نظرة على إشكاليات العقد السياسي الاجتماعي والهوية الجامعة بين السوريين
ما إن تُتاح فرصة الحرية ولو قليلاً للشعوب الواقعة تحت حكم الديكتاتوريات حتّى تُخرج الشّعوب كلّ ما كبتته من حريات ورغبات مسلوبة تضخّمت لسنوات طويلة، ويؤدّي ذلك غالباً إلى رفض كل ما فرضته نلك الأنظمة بالإكراه، ومنها الهوية الوطنية الجامعة، ممّا يؤدّي إلى البحث عن هوية جديدة قومية أو عرقية أو دينية، ذلك أنّ أنظمة الحكم الجبرية لم تنبثق سلطتها قطّ من وجود عقد اجتماعي سياسي حقيقي مبنيّ رضا تلك الشعوب واقتناعها، كما حدث في الاتحاد السوفييتي ويوغوسلافيا والعراق.
ومع ملامح انهيار النظام الدكتاتوري في سورية، كانت قضايا شكل الدولة والهوية الجامعة لكل السوريين محلّ جدل واسع، خاصّة مع قصر الفترة التي عاشها السوريون بهذا الوصف (كسوريين) بشكل اختياري نسبياً، تناقش الورقة الغموض الذي يشوب رؤية المعارضة حول تبني المواطنة نتيجة لوجود التناقض بين المعارضة السياسية التي تبنت المواطنة مبكراً، وبين فصائل المعارضة العسكرية التي بدا وكأنّها تبحث عن صياغات أخرى.
كما ناقشت الورقة قضية تحديد دين الدولة ورئيسها، ومدى توافقه مع مبدأ المواطنة المتساوية، إضافة إلى طروحات المحاصصات والفيدراليات، والتي تُطرح غالباً نتيجة لعدم القناعة بالمواطنة كرابط حقيقي بين السوريين.
وخلصت الورقة إلى أنّ صيغة المواطنة المتساوية كعقد اجتماعي سياسي، هي أفضل الصيغ الواقعية التي يمكن للمعارضة السّورية أن تتمسّك بها وتدعو إليها، وأنّ على فصائل الثورة أن توافق المعارضة السياسية في رؤيتها حول تبني مبدأ المواطنة، كما أنّ على المعارضة السياسية ألّا تقدم تنازلات لا تملك صلاحية تقديمها فيما يتعلق بهوية الدّولة السوريّة الإسلاميّة، إضافة إلى حقّ الأكثرية في تحديد دين رئيس الدولة كما هو في الدّستور السوري لعام 1950، مع رفض منطق المحاصصات ومختلف الطروحات التي تؤدّي إلى التفتيت والتّقسيم.
مؤسسة بحثية سورية تسعى إلى الإسهام في بناء الرؤى والمعارف بما يساعد السوريين على إنضاج حلول عملية لمواجهة التحديات الوطنية المشتركة وتحقيق التنمية المستدامة