الأبحاث والدراساتالإصداراتاللجنة الدستورية وأفق الحل السياسيوحدة الهوية المشتركة والتوافق

عندما تخضع المؤسسات الأممية لتوازنات الواقع: اتجاهات المبعوث الخاص إلى سوريا

الملخص:

يمثل تعاطي المبعوث الأممي المناط به تيسير تنفيذ قرار مجلس الأمن 2254 لعام 2015، أحد المؤشرات المهمة على التوجهات الأممية بخصوص تنفيذ المقاربة السياسية الخاصة بتسوية “النزاع السوري”. تأتي هذه الورقة التي تتبع منهجية نوعية قائمة على التحليل الموضوعي “Thematic analyses” لعينة من إحاطات المبعوث الخاص أمام مجلس الأمن، بهدف التأكد من مدى التزامه بمهمته المتمثلة بالسعي لتيسير تطبيق قرار مجلس الأمن 2254.

أظهرت الورقة أن المبعوث الخاص كان مجرد صدى للمواقف الدولية والإقليمية التي كانت في مجملها مسايرة للرؤية الروسية للحل في سوريا، من خلال تركيزه على اللجنة الدستورية، وتبني الرواية الروسية حول ملفي “البيئة الآمنة” و”الإرهاب؛ حيث أظهرت إحاطات المبعوث الدولي مدى أولوية فكرة محاربة الإرهاب في العملية السياسية وطغيانها على كثير من القضايا الجوهرية الأخرى كإطلاق سراح المعتقلين أو هيئة الحكم الانتقالية، حيث أشير إلى ملف الإرهاب ومحاربته في (29 حالة).

فيما يتعلق بإجراءات الثقة، وعلى اعتبارها ومن أهم البنود الواردة في قرار مجلس الأمن 2254، طرح المبعوث الدولي في إحاطاته الإجراءات المطلوبة أكثر من مرة، كأولوية الإفراج عن النساء والأطفال بشكل أحادي، وتحسين طرق الوصول إلى المعلومات حولهم، وكذلك تطبيق وقف إطلاق نار وطني، ليكون إجمالي الحالات التي تم الحديث عنها في خطوات بناء الثقة (54)؛ منها (20 حالة) تم التذكير فيها بضرورة وقف إطلاق النار.

بالمقابل، لم يحظ الملف الإنساني بالتركيز الكافي في إحاطات المبعوث الخاص محل الرصد، حيث تحدث عنها في (11 مناسبة) متوزعة على جميع الإحاطات باستثناء إحاطة عام 2020؛ حيث ركزت جميعها على ضرورة إدخال المساعدات وأهمية ذلك في حياة السوريين، من دون التطرق في أي منها لمسؤولية نظام الأسد عن حرمان بعض المناطق من المساعدات، وحصاره لها كما كان الأمر في الغوطة الشرقية، أو لانتقاد عمليات الابتزاز السياسي الذي اعتادت روسيا ممارسته في مجلس الأمن وتحديداً منذ عام 2020.

خارج بنود قرار مجلس الأمن 2254، وفي سياق متصل بالملف السوري مثل قضية العقوبات الغربية على نظام الأسد وإنتاج المخدرات وإنتاجها والوجود الأجنبي في سوريا؛ أشار المبعوث الدولي للعقوبات الغربية في إحاطاته السنوية أربع مرات بعد عام 2021، عادها أحد الأسباب الرئيسة للمأساة في سوريا. وفي سياق متصل بالعقوبات الغربية، وفي ظل لجوء نظام الأسد إلى الأعمال غير المشروعة من أجل تمويل ميليشياته وعلى رأسها تصنيع المخدرات والاتجار بها وتهريبها، لم يشر المبعوث الدولي إلى صناعة المخدرات وتجارتها التي يتولاها نظام الأسد، سوى في (3 حالات) بوصفها حوادث أمنية، ومن دون الإشارة إلى الجهة المسؤولة عنها.

مقدمة:

بدأت الأمم المتحدة دورها في السعي لحل “النزاع في سوريا” مبكراً في عام 2012 مع تعيين كوفي عنان مبعوثاً خاصاً للأمين العام في سوريا في بداية عام 2012 بعد فشل مهمة رئيس بعثة مراقبي الجامعة العربية في سوريا الفريق محمد الدابي. ثم كًرس الأمر عام 2015 مع صدور قرار مجلس الأمن 2254 الذي أسند للأمين العام ومبعوثه الخاص مهمة تيسير المفاوضات بين الأطراف السورية بهدف تطبيق القرار ذاته من خلال مساعيهم الحميدة[1].

لم ينجح أي من المبعوثين الدوليين الأربعة الذين تعاقبوا على منصب المبعوث الدولي في تحقيق أي اختراق حقيقي يمهد الطريق نحو تطبيق قرار مجلس الأمن 2254 وبيان جنيف1، وساهموا في الانحراف الذي حصل الجهود الرامية لتطبيقه عبر حصرها في اللجنة الدستورية، والتركيز على معالجة الارتدادات الأمنية والعسكرية، حيث اجتمعت عدة عوامل في الوصول إلى هذا المآل، أبرزها[2]: رفض نظام الأسد فكرة الحل السياسي من أساسها، وصياغة قرار مجلس الأمن ذاته وبيان جنيف1 وفق مبدأ “الغموض البناء”، إلى جانب التدخلات الخارجية التي ساهمت بصورة أو بأخرى في تحويل الملف السوري إلى ساحة صراع دولية وإقليمية[3].  مع ذلك، كان هنالك اتهامات متكررة من قوى الثورة والمعارضة للمبعوث الدولي بالانحياز إلى نظام الأسد وحليفه الروسي، في الوقت الذي يفترض أن يكون المبعوث الأممي وسيطاً نزيهاً وموضوعياً[4].

فهنالك ثلاث إشكاليات مترابطة فيما يتعلق بتنفيذ قرار مجلس الأمن 2254، أولاها: إشكالية النص من جهة غموضه وإمكانية تعدد تفسيراته، وثانيها: إشكالية ميل الدول الفاعلة لتبني التفسير الروسي للقرار، وثالثها: إشكالية تحيز المبعوث الدولي الذي يضفي نوع من الشرعية الأممية للتفسير المنحرف لهذا القرار، ويظهر تحيز الدول وكأنه التفسير الحقيقي والفعلي له.

تأتي هذه الورقة بهدف التركيز على الإشكالية الأخيرة، بهدف اختبار فرضية انحياز المبعوث الدولي المشار لها أعلاه بعيداً عن إشكالية النص ذاته وتحيز الدول الفاعلة، من خلال مؤشرين اثنين: الأول: مدى التزام المبعوث الدولي بمهمته الأساسية المتمثلة بالسعي لتيسير تطبيق الحل السياسي وفق ما نص عليه قرار مجلس الأمن 2254[5]، والثاني: مدى حياده وموضوعيته في توصيف الواقع السياسي والعسكري والأمني في سوريا بعيداً عن التأثر بروايات “أطراف النزاع”.

بناء على ذلك، تسعى الورقة للإجابة على السؤال الرئيس التالي: هل التزم المبعوث الدولي الخاص بسوريا بمهمته المتمثلة بالسعي لتيسير تطبيق قرار مجلس الأمن 2254؟ يتفرع عن هذا السؤال الرئيس أسئلة فرعية متعددة، من أبرزها:

  • ما مدى تركيز المبعوث الدولي على كل من القرارات الدولية الخاصة بالحل السياسي ومجموعة المسائل الإجرائية المرتبطة بتطبيقها فعلياً؟
  • ماهي طبيعة حضور مفردات الحل السياسي المختلفة وأبعاد ودلالات حضورها أو غيابها؟
  • في ظل إطلاق مسارات موازية وتدخلات خارجية أثرت بشكل مباشر على مسار الحل السياسي، كيف نظر المبعوث الدولي إلى القضايا الأخرى ذات الصلة كمسار أستانا أو التدخل الأجنبي؟
  • وأخيراً مدى موضوعية المبعوث الدولي ودرجة توازنه في التعاطي مع الأحداث المفصلية في الشأن السوري.

تبرز أهمية هذه الورقة في سعيها لتسليط الضوء على جوانب مهمة مرتبطة بمسار الحل السياسي من زاوية توجهات المبعوث الدولي الخاص إلى سوريا؛ وإسهامها في الإضاءة على التوجهات العامة للمساعي الأممية، ومدى تأثرها بالتطورات السياسية والعسكرية المرتبطة بالسياق السوري.

منهجية الورقة:

على الرغم من حضور المؤسسات الأممية وتحديداً الأمانة العامة ومجلس الأمن في مسار الحل السياسي[6]، إلا أنه ومع صدور القرار 2254 وإسناده مهمة تيسير المفاوضات بين “أطراف النزاع” إلى الأمين العام من خلال المبعوث الخاص، أصبح الأخير عملياً هو الجهة التي تعكس التعاطي الأممي مع المسار السياسي.

يقوم المبعوث الدولي بحكم وظيفته بسلوكيات متعددة مثل الزيارات واللقاءات، إلى جانب تقديم البيانات والتصريحات الصحفية والإحاطات المتتابعة إلى مجلس الأمن. لقد اعتمدت الورقة على عينة من الاحاطات لتحليل تفاعل مكتب المبعوث الخاص للأسباب التالية:

  • تعد الإحاطات المفتوحة مجالاً موضوعياً يمكن تحليله واستخلاص النتائج منه[7].
  • تتضمن الإحاطات الدورية السنوية عادة بحكم تكرارها ودوريتها وأمام الجهة الرسمية التي منحت التفويض[8]، ملخصاً عن الجهود السابقة والتطورات اللاحقة والخطط المستقبلية التي قام وسيقوم مكتب المبعوث الخاص بها.
  • تغطي هذه الإحاطات مدة تقارب 7 سنوات، وتشمل مبعوثين دوليين، وعاصرت تغييرات عسكرية وسياسية متعددة، كل هذه المعطيات تجعلها عينة موضوعية إلى حد كبير، يمكن البناء عليها في تحليل توجهات المبعوثين الدوليين.

بناء على ذلك، اعتمدت الورقة على تحليل مضمون سبع إحاطات للمبعوث الخاص أمام مجلس الأمن بدءاً من عام 2017 وصولاً للعام الحالي 2023، بواقع إحاطة من كل سنة، وحرصنا على أن تكون هذه الإحاطة في بداية كل سنة على اعتبار أنه في هذه الحالة تكون أقرب إلى جردة حساب للسنة السابقة، وخطة عمل للسنة التي قدمت فيها، وهو ما يعاصر آخر مبعوثين دوليين، هما: ستافان ديسمتورا في الإحاطة الأولى والثانية، وغير بيدرسون في الاحاطات الخمس التالية[9].

اعتمدت الورقة منهجية نوعية قائمة على التحليل الموضوعي “Thematic analyses” بوصفها المنهجية المناسبة لاستخلاص أبرز السمات التي تتسم بها إحاطات المبعوث الخاص، وعلى اعتبار أن تحديد هذه السمات سيعطينا القدرة على الوقوف على توجهاته الأساسية بخصوص العملية السياسية في سوريا. كما تم تحليل البيانات باستخدام برنامج “MAXQDA”، وفق الخطوات التالية:

  • تحديد عناوين الحل السياسي التي وردت تحديداً في بيان جنيف1 وقرار مجلس الأمن 2254.
  • ترميز الإحاطات السبع وفقاً للعناوين التي تمت وفقاً للخطوة الأولى عبر مزيج من منهجيات الترميز “المنظم، المحوري، الوصفي”[10].
  • تحديد السمات الرئيسة لاتجاهات المبعوث الخاص فيما يتعلق بمسار الحل السياسي خصوصاً ما جاء منها في قرار مجلس الأمن 2254.
  • تفسير هذه الاتجاهات من خلال ربطها بالتطورات السياسية والعسكرية.

جاءت الورقة في ثلاثة أقسام رئيسة، سلط الأول الضوء على حضور القرارات الدولية والمسائل الإجرائية في خطابات المبعوث الخاص، وفصّلّ الثاني في توجهاته بخصوص مفردات الحل السياسي في سوريا الواردة في قرار مجلس الأمن 2254 وبيان جنيف1، فيما ختم الثلاث بتناول القضايا المرتبطة بالحل السياسي مثل مسار أستانا والتدخلات الخارجية.

أولاً: القرارات الدولية والمسائل الإجرائية: أفول جنيف1 لحساب 2254 على الورق

صدرت عدة قرارات دولية عن مجلس الأمن مرتبطة بالملف السوري بعد عام 2011، أبرزها القرار 2254 الذي نص على إجراءات الحل السياسي في سوريا، والمبني أساساً على بيان جنيف1، وقبله القرار 2118 لعام 2013 الذي جاء عقب هجمات السلاح الكيماوي التي نفذها الأسد ضد الغوطتين، والقرارات الأخرى ذات الصلة وهي: القراران 2249 (2015)[11] و2253 (2015)[12] الخاصان بمكافحة الإرهاب والتنظيمات الإرهابية، والقراران 2268 (2016)[13]  و2336 (2016)[14]؛ المتعلقان بوقف إطلاق النار وإجراءات بناء الثقة ودعم مسار أستانا.

ركزت إحاطات المبعوث الخاص بصورة أساسية على قرار مجلس الأمن 2254، حيث ذكر القرار (37 مرة) في إحاطاته، في حين وردت بقية القرارات وكذلك بيان جنيف1 “بالنص الحرفي” مرة واحدة فقط جميعها كانت في الإحاطة الأولى عام 2017، في دلالة واضحة على أن القرار 2254 أصبح المرجعية الأساسية للحل في سوريا بعيداً عن بيان جنيف1 [15]، وعلى تركيز المبعوث الخاص على تنفيذ هذا القرار بغض النظر عن ارتباطاته الأخرى، بما فيها تلك المرتبطة بوقف إطلاق النار وإجراءات بناء الثقة التي تعد أساساً أحد بنوده.

في السياق ذاته، وعلى الرغم من أن بيان جنيف1 مثل الأساس لقرار مجلس الأمن 2254، والذي نص صراحة على أن الهدف من العملية السياسية تنفيذه، فإنه، ونتيجة تراجع فكرة “هيئة الحكم الانتقالية كاملة الصلاحيات التنفيذية” والتي تمثل جوهر هذا البيان، كان من الطبيعي ألا يتم التركيز عليه سوى في إحاطة واحدة من إحاطات المبعوث الخاص السنوية[16]؛ ولعل ذلك يمثل انعكاساً واضحاً لما آلت إليه توجهات الدول الفاعلة في الملف السوري التي لم يعد بيان جنيف1 ضمن أجندتها، خصوصاً مع سيطرة الرؤية الروسية للحل في سوريا، والتي تركز على تجاوز هيئة الحكم الانتقالية كاملة الصلاحيات التنفيذية، وحصر العملية السياسية في “تعديلات دستورية وانتخابات”[17].

استكمالاً لهذا التوجه، وعلى الرغم من أن القرار 2254 كان واضحاً في تسلسل خطواته زمنياً[18]، وتأكيد المبعوث السابق ستيفان ديميستورا عليها في إحاطاته[19]، وتقديمه إطاراً زمنياً للحزمة السياسية الشاملة وهي: ستة أشهر لسلتي هيئة الحكم الانتقالية والدستور، وثمانية عشر شهراً للانتخابات[20]، إلا أن المبعوث الحالي بيدرسون تناسى الترتيب الذي أكد عليه ديميستورا في إحاطاته وتوجهاته الأولى، ولم يتطرق للجدول الزمني إطلاقاً، في اجتزاء واضح لقرار مجلس الأمن 2254، والاقتصار على مسار اللجنة الدستورية، بل أضحت أولوياته التي حددها في إحاطته الأخيرة تركز فقط على القضايا الإنسانية والأمنية وتمثيل المعارضة واستئناف اللجنة الدستورية[21].

يوضح كل ذلك، مسايرة المبعوث الخاص (بيدرسون وقبله ديميستورا) توجه الدول الفاعلة المتناغم مع الرؤية الروسية في قضية تغييب بيان جنيف1 وجوهره “تشكيل هيئة الحكم الانتقالية”، بل وذهابه أبعد من ذلك، في تغييبه شبه الكامل للأسس التفاوضية[22] التي صُرح بها عام 2017، فبعد أن حدد المبعوث الدولي السابق مجموعة محددات للعملية التفاوضية[23]، تجاهل بيدرسون كل هذه القواعد، ولم يشر إلى أي منها في ظل تركيزه فقط على اللجنة الدستورية.

ثانياً: توجهات المبعوث الخاص تجاه مفردات الحل السياسي: الحل في الدستور ومكافحة الإرهاب

مع استلام ستيفان ديميستورا مهمة المبعوث الدولي إلى سوريا عام 2014، كان التركيز في مجمله من الدول الفاعلة في سوريا على الأعمال العسكرية خصوصاً في ظل تمدد داعش آنذاك وسيطرتها على مناطق واسعة من سوريا، وعقب جمود المسار السياسي الذي تلا فشل جولة جنيف2. في ظل التركيز الأمريكي على محاربة داعش، والتدخل العسكري الروسي المباشر في سوريا في سبتمبر عام 2015، تغيرت المعطيات السياسية والعسكرية، وأصبح للروس الكلمة العليا تباعاً في سوريا، نتيجة عوامل متعددة أبرزها الخطوات التي اتخذتها الإدارة الأمريكية في عهد كل من بارك أوباما ودونالد ترامب الذي اتخذ قراراً بالانسحاب الأمريكي الجزئي من سوريا في عام 2019.

لقد كان لطغيان الحضور الروسي في الملف السوري سواء في مجلس الأمن من خلال الفيتو المتكرر لمصلحة نظام الأسد، وحصر مسار الحل السياسي في “اللجنة الدستورية”، ومن ثم تسييس ملف المساعدات الإنسانية، دوره في التأثير على التعاطي الأممي مع الملف السوري عموماً، ومع مسار الحل السياسي خصوصاً، وهو ما تجلى بشكل واضح في إحاطات المبعوثين الدوليين لسوريا “ستيفان ديميستورا، وغير بيدرسون”، حيث يمكن تحديد ملامح توجهاتهم في النقاط التالية:

  • التركيز على المسار الدستوري كمدخل للعملية السياسية.
  • تغييب أسس الحل السياسي وفق جنيف1.
  • التبني النسبي للرواية الروسية في ملفي “البيئة الآمنة والمحايدة” و”الإرهاب”.
  • خطوات بناء الثقة.
  • معالجة الارتدادات الإنسانية والأمنية.
  • التركيز على إشراك المرأة والمجتمع المدني.

1- التركيز على المسار الدستوري كمدخل للعملية السياسية:

تموضع الدستور في السلة الثانية من سلال ديميستورا، حيث أضحت اللجنة الدستورية منذ عام 2018 مرتكز المسار التفاوضي برمته؛ وقد انعكس ذلك بوضوح في حضور العملية الدستورية في إحاطات المبعوثين الأمميين؛ التي تنوعت ما بين الحديث عن الدستور موضوعياً أو اجرائياً. أما سلة الانتخابات التي أتت ضمن السلة الثالثة من سلال ديميستورا، فقد ارتبطت بسلة الدستور، وأضحت هاتان السلتان جوهر العملية السياسية “دستور يعقبه انتخابات”[24].

على الرغم من هذا الارتباط بين السلتين، فإن حضور الانتخابات في إحاطات المبعوث الدولي (7 مرات) لم يكن بمستوى الدستور (26 مرة). وهذا أمر منطقي على اعتبار أن المسار الذي كان قائماً هو مسار اللجنة الدستورية في حين أن الانتخابات تعد قضية تالية له. (الشكل رقم 1)

شكل رقم (1) توزع حضور الدستور والعملية الانتخابية في الإحاطات السبع

كان للرؤية الروسية للحل في سوريا التي تركز على “سلة الدستور التي تعقبها انتخابات” وإغفال ما سواها، والمسايرة الغربية لها، دوراً مباشراً في دفع المبعوثين الدوليين لتبني هذا التوجه نظرياً من خلال إحاطاتهم وتصريحاتهم الصحفية، وعملياً عبر الدفع بمسار اللجنة الدستورية التي أتت كمخرج لمؤتمر سوتشي  للعام 2018[25]. وحتى هذا المسار نفسه، تراجع تركيز المبعوث الدولي عليه بسبب تعثره الناجم عن المناكفات الغربية-الروسية التي أعقبت الحرب الروسية على أوكرانيا[26]، في دلالة مباشرة على التأثر الأممي في تعاطيه مع الملف السوري بالمتغيرات الدولية.

أما بالنسبة لسلة الانتخابات، على الرغم من إجراء نظام الأسد لانتخابات رئاسية في 26 /5/2021، وهي الفترة التي نشطت فيها اجتماعات اللجنة الدستورية عام 2021، لم تتطرق إحاطات المبعوث الدولي لها، ولم تشر إلى تناقضها مع قرار مجلس الأمن 2254 الذي يفترض أنه مبتعث لتيسير تنفيذه، هذا من جهة. ومن جهة ثانية، فنظراً لأن سلة الانتخابات تالية لسلة الدستور المتعثرة أصلاً، كان من المنطقي تراجع التركيز الدولي عليها، خصوصاً وأنها أضحت بحسب صورتها المعيارية[27] بعيدة المنال، وهو ما أفصح عنه المبعوث الدولي” بيدرسون” صراحة معتبراً أن ” الانتخابات الحرة والنزيهة التي تُجري وفق دستور جديد تحت إشراف الأمم المتحدة، والمنصوص عليها في القرار 2254، بعيدة في المستقبل[28].

2- تغييب أسس الحل السياسي وفق جنيف1.

بقيت فكرة الانتقال السياسي المرتبطة بـ “هيئة الحكم الانتقالية كاملة الصلاحيات التنفيذية” قائمة في الوثائق والتصريحات المتعلقة بالقضية السورية منذ صدور بيان جنيف1 عام 2012 إلى قرار مجلس الأمن 2254[29]، على الرغم من أن الأخير نص صراحة على “حكم ذا مصداقية وشامل وغير طائفي”[30]. غير أنه مع إطلاق فكرة السلال الأربعة من قبل المبعوث الدولي في بداية عام 2017، غاب التركيز الدولي عن فكرة “هيئة الحكم الانتقالية”، وأصبح الضوء مسلطاً على سلتي “الدستور والانتخابات”[31]. وهذا ما انعكس على إحاطات المبعوثين الدوليين؛ فالمبعوث الدولي ستيافان ديميستورا أشار إلى “هيئة الحكم” في إحاطته الأولى عام2017[32]، في حين أن المبعوث الدولي بيدرسون لم يأت في أي من إحاطاته السنوية على ذكرها.

يؤكد تجاهل فكرة هيئة الحكم الانتقالية في السنوات الخمس الأخيرة مدى سيطرة الرؤية الروسية للحل السياسي في سوريا التي يمكن إجمالها في وضع دستور جديد أو تعديل الدستور الحالي، ثم إجراء انتخابات “شكلية” في ظل “مؤسسات الدولة القائمة” التي يسيطر عليها نظام الأسد خصوصاً مؤسستي الجيش والأمن. هذه الرؤية التي لم تلق اعتراضاً حتى من الدول التي يفترض أنها داعمة لقوى الثورة والمعارضة. كل ذلك على ما يبدو، دفع المبعوثين الدوليين لمسايرة هذا التوجه الدولي[33]، وتجاوز جوهر العملية السياسية التي تم النص عليها صراحة في بيان جنيف1 وقرار مجلس الأمن 2254.

كذلك، وفي سياق مسايرة الرؤية الروسية، كان هنالك تغييب من قبل الوثائق والبيانات الخاصة بالملف السوري بما في ذلك قرار مجلس الأمن 2254 لقضية العدالة الانتقالية[34]، على الرغم من ورودها ضمن بيان جنيف1 [35]؛ حيث أنها من أبرز الأدوات التي تطبقها الدول التي تشهد صراعات مسلحة، وتسعى للانتقال السياسي ومعالجة الإرث الضخم من القضايا الحقوقية والمجتمعية وصولاً إلى الاستقرار[36].

لقد غابت مفردات العدالة الانتقالية بشكل كامل عن إحاطات المبعوثين الخاصين؛ فقد اكتفى المبعوث الدولي ديميستورا بذكر مفردة “المساءلة” مرة واحدة[37]، أما بيدرسون فلم يذكر أي شيء عن العدالة الانتقالية، وذهب بدلاً من ذلك للحديث عن مصطلح “العدالة التصالحية”[38] التي تشير غالباً إلى العفو وبدائل العقاب بدلاً من التركيز على المحاسبة والمساءلة الجنائية؛ كما هو حال تجربة جنوب إفريقيا.

لعل المبعوث الخاص أراد من خلال الإشارة للعدالة التصالحية التركيز على الأدوات الناعمة للعدالة، وهي: كشف الحقائق وجبر الضرر وإحياء الذاكرة بدلاً من التركيز على المساءلة لإزالة العقبة التي تمنع عادة من الوصول إلى اتفاقات “تسوية نهائية” بين الأطراف. غير أن هذه المقاربة تتناقض مع مفهوم الاستقرار، فإغلاق ملف الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبت من دون تطبيق العدالة الانتقالية بجميع آلياتها وخاصة الجنائية، يجعل من عدم تطبيق العدالة ثمناً للوصول إلى تسوية ما، وهو ما يسمح غالباً بإفلات المجرمين من العقاب، وبالتالي إبقاء محركات الصراع وعدم الاستقرار قائمة في سوريا نتيجة حلول جزئية تأخذ في الحسبان مصالح فئة من المجرمين على حساب مصالح الشعب السوري، كل الشعب السوري.

3- التبني النسبي للرواية الروسية في ملفي “البيئة الآمنة والمحايدة” و”الإرهاب”:

جاء النص صريحاً على البيئة المحايدة في بيان جنيف1 الذي أناط تحقيقها بهيئة الحكم الانتقالية، ونص على بعض متطلباتها مثل: وقف الأعمال العدائية، ونزع سلاح المجموعات المسلحة، وإطلاق سراح المحتجزين، واستمرار المؤسسات الحكومية في عملها، واستخدام أدوات العدالة الانتقالية[39]. فيما لم يرد في قرار مجلس الأمن 2254 أي تصريح بخصوص البيئة “الآمنة والمحايدة”، مع إشارته إلى بعض القضايا المرتبطة بها مثل: وقف إطلاق النار وإطلاق سراح المعتقلين وإيجاد الظروف المناسبة لعودة آمنة وطوعية للاجئين[40].

وعلى غرار هيئة الحكم الانتقالية تجاهل المبعوثان الخاصان قضية البيئة الآمنة والمحايدة في إحاطاتهم[41]، إذ اقتصر الحديث عنها في (7 مرات) فقط؛ كان الحديث عنها في إحاطات ديميستورا بوصفها شرطاً لنجاح اللجنة الدستورية والوصول إلى الانتخابات، وسلة من السلال الأربعة، بينما تحدث عنها بيدرسون ضمن سياق مبادرة “خطوة مقابل خطوة” وعودة اللاجئين[42].

يوضح هذا التراجع في التركيز على البيئة الآمنة والمحايدة ضعف الاهتمام بالقضايا التي لها اتصال مباشر بالواقع[43]، ومساهمة في بناء الثقة، في مقابل تقديم القضايا المستقبلية التي عادة ما تكون مجرد وعود غير مضمونة النتائج؛ كما في قضية الدستور[44].

بالنسبة لملف مكافحة الإرهاب، ركز نظام الأسد وحلفائه منذ الأيام الأولى للثورة السورية على هذا الملف وفق تفسيرهم للمصطلح[45]؛ إلا أن أول حضور رسمي له في مسار الحل السياسي جاء كأحد أفكار مجموعات العمل الأربعة التي طرحها المبعوث الدولي عام 2015 وترسخ مع بياني فينا 1 و2 ومن ثم قرار مجلس الأمن 2254؛ لتصبح بعد ذلك رابع سلال ديميستورا الأربعة، وهو ما يتوافق مع تركز الرؤية الغربية في سوريا في تلك الحقبة على مكافحة الإرهاب وخاصة تنظيم داعش[46].

أظهرت إحاطات المبعوث الدولي مدى أولوية فكرة محاربة الإرهاب في العملية السياسية وطغيانها على كثير من القضايا الجوهرية الأخرى كإطلاق سراح المعتقلين أو هيئة الحكم الانتقالية (الشكل رقم 2). حيث أشير إلى ملف الإرهاب ومحاربته في (29 حالة)، توزعت على جميع الإحاطات من دون استثناء مع ملاحظة وجود ميل عام لدى المبعوث بيدرسون إلى التركيز عليه في إحاطاته الأخيرة على الملف رغم تراجع حضور داعش خصوصاً بعد القضاء على دولته المزعومة. (ينظر الشكل رقم 2)، ولعل في ذلك دليل إضافي على مسايرة المبعوث الأممي لتوجه نظام الأسد وحلفائه في إظهار القضية السورية وكأنها حرباً ضد الإرهاب، وإضعاف الجوانب المرتبطة بمطالب الشعب السوري المحقة في التغيير السياسي.

شكل رقم (2)   يقارن بين نسبة حضور كلا من مكافحة الإرهاب مقارنة بقضايا رئيسية أخرى

4- خطوات بناء الثقة: أولوية ممزوجه بـ “حياد بارد”

حازت إجراءات بناء الثقة إجمالاً أو عبر الحديث عن متطلباتها المختلفة على حيز مهم في إحاطات المبعوث الخاص؛ حيث حضر الحديث عنها ككل في (7) مناسبات توزعت على جميع الإحاطات ماعدا إحاطة ديميستورا في 2018، أُكد فيها على ضرورة العمل عليها إلى جانب اللجنة الدستورية[47]؛ خصوصاً وأنها لم تتحقق على أرض الواقع[48]. كما استخدمها بيدرسون هدفاً ومبرراً في سياق “خطوة مقابل خطوة”[49].

وتبعاً لأن إجراءات بناء الثقة تتضمن مجموعة من الخطوات طرح المبعوث الدولي في إحاطاته الإجراءات المطلوبة أكثر من مرة، كأولوية الإفراج عن النساء والأطفال بشكل أحادي، وتحسين طرق الوصول إلى المعلومات حولهم[50]، وكذلك تطبيق وقف إطلاق نار وطني[51]، ليكون إجمالي الحالات التي تم الحديث عنها في خطوات بناء الثقة (54)؛ منها (20 حالة) تم التعرض فيها لنظام وقف إطلاق النار توزعت على الإحاطات جميعاً، مع ملاحظة أن نصف الحالات التي تحدث فيها بيدرسون عن ضرورة وقف إطلاق النار جاءت مقترنة بمحاربة الإرهاب أو توجيه ضربات دقيقة له[52].

من جانب آخر لم تحظ الخطوات المطلوبة على صعيد وقف الانتهاكات وجرائم الحرب بالقدر الكاف من التركيز في إحاطات المبعوثين الدوليين اللذان أشارا (23 مرة) إلى هذه الانتهاكات. فقد وصّفّ المبعوث الأممي ديميستورا حالات الحصار وعمليات القصف والسيطرة وإعاقة جهود الإغاثة الإنسانية بشكل مجرد؛ من دون الإشارة إلى مسؤولية نظام الأسد وحلفائه عنها؛ في مقابل ذلك أشار إلى مسؤولية الأطراف الأخرى كـ”هيئة تحرير الشام-هتش” بشكل مباشر، والسعي لمقابلة سلسلة واسعة من انتهاكات النظام وحلفائه بانتهاكات المعارضة[53].

وعلى هذا النحو سار المبعوث الدولي بيدرسون مع وجود ميل أكبر لإظهار فكرة الإرهاب والتركيز على وجوده وانتهاكاته ومقارنته باجتياحات كبرى لنظام الأسد وحلفائه أرياف حماه الشمالي وإدلب الجنوبي وحلب الجنوبي والشمالي الغربي في حملات أعوام 2019 وما بعدها[54].

كل ذلك يبين تحيز المبعوث الخاص في قضية الانتهاكات والهجمات لصالح نظام الأسد وحلفائه؛ فعلى الرغم من وجود عشرات التقارير والبيانات المتتابعة للجنة التحقيق الدولية المستقلة واللجان والمنظمات الحقوقية التي تحمل نظام الأسد وحلفائه المسؤولية الأكبر عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في سوريا[55]، نجد أن المبعوث في غالبية إحاطاته لم يشر إلى الطرف المسؤول أو ترجيح مسؤوليته[56]، أو حاول إظهار نوع من التوازن والحياد عند إشارته للطرف المسؤول عبر المساواة بين الأطراف.

يشير هذا الحياد “البارد” من طرف الأمم المتحدة والمبعوث الدولي تجاه عدم ذكر الأطراف التي ترتكب الانتهاكات المستمرة بحق السوريين سواء التي تحرمهم من المساعدات الإنسانية أو تعرقل وصولها إليهم، أو ترتكب جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية بحقهم، على وجود أزمة حقيقة لديها تتمثل في تمسكها بمبدأ الحياد بين الأطراف، من خلال عدم الإشارة إلى هذه الجهات وفق ما يرد ضمن التقارير الأممية المرتبطة بالملف السوري، والتي تشير إلى مسؤولية نظام الأسد وحلفائه عنها بالدرجة الأولى. ولعل هذا الأمر يؤكد ضرورة إعادة النظر في هذا الدور المحايد من جهة ترجيح الأدوار القانونية والأخلاقية للمنظمة الدولية في مناصرة حقوق الإنسان من خلال قواعد وأحكام واضحة، والضغط على الأطراف التي تنتهكها ولو أدى هذا الأمر إلى الخروج عن مبدأ “الحياد الشكلي” الذي ينظر إلى كافة الأطراف نظرة واحدة لا تميز بين الجلاد والضحية. ولعل مؤسسات الأمم المتحدة طبقت ذلك نسبياً في الحالة الأوكرانية اذ بدت مدفوعة بالتحالف الغربي مع أوكرانيا أكثر حزماً وشجاعة في الحديث عن الانتهاكات الروسية[57]. إن هذا الأمر بإيجابيته يبقى محكوماً بدوافع سياسية وتحكمية، وبالتالي فهو يحتاج -كما أشرنا أعلاه- إلى قواعد قانونية تنظمه.

في حالات أخرى يبدو من حيث الشكل وجود استثناء من هذه القاعدة عبر تسمية نظام الأسد وحلفائه بشكل مباشر عند الحديث عن عمليات عسكرية، إلا أن تتبع السياق يظهر أن ذلك جاء بعيداً عن ذكر حالة الانتهاكات وملازماً للوصف الميداني لعمليات التقدم العسكري فقط[58].

5- معالجة الارتدادات الإنسانية والأمنية: اللاجئين والمساعدات والتعافي المبكر

على الرغم من أهمية ملف المساعدات باعتباره أبرز الملفات الإنسانية المرتبطة بالملف السوري خصوصاً مع الأرقام المفجعة عن الوضع الإنساني في سوريا، والتي تعلن عنها الأمم المتحدة سنوياً[59]، إلا أن هذا الملف لم يحظ بالتركيز الكافي في إحاطات المبعوث الخاص محل الرصد، حيث تحدث عنها في (11 مناسبة) متوزعة على جميع الإحاطات باستثناء إحاطة عام 2020؛ حيث ركزت جميعها على ضرورة إدخال المساعدات وأهمية ذلك في حياة السوريين، من دون التطرق في أي منها لمسؤولية نظام الأسد عن حرمان بعض المناطق من المساعدات، وحصاره لها كما كان الأمر في الغوطة الشرقية، أو لانتقاد عمليات الابتزاز السياسي الذي اعتادت روسيا ممارسته في مجلس الأمن وتحديداً منذ عام 2020[60]، عبر استخدام الملف لابتزاز القوى الدولية، ولتوسيع هامش مناورتها في المفاوضات السياسية مع الولايات المتحدة[61].

أما بخصوص ملف اللاجئين[62]، فقد أشار المبعوث الدولي في إحاطاته إلى هذا الملف (14 مرة)، توزعت على جميع الإحاطات محل الرصد؛ تحدث في ثلاث منها عن شروط العودة الطوعية الآمنة وموانع عودة اللاجئين المتمثلة بالمخاوف الأمنية وقلة الخدمات والخدمة العسكرية[63]، وفي حالة وحيدة جاء الحديث عن العودة مقترنة بشرط تحقق الحل السياسي[64]، في حين توجهت باقي الحالات للحديث العام عن حالات النزوح الجديدة أو مآسيها.

لم يحظ ملف اللاجئين بالاهتمام الكبير في إحاطات المبعوث الدولي نظراً لعدم وجود أية مبادرة واضحة للتعامل مع قضيتهم خصوصاً في ظل استمرار الأزمة وعدم وجود أفق سياسي للحل، غير أنه من الأهمية بمكان الإشارة إلى خلو هذه الإحاطات من الترويج لرواية نظام الأسد وحلفائه حول توفر ظروف عودة اللاجئين أو من مجرد الحديث عنها، وهو ما يعد نقطة إيجابية، إلا أنه بالمقابل لم تكن هنالك إشارة إلى التقارير التي تحدثت عن المخاطر التي تعرض لها اللاجئون العائدون وفق ما وثقته بعض المنظمات الحقوقية[65].

أما فيما يتعلق بملفي التعافي المبكر وإعادة الإعمار الذي زاد الحديث عنهما في الآونة الأخيرة[66]، فلم تركز إحاطات المبعوث الدولي عليهما؛ حيث اقتصر وجودهما في 3 حالات فقط، (ينظر: الشكل رقم 3) يظهر فيها ربط المبعوث الدولي إعادة الإعمار بالحل السياسي[67]، أو اقتصار الحديث الحالي عنها من خلال الإشارة لجهود التعافي المبكر[68]. كل ذلك من دون الإشارة في أي منها إلى التقارير التي تتحدث عن تطويع أموال التعافي المبكر لخدمة نظام الأسد خصوصاً مؤسساته الأمنية والعسكرية[69].

شكل رقم (3) يظهر توزع حالات حضور ملف إعادة الإعمار في الإحاطات السبع

6- التركيز على إشراك المرأة والمجتمع المدني[70]:

شجع قرار مجلس الأمن 2254 بشكل صريح على إشراك المرأة في العملية السياسية التي تتولى تيسيرها الأمم المتحدة، في حين لم يكن هنالك أي نص صريح بخصوص مشاركة المجتمع المدني في هذا القرار، على الرغم من أن قرار مجلس الأمن 2271 لعام 2014 نص بشكل صريح على الدور المهم الذي يمكن للمجتمع المدني لعبه في حل النزاعات والصراعات إلى جانب المرأة[71].

ركز المبعوث الخاص بشكل واسع على قضية إشراك المرأة والمجتمع المدني حيث استحضرت في (23 حالة) منها 13 خاصة بإشراك المرأة و10 بإشراك المجتمع المدني السوري، (الشكل رقم 4).  والتي جاءت في جميع حالاتها بطابع إيجابي عن كل من غرفة دعم المجتمع المدني والمجلس الاستشاري النسائي؛ وبمضامين متقاربة تؤكد دعم مسار التفاوض وعمل المبعوث الخاص وفريقه[72]،  وإيجاد حلول وضمان حقوق المرأة[73].

يعطي هذا التركيز النسبي من قبل المبعوث الخاص على قضيتا مشاركة المرأة والمجتمع المدني، مؤشراً على تفاعله الإيجابي معهما منطلقها ربما: إمكانية مساهمتها في كسر الجمود الحاصل بين ثنائية النظام- المعارضة. غير أن ذلك بالمقابل، يعطي دلالة على اهتمام المبعوث الخاص بقضايا شكلية على حساب الأمور المرتبطة بمضمون الحل السياسي.

شكل رقم (4) مقارنة لحالات حضور كل من تمثيل المعارضة والمرأة والمجتمع المدني

ثالثاً: القضايا المرتبطة بالحل السياسي: تلميحات ضمن الهوامش الروسية

لا تقتصر أهم القضايا التي تتضمنها إحاطات المبعوث الدولي على مفردات الحل السياسي أو تناول القرارات الدولية والمسائل الإجرائية ذات الصلة؛ فثمة مجموعة أخرى من القضايا التي ترتبط بمسار الحل السياسي؛ ولعلً أبرز هذه النقاط: مسار أستانا وطريقة النظر إليه، التدخل الأجنبي الخارجي، العقوبات وقضايا المخدرات.

1- مسار أستانا: اندفاعة ديميستورا

منذ انطلاق العملية السياسية كانت جنيف عنواناً للمسار التفاوضي برعاية أممية؛ إلا أن ثلاثة لاعبين رئيسين في الملف السوري، هم: تركيا وروسيا وإيران قرروا إطلاق مسار آخر “أمني وعسكري” في بداية 2017 م بعد سقوط مدينة حلب بيد نظام الأسد بدعوى زيادة التنسيق بين الدول المعنية وتقديم الدعم من أجل التقدم في مسار الحل السياسي وفق قرار مجلس الأمن 2254[74]. وكانت هذه الخطوة قد لاقت تأييداً من المبعوث الخاص السابق ديميستورا الذي أشار إلى هذا المسار ونتيجته الرئيسة “مناطق خفض التصعيد” (17 مرة) مقابل (12 مرة، واحدة منهم فقط آخر ثلاث إحاطات) للمبعوث الحالي بيدرسون. (الشكل رقم 5).

شكل رقم (5) يظهر توزع حالات حضور ملف مسار أستانا و”مناطق خفض التصعيد”

يظهر الشكل السابق حضور المسار في إحاطات ديميستورا بشكل واضح؛ إذ أكد المبعوث الدولي على أهمية هذا المسار الموازي وأشار إليه بإيجابية، مقراً بأنه أكثر فعالية في مناقشة القضايا الحاسمة المرتبطة بوقف إطلاق النار ومكافحة الإرهاب وتدابير بناء الثقة[75]، كما دعا إلى تكامله مع جنيف[76]. وذلك على عكس المبعوث الدولي بيدرسون الذي لم يركز في إحاطاته على المسار بحكم تراجعه أصلاً، وظهور مؤشرات عملية مؤخراً على نهايته واستبداله بالمسار الرباعي “روسيا، تركيا، إيران، نظام الأسد” الذي قد يكون نسخة محدثة من أستانا[77].

تشير طرق تعاطي المبعوث الدولي مع أستانا فضلاً عن مشاركته في إعلان سوتشي إلى وجود أزمة في طريقة تعاطي الأمم المتحدة مع دورها المفترض في الوصول للحل السياسي في سوريا؛ فبدلاً من تركيزها على مسار جنيف باعتباره المسار الأممي الذي يفترض أن يكون قاطرة الحل السياسي في سوريا، وجعل المسارات الأخرى في حال وجودها مجرد مسارات رديفة لهذا المسار الأممي، أصبحت المعادلة مقلوبة -إن صح التعبير-؛ أصبح المسار “الرديف” في أستانا مساراً قاطراً، وفرض مقاربته على المسار الرئيس في جنيف، حيث بدى المبعوث الدولي وكأنه منسجماً مع مقاربة روسيا التي تعد الجهة الأكثر حضوراً في الملف السوري.

2- التدخل الأجنبي الخارجي في الملف السوري: صمت لا يستفز الآخرين

على الرغم من الانخراط التدريجي للقوى العسكرية الأجنبية في سوريا بشكل مباشر بداية من إيران ومن ثم التحالف الدولي وروسيا وانتهاء بتركيا، لم تتضمن الوثائق الدولية مثل بيان جنيف1 وبيانا فيينا 1 – 2 وقرار مجلس الأمن 2254 لعام 2015، أية إشارة لخروج القوات الأجنبية[78].

كان تعاطي المبعوث الأممي مع مسألة الوجود الأجنبي أقرب للتوصيف من دون إطلاق أي حكم تقييمي حولها[79]؛ ففي الحالات (18) التي ذكر فيها الوجود الأجنبي، وجه دعوات للدول المتدخلة للتعاون من أجل حل “الأزمة السورية”[80]؛ باستثناء حالتان فقط، استخدام في الأولى مصطلح التدخل والاحتلال بشكل مجرد دون أي إضافات أو ايحاءات[81]، واقترح في الثانية وجود قوات دولية في إدلب بعد “موافقة السلطات السورية”[82]، وهو ما يؤكد حرص المبعوث الدولي على عدم استفزاز أي من القوى المتدخلة في سوريا.

3- العقوبات على نظام الأسد والاتجار بالمخدرات:

على الرغم من عدم صدور العقوبات الدولية ضد نظام الأسد وفقاً لقرارات أممية[83]، وعدم النص عليها في قرار مجلس الأمن 2254، بما يعني أنها خارج ولاية المبعوث الأممي، فإنه أشار لها في إحاطاته السنوية في مرات أربع بعد عام 2021، معتبراً أنها أحد الأسباب الرئيسة للمأساة في سوريا، في انحياز واضح لموقف نظام الأسد وحلفائه[84]؛ ولعل طريقة تعاطي المبعوث الدولي وتوقيتها تبدو منسجمة مع مبادرته “خطوة مقابل خطوة” و”اللا ورقة الأردنية” من جهة عد العقوبات أمراً سلبياً[85].

في سياق متصل بالعقوبات الغربية، وفي ظل لجوء نظام الأسد إلى الأعمال غير المشروعة من أجل تمويل ميليشياته وعلى رأسها تصنيع المخدرات والاتجار بها وتهريبها، فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة عليه عبر قانون مكافحة الكبتاغون[86].

لم يشر المبعوث الدولي إلى صناعة المخدرات وتجارتها التي يتولاها نظام الأسد، ومخاطرها الإقليمية والدولية على الرغم من وجود عشرات التقارير التي تثبت ذلك، سوى في (3 حالات) بوصفها حوادث أمنية، ومن دون الإشارة إلى الجهة المسؤولة عنها[87].

خاتمة:

مثّلّ مبدأ “الغموض البناء” الذي صيغ وفقه بيان جنيف1، ومن ثم قرار مجلس الأمن 2254 في بعض نصوصه خصوصاً لجهة إغفال مستقبل بشار الأسد، المتكأ الأساسي للتحيزات التي حصلت من قبل الدول الفاعلة والمبعوث الخاص بخصوص التعاطي مع قرار مجلس الأمن 2254، والتي سايرت في مجملها الرؤية الروسية للحل في سوريا. لا شك أنه كان لموازين القوى والتغيرات السياسية والعسكرية التي آل إليها الوضع في سوريا دوره في حصول ذلك، إلا أن ذلك لا يعفي المبعوث الخاص من المسؤولية عن تحيزاته وتفسيراته المشوهة للقرار 2254.

في (175 مناسبة) تضمنتها الإحاطات السبع، حضرت غالبية مفردات الحل السياسي التي وردت في قرار مجلس الأمن 2254 من حيث المبدأ، مع تركيز واضح على قضيتي مكافحة الإرهاب واللجنة الدستورية في تماه مع ادعاءات نظام الأسد وحلفائه، وتذييل قضايا: هيئة الحكم الانتقالية وقضايا البيئة الآمنة وأدوات العدالة الانتقالية، والتي تمثل جوهر المطالب المرتبطة بتطلعات الشعب السوري، مع ملاحظة غياب أربع قضايا وردت جميعها في بيان جنيف1، وهي: حرية الصحفيين والتظاهر، وحرية تشكيل الجمعيات، واستمرار المؤسسات، ونزع السلاح. (الملحق رقم 1)

يؤكد المبعوث الخاص دوماً على أن وظيفته الأساسية هي: تيسير تنفيذ قرار مجلس الأمن 2254[88]، وهذا يقتضي في الحالة المثالية أن تكون تصريحاته ومطالبته تتناول مختلف جوانب هذا القرار لا سيما النقاط الجوهرية فيه التي يأتي في مقدمتها إجراءات بناء الثقة. إلا أن الورقة أظهرت وجود تحيز لدى المبعوث الخاص عبر تركيزه على مفردات وتغييبه وتجاهله أخرى في مسايرة منه للتوازنات الدولية والإقليمية التي أفرزت ترجيحاً للرؤية الروسية للحل السياسي في سوريا.

يشير ما تقدم إلى الانحراف الذي حصل في موضوعية المبعوث الخاص، فبدلاً من أن يكون القرار ومضمونه هو مرشده بما يدفعه للتركيز على قضايا مهمة؛ مثل أولوية إجراءات الثقة والتأكيد عليها والمطالبة بها قبل أي إجراءات أخرى، والانتقال السياسي عبر هيئة الحكم الانتقالية باعتبارها جوهر قرار مجلس الأمن 2254، استبدل ذلك بالتركيز على قضايا الإرهاب والدستور، بما يدل على أن تصريحات المبعوث الخاص كانت مرآة عاكسة للواقع والسياقين الدولي والإقليمي[89].

في المستقبل نتوقع إمكانية استمرار هذا التحيز وازدياده في ظل التغيرات الدولية والإقليمية المرتبطة بالملف السوري، وفي ظل توجه الدول الإقليمية للتطبيع مع نظام الأسد فيما يبدو وأنه تماه مع مبادرة “خطوة مقابل خطوة” التي سيكون تركيزها الأساسي على معالجة الآثار الأمنية والإنسانية الناجمة عن حرب نظام الأسد على الشعب السوري؛ بما معناه أنه بإمكاننا القول: أن المبعوث الخاص سيبقي تركيزه على ملف مكافحة الإرهاب ويضيف إليه قضايا اللاجئين والمساعدات والتعافي المبكر، وسيتراجع اهتمامه بقضية الدستور والانتخابات.

يتطلب التصدي لمثل هذه التحيزات اتخاذ خطوات جريئة من قبل قوى الثورة والمعارضة -كما سيرد لاحقاً في التوصيات- بدلاً من الاستمرار في التماهي مع المسارات المختلفة التي تنعكس على الحل النهائي ورؤيته؛ الأمر الذي يتطلب بطبيعة الحال استعادة الثقة بين هذه القوى والحاضنة الشعبية عبر اصلاح جذري شامل.

إجمالاً أظهرت الورقة من خلال تحليل مضامين الإحاطات مجموعة من النتائج الرئيسية التي يمكن تلخيصها بالنقاط الآتية:

  • لم يكن بيان جنيف1 ضمن اهتمامات المبعوث الخاص وهو ما يمثل تأكيداً اضافياً لما آلت إليه توجهات الدول الفاعلة في الملف السوري، وهو ما يتضح في إحاطات بيدرسون التي لم يأت في أي منها على ذكر هيئة الحكم الانتقالية.
  • على الرغم من تمسك ديميستورا في إحاطاته بفكرة التسلسل الزمني للخطوات التي نص عليها قرار مجلس الأمن 2254، إلا أن المبعوث الحالي بيدرسون لم يتطرق له إطلاقاً، في ظل تركيزه على مسار اللجنة الدستورية، بل أضحت أولوياته التي حددها في إحاطته الأخيرة متركزة فقط على القضايا الإنسانية والأمنية.
  • تغييب المبعوث الخاص بيدرسون شبه الكامل للأسس التفاوضية التي سبق وأشار إليها سلفه كمحددات تفاوضية، ولم يشر إلى أي منها في ظل تركيزه فقط على اللجنة الدستورية.
  • تراجع تركيز المبعوث الدولي على مسار اللجنة الدستورية مؤخراً يكشف عن مدى التأثر الأممي في تعاطيها مع الملف السوري، بالمتغيرات الدولية.
  • حازت قضية وقف إطلاق النار على اهتمام المبعوث الدولي وعلى حضور دائم في الإحاطات المرصودة؛ مع ملاحظة أن نصف الحالات التي تحدث فيها بيدرسون عن ضرورة وقف إطلاق النار جاءت مقترنة بمحاربة الإرهاب أو توجيه ضربات دقيقة له[90].
  • اتبع كل من المبعوثين الدوليين نهجاً سلبياً لجهة انتهاكات حقوق الإنسان؛ فعلى الرغم من وجود عشرات التقارير والبيانات المتتابعة للجنة التحقيق الدولية المستقلة واللجان والمنظمات الحقوقية التي تحمل نظام الأسد وحلفائه المسؤولية الأكبر عن الانتهاكات الجسيمة في سوريا لم يشيرا إلى مسؤوليته المباشرة عنها[91].
  • لم تركز الإحاطات على ملف ادخال المساعدات الإنسانية بالشكل الكاف؛ وتجاهلت توجيه أي انتقادات لنظام الأسد وروسيا ودورهما في عرقلة إدخال المساعدات الإنسانية وتسييسها[92].
  • مثلت قضية اللاجئين والنازحين استثناء في إحاطات المبعوثين من جهة عدم تماه المبعوثين مع الرغبة الروسية باستثمار قضية المصالحات وإمكانية العودة في ظل نظام الأسد وهو ما يعد نقطة إيجابية؛ في المقابل كان هنالك تجاهل للانتهاكات التي تعرض لها العائدون وفق ما كشفته تقارير حقوقية متعددة.
  • لم تركز الاحاطات على ملفي التعافي المبكر وإعادة الإعمار؛ وحال ورودها كان من الواضح ربط المبعوث الدولي إعادة الإعمار بالحل السياسي، وهي حالة إيجابية تتوافق مع القرارات الدولية؛ إلا أن المبعوثين تجنبا توجيه أي انتقاد أو إشارة الى تطويع الأموال المقدمة للتعافي المبكر من قبل مليشيات نظام الأسد.
  • حاز مسار أستانا على حيز كبير من اهتمام المبعوثين الخاصين خصوصاً ديميستورا الذي أثنى عليه بوصفه رافداً لمسار جنيف، الأمر الذي يكشف وجود أزمة في طريقة تعاطيهما من هذا المسار الذي أصبح عملياً قاطرة لجنيف.
  • لم يول المبعوث الدولي اهتماما بملف الاتجار بالمخدرات صناعة أو اتجاراً رغم الضجيج الدولي حوله في السنوات الأخيرة؛ وآثر التطرق إليه بشكل عرضي دون الإشارة إلى مسؤولية نظام الأسد وميلشياته عنه.

توصيات:

تظهر النتائج السابقة مجموعة من النقاط التي يمكن أن تركز عليها قوى الثورة والمعارضة في تعاطيها مع مكتب المبعوث الخاص؛ من باب الحشد والمناصرة، عبر توثيق بعض الملفات، وإرسالها إلى مكتبه أو التركيز عليها في الاجتماعات معه وفريقه. لعلّ أبرزها:

  • الضغط على مكتب المبعوث الخاص للتقيد بجوهر قرار مجلس الأمن 2254 خصوصاً ما يرتبط بإجراءات بناء الثقة وهيئة الحكم الانتقالية.
  • إعداد تقارير منهجية حول قضايا محورية مرتبطة بالحل السياسي، والتي لا يركز عليها المبعوث الخاص في إحاطاته؛ مثل القضايا المرتبطة بالانتهاكات بحق اللاجئين العائدين إلى مناطق نظام الأسد؛ وسرقة المساعدات والأموال المخصصة لها من قبل أجهزة النظام ومؤسساته، وتجارة المخدرات التي يرعاها نظام الأسد، وتزويد مكتب المبعوث الخاص بها.
  • المطالبة بالابتعاد عن مقاربة نظام الأسد وحلفائه لقضية الإرهاب، والتركيز على كشف ممارسات المليشيات الإيرانية وإرهابها في سوريا.
  • الوضوح في إخراج الملفات غير التفاوضية من سياق الملف التفاوضي وفي مقدمتها ملف المختفين قسراً والمعتقلين، مع المطالبة بموقف واضح للمبعوث الأممي يتوافق مع القانون الدولي وواجب الأمم المتحدة في مناصرة حقوق الإنسان، وعدم المساهمة في إفلات مرتكبي الجرائم من العقاب.
  • ضرورة إعادة النظر في الدور المحايد للأمم المتحدة ومؤسساتها[93] -بما فيها مكتب المبعوث الخاص- بحجة اقتضاء ذلك أثناء قيامهم بمساعيهم الحميدة من جهة ترجيح الأدوار القانونية والأخلاقية للمنظمة الدولية في مناصرة حقوق الإنسان من خلال قرارات أممية واضحة وصريحة، والضغط على الأطراف التي تنتهكها ولو أدى هذا الأمر إلى الخروج عن مبدأ “الحياد الشكلي” الذي ينظر إلى كافة الأطراف نظرة واحدة لا تميز بين الجلاد والضحية.

الملحق رقم (1) شكل يوضح توجهات المبعوث الخاص في إحاطاته تجاه مفردات الحل السياسي وما يرتبط بها

الملحق رقم (2)  شكل يظهر النقاط المركز عليها والمهملة في إحاطات المبعوث الخاص


[1] ينظر: قرار مجلس الأمن 2254 لعام 2015، الأمم المتحدة، الموقع الرسمي. تصريحات صحفية أدلى بها مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، السيد جير أو بيدرسن، مكتب المبعوث الخاص للأمين العام في سوريا، الأمم المتحدة، 15-2-2019، شوهد في: 30-3-2023.
[2] لعل من الأهمية بمكان التنويه أن عدم تنفيذ القرار 2254 ناتج عن عدة عوامل كما أشرنا في الفقرة، ولكن في هذه الورقة نود التركيز على أداء المبعوث الدولي كأحد العوامل التي ساهمت في ذلك.
[3] للتوسع في دراسة هذه العوامل والتعرف على مسار الحل السياسي في سوريا والعوامل المؤثرة فيه، يراجع: د.أحمد قربي وآخرون، قطار الحل السياسي في سوريا: خطة مسير متغير ومسار بلا وجهة، مركز الحوار السوري، 2022.
[4] ينظر على سبيل المثال: أمين محمد، مواقف دي ميستورافصل من الانحياز إلى روسيا، العربي الجديد، 23-1-2016، شوهد في: 31-3-2023؛ ويمان نعمة، فشل جولة مباحثات لجنة الدستور السوري.. والمعارضة مُحبطة، عربي 21، 29-1-2021، شوهد في: 31-3-2023؛ والهيئة السياسية: إحاطة بيدرسون تمثل انحيازاً للنظام وتماهياً مع الرؤية الروسية، موقع الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، 1-9-2022، شوهد في: 31-3-2023.
[5] نص قرار مجلس الأمن 2254 لعام 2015 على خطوات الحل السياسي بصورة متسلسلة وجدول زمني واضح، وفق الآتي:
  • دعم إنشاء حكم ذا مصداقية يشمل الجميع، ولا يقوم على الطائفية، في غضون فترة مستهدفة مدتها ستة أشهر.
  • تحدد جدولاً زمنياً وعملية لصياغة دستور جديد، ويعرب على دعمه لانتخابات حرة ونزيهة تجري، عملاً بالدستور الجديد، في غضون 18 شهراً تحت إشراف الأمم المتحدة.
[6] لا تفوت الإشارة إلى دور مؤسسات أممية أخرى في الملف السوري من الناحية الإنسانية مثل الأوتشا ومنظمة الغذاء العالمية ومنظمة الصحة العالمية، ومن الناحية الحقوقية مثل مجلس حقوق الإنسان، إلا أنه بما أن التركيز هنا منصب على مسار الحل السياسي، كان التحليل مرتبط بمكتب المبعوث الخاص باعتبار الجهة التي ترعى تطبيق الحل السياسي في سوريا.
[7] لذلك لم نعتمد تحليل سلوك المبعوث الخاص مثل زياراته ولقائته لصعوبة حصرها وتتبعها، ولأن العبرة بمضونها الذي دوماً ما يكون غير مصرح به على الرغم من وجود لقاءات صحفية تعقبه.
[8] لذلك استبعدنا التصريحات الصحفية والإحاطات الطارئة التي تكون نتيجة تطورات استثنائية (على سبيل المثال الإحاطة التي أعقبت الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا في 6 شباط-فبراير 2023 أو عقب جولات المفاوضات أو في مناسبات محددة، لأن مضمونها بالعادة يكون مرتبطاً بالحدث أو المناسبة أكثر من كونه استعراضاً دورياً لما جرى وما هو مخطط له.
[9] تجدر الإشارة إلا أن المقصود بالإحاطات السنوية في معرض هذه الورقة: أول إحاطة للمبعوث الخاص في السنة وليس بالضرورة مع مطلع كل عام ميلادي جديد اذ قد ترد في أشهر مختلفة.
[10] يقصد بالترميز المنظم (Structured Coding) الترميز الذي ينطلق من أسئلة البحث، بحيث يمثل إجابة لكل سؤال، أما الترميز الوصفي (Descriptive Coding) فإنه يشير إلى التوصيف المختصر بكلمة أو كلمتين الذي يضعه الباحث لكل مقطع، أما الترميز المحوري (Axial coding) يركز على تحديد الموضوعات الأساسية بناء على الترميز المفتوح أو المنظم، فضلاً عن أنه ينقح ويصنف الموضوعات.
Johnny Saldaña. The coding manual for qualitative researchers. In The coding manual for qualitative researchers, Sage Publications. 2009. Michael Williams, The Art of Coding and Thematic Exploration in Qualitative Research, International Management Review, Vol. 15 No. 1 2019, p. 50.
[11] اتخذه مجلس الأمن في جلسته المعقودة في 20 تشرين الثاني2015، ويركز القرار على محاربة التنظيمات الإرهابية وهي داعش وجبهة النصرة، وما يتم التوافق عليه من افراد وجماعات مرتبطة بهما من قبل الفريق الدولي لدعم سوريا ويؤيده مجلس الأمن؛ ويفتح الباب للدول لمحاربتها وفق قواعد القانون الدولي لإنهاء الملاذ الآمن لها في سوريا والعراق، ويدعو القرار الدول لمنع تدفق المقاتلين الأجانب ومنع وقمع تمويل الإرهاب.
ينظر: قرار مجلس الأمن 2249 لعام 2015ـ، الأمم المتحدة، الموقع الرسمي.
[12] اتخذه مجلس الأمن في جلسته المعقودة بتاريخ 17 كانون الأول 2015، وهو قرار مفصل وضخم يركز على محاربة الإرهاب ومنع تمويلها وإدانة الأفعال الإرهابية كتدمير التراث الثقافي وعمليات اختطاب النساء والأطفال كـ السبي ويدعو للتشدد في منع التعامل معها أو مع الافراد والجماعات المصنفة؛ وليقرر إلزام الدول دون ابطاء بتجميد الأصول وحظر السفر وحظر توريد الأسلحة، ومعايير الادراج في قائمة الجزاءات المفروضة على تنظيم داعش والقاعدة.
ينظر: قرار مجلس الأمن 2253 لعام 2015، الأمم المتحدة، الموقع الرسمي.
[13] اتخذه مجلس الأمن في جلسته المعقودة في 26 شباط 2016، ويركز على التأكيد على مضامين بيان جنيف 1 والقرار 2254 كمحددات لمسار الحل السياسي، ويرحب بالبيان المشترك الروسي الأمريكي حول وقف اعمال القتال في سوريا، وليدعو لفتح المجال لإيصال المساعدات الإنسانية دون عراقيل، ويدعو الدول لممارسة النفوذ على الأطراف في سوريا لاستدامة وقف إطلاق النار وتفعيل المفاوضات.
ينظر: قرار مجلس الأمن 2268 لعام 2016، الأمم المتحدة، الموقع الرسمي.
[14] اتخذه مجلس الأمن في جلسته المعقودة في 31 كانون الأول 2016، ويركز على التأكيد على مرجعية بيان جنيف 1 وقرارات مجلس الأمن في ترسيخ حل مستدام في سوريا، ويثني على جهود الوساطة لتركيا وروسيا في وقف إطلاق النار، وليعتبر أن مسار أستانا جزء مهم من العملية السياسية وخطوة هامة قبل استئناف المفاوضات الأممية في جنيف.
ينظر: قرار مجلس الأمن 2336 لعام 2016، الأمم المتحدة، الموقع الرسمي.
[15] قد يُعترض بأن قرار مجلس الأمن 2254 هو بالأساس اعتمد على بيان جنيف1، فنقول: هذا صحيح، ولكن التركيز على القرار دوناً عن مرجعيته يرجح وجود توجه للاستناد إلى الأول خصوصاً وأن أهم نص جاء فيه: “تحقيق الانتقال السياسي بطرق منها هيئة الحكم الانتقالي” يخالف حصرية طريقة الانتقال السياسي التي نص عليها بيان جنيف1.
[16] كانت هذه المرة الوحدة التي تم الإشارة إليها الى بيان جنيف 1 خلال احاطة المبعوث الدولي ستافان ديميستورا في 8 آذار 2017، حيث قال:” عُقدت هذه المحادثات بتشجيع من مجلس الأمن الذي حثني في 31 كانون الثاني-يناير 2017 على إعادة عقد المفاوضات. وقد تضمنت رسالة الدعوة الموجَّهة إلى المدعوِّين التذكير بحث مجلس الأمن للأطراف السورية على المشاركة في المفاوضات بحسن نية ودون شروط مسبقة، وبتكراره التأكيد على أنه ما من حل دائم للأزمة الراهنة في سورية إلا عن طريق عملية سياسية شاملة للجميع بقيادةٍ سورية بالاستناد إلى بيان جنيف المؤرخ في 30 حزيران-يونيه 2012، الذي أيده قرار مجلس الأمن 2118 (2013)، وقرارات مجلس الأمن 2254 (2015) و 2268 (2016)  و2336 (2016 ) ، والبيانات الأخرى ذات الصلة الصادرة عن الفريق الدولي لدعم سوريا. (الاحاطة الأولى-2017- آذار- ستيفان ديميستورا.
[17] للتوسع ينظر: د. أحمد قربي وآخرون، مرجع سابق، ص73وما بعدها، 112 وما بعدها.
[18] تضمن القرار 2254. الخطوات التالية:
  • حكماً ذا مصداقية يشمل الجميع ولا يقوم على الطائفية، بالتوازي مع تدابير بناء الثقة،
  • بيئة آمنة ومحايدة،
  • عملية لصياغة دستور جديـد،
  • انتخابات حرة ونزيهة.
[19] ينظر: إحاطة المبعوث الدولي ستافان ديميستورا أمام مجلس الأمن، آذار 2017، فقرة 14.
[20] المصدر السابق، فقرة 11.
[21] تحدث بيدرسون في إحاطاته الأولى من عام 2023 عن أولوياته الستة وهي: وقف التصعيد واستعادة الهدوء عبر وقف إطلاق النار والتعاون لمكافحة الإرهاب؛ وتجديد ألية ادخال المساعدات؛ واستئناف أعمال اللجنة الدستورية، التقدم في ملف المفقودين وخلق بيئة آمنة، إلى جانب تدابير أولية لبناء الثقة (خطوة مقابل خطوة)، وأخيرا إشراك السوريين وبشكل خاص المجلس النسائي الاستشاري وغرفة دعم المجتمع المدني.
ينظر في: إحاطة المبعوث الدولي غير بيدرسون أمام مجلس الأمن، كانون الثاني 2023، الفقرات 8 حتى 18.
[22] نقصد بالأسس التفاوضية، القواعد الإجرائية المرتبطة بكيفية تنفيذ قرار مجلس الأمن 2254 والمضي بمسار الحل السياسي في سوريا.
[23] حدد المبعوث الدولي ستيفان ديميستورا المحددات التفاوضية عبر فكرة السلال الأربعة، وذلك من خلال ما يلي: وجود المسارات المختلفة، وتناول السلال الأربع بشكل متعمق في كل جولة، وعدم حظر مناقشة أي موضوع ضمنها، وعدم الارتباط في تسلسل نقاش السلال وبين تسلسل التنفيذ، وتكريس مبدأ “لا اعتبار للاتفاقات الجزئية إلا في اتفاق شامل”، وأن الاتفاق الإطاري حزمة واحدة.
ينظر في: إحاطة المبعوث الدولي ستافان ديميستورا أمام مجلس الأمن، آذار 2017، الفقرة 16.
[24] من أهم الأمثلة على تركيز رؤى الدول الفاعلة على اختصار الحل السياسي بالدستور والانتخابات وثيقة اللاورقة (ورقة تيلرسون) الصادرة عن مجموعة الدول الخمس (فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والأردن) متشابهة التفكير في 23-1-2018، ووثيقة إعلان المبادئ الصادرة عن المجموعة الدولية ذاتها بعد التوسعة “المجموعة المصغرة من أجل سوريا ” أو “مجموعة السبع”، وهي دول (فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والأردن وألمانيا ومصر)، عقب اجتماعها في مدينة جنيف السويسرية في 13-9-2018. 
يُنظر: إبراهيم حميدي، ورقة خماسية بقيادة أميركية: تقليص صلاحيات الرئيس، صالون سوريا، 26-1-2018؛ وعدنان أحمد، رؤية المجموعة المصغرة للحل بسوريا، العربي الجديد، 14-9-2018، شوهد في: 28-3-2023؛ مقترح فرنسي على روسيا بشأن الدستور السوري والانتخابات، بلدي نيوز، 3-3-2019، شوهد في: 28-3-2023.
[25] د. أحمد قربي وآخرون، مرجع سابق، ص 74 وما بعدها.
[26] للمفارقة، استمر مسار اللجنة الدستورية على الرغم من العمليات العسكرية الضخمة التي شنتها روسيا ونظام الأسد ضد مناطق المعارضة في الشمال السوري لأن الدول الفاعلة على ما يبدو لم تكن ترغب في إيقاف هذا المسار، في حين أن المسار برمته توقف حالياً نتيجة المناكفات الروسية الغربية. ولعل ذلك يقدم دليل إضافي أن الملف السوري أضحى مرتبطاً بسياسات الدول المتدخلة أكثر من كونه ملفاً سورياً.
[27] وفق الفقرة 4 من قرار مجلس الأمن 2254 لعام 2015، يفترض أن تكون الانتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة، وعملاً بالدستور الجديد، وتستجيب لمتطلبات الحوكمة وأعلى المعايير الدولية من حيث الشفافية والمساءلة، وتشمل جميع السوريين الذين تحق لهم المشاركة، بمن فيهم أولئك الذين يعيشون في المهجر.
[28] ينظر في: إحاطة المبعوث الدولي غير بيدرسون أمام مجلس الأمن، كانون الثاني، 2021، فقرة 5
[29] د. أحمد قربي ونورس العبدالله، هل نشهد مقاربة جديدة للتعاطي مع الملف السوري قراءة في المواقف الدولية والإقليمية، مركز الحوار السوري، 22-11-2021، ص 7.
[30] للتوسع ينظر: د. أحمد قربي وآخرون، مرجع سابق، ص 79وما بعدها.
[31] المرجع السابق، ص76 وما بعدها.
[32] ينظر في: إحاطة المبعوث الدولي ستافان ديميستورا أمام مجلس الأمن، آذار 2017، الفقرات 11-12-28.
[33] ينظر في: د. أحمد قربي وآخرون، مرجع سابق، ص 87 وما بعدها
[34] للتوسع ينظر: المرجع السابق، ص 126 وما بعدها.
[35] جاء في بيان جنيف1 الفقرة 10، البند (د): “الالتزام بالمساءلة والمصالحة الوطنية، ويجب النظر في الجوانب المتعلقة بالمساءلة عن الأفعال المرتكبة خلال هذا النزاع. ومن اللازم أيضاً إعداد مجموعة شاملة من أدوات العدالة الانتقالية، تشميل تعويض ضحايا هذا النزاع أو رد الاعتبار إليهم، واتخاذ خطوات من أجل المصالحة الوطنية والعفو”.
[36] للتوسع في دور العدالة الانتقالية في المراحل الانتقالية وأهدافها وآلياتها ينظر: سعاد خوجة، العدالة الانتقالية دراسة نظرية تطبيقية، أطروحة دكتوراه، جامعة الأخوة منتوري، قسنطينة كلية الحقوق، عام 2016 -2017.
[37] ينظر في: إحاطة المبعوث الدولي ستافان ديميستورا أمام مجلس الأمن، آذار 2017، الفقرة 11و12؛ إحاطة المبعوث الدولي ستافان ديميستورا أمام مجلس الأمن، شباط 2018، فقرة 2.
[38] للتوسع في مفهوم العدالة التصالحية، ينظر: بن النصيب عبد الرحمن، العدالة التصالحية البديلة للعدالة الجنائية، مجلة المفكر العدد الحادي عشر، 2014-09-25؛ بن طيفور نسيمة وبحري فاطمة، العدالة الجنائية التصالحية في مجال المال والأعمالالصلح و الوساطة الجنائيين نموذجا،  المجلة الجزائرية للعلوم القانونية، السياسية والاقتصاديةـــــــــــ المجلد:75، العدد:4، السنة:2020.
Handbook on Restorative Justice Programmes, CRIMINAL JUSTICE HANDBOOK SERIES, UNITED NATIONS OFFICE ON DRUGS AND CRIME Vienna, UNITED NATIONS, New York, 2006.
[39] يراجع: قرار مجلس الأمن 2118 لعام 2013 المتضمن بيان جنيف1، الأمم المتحدة، الموقع الرسمي، الفقرة 9.
[40] يراجع: قرار مجلس الأمن 2254 لعام 2015، مصدر سابق.
[41] البحرة: مسودة الدستور السوري بحاجة لبيئةآمنة ومحايدة“، العربي الجديد، 10-10-2019، شوهد في: 14-3-2022.
[42] ينظر: إحاطة المبعوث الدولي ستافان ديميستورا أمام مجلس الأمن، شباط 2018، الفقرة 16؛ وإحاطة المبعوث الدولي ستافان ديميستورا أمام مجلس الأمن، شباط 2018، الفقرة 18؛ وإحاطة المبعوث الدولي غير بيدرسون أمام مجلس الأمن، كانون الثاني، 2021، فقرة 5؛ وإحاطة المبعوث الدولي غير بيدرسون أمام مجلس الأمن، كانون الثاني، 2022، فقرة 5؛ إحاطة المبعوث الدولي غير بيدرسون أمام مجلس الأمن، كانون الثاني، 2023، الفقرتان 17 و23.
[43] إلى جانب تغييب الملف من قبل المبعوث الدولي، كان هنالك محاولات حثيثة من نظام الأسد وحلفائه خصوصاً الروس لإعادة تعريف البيئة الآمنة والمحايدة بأنها: المناطق التي يسيطر عليها نظام الأسد وفق نموذج “المصالحات” الذي حصل في حلب الشرقية وريف حمص ودرعا.. إلخ، هذه الرؤية تتقاطع على ما يبدو مع رؤية بعض الأحزاب اليمينية في الدول التي تستقبل اللاجئين السوريين حالياً، ومع التوجهات الجديدة التي ظهرت مع مبادرة “خطوة مقابل خطوة” و”اللاورقة الأردنية” التي تعمدت سحب ملف عودة اللاجئين لتجعله سابقاً على الحل السياسي وممكناً في ظل وجود نظام الأسد، وضمن فقرة الملف الإنساني والبيئة المواتية؛ حيث يُلحظ اقتصار متطلبات البيئة المواتية لعودة اللاجئين في الخطة على الجانب الإنساني المرتبط بالحالة والظروف المعاشية، وبالجانب الأمني المرتبط بوقف الانتهاكات.
ينظر: الدنمارك: التقارير الخاطئة الخاصة ببلد اللاجئين الأصلي تؤدي إلى سياسات خاطئة بشأن اللاجئين، هيومن رايتس وتش، 19-4-2021، شوهد في: 14-3-2023؛ ود. أحمد قربي ونورس العبدالله، مرجع سابق، ص 16.
[44] رفض نظام الأسد ومن ورائه روسيا شروط المعارضة في التفاوض حول تنفيذ البنود الإنسانية، حيث أكدا تمسكا بأن التفاوض يجب أن يكون دون شروط مسبقة ودون جدول زمني، وهذا ما حدث؛ فقد تحول التفاوض عما كانت تطالب به هيئة المفاوضات العليا إلى التفاوض حول بند واحد فقط هو اللجنة الدستورية بعد تجاوز هذه البنود الإنسانية، ومن بعدها هيئة الحكم الانتقالي.
ينظر: : مسار اللجنة الدستورية السورية، مركز جسور للدراسات، 05-12-2019 ،شوهد في: 29-3-2023؛ العوامل الموضوعية لفشل اللجنة الدستورية: بيئة مثبطة للحلول السياسية ، وحدة التوافق والهوية المشتركة، مركز الحوار السوري،  28-1-2021.
[45] ركز نظام الأسد وحلفائه وخاصة روسيا على الصعيد الدولي على فكرة مكافحة الإرهاب في سوريا وجعلها البوابة الرئيسية للملف السوري ومقاربته دوليا منذ بداية الثورة حتى اليوم.
ينظر على سبيل المثال لا الحصر: لافروف: الغربيون أدركوا أن إسقاط الأسد قد يؤدي إلى استيلاء المتطرفين على السلطة، البوابة، 24-12-2013؛ لافروف: لا حوار مع الإرهابيين في سوريا، الميادين، 26-1-2014؛ موسكو تطالب واشنطن تكثيف قتال الإرهاب والتطرف في سورية، الغد، 5-8-2016؛ المعلم في مؤتمر صحفي مع نظيريه الروسي والإيراني: الحملة الدعائية لن تثنينا عن محاربة الإرهاب وخاصة في حلب، وزارة الخارجية والمغتربين، 28-10-2016؛لافروف يدعو الغرب إلى عدم عرقلةمكافحة الإرهابفي إدلب، فرانس 24، 29-8-2018؛  لافروف: سنواصل جهود القضاء على الإرهاب في سوريا، نورث برس، 1-12-2021؛ شوهدت جميعا في: 29-3-2023.
[46] للتوسع ينظر: د. أحمد قربي وآخرون، مرجع سابق، ص 75 وما بعدها.
[47] ينظر في: إحاطة المبعوث الدولي غير بيدرسون أمام مجلس الأمن، حزيران، 2019، فقرة 12.
[48] ينظر في: إحاطة المبعوث الدولي غير بيدرسون أمام مجلس الأمن، كانون الثاني، 2021، فقرة 5.
[49] جاء في إحاطة بيدرسون ” الأولوية الخامسة التي ركزت عليها هي اتخاذ تدابير أولية لبناء الثقة (خطوة مقابل خطوة) من المهم تحديد بعض الخطوات الدقيقة والملموسة والمتبادلة والقابلة للتحقق، ويمكن أن تؤثر بشكل إيجابي على حياة السوريين وتساهم في بناء قدر من الثقة بين الأطراف وتساعد في المضي قدما نحو بيئة آمنة وهادئة ومحايدة على مسار تنفيذ قرار مجلس الأمن 2254 وعبر عن تقدير تعميق الحوار مع جميع الأطراف بشأن هذه القضايا وتطلع إلى مشاركة عامة خلال شهر فبراير – شباط”
ينظر في: إحاطة المبعوث الدولي غير بيدرسون أمام مجلس الأمن، كانون الثاني، 2023، فقرة 17.
[50] ينظر في: إحاطة المبعوث الدولي غير بيدرسون أمام مجلس الأمن، حزيران، 2019، فقرة 13.
[51] ينظر في: إحاطة المبعوث الدولي غير بيدرسون أمام مجلس الأمن، حزيران، 2019، فقرة 24؛ إحاطة المبعوث الدولي غير بيدرسون أمام مجلس الأمن، شباط 2020، فقرة 18.
[52] جاء ذكر وقف إطلاق النار على النحو الآتي: في الإحاطة الأولى (6 مرات)، في الثانية مرتان، في الثالثة (4 مرات)، في الرابعة (5 مرات)، في الخامسة (3 مرات)، في السادسة مرتان، في السابعة (5 مرات).
لعل هذا الربط بين وقف إطلاق النار ومحاربة الإرهاب يظهر رسوخ مدى رسوخ فكرة محاربة الإرهاب التي لطالما دفع بها نظام الأسد وحلفائه وتماهي المبعوث الدولي معها بوصفها حقيقية طبيعية وبحثه عن سبل تعاون دولي. يقول بيدرسون: ” نواصل التأكيد لأعضاء مجموعة العمل المعنية بوقف إطلاق النار على أهمية الحفاظ على الهدوء وتدعيمه، وحماية المدنيين، وترسيخ الاتفاقات والترتيبات القائمة على نحو وقف إطلاق النار على المستوى الوطني. وبالطبع سيتطلب ذلك جهودهم موازية لتبني مقاربة تعاونية لمكافحة الجماعات الإرهابية المدرجة على قوائم مجلس الأمن، متسقة مع قواعد القانون الدولي وتضمن حماية المدنيين”.
ينظر: إحاطة المبعوث الدولي غير بيدرسون أمام مجلس الأمن، كانون الأول 2023، الفقرة 9؛ وإحاطة المبعوث الدولي غير بيدرسون أمام مجلس الأمن، كانون الثاني 2021، الفقرة 5.
[53] جاء في احاطة ديميستورا أمام مجلس الأمن في آذار 2017 ما يلي” 1-أود أن أتطرق بدايةً إلى الوضع المقلق جداً داخل وحول منطقة خفض التصعيد في إدلب. للأسف القتال مستمر، بما في ذلك الغارات الجوية، والصواريخ، وقذائف الهاون. هذه الهجمات تتسم في أغلب الأحيان بالاستخدام المفرط للقوة. المدنيون يقتلون وهناك مئات الآلاف من النازحين. خطوط التماس لم تتغير، على الأقل ليس هناك تغير كبير. 2-هيئة تحرير الشام المصنفة كمنظمة إرهابية من قبل مجلس الأمن هي قوة مسيطرة في منطقة خفض التصعيد وهجماتها يجب أن تتوقف. إلا أنه يجب توفير الحماية اللازمة لقرابة 3 مليون مدني في إدلب، بعضهم نزح في فترات سابقة نتيجة للقتال في مناطق أخرى، وأيضا للمدنيين في المناطق المحيطة. لكن كما سبق وأن أشار الأمين العام ” يجب أن يكون هناك التزام كامل بالقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني حتى أثناء محاربة الإرهاب”. الاعتداءات على المدنيين والبني التحتية المدنية – بما في ذلك المنشآت الطبية التي تم مشاركة احداثياتها وعمال الإغاثة – غير مقبولة على الإطلاق ويجب أن تتوقف دون تأخير”
كذلك جاء في احاطته أمام مجلس الأمن في شباط 2018″ 2 -لقد شهدنا سلسلة من التصعيدات الخطيرة والمقلقة، بما في ذلك في مناطق خفض التصعيد التي أنشئت بواسطة الضامنين في أستانا وخارجها. كان هناك عودة تدريجية إلى المنافسة على الأراضي في إدلب وحماة، ولقد رأينا ضربات جوية متواصلة وعنيفة في الشمال الغربي وفي الغوطة الشرقية المحاصرة بما فيها اليوم. * كان هناك قتلى وجرحى مدنيون على نطاق مرعب -تشير التقارير إلى وقوع أكثر من ألف من الضحايا المدنيين في الأسبوع الأول من شهر شباط – فبراير وحده -واستمرت الضربات الجوية في ضرب المستشفيات والمدارس والأسواق، وكانت هناك عدة مزاعم بشأن هجمات باستخدام الكلور في الغوطة وإدلب وأيضاً في عفرين مؤخراً. ولئن كنا لا نستطيع التحقق بشكل مستقل من هذه المزاعم، ولكن إذا تأكدت، فهي عمل شائن وينبغي ألا يكون هناك إفلات من العقاب. وقد نزح ما لا يقل عن 320،000 شخص بسبب القتال في إدلب في شهرين فقط -وهي منطقة تستضيف بالفعل أكثر من 1.2 مليون نازح داخلياً، وماتزال هيئة تحرير الشام -التي هي في الأساس جبهة النصرة -نشطة في إدلب. وفي الوقت نفسه، لدينا تقارير عن قصف هاون عنيف حتى في أنحاء دمشق السكنية، مما أدى إلى إصابة وقتل المدنيين وإلحاق أضرار بالبنية التحتية والسفارات وحتى بالقرب من الفندق الذي توجد فيه الأمم المتحدة”.
[54] جاء في إحاطة بيدرسون أمام مجلس الأمن في حزيران 2019: “هيئة تحرير الشام” المصنفة كمنظمة إرهابية من قبل مجلس الأمن هي قوة مسيطرة في منطقة خفض التصعيد وهجماتها يجب أن تتوقف. إلا أنه يجب توفير الحماية اللازمة لقرابة 3 مليون مدني في إدلب، بعضهم نزح في فترات سابقة نتيجة للقتال في مناطق أخرى، وأيضا للمدنيين في المناطق المحيطة. لكن كما سبق وأن أشار الأمين العام “يجب أن يكون هناك التزام كامل بالقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني حتى أثناء محاربة الإرهاب”. الاعتداءات على المدنيين والبني التحتية المدنية – بما في ذلك المنشآت الطبية التي تم مشاركة احداثياتها وعمال الإغاثة – غير مقبولة على الإطلاق ويجب أن تتوقف دون تأخير”.
[55] ينظر على سبيل المثال: تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية، مجلس حقوق الانسان، الدورة السادسة والأربعون، 11-3-2021؛ مسؤول أممي يكشف حقيقةالعفوالمزعوم.. ماذا قال عن مقابر ميليشيا أسد الجماعية؟، أورينت نت، 7-5-2022؛ عم يستهدفوا الحياة بإدلب، الضربات السورية والروسية على البنى التحتية المدنية، هيومن رايتس وتش، 5-4-2020.
[56] استحضرت الهجمات العشوائية على المدنيين في (11 حالة) في جميع الإحاطات باستثناء الإحاطة السادسة؛ مع ملاحظة أن معظم هذه الحالات جاءت عامة غير مقترنة بطرف أو توصيف محدد فيما خلا حالتين: تم في الأولى تحديد الغارات الجوية للنظام وحلفائه على المدنيين والاعيان المحمية، والثانية حماية المدنيين في إدلب.
أما ملف الاختفاء القسري. فقد اقتصر حضوره على (12 حالة) موزعة على كل الإحاطات باستثناء الإحاطة الرابعة، يلحظ فيها عدم تخصيص نظام الأسد بالخطاب أو الدعوة، إلى جانب ادماج مصطلح المخطوفين مع المفقودين والمعتقلين في إحاطات بيدرسون.
ينظر في: إحاطة المبعوث الدولي ستافان ديميستورا أمام مجلس الأمن، شباط 2018، الفقرة الثانية؛ ينظر في: إحاطة المبعوث الدولي غير بيدرسون أمام مجلس الأمن، حزيران، 2019، فقرة 4.
[57] ينظر على سبيل المثال: غويتريش: غزو روسيا لأوكرانيا يعد الانتهاك الأكبر لحقوق الإنسان في الوقت الراهن، قناة Euronews (عربي) على يوتيوب، 2-2-2023، شوهد في: 4-4-2023؛ من كييف الأمين العام يؤكد تضامنه: الغزو الروسي سبب معاناة هائلة وتداعيات عميقة، الأمم المتحدة، الموقع الرسمي، 8-3-2023؛ لجنة تحقيق أممية مستقلة تؤكد ارتكاب روسيا جرائم حرب خلال غزوها لأوكرانيا، الأمم المتحدة، 16-3-2023؛ الأمم المتحدة تتّهم روسيا وأوكرانيا بإعدام أسرى حرب، العربية، 24-3-2023؛  إهانة لضميرنا الجماعي“.. غوتيريش ينتقد الغزو الروسي لأوكرانيا، الحرة، 23-2-2023؛ شوهدت جميعاً في: 3-4-2023.
[58] جاء في احاطة بيدرسون أمام مجلس الأمن في شباط 2020:” 9- يبدو الأمر وكأننا قد فقدنا مبدأ التناسب. دعوني أكون واضحاً تماماً وأذكر كافة الأطراف أن الاعتداءات على المدنيين والبنى التحتية المدنية، بما في ذلك على المنشآت الطبية والتعليمية، غير مقبولة. يجب أن تحترم كافة العمليات العسكرية، بما في ذلك تلك الموجهة ضد المجموعات المصنفة من قبل مجلس الأمن، قواعد القانون الدولي الإنساني، بما في ذلك حماية المدنيين والأهداف المدنية “.
وفي مثال آخر على الاكتفاء بتوصيف المشهد العسكري، وذكر الانتهاكات على الرغم من عدم تناسبها، ما جاء في الإحاطة نفسها، إذ يقول بيدرسون فيها:” 3-قامت قوات الحكومة السورية وحلفائها بعد ذلك بشن هجوم بري في جنوب شرق منطقة خفض التصعيد في ادلب. وحققت تقدماً كبيراً، حيث سيطرت مؤخراً على معرة النعمان التي لاذ سكانها. بالفرار نتيجة لهجمات سابقة. تقع معرة النعمان على الطريق الدولي M5 ذي الأهمية الاستراتيجية، واستمرت القوات الحكومية في الدفع شمالاً، حيث وصلت إلى مدينة سراقب حيث يتقاطع الطريق بالقرب من مدينة ادلب. 4-ترد تقارير أولية من مدينة ادلب حول انتشار حالة من الهلع في صفوف المدنيين الذين فروا أو يستعدون للفرار من المدينة. ويتواصل الغطاء الجوي الداعم لهجوم القوات الحكومية. وقد اشتدت حدة الاشتباكات على جبهات أخرى، خاصة في غرب حلب حيث حققت القوات الحكومية تقدماً. 5-خلال نفس الفترة، قامت هيئة تحرير الشام المصنفة من قبل هذا المجلس ومجموعات المعارضة المسلحة الأخرى بشن عدة هجمات وهجمات مضادة على طول هذه الجبهات، بما في ذلك في غرب حلب ومنطقة الباب في شمالها. ووردت تقارير حول قصف مكثف على مناطق مدنية في غرب حلب وتقارير حول طائرات مسيرة عن بعد تم اطلاقها على أهداف عسكرية سورية وروسية في جنوب غرب ادلب. وقد صرحت وزارة الدفاع الروسية بأن عسكريين روس قد لقوا مصرعهم”.
[59] في 2022، كان 90% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر وكان ما لا يقل عن 12 مليون سوري من أصل نحو 16 مليونا من السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وبحسببرنامج الأغذية العالمي. يعاني أكثر من 600 ألف طفل من سوء التغذية المزمن؛ واحتاج 14.6 مليون سوري على الأقل إلى مساعدات إنسانية ؛ وفي مطلع عام 2023 اعلن برنامج الغذاء العالمي أن 2.9 مليون آخرون يواجهون خطر الانزلاق إلى الجوع؛ كما تكشف ارقام برنامج الغذاء العالمي الأخيرة أن معدلات التقزم بين الأطفال وصلت إلى 28 في المائة في بعض أجزاء سوريا ، وانتشر سوء التغذية لدى الأمهات ليصل الى 25 في المائة في شمال شرق سوريا.
ينظر: التقرير العالمي 2023، سوريا، هيومن رايتس وتش.الموقع الرسمي؛ مسؤول أممي يناشد العالم تجنب كارثة إنسانية في سوريا التي تشهد أعلى مستويات للجوع منذ بدء الصراع، الأمم المتحدة، 27-1-2023، الموقع الرسمي؛ نصف سكان سوريا يواجهون الجوع في ظل أزمة اقتصادية بعد 12 عامًا من الصراع و زلزلال مدمر؛ برنامج الغذاء العالمي، 14-3-2023؛ شوهد في: 29-3-2023.
[60] حسين عبد العزيز، الآلية الأممية للمساعدات في سورية، العربي الجديد، 31-7-2022، شوهد في: 15-3-2023.
[62] خصص قرار مجلس الأمن 2254 فقرة كاملة للحديث عن عودة اللاجئين السوريين عودة آمنة وطوعية إلى مناطقهم الأصلية، إلا أن هذا الملف بقي مجمداً جمود مسار الحل السياسي في سوريا برمته. إلا أنه ومع تغير الظروف الإقليمية والدولية خصوصاً صعود موجات اليمين في مختلف أنحاء العالم والمعروفة بعدائها للاجئين، وتزايد المشكلات الاقتصادية لبعض الدول المجاورة لسورية التي تستقبل العدد الأكبر من اللاجئين السوريين “تركيا، لبنان، الأردن”، أصبح هذا الملف هو المحرك الرئيس لمقاربة هذه الدول في الملف السوري
يراجع: د. أحمد قربي ونورس العبد الله، مرجع سابق، ص 15وما بعدها.
[63] ينظر في كل من إحاطات بيدرسون لأعوام 2021 و2022 و2023.
[64] ينظر في: إحاطة المبعوث الدولي ستافان ديميستورا أمام مجلس الأمن، آذار 2017، الفقرة 28
[66] برزت مقاربتين لعمليات إعادة الإعمار في سوريا، الأولى من قبل “أصدقاء الشعب السوي” وتربط عملية إعادة الإعمار بملف عودة اللاجئين والحل السياسي، في مقابل مقاربة أخرى يتبناها حلفاء الأسد وخاصة روسيا، وتقضي بضرورة إطلاق عملية إعادة الإعمار في ظل نظام الأسد. ويبدو أن مقاربة “خطوة مقابل خطوة” تدرج ملف إعادة الإعمار بشكل أقرب للمقاربة الثانية، من حيث تجعله إحدى الحوافز التي ستقدمها الدول لنظام الأسد للانخراط في مسار الحل السياسي.
ينظر: د. أحمد قربي ونورس العبد الله، مرجع سابق، ص 15وما بعدها.
[67] ينظر في: إحاطة المبعوث الدولي ستافان ديميستورا أمام مجلس الأمن، آذار 2017، الفقرة 28
[68] ينظر في: إحاطة المبعوث الدولي غير بيدرسون أمام مجلس الأمن، كانون الثاني 2022، الفقرة 9؛ وكانون الثاني 2023 الفقرة 10.
[69] Annie Sparrow, How UN Humanitarian Aid Has Propped Up Assad, September 20, 2018, Foreign Affairs, Sandy Alkoutami , Humanitarian Aid Corruption in Regime-Held Syria: How Should the International Donor Community Respond? ,GAB | The Global Anticorruption Blog,, ,May 9, 2022. Ziad Awad, Non-Governmental Organisations in Aleppo: Under Regime Control and at its Service, Research Project Report, Programme (MED), part of the Robert Schuman Centre, EUI, Issue 2022-09 – 03 June 2022.Nidal Betare and Sasha Ghosh, A Crisis of Conscience: Aid Diversion in Syria and the Impact on the International Aid System, The New Lines Institute for Strategy and Policy, JUNE 2022.
[70] بالمقابل، لم تركز إحاطات المبعوث الخاص على قضية تمثيل المعارضة على الرغم من تأكيد القرار 2254 على ذلك، فقط جاءت إحاطات ديميستورا لتشير لقضية تمثيل المعارضة في أربع حالات، في حين لم تحز هذه القضية على اهتمام “بيدرسون” الذي أشار لهذه القضية مرة واحدة فقط في احاطاته الخمس، وهو ما يعكس تراجع التركيز على المعارضة السياسية تزامناً مع طرح مبادرات مثل اللاورقة الأردنية التي جاءت لتوجه الخطاب الى نظام الأسد ولتهمل جانب المعارضة ككل.
 ينظر: د. أحمد قربي ونورس العبدالله، هل نشهد مقاربة جديدة للتعاطي مع الملف السوري قراءة في المواقف الدولية والإقليمية، مرجع سابق، ص 13وما بعدها.
[71] جاء في البند 18 من القرار ما يلي: “يشدد على الدور الهام الذي يمكن أن تقوم به المرأة والمجتمع المدني في التأثير على أطراف النزاعات المسلحة، بما في ذلك المنظمات النسائية وقيادة المجتمعات المحلية الرسمية وغير الرسمية…”.
[72] على سبيل المثال جاء في احاطة بيدرسون: ” أولويتي السادسة كانت ومازالت للانخراط مع السوريين في جميع المجالات يواصل المجلس الاستشاري النسائي تقديم المشورة لي ولنائبة المبعوث الخاص نجاة رشدي كما تواصل عضواته مناقشاتهن مع زميلاتهن وزملائهن السوريين، لضمان الاستماع إلى وجهات نظر يهم بما في ذلك وجهات نظر النساء نواصل أيضا اشراك نشطاء المجتمع المدني في مجموعة واسعة من القضايا المتعلقة بالعملية السياسية فضلا عن القضايا المتعلقة بالحماية ويواصل المشاركون في مجموعات عمل المواضيعية المنبثقة عن غرفة دعم المجتمع المدني مناقشاتهم المنتظمة من خلال المنصات الافتراضية حول قضايا الحكومة المحلية واللامركزية وأولويات الحماية للسوريين وكيفية معالجتها من خلال العملية السياسية متسقة مع القرار 2254 لا يزال الرجال والنساء السوريين الذين نتواصل معهم يعملون في إنهاء الصراع بشكل يمكن الأفراد العيش بكرامة”.
ينظر: إحاطة المبعوث الدولي غير بيدرسون أمام مجلس الأمن، كانون الأول 2023، الفقرة 18.
[73] على سبيل المثال جاء في احاطة ديمستورا: “في هذا اليوم الدولي للمرأة، أريد أن أحاول التعبير عما سمعته من نساء سوريات، وكذلك من المجتمع المدني السوري، أثناء هذه الجولة الرابعة. وهذا هو ما قالوه لي: إن سوريا والسوريين قد سئموا من هذا الصراع؛ وهم يشعرون بالاستياء إزاء ما حل ببلدهم؛ ويطلبون الاستماع إلى أصواتهم؛ ويريدون أن يقرر السوريون وحدهم مصير سوريا؛ كما يريدون تخصيص الجهود الأكبر للإسهام في إحلال السلام وليس للإسهام في الحرب؛ وهم يدركون الصعوبات، ولكنهم يريدون لمحادثات الأمم المتحدة هذه أن تنجح؛ وهم قبل كل شيء يدعونكم جميعاً إلى دعم عملية الوساطة هذه وأن تساعدوا على نجاحها. وآمل أن يستمع هذا المجلس إلى هذه الأصوات، وأن يتصرف الجميع الآن وفقاً لذلك”.
ينظر: إحاطة المبعوث الدولي ستافان ديميستورا أمام مجلس الأمن، آذار 2017، الفقرة الختامية.
[74] جاء في البيان الختامي لاجتماع أستانا الأول: “اتخاذ قرار بالتعاون بفعالية بناء على ما تحقق في اجتماع أستانا حول المواضيع المحددة في العملية السياسية، التي تتم بتسهيل من الأمم المتحدة، بقيادة وملكية سوريتين، بما يسهم في الجهود العالمية لتطبيق قرار مجلس الأمن 2254”.
ينظر: تعرف على البيان الختامي لمفاوضات أستانا، الجزيرة نت، 24-1-2017، شوهد في: 3-4-2023.
[75] ينظر في: إحاطة المبعوث الدولي ستافان ديميستورا أمام مجلس الأمن، آذار 2017، الفقرة 13.14.
[76] ينظر في: إحاطة المبعوث الدولي ستافان ديميستورا أمام مجلس الأمن، آذار 2017، الفقرتان 9، 17.
[78] في المقابل تختلف مواقف الدول حول هذا الوجود وشرعيته؛ حيث يتمسك حلفاء نظام الأسد “بشرعية” الوجود الأجنبي في حال مجيئه بناء على طلب “السلطة الشرعية”، بينما تتمسك الدول الأخرى بأحقية وجودها على الأرض السورية من أجل مكافحة الإرهاب وحماية أمنها القومي.
ينظر: د. أحمد قربي وآخرون، مرجع سابق، ص 140 وما بعدها.
[79] ينظر في: إحاطة المبعوث الدولي ستافان ديميستورا أمام مجلس الأمن، شباط 2018، الفقرة 3.
[80] إحاطة المبعوث الدولي غير بيدرسون أمام مجلس الأمن، حزيران 2019، الفقرة 4.
[81] جاء في احاطة بيدرسون في كانون الثاني 2021 ما يلي: ” ينما يُقبل الشعب السوري على عام 2021، فقد عانى على مدى عقد من النزاع من الموت، والإصابة، والنزوح، والدمار، والاعتقال، والتعذيب، والإرهاب، والانتهاكات، والإهانات، وانعدام الاستقرار، والتدخل، والاحتلال، والانقسام..”
[82] إحاطة المبعوث الدولي غير بيدرسون أمام مجلس الأمن، شباط 2020، الفقرة 16.
[83] في ظل العطالة التي أصابت مجلس الأمن نتيجة الفيتو الروسي، لجأت الدول الغربية وتحديداً الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات متتالية ضد أبرز الشخصيات والشركات المقربة من نظام الأسد رداً على انتهاكات الأخير بحق الشعب السوري.
[84] على سبيل المثال: جاء في احاطة بيدرسون في كانون الثاني 2022 الفقرة 9 ما يلي: “.. تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي انهارت كما تعلمون بعد أكثر من عقد من الحرب والنزاع، والفساد، وسوء الإدارة، الأزمة المالية في لبنان، وجائحة كوفيد19، وبسبب العقوبات أيضا..”.
[85] د. أحمد قربي ونورس العبدالله، مرجع سابق. ص90 وما بعدها.
[87] ينظر كلا من: غير بيدرسون أمام مجلس الأمن، كانون الثاني 2022، الفقرة 1، 3؛ كانون الثاني 2023، الفقرة 3.
[88] ينظر على سبيل المثال: إحاطة المبعوث الدولي ستافان ديميستورا أمام مجلس الأمن، آذار 2017، الفقرة 3؛ وفي احاطة شباط 2018، الفقرة 13.
أو ما يؤكده مكتب المبعوث الخاص الى سوريا بالقول “.. تولي غير أو بيدرسون منصبه كمبعوث خاص للأمم المتحدة إلى سوريا، وهو يقود جهود الأمم المتحدة من أجل التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 2254 (2015)”.
ينظر: مكتب المبعوث الخاص للأمين العام في سوريا، معلومات عامة، الموقع الرسمي، شوهد في: 4-4-2023.
[89] نود التنويه إلى أن إشارتنا إلى تحيز المبعوث الخاص يندرج في إطار إحاطاته المكتوبة، ولا يعني أبداً الإشارة إلى تنفيذ القرار، على اعتبار أن هذا الأمر خارج قدرته باعتباره مجرد ميسر، ولا يمتلك أدوات تنفيذية.
[90] يذكر أن بيدرسون وفي تصريحات عديدة خارج إطار احاطات مجلس الأمن يؤكد على مكافحة الإرهاب
ينظر على سبيل المثال: شكري وبيدرسون يبحثان مكافحة الإرهاب في سوريا، سبونتيك، 27-1-2019.
[91] في بعض الحالات خارج الاحاطات السبع وجه المبعوث الدولي انتقادات للحملة العسكرية التي سماها “مضادة للارهاب” في ادلب دون أن يغفل انتقاد “الفصائل” قائلاً: “إذا كانت هجمات المجموعات الجهادية يجب أن تتوقف، فإن العمليات المضادة للارهاب لا يمكن أن تعرض للخطر ثلاثة ملايين مدني من حقهم أن يحظوا بحماية بموجب القانون الإنساني”
ينظر: الأمم المتحدة تحذر: 3 ملايين مدني تحت القصف في إدلب، الجزيرة نت، 30-8-2019، شوهد في: 4-4-2023.
[92] من الجدير ذكره أن آخر إحاطة مقدمة من بيدسون أمام مجلس الأمن بعد كارثة الزلزال قد ركزت على وقف العنف واولوية إيصال المساعدات مع عدم تسيسها، إلا أن ذلك جاء أيضاً دون توجيه ادانة واضحة وتحميل للمسؤولية، حيث جاء فيها: ((.. هذا يعني إتاحة الوصول، فهذا ليس الوقت المناسب لممارسة السياسة فيما يتعلق بالمعابر عبر الحدود أو عبر الخطوط الأمامية للصراع. وهذا يعني الموارد: فهذا هو الوقت المناسب كي يتبرع الجميع بسرعة وبسخاء لسوريا وإزالة جميع العوائق التي تحول دون وصول الإغاثة إلى السوريين في جميع المناطق المتضررة. وهذا يعني الهدوء: فهذا ليس وقت العمل العسكري أو العنف)).
ينظر: مجلس الأمن يبحث الوضع في سوريا بعد 3 أسابيع من الزلازل المدمرة، مكتب الأمم المتحدة في جنيف، الموقع الرسمي، 28-2-2023؛ شوهد في: 4-4-2023.
[93] للتنويه، يختلف تعاطي المؤسسات والهيئات واللجان الأممية مع أي نزاع بحسب طبيعة الهيئة أو اللجنة؛ على سبيل المثال، يختلف تعاطي لجنة التحقيق الدولية المستقلة الخاصة بسوريا عن تعاطي مكتب المبعوث الخاص للأمين العام لسوريا، فلجنة التحقيق نتيجة طبيعتها الحقوقية ودورها في رصد الانتهاكات الخاصة بحقوق الإنسان في سوريا غالباً ما تركز على الأطراف وانتهاكاتهم وتشير إلى مرتكبي هذه الانتهاكات ولو تلميحاً أو بلغة غير جازمة كما هي عادة لجان الرصد والتوثيق،  أما المبعوث الخاص فبحكم مهامه الدبلوماسية والسياسية ودوره في قيادة المساعي الحميدة، يميل دوماً إلى الحياد حتى ولو كان على حساب غض الطرف عن انتهاكات الأطراف، وبالتالي المساواة بينهم.

مدير وحدة التوافق والهوية المشتركة في مركز الحوار السوري، يحمل شهادة الدكتوراه في القانون العام من جامعة حلب، وحائز على اعتمادية المعهد العالي للحقوق في الشرق الأوسط، وعمل سابقاً مدرساً في كلية الحقوق في جامعة حلب الحرة. يركز في أبحاثه الحالية على دراسة ديناميكيات العلاقة بين المجتمع السوري والنصوص القانونية والدستورية منها على وجه التحديد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى