الإصداراتالتقارير الموضوعيةالوحدة المجتمعية

نموذج المصالحة في درعا بعد ست سنوات على التطبيق

بعد قرابة ستّ سنوات على سيطرة قوى الثورة والمعارضة السورية على أجزاء واسعة من محافظة درعا التي انطلقت منها شرارة الثورة السورية تمكّنت قوات الأسد ومليشيات تابعة لإيران – مدعومةً بغطاء جويّ روسيّ – من استعادة كامل المنطقة إلى سيطرته منتصف عام 2018، بعد توقيع عدد من فصائل المعارضة اتفاقيات تسوية بضمانات روسية مقابل تنفيذ مجموعة من الشروط[1]، والسماح لمن يرفض التسوية بالخروج إلى مناطق سيطرة قوى الثورة والمعارضة في شمال غرب سوريا[2].

جنّبت اتفاقيات المصالحة سكان درعا عمليات التهجير، لكنها لم توفر لهم الهدوء والاستقرار في المنطقة؛ إذ تجدّدت التوترات العسكرية مرة أخرى، وبلغ التصعيد أشده في شهر سبتمبر/أيلول عام 2021، وانتهى بتوقيع اتفاقيات تسوية جديدة أتاحت لنظام الأسد إدخال مزيد من قواته في جميع أنحاء المحافظة ومصادرة أسلحة العديد من الفصائل وإعادة الانتشار الأمني والعسكري[3].

يُطرح اليوم من بعض الجهات والأفراد نموذج المصالحة المطبّق في درعا بوصفه نموذجاً يمكن استنساخه في مناطق أخرى: في شمال غرب سوريا، أو مع “قسد” في شمال الشرقي، أو حتى مع الفصائل المحلية في السويداء، لاسيما بعد تزايد الحديث حول تغيّر مواقف الدول وانفتاحها أمام التطبيع مع نظام الأسد؛ لذا بات من الضروري تقييم تجربة المصالحات في درعا من جميع النواحي بعد سنوات لمعرفة نجاحها وتقييم إمكانية تطبيقها في مناطق أخرى.

يهدف هذا التقرير إلى تتبّع وضع مناطق محافظة درعا بعد قرابة 6 سنوات من توقيعهم اتفاقيتَي المصالحة 2018 ثم 2021، واختبار مدى تحقق حالة الأمن والاستقرار، ووضع السكان، ومستوى توفر الخدمات والاحتياجات الأساسية، كالصحة والتعليم.

يعتمد هذا التقرير على عدد من المنهجيات المركبة؛ كالبحث المكتبي الذي يقوم على تحليل المعلومات والتقارير والدراسات المنشورة بهذا الخصوص، بالإضافة إلى المنهج التحليلي القائم على تحليل بيانات تقارير الانتهاكات الصادرة عن عدد من الجهات الحقوقية، بالإضافة إلى مخرجات ورشة نقاش مركّزة[4] وعدد من المقابلات التي أكّدت المعلومات التي وصلنا إليها.

يعمل التقرير على تحليل الوضع الأمني، وتتبّع تنفيذ بنود المصالحة ومصير الفصائل التي كانت طرفاً فيها، إلى جانب تتبّع أوضاع القطاعات الخدمية المختلفة، كالصحة والتعليم والخدمات البلدية وواقع الزراعة ومنظمات المجتمع المدني.

أولاً: اتفاقية المصالحة في درعا؛ ضمانات أمنية على ورق:

انطلقت شرارة الثورة السورية من درعا في آذار 2011، وسقط أول شهدائها في وقت مبكر خلال التظاهرات السلمية التي عمّت المنطقة احتجاجاً على اعتقال الأطفال، وعلى تطويق المحافظة ومنع دخول المواد الغذائية إليها، وامتدت رقعة الاحتجاج لتشمل كامل الجغرافيا السورية. ومع لجوء نظام الأسد إلى الحل العسكري دخلت الثورة في طورها المسلح، وخرجت 70% من إجمالي محافظة درعا عن سيطرته[5]، إلى جانب العديد من المحافظات والمناطق الأخرى.

ظلّت أجزاء واسعة من محافظة درعا تحت سيطرة فصائل المعارضة السورية حتى منتصف عام 2018، حين شنّ نظام الأسد بدعم من الطيران الروسي ومشاركة مليشيات محلية وعربية تابعة لإيران حملة عسكرية ضخمة، شهدت فيها المحافظة أكثر من 1500 غارة وبرميل متفجر تسبّبت باستشهاد ما يزيد على 787 شخصاً، بينهم 578 من المدنيين، 86% من النساء والأطفال[6].

انتهت العملية العسكرية بإجبار فصائل المعارضة على توقيع “اتفاقيات مصالحة” مع نظام الأسد بضمانة روسية، وقد نصّت على “وقف إطلاق النار، وعودة النازحين، ودخول الشرطة العسكرية الروسية إلى المدينة، إلى جانب انتشار حواجز لقوات نظام الأسد، وعودة مؤسساته الخدمية والإدارية للعمل في المنطقة، وتسليم الفصائل المعارضة لأسلحتها الثقيلة والمتوسطة، وخروج الرافضين للاتفاق باتجاه الشمال السوري. كما ضمنت روسيا بموجب الاتفاق إعادة الخدمات للمدنيين في درعا، والسماح بعودة أهلها النازحين”[7].

ونصّ الاتفاق على انضمام عدد من فصائل المعارضة إلى “الفيلق الخامس” بإشراف روسي لقتال داعش والإشراف على الريف الشرقي من المحافظة، وعلى عودة مؤسسات الدولة المدنية ورفع علم الجمهورية العربية السورية عليها، وإقامة حواجز للقوى الأمنية التابعة لنظام الأسد في الريف الغربي والطريق الدولي[8].

لم تؤدِّ هذه الاتفاقيات إلى استقرار الوضع ولا إلى فرض نظام الأسد سيطرته الكاملة على المحافظة؛ إذ شهدت المحافظة عودة التوترات والاحتجاجات، مما دفعه لمحاصرة درعا مرة أخرى بحشود كبيرة عام 2021 وقصفها، لتنتهي تلك الحملة العسكرية بتوقيع اتفاقيات جديدة للمصالحة، نصّت على تسليم السلاح الفردي بالكامل وعودة المنشقين إلى الجيش وتهجير الرافضين منهم إلى الشمال[9].

ونظراً إلى واقع اتفاقيات المصالحة بوصفها نموذجاً لإنهاء الصراع واستعادة السيطرة والأمن بعد قرابة ست سنوات على إبرامها نلاحظ ما يلي:

1-1- مآلات الفواعل العسكرية السابقة بعد المصالحات:

أدّت اتفاقيات التسوية إلى تغيّر الفاعلين العسكريين في المنطقة؛ حيث نلاحظ عدة تحولات طرأت على الفصائل العسكرية الموقعة على اتفاقية المصالحة وظهور فواعل عسكرية جديدة، وأبرز تلك التحوّلات:

  1. انضمام بعض فصائل المعارضة الموقعة على التسوية للفيلق الخامس المنتشر شرق محافظة درعا وتشرف عليه روسيا ويتبع مباشرة لقاعدة حميميم، ومن أبرز هذه الفصائل لواء شباب السنّة الذي يقوده أحمد العودة، وقد استقطب العديد من المقاتلين باعتباره ضماناً لعدم ملاحقة نظام الأسد وحماية من الالتحاق بجيشه[10].
  2. تشكيل اللجان المركزية في درعا البلد وبلدات الريف الغربي، وتضم وجهاء محليين وقادة بعض الفصائل، ومهمتها التفاوض مع الروس وممثلي نظام الأسد ومتابعة تنفيذ اتفاقيات التسوية، وتحولت هذه اللجان إلى ما يشبه هيئات الحكم المحلي[11].
  3. انضمام مقاتلين من فصائل المعارضة إلى المليشيات الرديفة التابعة للأمن العسكري والمخابرات الجوية التي يقودها لؤي العلي المعروف بانتهاكاته الواسعة لحقوق الإنسان في درعا منذ بداية الثورة، وقد جنّد بعض هؤلاء العناصر لتنفيذ مهمات الاغتيال ضد شخصيات مدنية وعسكرية معارضة في المنطقة والعمل ضمن أنشطة تجارة المخدرات[12].
  4. انضمام مجموعات من مقاتلي المعارضة إلى الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد، الشقيق الأصغر لبشار الأسد، وتُعرَف بقربها من الإيرانيين.

 لعب الجانب الروسي منذ البداية دور الوسيط والضامن بين الفصائل المعارضة ونظام الأسد في مفاوضات التسوية، وضم إلى الفيلق الخامس الذي يقع تحت إشرافه عدداً كبيراً من عناصر تلك الفصائل مستغلاً حاجتهم للرواتب ولإيقاف الملاحقات الأمنية تجاههم، ثم زجّ بهذه الفصائل في معارك عسكرية في إدلب بين عامَي 2019- 2020بدعم جوي روسي[13]. ومع ذلك لم يكن دور الضامن الروسي واضحاً بعد توقيع الاتفاقية الأولى؛ فقد تجاهل حوادث التصعيد والانتهاكات العسكرية التي اقترفتها قوات الأسد، بشكل يوحي بوجود تفاهمات أخرى سمحت لهم بتصفية خصومهم من المعارضة، ولم يكن لروسيا دور واضح إلا عند إبرام اتفاقية التسوية الثانية عام 2021 [14].

وعلى الرغم من أن مركز المصالحة الروسي أعطى تعهدات لـ”إسرائيل” بإبعاد المليشيات التابعة لإيران عن الحدود؛  إلا أن هذه المليشيات تمدّدت وتغلغلت في المنطقة  بعد التسوية، وسعت كل من إيران وحزب الله إلى زيادة نفوذهما عسكرياً وثقافياً ودينياً في المحافظة[15]، وإلى ترسيخ وجودهم العسكري من خلال  تعيين ضباط وشخصيات مقربة لهم داخل جيش نظام الأسد، وتعيين مسؤولين محليين مقربين لها في الوظائف المدنية، واستغلت الوضع الاقتصادي المتردّي لنشر التشيّع عبر منح حوافز ومكافآت مالية وعينية للمتشيعين[16]، إلى جانب تجنيد بعض الأشخاص من الفصائل التي وقعت على التسويات[17]، واغتيال أو إبعاد الشخصيات والقيادات الرافضة للتغلغل الإيراني[18].

يبدو واضحاً أن إيران تسعى إلى ترسيخ وجودها في الجنوب السوري في نموذج يماثل الجنوب اللبناني، وتهدف إلى إنشاء قواعد وتأسيس مليشيات تدعم مشروعها في المنطقة، وتساعدها على إدارة أنشطتها غير المشروعة كتجارة المخدرات.

وتحاول روسيا إدارة العلاقة المعقدة بين الفاعلين الدوليين في المنطقة؛ حيث يبدو أنها غضّت الطرف عن تمدّد إيران في المنطقة وانتهاكاتها وسمحت لها بالنشاط قرب الحدود، وبعد أن فشلت روسيا في الالتزام بتعهداتها لـ”إسرائيل” ولم تتمكن من إبعاد المليشيات الإيرانية عن الحدود الجنوبية سمحت لـ”إسرائيل” بالقيام بعمليات نوعية تستهدف القادة العسكريين التابعين لإيران في المنطقة والتنسيق المشترك لمنع التضارب[19]، بما يشير إلى وجود تقارب روسي إيراني في بعض الملفات رغم وجود تضارب في مصالحهم ومناطق نفوذهم في سوريا.

وإلى جانب المشهد الأمني الفوضوي عادت بعض خلايا تنظيم داعش النائمة للنشاط بين الحين والآخر، خاصة في حوض اليرموك جنوب غرب المحافظة، ورغم القيام بعدة عمليات عسكرية ضدها بمشاركة فصائل التسوية فلا يزال التنظيم يحافظ على تماسكه ويعيد ترتيب نفسه بعد كل ضربة يتلقاها، إلى جانب وجود شائعات قوية مدعومة بشهادات من أفراد سابقين في داعش بوجود علاقة وثيقة بين مخابرات نظام الأسد وقادة التنظيم في درعا[20].

لقد غيّرت اتفاقيات المصالحة خريطة الفاعلين العسكريين على الأرض كما غيّرت أدوارهم، ولكن لم تحقق الاستقرار الأمني المنشود، بل فتحت المجال على مصراعيه لتمدّد النفوذ الإيراني في المحافظة، وأسهمت بتفرقة صفوف الفصائل المعارضة وإيقاع العداوات، وكانت تلك الاتفاقيات فرصة لتصفية أبناء الثورة على أيدي بعضهم، وتوريطهم في عمليات مشبوهة، وتغييب بعضهم في المعتقلات، وإخضاعهم للتهديد المستمر تحت ذريعة التصعيد، وابتزازهم لتسليم أسلحتهم؛ وهو ما تسبب بتهجير بعضهم[21]، وبمقتل قياداتهم أو استيعابهم في جهات عسكرية أو أمنية أخرى روسية أو تابعة لإيران.

1-2 – الوضع الأمني في المحافظة:

لم تؤدِّ اتفاقيات المصالحة 2018 واتفاقية 2021 إلى سيطرة نظام الأسد بشكل كامل على محافظة درعا، ولا إلى إنهاء الفصائل الموجودة، ولم تؤدّ إلى حالة استقرار أمني؛ فقد وقعت العديد من الحوادث الأمنية كعمليات الاغتيال والاشتباكات والخطف وتجارة المخدرات، بالإضافة إلى الاشتباكات والتصعيد العسكري المتكرر بين الطرفين، وتم إحصاء وقوع أكثر من 3793 حادثاً مؤججاً للصراع في المنطقة بين 2019 ومنتصف عام 2024 وفقاً لبيانات موقع النزاع المسلح وبيانات الأحداث ACLED [22] .

وبالعودة إلى المعلومات التفصيلية في موقع ACLED فمن الواضح أن وتيرة الأحداث المؤججة للصراع لم تتراجع خلال السنوات الماضية، بل تتحرك صعوداً وهبوطاً؛ مما يعكس أن الأوضاع غير مستقرة وقابلة للتصعيد، وتشير البيانات المرصودة في النصف الأول لعام 2024 إلى ارتفاع واضح في هذه الأحداث بشكل يفوق السنوات الماضية (الشكل1)

الشكل 1:إجمالي الحوادث المؤججة للصراع في درعا منذ عام 2019، وفقاً لبينات موقع ACLED [23] 

لقد تراجعت وتيرة الأعمال العسكرية نسبياً بعد المصالحة؛ إلا أن نظام الأسد استمر في سياسته المعهودة وانتهاكاته ضد المدنيين التي كانت سبباً في اندلاع شرارة الثورة من محافظة درعا، حيث يوضح (الشكل 2) أن العنف الموجه ضد المدنيين من الأطراف الحكومية والأمنية التابعة لنظام الأسد والمليشيات الداعمة له، المرصود على موقع ACLED شكّل بين 25% – 42% من إجمالي أشكال العنف الأخرى، التي تتمثل بالقصف أو الاشتباكات العسكرية أو الاغتيالات الممنهجة وغيرها.

الشكل 2: إجمالي حالات العنف ضد المدنيين في درعا منذ عام 2018

ومن أبرز أشكال العنف ضد المدنيين: عمليات الاغتيال، وحالات الخطف والاعتقال المستمرة التي سنوضحها بالتفصيل، إلى جانب حوادث الاشتباكات المسلحة المتكررة، سواء بين المليشيات المحلية[24] أو الفرق العسكرية التابعة لإيران فيما بينها[25] أو بينها وبين الفصائل الموقعة على المصالحة، وباتت الاشتباكات العشائرية[26] وحتى الاشتباكات مع عصابات التهريب والسرقة أو مع عناصر داعش[27] أمراً شائعاً في المحافظة، وسقط ضحيتها أعداد كبيرة من المدنيين.

عمليات الاغتيال:

كانت عمليات الاغتيال الحدث الأمني الأبرز والأكثر تكراراً في محافظة درعا بعد توقيع اتفاقيات المصالحة؛ فقد شاعت عمليات الاغتيال المتبادلة ووُصفت بـ”الحرب غير المعلنة” بين الأطراف الموجودة في درعا. فنشطت عمليات اغتيال استهدفت قادة الفصائل والنشطاء المدنيين المعروفين بمعارضتهم لنظام الأسد والتمدد الإيراني، كما نشطت على الجهة الأخرى عمليات اغتيال استهدفت قيادات تابعة لنظام الأسد وللمليشيات المحلية المتعاونة معه ومع إيران، وإلى جانب ذلك نشطت عمليات اغتيال ناتجة عن صراعات داخلية بين الفصائل والعشائر، وعمليات أخرى تستهدف العصابات النشطة في تهريب وتجارة المخدرات[28].

بلغت عمليات الاغتيال الموثقة منذ عام 2019 حتى منتصف عام 2024 ما يزيد عن 2350 عملية اغتيال، خلّفت 1586 ضحية (الشكل 3)، وكان من أبرز العمليات التي وقعت خلال أقل من عام هي اغتيال ياسر خليل فلاحة القيادي السابق في الفصائل المعارضة[29]، واغتيال مصطفى المسالمة القيادي السابق في المعارضة وقائد مجموعة تتبع للأمن العسكري بعد التسوية[30]، واغتيال “والي” داعش في حوران[31].

الشكل 3: إجمالي عدد عمليات وضحايا الاغتيالات في درعا منذ عام 2019

ويشير (الشكل 4) إلى أن عدد ضحايا الاغتيال فاق في بعض السنوات عدد الضحايا في الحوادث الأخرى كالاشتباكات والقصف وانفجار الذخائر الحية وغيرها، كما أن هذه العمليات لم تستهدف العسكريين فقط، وإنما استهدفت المدنيين، خاصة القيادات المجتمعية المؤثرة خلال فترة سيطرة قوى الثورة والمعارضة السورية، ومنهم عدد من القضاة[32] وبعض الصحفيين والناشطين[33]، بالإضافة إلى استهداف واغتيال عدد من أئمة المساجد[34] وبعض رؤساء البلديات المعينين من قبل نظام الأسد والمتعاونين معه[35] (الشكل 5).

الشكل 4: إجمالي عدد ضحايا في درعا منذ عام 2019 وفقاً لنوع الحادثة
الشكل 5: إجمالي عدد ضحايا الاغتيالات في درعا منذ عام 2018 (مدنيين وعسكريين)

هذا؛ وتُظهر إحصائيات الاغتيالات ونوعية الأشخاص المستهدفين أن اتفاقيات التسوية أتاحت لنظام الأسد الفرصة لتصفية قادة المعارضة -سواءٌ الذين قبلوا بالتسوية أو الذين لم يقبلوا بها- على أيدي عناصر كانوا من المعارضة سابقاً أو من جهات أخرى، كما تشير إلى أنها تسببت بخلافات داخلية بين الفصائل أدت إلى محاربة بعضهم بعضاً،  وأنها استهدفت مدنيين محسوبين على نظام الأسد تم اغتيالهم على أيدي مجهولين.

حوادث الخطف والابتزاز:

إلى جانب عمليات الاغتيال لم تتوقف حوادث الخطف بعد سيطرة نظام الأسد على محافظة درعا؛ فقد تكررت حوادث اختطاف للأطفال والمدنيين لطلب فدية من قبل عصابات مجهولة، كان من أشهرها حادثة اختطاف الطفل فواز القطيفان عام 2021[36]، واختطاف الطفلة روان النصار أثناء ذهابها إلى المدرسة في مدينة الصنمين مطلع 2023[37]؛ اللذين أُفرج عنهما بعد دفع فدية كبيرة دون معرفة الجهة التي نفّذت عمليتَي الاختطاف. وقد تسببت حالات الخطف هذه بقلق شديد لأهالي المنطقة على أطفالهم؛ وذلك لعدم وجود استقرار أمني وانتشار العصابات والأفراد المسلحين في المحافظة[38].

ومن جهة أخرى تحولت عمليات الخطف إلى وسيلة للمساومة من أجل إطلاق سراح المعتقلين بدل دفع الرشاوي والمبالغ المالية الطائلة؛ فقد خُطف أحد العساكر الروس في بلدة غباغب، وأُطلق سراحه بعد فترة قصيرة إثر تهديد روسي باقتحام البلدة، كما تكررت حوادث خطف ضباط من جيش نظام الأسد للضغط عليه وإجباره على إطلاق سراح معتقلين من أبناء المحافظة[39].

ملف المعتقلين:

نصّت اتفاقيات المصالحة على أن يُطلق نظام الأسد سراح المعتقلين من أبناء محافظة درعا، وبعد مرور ما يقرب من 6 سنوات ما زال أهالي درعا يتظاهرون للمطالبة بالكشف عن مصير معتقليهم ويطالبون بإطلاق سراحهم[40]، فيما يحاول نظام الأسد التحايل على شرط إطلاق سراح المعتقلين بإطلاق سراح أشخاص اعتقلهم حديثاً بعد اتفاقيات التسوية، ومعظمهم أُطلق سراحهم بعد دفع أهالي المعتقلين رشاوي لمسؤولي نظام الأسد[41].

تشير أغلب المعطيات إلى خروج عدد محدود جداً من معتقلي درعا المتفق على الإفراج عنهم وفق اتفاقية المصالحة، في حين وثّقت الجهات الحقوقية استشهاد ما يزيد عن 280 معتقلاً من المعتقلين الذين تم اعتقالهم بعد عام 2011 قُتلوا تحت التعذيب وسُلّمت وثائق وفاتهم لعائلاتهم[42].

لا تتوفر أرقام دقيقة حول أعداد الاعتقالات التي تمّت بعد عام 2018؛ إلا أن المراكز المعنية بتوثيق الانتهاكات في درعا وثّقت ما لا يقل عن 2000 اعتقال جديد حتى أيار 2024، بمعدل تقريبي يصل إلى 30 اعتقال شهرياً، استهدف بعضها النساء والأطفال[43] (الشكل 6)، ولا يزال بعض المعتقلين الجدد مجهولي المصير حتى الآن، في حين كانت مدة بعض هذه الاعتقالات قصيرة لم تتجاوز الشهر، ومن غير الواضح ما إذا كان هذا الإفراج قد تم نتيجة دفع رشوة أو فدية لإطلاق سراح المعتقل، مع الإشارة إلى أن هذا العدد من الاعتقالات لا يشمل المطلوبين للخدمة العسكرية.

الشكل 6: إجمالي عدد المعتقلين الموثقين في درعا بعد عام 2018

رغم أن معظم حملات الاعتقال استهدفت الذكور في درعا، إلا أن قوات الأمن كانت تقوم كل حين باعتقال الإناث من المحافظة رغم إدراكها حساسية هذا الموضوع مجتمعياً؛ إذ إن هذه الحالات كانت تؤجج غضباً عارماً وتصعيداً من قبل الأهالي، وكانت تُقابل في عدد من الأحيان بخطف مسؤولين أو عناصر للمساومة من أجل إطلاق سراح النساء[44].

المخدرات؛ التصنيع والاتجار والتعاطي:

نشط نظام الأسد وحلفاؤه في تجارة المخدرات وتصديرها لدول العالم خلال الأعوام السابقة، وزاد تهريب المخدرات عبر شحنات التصدير مع استعادته السيطرة على درعا عام 2018 وعودة معبر نصيب الحدودي للعمل[45]؛ فقد أصبحت درعا المنطقة التي يتم تحويل المواد الخام القادمة من مناطق سيطرة “حزب الله” في لبنان وتصنيعها ضمن ورشات ومصانع في المحافظة، وتحضيرها للتصدير أو الترويج للبيع في السوق المحلي بأيدي ميليشيات محلية متعاونة مع أجهزة نظام الأسد[46].

ونتيجة لازدياد تهريب المخدرات كالكبتاغون والحشيش وغيرها ضمن البضائع زاد التشديد على حركة الصادرات عبر المنافذ الحكومية، وتراجعت معدلات الصادرات نسبياً عام 2022؛ مما زاد من وتيرة تجارة المخدرات وتعاطيها في الجنوب السوري، حيث ركّز مروّجو المخدرات في تلك الفترة على استهداف محافظة درعا؛ بهدف تطويع السكان لضمان إفساد الأجيال الجديدة، ولكسر أي إرادة فيهم للمقاومة، ولتعزيز سيطرة نظام الأسد وحلفائه الإيرانيين على المنطقة[47].

أسهمت حالة البطالة والفقر وانعدام الأمل بالمستقبل في إيقاع العديد من الشباب ضمن شبكات ترويج المخدرات، وارتفعت معدلات تورطهم بالأعمال الإجرامية، وزيادة حوادث السرقة والعنف الأسري والقتل[48]. وتوسع نشاط ترويج المخدرات ليشمل المراهقين في المدارس، في ظل غياب الرقابة والعقوبات الرادعة، ومنع المعلمين من رفع الشكاوى للجهات الرسمية، في محاولةٍ للتستر على الأمر[49].

عادت عمليات تهريب المخدرات إلى الأردن للواجهة في الفترة الأخيرة، وشنّت الحكومة الأردنية حملات شرسة على مهرّبي المخدرات، واشتبكت مع العصابات في مرات عديدة عند الحدود، وقصفت أيضاً مواقع داخل سوريا في محافظتي درعا والسويداء، وسقط في هذا القصف مدنيون[50]، وتمكنت من إحباط عمليات تهريب ضخمة بعد عبورها الحدود الأردنية[51].

ويشير فيلم استقصائي تم إنتاجه أردنياً إلى تورّط الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد و”حزب الله” اللبناني في عمليات تصنيع وتهريب المخدرات، حيث أشار مسؤولون أردنيون إلى وجود قرابة 300 موقع في الداخل السوري يتم فيها تصنيع الكبتاغون، وأنهم يعملون على مكافحة هذه العمليات المنظمة عبر الطرق الدبلوماسية والأمنية[52].

مما سبق يبدو جلياً أن سيطرة نظام الأسد على محافظة درعا لم يجلب لها الاستقرار رغم تراجع العمليات العسكرية والقصف، بل على العكس تسببت الاتفاقيات بتدهور الوضع الأمني فيها؛ إذ رعى نظام الأسد عمليات تهريب وترويج المخدرات عبر عصابات محلية، وغذّى الخلافات العشائرية والمدنية لإشعال الفوضى وتفريق أهالي المحافظة، واستخدم حالة الفوضى لتصفية معارضيه، وأطلق العنان لعناصره للقيام بعمليات خطف ومساومة واعتقالات عشوائية.

ثانياً: الواقع الاجتماعي والمدني:

رغم عودة كامل محافظة درعا إلى سيطرة نظام الأسد فإنه لم ينجح بتغيير المزاج العام أو استعادة الولاء وإسكات الأصوات المعارضة داخلها، بل تسببت إدارته وسياساته المستفزة بعودة الزخم للحراك الثوري في المحافظة؛ حيث حرص سكان مناطق المصالحة على إثبات مواقفهم ومطالبهم السياسية وعدم خضوعهم لنظام الأسد، من خلال مظاهرات شعبية بدأت برفضهم لإعادة تمثال حافظ الأسد إلى المحافظة عام 2019[53]، ومعارضتهم المشاركة في الانتخابات الرئاسية التي أُجريت عام 2021، من خلال تظاهرات حاشدة ودعوات للإضراب عن العمل يوم الانتخابات تعبيراً عن الرفض الشعبي لها[54]. كما تكرر هذا الأمر في الانتخابات البرلمانية التي أجراها نظام الأسد عام 2024، حيث أغلق أهالي بعض المدن في المحافظة -مثل مدينة نوى- مقار الانتخابات، واشتبكوا مع قوات نظام الأسد، فيما قاطع معظم سكان المحافظة عملية الاقتراع[55].

وإلى جانب ذلك حرص سكان مناطق المصالحات على إحياء ذكرى الثورة السورية في مارس/آذار 2021 بعد ثلاث سنوات على توقيع الاتفاقيات، حيث خرجت مظاهرات حاشدة في درعا البلد والعديد من البلدات لتجديد مطالبهم بإسقاط نظام الأسد وإطلاق سراح المعتقلين، ورُفعَت فيها أعلام الثورة من جديد في تحدٍّ مباشر لسلطة نظام الأسد[56]، وتكررت هذه المظاهرات في الذكرى السنوية في السنوات اللاحقة أيضاً[57].

ومن جهة أخرى توقفت منظمات المجتمع المدني العاملة في درعا التي كانت تنفّذ برامج إغاثية وتعليمية وصحية عقب توقيع اتفاقية المصالحة[58]، وجمّدت على إثرها أي نشاط مدني سابق خوفاً من الملاحقات الأمنية، إلا أن نشاط المجتمع الأهلي المدعوم من المغتربين لم يتوقف، لاسيما مع تنصّل نظام الأسد عن مسؤولياته الخدمية.

لقد أسهمت تجمعات المغتربين من أبناء درعا بتمويل عدد من المشاريع الخدمية والبنى التحتية التي من المفترض أن تقدمها مؤسسات الحكومة – سنوضحها في فقرة لاحقة – وأسهمت هذه المساعدات في تأمين بعض الاحتياجات المحلية والخدمات، كما كان للمجتمع المحلي في درعا دور واضح في الاستجابة لوباء كورونا تولى فيه مسؤولية تنظيم الحجر الصحي وتأمين المستلزمات الصحية ودعم الأسر الفقيرة وسط غياب الإدارة الصحية لنظام الأسد[59].

واستمرت المبادرات المجتمعية أيضاً في توزيع المساعدات على الأسر المحتاجة، مثل توزيع السلل الغذائية والألبسة في العيد، وتسديد الديون المتراكمة في البقالات والمحلات التجارية. ويُلاحظ زيادة هذه المبادرات خلال شهر رمضان ومواسم الأعياد، وفي أوقات الكوارث مثل أزمة كورونا[60].

رغم أن عودة المؤسسات الحكومية كانت من أهم البنود التي تضمنتها اتفاقيات المصالحة؛ إلا أن الواقع يكشف أن عودة هذه المؤسسات كانت شكلية، وأن نظام الأسد لم يمارس أي دور حقيقي، ولم يتحمل مسؤولياته تجاه هذه المنطقة، بل ترك سكانها عرضة للإهمال والتجاهل، وأظهر عجزاً واضحاً يعكس صورة حكومة عاجزة عن تحقيق أبسط المسؤوليات المنوطة بها.

وإلى جانب ذلك استخدم نظام الأسد مصادرة الأملاك سلاحاً لمعاقبة معارضيه بعد أن استتبّ له الوضع في محافظة درعا؛ إذ طوّع بعض القوانين التي جعلت عملية الاستيلاء على أملاك معارضيه ومصادرتها أمراً مشروعاً لا يحق لأي مواطن الاعتراض عليه، وتوالت الشهادات من العديد من سكان المحافظة الذين قالوا إنهم هم أو ذويهم فُوجئوا بوجود حجز على أملاكهم بسبب اتهامهم بالإرهاب أو دعمه[61].

 وقد تكررت مصادرة الأملاك في بلدات ومدن مختلفة، ولم تشمل فقط المعارضين لنظام الأسد، بل تعدّتها إلى شخصيات محايدة أو معتقلين قضوا تحت التعذيب[62]، وذلك في إطار عقوبة جماعية أو محاولات تسريع عملية التغيير الديموغرافي في المنطقة[63] من خلال قطع صلة سكانها بممتلكاتهم وأصولهم.

 ونتيجة لهذه الظروف الصعبة التي تعانيها محافظة درعا لجأ كثير من شباب المحافظة للهجرة إلى خارج البلاد بطرق شرعية أو غير شرعية رغبةً بتأمين مستقبل أفضل لأنفسهم ولأسرهم، وهرباً من الواقع الأمني والاقتصادي وانتشار البطالة والمخدرات وفرض الخدمة الإلزامية في الجيش، ولغياب كثير من الخدمات الأساسية وتدهور قطاعات التعليم والصحة[64].

ثالثاً: غياب الخدمات والأدوار الرسمية، وحضور المجتمع المحلي:

ركّز نظام الأسد خدماته بعد توقيع اتفاقية المصالحة عام 2018 على المناطق التي لم تخرج عن سيطرته بشكل فعلي، وتمتد على طول أوتوستراد دمشق – عمان والطريق القديم بين دمشق – درعا[65]، وحرم مناطق المصالحة الأخرى من العديد من الخدمات وتجاهل احتياجاتها، مثل درعا البلد وطريق السد والمخيم[66]، كما أظهر تقاعساً واضحاً في عودة حقيقية لمؤسسات الدولة لمراكز المدن؛ إذ كان اهتمامه منصبّاً على تعزيز الوجود العسكري والأمني فقط[67].

القطاع الصحي:

واجهت محافظة درعا أزمات صحية كبيرة خلال السنوات الست الماضية، مع تفشّي وباء كورونا عام 2020، وتزايد الإصابات بالكوليرا التي بدأت تنتشر في عام 2022؛ مع ضعف في البنى التحتية، وخروج العديد من المرافق الصحية عن العمل نتيجة القصف والتخريب المتعمد الذي مارسته قوى نظام الأسد.

بالنظر إلى أداء نظام الأسد في القطاع الصحي بعد سيطرته على محافظة درعا نجد أنه لم يقدّم إلا خدمات متواضعة جداً تركزت خارج مناطق المصالحة، وترك دعم القطاع الصحي بأسره لجهود المنظمات الدولية أو للمجتمع الأهلي (الجدول 1)؛ حيث أسهم أهالي المنطقة -خاصة المغتربين- في ترميم وتجهيز عدد من المستشفيات بجهودهم وأموالهم الخاصة.

أبرز الخدمات الصحية المقدمة
الجهة الممولة
تسليم حاضنتَي أطفال لمشفى درعا الوطني[68]
الصليب الأحمر
إحداث أقسام متخصصة لعزل مرضى كورونا في مشافي طفس ونوى وبصرى الشام في محافظة درعا بسعة 5 أسرّة لكل مشفى[69]
مديرية الصحة الحكومية بدرعا
توسيع قسم العناية المركّزة في مشفى درعا الوطني وتجهيز قسم آخر استجابة لانتشار الكوليرا بسعة 20 سريراً[70]
وزارة الصحة
ترميم مشفى نوى الوطني[71]
منظمة الصحة العالمية
عيادة متنقلة في أرياف درعا [72]
اللجنة الدولية للصليب الأحمر
تقديم 880 سلة صحية للمحتاجين[73]
اللجنة الدولية للصليب الأحمر + الصليب الأحمر الألماني
تقديم جهاز مخبري واحد لمركز صحي في المحافظة[74]
وزارة الصحة
تقديم جهاز أشعة لمشفى الحراك[75]
المجتمع الأهلي
ترميم مشفى الحراك وتجهيزه بالمعدات الطبية، وشمل إعادة بناء المستشفى من جديد، وتجهيزه بالمعدات الطبية اللازمة، وفاقت التبرعات الشعبية لإعادة ترميمه 2 مليار ليرة سورية، وسط مماطلة من طرف وزارة الصحة التابعة لنظام الأسد [76]
المجتمع الأهلي
إعادة بناء مشفى الإحسان بالغارية الشرقية، وشملت إعادة بناء وكساء المبنى، إضافة إلى كل الأعمال اللازمة لإعادة إعماره في جميع المجالات [77].
المجتمع الأهلي

جدول 1: أبرز الخدمات الطبية المقدمة في درعا والجهات التي موّلتها

وعلى الرغم من هذه الجهود المحلية ما زال يشهد القطاع الصحي نقصاً حاداً في عدد الكوادر المتخصصة؛ نظراً لهجرة الكثير من الأطباء والممرضين، واعتقال العديد منهم على يد قوات نظام الأسد [78]. إضافة إلى ذلك يشتكي سكان درعا من غلاء أسعار الأدوية، ومن النقص الحاد في الأجهزة والمعدات الطبية في مشافي المحافظة، وذلك إما بسبب تدمير المشافي أثناء المعارك وإما بسبب نقل قوات نظام الأسد هذه المعدات إلى مناطق أخرى بعد السيطرة على المحافظة[79].

ومن جهة أخرى وعلى الرغم من النشاط المتزايد لمروّجي المخدرات فإن الخدمات الطبية -خاصة مراكز علاج المدمنين- تغيب عن محافظة درعا، وهو ما زاد الأعباء والتكاليف على الأسر التي ترغب في علاج أبنائها من هذه الآفة؛ إذ يضطرون للسفر إلى دمشق باستمرار لمواصلة العلاج[80].

القطاع التعليمي:

تعاني محافظة درعا من ضعف كبير في قطاع التعليم رغم الجهود الأهلية التي يقدمها المجتمع المحلي؛ وذلك نظراً لحجم الدمار والضرر الكبير الذي لحق بالقطاع، إذ بلغت نسبة المدارس المدمرة في محافظة درعا 45%، فضلاً عن الإهمال المتعمد وانتشار الفساد الإداري بين بعض المعلمين حيث يتغيبون عن الدروس ويتهربون من مسؤولياتهم[81]، ولشيوع المخدرات بين الطلاب؛ وهو ما أدى إلى ارتفاع نسب التسرب المدرسي وتدهور جودة التعليم في المحافظة[82].

لا يختلف الوضع في القطاع التعليمي كثيراً عنه في القطاع الصحي؛ إذ تكفل نظام الأسد بتعويضات ورواتب للمعلمين لم تكن تكفي احتياجاتهم[83]، إذ لم يتجاوز راتب المعلم 400 ألف ليرة (أقل من 30 دولاراً)، الأمر الذي حمل الأهالي على دفع رواتب إضافية للمعلمين لإقناعهم بالاستمرار، وذلك بعد استقالة كثير منهم بسبب سوء الظروف وانخفاض الرواتب[84]، كما قدّم أهالي المنطقة العديد من التبرعات والجهود الشخصية لإعادة ترميم وتجهيز وتشغيل المدارس المتضررة بسبب الحرب بشكل عاجل، ولتعويض نقص الأثاث والمستلزمات الدراسية من حسابهم الخاص، وسط إهمال من نظام الأسد  ومسؤوليه[85].

يشوب العملية التعليمية في درعا التي تخضع لإشراف نظام الأسد العديد من المشكلات، كتسريب الامتحانات؛ مما دفع نظام الأسد إلى إيقاف ومعاقبة عدد من المعلمين والإداريين المتورطين في هذه الأعمال[86]، بالإضافة إلى تأخير صرف رواتب المعلمين بشكل متكرر[87].

الخدمات العامة:

تضررت البنى التحتية كالطرق وشبكات الكهرباء والمياه في محافظة درعا نتيجة الاشتباكات والقصف الذي استمر عدة سنوات؛ إلا أن الجهود الحكومية في هذا السياق كانت محدودة جداً خلال السنوات الماضية، واقتصرت على تعبيد بعض الطرق، مثل طريق درعا-بصري الشام [88]، وفتح محطة كهرباء في غباغب بتكلفة 30 مليار ليرة (2 مليون دولار تقريباً)[89]، وتأهيل عدد من آبار المياه في المحافظة “بالتعاون مع المجتمع الأهلي”[90].

تعاني محافظة درعا -كبقية المحافظات في مناطق سيطرة نظام الأسد- من انقطاعات في التيار الكهربائي، خصوصاً في ذروة فصل الصيف[91]، كما تعاني المحافظة من مشكلات متكررة في تلوث المياه في الشبكة المحلية نتيجة غياب عمليات الصيانة والتعقيم؛ وهو ما أثار مخاوف السكان من الإصابة بأمراض مثل الكوليرا والتهاب الكبد التي انتشرت خلال السنوات القليلة الماضية بسبب استخدام المياه الملوثة[92].

وفي تجاوب مع هذه الأزمات أخذ المجتمع الأهلي في محافظة درعا زمام المبادرة وأطلق حملات شعبية لإصلاح وتحسين البنى التحتية والخدمات البلدية، مثل فتح آبار جديدة وشراء صهاريج مياه للشرب وتركيب ألواح شمسية للكهرباء والإنترنت وشبكات المياه، وغير ذلك من الخدمات الأساسية التي كان نظام الأسد قد تعهد بإعادتها عند توقيعه اتفاقيات المصالحة ولم يفِ بوعده[93].

القطاع الزراعي:

تشتهر محافظة درعا بخصوبة أرضها ووفرة مواردها المائية، الأمر الذي جعلها من أكثر المحافظات إنتاجاً للخضروات والحبوب؛ إذ تنتج المحافظة البندورة والبطاطا والخيار، بالإضافة إلى محاصيل من الزيتون والقمح والشعير، إلا أن القطاع الزراعي لم يستعد عافيته بعد اتفاقيات المصالحة.

تواجه الزراعة في محافظة درعا آثار التغير المناخي الذي أدى إلى نقص معدلات الأمطار وارتفاع درجات الحرارة، بالإضافة إلى عدم وجود دعم حكومي حقيقي للفلاحين، وانتشار الفصائل والعصابات المسلحة التي تعيق العملية الزراعية، إما عبر إجبار العمال على خفض أجورهم[94] وإما بالسيطرة على موارد المياه وفرض إتاوات على الفلاحين مقابلها من قبل مجموعات متنوعة، منها التابعة لنظام الأسد ومنها التابعة للجان المركزية[95]، كما يواجه المزارعون في درعا خطر مخلفات الحرب، مثل الألغام وبقايا القنابل التي لم تنفجر، وقد أودت بحياة العشرات منهم أثناء عملهم في الحقول[96].

وعند النظر إلى أداء نظام الأسد في هذا القطاع نجد أنه قدّم خدمات متواضعة، مثل فتح قناة للري من سد سحم الجولان “بدعم من المجتمع الأهلي”[97]، وتقديم دورات توعوية بشأن خطر مخلفات الحروب[98]، وشراء المحاصيل من المزارعين بأسعار لا تغطي التكلفة[99]، فيما يشتكي المزارعون من عدم تأمين المؤسسات المعنية الكميات اللازمة من المحروقات والأسمدة والأدوية الزراعية والبذار[100].

وقد شهدت محافظة درعا بعد عام 2018 حرائق ضخمة التهمت محاصيلها الزراعية عدة مرات؛ فقد احترق أكثر من 80 ألف دونم من محصول القمح في عدد من المحافظات السورية من بينها درعا عام 2019[101]، واحترقت محاصيل الشعير في عام 2020[102]، واندلعت حرائق واسعة في حقول القمح عام 2022[103]. وتكررت هذه الحرائق في الأعوام التالية أيضاً؛ إذ شهد عام 2023 احتراق مئات الدونمات من حقول القمح في أرياف المحافظة[104]، وعاد الأمر للحدوث في الصيف الحالي باحتراق مساحات واسعة من الأراضي الزراعية وسط ضعف التجاوب من مؤسسات الإطفاء التابعة لنظام الأسد واتهامات بتسبب عناصر نظام الأسد في إشعال الحرائق[105]؛ حيث تشير بعض الأدلة إلى تورط نظام الأسد، إما بافتعال هذه الحرائق وإما بعدم التدخل بالشكل الكافي لإخمادها. ويرى بعض سكان المحافظة أن هذه الحرائق تهدف إلى إفقارهم، وإجبارهم على الالتزام الكامل بالتسوية والرضوخ التام لنظام الأسد.

أدّى كل ما سبق إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج نتيجة ارتفاع أسعار الأسمدة واليد العاملة والوقود، بالإضافة إلى اضطرار المزارعين لدفع إتاوات للحواجز الأمنية التي تتبع لمختلف الجهات والفصائل، وهو ما تسبب بارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية التي تنتجها محافظة درعا، الأمر الذي ينعكس على المستهلك في النهاية[106].

لم تكن أولوية نظام الأسد تحقيق الاستقرار، ولا إصلاح العلاقة مع الأطراف المعارضة له، بل استمر في التركيز على سياساته الأمنية التي تؤجج الصراع بدلاً من سعيه إلى دعم السياسات الخدمية التي تعزز الاستقرار، وظهرت مؤسسات الدولة عاجزة  وغير قادرة على القيام بأدنى مسؤولياتها، إلى درجة أن المبادرات الأهلية تمكنت بإمكانياتها المحدودة من تقديم خدمات تفوق تلك المقدمة من المؤسسات الحكومية، ومع ذلك لا تزال هذه الجهود أقل من الاحتياج الضخم، كما أن غياب هذه الخدمات وتدهور الأوضاع المعيشية كانت من أهم الأسباب التي دفعت الشباب للتفكير بالهجرة إلى الخارج رغم كل مخاطرها وتكاليفها.

رابعاً: العوامل الخارجية ودورها في زعزعة الاستقرار:

لم يكن ملف محافظة درعا مستقلاً عن التطورات في المحافظات والدول المجاورة، وعن مجموعة من العوامل الخارجية كالمظاهرات التي اندلعت في محافظة السويداء، وازدياد النفوذ الإيراني في درعا بعد دخول روسيا الحرب في أوكرانيا، والغارات “الإسرائيلية” التي استهدفت مواقع عسكرية للقوات الإيرانية والميليشيات التابعة لها.

لم تكن التوترات والفوضى بعد اتفاقيات التسوية خاصة بمحافظة درعا وحدها؛ إذ امتدت آثارها إلى محافظة السويداء المجاورة، التي حاول نظام الأسد السيطرة الكاملة عليها وضمان بقائها إلى جانبه أو على الحياد بشتى السبل، بما في ذلك افتعال الفتن بين أهلها وأهل درعا وتخويف أهلها من قمع الأقليات في حال سقوطه[107]؛ لكن المحافظة بقيت على الحياد لسنوات طويلة مع تشكيل مجموعات محلية مسلحة تحمي المحافظة.

وبعد توقيع اتفاقيات المصالحة عام 2018 وتهدئة الأوضاع في درعا بدأ نظام الأسد بإشعال الفتن والتوترات من جديد بين المحافظتين الجارتين، وذلك من خلال بتسهيل حدوث عملية انتحارية شنّها تنظيم داعش في السويداء راح ضحيتها أكثر من 150 شخصاً[108]، والادعاء بتورط بعض عناصر المعارضة من درعا، ومن خلال توجيه عصابات السرقة والخطف للقيام بعملياتها في السويداء وإلقاء التهمة على أشخاص من درعا بهدف إثارة الأحقاد.

حاول الروس تكرار نموذج المصالحة الذي طبّقوه بدرعا في السويداء؛ إذ التقى الضباط الروس مع مشايخ عقل الطائفة الدرزية في السويداء وحاولوا إقناعهم بإجراء تسوية لأبناء المحافظة ليخدموا في الجيش في الفيلق الأول الموجود في الجنوب، إلا أن هذه المحاولات باءت بالفشل رغم التودد الروسي عبر تقديم المساعدات الإنسانية[109].

وبعد عودة الحراك الثوري في درعا شهدت محافظة السويداء عودة للمظاهرات والاحتجاجات عام 2022 على خلفية قطع الدعم الحكومي عن العديد من المواطنين في ظل تفاقم الأزمة الاقتصادية، وتطور الأمر ليصل إلى دعوات للعصيان المدني الشامل وإلى قطع للطرق الرئيسة في المحافظة[110]، ثم تجدد الحراك لاحقاً في أغسطس/آب 2023 احتجاجاً على تردّي الوضع الاقتصادي والإداري والخدمي، وتطورت مطالب الحراك إلى أن وصلت للمطالبة بإسقاط نظام الأسد، وما زال مستمراً حتى الآن دون انقطاع، ويطالب هذا الحراك الآن برحيل نظام الأسد وتطبيق القرار الدولي 2254 والإفراج عن المعتقلين، ولم يتعامل نظام الأسد  مع هذا الحراك لا بالسلب ولا بالإيجاب؛ إلا في بعض الحالات النادرة التي شهدت إطلاق نار على المتظاهرين[111].

تشير الأحداث الاحتجاجية في كل من السويداء ودرعا إلى أن عوامل تجدد الصراع حاضرة؛ إذ يتقاعس نظام الأسد عن أداء المهام الخدمية والإدارية المنوطة به، في حين يحاول إحكام قبضته الأمنية والعسكرية على المنطقة، ولكنه يتعامل مع تلك الاحتجاجات بسياسات مختلفة؛ إذ يحاول أن يتجاهل ويستوعب الاحتجاجات المدنية في السويداء مراهناً على عامل الوقت، في حين يتعامل مع الاحتجاجات المماثلة في درعا بالتهديد والحشد والاغتيالات.

ومن جهة أخرى سعت إيران منذ بداية تدخلها في سوريا إلى تثبيت أقدامها والحصول على مكاسب استراتيجية من هذا التدخل، وركّزت جزءاً من جهودها للتغلغل والسيطرة على جنوب سوريا؛ وذلك نظراً لموقعه الاستراتيجي القريب من “إسرائيل”. وبعد سيطرة نظام الأسد على محافظة درعا عام 2018 وعودته لفرض شروطه في التسوية بالقوة عام 2021 كثّفت إيران والميليشيات التابعة لها وجودها في المحافظة من كل الجوانب، عبر تعيين خطباء أشرفت على تأهيلهم في مساجد المحافظة، ومحاولة نشر التشيع بين سكان المحافظة، والاستحواذ على الأراضي بشرائها أو بمصادرتها[112].

ولم تقتصر محاولات إيران للتغلغل على الجانب الثقافي فحسب؛ إذ استغلت شبكة من مهربي المخدرات وفرقاً عسكرية من جيش نظام الأسد ووجهاء في المحافظة في إغواء شباب المحافظة وتجنيدهم في الميليشيات التابعة لها؛ وذلك إما بالضغط على وجهاء المدن والبلدات، وإما بإغرائهم برواتب مرتفعة، بهدف تمويه انتشارها العسكري وبناء ذراع محلي تابع لها، في محاولةٍ للتحايل على الرفض الأردني و”الإسرائيلي” للوجود الإيراني قرب الحدود[113].

وقد استفادت إيران من انشغال روسيا بحربها في أوكرانيا، وسحبها جزءاً من قواتها من الجنوب السوري، فقامت بتعيينات جديدة في القطاع العسكري والأمني في المنطقة وُضِعت فيها شخصيات معروفة بقربها من إيران، ورفعت وتيرة عمليات الاغتيال التي استهدفت الشخصيات الرافضة للوجود الإيراني في المحافظة لتسهيل عملية التغلغل دون أية مقاومة تُذكر[114].

لقد أسهم التمدّد الإيراني في جنوب سوريا في ارتفاع معدلات الضربات “الإسرائيلية” التي كانت تستهدف القوات الإيرانية والميليشيات التابعة لها[115]، وارتفعت وتيرة هذه الضربات مع بداية الحرب على غزة، وكان من أبرزها استهدف مقرّ في حي المطار بدرعا كان فيه العميد لؤي العلي رئيس الأمن العسكري في المحافظة، الذي أصيب بجروح في الهجوم[116]، وقصف آخر في أكتوبر/تشرين الأول 2023 استهدف اللواء 12 في إزرع، وقُتِل وجُرِح فيه 15 جندياً من قوات نظام الأسد[117].

خاتمة:

رغم سيطرة نظام الأسد على كامل محافظة درعا في اتفاقيات التسوية عامَي 2018 و2021؛ إلا أنه لم يستطع فرض نفسه فاعلاً مسيطراً، ولا تحقيق حالة الاستقرار الأمني، لاسيما مع تعدّد الفاعلين المحليين المحسوبين على كل من روسيا وإيران وفصائل المعارضة؛ إذ لم تتوقف العمليات العسكرية المتبادلة وحالات الاستهداف بين نظام الأسد وحلفائه من جهة وفصائل المعارضة من جهة أخرى، بالإضافة إلى عمليات الخطف والاغتيالات وتجارة المخدرات.

ولم تنفذ بنود اتفاق المصالحة بشكل فعلي؛ إذ سعت إيران إلى توسيع نفوذها في هذه الرقعة، وإلى تجنيد ميليشيات محلية، وتحويل المنطقة إلى مركز لتصنيع المخدرات الواردة موادها من لبنان؛ مما تسبب في زيادة عمليات تهريب المخدرات إلى الأردن خاصة، وزيادة الغارات الجوية “الإسرائيلية” على المنطقة.

لقد كانت التسوية فرصة لتحييد العديد من الفاعلين المدنيين والعسكريين، سواء باستيعابهم ضمن تشكيلات عسكرية جديدة أو باستخدامهم في أعمال غير مشروعة، خاصة الاغتيالات، أو باستهدافهم المباشر بتلك الأعمال. وقد نجح القائمون على عملية المصالحة في شقّ صفوف المعارضة، وبثّ الخلافات والعداوات وتصفية بعضهم على أيدي البعض الآخر، وترك المدنيين الذين رفضوا التهجير وحدهم فريسة للإهمال والتجاهل والانتقام، وتعزيز حالة الانقسام المجتمعي والعقاب الجماعي.

ورغم تشديد القبضة الأمنية والعسكرية في المنطقة فما يزال الفلتان الأمني السمة الحاضرة في المشهد، لتعدّد الفواعل وتعدّد مرجعياتها، وتضارب المصالح فيما بينها، وهو ما يجعل المنطقة بيئة هشّة مهيأة لتجدّد دورة الصراع فيها من جديد؛ لاسيما مع عودة الاحتجاجات السلمية في محافظة السويداء، ومع نشاط تجارة المخدرات والنشاط الإيراني العسكري.

لقد حرمت اتفاقيات المصالحة المدنيين من نشاط وجهود المنظمات الإنسانية السورية والدولية التي كانت تؤمّن لهم مختلف أنواع الخدمات، وعرّضت موظفيها للملاحقة، ورغم عودة مؤسسات الدولة إلى المنطقة فلم تكن هذه العودة حقيقية ولا فعّالة، ولم يتمكن نظام الأسد من تقديم الخدمات والالتزامات  الملقاة على عاتقه، ولا إظهار نفسه كدولة ملتزمة بالمسؤوليات التي تقع على عاتقها من خلال مؤسساتها؛ إذ لم تؤدِّ سيطرة نظام الأسد  إلى تحسّن في القطاعات الخدمية، بل على العكس شهدت قطاعات التعليم والصحة تراجعاً كبيراً أثّر في حياة سكان المحافظة بشكل كبير، واضطر المجتمع المحلي والمغتربون للتكفل بتوفير كثير من الخدمات التي يفترض بنظام الأسد أن يقدّمها، وكانت إسهامات المجتمع المحلي أكبر مما قدّمه نظام الأسد.

أما بالنسبة إلى الوضع الثوري في درعا؛ فرغم الظروف الإنسانية الصعبة، وحالة الدمار الحاصلة، والتقهقر والانهيار للعديد من فصائل المعارضة؛ فإن موقف عموم السكان من نظام الأسد لم يتغير، ولم ينسوا انتهاكاته، ولم يغيّر هو من سياساته، مما دفع سكان المحافظة إلى تأكيد انتمائهم للثورة ومطالبها رغم عودة جيش نظام الأسد وسيطرته على المحافظة، وما زالوا رافضين للتطبيع معه أو الاعتراف بسلطته، بل أسهم الوضع في عودة حرب العصابات وتشكيل مجموعات مسلحة تنفّذ عمليات اغتيال تستهدف مسؤولين في نظام الأسد.

في المحصلة: لا يبدو نموذج المصالحة ناجحاً، ولا يمكن وفق منظوره الحالي أن يحسم الصراع أو يهيئ البيئة المناسبة والآمنة لانطلاق عملية السلام، بل إن هذا النموذج لا يعدو أن يكون مرحلة تحضيرية لانطلاق دورة جديدة من الصراع كالجمر المتقد تحت الرماد؛ فأسباب الثورة ما زالت حاضرة وبشكل أكبر، وما زالت الذاكرة مليئة بالفظائع، كما أن سياسات نظام الأسد لم تتغير؛ إذ ما زالت الانتهاكات المتلاحقة تهدد أمن وسلامة الجميع من مدنيين وعسكريين، إلى جانب دخول أطراف عسكرية تابعة لإيران تسعى لاستنساخ نموذج “حزب الله في سوريا”، وتحويل المناطق التي تسيطر عليها إلى ساحة لأنشطتها غير المشروعة، وهو ما يعني بقاء سوريا في قائمة الدول الهشّة التي تعجز فيها الدولة عن أداء مهامها الأساسية، أو تهتز شرعيتها؛ بشكل يجعلها تغرق في دائرة العنف والنزاع  والصراعات المحلية والدولية.

وأما الحديث عن تكرار النموذج في مناطق الشمال السوري فهذه الخطوة تعني موافقة السوريين على إعلان انتهاء “الأزمة السورية” دون إيجاد حل فعلي لها واعتبارها “حرب أهلية” انتهت بتوافق بين الفرقاء المختلفين، وهو ما يعني حرف مطالب السوريين والتحايل عليها في تحقيق تغيير حقيقي في بنية النظام يحفظ لهم حقوقهم وكرامتهم، وإلى جانب ذلك فهي تعني السماح للمجتمع الدولي بالتنصل من التزاماته في حماية المدنيين والتنصل من التزاماته في دعم تغيير سياسي ينزع فتيل الأزمة من جذورها، كما أنه يقدم تبريرات لانسحاب المؤسسات الدولية والإنسانية من المنطقة رغم كونها المنطقة الأكثر هشاشة والأكثر احتياجاً وحصره عن طريق مؤسسات نظام الأسد.

لعل التحدّي الأبرز الذي سيوجهه النشطاء والمقيمون في شمال سوريا الذين تم نفيهم وتهجيرهم بسبب موقفهم السياسي من نظام الأسد وحلفائه المعروفين بالتنصل من تعهداتهم هو التحدي الأمني الذي يضمن أمنهم وسلامتهم بشكل حقيقي وفعال، وليس بشكل شكلي كما حدث في درعا؛ إذ إن عملية المصالحة إن فُرضت على المجموع تعني تركهم دون حماية، والسماح بتصفيتهم وتحييدهم واعتقالهم كما حدث في الجنوب، فسلوك نظام الأسد لا يوحي بأي تغيرات حقيقية؛ فهو لا يزال يعتمد المقاربة الأمنية والحلول العسكرية في التعامل مع المشاكل، وهو ما قد  يعيد المشهد إلى بداياته، ويعني عودة الانتهاكات وبدء دورة جديدة من الصراع نتيجة فشل “مؤسسات الدولة السورية” في التزاماتها وإصرارها على الحل الأمني. ولذا ستشهد المنطقة كوارث إنسانية وجرائم إبادة جماعية واغتيالات سبق أن تورط بها نظام الأسد وحلفاؤه، بما يتسبب بموجات نزوح ولجوء جديدة أصعب وأخطر عن طريق تركيا بشكل رئيس أو عن طريق لبنان.

ومع ذلك كله تحضر مجموعة من الأسئلة حول إمكانية تطبيق نموذج مصالحات درعا في الشمال السوري، منها:

  • هل يمكن توقُّع أدوار “للضامن” التركي والروسي في الشمال السوري مختلفة عن دور الضامن الروسي في درعا؟ خاصة فيما يتعلق بأمن المدنيين؟
  • كيف يمكن تخيّل نفوذ إيران وتوزّع ميليشياتها وأنشطتها وإمكانية قيامها بعمليات تستهدف العمق الأمني التركي أو في مناطق المعارضة، سواءٌ بعمليات إرهابية أو ضمن أنشطة تهريب المخدرات، لاسيما وأن عامل الجغرافيا مختلف؛ إذ إن الخصوصية الجغرافية لدرعا وقربها من الحدود “الإسرائيلية” أسهمت إلى حد ما بموازنة القوى وضبط إيقاع النفوذ الإيراني وتمدّده في المنطقة نتيجة للضغوط “الإسرائيلية”، في حين يغيب هذا العامل في الشمال السوري؟
  • هل يمكن لنظام الأسد الذي يعاني من انهيار اقتصادي وفشل في الأداء المؤسسي أن يقدّم الخدمات المطلوبة لهذه الكتلة البشرية التي تتجاوز 5 ملايين نسمة، لاسيما بعد انسحاب المنظمات الإنسانية وعمليات الاستجابة عبر الحدود؟ أم سيتركهم لمصيرهم وسط الإهمال وسياسة العقاب الجماعي؟

[1]  نموذج السيطرة الهشّة للنظام في الجنوب السوري: تجليات فقدان نموذج الدولة شكلاً ومضموناً، وتضارب أجندات الحلفاء والفاعلين، مركز الحوار السوري، 29/11/2020: https://2u.pw/0c5vXO
[2] “التهجير القسري.. القافلة الأخيرة تتجهز لمغادرة درعا”، SY24، 11/8/2018: https://2u.pw/UgLvYH2s
[3]  شهر على “اتفاق درعا”.. نظام الأسد يسحب “سلاح 2018” ومعطيات التوتر “قائمة”، الحرة، 7/10/2021: https://2u.pw/CnjNjM 
[4] تمّت ورشة النقاش والمقابلات بين عامَي 2023 و2024.
[5] درعا.. من “الصرخة الأولى الى السقوط” القصة الكاملة لمحافظة تأبى الصلح، شبكة شام، 4/1/2021: https://2u.pw/Rc2cgk
[6] ” لا فناء لثائر،  تقرير إحصائي لشهداء درعا عام 2018″ ، مكتب توثيق الشهداء في درعا، 15/1/2019: https://2u.pw/xyLagUfh
[7]  “اتفاقيات المصالحة في درعا 2021: السياق والانعكاسات المحتملة على المشهد السوري”، مركز الجزيرة للدراسات، 29/10/2021: https://2u.pw/Jldd8AhZ
[8] المرجع السابق.
[9] المرجع السابق.
[10]  “من يحكم الجنوب السوري؟”، الجزيرة نت، 2/4/2024: https://aja.ws/eva0q5
[11] المرجع السابق.
[12]” الأمن العسكري… العدو الأول لأهالي درعا والسويداء”، العربي الجديد، 12/9/2022: https://2u.pw/zojM0V
[13] الفيلق الخامس الفاعلية العسكرية والمستقبل المتوقع، مركز جسور، 3/6/2019: https://2u.pw/sN6UKp4p
[14] “هكذا استعاد النظام وسط سوريا وجنوبها”، الجزيرة، 13/12/2021: https://2u.pw/gSvH5avU
[15] أصدر مركز الحوار السوري مجموعة من التقارير والدراسات التي تناولت التغلغل الإيراني في سوريا بالتفصيل ومن جميع جوانبه، ويمكن الاطلاع عليها في الروابط التالية:
  • مليشيات المشروع الإيراني في سوريا … التصنيف والتبعية وعوامل الحشد، 1/11/2019: https://2u.pw/WfHFnFeI
  • مليشيات المشروع الإيراني في سوريا … الأدوار ومجالات التأثر، 22/12/2019، https://2u.pw/EQEvoiiu
  • مليشيات المشروع الإيراني في سوريا … المستقبل والأثر الإقليمي، 3/1/2020،
  • التغلغل الإيراني الاقتصادي في سوريا بعد عام ،2011:،5/3/2022 ، https://2u.pw/iEgfwT
  • التقرير التحليلي “التغلغل الثقافي الإيراني في سوريا (1) : الأدوات الدينية”، 10/5/2020 https://2u.pw/oMDbNw
  • الورقة التحليلية “التغلغل الثقافي الإيراني في سوريا (2): الأدوات التعليمية والاجتماعية، 2/06/2020”: https://2u.pw/HG0gUY
  • الورقة التحليلية “التغلغل الثقافي الإيراني في سوريا (3): الأدوات الإعلامية والديموغرافية”، 30/6/2020: https://2u.pw/7S2f9A
  • الورقة التحليلية “التغلغل الثقافي الإيراني في سوريا (4): مخاطره على الهوية السورية وسبل مواجهته”، 19/9/2020: https://2u.pw/Kfx4mD
وفي عام2023 أصدر مركز الحوار السوري كتاب “التغلغل الإيراني في سوريا: اغتيال المستقبل السوري”. https://2u.pw/uswcVpth
[16] “بعد سيطرة النظام السوري عليها.. هكذا تحاول إيران التغلغل دينيا بمحافظة درعا”، صحيفة الاستقلال، 28/3/2022: https://2u.pw/qxgp3C
[17] “تعرّف إلى أذرع إيران و”حزب الله” من أصحاب المصالحات بدرعا (صور)”، أورينت، 10/1/2019: https://2u.pw/DY6ftr
[18] “إعدامات وهجرة وحوادث أمنية.. من المستفيد من الفوضى في درعا؟”، الجزيرة، 11/10/2022: https://2u.pw/5nSJnDva
[19] إسرائيل وأزمة أوكرانيا.. عينٌ على سوريا وأخرى على إيران وروسيا (تحليل)، وكالة الأناضول، 28/2/2022: https://2u.pw/3jCHLmNF
[20] الورقة البحثية “استثمار إيران في جماعات الغلوّ والتطرّف”، مركز الحوار السوري، 8/9/2021: https://2u.pw/p3Yfw26t، و”صاحب حصاد الحنظل.. كيف قُتل والي داعش في حوران؟”، تجمع أحرار حوران، 8/2/2024: https://2u.pw/58KgfMlB
“بالأسماء.. مهام أمراء داعش في درعا من الفتك بجسد الثورة إلى سجون الأسد ثم لصفوف قوّاته”، تجمع أحرار حوران، 11/2/2019: https://2u.pw/xrmIIUJh
[21] “من درعا إلى شمالي سوريا.. الذكرى السنوية الخامسة للتهجير”، تلفزيون سوريا، 17/7/2023: https://2u.pw/UNJ1DfIu
[22]  يُقصد بالأحداث المؤججة للصراع: المعارك والاشتباكات العسكرية، بالإضافة إلى الاحتجاجات والانتهاكات ضد المدنيين واستخدام القوة المفرطة.
البيانات مأخوذة من الحساب الخاص بالأعضاء المسجلين في موقع ACLED وهي متاحة بشكل عام وليس تفصيلي للعموم. يُنظر موقع:  https://acleddata.com/trendfinder/
[23] تمت إعادة تجميع البيانات الواردة في موقع ACLED وإظهارها بشكل تراكمي لتوضيح إجمالي الحوادث المؤججة للصراع سنوياً.
[24] “درعا: اشتباكات بين عصابات تابعة للأمن العسكري واللواء الثامن المدعوم من روسيا”، تلفزيون سوريا، 7/3/2023: https://2u.pw/d6ZVXV6p
[25] “تحت أعين النظام”.. مواجهات “ثأرية” تهز الجنوب السوري”، الحرة، 8/4/2024: https://2u.pw/g3rymVZL
[26] “اشتباكات مسلّحة لليوم الخامس على التوالي في مدينة جاسم.. القصة كاملة”، تلفزيون سوريا، 12/7/2024: https://2u.pw/U3Q7W2QP
[27] “مقاتلو درعا يعلنون السيطرة على كامل حي طريق السد”، تلفزيون سوريا، 15/11/2022: https://2u.pw/Pc1HYX2M
[28] “عودة نشاط الاغتيالات في درعا”، الشرق الأوسط، 7/1/2024: https://2u.pw/w6TKg7nh
[29] ” اغتيالات وفلتان أمني يحرمان أهالي درعا أجواء رمضان”، الجزيرة، 28/3/2024: https://2u.pw/MfGrKfXD
[30] ” في الجنوب السوري.. عبوة ناسفة تودي بحياة أبرز المعاقبين من بريطانيا”، الحرة، 9/8/2023: https://2u.pw/ETIDKX0Q
[31] ” صاحب حصاد الحنظل.. كيف قُتل والي داعش في حوران؟”، تجمع أحرار حوران، 8/2/2024: https://2u.pw/58KgfMlB
[32] “السلامات آخرهم.. اغتيال القضاة في درعا مستمر”، عنب بلدي، 17/5/2023: https://2u.pw/Vz79Ieki
[33] آخرهم كان الصحفي محمود سعيد الحربي الذي اغتيل أواخر عام 2023 على يد مجموعة مقربة من الأمن العسكري. يُنظر: “موقع معارض: النظام متورط باغتيال الناشط الإعلامي “الحربي”، بلدي، 11/11/2023: https://2u.pw/lhsmNJMG
[34] “سوريا.. مقتل إمام مسجد أمام منزله في ريف درعا”، الحرة، 15/12/2022: https://2u.pw/qf7d1j6f
[35] “آخرهم رئيس بلدية النعيمة.. 20 قتيلاً من رؤساء البلديات في درعا منذ تموز 2018″، تجمع أحرار حوران، 12/9/2023: https://2u.pw/NJgsoTel
[36]  ” فواز قطيفان: الإفراج عن الطفل السوري المختطف بعد دفع الفدية”، BBC عربي، 12/2/2022: https://2u.pw/hiuR3i
[37]  ” سوريا: خطف الطفلة روان محمد النصار أثناء توجهها لامتحانات المدرسة”، سناك سوري، 10/1/2023: https://2u.pw/mGjbZ4
[38]  ” خطف الأطفال يقلق أهالي درعا في ظل الفلتان الأمني”، العربي الجديد، 14/2/2022: https://2u.pw/y3GppW
[39] ” إطلاق سراح عنصر من الشرطة الروسية في درعا بعد تهديد بتنفيذ عمليات اقتحام”، تلفزيون سوريا، 12/7/2024: https://2u.pw/E1HkZFY3
[40] “احتجاج في درعا لتسليط الضوء على ملف المعتقلين”، نورث برس، 19/7/2024: https://2u.pw/OkvrAR68
[41] “درعا: الإفراج عن عشرات المحتجزين ممن تمّ اعتقالهم رغم “اتفاق التسوية””، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، 1/6/2021:
[42] المرجع السابق.
[43] وفقاً للبيانات المجمعة من مكتب توثيق الشهداء في درعا والتقارير الحقوقية الصادرة عن  تجمع أحرار حوران
[44] بعض الأمثلة الحديثة: “محجة: الإفراج عن شابة بعد يوم على اعتقالها.. الأهالي قطعوا الطرقات وهددوا النظام بالتصعيد”، تجمع أحرار حوران، 8/1/2024: https://2u.pw/ewKjmZXE، و”اعتقال سيدة يشعل مواجهات مع قوات النظام شمال درعا”، تجمع أحرار حوران، 10/7/2024: https://2u.pw/4kS4AwAO
[45]  للاستزادة يمكن الاطلاع على تقرير صادر عن مركز الحوار السوري بعنوان: “تجارة المخدرات في سوريا؛ ورقةٌ لإعادة تدوير نظام الأسد”: https://2u.pw/c4fnq
[46] “قاتل بلا سلاح، رحلة المخدرات في الجنوب السوري، من أين تأتي، وإلى أين، ومن يرعاها؟”، درعا 24، 12/7/2021: https://2u.pw/weRZPqIf
[47] “الجنوب السوري يغرق بالمخدرات بعد تراجع التهريب إلى الأردن”، العربي الجديد، 24/7/2022: https://2u.pw/y6cDrI
[48] “المخدرات في درعا، عملية مُنظّمة تستهدف الشباب تحديداً”، درعا 24، 26/3/2022: https://2u.pw/DSLDZstR
[49] “المخدرات تصل إلى المدارس في درعا”، درعا 24، 6/1/2023: https://2u.pw/z5tzlMNt
[50] ” لوقف التهريب.. الأردن يصعِّد غاراته في سوريا والنظام “يأسف”، الأناضول، 23/1/2024: https://2u.pw/L15mfuzz
[51] ” الأردن يحبط أكبر عملية لتهريب ملايين الأقراص المخدرة”، الجزيرة، 5/6/2024: https://2u.pw/sJamLxZb
[52] ” مسؤول أمني أردني يؤكد: أكثر من 295 مصنعاً للكبتاغون في سوريا نعرف أماكنها بدقة”، تلفزيون سوريا، 18/5/2024: https://2u.pw/B7h0RooK
[53] “مئات السوريين في درعا يحتجون على نصب تمثال جديد لحافظ الأسد”، رويترز، 10/3/2019: https://2u.pw/CAMo4k
[54] “سوريا.. مظاهرات بدرعا احتجاجا على الانتخابات الرئاسية “الصورية””، الأناضول، 26/5/2021: https://2u.pw/BglHw1
[55] “شبان نوى يغلقون مراكز انتخابات “مجلس الشعب” ويشتبكون مع قوات النظام”، تجمع أحرار حوران، 15/7/2024: https://2u.pw/yKv1dF2p
[56] “18 آذار.. درعا تحيي الذكرى العاشرة للثورة السورية”، تلفزيون سوريا، 18/3/2021: https://2u.pw/H5Bobnz7
[57] “درعا تنتفض من جديد في الذكرى الـ 11 للثورة السورية”، تلفزيون سوريا، 18/3/2022: https://2u.pw/GvE2oGfr
“درعا تحيي ذكرى الثورة السورية الـ 12″، بلدي نيوز، 18/3/2023: https://2u.pw/JBICtk1l
“مظاهرات ليلية تعمّ كبرى مدن وبلدات درعا إحياءً لذكرى الثورة”، زمان الوصل، 19/3/2024: https://2u.pw/DkMgUXTi
[58] ” مقابلة خاصة أجرتها درعا 24 مع الدكتور زيدون الزعبي”، درعا 24، 18/2/2024: https://2u.pw/vOMn568i
[59] “مبادرات في درعا تدل على وعي المواطن، وسُبات الحكومة”، درعا 24، 24/3/2020: https://2u.pw/y3Cj768t
[60] “مبادرات محلية في معظم مناطق درعا في ظل سوء الحالة المعيشية”، درعا 24، 30/3/2021: https://2u.pw/ZGb20EXh
و”تعاون وتكاتف: مبادرات محلية خلال شهر رمضان الفضيل ضمن المجتمع المحلي”، درعا 24، 12/5/2021: https://2u.pw/C1R7ZZeC
[61]  “بعد مصادرته حرية السوريين نظام الأسد يواصل الاستيلاء على أملاك معارضيه”، سوريا على طول، 24/10/2019: https://2u.pw/u3SnxL
[62]  “النظام ينتقم من معارضيه في درعا ويصادر أملاكهم”، تلفزيون سوريا، 27/7/2020: https://2u.pw/pE7h5f
[63]  “نظام الأسد يصدر قراراً بحجز أملاك العديد من الشخصيات في درعا”، أورينت، 17/2/2019: https://2u.pw/nk0cXq
[64] ” الواقع الأمني والمعيشي جعل الهجرة هاجس معظم الشباب في درعا”، درعا 24، 2/12/2021: https://2u.pw/hlL3hf4L
[65]  الانتشار العسكري في درعا.. مساعٍ للتوسّع وتقييد المحافظة، تجمع أحرار حوران، 3/6/2020: https://2u.pw/7qUzNZ
[66]  النظام يحرم مناطق المصالحات في درعا من الخدمات، موقع بلدي، 6/10/2018: https://2u.pw/kDNWso
[67]  درعا على صفيح ساخن.. ما هي البنود التي تم تطبيقها من التسوية؟، الجزيرة، 29/7/2019: https://2u.pw/opkYOx
[68]  مشفى درعا الوطني يستلم تجهيزات طبية متعددة، الهلال الأحمر السوري، 7/2/2021: https://2u.pw/KOc3hj/
[69]  إحداث أقسام عزل لمرضى كورونا في مشافي بصرى وطفس ونوى بدرعا، مجلس الوزراء السوري، 3/4/2021: https://2u.pw/ChEBod 
[70]  التوسع بقسم العناية في مشفى درعا الوطني وتجهيز آخر للاستجابة للكوليرا، تشرين، 11/12/2022: https://2u.pw/frrT89
[71]  الانتهاء من أعمال ترميم مشفى نوى بريف درعا، سانا، 9/1/2023: https://2u.pw/huJoLr
[72] “جولات ميدانية للعيادة الطبية المتنقلة في ريف درعا”، سانا، 6/6/2024: https://2u.pw/wVmWeAvE
[73] “الهلال الأحمر يوزع 880 سلة صحية في بلدات ريف درعا الغربي، سانا، 12/6/2024: https://2u.pw/ZHx27Ceq
[74] ” تزويد عيادة الفحص الطبي قبل الزواج بدرعا بجهاز تحليل مخبري ثان”، سانا، 16/7/2024: https://2u.pw/YEqTcqIa
[75] ” تزويد مشفى الحراك الوطني بدرعا بجهاز تصوير أشعة متطور”، سانا، 1/7/2024: https://2u.pw/L5vhNNjD
[76] ” استمرار المبادرات لتجهيز مشفى مدينة الحراك بعد عدم تنفيذ الوعود الحكومية”، درعا 24، 4/3/2024: https://2u.pw/C9PIR2Rr
[77]  بتكلفة تتخطى المليار ليرة سورية.. إعادة إعمار مشفى في بلدة الغارية الشرقية، تجمع أحرار حوران، 22/12/2020: https://2u.pw/Tbv8Pe
[78]  “نقص الكوادر الطبية في درعا يفاقم من معاناة الأهالي”، درعا 24، 31/5/2022: https://2u.pw/XYdZau
[79]  “القطاع الصحي في محافظة درعا، إهمال حكومي ونقص في الخدمات وغلاء الأدوية”، درعا 24، 16/12/2021: https://2u.pw/NRqoYE
[80] “لا مراكز لعلاج الإدمان على المخدرات في محافظة درعا”، 31/10/2023: https://2u.pw/6lzevwPI
[81] “التعليم في درعا انتكاسة بعد الصدارة”، درعا 24، 8/6/2024: https://2u.pw/kkmqd65P
[82] “التسرّب من التعليم في درعا: أسباب عديدة ونتائج كارثية”، درعا 24، 13/6/2024: https://2u.pw/y4th8l0W
[83]  الامتحانات عبء مادي على المدرسين في درعا، تجمع أحرار حوران، 17/6/2022: https://2u.pw/qnSmkB
[84] ” من جيب المواطن: المجتمع الأهلي يمول التعليم الحكومي في درعا”، سوريا على طول، 7/6/2024: https://2u.pw/6PT9Wasr
[85]  مدارس درعا: مشاكل عديدة وجهود حثيثة لإنقاذ التعليم فيها، تجمع أحرار حوران، 31/3/2021: https://2u.pw/lR0OiR
و”مدارس درعا.. مبادرات مجتمعية لتدارك قلة المعلمين والكتب والمستلزمات”، تلفزيون سوريا، 17/10/2023: https://2u.pw/Yzd332XY
[86]  تسريب أسئلة الامتحانات يتسبب بإيقاف رؤساء مراكز امتحانية بدير الزور ودرعا، مدى بوست، 2/6/2021:  https://2u.pw/9jjXrg/ 
[87] “النظام السوري يؤخر صرف رواتب موظفي التربية في درعا”، العربي الجديد، 9/5/2024: https://2u.pw/9U3mALHR
[88] ” بكلفة 298 مليون ليرة… إعادة تأهيل وصيانة طريق عام درعا- بصرى الشام”، سانا، 2/7/2024: https://2u.pw/yqIiVPe7
[89] “المهندس عرنوس يفتتح محطة تحويل كهرباء غباغب في ريف درعا بتكلفة تجاوزت 30 مليار ليرة”، سانا، 4/7/2024: https://2u.pw/uE7fhlWF
[90] “تأهيل عدد من آبار مياه الشرب ببلدتي صيدا وصماد بريف درعا”، سانا، 1/7/2024: https://2u.pw/p5KxcIGj
[91] “موجة الحر تزيد من معاناة انقطاع الكهرباء بمناطق سيطرة النظام”، عنب بلدي، 10/7/2024: https://2u.pw/JOXGO5ZA
[92] ” تلوث مياه الشرب يمتد إلى أحياء جديدة في مدينة درعا”، درعا 24، 22/6/2024: https://2u.pw/WxOLTT0U
[93] “مبادرات أهلية بدرعا بعد غياب الخدمات الحكومية، درعا 24، 20/1/2023: https://2u.pw/WXK2sAM5
[94] “مسلحون يهددون عمال في المشاريع الزراعية لخفض أجورهم”، درعا 24، 25/7/2024: https://2u.pw/aBHyxvoI
[95] “أتاوات على ري المزروعات في منطقة حوض اليرموك”، درعا 24، 30/4/2024: https://2u.pw/EKeOgwLt
[96] “مخلفات الحرب: ظاهرة خطيرة ومعالجات خجولة”، درعا 24، 27/9/2023: https://2u.pw/CVE6fA0y
[97] “بتكلفة 1.5 مليار… إنجاز المرحلة الأولى لاستبدال قناة الري المغذاة من سد سحم الجولان بريف درعا”، سانا، 10/7/2024: https://2u.pw/D3goxZNr
[98] “مخلفات الحرب: ظاهرة خطيرة ومعالجات خجولة”، مرجع سابق.
[99] “قمح حوران: كفاح الفلاحين أمام التحديات في كلّ عام”، درعا 24، 3/6/2024: https://2u.pw/q6RqeiOg
[100] ““حوض اليرموك” المشهورة بالمزروعات الباكورية تشتكي من عدم توفر مستلزمات العملية الزراعية!”، درعا 24، 30/4/2021: https://2u.pw/2jGHgWql
[101]  “القمح السوري يشتعل…الحرائق أكلت 80 ألف دونم من المحاصيل”، العربي الجديد، 8/6/2019: https://2u.pw/xvN0d8
[102]  “تكرار حرائق المحاصيل الزراعية في درعا”، درعا 24، 13/5/2020: https://2u.pw/oLZJPg
[103]  “الحرائق تلتهم عشرات الدونمات من محصول القمح بريف درعا”، بلدي، 19/6/2022: https://2u.pw/LVy9qJ
[104] “احتراق 300 دنم من محصول القمح في ريف درعا الشمالي”، نورث برس، 4/6/2023: https://2u.pw/6PWZxKNF
[105] ” نيران تلتهم عشرات الدونمات المزروعة بالقمح في درعا”، نورث برس، 8/6/2024: https://2u.pw/bcx0kDsm
[106] ” مؤونة الشتاء في درعا بين الضرورة والغلاء”، درعا 24، 28/9/2022: https://2u.pw/kNlb3JB2
[107]  “السويداء والثورة: تبرير.. أم تقصير.. أم تهميش؟!”، أورينت، 30/6/2013: https://2u.pw/zHVpkD
[108]  “الإجبار على العودة إلى حضن النظام من بوابة إخضاع الدروز.. تفجيرات السويداء كما يرى أسبابها أبناء المدينة”، عربي بوست، 25/7/2018: https://2u.pw/NUiNnE
[109] ” سوريا.. محاولات حثيثة لتطبيق سيناريو المصالحات في السويداء”، ليفانت، 1/1/2021: https://2u.pw/6nnfoU0O
[110] ” انتفاضة السويداء مستمرة ضد الأسد.. وأبناؤها يستصرخون باقي المحافظات”، أورينت، 7/2/2022: https://2u.pw/Pr6GyvNq
[111] ” إصابة شخصين في إطلاق نار على محتجين بالسويداء السورية”، الشرق الأوسط، 13/9/2023: https://2u.pw/JbYukhFx
[112]  “بعد سيطرة النظام السوري عليها.. هكذا تحاول إيران التغلغل دينيا بمحافظة درعا”، صحيفة الاستقلال، 28/3/2022: https://2u.pw/qxgp3C
[113]  “تعرّف إلى أذرع إيران و”حزب الله” من أصحاب المصالحات بدرعا (صور)”، أورينت، 10/1/2019: https://2u.pw/DY6ftr
[114]  “توسيع دائرة الاختراق: أدوات التغلغل الإيراني وحساباته في مناطق الجنوب السوري”، مركز الإمارات للسياسات، 20/9/2022: https://2u.pw/TRE7nX
[115] “أبرز الضربات الإسرائيلية على الأراضي السورية في العقدين الأخيرين”، الجزيرة، 15/4/2024: https://2u.pw/IJMxRVNs
[116] “درعا: إصابة رئيس فرع الأمن العسكري بجروح نتيجة قصف إسرائيلي”، تجمع أحرار حوران، 31/1/2024: https://2u.pw/rApUZKtB
[117] “مقتل وإصابة 15 عنصرًا لقوات الأسد بقصف إسرائيلي على اللواء 12 في إزرع”، تجمع أحرار حوران، 25/10/2023: https://2u.pw/abHIfZ8D

مديرة الوحدة المجتعية في مركز الحوار السوري، بكالوريوس في الهندسة من جامعة دمشق، دبلوم في التخطيط العمراني وإعادة الإعمار المستدام، عملت في مجال الإعلام المكتوب والمسموع لعدة سنوات، نشرت العديد من الأوراق والتقارير البحثية في مواضيع سياسية واجتماعية، وخاصة ما يتعلق بأوضاع اللاجئين وقضايا المرأة

بكالوريوس في قسم الفلك وعلوم الفضاء من جامعة أنقرة، مهتم بالشأن التركي وعلاقته بقضايا اللاجئين السوريين، ونشر وشارك في إعداد عدد من التقارير والمقالات حول هذا الموضوع ضمن الوحدة المجتمعية في مركز الحوار السوري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى