الأبحاث والدراساتالإصداراتالوجود السوري في تركياالوحدة المجتمعية

تأثير تجربة اللجوء على اللاجئين القُصّر غير المصحوبين بعد سنوات من وصولهم إلى تركيا

دراسة حالة القاطنين في السكن الشبابي

ملخص تنفيذي:

أولت وثيقة العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الاهتمام بشكل واضح بشريحة القُصّر غير المصحوبين، وفصّلت في حقوقهم الواجبة على الدول المستضيفة، خاصة ما يتعلق بتأمين الحماية العالمية وتأمين احتياجاتها الرئيسة وحمايتها من الاستغلال، كما أولت الكثير من المنظمات الدولية والإنسانية والحقوقية اهتماماً خاصاً بهذه الشريحة؛ لكونها إحدى الشرائح الهشّة والأكثر تأثراً بتداعيات الحرب واللجوء والأكثر تعرّضاً للخطر خلال رحلتها إلى وجهتها.

وبالنسبة لوضع شريحة القُصّر السوريين غير المصحوبين في تركيا تغيب المعلومات الرسمية والإحصائيات، ويختلف وضع الأطفال السوريين غير المصحوبين الذين يشملهم بند الحماية المؤقتة وتشرف على تسجيلهم المديرية العامة للهجرة عن وضع الأطفال غير المصحوبين من جنسيات أخرى والموجودين في تركيا الذين تشرف على عمليات تسجيلهم منظمات دولية.

وتغيب عن نظام الحماية المؤقتة أية تفاصيل تخص هذه الشريحة، وهو ما يجعلها في موضع ضعيف، وربما قد يحرمها من الحصول على مستندات قانونية صالحة؛ وبالتالي ربما حُرمت هذه الشريحة من حقوقها في التعليم والضمان الصحي، أو الانتفاع من الخدمات الأخرى كخدمات تعليم اللغة التركية أو الحصول على تدريب مهني أو حتى الحصول على دعم مالي.

تحاول هذه الدراسة التعرف على واقع هذه الشريحة (شريحة القُصّر غير المصحوبين المقيمين في السكن الشبابي) بعد سنوات من وجودهم في تركيا، حيث ما يزال 12% من هذه عينة البحث من الشريحة دون الـ 18، بينما أصبحت غالبية عينة البحث من هذه الشريحة بالغين قانونياً، وقد أشارت النتائج إلى أن عام 2015 شكّل ذروة قدوم موجات اللاجئين القُصّر إلى تركيا بنسبة وصلت إلى 31%، يليه أعوام 2016 و2014 و2020.

وقدِمت غالبية هذه الشريحة بما نسبته 57% إلى تركيا بسبب الوضع المعيشي والاقتصادي السيئ في سوريا، ورغبة في الحصول على فرصة عمل لتأمين دخل لهذه الشريحة وعائلاتها بالدرجة الأولى، ثم للتهرب من الخدمة العسكرية الإلزامية والبحث عن الأمان، ثم الاستقرار هرباً من المعارك والعمليات العسكرية في سوريا، ثم بهدف السفر إلى أوروبا أو لتلقي العلاج.

وقد وصلت غالبية هذه الشريحة بعمر أكبر من 12 سنة؛ حيث إن النسبة الأكبر بينهم كانت بأعمار 15، 16، 17 سنة، وهو ما يعني أنهم قضوا سنوات المراهقة دون عائلاتهم وفي بيئة تختلف ثقافياً واجتماعياً عن البيئة التي قدموا منها، ودون وجود أي رقابة أو توجيه.

وتشير نتائج الاستبانة إلى أن 84% منهم ما يزالون شباباً عازبين؛ 5% متزوجون ولكن عائلاتهم في مكان آخر، و11% أجابوا بـ “أخرى”، وهو ما قد يُقصد به وجود علاقة لم تتحول إلى شكل رسمي، كما أن 22% من هذه الشريحة لم تتلقَّ سوى التعليم الابتدائي، بينما حصل 44% منها على التعليم الإعدادي، و29% حصلوا على التعليم الثانوي. ومن جهة أخرى يتحدث 47% من هذه الشريحة اللغة التركية بشكل جيد، بينما لا يزال 36% آخرون في مستوى متوسط.

وحول الوضع الصحي تشير نتائج الاستبانة إلى أن 85% من هذه الشريحة لا تعاني من أية مشاكل صحية، باستثناء بعض الأمراض البسيطة، بينما يعاني البقية من إصابات حرب بنسبة 8%، وإعاقات حركية بنسبة 3%، وأمراض وراثية بنسبة 4%؛ وبالتالي يحتاج قرابة 16% منها إلى رعاية صحية وأدوية بشكل مستمر، و18% بشكل متقطع.

كذلك فإن نتائج الاستبانة تشير إلى أن 96% من الشريحة المستطلعة آراؤها التحقت بسوق العمل، بينها 44% من هذه الشريحة تعمل منذ وصولها بشكل مستمر، و52% تعمل بشكل متقطع، حيث تتوزع هذه الشريحة العاملة بشكل رئيسي في قطاع الأزياء، تليها الورشات الصناعية وورشات النجارة، ثم البناء والإنشاءات، ثم في قطاع المطاعم والمخابز، ثم في الشركات والمحلات التجارية بنسبة 4%.

وحول ظروف العمل تشير نتائج الاستبانة إلى أن 3% فقط يعملون لمدة 8 ساعات، بينما يعمل 88% من الشريحة المستطلعة آراؤها بين 9-12 ساعة، فيما يعمل 9% أكثر من 12 ساعة، ومع ظروف العمل الطويلة تبدو الرواتب متدنية جداً؛ إذ يتلقى ما يزيد عن 70% من هذه الشريحة رواتب أقل من الحد الأدنى للأجور، بينما يحصل 24% منهم على رواتب تتراوح بين 2500-3500 ليرة تركية شهرياً، و6% فقط يحصلون على رواتب تزيد عن 3500 ليرة تركية.

من جهة أخرى يعمل 92% من هذه الشريحة بشكل غير نظامي؛ بينهم 80% من هذه الشريحة لها وضع إقامة قانوني يسمح لها باستصدار إذن عمل رسمي، ويسهم 89% من الشريحة المستطلعة آراؤها بمساعدات مادية يرسلونها إلى عائلاتهم في سوريا بشكل دوري أو متقطع، وهو ما يعني أن هذه الشريحة تعيش بإمكانات اقتصادية متدنية جداً بالنظر إلى رواتبهم وإلى ما يقتطعونه منها لمساعدة عائلاتهم.

تشير نتائج الاستبانة إلى أن ثلث الشريحة المستطلعة آراؤها ترى أن التزامها بالفروض الدينية الواجبة كالصلاة وصلاة الجمعة والالتزام عموماً بتعاليم الدين قد تراجع مقارنة بالفترة قبل وصولها إلى تركيا، كما أن 35- 40% من هذه الشريحة اكتسبت عادات سيئة، و34% من المستجيبين قد تراجعت علاقتهم مع عائلاتهم وانخفضت معدلات التواصل بينهم إلى حد كبير.

وتُظهر نتائج الاستبانة تراجعاً كبيراً في الحالة النفسية لهذه الشريحة – وفقاً لتقييم هذه الشريحة الذاتي – بنسبة وصلت إلى 73% بين المستجيبين، وتراجعاً للأمل بتحسن الأوضاع في المستقبل بنسبة 45% من المستجيبين. إلا أن هذه التجربة رغم قساوتها قد رفعت لدى 38% من هذه الشريحة درجة الثقة بالنفس؛ حيث إن مواجهة ظروف الحياة القاسية والبيئة الجديدة أجبرتهم على الاعتماد على أنفسهم، لاسيما مع غياب العائلة.

وقد اضطرت هذه الشريحة للإقامة في السكنات الشبابية التي لم تكن بيئة صحية تخفف من آثار المجتمع الجديد؛ بل كان بيئة تشجع على الانحراف واكتساب العادات السيئة، وهو ما أضعف قدرة هذه الشريحة على مقاومة التغيرات السلبية؛ وذلك لغياب التأسيس السابق، وغياب دور الأسرة والمجتمع، ولعدم وجود أنشطة كافية بديلة استهدفت هذه الفئات وقدّمت لهم الدعم الذي يحتاجونه.

وقد قدمت الورقة مجموعة من التوصيات التي من شأنها الإضاءة على بعض الثغرات في التعاطي السائد مع هذه الشريحة، لاسيما وأن إمكانية دخول دفعات جديدة بشكل غير نظامي واردة في حال تزايد العمليات العسكرية أو استمرار حالة عدم الاستقرار الأمني أو الاقتصادي للشمال السوري. 

مقدمة

تسببت العمليات العسكرية التي اندلعت في سوريا إثر اعتماد نظام الأسد الحل العسكري لمواجهة مطالب الشعب، وما تلاها من تطورات ميدانية، ودخول بعض جماعات الغلو والتطرف على خط المواجهة بحدوث موجات لجوء ضخمة؛ توجّه فيها السوريون إلى تركيا كمكان للاستقرار والبحث عن أمان، أو انتقلوا إليها كمحطة أولى في رحلة اللجوء إلى أوروبا.

 وقد شملت موجات النازحين مختلف الفئات من مختلف المحافظات؛ إلا أنه كان من الملاحظ في موجات النزوح أنها ضمّت أعداداً من القاصرين الذين انتقلوا إلى تركيا دون عائلاتهم لأسباب مختلفة، وتولوا أمورهم بأنفسهم، وتحملوا مسؤولياتهم ومسؤوليات عائلاتهم التي بقيت في سوريا نتيجة الظروف الصعبة التي يعيشها السوريون داخل سوريا.

وتطلق منظمة الهجرة مصطلح “اللاجئين القُصّر غير المصحوبين” أو “الأطفال المنفصلين عن ذويهم” والذي يقابله باللغة الانكليزية “Unaccompanied minors”، على الأطفال الذين نزحوا دون عائلاتهم إلى بلاد أخرى وهم دون الثامنة عشر[1]، حيث تُولي الدول المستضيفة للاجئين عناية خاصة بهذه الشريحة وتستهدفهم ببرامج مخصصة لهم، لاسيما وأن هذه الشريحة يمكن أن تواجه في رحلات اللجوء مخاطر كثيرة خلال السفر وحتى بعد الاستقرار؛ إذ تشير بعض التقارير إلى اختفاء أعداد كبيرة من أطفال المهاجرين الذين وصلوا إلى أوروبا دون عائلاتهم ممن كانوا تحت رعاية الحكومات التي استقبلتهم[2]، وهو -أي الاختفاء أو رعاية الحكومة – أمر لم يُلاحظ في تركيا.

ومن جهة أخرى وعند الحديث عن هذه الشريحة يتركز الاهتمام دولياً على الجوانب القانونية وجوانب الحماية فقط، فيما تكون الدراسات التي تتعقب نمو هذه الشريحة ووضعها بعد أن خاضت تجربة اللجوء الصعبة شحيحة جداً، وحين تصبح هذه الشريحة في سن البلوغ القانوني (18 سنة) تُعامَل معاملة البالغين الذين نشؤوا في ظروف طبيعية وخاضوا التجربة نفسها وهم أكثر قدرة بدنية وعقلية على مواجهة الصعاب، وهو ما يفتح المجال أمام التساؤل: إلى أي درجة كانت خطة الدول التي استقبلت لاجئين -خاصة شريحة القُصّر غير المصحوبين- ناجحة؟ وهل تمكنت هذه الشريحة من النمو بشكل سويّ وتجاوزت العوائق والعقبات والمخاطر التي واجهتها؟

وقد كان من اللافت خلال بعض الدراسات الاستطلاعية التي قام بها مركز الحوار السوري[3]، والتي شملت عينة تقارب 500 شخص، وجود ما يقارب 26% من هذه العينة ممن دخلوا إلى تركيا وهم دون الـ 18عاماً وغير مصحوبين بعائلاتهم، وهو ما دفع فريق البحث لتتبُّع واقع هذه الشريحة؛ فأصدرت الوحدة المجتمعية في مركز الحوار السوري هذا التقرير حاولت فيه الإضاءة على واقع هذه الشريحة حالياً، وعلى الظروف التي عاشتها بعد سنوات من وصولها إلى تركيا وتأثير هذه التجربة عليها.

وقد اعتمد التقرير المنهج الوصفي التحليلي الذي استند الى بعض الدراسات والتقارير الدولية والتركية التي ركزت على وضع القُصّر غير المصحوبين كبيانات ثانوية، وعلى إلى تحليل نتائج استبانة إلكترونية أجاب عليها 95 شاباً قدموا إلى تركيا بعمر دون الثامنة عشرة دون رفقة عائلاتهم، واستقروا في السكنات الشبابية كبيانات أولية[4]، بالإضافة إلى بعض المقابلات المعمقة[5].

وقد استعرض التقرير في قسمه الأول الإطار القانوني الناظم لوضع اللاجئين القُصّر غير المصحوبين وفقاً للمواثيق والاتفاقيات الدولية ووفقاً للقانون التركي، كما استعرض في قسمه الثاني التحديات والمخاطر التي قد تواجهها هذه الشريحة خلال عملية اللجوء أو بعد الانتقال إلى المجتمعات الجديدة.

وقد ركّز التقرير في قسمه الثالث على استعراض واقع شريحة القُصّر غير المصحوبين التي قدمت إلى تركيا في السنوات الماضية، وتحليل الأسباب التي دفعت هذه الشريحة للقدوم إلى تركيا وواقعها الحالي، سواء على المستوى الشخصي أو على مستوى العمل، كما قدَّم التقرير مجموعة من التوصيات التي يمكن من خلالها تحسين واقع هذه الشريحة ومساعدتها على تجاوز الصعوبات.

ويعتمد التقرير مصطلح “شريحة القُصّر غير المصحوبين” تعريفاً إجرائياً للسوريين الذين دخلوا تركيا بعمر دون 18 عاماً، سواء أصبحوا حالياً بحكم البالغين قانونياً – فوق الـ 18 عاماً- أم ما زالوا ضمن فئة القُصّر[6].

أولاً : الإطار القانوني الناظم لوضع اللاجئين القُصّر غير المصحوبين:

شكّل مَن تقل أعمارهم عن 18سنة عام 2015- وهو العام الذي شهد أعلى معدلات نزوح – حوالي نصف عدد اللاجئين حول العالم، وذلك بارتفاع نسبي مقارنة بإحصائيات عام 2009 حيث بلغت نسبة مَن تقل أعمارهم عن 18سنة 41% من إجمالي أعداد اللاجئين، وقد قَدَّم مَن تقل أعمارهم عن 18سنة من غير المصحوبين أو المنفصلين عن ذويهم، ومعظمهم من الأفغان والإريتريين والسوريين والصوماليين، حوالي 98400 طلب لجوء في 78 دولة عام 2015[7].

وتتمتع شريحة القُصّر غير المصحوبين بالحقوق ذاتها التي أقرّها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان دون وجود تفاصيل إضافية حول حقوق هذه الشريحة؛ إلا أن وثيقة العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (19 (ICCPRوالتي وقّعت عليها العديد من الدول أشارت بشكل واضح إلى واجب الدول المستضيفة في تأمين الحماية العالمية لهذه الشريحة، ووضعها تحت سلطة الدولة وضمان حقوقها وحرياتها، وحقها في التعليم والرعاية الصحية والمسكن، دون أي تمييز بسبب العرق واللون والجنس والدين والأصل القومي أو الاجتماعي والجنسية أو المولد، والتشديد على ضرورة حماية الأطفال والشباب غير المصحوبين من الاستغلال الاقتصادي والاجتماعي، ومن دخولهم في أعمال قد تضرّ بهم أخلاقياً أو صحياً أو تؤثر في حياتهم[8].

وتشدّد وثيقة العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على مسؤولية الدول في تحديد حدود السنّ المسموح بها للأعمال المأجورة، على اعتبار أن القُصّر غير المصحوبين بذويهم معرضون للخطر أو أنهم قد يكونون فريسة لعصابات الاتجار بالبشر أو لعمالة الأطفال، وعليه فلابد من توضيح أهمية وجود أوصياء على الأطفال وحمايتهم من الاستغلال، وتأمين مستوى معيشي لائق بما فيه الكفاية، وتأمين احتياجاتهم الأساسية من المأكل والملبس ريثما يصبحون بالغين مستقلين، والحرص على تجنيبهم جميع أشكال العنف ضد الأطفال أو السلوكيات التي قد تنتهك كرامتهم أو تعرضهم للعنصرية[9].

وفي الحالة التركية، ورغم أن تركيا قد صادقت على اتفاقية اللاجئين لعام 1951؛ إلا أن عملية التقييد الجغرافي التي قصرت إعطاء حقوق اللاجئين على القادمين من أوروبا قد حرمت السوريين من الحصول على حقوق اللاجئين، حيث قدمت لهم الحكومة التركية لاحقاً وضعاً قانونياً بديلاً أُطلق عليه “وضع الحماية المؤقتة”، وأصبحت دائرة الهجرة هي المعنية بعملية تسجيل السوريين والتحقق من أوضاعهم بدل الأمم المتحدة ومؤسساتها[10].

وتصف بعض الدراسات وضع الحماية المؤقتة في تركيا بأنه نظام مزدوج ومعقد ومربك، لا يحتوي مواد واضحة للتعامل مع القُصّر غير المصحوبين أو يوضح الخدمات المتاحة لهم، حيث تشير أحكام الحماية المؤقتة إلى حق جميع الحاصلين على هذا الوضع القانوني في الوصول إلى خدمات التعليم والرعاية الصحية وسوق العمل، ولكن دون أي تفصيل يتعلق بشريحة القُصّر غير المصحوبين[11]، سوى ما ورد في المادة49 التي تشير إلى ضرورة إجراءات لمّ شمل الأسرة للأطفال الذين تم تحديدهم على أنهم غير مصحوبين بذويهم على الفور دون انتظار طلب الطفل[12].

ومن جهة أخرى ينصّ القانون التركي بشكل عام على وجوب وضع الأطفال الذين يعيشون دون عائلاتهم والذين تقل أعمارهم عن 16 سنة في المنشآت التابعة لوزارة الأسرة والخدمات الاجتماعية، فيما يبقى وضع الأطفال بين 16-18 سنة غير واضح؛ حيث غالباً ما يضطرون للعيش في الشوارع أو العمل أو يتعرضون للاستغلال[13]، وقد أشارت بعض التقارير إلى تعرض هذه الشريحة -خاصة من فتيات اللاجئين السوريين- للزواج في عمر دون السنّ القانوني أو العمل في مصانع وبأجور تقل عن 1 يورو للساعة الواحدة، أو تعرضهم للمواد الكيماوية التي قدتشكل خطورة على نموهم[14].

وحتى وقت قريب لا تتوفر معلومات رسمية عن عدد الأطفال غير المصحوبين بذويهم في تركيا، كما لا توجد معلومات تبيّن ما إذا تم أخذهم في رعاية مؤسسات الدولة أو لا؛ إلا أن قوانين اللجوء تشير إلى أن القاصر يفترض أن يتلقى دعماً من صندوق المفوضية بقيمة 30يورو شهرياً، كما تشير بعض التقارير إلى أن الغالبية العظمى من الأطفال غير المصحوبين بذويهم الذين يتقدمون بطلب للحصول على الحماية الدولية في تركيا ينحدرون من أفغانستان أو من الأويغور، وقد بلغ أعداد الأطفال غير المصحوبين الذين مُنحوا الحماية الدولية عام 2020 قرابة 493 من أصل 604 طفل وفقاً لتقييمات المفوضية السامية في تركيا[15].

من السهل أن يتم استغلالك أو التلاعب بك من قبل الجميع، لقد طردني زملائي في السكن في منتصف الليل بملابس النوم نتيجة خلافي مع شخص كان يغني في منتصف الليل، اضطررت عندها للنوم في الشارع عدة أيام حيث لم يكن لدي أي مكان ألجأ إليه، ولا حتى مال أدبر به مكاناً أخر للإقامة.

من مقابلة أجراها فريق البحث مع أحد الشباب الذين قدموا إلى تركيا دون عائلتهم بعمر دون 18 عاماً

ويختلف وضع الأطفال السوريين غير المصحوبين عن وضع الأطفال غير المصحوبين من جنسيات أخرى الموجودين في تركيا؛ فالأطفال السوريون غير المصحوبين والمشمولون تحت بند الحماية المؤقتة يتعين عليهم التسجيل في المديرية العامة للهجرة، ولا تُقدم لهم أية مساعدات، فيما نجد أن الأطفال غير المصحوبين من جنسيات أخرى تشرف على عمليات تسجيلهم منظمة ASAM ومفوضية الأمم المتحدة للاجئين[16]؛ ولذلك فعندما يتم الحديث عن اللاجئين القُصّر غير المصحوبين فلا تشمل هذه الشريحة السوريين في تركيا الذين تنطبق عليهم الشروط ذاتها.

ثانياً: التحديات والمخاطر الذي تواجهها شريحة القُصّر غير المصحوبين

تُولي الكثير من المنظمات الدولية والإنسانية والحقوقية اهتماماً خاصاً بهذه الشريحة؛ نظراً للظروف التي كانت تعيشها في بلادها والظروف التي تعرضت لها خلال عملية النزوح المحفوفة بالمخاطر، حيث إن خصائص هذه الشريحة النفسية بالإضافة إلى الظروف السابقة تجعلها أكثر عرضة لمخاطر وانتهاكات حماية الطفل، بما في ذلك: الانفصال عن الأسر، والإهمال، والعنف وسوء المعاملة، والاضطرابات النفسية والضيق، والعزلة، والتمييز، والاستغلال الاقتصادي، وكذلك الاتجار وزواج الأطفال[17].

ويُعد هؤلاء الأطفال ناجين من صراع أو حرب أكملوا رحلاتهم وواجهوا العديد من المخاطر، حيث وصلوا إلى وجهتهم في حالة صدمة؛ لأنهم بدلاً من أن يعيشوا طفولة عادية في المدرسة اضطروا للنمو قبل الأوان، وللنضال في الحياة بطريقة قاسية يجب ألا يتعرض لها أي طفل، دون أن توجد لهم فرصة بديلة ليعيشوا طفولتهم المفقودة التي تُعد فترة ضرورية لتنمية شخصيتهم بشكل سوي[18].

وتصل الغالبية العظمى من هؤلاء الأطفال إلى وجهتها دون أية وثائق، وهو ما يجعل عملية التسجيل صعبة على الحكومات المستضيفة، وتتطلب موظفين مدربين بشكل جيد للتعامل مع الأطفال، بالإضافة إلى وجود تصور واضح لعملية التحقق من العمر، والتي تتطلب في بعض الأحيان فحوصات طبية، كما أنه من غير المعروف ما إذا كانت المعلومات المقدمة من قبل هذه الشريحة صحيحة أو لا؛ فقد يلجأ البعض منهم لإعطاء معلومات غير صحيحة عن عمرهم نظراً للجهل أو خوفاً من الملاحقة، وقد يتجنبون الحصول على الأوراق الرسمية للعديد من الأسباب[19].ومن جهة أخرى تُعد هذه الشريحة غير قادرة على اتخاذ قرارات صحيحة بسبب افتقارها للنضج البدني والعقلي، وهو ما يجعل قراراتها بشأن الحاضر أو المستقبل غير صحيحة أو غير مدروسة، ويرفع إمكانية تعرضها للخطر أو الاستغلال أو الخداع أو إقدامها على مغامرات غير مأمونة العواقب[20].

كما وتواجه هذه الشريحة تحديات كبيرة إذا لم يتم دعمها بشكل كافٍ من خلال عملية الاندماج؛ حيث إنها ستكون أمام فرص محدودة للتفاعل مع الأطفال والشباب الآخرين في المجتمعات التي تعيش فيها، كما أنها ستكون عرضة لسوء الفهم ولضغوط الثقافة الجديدة التي يمكن أن تؤدي إلى تصعيد التوترات الاجتماعية والصراع بين المجتمعات، كما وقد تجد نفسها في صراع يومي من أجل البقاء، وهو ما قد يدفع الكثيرين منهم للمشاركة في أعمال خطيرة واستغلالية، بما في ذلك التسول القسري[21].

ثالثاً: واقع شريحة القُصّر غير المصحوبين بعد سنوات من وصولهم إلى تركيا

من الصعب تتبع رحلة هؤلاء القُصّر إلى تركيا وتجربتهم فيها خلال السنوات الماضية؛ نظراً لندرة الدراسات والإحصائيات التي أولتهم العناية، إلا أنه يمكن تلمُّس جوانب يمكن أن توضح العوامل التي دفعت هذه الشريحة لخوص تجربة غير سهلة، وتتبع بعض الآثار والتغيرات التي يمكن ملاحظتها بعد عدة سنوات عليها.

تحاول الدراسة من خلال تحليل نتائج الاستبانة التعرف على واقع هذه الشريحة بعد سنوات من وجودها في تركيا حيث أصبح غالبية هذه الشريحة من البالغين قانونياً.

3-1 أسباب القدوم إلى تركيا

من الصعب تخيُّل الأسباب التي يمكن أن تدفع عائلة ما للسماح لأحد أبنائها القُصّر بالسفر وحده إلى بلد غريب في الظروف الاعتيادية؛ إلا أن ظروف الحرب وحالة عدم الاستقرار الأمني والاقتصادي قد تدفع العديد من العائلات إلى اتخاذ قرارات غير اعتيادية وغير مقبولة في الظروف الطبيعية.

ولفهم الدوافع وراء إقدام هؤلاء الشباب على مثل هذه المغامرة لابد من معرفة الوقت الذي قدموا فيه إلى تركيا؛ إذ تشير نتائج الاستبانة إلى أن عام 2015 شكّل ذروة قدوم موجات اللاجئين القُصّر إلى تركيا بنسبة وصلت إلى 31%، يليه عام 2016 بنسبة وصلت إلى 22%، ثم عام 2014 بنسبة وصلت إلى 16%، ثم عام 2020 بنسبة وصلت إلى 11%. (الشكل 1)

اضطرت عائلتي للمغادرة بشكل مفاجئ لأسباب أمنية، وكانت وجهتها العراق، ولأني لم أكن أملك جواز سفر ظللت في سوريا عند بعض الأقارب ريثما أستخرج جواز سفر، إلا أنني فشلت في الحصول عليه، واضطرني التشديد الأمني للذهاب إلى تركيا بمفردي عبر الحدود البرية، فقد كانت الخيار الوحيد المتاح لي، كنت متحمساً في البداية فالأمر أشبه بالمغامرة التي لم أكن أدرك عواقبها، ولكن على الواقع كانت عملية عبور الحدود صعبة بالنسبة لي، فقد فشلت المحاولة الأولى وتعرضت ا لإطلاق نار لكنها لم تصيبني، وعبرت في محاولتي الثانية بصعوبة.

من مقابلة أجراها فريق البحث مع أحد الشباب الذين قدموا إلى تركيا دون عائلتهم بعمر دون 18 عاماً

الشكل 1: نسب دخول القاصرين إلى تركيا في الأعوام الماضية

ومن الملاحظ أن السنوات التي شهدت التدفق الأكبر للقاصرين كانت السنوات التي شهدت ذروة العمليات العسكرية في سوريا بين نظام الأسد وفصائل المعارضة السورية، أو بين فصائل الغلو والتطرف “داعش” وفصائل المعارضة السورية[22].

وفي محاولة لتحليل الأسباب الدافعة وراء لجوء هذه الشريحة إلى تركيا تشير نتائج الاستبانة (الشكل 2) إلى أن غالبية هذه الشريحة بنسبة 57% قدمت إلى تركيا بسبب الوضع المعيشي والاقتصادي السيئ في سوريا، ورغبة في الحصول على فرصة عمل لتأمين دخل لهذه الشريحة وعائلاتها، بينما تأتي في المرتبة الثانية وبنسبة 16% الرغبة في التهرب من الخدمة العسكرية الإلزامية التي حاول فيها نظام الأسد الزجّ بالشباب في مواجهة الشعب الأعزل، وهو ما يعني توريط المجندين في جرائم تُصنف كجرائم حرب، كاستهداف العزّل والمدنيين واستخدام أسلحة محرمة دولياً[23].

قدمت إلى تركيا دون علم عائلتي، والدي مقعد نتيجة إصابة حرب ووالدتي مريضة، وقد كانت عائلتي ترفض فكرة سفري لأني كنت صغيراً ولأني الشاب الوحيد الموجود معهم، لقد كان وضعي صعباً، وكنت أرغب بالخروج من سوريا للخلاص من ظروف الحرب والحياة بشكل طبيعي مثل بقية أصدقائي، لكني تفاجأت أن الواقع مختلف عما كان يقوله بعض الأصدقاء أو ما يقومون بنشره على مواقع التواصل الاجتماعي.

من مقابلة أجراها فريق البحث مع أحد الشباب الذين قدموا إلى تركيا دون عائلتهم بعمر دون 18 عاماً

ويأتي في المرتبة الثالثة البحث عن الأمان والاستقرار هرباً من المعارك والعمليات العسكرية في سوريا بنسبة 12%، في حين كان الدافع لـ 5% من الشريحة المستطلعة آراؤها السفر إلى أوروبا[24]، فيما أراد 3 % من الشريحة القدوم إلى تركيا بهدف تلقي العلاج  (الشكل 2).


الشكل 2: أسباب القدوم إلى تركيا

وتشير أغلب المقابلات إلى أن هؤلاء القُصّر كانوا يعتبرون رحلة اللجوء أشبه بمغامرة ممتعة يخوضها أي مراهق، وأنها ستفتح لهم المجال للاطلاع على بيئات جديدة والخروج من أجواء الحرب، إلا أنهم اكتشفوا لاحقاً سذاجة تصوراتهم واختبروا صعوبة تجربة عبور الحدود بشكل غير نظامي وخطورتها، ثم اختبروا لاحقاً قساوة الحياة في مجتمعات جديدة فرضت عليهم مسؤوليات في وقت مبكر، ومع غياب تام لأي جهة داعمة أو استشارية.

3-2- صفات شريحة القُصّر غير المصحوبين في الوقت الحالي:

كما أنهم قضوا سنوات طفولتهم المبكرة في ظروف غير مستقرة يغلب عليها العمليات العسكرية والنزوح والتهجير وغياب الاستقرار (الشكل3).تشير نتائج الاستبانة إلى أن 99% من شريحة القُصّر غير المصحوبين قدموا إلى تركيا بعمر أكبر من 12 سنة، حيث إن النسبة الأكبر بينهم كانت بأعمار 15، 16، 17 سنة، وهو ما يعني أنهم قضوا سنوات المراهقة دون عائلاتهم وفي بيئة تختلف ثقافياً واجتماعياً عن البيئة التي قدموا منها، ودون وجود أي رقابة أو توجيه.


الشكل 3: العمر عند الدخول إلى تركيا

وفي محاولة لاستطلاع الحالة الاجتماعية لهذه الشريحة بعد سنوات من الاستقرار في تركيا تشير نتائج الاستبانة إلى أن 84% منهم ما يزالون شباباً عازبين، وهو أمر متوقع؛ نظراً لكون هذه الشريحة ما تزال في عمر صغير، بالإضافة إلى غياب وجود العائلة الداعمة والأوضاع الاقتصادية السيئة (الشكل 4).


الشكل 4: الحالة الاجتماعية

فيما توزعت بقية الإجابات بين “متزوج” بنسبة 5%[25]، و11% من الإجابات أشاروا إلى خيارات “أخرى”، وهو ما قد يُقصد به وجود علاقة عاطفية لم تتحول إلى شكل رسمي.

خلال فترة وجودي في تركيا اتخذت الكثير من القرارات غير الصائبة وتعرضت للخداع، فمن أجل متابعة دراستي الجامعية، سجلت بناء على نصيحة من أحد الأصدقاء في إحدى الجامعات السورية الخاصة التي فُتحت في تركيا، بعد أن قامت عائلتي باستدانة المبلغ وإرساله لي، لأكتشف بعد عام من دراستي فيها بأن الجامعة غير نظامية وغير معترف بها وقد قامت الحكومة التركية بإغلاقها، وهكذا ضاعت سنة من حياتي صرفت فيها آلاف الدولارات دون أي فائدة.

من مقابلة أجراها فريق البحث مع أحد الشباب الذين قدموا إلى تركيا دون عائلتهم بعمر دون 18 عاماً

وفيما بتعلق بالحالة التعليمية تشير نتائج الاستبانة (الشكل 5) إلى أن 22% من هذه الشريحة لم تتلقّ سوى التعليم الابتدائي، وقد يوجد بينها الكثير ممن لا يعرف القراءة أو الكتابة بشكل جيد، لاسيما وأن الظروف التي عاشوها في طفولتهم قبل قدومهم إلى تركيا لم تكن ظروفاً طبيعية، ولم تكن عملية التعليم السابقة منتظمة أو ذات سوية مقبولة في كثير من الأحيان.

كما حصل 44% من الشريحة المستطلعة آراؤها على التعليم الإعدادي، في مقابل 29% حصلوا على التعليم الثانوي، بينما لم يتجاوز مَن أكمل تعليمه ما بعد الثانوي نسبة 5% (الشكل 5).

تركت مقاعد الدراسة في عمر صغير نتيجة ظروف الحرب، ولا زلت أتحسر على ذلك، ليس لدي فرصة في تركيا لاستكمال تعليمي فمن الصعب الجمع بين الدراسة والعمل، ولذلك أفكر في السفر لأوروبا، هناك يمكن أن تكون فرص تعويض التعليم أكبر خاصة مع وجود مساعدات خلال فترة الدراسة.

من مقابلة أجراها فريق البحث مع أحد الشباب الذين قدموا إلى تركيا دون عائلتهم بعمر دون 18 عاماً


الشكل 5 : الحالة التعليمية

ومن الواضح أن انتقال هذه الشريحة إلى تركيا قد حرمها فرصة استكمال تعليمها؛ فعلى الرغم من وجود العديد من المدارس السورية المؤقتة التي استقبلت الطلاب السوريين خلال السنوات الماضية وحتى وقت قريب، واستقبال المدارس التركية الطلاب السوريين دون قيود بعد إصدار قرار الدمج؛ إلا أن هذه الشريحة قد انخرطت في سوق العمل مباشرة، لاسيما وأن الدافع الاقتصادي كان السبب في قدوم غالبية القُصّر إلى تركيا بهدف مساعدة عائلاتهم.

وحول درجة إتقان اللغة التركية تشير نتائج الاستبانة إلى أن47% يتحدثون اللغة التركية بشكل جيد، بينما لا يزال 36% آخرون في مستوى متوسط و17% بمستوى ضعيف، ويُعتقد أن الشريحة التي لم تتمكن من تطوير لغتها التركية تعمل غالباً مع أرباب عمل سوريين ولا تختلط مع الأتراك، أو أنها تقيم في محافظات حدودية يتكلم فيها الكثير من الأتراك اللغة العربية، وهو ما جعل قدرتها على تطوير لغتها بطيئة (الشكل 6).


الشكل 6: مستوى اللغة التركية

وبالنسبة إلى الحالة الصحية التي تتمتع بها هذه الشريحة تشير نتائج الاستبانة إلى أن 85% من هذه الشريحة لا تعاني من أية مشاكل صحية، باستثناء بعض الأمراض البسيطة كالحساسية والربو التي يعاني منها 18%، بينما يعاني البقية من إصابات حرب بنسبة 8%، وإعاقات حركية بنسبة 3%، وأمراض وراثية بنسبة 4% (الشكل 7).

وحول احتياجات هذه الشريحة صحياً أشارت نتائج الاستبانة إلى أن 16% من الشريحة المستطلعة آراؤها تحتاج إلى رعاية صحية وأدوية بشكل مستمر، بينما قد يحتاج 18% من هذه الشريحة رعاية صحية وأدوية بشكل متقطع (الشكل 8).

عند قدومي لم أفكر باستخراج  بطاقة الحماية المؤقتة ” الكيملك” ، لم انتبه لذلك ولم أهتم بذلك أساساً، كنت أبحث عن عمل بأسرع وقت حتى أسدد ديوني، لكن ذلك انعكس سلباً عليّ في وقت لاحق، فقد مرضت خلال وجودي في تركيا ولم أستطع دخول مشفى لعدم امتلاكي هذه  البطاقة، وظللت طريح الفراش لأيام طويلة ، أعاني الآلام المبرحة وأتعاطى المسكنات التي يصفها لي زملائي في السكن،  إلى أن ساء وضعي الصحي واضطررت لدخول المشفى بشكل إسعافي، حيث تبين أنني بحاجة لعملية فورية بعد انفجار الزائدة الدودية وحدوث إنتانات، ونتيجة وضعي الصحي السيء حصلت وقتها على هذه البطاقة بشكل استثنائي وتلقيت العلاج المطلوب.

من مقابلة أجراها فريق البحث مع أحد الشباب الذين قدموا إلى تركيا دون عائلتهم بعمر دون 18 عاماً

الشكل 7: الحالة الصحية الشكل 8: الحاجة للأدوية والرعاية الصحية المستمرة

3-3: الواقع الاقتصادي لشريحة القُصّر غير المصحوبين:

في غياب أية برامج أو مساعدات مادية تستهدف هذه الشريحة كان لا بد من فهم الواقع الاقتصادي الذي تواجهه هذه الشريحة بعد سنوات من إقامتها في تركيا؛ فأشارت نتائج الاستبانة إلى أن 96% من الشريحة المستطلعة آراؤها التحقت بسوق العمل، بينها 44 % من هذه الشريحة تعمل منذ وصولها بشكل مستمر، و52% تعمل بشكل متقطع (الشكل 8).

الشكل 9: نسب العاملين الشكل 10: مجالات العمل

وتتوزع هذه الشريحة العاملة بشكل رئيسي في قطاع الأزياء بنسبة 36%، تليه الورشات الصناعية وورشات النجارة بنسبة 26%، ثم البناء والإنشاءات بنسبة 18%، ثم في قطاع المطاعم والمخابز بنسبة 9%، وفي الشركات والمحلات التجارية بنسبة 4% (الشكل 9).

عند قدومي ساعدني أصدقائي في السكن الشبابي على العثور على عمل في إحدى ورشات الخياطة، كانت أجرتي الشهري 1200 ليرة، أعمل فيها لمدة 10 ساعات يومياً، لمدة 6 أيام كل الأسبوع، وكان رب العمل يعطيني جزءاً يسيراً من الأجرة ويدخر البقية معه بحجة مساعدتي على التوفير، وبعد مدة ذهبت في إجازة إلى سوريا لزيارة أهلي، وعند عودتي طردني رب العمل وأنكر المبلغ المتبقي لي في ذمته والذي يبلغ 5000 ليرة تركية، حيث لم يكن هناك أي طريقة لاسترداد حقي ، خاصة وأني أعمل بشكل غير نظامي.

من مقابلة أجراها فريق البحث مع أحد الشباب الذين قدموا إلى تركيا دون عائلتهم بعمر دون 18 عاماً

وتقدر دراسة صادرة عن منظمة العمل الدولية عدد القُصّر في سوق العمل التركي وفقاً لإحصائيات عام 2017 بما يقارب 127 ألف طفل بينهم 109 آلاف طفل من الذكور، وهم يشكلون 13.7% من اليد العاملة السورية في سوق العمل التركي؛ حيث أشارت النتائج  إلى أن 65 % من الأطفال السوريين بين عمر 14-17 عاماً تركوا مقاعد الدراسة والتحقوا بسوق العمل، في مقابل 10%- 38% من الأطفال الأتراك من الشريحة العمرية ذاتها بين  14-17 التحقوا بسوق العمل[26].

الشكل 11 : عدد ساعات العمل يومياً الشكل 12: الراتب الشهري

وحول ظروف العمل تشير نتائج الاستبانة إلى أن 3% فقط يعملون لمدة 8 ساعات، بينما يعمل35% من الشريحة المستطلعة آراؤها من 9-10 ساعات يومياً، و53% يعملون بين 11-12 ساعة، فيما يعمل 9% أكثر من 12 ساعة (الشكل 11).

تنقلت بين العديد من الأعمال، لم أكن أملك أي خبرة، ولم أكن أعرف ما أريد، كان هدفي هو الحصول على المال اللازم حتى أعيش، كان العمل مملاً ومرهقاً وبرواتب بسيطة لا تتجاوز 1000 ليرة تركية، لا تكفي احتياجاتي الأساسية.

من مقابلة أجراها فريق البحث مع أحد الشباب الذين قدموا إلى تركيا دون عائلتهم بعمر دون 18 عاماً

ومع ظروف العمل الطويلة التي تعيشها هذه الشريحة تبدو الرواتب متدنية جداً، مقارنة بساعات العمل وبالحد الأدنى للأجور الذي حددته الحكومة والذي قُدر بـ 2825 ليرة تركية لعام 2021[27]؛ إذ يتلقى ما يزيد عن 70% من هذه الشريحة رواتب بين 1000-2500 ليرة تركية، وهو أقل من الحد الأدنى للأجور، بينما يحصل 24% منهم على رواتب تتراوح بين 2500-3500 ليرة تركية شهرياً، و6% فقط يحصلون على رواتب تزيد عن 3500 ليرة تركية (الشكل 12).


الشكل 13: الوضع القانوني للعمل

ومن جهة أخرى يعمل 92% من هذه الشريحة بشكل غير نظامي؛ فهم لا يملكون تصاريح عمل ولا تأمينات صحية، وهو ما يجعلهم عرضة للاستغلال من قبل أرباب العمل، ويفوّت عليهم فرصة المطالبة بحقوقهم القانونية أو الحصول على تعويضات عند الإصابة خلال العمل (الشكل 13).

الشكل 14: الوضع القانوني للإقامة

وحول وضع الإقامة القانوني لهذه الشريحة والذي يُعد الأساس في استصدار أذونات عمل تشير نتائج الاستبانة إلى أن 14% فقط لا يملكون أية أوراق قانونية، بينما 6% بدؤوا في تصحيح أوضاعهم والحصول على بطاقة الحماية المؤقتة؛ إلا أن 80% من هذه الشريحة لها وضع إقامة قانوني يسمح لها باستصدار إذن عمل رسمي (الشكل 14).

وتشير النتائج السابقة إلى عدم وجود عائق قانوني يمنع استصدار أذونات عمل رسمية لشريحة كبيرة، وبالتالي فإن عمل هذه الشريحة بشكل غير قانوني يعود إلى تقاعس أرباب العمل[28] عن تصحيح أوضاع العاملين القانونية؛ رغبةً منهم في التهرُّب من دفع التأمينات الصحية والالتزام بحقوق العاملين لديهم لزيادة أرباحهم[29].

عند دخولي إلى تركيا لم أستخرج أي أوراق إقامة لأنني كنت أنوي السفر إلى عائلتي، كانت مشكلة الحصول على جواز السفر مشكلة كبيرة بالنسبة لي، فلم أكن قادراً على استخراج جواز سفر نظامي في ذلك الوقت، فقمت باستخراج جواز سفر صادر من الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة، وقمت بالسفر إلى عائلتي في بلد آخر، ولكن تسبب لي هذا الجواز بمشكلة قانونية في البلد الجديد الذي لم يعترف به، واضطررت إلى مغادرة البلاد والعودة إلى تركيا فوراً، وكان عليّ أن أنتظر حتى أتم 18 عاماً لأستطيع الحصول على كيملك .

من مقابلة أجراها فريق البحث مع أحد الشباب الذين قدموا إلى تركيا دون عائلتهم بعمر دون 18 عاماً

الشكل 15: الالتزامات المالية تجاه العائلات في سوريا

وبالنظر إلى الدوافع الاقتصادية التي كانت وراء قدوم العديد من الشباب تشير نتائج الاستبانة إلى وجود التزامات مادية تقدمها هذه الشريحة لعائلاتها داخل سوريا رغم تدنّي الرواتب؛ فقد أشار 89% من الشريحة المستطلعة آراؤها إلى أنهم يرسلون مساعدات مادية لعائلاتهم في سوريا، 60% منهم يرسلونها بشكل دوري دون انقطاع (الشكل14)؛ وهو ما يعني أن هذه الشريحة تعيش بإمكانات اقتصادية متدنية جداً بالنظر إلى رواتبهم وإلى ما يقتطعونه منها لمساعدة عائلاتهم.

3-4 : التغيرات التي طرأت على شريحة القُصّر:

من الصعب توقع شكل وحجم التغيرات التي يمكن أن تطرأ على هذه الشريحة التي عاشت طفولتها في ظل أوضاع غير مستقرة إنسانياً واجتماعياً وأمنياً، واضطرت لخوض تجربة اللجوء وحدها دون معيل أو موجِّه إلى بلد جديد يختلف بشكل واضح في بعض النواحي الاجتماعية والثقافية والأخلاقية عن البلد الأم.

كما أن هذه الشريحة قد تعرضت لهذه المتغيرات في فترة حساسة من حياتها، واضطرت لمواجهة الكثير من الأخطار، وتعرضت للاستغلال، وحملت المسؤولية في وقت مبكر؛ وهو ما قد يؤدي إلى نشأة غير سوية، أو يرفع احتمال تعرضها للانحراف أو تورطها في جرائم وأمور غير قانونية.

ومن جهة أخرى اضطرت هذه الشريحة نظراً للظروف التي دفعتها للقدوم إلى تركيا ولكثير من الأسباب إلى السكن فيما يُعرف بالسكنات الشبابية؛ حيث لم تكن بيئة السكن بيئة مناسبة لاحتواء هذه الشريحة وتوجيهها وفهم احتياجاتها[30].

لقد أثرت بي تجربة القدوم إلى تركيا والسكن الشبابي كثيراً وبشكل سلبي، من بداية قدومي، فقد أدركت وجودي بعالم جديد مختلف عن جو العائلة، افتقدت للإرشاد والتوجيه وزادت مسؤولياتي، وكان عليّ مواجهة صعوبات الحياة بمفردي.

لقد  تأثرت عباداتي بشكل سلبي أحياناً  وإيجابي أحياناً أخرى، تبعاً  للوسط الذي أكون فيه، فالسكن الشبابي الثاني كان بيئة سيئة جداً، لا تشجع على الالتزام بالعبادات، وراودتني الكثير من الأسئلة الحائرة التي كان يجب عليّ أن أبحث عن جوابها وحدي، واجهت موجات اكتئاب عدة مرات، وموجات من اللامبالاة كنت أزهد فيها بوقتي.

من مقابلة أجراها فريق البحث مع أحد الشباب الذين قدموا إلى تركيا دون عائلتهم بعمر دون 18 عاماً

وبالنظر إلى نتائج الاستبانة التي يمكن أن تعطي لمحة عن واقع التغيرات التي طرأت على حياة وشخصية هذه الشريحة (الشكل16) نجد:

  • التغيرات الدينية: تشير نتائج الاستبانة إلى أن ثلث الشريحة المستطلعة آراؤها ترى أن التزامها بالفروض الدينية الواجبة كالصلاة وصلاة الجمعة والالتزام عموماً بتعاليم الدين قد تراجع مقارنة بالفترة قبل وصولها إلى تركيا، بينما تأثر 21% سلباً بما يتعلق بأفكارهم وتصوراتهم تجاه الدين، في حين أجاب بين 40-60% من الشريحة المستطلعة آراؤها أنه لم يطرأ عليها أي تغير في هذا الخصوص[31].

الشكل 16: التغيرات الدينية والنفسية والاجتماعية التي طرأت على شريحة القصر

  • الجوانب السلوكية والاجتماعية: تشير نتائج الاستبانة إلى أن 35- 40% من الشريحة المستطلعة آراؤها اكتسبت عادات سيئة، كاستخدام الألفاظ البذيئة أو العادات السيئة، فيما تشير النتائج أيضاً إلى أن 34% من المستجيبين قد تراجعت علاقتهم مع عائلاتهم وانخفضت معدلات التواصل بينهم إلى حد كبير[32].
  • الجانب النفسي: تُظهر نتائج الاستبانة تراجعاً كبيراً في الحالة النفسية لهذه الشريحة بنسبة وصلت إلى 73% بين المستجيبين، وتراجعاً للأمل بتحسن الأوضاع في المستقبل بنسبة 45% من المستجيبين[33]؛ ويمكن فهم هذه النتيجة في سياق الوضع المعاشي السيئ الذي تعيشه هذه الشريحة في السكن الشبابي، وأوضاع العمل الصعبة التي يواجهونها يومياً.

ومن جهة أخرى ورغم مرارة التجربة التي واجهت هذه الشريحة إلا أن درجة الثقة بالنفس ارتفعت لديها بنسبة 38% من شريحة المستجيبين؛ حيث إن مواجهة ظروف الحياة القاسية والبيئة الجديدة أجبرتهم على الاعتماد على أنفسهم، لاسيما مع غياب العائلة.

ولدراسة تأثير البيئة المحيطة – خاصة مكان السكن – في هذه التغيرات أظهرت نتائج تحليل الاستبانة (الشكل 17) أن هذه الشريحة عاشت في بيئة تنتشر فيها ألفاظ الكفر والألفاظ النابية بنسبة كبيرة، بينما واجه 37% من هذه الشريحة في مكان سكنهم بعض الأفكار الإلحادية؛ وهو ما قد يفسر التراجع الديني عند بعض فئات هذه الشريحة، خاصة مع غياب دور الأسرة الموجه وغياب تأثير المؤسسات الدينية والمشاريع التي تستهدف هذه الفئة.

أثرت تجربة القدوم إلى تركيا بي بدرجة واضحة، وخاصة في طريقة التفكير، وفي الالتزام الديني الذي تراجع عن السابق، وأيضاً غيرت هذه التجربة في سلوكي، لقد لاحظ أهلي في زيارتي الأخيرة لهم في سوريا خلال عطلة العيد تغيرات في شخصيتي، كحالة اللامبالاة وربما الانكسار أو الخوف، الجميع كان يسألني باستغراب لماذا تتحدث بصوت منخفض على غير عادتك؟ لماذا تبدو راكداً وحزيناً؟

من مقابلة أجراها فريق البحث مع أحد الشباب الذين قدموا إلى تركيا دون عائلتهم بعمر دون 18 عاماً

الشكل 17: المظاهر السلبية التي تعرضت لها شريحة القصر

ومن جهة أخرى عاش قسم من هذه الشريحة (27%-38%) ضمن سكن تنتشر فيه بعض السلوكيات الأخلاقية السلبية كتعاطي المشروبات الكحولية أو تعاطي المخدرات والحشيش أو التورط في علاقات غير شرعية، بالإضافة إلى انتشار بعض الأعمال غير القانونية التي يقوم بها بعض الزملاء في السكن كالتهريب أو الاتجار بالممنوعات.

وبالتالي فإن السكن لم يقدم لهذه الشريحة بيئة صحية تخفف من آثار المجتمع الجديد الذي تنتشر فيه هذه السلوكيات بشكل أكبر من سوريا؛ بل على العكس كان بيئة تشجع على الانحراف واكتساب العادات السيئة، وهو ما أضعفَ قدرة هذه الشريحة على مقاومة التغيرات السلبية؛ وذلك لغياب التأسيس السابق، وغياب دور الأسرة والمجتمع، ولعدم وجود أنشطة كافية بديلة استهدفت هذه الفئات وقدمت لهم الدعم الذي يحتاجونه[34].

رابعاً: تأثير تجربة اللجوء في تركيا على اللاجئين القُصّر غير المصحوبين:

لم تكن تجربة اللجوء التي خاضتها شريحة من القاصرين السوريين غير المصحوبين الذين وصلوا إلى تركيا تجربة نموذجية؛ بل كانت تجربة تختلف في الكثير من النواحي عن تجربة الشريحة نفسها في الدول الأوروبية.

فمن الناحية القانونية لم تتوفر تشريعات مناسبة لحماية اللاجئين القُصّر غير المصحوبين بذويهم في تركيا، التي يُعد وضعها أكثر تعقيداً من غيرها من الدول المستقبلة للاجئين، خاصة اليونان؛ حيث تغيب عنها الإحصائيات الرسمية وغير الرسمية، وبالتالي لا يمكن معرفة أعداد الذين التحقوا بالنظام المدرسي من هذه الشريحة، ولا مصيرهم ولا مكان وجودهم[35].

 كما أن تعقيد نظام الحماية المؤقتة وعدم وضوحه فيما يتعلق بهذه الشريحة جعلها في موضع ضعيف، وربما قد حرمها من الحصول على مستندات قانونية صالحة ” بطاقة الحماية المؤقتة” الذي كان يتطلب الحصول عليها وجود ولي أمر بالغ، وبالتالي ربما حُرمت هذه الشريحة – أو تأخرت – من حقوقها في التعليم والضمان الصحي أو الانتفاع من الخدمات الأخرى كخدمات تعليم اللغة التركية، أو الحصول على تدريب مهني، أو حتى الحصول على الدعم المالي الضروري[36].

تختلف بيئة السكن باختلاف المقيمين فيه كما تتأثر بشكل كبير بالقائمين على إدارته، حيث يمكن للإدارة الجيدة أن تصلح أحوال الشباب المقيمين، أو تفسدهم.

من مقابلة أجراها فريق البحث مع أحد الشباب الذين قدموا إلى تركيا دون عائلتهم بعمر دون 18 عاماً

ومن جهة أخرى يمكن أن نتوقع أن هذه الشريحة لم تقم بتسجيل بياناتها لدى الحكومة التركية في السنوات السابقة فور وصولها إلى تركيا لأسباب مختلفة، أو أنها قدمت بيانات غير صحيحة ادّعت فيه الصلة إلى بعض الأقارب في بعض الحالات، أو أنها قامت بالتسجيل لاحقاً بعد أن وصلت سنّ البلوغ القانوني، لاسيما بعد التشديد على السوريين وحملات التفتيش التي طالت المخالفين منهم، إلا أن هذه التوقعات لا يمكن التأكد منها نظراً لاختلاف معايير التسجيل في دوائر الهجرة واختلاف ظروف هذه الشريحة[37].

وقد أدى غياب التصور القانوني الناظم لوجود واحتياجات هذه الشريحة، وغياب المساعدات التي كانت تقدم لفئات محدودة ووفق ضوابط واضحة إلى ترك هذه الفئة تواجه صعوبات الحياة بمفردها، وبالتالي حُرمت هذه الشريحة من إمكانية استكمال تعليمها الجامعي أو ما قبل الجامعي، وحُرمت في بعض الأحيان من الخدمات الصحية والخدمات الأخرى لعدم امتلاكها وثيقة الحماية المؤقتة.

هذا ولم يكن لدى هذه الشريحة في ظل غياب البرامج الداعمة من خيار إلا الدخول إلى سوق العمل بشكل غير نظامي رغم عدم امتلاكها خبرة سابقة، واكتساب اللغة التركية -خاصة المحكية- من خلال الاحتكاك؛ فتعلمت هذه الشريحة المهن والخبرات في سوق العمل التركي، وانخرطت فيه في ظروف قاسية وساعات عمل طويلة ورواتب متدنية، دون حصولها على أذونات عمل نظامية تضمن حقوقها، وهو ما مكّن أرباب العمل – السوريين والأتراك- من استغلال حاجتها للحصول على مورد رزق وتشغيلها لفترات طويلة.

وقد أثّرت تجربة اللجوء المنفرد إلى بلد جديد والعيش في السكن الشبابي بهذه الشريحة بشكل سلبي في معظم الأحيان لاسيما من الناحية الدينية والسلوكية ، نظراً لتأثر هذه الشريحة بالأشخاص الذين تحتك بهم، ومحاكاتها لبعض تصرفاتهم وسلوكهم دون قدرتها على تقييم ما إذا كانت هذه السلوكيات صحيحة أم خاطئة؛ فمن الناحية الدينية يمكن القول إن ثلث هذه الشريحة على الأقل أكدت وجود تراجع واضح في مستوى الالتزام الديني، وأكدت أيضاً اكتساب عادات سيئة بعد قدومها إلى تركيا، كالإقبال على التدخين أو المشروبات الكحولية أو حتى المخدرات على نطاق أقل.

 في حين كان التأثير السلبي من الناحية النفسية واضحاً جداً، ظهر على ثلاثة أرباع الشريحة التي أشارت في تقييمها الذاتي إلى أن حالتها النفسية الحالية سيئة جداً؛ حيث أضعفت تجربة اللجوء علاقتها مع عائلاتها وأدت إلى برود في هذه العلاقة.

 ومن جهة أخرى كان السكن الشبابي المكان الذي تقيم فيه غالبية هذه الشريحة، وهو بيئة لا توفر ظروف نمو صحيّ أو فكري أو اجتماعي أو سلوكي نموذجي، بل قد يقدم في بعض الأحيان بيئة تشجع على الانحراف وعلى التورط في أعمال غير أخلاقية أو غير قانونية، عدا عن تعرض بعض هذه الشريحة لعدد من المظاهر السلبية على المستوى السلوكي أو الديني أو الأخلاقي أو القانوني، وهو ما قد يكون سبباً لبعض التغيرات السلبية التي طرأت عليها.

ويشير بعض المتابعين إلى أن شريحة تتسع من الشباب السوريين في تركيا وبأعمار صغيرة قد بدؤوا يتوجهون إلى بعض مواقع التواصل الاجتماعي، مثل تيك توك وانستغرام وسناب شات وغيرها؛ حيث يقدّمون محتوى يعكس إلى حد كبير حالة الفراغ النفسي والفكري والضياع والاهتمامات السطحية والرغبة في التقليد وجذب الانتباه والحصول على الشهرة وزيادة المتابعات، من خلال تصوير مواقف سخيفة أو هابطة أو لا أخلاقية أو متهورة في بعض الأحيان، وهو ما يحتاج إلى دراسات معمقة من المختصين؛ إذ لا يمكن الجزم بأن هؤلاء الشباب من شريحة القُصّر غير المصحوبين في تركيا، إلا أن هذه التغيرات تعكس إلى حد ما جانباً من التغييرات التي قد يكون من أسبابها تجربة اللجوء التي تعرض لها الأطفال والمراهقون، سواءٌ كانوا مصحوبين مع عائلاتهم أم لا، عدا عن كونها ظاهرة عالمية نتيجة انتشار مواقع التواصل.

حاولت السفر بشكل غير نظامي لأوروبا عدة مرات ولكن محاولاتي باءت بالفشل، لا أعتقد أن لدي مستقبل هنا في تركيا،  لا يمكن أن أجد عملاً جيداً أو أدرس أو أتزوج مستقبلاً، ما سأركز عليه حالياً فتح مشروع خاص بي، يساعدني على كسب المال، أنا حالياً أخطط لفتح قناة على موقع YOUTUBE مع صديقي ونفكر بأن يكون المحتوى ألعاباً رياضية أو لعبة  PUBG، هذا مشروع ليس سهلاً ويحتاج إلى وقت  طويل ليثمر.

من مقابلة أجراها فريق البحث مع أحد القصر غير المصحوبين

خامساً: التوصيات:

مما سبق يمكن القول: إن تجربة اللجوء لشريحة القُصّر غير المصحوبين في تركيا كانت تجربة قاسية كما في بقية البلدان، إلا أنها كانت مختلفة في العديد من الجوانب عن تجربة اللجوء في أوروبا؛ فقد اعتمدت شريحة القُصّر على نفسها في المجتمع الجديد دون مساعدة من الحكومة التركية أو من المنظمات السورية أو التركية، وواجهت صعوبات الحياة بمفردها، ودخلت إلى سوق العمل في وقت مبكر دون وجود أي حماية قانونية، مما عرضها للاستغلال والخطر في بعض الأحيان.

كما لم تكن بيئة السكن التي حظيت به هذه الشريحة بيئة مناسبة لنمو طبيعي لها في هذه المرحلة العمرية الحرجة، وبالتالي تأثرت بشكل كبير من الناحية الدينية والأخلاقية والسلوكية.

وفي محاولة لاحتواء هذه الشريحة والتخفيف من الظروف الصعبة التي تعيشها يقدّم هذا التقرير مجموعة من التوصيات:

  • إعادة النظر في الوضع القانوني الخاص بهذه الشريحة في تركيا، وتطوير بعض اللوائح والقوانين التي من شأنها الاستفادة من التجربة السابقة ومن بعض الثغرات فيها لحماية هذه الشريحة من الاستغلال، لاسيما وأن عمليات اللجوء والتهريب عبر الحدود ما تزال مستمرة تتزايد مع تجدد العمليات العسكرية في مناطق الشمال السوري.
  • دعم مناطق الشمال السوري الواقعة تحت إشراف الحكومة التركية، وتعزيز استقرارها الاقتصادي والإداري والأمني بالشراكة مع الجهات المانحة والمنظمات الدولية، مما يخفف الأسباب التي يمكن أن تدفع الأسر إلى إرسال أبنائها إلى تركيا أو إلى أوروبا.
  • الاهتمام بدعم العملية التعليمية في المناطق المحررة، ووضع الخطط لاستيعاب جميع الشرائح والتقليل من نسب التسرب ورفع كفاءة العملية التعليمة؛ بما يشجع الأطفال والمراهقين والشباب على إتمام تعليمهم في بلادهم بدل التفكير في مغادرتها.
  • إنشاء سكنات شبابية خاصة لاستقبال القُصر تحت إشراف بعض المنظمات أو الجمعيات تقدم خدمات المبيت والطعام المطلوب بأسعار مدعومة، بالإضافة إلى بعض الأنشطة التوجيهية التي تساعد هؤلاء الشباب على فهم طبيعة المجتمع الذي انتقلوا إليه.
  • تشجيع المنظمات السورية والتركية على استهداف هذه الشريحة ببرامج وفعاليات ترفيهية وتوعوية ودينية وتوجيهية ومهارية، تساعدهم على تطوير خبراتهم وتنمية مهاراتهم.
  • تقديم مشاريع الدعم النفسي لهذه الشريحة، في محاولة لتخفيف الآثار النفسية المترتبة على تجربة اللجوء وغياب العائلة الداعمة وظروف العمل الصعبة.
  • تقديم التدريبات المهنية التي تساعد هذه الشريحة على الحصول على خبرات ومهن في سوق العمل التركي.
  • تقديم منح تعليم عالٍ للدراسة الجامعية المرنة عبر الإنترنت، تساعد هذه الشريحة على استكمال تعليمها الجامعي.
  • إنشاء مكاتب استشارات قانونية تساعد في حل مشكلات الشباب القانونية وتصحيح أوضاعهم.
  • إجراء المزيد من الدراسات التفصيلية التي تتتبع التغيرات الاجتماعية والنفسية والفكرية التي طرأت على هذه الشريحة وتستوعبها، وتقدم اقتراحات تفصيلية حول كيفية التعامل مع التغيرات السلبية منها وتعزيز التغيرات الإيجابية.
  • دراسة الجهود المقدمة لهذه الشريحة سواء من قبل الحكومة التركية أو من منظمات المجتمع المدني السورية والتركية، وتطويرها من ناحية الاحتياجات القانونية والمالية والنفسية كمّاً ونوعاً.

لمشاركة البحث: https://sydialogue.org/pvoj


[1] تعرّف منظمة الهجرة الدولية القُصّر غير المصحوبين أو الأطفال المنفصلين عن ذويهم بأنهم: من غير مواطني الاتحاد الأوروبي أو الأشخاص عديمي الجنسية الذين تقل أعمارهم عن ثمانية عشر عامًا، الذين يصلون إلى أراضي الدول الأعضاء غير مصحوبين بشخص بالغ مسؤول عنهم (سواء بموجب القانون أو العرف)، أو الذين تُركوا دون مرافق بعد دخولهم أراضي الدول الأعضاء. يأتي هؤلاء القصر غير المصحوبين بذويهم إلى الاتحاد الأوروبي من جميع أنحاء العالم، وخاصة من أوروبا الشرقية وإفريقيا وآسيا.
Unaccompanied minors, International Organization for Migration Brussels, https://bit.ly/3ym2myn
[2] أشارت نتائج تحليل بيانات مشروع “لوست إن يوروب” أي “فُقد في أوروبا” الذي يعرّف عن نفسه كمشروع صحافي عابر للحدود هدفه التحقيق حول اختفاء الأطفال في أوروبا إلى أنّ 18 ألفاً و292 من الأطفال والمراهقين المهاجرين غير المصحوبين بذويهم اختفوا في كل أنحاء القارة الأوروبية بين عامَي 2018 و2020، علماً أنّهم بمعظمهم وفدوا من أفغانستان والجزائر والمغرب وإريتريا، ومن بين هؤلاء 7806 مهاجرين فُقدوا في ألمانيا، 724 منهم لا أثر لهم.
ويشير التقرير إلى أن بعضاً من هؤلاء القُصّر قد هرب من مراكز الإيواء بحثاً عن عائلته أو خوفاً من الترحيل نتيجة رفض لجوئه، وهو ما يجعله عرضة أكثر لخطر اختفائهم ووقوعهم في براثن الشبكات الإجرامية، وتعرضهم للاستغلال الجنسي أو توريطهم بجرائم.
وقد ذكرت منظمة “كاريتاس” الدولية أنّ نحو أربعة آلاف من المهاجرين القصّر غير المصحوبين بذويهم يصلون إلى ألمانيا سنوياً، وتتراوح أعمار معظمهم ما بين 14 و18 عاماً، وهم في حاجة إلى حماية خاصة قد لا يمنحهم إياها القانون الألماني بشكل كامل؛ إذ إنّ ثمّة نقصاً في تلبية حقوقهم المنصوص عليها قانوناً.
يُنظر: فضيحة أوروبا… اختفاء مهاجرين قصّر غير مصحوبين بذويهم، العربي ا لجديد، تاريخ النشر 4/6/2021، https://bit.ly/3BOaSrO
[3] أصدر مركز الحوار السوري دراستين حول وضع السكنات الشبابية في تركيا:
  • “العمالة السورية في سوق العمل التركي،دراسة حالة المقيمين في السكن الشبابي” ، تاريخ النشر 11/8/2021، https://sydialogue.org/zubr
  • “السكن الشبابي في تركيا، الواقع والتحديات” ، تاريخ النشر 5/10/2021، https://sydialogue.org/09do
[4] أُجريت الاستبانة في شهر آذار 2021، وقد توزعت الإجابات بين 46% في إسطنبول، و8% المحافظات الحدودية، و46% بقية المحافظات، وقد تم استهداف هذه العينة في السكنات الشبابية؛ لأن هذه السكنات هي الوجهة التي سيختارها غالبية أفراد هذه الشريحة نظراً لكلفتها الاقتصادية المتدنية، ولعدم وجود قيود على استقبال الأشخاص فيها،  سواء أكانت قيوداً تتعلق بالعمر أو قيوداً تتعلق بالوضع القانوني وحيازة بطاقة الكيملك.
[5] واجه فريق البحث صعوبات كبيرة في الوصول إلى هذه الشريحة التي كانت تخاف من الحديث أو إجراء المقابلات، وقد استهدفت المقابلات شباباً بالغين حالياً ، لكنهم قدموا في وقت سابق دون عائلاتهم وهم دون الثامنة عشر للحديث عن تلك المرحلة، وذلك لاعتبارات تتعلق بأخلاقيات البحث.
[6] تضم الشريحة المستطلعة آراؤها 12% من العينة ما زالت ضمن فئة اللاجئين القُصّر غير المصحوبين ( دون 18)، بينما أصبح 88% من الشريحة بحكم البالغين قانونياً.
[7]  الاتجاهات العالمية للنزوح القسري:
The UN Refugee Agency, Global Trends Forced Displacement in 2015, (2016), https://bit.ly/3xp9WqD
[8] العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية
International Covenant on Civil and Political Rights (adopted 19 December 1966, entered into force 23 March 1976) 999 UNTS 171 (ICCPR (
[9] المرجع السابق.
[10] دراسة مقارنة: القاصرون غير المصحوبين الذين يلتمسون اللجوء في تركيا واليونان محميين أم مهملين؟
A COMPARATIVE STUDY: UNACCOMPANIED MINORS IN TURKEY AND GREECE Protected or Neglected? PANTEION UNIVERSITY OF SOCIAL AND POLITICAL SCIENCES, European Master’s Degree in Human Rights and Democratization, 2017/2018, https://bit.ly/3A205Zx
[11] المرجع السابق
[12] لائحة الحماية المؤقتة في تركيا
Turkey: Temporary Protection Regulation, National Legislative Bodies / National Authorities, 22/10/2014, https://bit.ly/3yq59Gz
[13] دراسة مقارنة: القاصرون غير المصحوبين الذين يلتمسون اللجوء في تركيا واليونان محميين أم مهملين؟ مرجع سابق.
[14] الأطفال اللاجئون يعملون في ورش النسيج في تركيا:
Çocuk mülteciler Türkiye’de tekstil atölyelerinde çalıştırılıyor, BBC NEWS, 24/10/2016, https://bbc.in/3fuwHmI
[15] التمثيل القانونية للأطفال غير المصحوبين في تركيا:
LEGAL REPRESENTATION OF UNACCOMPANIED CHILDREN Turkey, Asylumin Europe (AIDA), 31/5/2021, https://bit.ly/3jmRVnD
[16] منظمة أسام ASAM: هي منظمة غير حكومية تمولها مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
دراسة مقارنة: القاصرون غير المصحوبين الذين يلتمسون اللجوء في تركيا واليونان محميين أم مهملين؟ مرجع سابق.
[17] المرجع السابق.
[18] المرجع السابق.
[19] المرجع السابق.
[20] المرجع السابق.
[21] قبضت الشرطة التركية على عصابات تقوم بتشغيل الأطفال بالتسول عامي 2017 و2020؛ حيث أنقذت الشرطة في العملية الأخيرة 86 طفلاً تقوم على استغلالهم عصابة مؤلفة من 25 شخصاً، معظم الأطفال السوريين -الذين أجبروا على التسول- قد توفيت عوائلهم في سورية وتم إحضارهم إلى تركيا مع أقربائهم، وقد تم وضع الأطفال تحت رعاية وحماية الدولة التركية.
يُنظر: إنقاذ 68 طفلاً سورياً من عصابة تسول في إسطنبول، ترك برس، تاريخ النشر 12/10/2020، https://bit.ly/3lIbABB
[22] عادت موجات اللجوء للارتفاع النسبي في السنوات الأخيرة نتيجة عمليات التصعيد العسكري التي شهدتها مناطق المعارضة السورية في أواخر عام 2019 وبداية عام 2020.
[23] دعت محكمة العدل الأوروبية الدول الأعضاء إلى إعطاء حق اللجوء الكامل للسوريين الرافضين أداء الخدمة العسكرية الإلزامية، واعتبرت أن هناك “افتراض قوي” بأن رفض أداء الخدمة العسكرية قد يعرّض الشخص للاضطهاد أو المشاركة في جرائم حرب.
وينبه دليل مفوضية الأمم المتحدة لتحديد حاجات الحماية الدولية لطالبي اللجوء من سوريا إلى عدم وجود أحكام في القانون السوري تنص على الحق في “الاستنكاف الضميري”، الذي يُعد حقاً من حقوق الإنسان ويسمح بوجود ما يُسمى بـ “المعترض الضميري”، وهو الشخص الذي يطلب حقه في رفض أداء أعمال عسكرية تتعارض مع مبادئه أو معتقده أو دينه.
كما لاحظ الدليل الأممي أنه لا توجد خدمة بديلة عن العسكرية في سوريا. وورد في وثيقة بعنوان “اعتبارات الحماية الدولية فيما يتعلق بالأشخاص الفارّين من الجمهورية العربية السورية” أن حكومة بشار الأسد تعتبر أن “التمرد هو تعبير عن اختلاف الرأي السياسي وعدم الرغبة في الدفاع عن الوطن ضد التهديدات الإرهابية”.
يُنظر: محكمة العدل الأوروبية: رفض أداء الخدمة العسكرية في سوريا قد يعرض الشخص للاضطهاد وارتكاب جرائم، موقع مهاجر نيوز، تاريخ النشر 25/11/2020، https://bit.ly/3zIzSiw
[24] في الفترة التي شهدت ذروة موجات اللجوء إلى أوروبا عمدت العديد من العائلات داخل سوريا إلى إرسال بعض أبنائها من القُصّر إلى أوروبا مع أقارب أو أصدقاء؛ حيث يمكن لهذا القاصر أن يجلب عائلته لاحقاً إلى البلد الأوربي بشكل نظامي تحت برنامج لمّ الشمل.
[25] حول نسبة المتزوجين من هذه الشريحة، ووفقاً لبعض المعلومات التي وردت في الاستبانة يمكن القول: إن هذه الشريحة من الذكور كانوا متزوجين قبل قدومهم إلى تركيا وهم قُصّر، أو أنهم تزوجوا خلال زياراتهم لعائلاتهم في الداخل خلال فترة الأعياد، وأن هذه الشريحة تقطن بمفردها في تركيا ضمن السكنات الشبابية دون زوجاتهم.
[26] اعتمدت الدراسة التي صدرت عن منظمة العمل الدولية في بداية عام 2020 على تحليل بيانات مأخوذة من مسح القوى العاملة في تركيا الصادر (HHLFS) 2017، وهي بيانات قديمة إلى حد ما؛ إلا أنها قامت بتقديرات رقمية لواقع السوريين في سوق العمل الرسمي وغير الرسمي وفقاً لمعادلات إحصائية.
Syrian Refugees in the Turkish Labour Market, International Labour Organization (ILO), 16/3/2020, https://bit.ly/3xlD55L
[27]  الحكومة التركية تعلن الحد الأدنى للأجور للعام 2021، تركيا بالعربي، تاريخ النشر 28/12/2021، https://bit.ly/3rwB3ia
[28] يُقصد بأرباب العمل: أرباب العمل السوريين والأتراك دون تفريق؛ حيث إن معظم أرباب العمل يتهربون من تصحيح وضع العاملين السوريين القانونية.
[29] للتوسع في معرفة ظروف عمل العمالية السورية -خاصة شريحة السكن الشبابي- يُنظر دراسة أصدرها مركز الحوار السوري بعنوان “العمالة السورية في سوق العمل التركي، دراسة حالة المقيمين في السكن الشبابي، تاريخ النشر 12/8/ 2021، https://sydialogue.org/zubr
[30] للمزيد ، يُنظر ورقة صادرة عن مركز الحوار السوري تشرح بالتفصيل ظروف الحياة في السكن الشبابي وتحدياتها، تحمل عنوان “ السكن الشبابي في تركيا، الواقع والتحديات ” ،  2021، https://sydialogue.org/v33j
[31] من الصعب الحكم على نسب الإجابة (لم يتغير) نظراً لكونها لا تشير إلى معنى سلبي ولا معنى إيجابي؛ فهي ليست دلالة على أن وضع المجيب كان جيداً وتغير لدرجة أحسن أو أسوأ ،أو أن وضعه السابق كان سيئاً وتحسن، فعلى سبيل المثال: يمكن أن يكون المجيب على الاستبانة يمارس بعض العادات السيئة قبل قدومه إلى تركيا، وبقي على هذا الحال بعدها.
[32] أشارت بعض الإجابات الواردة في الاستبانة إلى أن العديد من الشباب لا يتواصلون مع عائلاتهم إلا مرة كل شهر، ليتأكدوا من وصول التحويلات المالية إلى عائلاتهم فقط.
[33] تعود هذه النسب إلى تقييم الشريحة المستجيبة الذاتي لوضعها.
[34] للاطلاع على واقع بيئة السكن الشبابي في تركية، يُنظر دراسة أصدرها مركز الحوار السوري تحت عنوان ” واقع السكن الشبابي في تركيا، الواقع والتحديات” ، مرجع سابق
[35] دراسة مقارنة: القاصرون غير المصحوبين الذين يلتمسون اللجوء في تركيا واليونان محميين أم مهملين؟ مرجع سابق.
[36] المرجع ا لسابق.
[37] ارتكزت هذه التوقعات على العديد من المنشورات على بعض مواقع التواصل الاجتماعي والتي تم رصدها على فترات زمنية طويلة، وكانت تبحث عن حل قانوني لتصحيح بياناتها الخاطئة؛ حيث أشار أصحابها إلى أنهم اضطروا لتقديم معلومات غير صحيحة عند قدومهم مع بعض الأقارب من الدرجة الثانية أو الثالثة للحصول على بطاقة الحماية المؤقتة، وتم تسجيلهم كأبناء لهؤلاء الأقارب، خاصة وأن تسجيل البيانات في السنوات الأولى من إقرار قانون الحماية المؤقتة لم يخضع لروابط صارمة، بل كان يتم فيها قبول المعلومات التي يقدمها اللاجئ دون ضوابط للتحقق من صحة هذه المعلومات؛ إلا أن   التشديد والتدقيق في صحة المعلومات المقدمة بدأ يُلاحظ  في السنوات الأخيرة.
ومن جهة أخرى كان غياب الأوراق الثبوتية سبباً لإحجام الكثير من السوريين عن الحصول على بطاقة الحماية المؤقتة، فالكثير من هذه الشريحة لم يكونوا يملكون أي إثبات قانوني أو هوية؛ وذلك لأنهم كانوا يعيشون في مناطق سيطرة المعارضة، حيث لم يتمكنوا من استصدار هويات نظامية تابعة لحكومة نظام الأسد، ولم يتم الاعتراف بالوثائق التي قدمتها المعارضة السورية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى