الأبحاث والدراساتالإصداراتالسوريون في الداخل السوريالوحدة المجتمعية

فوضى الأرقام والإحصائيات والموثوقية.. الأرقام المحلية أم الأرقام الأممية؟

تقرير تحليلي صادر عن الوحدة المجتمعية في مركز الحوار السوري

تعتمد العديد من الدول المتقدمة على الدراسات الإحصائية في التخطيط لسياساتها المستقبلية، وتشكّل لأجل ذلك الهيئات العامة والمختصة بمتابعة التغيرات وتقديم التقارير والإحصائيات؛ بما يسهّل تقدير حجم المشكلة أو حجم المشاريع القادمة والتمويل المطلوب لها، كما تجهّز الكوادر البشرية المدرَّبة القادرة على التعامل مع الحجوم الهائلة من البيانات، وتقدم لها ما تحتاجه من برامج وأجهزة متطورة.

وعلى الصعيد الفردي لطالما ساعدت الأرقام والإحصائيات والنسب المئوية حاملها على إقناع الطرف الآخر بحجته وتقوية وجهة نظره وإعطاء الموثوقية لما يقوله، بالإضافة إلى مساعدته على استشراف المستقبل بشكل أكثر دقة، لاسيما إن اعتمدت هذه الأرقام على منهجية علمية دقيقة منضبطة.

إلا أن الأرقام والإحصائيات استُخدمت سلاحاً عند بعض الجهات والحكومات، التي قد تسعى لحجب الأرقام الحقيقية أو التلاعب بالنِّسب لأهداف سياسية، أو حتى للتشكيك في بعض الروايات وخلق حالة من الفوضى والتضليل، ولضرب موثوقية الخصم والتقليل من مكتسباته.

وفي الحالة السورية برزت الأرقام والإحصائيات منذ عام 2011 كأحد الأسلحة التي اعتمدها كل من نظام الأسد ووقوى الثورة والمعارضة للتشكيك في رواية الآخر؛ فبالغَ نظام الأسد في مكاسبه من جهة وفي خسائر الطرف الآخر من جهة أخرى، وبالغت بعض الجهات المحسوبة على قوى الثورة والمعارضة السورية في تقديراتها، حتى أصبح من الصعب جداً الاتفاق على رقم منطقي يقدر عدد المعتقلين أو عدد الشهداء على سبيل المثال.

ومع تفاقم الواقع الإنساني بدت الحاجة أكثر إلحاحاً لوجود تقديرات مُحدَّثة، وفِرق تقوم بمهام إحصائية وتقييم دوري للخسائر ولحجم الاحتياج المطلوب ونوعه، بالإضافة إلى متابعة حركات النزوح والتوزع الجديد للسكان نتيجة عمليات التهجير القسري التي يقوم بها نظام الأسد تجاه الشعب؛ إذ تُعد هذه المعلومات اللبنة الأساسية لتصميم عمليات الاستجابة الطارئة وتوزيع الدعم في القطاعات ذات الأولوية.

ومع كل الجهود التي تمّت خلال السنوات الماضية وقامت بها العديد من المنظمات والفرق المحلية والأممية التي يفترض أنها تلقت التدريبات اللازمة، وامتلكت من الخبرة والأدوات والقدرة ما يمكّنها من التعاطي مع ساحة متغيرة يصعب الوصول إلى بعض مناطقها؛ فما يزال السوريون يعانون بشكل كبير في تقديم تقديرات وأرقام صحيحة بنسب خطأ مقبولة، وما تزال الأرقام الصادرة من جهات أممية أكثر اعتماداً من الأرقام المحلية في إعداد التقارير من قبل مختلف الجهات؛ رغم أن موثوقية الأخيرة “المحلية” قد تكون أكبر في بعض الحالات.

ولتوضيح الفكرة وتقريبها للأذهان أكثر يمكن أن نطرح سؤالاً قد يملك كثيرون إجابة فورية عنه، وهو ” كم يبلغ عدد سكان المناطق في شمال وشمال غرب سوريا؟ ” كدراسة حالة لموضوع حاولت بعض الجهات تقديره بشكل رقمي  ثم نناقش هذه الإجابة ومدى دقتها وصوابها واقترابها من الواقع، ومدى مصداقية الأرقام الواردة من جهات مختلفة إجابةً عن السؤال، في محاولةٍ لترجيح بعضها؛ ولعل جولة يسيرة بين عدد من التقارير يمكن أن توضح مدى التباين الحاصل في التقديرات التي يُفترض أن يتم على أساسها وضع سياسات التدخلات الإنسانية الطارئة.

وقد اعتمد هذا التقرير على جمع الإحصائيات والأرقام الموجودة في المصادر الثانوية كالتقارير والإحصائيات والدراسات المنشورة على المنصات التابعة للأمم المتحدة، ومناقشة النتائج والمنهجية المتبعة من خلال مقابلات مع عدد من الجهات المختصة بالتقديرات الإحصائية والجهات العاملة في الشأن الإنساني.

وتأتي أهمية هذا التقرير من كونه يحاول تسليط الضوء على مشكلة جوهرية يمكن أن تفوت الكثير من المكاسب وأوراق القوة لدى السوريين، إلى جانب استشراف تداعيات غياب الضبط الدقيق للتقديرات وآثاره المستقبلية على المستوى الإنساني والسياسي وعلى عملية التخطيط الاستراتيجي وتصميم مشاريع التعافي المبكر بداية وعملية إعادة الإعمار القادمة، وهو ما سيتم توضيحه لاحقاً في التقرير.

كم يبلغ عدد سكان المناطق في شمال وشمال غرب سوريا[1]؟

عندما يُطرح مثل هذا السؤال في العديد من السياقات الإنسانية أو السياسية يتبادر إلى أذهان الكثيرين جواب يشير إلى رقم يتراوح بين 4-4.5 مليون نسمة، وفقاً لما دأبت على نشره بعض المواقع الإخبارية والتقارير الأممية؛ إلا أن العديد من الباحثين والمتخصصين يعلمون تماماً أن الإجابة عن هذا السؤال أمر أعقد مما يبدو، وهو يتطلب الغرق في عدد كبير من التقارير والإحصائيات، والعمل على ترجيح بعضها على بعض ليصلوا في النهاية إلى نتيجة ظنّيّة غير مؤكدة.

ولابد من الإشارة ابتداءً إلى وجود العديد من الجهات الأممية والمحلية التي تقوم بإحصائيات دورية وتقديرية من خلال مسوحات تقوم بها فِرقُها العاملة على الأرض، تُدعم في بعض الأحيان من خلال معادلات إحصائية يمكن من خلالها تقدير عدد السكان في المناطق التي يصعب الوصول إليها، وذلك عبر تتبع بعض البرامج المنفَّذة كبرامج اللقاح والصحة والتعليم على سبيل المثال.

ومن أبرز الجهات الأممية التي تقوم بتقديم بيانات دورية: القطاعات (الكلاسترات) التابعة لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الاستجابة الإنسانية المعروف باسمOCHA [2]، وفريق برنامج تقييم الاحتياجات الإنسانية (HNAP)[3]،بالإضافة إلى بعض تقارير تقييم الاحتياجات التي تشمل كل مناطق سوريا التي تعمل على إصدارها مؤسسات إحصائية أجنبية[4] بناءً على بعض التقييمات الموجودة على الأرض.

أما على المستوى المحلي فتقدم كل من “وحدة تنسيق الدعم”[5] وفريق “منسِّقو استجابة سوريا”[6] دراسات ومسوحات دورية تركز على احتياجات المخيمات وقطاع التعليم والصحة، وذلك من خلال فِرقها الموجودة على الأرض، وتُعتمد بعض تقاريرها في المنصة المخصصة للاستجابة الإنسانية الخاصة بسوريا.

وبعد استعراض العديد من التقارير والإحصائيات المتعلقة بالوضع السوري كانت التقارير التي أوردت أرقاماً تفصيلية حول تقديرات رقمية لعدد السكان في المناطق المحررة محدودة جداً، وتم استعراض نتائجها لإظهار التباين في التقديرات من خلال الجدول الآتي:

الإشراف الإداري الناحية الإدارية عدد السكان وفق تقديرات الجهات السورية عدد السكان وفق تقديرات التقارير الأممية
وحدة تنسيق الدعم (ACU)[7] منسقو الاستجابة[8] تقرير كلاستر الصحة التابع لل[9]OCHA تقرير فريق

(HNAP)[10]

تقرير تقييم الاحتياجات الإنسانية في سوريا[11]
المناطق الخاضعة إدارياً للإشراف التركي عفرين 507893 446281 436026
الباب 397755 331879 247815
اعزاز 618408 675562 674587
جرابلس 177761 112442 106677
جبل سمعان[12] 298756 251877 220474
المجموع 2000573 1818041 1685579
تل أبيض 49583 64200
رأس العين 185885 63920
المجموع 235468 128120
2236041     1539342[13] 1813699
المناطق الخاضعة إدارياً لإشراف “هتش” أريحا 259289 180074 169236
حارم 1676646 1636444 1544234
ادلب 985566 721670 625206
جسر الشغور 343899 302418 302865
المجموع 3265400 4227488 2840606 2988267 2641541
المجموع الكلي 5501441   4658647 4527609 4455240

جدول 1: التقديرات التفصيلية لعدد السكان في شمال وشمال غرب سوريا

المنطقة عدد السكان وفق تقديرات الجهات السورية مقدرة بالمليون نسمة عدد السكان وفق تقديرات التقارير الأممية مقدرة بالمليون نسمة
وحدة تنسيق الدعم[14] منسقو الاستجابة تقرير كلاستر الصحة التابع للOCHA تقرير فريق

(HNAP)

تقرير تقييم الاحتياجات الإنسانية في سوريا
المناطق تحت الإشراف الإداري التركي
(منطقة درع الفرات التي تشمل كل من جرابلس واعزاز والباب، ومنطقة  غصن الزينون التي تشمل عفرين وريفها)
2 1.8 1.7
 (نبع السلام التي تشمل كل من تل أبيض ورأس العين) 0.24 0.13
إجمالي عدد السكان في المناطق تحت الإشراف الإداري التركي 2.24 1.5 1.83
إجمالي عدد السكان في المناطق تحت الإشراف الإداري لـ”هتش”

(تشمل ادلب وحارم وجسر الشغور وأريحا وبعض المناطق في جبل سمعان كالأتارب ودارة عزة فقط)

3.3 4.2 2.8 3 2.6
التقدير الإجمالي لعدد السكان 5.5     4.5 4.43

جدول 2: التقديرات الإجمالية لعدد السكان في شمال وشمال غرب سوريا (مقدرة بالمليون نسمة)

تشير الجداول السابقة إلى أن تقديرات عدد سكان الشمال السوري تتراوح بين 4.4 – 5.5 مليون نسمة، وقد تتجاوز 6 مليون نسمة وفقاً لتقديرات أخرى، وهذا هامش كبير من الصعب قبوله أو التعامل معه، لاسيما في تصميم سياسات الاستجابة الإنسانية؛ لأنه يعني حرمان شريحة كبيرة من المساعدة لسوء تقديرات القائمين عليها[15].

لنفترض جدلاً أنه يمكن قبول نسبة خطأ تُقدر بـ 5% خلال عمليات تقدير عدد السكان لأسباب لوجستية وفنية، فهذا يعني أنه يمكن قبول فارق في الأرقام بحدود 200 ألف نسمة حينما نتحدث عن كتلة سكانية يُقدر عددها بـ 4 مليون شخص تقريباً.

وبالعودة إلى عدد السكان في مناطق الإشراف التركي يُلاحظ أن الفارق في الإحصائيات المتداولة في التقارير الأممية يصل إلى 330 ألف نسمة فيما بينها[16]، في حين يرتفع الفارق ما بين 450-724 ألف نسمة عند مقارنة أرقام الفرق المحلية – تقرير وحدة تنسيق الدعم[17]– وأرقام التقارير الأممية (الجدول 2).

الشكل 1: الفرق في تقدير عدد السكان في المناطق الخاضعة للإشراف الإداري التركي

وتشير التقديرات التركية المنشورة على وكالة الأناضول الرسمية إلى أن عدد السكان في مناطق الشمال السوري الخاضعة للإشراف الإداري التركي يصل إلى 2.7 مليون نسمة[18]، وهو ما يُظهر فجوة واضحة في التقديرات عند مقارنتها مع أرقام الفرق المحلية أو حتى التقديرات الأممية؛ إذ يُظهر (الشكل1) أن إحصائيات الفرق المحلية كانت أقرب للأرقام والتقديرات التركية بفجوة تُقدر بـ 460ألف نسمة، في حين تبدو الفجوة أكبر عند مقارنة الأرقام التركية بالأرقام الأممية، حيث تصل إلى قرابة 1 مليون نسمة[19].

الشكل 2:الفرق في تقدير عدد السكان في المناطق الخاضعة للإشراف الإداري لـ”هتش”

أما ما يتعلق بالمناطق الخاضعة لسيطرة “هيئة تحرير الشام -هتش” إدارياً فتبدو الفجوة بين الأرقام بشكل واضح، رغم وجود مئات المنظمات العاملة في المنطقة والفرق التطوعية التابعة لها وقدرتها على الوصول وتغطية كل المناطق، بالإضافة إلى وجود منظمات وفرق محلية تقوم بنشر إحصائيات دورية تعتمد الأمم المتحدة أرقامها في العديد من الحالات.

وتظهر أرقام الجدول السابق أن التقارير الأممية قدّرت عدد السكان بأرقام وصلت الفجوة فيما بينها إلى 400 ألف نسمة، في حين بلغت الفجوة في أرقام الفرق المحلية 900 ألف نسمة؛ إلا أن هذه الفجوة تتسع عند مقارنة أرقام الفرق المحلية والأرقام الأممية، حيث تصل الفجوة إلى ما يقارب 700 ألف نسمة بين أدنى التقديرات الواردة، وترتفع حتى 1.2 مليون نسمة بين أعلى التقديرات الواردة بين الطرفين.

مما سبق: من غير الممكن قبول فجوة في التقديرات لعدد السكان في شمال وشمال غرب سوريا تصل إلى مليون شخص على الأقل، بحجم يصل إلى20-25% من إجمالي عدد كتلة بشرة تتركز في حيز جغرافي محدود يمكن الوصول إليه، لاسيما وأن هذه الفجوات في عمليات التقييم سوف تُضعف موثوقية الأرقام التي يقدمها أي طرف، على اعتبار أن المنهجية المتبعة متقاربة؛ لأن ذلك يعني حرمان شريحة واسعة من الاستجابة الإنسانية التي ما زالت في حدودها الدنيا، وعدم الوصول إلى المخرجات المطلوبة على اعتبار أن الـمُدخلات غير دقيقة.

أسئلة تحتاج إلى إجابة:

يمكن القول إن عملية إحصاء عدد السكان في مناطق النزاع يشوبها الكثير من العراقيل؛ وذلك لأن تلك المناطق لم تصل بعدُ إلى حالة الاستقرار، فضلاً عن غياب الجهة الحكومية الناظمة التي تتولى عادة مثل هذه الأعمال، وحركة السكان المتغيرة بين المناطق الواقعة تحت سيطرة جهات مختلفة، وحركة السكان من وإلى تركيا؛ سواء خلال عمليات التهريب أو خلال عمليات العودة.

ومن جهة أخرى تشير الأرقام الواردة في الجداول السابقة إلى فترة زمنية اتسمت بانخفاض كبير في العمليات العسكرية، وبتراجع في حركات النزوح أو التنقل نتيجة جائحة كورونا، أي أنه من غير المتوقع حدوث تغيرات كبيرة في عدد السكان الكلي خلال هذه المدة.

وفيما تعتمد الكثير من الجهات الأرقام الصادرة عن الأمم المتحدة بأنها الأكثر دقة في تقييم الواقع، نظراً لأن عملية جمع البيانات تخضع لمعايير وتدقيق مفترض من قبل الجهات المشرفة؛ إلا أن الاختلاف الكبير بين أرقام الحكومة التركية حول عدد السكان في المناطق الواقعة تحت إشرافها والأرقام الواردة في التقارير الأممية والتي تصل إلى فارق مليون نسمة يطرح الكثير من الأسئلة، خاصة مع قدرة الجهات الأممية على الحصول على معلومات محدَّثة بشكل دوري من الحكومة التركية التي تشرف على عمل المجالس المحلية في المنطقة التي تتولى مهمة إصدار البطاقات الشخصية.

فهل تبالغ الحكومة التركية في الأرقام التقديرية التي تقدمها حول المنطقة؛ وهي تعلم أن هذا الملف يشكّل حساسية في الشأن الداخلي التركي[20]؟ أم تستخدمه ورقة للضغط؛ وهي تعرف عزوف الأمم المتحدة عن تمويل الكثير من المشاريع في المناطق التابعة لإشرافها الإداري؟

وفيما يتعلق بتقديرات الأمم المتحدة يبدو السؤال الأهم: ما هي مصادر البيانات التي اعتمدتها الأمم المتحدة في تقديراتها لعدد السكان في مناطق الإشراف التركي إن لم يكن مصدرها الحكومة التركية؟ لاسيما وأنها قد لا تملك فرقاً عاملة على الأرض في بعض المناطق، فضلاً عن كون نشاط المنظمات المحلية العاملة في تلك المنطقة محدوداً؟

وهل يمكن اعتماد الأمم المتحدة وسيطاً نزيهاً في تقدير عمليات الاستجابة الإنسانية، خاصة مع وجود تقارير متكررة تؤكد مساعدتها لنظام الأسد عن طريق تحويل مليارات الدولارات من المساعدات إلى المناطق التي يسيطر عليها، ومع ترك المناطق المحاصرة دون طعام ودواء عام 2016[21]؟ بالإضافة إلى وجود اتهامات أوروبية بخضوعها لضغوط النظام واستخدمها سعر الصرف الرسمي للبنك المركزي في تعاملاتها؛ مما أفقد المساعدات الخارجية نصف قيمتها نتيجة هذا التحويلات وحرم المستفيدين منها، فذهبت هذه الأموال إلى جيوب المؤسسات الخاضعة للعقوبات الدولية[22]؟ بالإضافة إلى الاتهامات الأخيرة بسوء اختيارها لمزودّي الخدمات خاصة بعد أن ثبت تعاملها مع جهات وأسماء متهمة بانتهاكات لحقوق الإنسان استفادت من الأموال المخصصة للمساعدات الإنسانية[23]؟

وبالعودة إلى أن عمليات الاستجابة الإنسانية المُقادة من الأمم المتحدة تخضع لسياساتها ومعاييرها الخاصة[24]، ومع قدرة نظام الأسد على التأثير في سياسات مكتب الاستجابة الإنسانية التابع للأمم المتحدة كما أشارت التقارير الغربية فلن يكون مستغرباً أن يمارس النظام ضغوطاً قد تدفع الأمم المتحدة لاعتماد أرقام أقل من الواقع؛ وذلك من أجل أن يستجلب غالبية الدعم المقدم إلى مناطقه، أو لتحصيل مكاسب سياسية من خلال ادعاءاته بأنه يُدير أمور الكتلة البشرية الأكبر من السوريين.

وفيما يتعلق بالأرقام الواردة من الجهات المحلية فإن البعض يشكك في مصداقية هذه الأرقام، على اعتبار أن رفع التقديرات الخاصة بعدد السكان قد تُستخدم لأسباب سياسية، سواء في المناطق الخاضعة لسيطرة نظام الأسد أو الخارجة عنه، أو قد تتم  لأسباب إنسانية بهدف الحصول على حجم أكبر من المساعدات التي تتراجع عاماً بعد عام، فيما قد يرى آخرون أن الفرق المحلية قد تفتقد المهنية، أو أنها غير متخصصة في عمليات الإحصاء وطوّرت خبرتها نتيجة التجربة على أرض الواقع دون وجود خبرات سابقة؛ وبالتالي فإمكان وقوعها في الخطأ أكبر.

وتُعد الفرق المحلية الأساس في أية عملية تقدير سكاني في أوقات الأزمات؛ إذ تصبح أرقامها أكثر اعتماداً حتى من الجهات الغربية، نظراً لفهمها السياق المحلي المجتمعي وقدرتها على الوصول، وبقدْر ما تتمكن الفرق المحلية من ضبط منهجيتها وتطوير تقاريرها وتقديم رواية متناسقة ومحدثة دورياً فإن هذا ما يجعل بعض هذه الفرق المحلية مصدراً أساسياً للمعلومات، لاسيما في بعض التخصصات.

وبالعودة إلى التقارير الصادرة عن هذه الفرق فلا تبدو أن ثمّة مصلحة لها بالتلاعب بالأرقام؛ فهذه الفرق والجهات التي تتبع لها تقدر الاحتياجات فحسب، ولا تقوم بتنفيذ المشاريع؛ فلن يكون لها أية منفعة مادية في تقديم تقديرات مبالغ بها، ولن تحصل على أية نِسب إدارية جراء تنفيذ المشاريع في المنطقة؛ بل على العكس قد يؤثر الأمر عليها بشكل سلبي ويضرب سمعتها ويجعلها تخسر اعتمادها كجهة إحصائية موثوقة.

المنهجيات الناظمة لعمليات التقدير السكاني:

في محاولة للإجابة عن الأسئلة السابقة ومع صعوبة ترجيح أرقام جهة على الأخرى وسط حالة التشكيك المتبادلة، خاصة مع التحديات الكبيرة التي تطال العمل؛ فإنه كان من الضروري الإضاءة على أسلوب العمل المتبع في عمليات التقدير السكاني الذي تقوم به بعض الفرق المحلية والفرق المعتمدة أممياً لإزالة اللبس والغموض الذي يعتري آلية عملها.

وفي محاولةٍ لتتبع المنهجية التي تضبط بها الفرق المحلية أرقامها أجرى فريقنا البحثي لقاء مع مدير وحدة إدارة المعلومات في وحدة تنسيق الدعم للاستيضاح عن آلية عمل الوحدة. فكشف لنا أن وحدة إدارة المعلومات قد أطلقت برنامجاً لدراسة التعداد السكاني منذ عام 2020، وكان الهدف منه متابعة التوزع السكاني وعمليات النزوح والعودة في المناطق الواقعة خارج سيطرة النظام، واستطاعت عبر جامعي البيانات الذين يزيد عددهم عن 100 باحث تغطية قرابة 2330 تجمع سكاني و585 مخيم، وتستمر الوحدة بالعمل على زيادة عدد التجمعات السكنية والمخيمات المغطاة بشكل شهري[25].

وقد تمكن الباحثون من الوصول إلى الجزء الأكبر من البيانات خلال الأشهر الثلاثة الأولى، ثم انتقلت عملية تقدير التعداد للمرحلة الثانية؛ حيث بدأ الباحثون بإعادة تحديث المعلومات دورياً في التجمعات التي تشهد حركات للسكان كحركات النزوح والعودة، حيث يتم استقاء المعلومات من خلال التواصل المباشر مع المجالس المحلية وبعض القيادات المجتمعية ومديري المخيمات للحصول على التحديثات الشهرية؛ حيث إن عملية التقدير هنا لا تتضمن مسحاً فردياً للعائلات، وإنما تتم جمع البيانات من المصادر المطلعة[26].

وحول آليات ضبط المنهجية التي يتبعها فريق وحدة تنسيق الدعم يتابع فريق خاص البيانات القادمة من الميدان، وتتم مطابقتها مع نتائج تقديرات الفرق الأخرى ومراجعة المناطق التي ظهرت فيها الاختلافات، وإعادة جمع البيانات للوصول إلى الرقم الأدق واعتماده، ثم تنتقل البيانات إلى قسم تحليل المعلومات الذي يقوم بتحليلها على برامج إحصائية مختلفة بعد استبعاد القيم الشاذة من خلال البرامج المتخصصة، واستخدام إجرائيات متقدمة في حالات خاصة؛ وذلك لضمان الحصول على نتائج قريبة من الواقع[27].

ومن جهة أخرى تتم عمليات مقاطعة المعلومات الواردة من برامج أخرى تشرف عليها الوحدة، مثل برنامج اللقاح والتعليم وشبكة الإنذار المبكر والاستجابة للأوبئة؛ حيث يعطي برنامج اللقاح على سبيل المثال معلومات دقيقة عن الشريحة العمرية في سن الطفولة، وبالتالي يمكن استنتاج تقديرات بقية الشرائح اعتماداً على معرفة نِسب توزع الشرائح العمرية ضمن إجمالي عدد السكان[28].

ويستقبل فريق وحدة تنسيق الدعم شهرياً قرابة 80 تقرير يحدّث المعلومات الخاصة بالقرى والبلدات، أو المدن التي تشهد تغيرات في حركات السكان، كما يستقبل المعلومات الدورية من برامج الوحدة، ويقوم بمقاطعة المعلومات الواردة مرة أخرى لإجراء توازن مع الأرقام الموجودة لتقارب الواقع بأفضل صورة[29].

ويملك فريق وحدة تنسيق الدعم بمجمل أفراده خبرة تراكمية في العمل الإحصائي تزيد عن 8 سنوات خضع فيها للعديد من التدريبات والدورات التي من شأنها مساعدته على تطوير خبراته ومهاراته لإنتاج تقارير يمكن اعتمادها كأحد المراجع في العمل الإنساني، كما يتم رفع بيانات التعداد السكاني على منصة HDX بشكل شهري[30].

أما فيما يتعلق بالفرق المعتمدة من الجهات الأممية، فقد قابل فريق البحث مسؤول قواعد البيانات والمعلومات في فريق HNAP حيث أوضح مراحل تطور عمل الفريق الذي تشكل في عام 2015 كفريق تابع لوكالة الأمم المتحدة للهجرة IOM ، ثم أصبح هيئة منفصلة مستقلة تم اعتمادها مرجعاً من قبل العديد من الجهات الأممية عام 2018؛ فإن هذا الفريق يركز على تقييم الاحتياجات وتقديم التقديرات والإحصائيات الخاصة بكل مناطق سوريا، خاصة فيما يتعلق بالتقدير السكاني، من خلال البيانات الواردة من قبل 465 جامع بيانات يغطون قرابة 9961 تجمع سكاني على مساحة سوريا كافة منذ عام 2016، متجاوزاً العوائق العسكرية والتغيرات في مناطق السيطرة خلال الأعوام الماضية[31].

وتتركز منهجية عمل فريق HNAP على جمع البيانات في كل تجمع سكاني عبر 3 مصادر مختلفة، كالمجالس المحلية وبعض القيادات المجتمعية ومديري المخيمات والعاملين في العمل الإنساني، وتتم مقاطعة معلومات المصادر الثلاثة واعتمادها إن تطابقت بنسبة 90%[32].

كما يعتمد الفريق على المعلومات الواردة من حركة المعابر الداخلية والخارجية كمصادر ثانوية؛ إلا أن هذه المعلومات تتركز على الحركات النظامية عبر الحدود، أما عمليات التهريب غير القانونية فلا يمكن حصرها ولا التأكد من حجمها إلا بشكل تقديري، كما يتم تتبع حركات النزوح والانتقال الداخلي عبر مقارنة البيانات من المناطق التي تمت مغادرتها والمناطق التي تم الوصول إليها[33].

ويقوم الفريق في بعض الأحيان بمقاطعة معلوماته مع ما ورد من قبل جهات أخرى، وعند ملاحظة فجوة كبيرة في الأرقام يتم توجيه فريق جديد غير الفريق السابق إلى المنطقة، حيث يقوم بمسح جغرافي عبر تطبيقات خاصة، ويتم عمل تعداد للمخيمات والأبنية ومراكز الإيواء مدعومة بالصور والفيديوهات من أجل مقارنة الأعداد، ثم إعادة التقييم واعتماد الأرقام الناتجة عن هذا المسح؛ إلا أن هذه الفجوات تحدث بشكل محدود يُقدر بين 2-3 مرات سنوياً[34].

ويتركز عمل الفريق في مجال تقدير عدد السكان وتتبع حركتهم على متابعة التغيرات للفئات التالية: سكان المنطقة الأصليون، وسكان أصليون غادروا داخل سوريا، وسكان أصليون غادروا إلى خارج سوريا، وعائدون من داخل سوريا، وعائدون من خارج سوريا، ونازحون من داخل سوريا، ونازحون من خارج سوريا[35].

ومما سبق يمكن أن نلاحظ تشابهاً في المنهجية العامة وفي آلية جمع البيانات بين فريق وحدة تنسيق الدعم وفريق برنامج HNAP في الكثير من الجوانب يمكن إجمالها في الجدول التالي:

برنامج التقديرات السكانية منهجية وحدة المعلومات في وحدة تنسيق الدعم [36]ACU منهجية فريق HNAP [37]
تاريخ الإنشاء نهاية عام 2012، وتم تسجيلها رسميا في 9/2013 بدأ عمله في عام 2015 مع مؤسسة الهجرة الدولية، وأصبح هيئة مستقلة عام 2018
الاعتماد على المسح الشامل والتعداد الفردي لا يوجد لا يوجد
منهجية جمع الأرقام الاعتماد على مصادر البيانات المحلية كالمجالس المحلية والقادة المجتمعيين ومديري المخيمات. الاعتماد على مصادر البيانات المحلية كالمجالس المحلية والقادة المجتمعيين ومديري المخيمات، مع اعتماد 3 مصادر مختلفة لكل تجمع ومقاطعة المعلومات فيما بينها.
تحديث الأرقام السنوي اعتماد البيانات الواردة من الجهات العاملة في الصحة شهرياً لتحديث الأرقام وتعديلها بما يتناسب مع معدلات الولادات والوفيات. تتم إعادة جمع معلومات من جميع التجمعات المحلية كل ٣ شهور من أجل تحديث نسب الولادات والوفيات، ولتصحيح الانحياز الناتج عن الخطأ في تقدير الحركة أيضاً.
آلية ضبط البيانات يتم تحديث المعلومات بشكل دوري من المناطق التي تشهد حركة، ويتم تحليل البيانات على البرامج الإحصائية بعد استبعاد القيم الشاذة والمتطرفة. جمع المعلومة من 3 مصادر مختلفة بشكل دوري، وتتبع حركات النزوح.

وإدخالها ضمن البرامج الإحصائية للتأكد من تناسق المعلومات مقارنة بنتائج السنوات الثلاث الماضية.

طاقم جمع البيانات[38] 110 جامع بيانات يغطون المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، جميعهم من سكان المناطق التي يقومون بتغطيتها. 465 جامع بيانات يغطون كامل سوريا، جميعهم من سكان المناطق التي يقومون بتغطيتها.
التجمعات السكانية التي تتم تغطيتها 2230 تجمعاً سكانياً في المناطق الخارجة عن سيطرة نظام الأسد (مناطق المعارضة ومناطق “قسد”). 9961 تجمعاً سكانياً في كامل مناطق سوريا.
مقاطعة النتائج مع بيانات أخرى تتم مقاطعة نتائج الإحصائيات الشهرية مع نتائج الأشهر السابقة، ومع نتائج برامج أخرى مثل برامج اللقاح وبرامج التعليم، وإعادة جمع البيانات في المناطق التي تشهد فجوات واضحة. تتم مقاطعة النتائج مع بيانات الفرق الأخرى، وإعادة إجراء المسح في المناطق التي تختلف النتائج فيها بشكل كبير، وتتم مقاطعة النتائج مع تقييمات الكلاسترات في بعض الأحيان.
درجة الموثوقية من قبل المنظمات الأجنبية تطلع الأوتشا على عدد من التقارير الخاصة في مجال التعداد السكاني، كما يعتمد كلاستر التعليم على التقارير الدورية الخاصة بالمدارس في تصميم الاستجابة، في حين تعتمد اليونيسيف ومنظمة الصحة الدولية العديد من التقارير المتعلقة برصد الأوبئة.

بالإضافة إلى التعاون من كلاستر المياه والإصحاح وكلاستر المخيمات CCCM cluster، بالإضافة إلى تعاون مع [39]FCDO

المصدر المعتمد خلال السنوات الثلاث الماضية من قبل كل من HNO و HRP، DIFD و OFDA و ECHO و World Bank, ويقدم ما يقارب95% من البيانات الصادرة عن غرفة عمل السكان PTF وغرفة عمل النازحين IDPs TF المُدارين رسمياً من [40]OCHA.
درجة الثقة من قبل المنظمات السورية المحلية العاملة في الشأن الإنساني[41] تعتبرها المنظمات الإنسانية السورية جهة موثوقة وحيادية، وتعتمد أرقامها في المواضيع المهنية المتعلقة بالتعليم والمياه وبرنامج تتبع الأوبئة وأوضاع المخيمات. تعتبرها المنظمات الإنسانية جهة موثوقة وحيادية، وتعتمد أرقامها في تقديم مقترحات المشاريع.
بعض الانتقادات الموجهة لها تستقي بياناتها من بعض المجالس المحلية التي قد تقدم بيانات غير دقيقة من الصعب التأكد من صحتها. يتم اعتماد التقارير الخاصة بها من المكتب الرئيسي في دمشق، وهو ما قد يفسح المجال للتدخل في التقارير.

جدول 3 لمقارنة المنهجيات المتبعة في تقدير عدد السكان في سوريا بين فريق محلي وآخر معتمد من قبل الجهات الأممية

مما سبق: تبدو المنهجيات المتبعة من كلا الفريقين متقاربة إلى حد كبير؛ فهي لا تستخدم المسح الشامل، وإنما تعتمد على المعلومات المقدمة من أشخاص مفتاحيين، سواء كانوا موظفين في هيئات إدارية أو من القيادات المجتمعية كمصدر أساسي في الحصول على المعلومة، كما أن أساليب التحقق والتعديل ومقاطعة المعلومات الواردة من برامج أخرى قد تختلف باختلاف القدرة على الوصول إلى تلك البرامج واختلاف أساليب التحليل الإحصائي وتطور البرمجيات المستخدمة في هذا الخصوص.

وبالتالي قد تبدو المنهجية المعتمدة مقبولة -إلى حد ما – في أوقات الأزمات؛ إلا أن ذلك لا يُلغي الحاجة إلى الوصول إلى تقديرات أكثر دقة، والاستفادة من حالات الاستقرار لإجراء مسح ميداني شامل من شأنه التحقق من المعلومات السابقة وضمان تغطية كل التجمعات السكانية، وإتاحة الإمكانية لتصحيح هوامش الخطأ زيادة أو نقصاناً بما يساعد في فهم الواقع واحتياجاته والاستجابة له بأفضل شكل ممكن، وتحسين خطط تنمية المجتمع في مرحلة التعافي المبكر وما بعدها.

صعوبات وعراقيل:

بعيداً عن نظرية المؤامرة فإن معظم الدول المستقرة تواجه مشكلات في تقدير الأعداد الحقيقية للسكان في أوضاع الاستقرار رغم وجود منظومات متكاملة لإدارة السجلات المدنية، وامتلاك الكوادر واللوجستيات اللازمة لإدارة العملية، والقدرة على الوصول إلى كامل أنحاء البلاد.

 إلا أن هذه العملية تصبح معقدة عند الحديث عن دولة كانت تعاني أساساً من مشاكل في عمليات الإحصاء[42]، ويتلاعب فيها نظام الأسد بالأرقام والنسب لغايات سياسية[43]؛ لتتحول إلى معضلة أكبر مع انتقال هذه الدولة إلى حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني والعسكري، ويتفكك فيها المجتمع إلى مجموعات غير مستقرة دائمة الحركة لا يخضع بعضها لسلطات إدارية موحدة.

وتواجه الأمم المتحدة عادة هذه المشكلة عند تصميم الاستجابات الإنسانية في أيّ من مناطق النزاع، تضطر معها إلى اعتماد التقديرات المحلية إن وجدت، والأخذ بمعدلات النمو والتضخم السكاني ومعدل الوفيات للخروج بعدد تقديري وتحديثه بشكل سنوي ومقاطعته مع مخرجات برامج مسح الأوبئة واللقاحات، حيث تظل الأرقام الأممية مجرد تقديرات تحمل هامشاً للخطأ، ولا يمكن اعتبارها تعداداً سكانياً دقيقاً[44].

ومع الاعتماد على التقديرات المحلية يرتفع هامش الخطأ المقصود وغير المقصود؛ فقد تلجأ بعض الجهات المحلية لرفع أعداد الأفراد من أجل تحصيل أكبر قدر ممكن من المساعدات، أو قد تفتقد بعض الجهات المحلية المنهجية الضابطة أو الأدوات والتجهيزات التي تمكّنها من تجنب تكرار إحصاء بعض الأفراد عدة مرات.

كما تبرز مشكلة فقدان الوثائق الثبوتية الرسمية كثغرة أساسية في عملية التحقق؛ إذ يصبح التأكد من المعلومات التي تقدمها الأسر أو حتى الجهات التي تقدم المعلومة خلال الإحصاء أمراً بالغ الصعوبة، فضلاً عن وجود شريحة من السكان لا تمتلك أية وثائق ثبوتية ولم تقم بتقييد حالات الزواج أو الولادة لدى الجهات الإدارية نتيجة العديد من الأسباب، سواء أكانت من العائلات السورية أو من الأطفال الذين فقدوا عائلاتهم[45].

ومن جهة أخرى فإن تعدد الجهات الإدارية في شمال وشمال غرب سوريا يفتح مجالاً واسعاً لحدوث أخطاء أو عمليات احتيال؛ حيث يمكن لبعض الأفراد استصدار عدة هويات من جهات مختلفة للحصول على مساعدات من مختلف الأطراف، مع بعض السياسات البيروقراطية لدى بعض الجهات مما قد يحرم بعض الفئات من التسجيل إن لم تكن تمتلك ما يثبت هويتها[46].

وتبرز هنا ضرورة وجود نظام معلومات مركزي مستقل، يستقبل المعلومات الواردة من المجالس المحلية ومن مكاتب الصحة والفرق التعليمية ويقارنها بتقديرات الفرق الإحصائية، يمكن أن يسهم في تخفيف الفجوات وتصحيح الرقم ليقارب الواقع، ويعمل على تحديث نسب الولادات والوفيات ومعدلات النمو في المجتمعات السكانية الجزئية والكلية، وهو ما يمكّن من دراسة التغيرات الطارئة على تلك المجتمعات واحتياجاتها، وضمان عدم التلاعب أو تضخيم الاحتياجات لأي سبب كان.

وتشكّل قضية العائدين مساحة إضافية للتلاعب في الأرقام مما يرفع احتمالية تسييس موضوع المساعدات؛ حيث إن حركة الأفراد بين المناطق الخاضعة لسيطرة نظام الأسد وتلك الخارجة عنها قد تسجل ضمن أرقام العائدين، حتى لو كانت هذه الحركة مؤقتة أو على سبيل التجارة[47]، وكذلك الأمر فيما يتعلق بالعائدين من تركيا[48].

وقد تعتمد الأمم المتحدة في بعض تقاريرها على المعدل الوسطي للأرقام المتضاربة، وقد تستبعد في تقاريرها اللاجئين الفلسطينيين والعراقيين الموجودين في المناطق الخارجة عن سيطرة نظام الأسد، وتحدّث أرقامها في بعض الأحيان وفقاً لمعدلات الولادة والوفاة الخاصة بسوريا قبل الثورة[49].

وقد واجهت دول الجوار العديد من المشاكل من أجل ضبط أعداد المقيمين لديها ومناطق وجودهم رغم الإمكانيات الكبيرة التي تملكها هذه الدول؛ فقد اضطرت تركيا إلى إنشاء نظام خاص اعتمد على البصمة وطورته عدة سنوات حتى تمكنت من ضبط تكرار تسجيل البيانات. فيما كانت تجربة الأردن في إدارة مخيم الزعتري سبّاقة في هذا المجال؛ فقد قامت السلطات المحلية باستصدار وثائق لمن لا يملك باستخدام بصمة العين والإصبع، مستفيدة من تجاربها السابقة في إدارة ملف اللاجئين العراقيين والفلسطينيين[50].

معركة البيانات والأرقام:

قد يظن البعض أن ضبط الأرقام والإحصائيات أمر هامشي في ظل التحديات الكبيرة التي يواجهها السوريون على مختلف الأصعدة، وأن الخطأ في احتساب نصف مليون شخص زيادةً أو نقصاناً في منطقة ما قد يكون أمراً مقبولاً في هذه الظروف الصعبة؛ إلا أن هذا الادعاء ليس صحيحاً، وإن التهاون في ضبط هذه الأرقام ستكون له عواقب كبيرة في المستقبل.

فعلى نطاق الاستجابة الإنسانية تحاول الأمم المتحدة والجهات المانحة الانسحاب التدريجي من التزاماتها الإنسانية، وهو ما يؤكده تراجع حجم التبرعات السنوية مقارنة مع السنوات السابقة؛ وبالتالي فإن غياب التقديرات الدقيقة لعدد السكان ومناطق توزعهم يعني حرمان شريحة واسعة من المساعدة والدعم حالياً ومستقبلاً، وإضعاف أي جهود قادمة للمناصرة من أجل دعمهم، فضلاً عن أن غياب التقديرات الدقيقة قد يعرقل نتائج مشاريع التعافي المبكر ويُضعف مخرجات أي جهود تخطيطية تسعى للنهوض بالمنطقة إنسانياً واقتصادياً واجتماعياً.

أما سياسياً فإن غياب التقديرات الدقيقة لعدد السكان في المناطق الخارجة عن سيطرة نظام الأسد يفقد أجسام المعارضة السياسية والدول الحليفة لها ورقة تفاوضية قوية في أي استحقاق سياسي، وهو ما يعني بالضرورة عدم القدرة على المطالبة بحقوق شريحة واسعة من القاطنين في تلك المناطق أو المطالبة بإعادتهم إلى مناطقهم الأصلية، أو معرفة مصير المفقودين والمعتقلين الذين لا يُعرف مصيرهم ولا مكان وجودهم.

ومن جهة أخرى، وفي ظل مسار سياسي متجمد حالياً يعتمد في خطوطه الرئيسة على استفتاءات شعبية تتعلق باعتماد الدستور أو أي انتخابات مستقبلية؛ فإن الأرقام المتضاربة يمكن أن تشكّل فرصة للطعن مستقبلاً في نتائج أي استحقاق يجري في تلك المناطق على فرض انطلاق الحل السياسي، ويُضعف بالتالي صوت القاطنين فيها ويلغي قدرتهم على التعبير عن مطالبهم.

وعلى المستوى الاستراتيجي والاقتصادي، وإلى جانب غياب التقديرات السكانية الدقيقة فإنه لا تزال هناك العديد من المعلومات التفصيلية المفقودة أو غير المعلنة، والتي يمكن لها أن تساعد الوصول إلى خطط دقيقة وتوقع مشاكل والاستعداد لها مبكراً، فعلى سبيل المثال: يمكن لمراقبة معدلات الوفيات والولادات أن يعطي معلومات حول الصحة العامة ومدى كفاءة الاستجابة الصحية الحالية، كما أن مراقبة معدل ولادات الإناث مقابل الذكور يمكن أن يكون صورة عن مستقبل اليد العاملة بعد عدة سنوات[51].

ومن جهة أخرى تساعد معرفة الشرائح العمرية وتوزعها صنَّاع السياسات على التخطيط الأمثل لسياساتهم المستقبلية فيما يتعلق بقطاعات التعليم والصحة وسوق العمل والخدمات الاجتماعية المطلوبة، خاصة ما يتعلق بتوجهات شريحة الشباب وقدرتها على المساهمة في بناء المجتمع، في حين تساعد معرفة أعداد المهجَّرين قسرياً والمعتقلين والمفقودين والمخفين قسرياً في تصميم مسار العدالة الانتقالية وجبر الضرر[52].

خاتمة:

إن وصول السوريين إلى مدخلات صحيحة وإدارتها بشكل احترافي غير مسيس يتسم بالشفافية والموثوقية يستدعي ضرورة إنشاء هيئة إحصاء سورية وطنية، تنطلق من خبرات الفرق الموجودة على الأرض التي أثبتت وجودها وجدارتها، وتعمل على مأسسة عملها والتشبيك بين بياناتها، والتقريب بين الأرقام والفجوات الواردة بعد التحقق من مواضع الاختلاف، بالإضافة إلى رفع كفاءة الكوادر العاملة وتجهيزها بالأدوات والمعدات والبرمجيات المتطورة التي تسهّل عملها.

كما تبدو الأولوية حاضرة لإطلاق برنامج مسح سكاني يشمل جميع التجمعات السكانية والعائلات المقيمة فيها وجهاً لوجه، واستخدام البرامج والأجهزة التقنية المتاحة كبصمة العين والأصابع، والاستفادة من تجارب الدول الأخرى التي انتهجتها للوصول إلى تقديرات سكانية دقيقة في العمليات الإحصائية والبرامج المطورة التي استعملتها، والعمل على رفع كفاءة العاملين في هذا المجال، لاسيما في الجوانب التقنية.

إن النجاح في إدارة معركة الأرقام والبيانات بشكل منضبط ومنهجي يعني امتلاك ورقة رابحة، يمكن أن تساعد في توحيد الصوت السوري الإنساني والسياسي، وتحصيل مكاسب إضافية على طاولة المفاوضات، خاصة عند المطالبة بحقوق النازحين المهجَّرين قسرياً، أو دفع عملية المحاسبة والعدالة الانتقالية التي من شأنها دعم مساعي الاستقرار والتعافي خلال الفترة الانتقالية.

كما أنها تساعد في تصميم عمليات استجابة إنسانية أكثر دقة وحساسية للاحتياجات، وتجنب الكثير من العثرات والمشاكل الطارئة غير المحسوبة، فضلاً عن كونها خطوة مهمة تمكن صنّاع القرار من إنشاء الخطط القصيرة ومتوسطة المدى بشكل أكثر فعالية يمكن من خلالها قيادة جهود التعافي وتصميم عملية إعادة الإعمار، بما يحقق أكبر منفعة اقتصادية واجتماعية وإنسانية، ويعزز جهود الاستقرار والسلام المستدام.

لمشاركة الإصدار: https://sydialogue.org/7e7k


[1] باستثناء مناطق سيطرة “قوات سوريا الديموقراطية-قسد”.
[2]  OCHA: هو مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الاستجابة الإنسانية، وله قسم خاص بسوريا يتألف من 3 مكاتب يتوزعون بين تركيا ودمشق والأردن.
[3] هو مبادرة تقييم مشتركة للأمم المتحدة تتعقب حركات النزوح والعودة، وتجري تقييمات متعددة القطاعات، وتراقب الاحتياجات الإنسانية داخل سوريا. يتم تنفيذ HNAP من خلال المنظمات غير الحكومية السورية المحلية، بدعم فني من وكالات الأمم المتحدة.
[4] تقوم مبادرة REACH  وهي مبادرة متخصصة  مبادرة إنسانية بتوفير وتحليل البيانات المتوافرة ضمن سياقات الأزمات والكوارث والنزوح، حيث تقوم بمعالجة البيانات الورادة من الأرض وتحويلها إلى تقارير.
[5] وحدة تنسيق الدعم: هي مؤسسة سورية وطنية غير حكومية، غير سياسية، غير ربحية، تعمل على مضاعفة الأثر للمساعدات المقدمة للشعب السوري عبر تنسيق الجهود بين المانحين والوكالات التنفيذية والشركاء المحليين،  لديها ما يقارب 110 جامع بيانات على الأرض، بالإضافة إلى طاقم عمل كبير في الداخل يقدر بـ 750 موظف.
[6] منسقو استجابة سوريا: هي منظمة محلية تقوم بإصدار إحصائيات دورية عن الواقع الإنساني في الشمال السوري.
[7] حركات السكان والنزوح والعودة في شمال سوريا ، التقرير الصادر عن وحدة تنسيق الدعم بتاريخ 11/1/2022 والمنشور على منصة الأوتشا:
[8]  يشير الانفوغراف بشكل واضح إلى أن الأرقام المعنة تشمل شمال غرب سوريا التي تعني محافظة إدلب وريف حلب الغربي وريف حماة الغربي، عدا مناطق درع الفرات وغصن الزيتون:
[9] تقرير كلاستر الصحة في تركيا للربع الثالث من عام 2021، منصة الاستجابة الإنسانية التابعة لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية OCHA ، ص 16.
[10] تحديث التعداد السكاني في سوريا لشهر 5 عام 2021، برنامج تقييم الاحتياجات الإنسانية التابع للأمم المتحدة.
[11] لمحة عامة عن الاحتياجات الإنسانية في الجمهورية العربية السورية الصادر عام 2021، مكتب OCHA ، التعداد السكاني وفق تقييمات عام 2020،  ص 97-101.
[12] يُقصد بمنطقة جبل سمعان: الأتارب ودارة عزة فقط، وهي المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة السورية، وقد كان ذلك واضحاً في تقريري وحدة تنسيق الدعم وتقرير كلاستر الصحة.
[13] الرقم يشمل منطقة تل أبيض ورأس العين أيضاً.
[14] حركات السكان والنزوح والعودة في شمال سوريا، التقرير الصادر عن وحدة تنسيق الدعم بتاريخ 11/1/2022 والمنشور على منصة الأوتشا:
[15] من خلال الاستفسار فإنه لا تتوفر تقديرات واضحة عند العاملين من هذه الفرق عن هامش الخطأ المقبول في هذه الحالة.
[16] يشكل الفارق بين الأرقام الأممية نسبة 7.3% من عدد السكان على اعتبار الكتلة السكانية التي يتم تقديرها 4.5 مليون.
[17] تواجه الفرق المحلية صعوبات في العمل في تلك المناطق، وهو ما دفع وحدة تنسيق الدعم إلى الاعتماد في تقديراتها على معطيات برامج اللقاح التي تشرف عليه في تلك المنطقة واحتساب العدد التقديري وفقاً لمعادلات حسابية.
المصدر: مقابلة أجراها فريق البحث مع المدير التنفيذي للوحدة في شباط 2022.
[18] تركيا توفر الخدمات الصحية في مناطق “درع الفرات” بسوريا (تقرير)، وكالة الأناضول، تاريخ النشر 24/8/2021.
[19] على اعتبار أن متوسط الأرقام التقديرية الواردة في تقارير الأمم المتحدة يبلغ 1.65 مليون نسمة.
[20] يسود اعتقاد في الأوساط الشعبية التركية بأن ما تقدمه الحكومة التركية من مساعدات مصدره خزينة الدولة؛ حيث لا يوجد اطلاع أن المنظمات التركية العاملة في الشمال السوري تنفذ مشاريعها بالمساعدات الدولية الواردة للمنطقة.
[24] امتنعت الأمم المتحدة عن تنفيذ أو تمويل أي مشاريع إنسانية في منطقة نبع السلام “تل أبيض وراس العين”، خاصة المشاريع الصحية، رغم رفع العديد من المنظمات الإنسانية تقديرات لحجم الاحتياج الطبي الذي تحتاجه المنطقة.
المصدر: من مقابلة أجراها فريق المركز مع مدير وحدة تنسيق الدعم في شباط 2022.
[25] تُقدر عدد التجمعات السكانية في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام والواقعة تحت سيطرة “قسد” وسيطرة قوى الثورة والمعارضة بما يقارب 4700 تجمع، حيث تم التركيز على التجمعات الكبيرة كالبلدات، والقرى، والنواحي، والمخيمات.
المصدر: من مقابلة أجراها فريق المركز مع مدير وحدة إدارة المعلومات في وحدة تنسيق الدعم ACU.
[26] المصدر السابق.
[27] المصدر السابق.
[28] المصدر السابق.
[29] المصدر السابق.
[30]  HDX : هي منصة تبادل المعلومات الإنسانية التابعة لمكتب الأوتشا OCHA.
المصدر السابق.
[31] من مقابلة أجراها فريق البحث مع أحد المطلعين في فريق HNAP  في شباط 2022.
[32] المصدر السابق.
[33] المصدر السابق.
[34] المصدر السابق.
[35] المصدر السابق.
[36]  من مقابلة أجراها فريق البحث مع مدير وحدة ادارة المعلومات في وحدة تنسيق الدعم ، مرجع سابق.
[37] من مقابلة أجراها فريق البحث مع أحد المطلعين في فريق HNAP، مرجع سابق
[38] عند مقارنة وسطي عدد التجمعات السكانية التي يغطيها الباحثون لدى الفريقين تبدو الأرقام متقاربة إلى حد كبير،  حيث يغطي جامع البيانات الواحد في فريق وحدة تنسيق الدعم 20 تجمعاً سكانياً وسطياً ، فيما يغطي جامع البيانات الواحد في فريقHNAP  قرابة 21 تجمعاً سكانياً وسطياً.
[39] FCDO : وزارة الخارجية وشؤون الكومنولث التابعة للحكومة البريطانية Foreign, Commonwealth & Development Office
تتواصل هذه الجهات مع وحدة تنسيق الدعم بشكل دوري، وتطلب تقاريرهم ودراساتهم؛ إلا أنه من غير الواضح كيف تستفيد من البيانات المقدمة من طرفهم.
المصدر : مقابلة أجراها فريق البحث مع مدير وحدة إدارة المعلومات في وحدة تنسيق الدعم.
[40] HNO : هو برنامج تقييم الاحتياجات الإنسانية Humanitarian Needs Overview.
 HRP: هو برنامج تخطيط الاستجابة الإنسانية Humanitarian Response Plan.
DIFD : وزارة التنمية الدولية التابعة للحكومة البريطانية Department for International Development.
OFDA : مكتب المساعدة الخارجية الأمريكية للكوارث The Office of U.S. Foreign Disaster Assistance
ECHO : المديرية العامة للحماية المدنية الأوربية و عمليات المساعدة الخارجية European Civil Protection and Humanitarian Aid Operations
World Bank : البنك الدولي.
[41] تم سؤال 5 منظمات مجتمع مدني تعمل مع عدد من الكلاسترات في المجالات المختلفة حول رأيهم في تقارير الفريقين ومدى مقاربتها للواقع الذي يعملون عليه.
[42] اعتمد النظام الإحصائي في سوريا على نموذجين من الإحصاء: أحدهما يتبع لوزارة الداخلية والآخر يتبع لوزارات أخرى ويركز على المجتمعات المحلية، كما أن التقسيمات الإدارية اعتمدت على التكرار، فعلى سبيل المثال: هناك حلب المحافظة وحلب المدينة، وبالتالي فإن الإشارة إلى حلب لا يوضح أي مستوى إداري هو المقصود، وهو ما يجعل التقسيم الإداري الحالي معقداً جداً.
من لقاء أجراه فريق البحث مع مستشار المساءلة تجاه السكان المتضررين في مكتب الأوتشا في شباط 2022.
[43] حرمت الحكومة السورية التابعة لنظام الأسد أعداداً كبيرة من السوريين من الحصول على الجنسية السورية، وعُرفوا باسم “مكتومي القيد” وأغلبهم من الأكراد في منطقة الجزيرة أو من أبناء العشائر السورية في بادية السويداء، وقد قامت الحكومة السورية بتصحيح أوضاع بعضهم وفق مرسوم صدر عام 2011.
[44]  تعتمد الأمم المتحدة في تقديراتها على حساب عدد العائلات وضربه بمتوسط عدد أفراد الأسرة المتعارف عليه والبالغ 5.5، واحتساب معدل نمو سنوي يبلغ 2.3% ومعدل وفيات يقدر بـ 1.4%.
من لقاء أجراه فريق البحث مع مستشار المساءلة تجاه السكان المتضررين في مكتب الأوتشا في شباط 2022.
[45] يُقدر حجم هذه الشريحة غير المقيدة بـ 20% من إجمالي عدد السكان الموجود على أرض الواقع، حيث يتوقع أن تكون هذه الشريحة من الشرائح الأكثر ضعفاً ولم يتم الوصول إليها حتى الآن.
المصدر السابق.
[46] المصدر السابق.
[47] يسجل نظام الأسد أعداد كل مَن يغادر المناطق المحررة على أنهم عائدون إلى مناطقه، حتى لو كانوا من التجار أو من الذين يقومون بنقل البضائع بين المناطق، كما تتطلب الإجراءات الإدارية تسجيل أسماء عدد من موظفي المنظمات في تركيا ومنحهم بطاقات من أجل تسجيل دخولهم إلى الشمال السوري لمتابعة عمليات الاستجابة الإنسانية.
المصدر السابق.
[48] يقدر عدد السوريين العائدين من تركيا إلى سوريا حتى شهر تشرين الأول 2021 بما يقارب470 ألف سوري، سلموا بطاقات الحماية المؤقتة الممنوحة لهم إلى الدوائر التركية المعنية.
يُنظر: عودة “طوعية”… مسار خروج السوريين من تركيا، العربي الجديد، تاريخ النشر 08/09/2021.
[49] من لقاء أجراه فريق المركز مع  مستشار المساءلة تجاه السكان المتضررين في مكتب الأوتشا في شباط 2022.
[50] المصدر السابق.
[51] من مقابلة أجراها فريق المركز مع أحد الباحثين المختصين في المبادرات السياسية والتحليل الاستراتيجي، وهو خبير معتمد بالعمل المدني في أوروبا.
[52] المصدر السابق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى