن ذلك وكعادة المشرع السوري في اصدار تشريعات عديدة ومختلفة على فترات زمنية متلاحقة فإن مجموعة من القواعد القانونية الأخرى والتي ترتبط بالمدن الصناعية جاءت في قوانين عديدة وأبرزها قانون تشجيع الاستثمار وقانون تنظيم هيئة الاستثمار[25].
بتحليل مجموعة التشريعات الخاصة بالمدن الصناعية واللائحة التنفيذية الخاصة بها ومختلف التشريعات ذات الصلة، يمكن الوقوف على مجموعة رئيسية من المواضيع التي تناولتها هذه القواعد القانونية؛ لعلّ أبرزها يتمثل بما يلي:
- إحداث المدن الصناعية وطبيعتها: أحدث القانون 57 لعام 2004 ثلاث مدن في حلب وحمص وريف دمشق تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والإداري، كما أجاز احداث مدن جديدة بمرسوم بناء على اقتراح من الوزير (مادة 2)، وقد تم احداث مدينة رابعة قبل الثورة السورية وهي مدينة دير الزور الصناعية بموجب المرسوم رقم 110 لعام 2007، وقد جاءت اللائحة التنفيذية الصادرة عن وزير الإدارة المحلية لتحدد المعايير الأساسية المطلوبة لاقتراح احداث مدن صناعية بخمسة نقاط رئيسية وهي[26]: حجم الصناعات ونوعياتها ونموها، توفر الأرض المناسبة لشروط تخديم المدن الصناعية، البعد عن المناطق الحيوية (أثرية، ثروات، أراضي زراعية.. الخ)، الأثر البيئي، دراسة الجدوى الاقتصادية (ثانياً -2).
- إدارة المدن الصناعية: نظم القانون إدارة المدن الصناعية من خلال إنشاء مجلس مدينة يرأسه المحافظ وينوب عنه مدير المدينة الصناعية والذي يعين بقرار مجلس الوزراء ويكون مسؤولاً أمام مجلس المدينة الصناعية (مادة 10)، وقد انيط بالمجلس مهمة تخطيط المدن وإقامتها، وإدارتها واستثمارها ونقل الصناعات إليها، والتسويق لها، والتنسيق مع المؤسسات العامة لمنحها التسهيلات المختلفة في نموذج النافذة الواحدة. (مادة 7)، كما حاز المجلس على صلاحيات عديدة لإعمال مهامه تتمثل بـ: تملك الأراضي وبيعها واستثمارها، منح الرخص اللازمة لإقامة واستثمار المنشآت، فضلاً عن صلاحيات أخرى كوضع السياسة العامة للمدينة، واقتراح أنظمة الاستثمار ومشروع الموازنة، واقتراح الأنظمة الخاصة بالمدينة ونظامها الداخلي. (مادة 8)، في حين يتولى مدير المدينة الصناعية مهامه كمدير عام وهو آمر الصرف وعاقد النفقة، والمسؤول التنفيذي عن قرارات مجلس المدينة وعن تقديم المقترحات وتصديق العقود (مادة 10).
- التبعية الإدارية: على الرغم من الاستقلال الإداري والمالي للمدينة الصناعية، فقد نص القانون على ارتباطها بوزير الإدارة المحلية (مادة 2)، والذي يملك قرار إصدار موازنة المدينة الصناعية السنوية التي تقترح من مجلس المدينة وبالتنسيق مع وزير المالية (المادة 11). وهو المسؤول عن إصدار اللائحة التنفيذية للمرسوم، والتي نصت على ارتباط المدينة الصناعية مباشرة بالوزير (ثانياً -1)، كما أخضعت إدارة المدن الصناعية إلى رقابة الجهاز المركزي للرقابة المالية (مادة 15).
- ضمان مبدأ التشاركية: تضمن القانون تنظيماً لمبدأ مشاركة أصحاب المصلحة في إدارة المدينة الصناعية، وذلك من خلال فتح الباب لعضوية أربعة مستثمرين منتخبين في مجلس المدينة، وعضوية رؤساء غرف التجارة والصناعة، ليشكلوا مع سبعة مدراء للمؤسسات العامة كالصناعة والاتصالات كامل أعضاء المجلس (مادة 5)، في حين تم تعديل تكوين مجلس المدينة بموجب المرسوم 22 لعام 2013م عبر زيادة عدد ممثلي المستثمرين المنتخبين إلى خمسة مع إلغاء عضوية مدير عام شركة الصرف الصحي (مادة 3).
- التسهيلات والحوافز: لم يتضمن المرسوم 57 نصوصاً واضحة للتسهيلات والحوافز باستثناء الحديث عن التسهيلات الإدارية المرتبطة بتيسير المعاملات في الوزارات والمديريات كالمالية والتأمينات الاجتماعية.. الخ (مادة16)، إلى جانب ذلك، صدر القانون رقم 32 لعام 2007م الخاص بتملك المستثمرين غير السوريين واستئجار واستثمار الأراضي والعقارات اللازمة لإقامة مشاريعهم أو توسيعها في المدن الصناعية، والذي قدم التسهيلات لغير السوريين لجذبهم إلى المدن الصناعية ومعاملتهم معاملة السوري[27].
كذلك، تضمن قانون تشجيع الاستثمار في سوريا رقم 8 لعام 2007[28] قواعد تمنح امتيازات للمستثمر غير السوري كتراخيص العمل والإقامة وإعادة تحويل الأموال للخارج عن طريق المصارف المرخصة أصولا، (مادة 5 و6)، وقواعد فض النزاعات بين المستثمر والمؤسسات العامة من خلال التحكيم باعتباره أول الخيارات غير القضائية (مادة 7)، فيما مُنح المشروع الصناعي الإعفاءات المنصوص عليها في ضريبة الدخل (مادة 8) واعفاء المستوردات التي تلبي احتياجات المشروع من الرسوم الجمركية (مادة 9). وقد عُلق كل ماسبق على قرار مجلس الوزراء بتحديد المناطق الاستثمارية في سوريا (مادة 10).
كما جاء المرسوم رقم 9 لعام 2007 [29]، والذي شكلت بموجبه هيئة الاستثمار والمجلس الأعلى للاستثمار وانيط بهما مهام عديدة من أبرزها: تحديد الخارطة الاستثمارية ودراسة التشريعات ذات الصلة وتبسيط الإجراءات الاستثمارية وإدارة النافذة الواحدة والبت بطلبات المستثمرين للاستثمار وفق أحكام المرسوم السابق وكل ما يتعلق بذلك.
استمر العمل بالمراسيم السابقة إلى أن صدر قانون الاستثمار رقم 8 لعام 2021[30]، والذي ألغى المراسيم (8 و9)، وأنشأ نظام مناطق اقتصادية خاصة، أما أبرز قواعده ذات الصلة بالمنشآت الصناعية فقد جاءت فيما يتعلق بالإعفاءات الضريبة وهي: تخفيض ضريبي بمقدار 75% من ضريبة الدخل لمدة عشر سنوات للمشاريع التي تقام خارج المناطق التنموية والتخصصية بدءاً من تاريخ بدء التشغيل الفعلي، وتنطبق على مشاريع صناعية بمعايير محددة كتصدير أكثر من 50% من طاقتها الإنتاجية أو المشاريع الصناعية الطبية.. الخ[31].
- التصرف بالمقاسم: لم يتضمن المرسوم 57 تنظيماً للتصرف في المقاسم، لذلك استدرك المرسوم رقم 22 لعام 2013 المعدل للمرسوم 57 لعام 2004 ذلك ،عبر إحداث قواعد قانونية جديدة ناظمة لعملية البيع في المدن الصناعة (المادة 9) من خلال التمييز بين نوعين من البيوع وهما: بيع المقسم على الهيكل والذي يشترط به سداد كافة قيمة المقسم وتسديد مبلغ 5% من قيمة المبيع الذي يجب توثيق عقده في المدينة الصناعة لصالح صندوقها وتعهد الشاري بالالتزام بأنظمة المدينة والحصول على براءات ذمة من المدينة والمصارف، أما الثاني فهو تنظيم عملية بيع المقسم بعد إنجازه واستثماره فيما رُخص له صناعياً، وتنطبق في هذه الحالة ذات الشروط باستثناء براءة الذمة من المصارف، فضلاً عن ذلك سمحت هذه المادة بدخول الشركاء وخروجهم دون السماح بتجزئة المقاسم رضاء أو قضاء.
مضامين رئيسية | المرسوم 57 لعام 2004 | المرسوم 22 لعام 2013 |
طبيعة المدن الصناعية | شخصية معنوية تتمتع بالاستقلال الإداري والمالي | لا تغيير |
إدارة المدن الصناعية | عبر مجلس مدينة | لا تغيير |
الإدارة المباشرة | مدير مدينة يعين بقرار رئيس مجلس الوزراء | لا تغيير |
مشاركة المستثمرين | عبر أربعة أعضاء منتخبين في مجلس المدينة | عبر خمس أعضاء منتخبين في مجلس المدينة |
التبعية الادارية | وزير الإدارة المحلية | لا تغيير |
الرقابة والمساءلة | الجهاز المركزي للرقابة المالية | لا تغيير |
التسهيلات الخدمية | نظام النافذة الواحدة | لا تغيير |
بيع المقاسم | إغفال | تشديد في شروط بيع المقسم وخاصة على الهيكل. |
الشراكة | إغفال | تنظيم دون تجزئة |
تحفيزات ضريبية | إغفال -ادراج في قوانين الاستثمار | إغفال- ادراج في قوانين الاستثمار |
خلاصة:
يمكن القول بأن القواعد القانونية الناظمة للمدن الصناعية في سوريا ركزت على نقاط جوهرية تشجع المستثمر على افتتاح مشاريع في المدن المحدثة، تبدأ من اختيار الموقع المناسب والجدوى الاقتصادية لإنشاء المدينة[32]، وانتقالاً إلى إلزام الجهات العامة بتخديم المدينة بالمرافق الأساسية مادياً، وتسهيل الإجراءات الإدارية عبر نظام النافذة الواحدة، وصولاً للمزج بين الإدارة الجماعية عبر مجلس مدينة ومنحه درجة من الخصوصية عبر نظامه الداخلي، ومشاركة وإدارة من قبل السلطة المركزية عبر شخصية المدير المعين من قبل الأخيرة، وإشراك أصحاب المصلحة وهم المستثمرين في عملية صنع القرار[33].
في حين لم تتضمن هذه القوانين الخاصة بالمدن الصناعية القواعد ذات الصلة بالامتيازات للاستثمار في المدن الصناعية، وهو خلل كبير إذ تشير تجارب أخرى إلى أهمية البرامج التحفيزية المالية وغير المالية ومنها الدعم التقني والمعرفي والتكامل الصناعي[34].، وحتى القواعد التي تنص على امتيازات خاصة بالاستثمار فإنها جاءت عامة تشمل جميع المشاريع الاستثمارية سواء كانت داخل المدن الصناعية أو خارجها، كما هو حالة القواعد التي وردت في قانون الاستثمار الجديد رقم 8 لعام 2021.
في حين يتضح من منظومة القوانين تعدد الجهات الوصائية على الصناعة السورية وهو ما يمثل فجوة رئيسة، على سبيل المثال انيطت المرجعية الرئيسية لهذه المدن بوزير الإدارة المحلية بدلاً من وزارة الصناعة وهو ما يضعف من سيطرة الوزارة على الاستراتيجيات الكلية للصناعة السورية سواء في المدن الصناعية أو خارجها وفق ما يشير إليه البعض[35].، كما أدت هذه المنظومة فضلاً عن تعدد التشريعات وعدم ثباتها إلى إنشاء بنية حوكمية متداخلة من المجالس والهيئات.
2- التنظيم القانوني للمدن الصناعية في التجارب المقارنة:
بغية المقارنة بين قواعد التنظيم القانوني للمدن الصناعية في الحالة السورية مع تجارب أخرى، يمكن النظر في تجربتين إقليميتين؛ وفي ظل ظروف تقترب كل من جانب معين من الحالة السورية وخاصة ما بعد الثورة من حيث أنها “بيئة هشة ” كما في حالة التجربة الفلسطينية، أو أنها تجربة محلية وليست على مستوى وطني كما في حالة إقليم كردستان العراق.
أ- أبرز القواعد الناظمة للمدن الصناعية في التجربة الفلسطينية:
بدأت التجربة الفلسطينية في المدن الصناعية قبل سوريا بسنوات، حيث تم إنشاء مدينة غزة الصناعية كأول مدينة من نوعها في فلسطين عام 1997م، بهدف تمكين الاقتصاد الفلسطيني واستقطاب الاستثمار المحلي والأجنبي، وذلك بدعم من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID، تبع ذلك إنشاء مدن جنين وأريحا وبيت لحم بالشراكة بين السلطة الفلسطينية وجهات مانحة[36].
استندت هذه التجربة في إنشاء المدن الصناعة والتي أسهمت في ارتفاع مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي، إلى تنظيم قانوني جيد رغم ظروف الاحتلال والحصار المفروض على المدن الفلسطينية بعد عام 2000 وبدرجات متفاوتة[37]، حيث ارتكز هذا التنظيم على القانون رقم 15 لسنة 1998 بشأن المدن والمناطق الصناعية الحرة[38]، والذي تضمن ما يلي:
- إحداث المدن الصناعية وطبيعتها: عرف القانون بوضوح المدينة الصناعية بأنها منطقة محددة جغرافيا ولها امتيازات خاصة، وجعل المدن تابعة لهيئة عامة للمدن والمناطق الصناعية (مادة 1)، كما حدد القانون آلية إنشاء المدن والمناطق الصناعية من خلال الفصل الخامس منه، حيث تتمثل الآلية بقيام الهيئة مباشرة أو عبر بناء على طلب وجه اليها بتقديم اقتراح لمجلس الوزراء الذي يصدر خلال شهر قراراً مبرماً.
- إدارة المدن الصناعية: تتولى الهيئة العامة للمدن الصناعية مسؤولية إدارة هذه المدن وقد أناط بها المشرع مجموعة مهام يمكن إجمالها في ثلاث مهام رئيسية وهي: إنشاء المدن وادارتها وتطويرها فضلا عن متابعة تنفيذ الاتفاقات المحلية والدولية المبرمة (المادة 5)، وتتكون إدارة هذه الهيئة من أحد عشر عضواً برئاسة وزير الصناعة، وبعضوية ممثلان عن غرف صناعة وتجارة، وممثلان عن جهات مطورة.
وتضمنت المادة رقم 10 صلاحيات مجلس إدارة الهيئة، والتي تتمثل في عمليات الاشراف والتنظيم ووضع اللوائح المنظمة للمدن والمناطق -مالي، اداري، فني -، إلى جانب إصدار سندات الدين المختلفة، فيما تم تحديد صلاحيات المدير العام -مدير تنفيذي- والذي يعين بقرار مجلس الوزراء بمجموعة الأعمال التنفيذية: مثل تنظيم العمليات اليومية، وإعداد التقارير لمجلس الادارة (مادة 11).
- تنظيم العلاقة مع المطور: عرف القانون المطور بأنه جهة أبرم معها عقد امتياز طبقا لهذا القانون من أجل تطوير مدينة صناعية وإدارتها (مادة 6). وقد منح القانون للهيئة حق منح امتياز تطوير المدينة أو المنطقة الصناعية الحرة لأي مطور بموجب عقد امتياز لتطويرها وإدارتها على أن يكون المطور شركة، أو هيئة عامة، أو خاصة، أو مختلطة مسجلة في فلسطين، ولديه قدرات مالية وفنية، وللهيئة حق الإشراف ومهمة الرقابة، ومع انتهاء عقد الامتياز تحال المدن أو المناطق لإدارة الهيئة. (المواد 22-29).
- التسهيلات والحوافز: عرف القانون نظام النافذة الاستثمارية بوصفها الجهة التي يستطيع المستثمر في المدن والمناطق الصناعية الحرة الحصول على كافة الأذونات والرخص منها، (مادة 1)، كما تضمن القانون تقديم إعفاءات من الرسوم الجمركية وغيرها من الرسوم الملحقة بها ورخص استيراد جميع البضائع والمواد والآلات ووسائل النقل المستوردة المرتبطة بالمشروع الصناعي، كذلك يشمل الاعفاء البضائع والمنتجات المحلية الموردة (المواد 38-39).
فضلاً عن النصوص فإن الهيئة تركز على تحفيز الاستثمار في المدن الصناعية بشكل خاص من خلال برامج ممولة كبرنامج الحوافز المالية للمدن الصناعية الفلسطينية[39]، أو تقديم حوافز لتشجيع المستثمرين لبدء استثماراتهم في المدن الصناعية أو نقلها اليها وذلك لوجود العديد من المزايا والامتيازات التي توفرها المدن الصناعية[40].
ومن الجدير ذكره أنه مع التعديلات الجزئية على القانون 15 لعام 1998، طرأ تعديل على الهيئة العامة للمدن والمناطق الصناعية بموجب القرار بقانون رقم 10 لعام 2021[41]، والذي دمج من حيث النتيجة بين الهيئة العامة مع هيئة تشجيع الاستثمار لتصبحا مؤسسة واحدة تحت مسمى “هيئة تشجيع الاستثمار والمدن الصناعية”، مع إبقاء التشريعات الخاصة بالهيئتين نافذة (مادة 3).
خلاصة:
على الرغم من الصعوبات والتحديات في الحالة الفلسطينية بفعل هشاشة السلطة الوطنية الناشئة مع ضغط الاحتلال الإسرائيلي المستمر، فقد كان الوعي بأهمية المدن والمناطق الصناعية واضحاً، وهو ما استند إلى وجود تنظيم قانوني شامل للمدن رغم خصوصية الحالة الفلسطينية ضعف الموارد المتاحة وغياب حالة الاستقرار، وقد كان واضحاً وجود قواعد خاصة لتحفيز الاستثمار في المدن والانفتاح على البرامج الدولية المانحة والداعمة وعلى حوكمة الجهة الإدارية المعنية بالإدارة والتنظيم، من جانب آخر فقد أسهم السياق الخاص بالحالة الفلسطينية في التركيز على دور الشركات الخاصة -نظام المطور- في إنشاء المدن والمناطق وإدارتها، وانعكاس ذلك في النصوص القانونية، والتعاطي مع الاستثمار المحلي من منظور الرعاية والدعم استناداً للبرامج الدولية.
ب- أبرز القواعد الناظمة للمدن الصناعية في تجربة شمال العراق:
تمثل حالة إقليم كردستان نموذجا مهما على صعيد الجهود المحلية في إنشاء المدن الصناعية وخاصة بعد عام 2006 والذي شهد نمواً استثماريا في الإقليم بجهود من هيئة مركزية هي هيئة الاستثمار، حيث تم إنشاء ثلاث مدن في أربيل والسليمانية ودهوك، مع وجود خطط لإنشاء 12 مدينة صناعية جديدة في الإقليم، على الرغم من ذلك لم يصدر الإقليم قانونا خاصاً بالمدن الصناعية حتى الآن وهو ما يمثل حالة فراغ تشريعي، وذلك على العكس من الحكومة المركزية في العراق التي أصدرت القانون رقم 2 لعام 2019[42].
بناء عليه فإن تتبع التنظيم القانوني للمدن الصناعية يرتبط بشكل مباشر بهيئة الاستثمار وقرارتها وهي الهيئة التي أنشأت بموجب القانون رقم 4 لعام 2006[43]، والذي تنطبق قواعده على المشاريع التي توافق عليها هيئة الاستثمار وفي متن هذه المشاريع توجد المشاريع الصناعية (مادة 2)، كما يرتبط التنظيم القانوني للمدن الصناعية أيضاً بقرار المجلس الأعلى للاستثمار عام 2019م.
بالنظر إلى أبرز القضايا ذات الصلة في القانون رقم 4 نجد ما يلي:
- هيكلة هيئة الاستثمار ومهامها: تم تشكيل هيئة الاستثمار كهيئة ذات شخصية معنوية وتتمتع بالاستقلال المالي والإداري، ولها رئيس بدرجة وزير، وتتبع لها دائرة المدن والمناطق الصناعية كأحد الدوائر الأربع (مادة 10)، فيما تعود مرجعية الهيئة إداريا للمجلس الأعلى للاستثمار والذي يرأسه رئيس مجلس الوزراء، وتم تخصيص ميزانيتها كجزء من الميزانية العامة لحكومة كردستان العراق (مادة 15).
- التحفيزات والتسهيلات: تناول القانون4 قضية التحفيزات والتسهيلات الاستثمارية من حيث منح المستثمر الأجنبي مركزاً قانونياً كالمستثمر الوطني تماما (مادة 3)، ومنح المشروع الاستثماري إعفاءات لمدة 10 سنوات من الضرائب والرسوم غير الجمركية، كذلك تم منح إعفاءات للآليات والمستوردات (مادة 5). كما تضمن القانون احكاما للإعفاءات الإضافية تقترح من الهيئة شريطة ان تكون المشاريع في مناطق أقل نمواً بالإقليم، أو المشاريع المشتركة بين المستثمر الوطني والأجنبي. (مادة 6)، وقد منحت الهيئة الاستثمارية الحق في تحديد المواقع للمشاريع الاستثمارية، واقتراح أسعار تشجيعية للأراضي على مجلس الوزراء (مادة 4)،
بناء على هذا القانون انتقلت عمليا هيئة الاستثمار إلى تطبيق برنامج إنشاء مدن صناعية عبر ثلاث مدن صناعية كبرى من خلال نظام شركات مطورة، كما أحدثت الهيئة مديرية عامة للمدن الصناعية لمتابعة الملف، وأصدرت الهيئة تعليمات خاصة تنظم حقوق والتزامات المطور بالقرار رقم 3723 لعام 2020، والتي تتضمن واجبات إنشاء المدن وفق الخطط وتقديم التدريب والتأهيل المناسب للكوادر والترويج للاستثمار في المدن، ومنحه ذات المزايا الممنوحة للمستثمر بموجب القانون رقم 4 لعام 2006[44].
خلاصة:
على الرغم من عدم وجود قانون خاص بالمدن الصناعية وحداثة تجربة إقليم كردستان العراق نسبياً، فإن التنظيم القانوني للمدن الصناعية قد جاء من خلال قانون عام وهو قانون هيئة الاستثمار، والتي بدورها أصدرت التعليمات الناظمة في الحدود التي تسمح بإنشاء المدن وادارتها، وهو ما يشير إلى إمكانية الاستفادة من هكذا أسلوب على مستوى محلي لسد الفراغ التشريعي، ومن جانب آخر فإن وجود الهيئة المركزية التي تشرف على المدن الصناعية مع تقديم حوافز عديدة واعتماد أسلوب المطور كما الحالة الفلسطينية سمح بوجود نشاط حقيقي في المدن وانتعاش في الحركة الصناعية المحلية.
الرقم | مضامين رئيسية | التنظيم القانوني السوري | التنظيم القانوني الفلسطيني | التنظيم القانوني في شمال العراق |
1 | طبيعة المدن الصناعية | شخصية معنوية تتمتع بالاستقلال الإداري والمالي | هيئة عامة للمدن والمناطق الصناعية | إغفال |
2 | امتيازات خاصة | قواعد عديدة في التشريعات المختلفة | ادراج | ادراج |
3 | الإدارة العامة | مجلس المدينة الصناعية | مجلس جماعي في هيئة المدن الصناعية | هيئة الاستثمار -دائرة المدن |
4 | الإدارة المباشرة | مدير مدينة يعين بقرار رئيس مجلس الوزراء | مدير عام للهيئة (مطور) خلال عقد الامتياز | (مطور) خلال عقد الامتياز مديرية المدن الصناعية |
5 | مشاركة المستثمرين | أربعة أعضاء منتخبين في مجلس المدينة -ثم 5 | أربعة ممثلين عن جهات مستثمرة | إغفال |
6 | التبعية الادارية | وزير الإدارة المحلية | هيئة المدن الصناعية | هيئة الاستثمار |
7 | اعتماد الموازنة | قرار وزاري | هيئة المدن الصناعية | حكومة الاقليم |
8 | الموارد المالية | قروض اعانات حكومية موارد ذاتية صافي الربح الرسوم والهبات وفور ات الموازنة | الرسوم الغرامات المنح والقروض للدول والمنظمات المبالغ المخصصة في الموازنة العامة للدولة أية موارد اخرى | الموازنة العامة للإقليم |
9 | الرقابة والمساءلة | الجهاز المركزي للرقابة المالية | هيئة المدن الصناعية | المجلس الأعلى للاستثمار |
10 | التسهيلات الخدمية | نظام النافذة الواحدة | النافذة الاستثمارية | حزمة من الإعفاءات والتحفيزات |
11 | بيع المقاسم | إغفال – ثم تشديد في شروط بيع المقسم وخاصة على الهيكل. | إغفال | إغفال |
12 | الشراكة | إغفال – ثم تنظيم دون تجزئة | إغفال | إغفال |
13 | المستثمر الاجنبي | معاملة المواطن | إغفال | معاملة المواطن |
ثالثاً: التنظيم القانوني في تجربة المدن الصناعية في المناطق المحررة
في حالة المناطق المحررة شمال حلب وبعد تنفيذ عمليات “درع الفرات وغصن الزيتون” أصبحت المنطقة في حالة من الاستقرار النسبي إن صح التعبير بفعل عدم وجود عمليات عسكرية واسعة النطاق[45] وتبعاً لتنفيذ مشاريع خدمية أساسية فيها، الأمر الذي أدى لعودة كبيرة من السوريين إلى المنطقة قياساً بالفترات السابقة، كما أصبحت المنطقة تدريجياً ملاذاً للمهجرين من المناطق التي تم اجتياحها في ريف ادلب وحماه وحلب الغربي[46]، وقد اقتضت هذه الظروف من السلطات المحلية البحث عن حلول تساعد على النهوض بالواقع الاقتصادي وتحسين الأوضاع المعيشية للسكان فتم إحداث غرف التجارة في بعض مدن وبلدات ريف حلب الشمال كالراعي واعزاز والباب ومارع وصوران جرابلس، لتظهر فكرة إقامة المدن الصناعية مطلع عام 2018، وتم إنشاء مدن في الباب والراعي واعزاز وجرابلس[47] ثم في مارع وصوران[48]، وذلك بهدف تجميع الصناعات المحلية ضمن كل مدينة في مكان واحد وتوفير فرص عمل ، فضلا عن تقديم بعض المزايا للصناعيين من خلال تأمين إذن عبور لهم إلى تركيا يساعدهم على تسويق منتجاتهم[49].
على الرغم من إنشاء هذه المدن وفي حدود منطقة جغرافية صغيرة، ثمة تساؤلات عن النظام القانوني الحاكم لهذه المدن؟ وماذا تضمنه من محددات تضمن نجاح هذه التجربة كاختيار المواقع، وتصميم المدن، وتنظيم العمليات الإدارية والرقابية، ومشاركة أصحاب المصلحة والحوافز والتسهيلات؟
1- طبيعة القواعد الناظمة للمدن الصناعية: الاكتفاء بالممارسات العملية
تعد إشكالية وجود سلطة تشريعية في حالة المناطق المحررة إشكالية مستمرة منذ سنوات، وبناء عليه فقد تم الاستناد في كثير من الحالات إلى القوانين السورية السابقة مع إجراء تعديلات على التعليمات التنفيذية من الحكومة السورية المؤقتة بما يراعي الواقع من خلال آلية تشاركية في كثير من الأحيان وهو ما حصل على سبيل المثال مع تنظيم المجالس المحلية سابقاً من خلال اللائحة التنفيذية الصادرة عام 2014م عن الحكومة السورية المؤقتة لقانون الإدارة المحلية رقم 107 لعام 2011[50].
إلا أن هذه الآلية لم تفعل في حالة المدن الصناعية شمال حلب، حيث لم يتم اصدار أية لائحة أو نظام قانوني قبيل إحداث المدن الصناعية، ويعود ذلك إلى موقف الجهات الرسمية التي وجدت أن لا حاجة لوجود تشريع خاص أو حتى نظام داخلي، وأنه يكفي الاستئناس بالقوانين والتجارب السابقة للمدن الصناعية المحدثة في سوريا[51]، والاعتماد على الأعراف ومقتضيات المصلحة العامة والتوافقات كبديل عملي عن وجود قواعد قانونية. لذلك لم يتم التوجه حتى لصياغة نظام داخلي[52].
على العكس من ذلك الموقف فإن غياب القواعد القانونية المكتوبة دفع بعض الصناعيين لعدم الاستثمار في هذه المدن تبعاً للشعور بعدم الوضوح وغياب الأمن القانوني[53]، ودفع البعض الآخر إلى الانسحاب[54]، وهو ما أدى عملياً لوجود الكثير من المقاسم الصناعية غير المستثمرة في جميع المدن الصناعية المحدثة، قي مقابل ذلك يجد بعض المستثمرين الحاليين في المدن الصناعية المحدثة في العقد المبرم مع القائمين على تلك المدن بديلاً عن القانون وهو الضامن لحقوقهم وواجباتهم تجاه المدينة الصناعية[55].
يظهر ماسبق أن الفراغ التشريعي الذي رافق عملية إحداث المدن الصناعية ومن ثم إدارتها يمثل فجوة تحتاج لتلافيها بوصفها تؤدي لحالة من القلق والخوف لدى المستثمرين من ترتيب التزامات جديدة بشكل مفاجئ ودون أساس[56]، وهو ما يعد حالة طبعيه متوافق عليها في الأدبيات المختلفة التي تركز على أهمية وضوح القواعد القانونية فضلاً عن وجودها أصلاً[57].
2- مواقع المدن الصناعية وطبيعة الملكية: الالتزام بالقواعد المعيارية
تعد منطقة شمال حلب بعد تنفيذ عملية درع الفرات منطقة مكتظة نسبياً وذلك بفعل وجود مساحة كلية لا تتعدى بمساحة تقدر بـ 2055 كيلو متر مربع[58]، ومع تحول المنطقة بعد 2017 إلى ملاذ للسوريين المهجرين بفعل انتهاكات نظام الأسد أصبحت التوسع العمراني ظاهرة أساسية فيها[59]، وهو ما يجعل الخيارات المتاحة من حيث اختيار مواقع بناء المدن الصناعية وخاصة مع عدم وجود مدينة واحدة للمنطقة ككل والتوجه لإنشاء مدن لكل منطقة جديدة وفق النموذج الحالي للإدارة المحلية عملياً[60].
بناء عليه تم التركيز على إنشاء المدن الصناعية شمال حلب على أطراف المدن، وفي جوار الطرق الرئيسية وهو ما يتلاءم مع المعايير الفضلى لإقامة المدن الصناعية لأنه يمنع إلحاق الضرر بالتجمعات السكنية الناجم عن الضجيج والتلوث الناجم عن النشاط الصناعي، كما يسهل على الصناعيين حركة نقل البضائع[61].
أما عن طبيعة الأراضي التي أقيمت عليها المدن الصناعية فقد كانت إما أراضي أملاك عامة كما هو الحال في المدينة الصناعية بالراعي أو أملاك خاصة قامت بشرائها الجهة القائمة على إنشاء المدينة الصناعية ثم نقل ملكيتها لاسم المجلس المحلي أو غرفة التجارة كما في حالة مارع وصوران، وفي كلا الحالتين تم وضع مخطط تنظيمي للأرض من قبل شركة هندسية ثم إفرازها وتقسيمها إلى محاضر قبل طرحها للبيع على المستثمرين ونقل الملكية لاسم المشترين في السجلات العقارية[62].
حيث تمت عملية بيع المقاسم الصناعية للمستثمرين بموجب عقود بيع[63]، ثم نقل وتسجيل الملكية قيداً في الصحيفة العقارية من اسم الجهة العامة (المجلس المحلي أو غرفة التجارة) إلى اسم المشتري برقم محضر جديد[64]. وهو ما يتماشى مع ضمانات نقل الملكية حيث يعتبر التسجيل قيداً أهم سندات الملكية العقارية.
3- إدارة المدن الصناعية في شمال حلب: الفجوات الحوكمية
يتم تنظيم الإدارة عملياً في المدن الصناعية في شمال حلب من خلال ذات الجهة التي أشرفت على إنشاء هذه المدن وهي المكاتب التنفيذية لغرف التجارة في كل وحدة محلية، والتي تتشكل من عدد محدد من التجار (من 5 إلى 8) يتولون بالإضافة إلى عملهم، مهام إدارة المدينة الصناعية تحت إشراف المجلس المحلي في المدينة[65]، وقد توجهت بعض إدارات المدن الصناعية[66] إلى إنشاء مكاتب تخصصية حسب الحاجة لتتولى مهام محددة: مثل مكتب العلاقات الخارجية والذي يتولى مهام الربط بين المدينة الصناعية وتركيا لمساعدة الصناعيين على المشاركة في الفعاليات المقامة التي تساعد على التسويق لمنتجاتهم[67].
أما على صعيد اتخاذ القرارات فتصدر إدارة المدن الصناعية مجموعة من القرارات التي تشمل الشؤون التنظيمية الخاصة بالمدينة الصناعية، وكل ما يتعلق بعملية الاستثمار، كما تجري مخاطبة الصناعيين بقرارات وتعاميم مكتوبة أو غير مكتوبة[68]، تنشرها في غرف التواصل الاجتماعي كالواتساب والتلغرام، إضافة إلى لوحة الإعلانات[69]، والتي قد تكون عامة لجميع الصناعيين[70]، أو خاصة بالتزام معين على شكل إنذار أو تذكير مكتوب[71]، فيما تضمنت عقود بيع المقاسم الصناعية للمستثمرين من حيث الأصل، تعليمات يتوجب على المستثمر التقيد بها خلال عملية البناء، وذلك ضمن جدول زمني محدد كشرط للحصول على الإذن الصناعي وتجديده[72]، وبذلك فإن الممارسة الحالية تشير إلى أن بعض شروط العقد الميرم بين الجانبين خلال مرحلة التأسيس تمثل بديلاً عن إصدار القرارات والتعليمات. وهو ما يعني أن غالبية الالتزامات ذات طبيعة تعاقدية يجعل مخالفتها اخلالاً بالعقد وليس بالنصوص القانونية[73]. بمعنى آخر فإن إخلال المستثمر يجعل الإدارة امام خيار التصرف كشخص من أشخاص القانون الخاص واللجوء للقضاء، وهذا يحرمها من أحد أهم أدوات القانون العام المتمثلة بالجزاءات التي تفرض بإرادة منفردة من قبلها.
يشير ما سبق إلى أن عدم وجود شخصية معنوية مستقلة للمدن الصناعية أو استقلالية إدارية أو مالية لها عملياً وفق ما تتطلبه القواعد المعيارية أو ما تتضمنه التجارب المختلفة، وهو ما يؤدي إلى غياب العناصر الفنية التخصصية المتفرغة لإدارة هذه المدن، ويجعل من أسلوب الإدارة بعيداً عن المتطلبات الحوكمية، كذلك لم يسمح التنظيم الحالي بمشاركة ممثلين عن المستثمرين في إدارة هذه المدن وهو ما يؤدي إلى غياب صوت مدافع عن مصالحهم في عملية اتخاذ القرار؛ ومن جانب آخر فإن تحليل العقود والقرارات الصادرة تظهر ارتكاز العلاقة بين إدارة المدن الصناعية والمستثمرين على علاقة تعاقدية تستند بدورها على محفز رئيسي يتحول إلى شرط جزائي في حالة المخالفة وهو إذن العبور إلى تركيا.
4- الموارد المالية للمدن الصناعية: الموارد المحدودة
تتميز المدن الصناعية عادة بتنوع مصادرها المالية كالموارد الناجمة عن ممارسة أنشطتها، والقروض والتسهيلات الائتمانية، والإعانات التي تخصصها الدولة لها في الموازنة العامة، والبدل المحدد لقاء الخدمات، ورسوم التراخيص والأشغال والغرامات، كما هو الحال في سوريا سابقاً، إلى أن الواقع في شمال حلب جاء مغايراً حيث اقتصرت موارد المدن الصناعية على جانبين اثنين الأول: بيع المقاسم أي تمويل ذاتي، ولمرة واحدة، والثاني: الدعم المخصص من المجالس المحلية.
إذ اعتمد إنشاء المدن الصناعية شمالي حلب بداية على موارد مالية ذاتية تم الحصول عليها من عمليات بيع المقاسم للصناعيين، وهذه المقاسم الصناعية هي بالأصل أرض تم تقسيمها وإفرازها وبيعها للصناعيين ضمن مخطط المدينة الصناعية، ثم جرى استخدام أموال المقاسم في تجهيز المرافق والبنى التحتية اللازمة لتخديم المدينة الصناعية، ولأن تلك الأموال لم تكن كافية بحد ذاتها تم الاستعانة بأموال المجالس المحلية المودعة في المديرية العامة للبريد التركي PTT. وهذه الأموال كانت عبارة عن رسوم الأذون التجارية التي دفعها الأشخاص الراغبون في الحصول على إذن عبور تجاري إلى تركيا[74].
فيما عدا ذلك لم تمتلك المدن الصناعية في شمال حلب أي من الموارد الأخرى فهي لا تقوم بأية مشاريع أو أنشطة تعود عليها بالربح، كما أنها لا تحصل على أية قروض أو تسهيلات مصرفية، ولا تتقاضى بدلات أو رسوم بما يكفي عن التراخيص والخدمات، في حين تسعى بعض المدن الصناعية حالياً إلى تجهيز وبناء مقاسم جديدة وطرحها للاستثمار على الصناعيين للحصول على موارد مالية جديدة، كما تفتقد معظم المدن الصناعية إلى وجود ميزانية سنوية تبين حجم النفقات والايرادات[75].
5- البنى التحتية والمعايير البيئة: التناسب بين القدرات والانجازات
تعد البنى التحتية من أهم العناصر التي لا بد من توفرها لتشجيع المستثمرين وجذبهم على افتتاح مصانعهم ضمن المدن الصناعية، وتشمل بشكل عام الكهرباء والمياه وشبكات الطرق وتصريف المياه ومواقف السيارات.. وصولاً للتجهيزات المتطورة وفق طبيعة وتقدم الصناعات الموجودة، كما يجب أن تلبي هذه التجهيزات وفق المعايير الدولية التي تنعكس في نصوص قانونية المتطلبات البيئة الأساسية وذلك للحفاظ على البيئة من أضرار التلوث الصناعي[76].
في حالة المدن الصناعية المحدثة شمال حلب فقد تمت عملية تأمين البنى التحتية للمدن الصناعية، من خلال الإعلان عن مشروع لإعداد مخطط المدن الصناعية وتنفيذ البنى التحتية فيها، ثم تقدم الشركات الفنية المختصة بالإعمار والبناء بعروضها الفنية والمالية، وبعد دراسة العرض الأنسب تم التعاقد مع الشركة المنفذة التي قامت برسم المخططات الفنية وتجهيز البنى التحتية من شبكات الكهرباء والاتصالات وخطوط المياه والصرف الصحي، وفتح الطرقات ورصفها بالأنترلوك، وحفر الآبار وإنشاء خزانات كبيرة للمياه، وإنارة الشوارع[77]، وهو ما يعد مناسباً من حيث المبدأ مع القدرات المحلية المتاحة[78]، إلا أن إشكالات عديدة تواجه المستثمرين منها انقطاع للكهرباء وإطفاء الإنارة الليلية وشح المياه[79].
أما لجهة مراعاة المعايير البيئية، فقد كان إنشاء المدن الصناعية بعيداً عن التجمعات السكنية أحد آليات الحد من مخاطر التلوث الصناعي، كما روعي وجود نسبة للمساحات الخضراء والتي تتراوح بين 2 إلى 5 بالمئة من إجمالي مساحة كل مدينة صناعية محدثة عند تخطيط هذه المدن[80]، كما فرضت بعض المدن الصناعية المحدثة شمال حلب شرطاً بموجب عقد البيع أوجبت من خلاله على المستثمر اتخاذ التدابير التي تمنع الإضرار بالبيئة والصحة العامة، وقد امتنعت عن ترخيص المنشآت التي تضر بالبيئة داخل المدينة الصناعية[81].
من جانب آخر لم يتم مراعاة النظام المتبع في المدن الصناعية الذي يقوم على تصنيف الصناعات إلى فئات لضمان عدم تأثر الصناعات غير الملوثة بالصناعات الملوِّثة، وقد يرجع ذلك إلى عدم وجود صناعات ملوثة للبيئة في الوقت الراهن[82]، إلا أنه من الضروري إعادة النظر في هذه المسألة عبر إعادة توزيع الصناعات داخل المدينة الصناعية للحد من الأضرار التي قد تسببها في البيئة المحيطة داخل المدينة الصناعية.
6- الحوافز والتسهيلات للمستثمرين في المدن الصناعية: الحدود الدنيا
تشكل الاعفاءات المالية من الضرائب والرسوم حوافز مهمة لجذب رؤوس الأموال وتشجيع الاستثمار ويكون ذلك الإعفاء إما بصورة دائمة أو مؤقتة [83]، وهي الحالة الثابتة في كل التجارب الإقليمية وحتى الدولية، وتغدو هذه التسهيلات والحوافز أكثر تأثيراً في حالة البيئات الهشة لتشكل عامل جذب إضافي يشجع على المغامرة.
في حالة المدن الصناعية شمال حلب تميل السمة العامة إلى غياب الكثير من الحوافز الأساسية في مقابل حضور بعض الحوافز المحدودة (الجدول رقم 3)، حيث تكمن أبرز الحوافز والتسهيلات المقدمة بما يلي:
- إذن العبور: يتمثل الحافز الأساسي في إذن العبور إلى تركيا كان مجانياً للمستثمرين في المدن الصناعية، وهو ما يساعدهم على تأمين احتياجاتهم من المواد الأولية وتصريف المنتجات برسم أقل من الرسم المفروض على الإذن التجاري، إلى أن ذلك كان قاصراً على مرحلة إنشاء المدن الصناعية، حيث تم لاحقاً فرض رسم على الإذن الصناعي، وهو ما دفع بعض الصناعيين المنتسبين إلى بيع مقاسمهم والانسحاب من المدن الصناعية نتيجة عدم الالتزام بإعفائهم من رسوم إذن العبور الصناعي[84].
- البنى التحية الأساسية: الطرقات، الصرف الصحي، الكهرباء، الماء.. الخ [85].
- الأمن والحماية: توفر المدينة الصناعية الأمن للصناعيين من خلال وجود مفرزة شرطة وحراسة ليلية لحماية المصانع من المخاطر والتهديدات[86].
في مقابل ذلك تغيب مجموعة من الحوافز الأساسية التي ترتبط بواقع الاستثمار في الحالة السورية، ويمكن للعمل على توفيرها سواء ارتبطت بالسلطات المحلية أو الجانب التركي أن يرتقي بواقع التجربة (جدول رقم 5)، ولعلَ أبرزها:
- لا يوجد فرق بين الضرائب والرسوم المفروضة على الصناعيين داخل المدن الصناعية أو خارجها، سواء بالنسبة لرسوم التراخيص أو أسعار موارد الطاقة[87].
- توقف إذن العبور الصناعي وصعوبة تجديده مما يؤدي إلى تأخير الدخول إلى تركيا لـشراء المواد الخام أو تسويق المنتجات.
- غياب أي دعم في مجال تسويق المنتجات أو الحصول على مواد خام، حيث يتوقف ذلك على العلاقات والجهود الشخصية للصناعي[88].
- لا يتمتع صناعيو المدن الصناعية بأية مزايا أو تسهيلات أمام الدوائر العامة الأخرى فيما يخص عملهم الصناعي، بل تجري معاملتهم كأي شخص آخر[89].
- عدم قدرة الجهات العامة المحلية على إصدار شهادة منشأ للبضائع التي تنتجها المدن الصناعية وهو ما يحرم الصناعيين من إمكانية تصديرها إلى كثير من البلدان بما فيها تركيا[90]، في تؤثر تعقيدات التنقل على تسويق منتجاتهم من خلال العلاقات[91].
- مجموعة التحديات والصعوبات وتعقيد الاجراءات التي تواجه الصناعيين عند محاولة تصدير بضائعهم عبر الأراضي التركية (ترانزيت).
- عدم السماح للتجار الأجانب الدخول إلى الأراضي السورية لمقابلة الصناعيين وشراء منتجاتهم، وإن حصل ذلك فهو يحتاج إلى إجراءات معقدة[92].
- عدم القدرة على تنظيم معارض في الداخل السوري بهدف الترويج للصناعات المحلية التي تنتجها المدن الصناعية، كذلك فإن اشتراك الصناعيين المحليين في المعارض الخارجية أمر بالغ الصعوبة.
- لا تتمتع الصناعات المحلية بالحماية من المنتجات المنافسة لها التي تدخل إلى البلاد، علماً أن بعض المنتجات الصناعية المحلية تفيض عن حاجة الأسواق المحلية[93].
تظهر المقارنة السابقة وجود عد محدود من المزايا والحوافز الذي تقدم للصناعي في هذه المدن تكاد تتمثل بالإذن التجاري والخدمات الأساسية، فيما يقابل ذلك غياب مجموعة واسعة من الحوافز الأساسية، ويعود ذلك إلى أسباب عديدة، من أهمها: عدم وجود إطار تشريعي ناظم وضابط للمزايا، الإشكاليات المرتبطة بواقع المنطقة بوصفها مناطق محررة وليست دولة بالمعنى القانوني الدولي، فضلاً عن القدرات المحدودة للسلطة المحلية وارتباط الكثير من المتطلبات بالجانب التركي وليس السوري.
الرقم | طبيعة الحوافز والتسهيلات | مدى توافرها في المدن الصناعية شمال حلب |
1 | تسهيلات السفر | √ |
2 | البنى التحتية والخدمات الاساسية | √ |
3 | نظام نافذة واحدة | × |
4 | تسهيلات مرتبطة بالاستيراد والتصدير | × |
5 | إعفاءات ضريبية | × |
6 | تسهيل العلاقات مع الفعاليات الدولية | × |
7 | سياسة حماية للمنتجات | × |
8 | أنشطة وبرامج جذب | × |
9 | أخرى | × |
الرقم | طبيعة الحوافز والتسهيلات | الجهة التي يمكن لها تلبيتها |
1 | تسهيلات السفر | سورية -تركية |
2 | تطوير البنى التحتية والخدمات الاساسية | سورية |
3 | تسهيلات ادارية | سورية |
4 | تسهيلات مرتبطة بالاستيراد والتصدير | سورية -تركية |
5 | إعفاءات ضريبية | سورية |
6 | تسهيل العلاقات مع الفعاليات الدولية | سورية – دعم تركي |
7 | سياسة حماية للمنتجات | سورية على مستوى شمال غرب |
8 | أنشطة وبرامج جذب | سورية |
9 | أخرى | سورية -تركية |
خاتمة: نتائج وتوصيات
تؤمن البيئة القانونية الجيدة ظروفاً دافعة للاستثمار، وهو ما ينطبق على التنظيم القانوني للمدن الصناعية، فإذا كان القانون انعكاساً للظروف الاجتماعية والاقتصادية من حيث المبدأ، فإنه أيضاً أداة لتحقيق الأهداف المرجوة[94]. وفي حالة المناطق المحررة شمال حلب يظهر تحليل البيئة القانونية المحلية على صعيد تجارب المدن الصناعية الوليدة استناداً إلى التشريعات السورية السابقة والتجارب المقارنة وجود مجموعة من الفجوات والتي تبدأ بالفراغ التشريعي أساساً وتنعكس بطبيعة الحال على الهياكل والتنظيم الحوكمي لهذه التجارب، ولعلّ عوامل عديدة فرضت نفسها وأدت لهذا الفراغ منها حداثة التجربة وصغر حجم المدن الصناعية، وأنها تمثل تنظيماً جغرافيا للصناعات أكثر من ان يكون تنظيما خاصاً بسياسات اقتصادية مميزة، حالة اللامركزية الواقعة نتيجة تعدد المجالس المحلية المشرفة على المدن.
إلا أن السعي لتطوير التجربة وتحسين فرص الاستثمار المحلي على الأقل في هذه المدن الصناعية يتطلب العمل على مستويي النصوص التي تضبط الممارسات، وهو الأمر الكفيل بإزالة أحد التحديات الكبرى المتمثلة بما تواجهه الشركات والمستثمرون من صعوبات في الفهم والامتثال للتشريعات واللوائح المحلية ومدى ثباتها، وهو الأمر الذي يزيد من حالة عدم اليقين ويؤثر على الاستقرار القانوني والتجاري[95].
وقد توصلت الدراسة في هذا الصدد إلى مجموعة رئيسية من النتائج لعلّ أبرزها:
- لا يوجد أساس قانوني واضح استندت إليه المدن الصناعية المحدثة شمال حلب، إذ استندت إلى مقتضيات المصلحة العامة والأعراف والتوافقات بين القائمين على عملية الإنشاء، وأدى غياب الإطار القانوني الناظم لعمل المدن الصناعية إلى امتناع البعض عن الاستثمار ضمن تلك المدن، وإلى غياب مفهوم الأمن القانوني، وإلى عدم وضوح الهيكلية الإدارية للمدن الصناعية المحدثة.
- على الرغم من غياب التشريع الناظم والقواعد القانونية المكتوبة، فقد حضرت مبادئ المصلحة العامة وبعض القواعد المعيارية الأخرى في تجربة المدن الصناعية، وهو ما يتضح بمراعاة مواقع اختيار المدن وتنظيمها.
- غياب أي مرجعية مركزية في إدارة الاستثمار في المدن الصناعية في شمال حلب وغياب الرقابة الإدارية والمالية تبعاً لذلك، وهو الأمر الذي يرتبط بطبيعة التنظيم الحوكمي في المنطقة في ظل نموذج إدارة المجالس المحلية المتبع.
- وجود تداخل إداري في إدارة المدن الصناعية من خلال الإدارة المباشرة أو شبه المباشرة من غرف التجارة والصناعة وهو ما يختلف عن طبيعة إدارة المدن بمجالس خاصة تضم في تكوينها مجموعة من أصحاب المصلحة وترتبط بجهة مركزية.
- ارتباط الموارد الخاصة بالمدن الصناعية وموازنتها بالريع الذاتي ودعم السلطة المحلية، دون وجود مجموعة متنوعة من الموارد.
- محدودية التسهيلات الإدارية والاعفاءات والحوافز المقدمة للصناعيين وهو ما يشكل ثغرة تحتاج لتضافر جهود السلطات المحلية والمجتمع المدني والقطاع الخاص مع وجود بعض العوامل المرتبط بالجانب التركي لتذليل التحديات.
بناء على ماسبق ثمة مجموعة من التوصيات التي تساهم في تطوير التنظيم القانوني والحكومي للمدن الصناعية[96]؛ لعلّ أبرزها:
أ- إلى المؤسسات الرسمية:
- العمل على وضع نظام قانوني متكامل للمدن الصناعية وفي الحد الأدنى اصدار نظام داخلي موحد لكافة المدن الصناعية في الشمال السوري بما يتلاءم مع واقع المنطقة ويشجع عملية الاستثمار الصناعي مستفيداً من القواعد القانونية المعيارية الدولية، وهو ما يمكن العمل عليه من خلال اعتماد لائحة تنفيذية عبر خلال لجان تخصصية ومشاورات واسعة وبما يستند إلى التشريعات السورية والمقارنة ويتناسب مع الواقع الحالي لإيجاد نظام قانوني كامل للمدن الصناعية.
- إحداث هيئة خاصة بالاستثمار تتضمن إدارة خاصة بالمدن الصناعية مع تحديد القواعد الناظمة لها بما يضمن توزيع الأدوار والمسؤوليات، بحيث تصبح الجهة الإدارية العليا التي تشرف على جميع المدن الصناعية بالتشاركية مع مجالس إدارة المدن والوحدات الإدارية وأصحاب المصلحة، والتي تضمن إيجاد نظام اداري موحد وتمارس عمليات الرقابة والمساءلة الإدارية والمالية، بهدف تحسين الأداء وتطوير الاستثمار والحفاظ على المال العام.
- إنشاء مجلس إدارة خاص بالمدن الصناعية يسترشد في تكوينه بتشكيل يراعي وجود المؤسسات العامة وأصحاب المصلحة والمختصين، مع وجود اختصاصات واسعة له لإدارة هذه المدن وصلاحيات تمكنه من اعمال تخصصاته.
- البحث في جدوى التحول إلى فكرة المطور والمشغل بنظام عقدBOT من خلال منح الترخيص في البناء والتشغيل لجهات خاصة. مع أهمية السعي لإحداث هيئات استشارية فنية داعمة لصناع القرار بغض النظر عن الجهة التي تتولى الانشاء والإدارة المباشرة للمدن.
- اعتماد صيغة قانونية واضحة في مخاطبة الصناعيين عبر إصدار قرارات مكتوبة وضمان تبليغها للمستثمرين وفق الأصول القانونية.
- البحث عن مصادر تمويل جديدة للمدن الصناعية ولعلّ أبرز ما يمكن التركيز عليه ضمن معطيات الواقع الحالي هو السعي لاستجلاب برامج ومنح دولية داعمة للمدن الصناعية من خلال تعزيز التشاركية وهو ما نجح في إنشاء برامج تحفز الصناعيين على الاستثمار في التجربة الفلسطينية، والبحث في إقامة مشاريع استثمارية لصالح المدن الصناعية أو بالاشتراك مع المستثمرين لتحقيق ايرادات كافية تلبي الاحتياجات المالية اللازمة والمتزايدة لتطوير المدن الصناعية.
- تقديم تسهيلات للمنتجين الفاعلين تساعدهم على عملية تسويق منتجاتهم والحصول على المواد الخام اللازمة دون عوائق.
ب- إلى الدولة التركية:
- تقديم المزيد من الدعم والتسهيلات للصناعيين السوريين وخاصة في المدن الصناعية بما فيها أسعار الطاقة الكهربائية، والبحث في تشجيع استثمار المواطنين الأتراك فيها عبر منظومة حوافز أو بالشراكة مع شركات سورية بما يتوافق مع القوانين والأنظمة ذات الصلة.
- دعم ايجاد آليات قانونية لإصدار شهادة منشأ للمنتجات الصناعية المحلية تمكّن الصناعيين من تصدير منتجاتهم لكافة الدول.
ت- إلى المنظمات الإنسانية والبرامج الدولية:
- تخصيص برامج داعمة لتطوير المدن الصناعية بمختلف الجوانب بما فيها الدعم التقني والمعرفي وتدريب الصناعيين السوريين من خلال برامج تأهيل مناسبة.
- التعاون مع السلطات المحلية في تعزيز الاستثمارات المحلية بوصفها آلية مناسبة لتخفيف المأساة الإنسانية وإيجاد فرص عمل لأسر السورية.
قائمة المراجع:
أولاً: الكتب والرسائل الجامعية
- بشرى حليمة، الفعالية الاقتصادية للاستثمار الحكومي في المدن الصناعية في سورياـ، رسالة ماجستير، جامعة تشرين، كلية الاقتصاد.
- خالد العملة، عوامل نجاح المدن الصناعية في فلسطين، رسالة ماجستير، عمادة الدراسات العليا، جامعة القدس. 2022.
- ستيفن هايدمان، التسلطية في سوريا: صراع المجتمع والدولة، ترجمة عباس عباس، دار رياض الريس للكتب والنشر في بيروت الطبعة الأولى تشرين الأول 2011.
- محددات إنشاء المدن والمناطق الصناعية في محافظة نابلس وانعكاسها على البيئة والمجتمع والتعليم الصناعي، رسالة ماجستير، جامعة النجاح الوطنية، كلية الدراسات العليا، 3/8/2004.
ثانياً: الدراسات والأوراق البحثية
- البيئة القانونية للتحديث الصناعي في سوريا، موقع الصناعي، 31/10/2015.
- حبيب أسعد، دراسة تحليلية لواقع الاستثمار في المدن الصناعية السورية خلال الفترة 2004 حتى 2012، مجلة جامعة تشرين للبحوث والدراسات العلمية، سلسلة العلوم الاقتصادية والقانونية، مجلد 38، العدد 4، لعام 2016
- حسين محمد، التطور التشريعي في مصر واثره على جذب الاستثمار، بلا تاريخ نشر، مبحث 2.
- خالد تركأوي، بشير نصر الله، المدن الصناعية في سوريا، جسور للدراسات، آب 2021.
- سامر قنطفجي، تنظيم المدن الصناعية وادارتها: المدن الصناعية صديقة البيئة، ورقة عمل قدمت كاقتراح لمجلس مدينة حماة، 2003.
- طالب سلمان وآخرون، التنظيم القانوني للمدن الصناعية المستدامة في إقليم كوردستان العراق، مجلة دراسات البصرة، ملحق العدد 48، حزيران، 2023
- المبادئ التوجيهية الدولية للمناطق الصناعية، منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية، نوفمبر 2019.
- مشاريع الاستثمار الصناعي والتجاري في شمال سورية الإجراءات القانونية والفنية، كاندال للدراسات، 6/6/2023.
- موسى نسيمة، تكريس مبدأ الأمن القانوني في مجال الاستثمار، المجلة الأكاديمية للبحوث القانونية والسياسية، مجلد 6، عدد 2، 15/9/2022.
- يوسف عبيدات، الأمن القانوني ودوره في تحفيز الاستثمار، مجلة كلية القانون الكويتية العالمية، السنة الثامنة، ملحق خاص، الجزء 2، العدد 9، يناير 2021
- يوسف نيرباني، النظام القانوني لحوكمة المجالس المحلية في سوريا، منظمة التنمية المحلية، 2020م
ثالثاً: المقالات والتقارير
- الأسئلة المتكررة، هيئة الاستثمار السورية، الموقع الرسمي.
- إصدار نظام إحداث وتنفيذ واستثمار المناطق الصناعية والحرفية في الوحدات الإدارية، رئاسة مجلس الوزراء
- افتتاح مدينة صناعية جديدة في مارع حلب، تضم 50 معملا جاهزا و100 قيد التجهيز. زمان الوصل، 18/6/2023.
- بركات شاهين، المناطق الصناعية في سوريا، بلا تاريخ نشر.
- غرفة التجارة والصناعة في صوران تواصل أعمال تجهيز البنية التحتية في المدينة الصناعية، الوكالة السورية للأنباء، 16/5/2023.
- القطاع الصناعي بقطاع غزة بين الواقع والطموح، دنيا الوطن، 19/5/2011.
- مليون نازح من إدلب وحلب منذ ديسمبر، الشرق الأوسط، 16/2/2020.
- هيئة تشجيع الاستثمار والمدن الصناعية، الموقع الرسمي، شوهد في: 26/11/2023.
رابعاً: القوانين والتشريعات
- التعليمات التنفيذية للمرسوم التشريعي 57 لعام 2004، المدينة الصناعية والسكنية في حسياء، الموقع الرسمي.
- قانون الاستثمار رقم 4 لعام 2006 في إقليم كردستان العراق، القوانين والتشريعات العراقية.
- القانون رقم 15 لسنة 1998 بشأن المدن والمناطق الصناعية الحرة، وكالة الانباء والمعلومات الفلسطينية.
- القانون رقم 32 لعام 2007م، مجلس الشعب السوري، الموقع الرسمي.
- قرار بقانون رقم 10 لعام 2021، بشأن حوكمة عدد من هيئات ومؤسسات وسلطات الدولة.
- المرسوم التشريعي 22 لعام 2013 تعديل المرسوم التشريعي 57 لعام 2004 حول المدن الصناعية، مجلس الشعب السوري، الموقع الرسمي.
- المرسوم التشريعي 9 لعام 2007 إحداث هيئة الاستثمار السورية، مجلس الشعب السوري، الموقع الرسمي.
- المرسوم التشريعي رقم /57/ للعام 2004م الخاص بإحداث المدن الصناعية، مجلس الشعب السوري، الموقع الرسمي.
- المرسوم التشريعي رقم /8/ لعام 2007 قانون الاستثمار، الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، الموقع الرسمي.
- المرسوم التشريعي رقم 8 لعام 2007، قانون الاستثمار، مجلس الشعب، الموقع الرسمي.
خامساً: البيانات والقرارات
- بيان حول ذكرى عملية درع الفرات، الحكومة السورية المؤقتة.
- التركيبة السكانية في شمال غرب سوريا /تموز 2023، منسقو استجابة سوريا، فيس بوك، 3/7/2023.
ملحق بالمقابلات التي أجراها فريق البحث
الرقم | الفئة | الصفة | تاريخ المقابلة | الرمز |
1 | مستثمرين | مستثمر في المدن الصناعية | 3/12/2023 | م. 1 |
2 | مستثمر في المدن الصناعية | 3/12/2023 | م.2 | |
3 | مستثمر منسحب من المدن الصناعية | 4/12/2023 | م.3 | |
4 | مستثمر منسحب من المدن الصناعية | 4/12/2023 | م.4 | |
5 | مستثمر لم ينضم إلى المدن | 2/12/2023 | م.5 | |
6 | صناع قرار | مجالس محلية | 5/12/2023 | م.6 |
7 | مدير مدينة صناعية | 3/12/2023 | م.7 | |
8 | اداري في مدينة صناعية | 4/12/2023 | م.8 |
- خطة التعافي السريع، مع منح نقاط أعلى لتلك الشركات التي لديها أقصر فترة استرداد في غضون 6 أشهر، تعني خطة التعافي السريع أن المصانع يمكن إعادة تشغيلها في غضون 6 أشهر مع ما لا يقل عن 70٪ من الطاقة الإنتاجية الأصلية وعدد الموظفين في أول 3 أشهر، زيادة إلى 100٪ في غضون 6 أشهر.
- زيادة عدد الموظفين.
- فترة التعافي أكثر من 6 أشهر.
- تقييم طلب المنحة وخطة العمل، بالإضافة إلى اخذ نتائج التقييم بعين الاعتبار.
- السادة الذين لم يباشروا بالأبنية حتى الآن بضرورة المباشرة والمتابعة حتى انتهاء عملية البناء
- السادة الذين باشروا بالبناء بضرورة المتابعة حتى إنهاء عملية البناء أيضا
- في المادة 3: لا يحق للمستثمر البيع قبل تتمة كامل الثمن وإنشاء البناء وفق النظام المعمول به من قبل إدارة المنطقة الصناعية
- في المادة 10: المباشرة بالبناء في فترة أقصاها 3 أشهر من تاريخ الاكتتاب، انهاء البناء خلال عام واحد، الاستثمار وفق قوانين إدارة المنطقة الصناعية، تقديم مخططات هندسية.
- في المادة 13: يلتزم الفريق الثاني بقوانين وتعليمات ولوائح المنطقة الصناعية.