الإصداراتالتقارير الموضوعيةالوحدة المجتمعية

إعادة بناء التعليم في سوريا بعد التحرير: دراسة مقارنة لتجارب الدول

تقرير صادر عن الوحدة المجتمعية في مركز الحوار السوري

يُعد التعليم من أبرز المسارات الاستراتيجية التي يمكن من خلالها تحقيق التعافي في الدول الخارجة من الحروب والصراعات؛ فهو لا يقتصر على كونه وسيلة لبناء المعرفة، وإنما يؤدي دوراً جوهرياً في إعادة تشكيل البُنى الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي تضرّرت خلال سنوات الحرب، فيُصبح التعليم ضرورة حيوية لإعادة بناء رأس المال البشري، ولتعزيز التماسك الاجتماعي، وترسيخ ثقافة السلام كجزء من مشروع وطني طويل الأمد لإرساء الاستقرار والعدالة.

فالتعليم في جوهره ليس مجرد عملية تلقين أو تنظيم للمدارس، بل هو منظومة قيمية ومؤسساتية قادرة على مواجهة آثار العنف والانقسام، عبر غرس مفاهيم المواطنة والتسامح والعدالة، وتوفير فضاءات آمنة للحوار بين الأجيال المختلفة، بما يُسهم في الحدّ من التوترات المجتمعية، وفي التخفيف من رواسب الكراهية والصراعات الهوياتية، كما أنّه يُعد من أبرز الأدوات القادرة على كسر حلقة الفقر والبطالة، عبر تمكين الأفراد من معارف ومهارات تفتح لهم أبواب الاقتصاد وفرص العمل، مما يعزّز مسارات التعافي الاقتصادي والاجتماعي في مرحلة ما بعد الحرب.

ومن هذا المنطلق فإن أي تصور جادّ لإعادة إعمار سوريا لا يمكن أن يتجاهل إصلاح النظام التعليمي؛ ليس على مستوى البنية التحتية والمناهج فحسب، وإنما أيضاً على مستوى الرسائل الثقافية والرمزية التي يحملها التعليم للأجيال الجديدة؛ فالتعليم يمكن أن يكون أداة للتجديد والتحرُّر، أو يكون وسيلة لإعادة إنتاج المنظومات القمعية والانقسامات المجتمعية، بحسب الكيفية التي يُعاد بها تشكيله وتوجيهه.

يهدف هذا التقرير إلى تسليط الضوء على تجارب دول مرّت بظروف حرجة ونجحت في إعادة بناء منظوماتها التعليمية بعد الأزمات، إلى جانب استعراض نماذج ناجحة من دول رائدة في المجال التعليمي، بهدف استخلاص الدروس والخبرات التي يمكن مواءمتها مع خصوصية الحالة السورية. ولذا يعتمد التقرير المنهج المقارن الذي يهدف إلى تحليل وتقييم تجارب الدول التي مرّت بظروف مشابهة لما مرت به سوريا، وذلك من خلال دراسة سياسات الإصلاح التعليمي التي اعتمدتها تلك الدول في مرحلة ما بعد الحروب، مثل: رواندا والبوسنة والهرسك وكمبوديا وألمانيا، كما تمتد المقارنة لتشمل تجارب دول متقدمة في مجال التعليم، مثل: فنلندا وسنغافورة وكندا، بهدف استخلاص عناصر القوة في نظمها التعليمية التي يمكن أن تسهم في بناء نظام تعليمي فعّال في السياقات الهشّة أو الخارجة من الأزمات. ثم يتطرق التقرير إلى إشكاليات التعليم في سوريا في المرحلة السابقة، ويقدّم مجموعة من المقترحات اللازمة لإعادة بناء منظومة التعليم على أسس راسخة.

التعليم في الدول التي خرجت من الصراع:

تشكّل تجارب الدول الخارجة من الصراع مادة غنيّة للرصد والتحليل، رغم خصوصية كل حالة وما يرافقها من تحديات وعيوب؛ إلا أن تأمُّل مسارات الإصلاح التي سلكتها تلك الدول يتيح فهماً أعمق لإمكانيات التعافي وإعادة البناء في سياقات ما بعد الصراع، خاصة في كل من ألمانيا ورواندا والبوسنة والهرسك التي تتشابه ظروفها في بعض الجوانب مع الحالة السورية.

ألمانيا؛ توحيد المناهج والتعليم المهني:

انهارت المؤسسات التعليمية في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية نتيجة دمار واسع في المباني، وكان هناك نقص حادّ في الموارد، فيما خضعت المناهج قبل هزيمة هتلر لهيمنة أيديولوجية نازية تروّج للتفوق العرقي والطاعة العمياء وتُقصي القيم الإنسانية والتفكير النقدي، بينما فُقدت كثير من الكوادر التعليمية؛ إما لكونهم قُتلوا في الجبهات وإما لفرارهم بسبب انتمائهم للنظام النازي، فيما عانى الطلاب من انقطاع طويل عن التعليم وتحمّل أعباء أسرية قاسية نتيجة الحرب[1].

ومع تقسيم ألمانيا إلى شرقية وغربية نشأ انقسام حادّ في الفلسفة التربوية والمناهج التعليمية؛ إذ اعتمدت ألمانيا الغربية مناهج ليبرالية تشجع على الديمقراطية والتعددية الفكرية، بينما رسّخت ألمانيا الشرقية مناهج اشتراكية تُعلي من شأن الولاء للدولة والحزب الحاكم وتُقصي الطروحات النقدية والفردانية[2].

بعد توحيد ألمانيا عام 1990 واجه النظام التعليمي تحدّياً معقّداً تمثّل في دمج نظامين مختلفين أيديولوجياً وإدارياً؛ حيث ورثت الدولة الموحدة نظامًا غربياً ليبرالياً وآخر شرقياً اشتراكياً مركزياً، وقد ترتب على ذلك الحاجة لإصلاح شامل في مناهج الولايات الشرقية، وإعادة تدريب الكوادر التعليمية، وتوحيد البنية التحتية والمعايير التربوية، بما يعزّز “القيم الديمقراطية” ويقلّص الفجوة التعليمية بين الشرق والغرب[3].

أطلقت ألمانيا سلسلة من الإصلاحات لتوحيد البنية التعليمية وتعزيز “القيم الديمقراطية”، من بينها إعادة هيكلة النظام التعليمي في الولايات الشرقية التي كانت تعتمد نظاماً اشتراكياً، وشملت نواحي عدة، منها:

  1. دعم البنية التحتية التعليمية:

تم تخصيص استثمارات ضخمة لتحديث البنية التحتية للمدارس في ألمانيا الشرقية، شملت تجديد المباني المدرسية، وتطوير المختبرات والمرافق التعليمية، بهدف رفع مستوى التجهيزات لتتماشى مع المعايير المعتمدة في ولايات ألمانيا الغربية[4].

  1. إصلاح المناهج الدراسية:

تمت مراجعة مناهج الولايات الشرقية بعد التوحيد، فأُزيلت المضامين الاشتراكية وحلّ محلّها محتوى يعزّز “القيم الديمقراطية” وحقوق الإنسان والمواطنة[5]، مع التركيز على تنمية التفكير النقدي والاستقلالية في الحكم لدى الطلاب[6].

  1. إعادة تأهيل المعلمين:

ركّزت السلطات التعليمية على استبعاد المعلمين المرتبطين بحزب الوحدة الاشتراكي (SED)-الحزب الحاكم لألمانيا الشرقية قبل الوحدة-، وشرعت في إعادة تدريب المعلمين المتبقين من خلال برامج مكثفة لتعزيز “القيم الديمقراطية”، وتحسين أساليب التدريس، وتشجيع التفكير النقدي لدى الطلاب[7].

  1. النموذج المدرسي الثلاثي:

بعد توحيد ألمانيا تم تعميم النموذج المدرسي الثلاثي المعتمد في ولايات الغرب، ليُطبّق أيضاً في ولايات الشرق، وذلك في إطار جهود توحيد البنية التعليمية وتعزيز “القيم الديمقراطية” في عموم البلاد، وهو نظام تعليمي للمرحلة الثانوية الدنيا، أي بعد التعليم الابتدائي (عادة بعد الصف الرابع أو السادس حسب الولاية)، ويقسّم الطلاب إلى ثلاثة مسارات رئيسة، كل مسار له هدف مختلف بحسب قدرات الطالب وميوله. لا يشبه هذا النموذج نظام التخصص (علمي، أدبي، مهني) الموجود في بعض الدول العربية، بل هو تقسيم للمسارات الدراسية بحسب قدرات الطالب ونتائجه في المراحل الابتدائية، ويشمل:

فرص التعليم لاحقاً
الطبيعة
المدة الدراسية
الهدف
نوع المدرسة
لا تؤهّل للجامعة مباشرة
مسار عملي/مهني بسيط
حتى الصف التاسع أو العاشر
إعداد الطلاب لدخول سوق العمل مباشرة أو للالتحاق بتدريب مهني في الحِرَف (كالنجارة والميكانيك)
المدرسة العامة[8]
Hauptschule
التخصص في مجالات تقنية أو إدارية، أو الانتقال لمدارس مهنية عليا
مسار متوسط يجمع بين النظرية والعملية
حتى الصف العاشر
تأهيل لتدريب مهني متقدّم أو التعليم المهني العالي، وأحيانًا إمكانية التحويل نحو المسار الجامعي
المدرسة التطبيقية[9]
Realschule
ينتهي بالحصول على شهادة Abitur التي تؤهّل لدخول الجامعات الألمانية
مسار أكاديمي نظري متقدّم
حتى الصف 12 أو 13 (حسب الولاية)
التحضير للجامعة
المدرسة الأكاديمية[10]
Gymnasium

وقد بدأت بعض الولايات الألمانية بالتحول إلى نموذج المدارس الشاملة (Gesamtschule) التي تدمج المسارات الثلاثة، ولكن النموذج الثلاثي ما زال حاضراً بقوة.

  1. توسيع نظام التعليم المهني المزدوج:

بعد إعادة توحيد ألمانيا توسّع نظام التعليم المهني المزدوج (Duale Ausbildung) ليشمل الولايات الشرقية السابقة، وهو نظام تعليمي يجمع بين التعلم النظري في المؤسسات التعليمية مثل المدارس المهنية أو المعاهد التقنية، والتدريب العملي في أماكن العمل أو الشركات؛ فيكتسب الطالب بهذا النظام خبرة مباشرة في سوق العمل من خلال التدريب العملي، بالإضافة إلى التعلم الأكاديمي؛ مما يعزّز جاهزيته المهنية، ويوفر فرص توظيف أفضل بعد التخرج، ويُعد هذا النموذج من أبرز أنظمة التدريب المهني في ألمانيا[11].

تكشف تجربة ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية ولاحقاً بعد إعادة التوحيد كيف يمكن أن يشكّل التعليم ركيزة استراتيجية لإعادة بناء الدولة وتعزيز الوحدة الوطنية، وذلك عندما يُدرج ضمن مشروع سياسي شامل للإصلاح؛ فقد مثّلت قوة الدولة المركزية، ووضوح الرؤية الديمقراطية، والاستثمار المنهجي في البنية التحتية والكوادر عوامل حاسمة في تجاوز آثار الانقسام الأيديولوجي العميق بين الشرق والغرب.

 ويمثّل النموذج المدرسي الثلاثي، إلى جانب نظام التعليم المهني المزدوج إحدى أبرز نقاط القوة التي أتاحت ربط التعليم بسوق العمل، وتقليص البطالة، وتعزيز الشعور بالجدوى الفردية والجماعية لدى الطلاب. وتدلّ هذه التجربة على أن نجاح إصلاح التعليم في مرحلة ما بعد النزاع لا يتطلب فقط تجاوز الأضرار المادية أو إزالة المضامين المتطرفة، وإنما يتطلب أيضاً هندسة متكاملة تربط بين المناهج وبناء القدرات وخيارات التوجيه المهني، ضمن رؤية وطنية تسعى لإعادة إنتاج الانتماء الوطني وتعزيز قيم المشاركة والديمقراطية.

رواندا؛ التعليم وسيلة للتعافي من آثار الصراع:

شهدت رواندا عام 1994 واحدة من أسوأ الإبادات الجماعية في التاريخ، قُتل خلالها نحو 800 ألف شخص خلال مئة يوم، مما أدى إلى تفكك النسيج الاجتماعي وانهيار الاقتصاد. وكان التعليم من أكثر القطاعات تضرراً؛ إذ دُمّرت البنية التحتية، وقُتل أو سُجن أكثر من 75% من المعلمين، كما تعرض 70% من الأطفال لصدمات عنيفة، مما أدى إلى تراجع كبير في معدلات الالتحاق بالمدارس، وتدهور المؤشرات التعليمية الأساسي[12]. وقد شرعت الدولة لاحقاً في عملية إعادة بناء شاملة، شملت المصالحة المجتمعية، وإصلاح الاقتصاد، والنهوض بالمؤسسات، ومن ضمنها النظام التعليمي، الذي كان من أكثر القطاعات تضررًا بفعل الحر، حيث رُكّز على إعادة بناء البنية التحتية، وتعويض النقص الحاد في الكوادر، ووضع مناهج تعزز المواطنة والهوية الجامعة[13]، وذلك من خلال عدة خطوات:

  1. التعليم لبناء الوحدة الوطنية:

أوقفت الحكومة تدريس مادة التاريخ لأكثر من عقد، ثم أعادت تقديمها بمنهج يركّز على الهوية الرواندية الموحدة، مع حظر استخدام مصطلحات مثل “هوتو” و”توتسي”[14] في الخطاب العام والمناهج الدراسية[15]. كما تم إدراج دراسات حول الإبادة الجماعية في المناهج بهدف تعزيز التفكير النقدي والتسامح[16].

  1. تطوير البنية التحتية والسياسات الإدماجية:

في السنوات التي أعقبت انتهاء الحرب الأهلية والابادة في رواندا، وبالتحديد بين عامي 2009 و2011 تم بناء ما يزيد عن 8,600 فصل دراسي في إطار برنامج إعادة تأهيل البنية التحتية التعليمية وتحسين وصول الأطفال إلى التعليم[17]، وترافقت هذه الجهود مع سياسات إدماجية تستهدف دعم الفئات المهمّشة، خاصة الأطفال ذوي الإعاقة. وقد بادرت الحكومة إلى تهيئة المدارس الحكومية لاستقبالهم، وتدريب المعلمين على التعامل مع احتياجاتهم، في تحوُّل يُعد من أوائل المبادرات في إفريقيا لدمج ذوي الإعاقة في التعليم العام[18].

  1. توسيع التعليم الأساسي:

 في عام 2003 أُقر التعليم المجاني في التعليم الأساسي، وتوسع لاحقاً ليشمل التعليم الثانوي ضمن سياسة “12 سنة من التعليم المجاني”؛ مما أسهم في رفع معدلات الالتحاق بالمدارس إلى مستويات شبه كاملة.

  1. التحول اللغوي نحو الإنجليزية:

نفّذت الحكومة إصلاحاً لغوياً استراتيجياً تمثّل في التحول إلى اللغة الإنجليزية واعتمادها لغة رئيسة للتدريس بدلاً من الفرنسية[19]؛ دعماً لسياسات الانفتاح الإقليمي والانتماء للكومنولث[20].

  1. تعليم قائم على الكفاءات والمهارات الحياتية:

تم اعتماد منهج تعليمي قائم على الكفاءات[21]؛ يركّز على تنمية المهارات الحياتية ومهارات القرن الحادي والعشرين، مثل: التفكير النقدي، والإبداع، والعمل الجماعي. وتكامل هذا التوجه مع تطوير التعليم التقني والمهني من خلال إنشاء هيئة وطنية مختصة (TVET)، وربط المناهج بسوق العمل؛ بما يعزّز الاقتصاد القائم على المعرفة[22].

  1. التحوُّل الرقمي والشراكة مع التكنولوجيا:

مع تطوير التعليم التقني والمهني من خلال إنشاء هيئة وطنية مختصة  (TVET)وربط المناهج بسوق العمل تكامل هذا التوجه بتعاون الحكومة مع شركات تكنولوجيا كبرى، مثل مايكروسوفت، لدعم التحول الرقمي، من خلال بناء فصول ذكية وتوفير الحواسيب والاتصال بالإنترنت[23].

تعكس تجربة رواندا في إصلاح التعليم بعد الإبادة الجماعية قدرة التعليم على لعب دور محوري في بناء الوحدة الوطنية والتعافي من آثار الصراع العنيف ومعالجة مسبباته، وقد شكلت السياسات التي ركزت على تعزيز هوية وطنية موحدة بعيداً عن الانقسامات العرقية، مثل: إعادة صياغة مناهج التاريخ، وحظر الخطاب الانقسامي خطوة استراتيجية مهمة نحو المصالحة المجتمعية، كما كان التوسع في التعليم الأساسي المجاني، والسياسات الشاملة لإدماج ذوي الإعاقة دليلاً على الالتزام بحقوق الإنسان وتحقيق العدالة الاجتماعية. وتُعد المبادرات في تطوير التعليم التقني والمهني والتحول الرقمي، وشراكات الحكومة مع القطاع الخاص عوامل قوة أساسية دعمت ربط التعليم بسوق العمل.

لكن تبقى التحديات كبيرة؛ إذ تواجه رواندا صعوبات في تجاوز الإرث النفسي والاجتماعي للمجازر، بالإضافة إلى الحاجة المستمرة لتطوير جودة التعليم وتدريب المعلمين، وتوسيع فرص التعليم العالي، خاصة في المناطق الريفية كما أن التحول اللغوي نحو الإنجليزية يطرح تحديات تتعلق بكفاءة الطلاب والمعلمين في اللغة الجديدة، وهو ما زاد من ضعف مخرجات التعليم وقدرته على مواكبة احتياجات السوق، وقد أدّى بطء التحسّن في هذا القطاع إلى تقليص دوره في دعم التنمية، ما جعله أحد العوامل التي أعاقت تحقيق بعض الأهداف التي كانت تطمح روندا للوصول إليها [24].

البوسنة والهرسك؛ التعليم في مجتمع منقسم:

شهدت البوسنة والهرسك بين عامي 1992 و1995 حرباً مدمرة، تميزت بعمليات تطهير عرقي وإبادة جماعية طالت أهل البوسنة المسلمين، كان أبرزها مجزرة سربرنيتسا التي راح ضحيتها أكثر من 8,000 شخص من الرجال والفتيان الأبرياء على يد القوات الصربية[25]، أدت هذه العمليات إلى انهيار شبه كامل للبنية التحتية، بما في ذلك النظام التعليمي الذي تعرض لأضرار جسيمة[26]. ورغم الجهود الدولية المكثفة لإعادة بناء المؤسسات التعليمية وتعزيز التعايش السلمي[27]؛ إلا أن الانقسامات العرقية والسياسية التي غذتها الأحداث المؤلمة آنذاك والاتفاقيات السياسية حالت دون ذلك .

وقد أقرّ اتفاق دايتون للسلام عام 1995 إنشاء كيانَين رئيسَين في البوسنة والهرسك: “جمهورية صربيا” و”فدرالية البوسنة والهرسك”، ومنح كل كيان _حتى كل كانتون ضمن الفدرالية_ صلاحيات مستقلة لإدارة قطاع التعليم[28]؛ مما أدى إلى نشوء نظام تعليمي مجزّأ إدارياً وأيديولوجياً، يعكس الانقسامات العرقية والسياسية التي كرّسها الاتفاق بدلاً من معالجتها[29]. ومع ذلك فقد حاولت حكومة البوسنة والهرسك اتخاذ بعض الخطوات للنهوض بالتعليم، منها:

  • إصلاح التعليم والمصالحة بدعم دولي:

عملت حكومة البوسنة والهرسك، بدعم من منظمات دولية مثل: منظمة الأمن والتعاون في أوروبا (OSCE)  ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة  (UNICEF)على إدخال برامج تعليمية تهدف إلى ترسيخ قيم المواطنة والمصالحة[30]، من خلال التركيز على حقوق الإنسان، وقبول التعددية، وتشجيع التفكير النقدي، وذلك عبر تدريب المعلمين وتطوير أساليب التدريس. كما سعت الحكومة إلى ربط إصلاح التعليم بعملية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي؛ إذ قدّمت التزامات بإدخال إصلاحات تربوية ضمن اتفاقية الاستقرار والشراكة، وأدرجت في هذا السياق معايير أوروبية تتعلق بجودة التعليم وحوكمته، في محاولة لرفع كفاءة النظام التعليمي وتوحيد بعض ملامحه بما يتماشى مع التوجهات الأوروبية[31].

  • محاولات توحيد المناهج وإنهاء الفصل العرقي في المدارس:

في عام 2003 أطلقت حكومة البوسنة والهرسك بدعم دولي مبادرة لإنشاء “المنهاج الأساسي المشترك” بهدف توحيد مفاهيم التعليم في البلاد[32]؛ إلا أن هذا المنهاج تم تبنّيه شكلياً، ولم يُطبَّق فعلياً في المواد الحساسة مثل التاريخ واللغة والتربية الوطنية[33]، كما حاولت الحكومة إنهاء نظام “مدرستان تحت سقف واحد”، الذي يفصل الطلاب حسب المجموعات العرقية، عبر دمجهم في مدارس موحدة؛ إلا أن هذه المحاولات حققت نجاحات محدودة، واستمر النظام في العمل في عدة مناطق نتيجة للضغوط السياسية[34].

 أدّى تفتت الإدارة التعليمية _بوجود 13 وزارة تعليم في بلد صغير_ إلى غياب استراتيجية وطنية موحدة، وخلق تفاوتات واضحة في جودة التعليم بين الكيانات والمناطق[35]، كما عانت سياسات الإصلاح من غياب الإرادة السياسية الحقيقية؛ إذ غالباً ما كانت التحركات الإصلاحية مدفوعة بضغط خارجي (خصوصاً من الاتحاد الأوروبي والمنظمات الأممية)، دون التزام فعليّ من الأطراف المحلية[36].

ومن أبرز مظاهر الفشل البنيوي: استمرار نظام “مدرستان تحت سقف واحد”؛ حيث يتلقى الطلاب تعليماً منفصلاً على أساس العرق واللغة داخل المبنى نفسه، مما يعكس فشلاً رمزياً ومعنوياً في تأسيس ثقافة العيش المشترك. ورغم حجم التمويل والدعم الدولي المقدم فقد اصطدم بتعقيدات النظام السياسي، وانعدام أدوات فرض التغيير على الأرض.[37]

تُبرز تجربة البوسنة والهرسك محدودية أثر التعليم في تحقيق التماسك المجتمعي بعد النزاع عندما يغيب التوافق السياسي والإرادة المحلية الجادة للإصلاح؛ فعلى الرغم من التدخلات والدعم الدولي، وارتباط إصلاح التعليم بمسار الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي فإن تشتُّت الصلاحيات بين 13 وزارة تعليم حال دون صياغة رؤية وطنية موحدة، وأضعف من قدرة النظام على إحداث تغيير فعليّ في البنية التعليمية والمضامين التربوية.

وتتجلى الإشكالية الجوهرية في اتفاق دايتون نفسه؛ إذ نجح في إنهاء القتال المسلح، لكنه فشل في تأسيس هوية جامعة تتجاوز الانقسام العرقي، بل إنه عزّز منطق التعددية المنفصلة، وشرعنَ وجود أنظمة تعليمية موازية تعيد إنتاج الهويات المتنازعة بدل تفكيكها.

وعليه تُظهر التجربة أن التعليم لا يمكن أن يؤدي دوراً فاعلاً في بناء السلام ما لم يُدرج ضمن مشروع سياسي شامل لإعادة صياغة العقد الاجتماعي، يستند إلى المواطنة المتساوية ومبادئ العدالة، ويتجاوز الحسابات الفئوية والضغوط الإقليمية والدولية.

نماذج تعليمية ناجحة في الدول المستقرة:

تشكّل التجارب التعليمية في الدول المستقرة مصدراً حيوياً لفهم السياسات والممارسات التي أثبتت فاعليتها في تحسين جودة التعليم ورفع مستوى التحصيل العلمي للطلاب؛ فاهتمام هذه الدول بالتعليم ينبع من إدراكها للدور المركزي للتعليم في تطوير رأس المال البشري، الذي يُعد الأساس لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة والابتكار التكنولوجي. كما أن التعليم يسهم في تعزيز العدالة الاجتماعية، وتقليص الفوارق الاقتصادية والاجتماعية، ويُعد أداة رئيسة في بناء المواطنة الفاعلة التي تسهم في استقرار النظام السياسي وتعزيز التماسك الاجتماعي. وبناءً على ذلك يُمكن للدول التي تواجه تحديات تعليمية أن تستفيد من هذه التجارب في صياغة إصلاحات تربوية متكاملة تواكب متطلبات التنمية الشاملة، وتحقق استقرار المجتمع على المدى الطويل، خاصة تجربة سنغافورا وفنلندا وكندا.

سنغافورة؛ نموذج للاستثمار في رأس المال البشري عبر التعليم:

نالت سنغافورة استقلالها عام 1965، وكانت دولة فقيرة تفتقر إلى الموارد الطبيعية، تعاني من بطالة مرتفعة، وانقسام اجتماعي عرقي، واقتصاد هشّ يعتمد على الصناعات البسيطة والموانئ، ولم تكن هناك بنية تحتية تعليمية قوية، وكان النظام التعليمي مشتتاً وغير موحد، يعتمد على لغات مختلفة (الصينية، والماليزية، والتاميلية، والإنكليزية) بحسب الخلفية العرقية، مما أسهم في تعميق الانقسامات داخل المجتمع[38].

أمام هذا الواقع أدرك قادة سنغافورة أن الطريق الوحيد لبناء دولة مستقرة هو الاستثمار في الإنسان، معتبرين أن “رأس المال البشري” هو المورد الوحيد الذي تملكه البلاد، وعليه لم يكن تطوير التعليم مجرد سياسة اجتماعية، بل كان استراتيجية تنموية واقتصادية وأمنية في آنٍ معاً[39].

 أطلقت سنغافورة سلسلة إصلاحات جذرية في نظامها التعليمي، هدفت إلى تحقيق الكفاءة، وتحسين جودة التعليم، وربط مخرجاته باحتياجات السوق؛ مما مهّد الطريق لتحقيق قفزة تنموية جعلتها نموذجاً عالمياً يُحتذى، وذلك من خلال مجموعة من الخطوات، هي:

1. المساواة في فرص التعليم:

سعت سنغافورة إلى ضمان توفير فرص تعليمية متكافئة لجميع الطلاب، بغض النظر عن خلفياتهم الاجتماعية والاقتصادية، وقد جاء هذا التوجّه استجابةً لواقع ما قبل الاستقلال، حيث كان الحرمان من التعليم ناتجاً في الأساس عن الفقر والانقسام الاجتماعي واللغوي، وليس عن تمييز عرقي مباشر؛ فقد كانت المدارس موزعة بحسب الجماعات العرقية واللغات، مما أدى إلى تفاوت كبير في جودة التعليم[40].

 كما واجهت الأسر الفقيرة صعوبات في تحمل نفقات التعليم، لذلك اعتمدت سنغافورة لاحقاً سياسات توحيدية داعمة، شملت اعتماد اللغة الإنجليزية لغة تعليم موحدة، وتقديم الدعم للفئات الهشّة، بما يضمن عدالة الفرص التعليمية[41]، بشرط ألا يتجاوز دخل الأسرة الشهري الإجمالي 3000 دولار سنغافوري، أو 750 دولاراً للفرد، وقد تجسّد ذلك في مجموعة من برامج المساعدة، تتناسب مع نوع المؤسسة التعليمية والمرحلة الدراسية، منها:

  • برنامج المساعدة المالية للمدارس الحكومية :(MOE FAS) يشمل إعفاءات من الرسوم المدرسية، وتوفير الكتب والزيّ المدرسي، ودعم النقل، وهو مخصص للطلاب في المدارس الحكومية والمدعومة حكومياً.
  • منح المدارس المستقلة (ISB) : تقدّم دعماً جزئياً للرسوم الدراسية وفق دخل الأسرة، مخصصة لطلاب المدارس المستقلة.
  • برنامج التعليم الخاص (SPED FAS): يغطي الرسوم والمصاريف الأساسية للطلاب في المدارس الخاصة المدعومة من الحكومة.
  • المنح الجامعية (HECB) وHEB)): تشمل دعم الرسوم الدراسية وتكاليف المعيشة للطلاب في التعليم ما بعد الثانوي[42].

2. تدريب المعلمين المستمر وتطويرهم:

تعتمد سنغافورة على برامج تدريب مهني مستمر للمعلمين تُنفذ داخل البيئة المدرسية، ويُعرف هذا النهج بالتدريب القائم على المدرسة؛ حيث يجري تطوير مهارات المعلمين من خلال أنشطة عملية تُدمج في السياق اليومي للعمل التربوي، وتشمل هذه البرامج ورشاً في القيادة التربوية، وإدارة الصف، وتصميم المناهج، واستخدام أدوات تكنولوجيا التعليم(SBPD [43]، مع استخدام أساليب مثل “علِّم أقل وتعلَّم أكثر”، والتغذية الراجعة من خلال تسجيل الدروس، والتعلم التعاوني بين المعلمين. تهدف هذه المنهجية إلى تحسين مهارات المعلمين، ومواكبة التطورات التربوية، وتعزيز جودة التعليم[44].

3. التعليم التخصّصي المبكر:

يعتمد النظام التعليمي في سنغافورة على مبدأ التعليم الموجه (Early Streaming)؛ حيث يتم تقييم الطلاب في المرحلة الابتدائية لتحديد مسارات تعليمية تتناسب مع قدراتهم ومواهبهم الفردية[45]، ويساعد هذا التقييم في تخصيص المناهج والبرامج التعليمية بما يتلاءم مع مستويات الطلاب، مما يعزّز من فرص نجاحهم الأكاديمي[46].

4. التركيز على الابتكار واستخدام التكنولوجيا:

تدمج سنغافورة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التعليم عبر استخدام الألواح الذكية ومنصات التعلم الإلكتروني، مع اعتماد تحليل البيانات لتحسين جودة التعليم وجعله أكثر تفاعلاً وجاذبية للطلاب[47].

تُظهر تجربة سنغافورة أهمية الاستثمار في التعليم كقاعدة لبناء دولة مستقرة؛ حيث نجحت الدولة في تجاوز التحديات الاجتماعية والاقتصادية عبر سياسات تعليمية شاملة تضمن العدالة والجودة. كما يؤكد النموذج السنغافوري ضرورة تطوير مهارات المعلمين، واستخدام التكنولوجيا لتعزيز جودة التعليم؛ وهو ما يشكّل ركيزة أساسية لتحقيق التنمية والاستقرار الاجتماعي في مرحلة إعادة الإعمار.

التعليم الفنلندي؛ دعم متعدد المستويات، وتنمية مهارات متكاملة:

في أوائل السبعينيات بدأت فنلندا إصلاحاً جذرياً في نظامها التعليمي، استجابةً لتفاوت كبير في جودة التعليم وفرص الوصول إليه بين المناطق والخلفيات الاجتماعية؛ فقد كان النظام السابق يعاني من نقص في المعلمين المؤهلين والمناهج الموحدة، مما أدى إلى انقسامات اجتماعية واقتصادية[48]، فجاء الإصلاح بهدف بناء نظام تعليمي شامل وعادل يعزّز المساواة الاجتماعية ويرفع من مستوى التعليم، مع التركيز على تطوير المعلمين ورفع مستوى التعليم في جميع أنحاء البلاد[49]. واعتمد النظام التعليمي على ثلاثة مستويات من الدعم: العام والمكثف والخاص[50]:

1) التعليم لجميع الفئات:

يضمن النظام التعليمي حصول كل طفل على التعليم بما يتناسب مع احتياجاته الفردية، بمَن في ذلك الطلاب ذوو الاحتياجات الخاصة، وذلك من خلال دمجهم في الصفوف الدراسية العادية بدلاً من عزلهم في مؤسسات منفصلة. كما يُقدّم دعماً إضافياً للطلاب الذين يعانون من تأخر دراسي في المراحل المدرسية الأساسية، بهدف مساعدتهم على مواكبة زملائهم في الصف الدراسي نفسه[51].

2) المعلمون المدرَّبون:

يتميّز نموذج إعداد المعلمين في فنلندا بمعايير أكاديمية صارمة؛ حيث يُشترط حصول المعلمين على درجة الماجستير في التربية (باستثناء معلّمي الروضة)، والتركيز على التدريب القائم على البحث العلمي. يُمنح المعلمون استقلالية واسعة في اختيار طرائق التدريس وتقييم الطلاب، كما يشمل الإعداد المهني تدريباً عملياً تحت إشراف معلمين متمرّسين في مدارس تدريبية مختارة، مما يُمكّن المعلمين الجدد من ربط النظرية بالتطبيق، وتطوير مهاراتهم في بيئة تعليمية حقيقية[52].

3) عدم التركيز على الامتحانات:

لا تستخدم فنلندا اختبارات موحدة في التعليم الأساسي، بل تعتمد على التقييم المستمر من قبل المعلمين، مع إجراء امتحان وطني وحيد في نهاية المرحلة الثانوية؛ مما يخفّف الضغوط على الطلاب ويعزّز دافعيتهم الذاتية للتعلم[53].

يركز التعليم في فنلندا _خاصة في سنوات التعليم الأولى_ على التعلم عبر اللعب كوسيلة فعّالة لتعزيز الإبداع والتفاعل الاجتماعي، ويُدمج هذا النهج في المنهج الوطني لتحفيز الأطفال على التعلم من خلال الاستكشاف والتجربة، مما ينمّي مهاراتهم ويزيد من حبهم للتعلم[54].

كما يتميز التعليم الفنلندي بالتوازن بين الجانب الأكاديمي وتنمية المهارات الاجتماعية والعاطفية، مثل: مهارات التعاون، والتواصل الفعّال، وحل النزاعات، والتعاطف، وإدارة المشاعر، والاحترام المتبادل. كما يركّز على تعزيز القيم التي تساعد الطلاب على بناء علاقات إيجابية داخل الصف وخارجه، مما يسهم في تطوير شخصياتهم بشكل متكامل ويهيّئهم للحياة الاجتماعية والمهنية[55].

تمثّل تجربة فنلندا نموذجاً تعليمياً متطوراً يرتكز على شمولية التعليم وتكافؤ الفرص، مع اعتماد دعم متدرج للطلاب وتأهيل أكاديمي عالي المستوى للمعلمين، إلى جانب التقييم المستمر والتركيز على تنمية المهارات الاجتماعية والعاطفية.

ورغم أن نموذج فنلندا يُعتبر من النماذج التعليمية المتقدمة عالمياً، إلا أن تطبيقه في دول خارجة من النزاع يتطلب تكييفاً دقيقاً يأخذ بعين الاعتبار الفجوات التعليمية الكبيرة، والموارد المحدودة، والحاجات الخاصة للفئات الهشّة، لذا يمكن الاستفادة من مبادئ هذا النموذج مثل التركيز على تطوير الكوادر التعليمية وتنمية المهارات الاجتماعية، مع ضرورة تعديل الاستراتيجيات لتتناسب مع الواقع التعليمي والاجتماعي لتلك الدول.

 كندا؛ نموذج لامركزي في التعليم يعزّز التعددية:

يُمثّل النظام التعليمي في كندا تجربة متقدمة تقوم على احترام التنوع الثقافي واللغوي، كما تقوم على اللامركزية وتكافؤ الفرص وترسيخ مبدأ الإنصاف في الوصول إلى فرص التعليم وجودته، وقد اعتمدت كندا على التعليم كأداة محورية لإدارة هذا التنوع، من خلال تخطيط استراتيجي مرن، ورقابة على تنفيذ السياسات، وتمويل متوازن للمدارس الدينية يختلف باختلاف المقاطعات، ضمن نظام فيدرالي يتيح لكل ولاية وضع سياسات تناسب خصوصياتها الثقافية، وبفضل تبنّي مقاربة شاملة تُراعي الفروقات الفردية والاجتماعية، استطاعت بناء منظومة مرنة تعكس تركيبتها السكانية المتعددة وتعالج التفاوتات المحتملة بين الفئات[56]، وأهم سمات هذا النموذج:

اللامركزية الإدارية:

يُعدّ التعليم في كندا مسؤولية المقاطعات؛ حيث تصمم كل مقاطعة سياساتها التعليمية وتكيّفها مع خصوصياتها المحلية، ضمن إطار وطني يضمن العدالة والتماسك وجودة التعليم؛ مما يحقق نتائج عالية ومتقاربة حسب تقارير منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية OECD. يوازن هذا النموذج من اللامركزية الوظيفية بين الاستقلال المحلي والتكامل الوطني، على عكس نموذج البوسنة الذي يعاني من تجزئة سياسية وعرقية/دينية[57].

  1. إعداد وتدريب المعلمين:

يُعطى التدريب العملي أهمية كبيرة في برامج إعداد المعلمين في كندا؛ حيث يتم تدريبهم في بيئات تعليمية فعلية تمكّنهم من تطبيق النظريات ومواجهة تحديات التدريس المباشر، كما تتضمن البرامج تدريباً نظرياً متكاملاً، ويخضع المعلمون بعد التخرج لبرامج تطوير مهني مستمرة تعزّز مهاراتهم وتشجّعهم على تبادل الخبرات[58].

  1. مرونة في التعليم والتقييم:

يتميّز النظام التعليمي في كندا بمرونة تسمح بتكييف أساليب التدريس والتقييم بما يتناسب مع احتياجات الطلاب المختلفة، ويُستخدم التقييم البنائي[59] بشكل واسع لدعم التعلم المستمر وتحسين أداء الطلاب، بدلاً من الاعتماد فقط على التقييمات النهائية؛ وهذا النهج يعزّز من فهم الطالب، ويوجّه العملية التعليمية بشكل أكثر فعالية[60].

  1. اعتماد ممارسات تعليمية حديثة وتكنولوجيا داعمة للتعلّم:

يعتمد النظام التعليمي على أساليب تدريس حديثة تركّز على تنمية مهارات التفكير النقدي والبحث وحل المشكلات، بدلاً من الحفظ والتلقين، ويشجّع على التعلم النشط والتفاعل داخل الصف، كما تُستخدم التكنولوجيا بشكل فعّال في العملية التعليمية، من خلال التعليم المدمج والمنصات الرقمية؛ مما يسهم في تعزيز تجربة التعلم، وتوسيع نطاق الوصول إلى المعرفة[61].

  1. دعم شامل لتنمية الطالب:

يرتكز النظام التعليمي في كندا على مقاربة متكاملة لتنمية الطفل، تدمج بين الدعم الأكاديمي والخدمات النفسية والاجتماعية والصحية، بما يعكس فهماً موسعاً لاحتياجات المتعلم في مختلف أبعاده. فإلى جانب البرامج التعليمية الأساسية توفّر المدارس الكندية جلسات تقوية دراسية وإرشادًا فرديًا، وتُدمج مهارات التعلّم الاجتماعي والعاطفي ضمن المناهج لتطوير قدرات الطلاب في حل المشكلات، وتنظيم الذات، وبناء العلاقات الإيجابية[62].

كما تلتزم المدارس بتقديم دعم مهني متخصّص عبر فرق من الأخصائيين النفسيين والاجتماعيين، يتابعون الحالات الفردية ويوفّرون خطط استجابة مرنة، خاصة في حالات التراجع الأكاديمي أو الأزمات الشخصية، وتُعنى هذه الخدمات ببناء بيئة تعليمية شاملة وآمنة تُراعي الفروقات الفردية وتُقلّل من الفجوات التعليمية[63].

يُقدَّم النموذج الكندي بوصفه مثالًا على نظام تعليمي قادر على إدارة التعددية الثقافية وتحقيق الإنصاف ضمن هيكل لامركزي مرن؛ غير أن نجاح هذا النموذج يرتكز على وجود مؤسسات مستقرة، واستثمار طويل الأمد في الكوادر والبنى التحتية، وهي شروط تفتقر إليها السياقات الهشّة مثل سوريا بعد النزاع، كما أن تطبيق اللامركزية في بيئة منقسمة سياسياً وطائفياً قد يعمّق الانقسامات بدل معالجتها ما لم يُرفَق بضمانات قانونية وآليات رقابية وطنية؛ لذا فإن استنساخ النموذج دون تكييف نقدي للسياق المحلي قد يؤدي إلى نتائج عكسية.

التعليم في سوريا قبل سقوط نظام الأسد:

لم يكن النظام التعليمي في سوريا قبل اندلاع الثورة نظاماً فعّالاً أو متطوراً؛ بل شكّل أداة أساسية لتمرير فكر حزب البعث وتطويع الأجيال من خلال شعارات تمجيد القائد، وتجلّى ذلك في عدة سمات أهمها:

  • التوظيف الأيديولوجي للمؤسسة التعليمية:

ركّزت المناهج الدراسية على تعزيز أيديولوجية حزب البعث وتمجيد القيادة، من خلال إدراج مواد دعائية في كتب القراءة والتربية القومية، ومنح علامات إضافية للطلاب المشاركين في النشاطات المدعومة من الحكومة[64].

  • استخدام أدوات للتطويع القسري:

تم إنشاء منظمات طلابية مرتبطة بحزب البعث مثل “طلائع البعث” و”اتحاد شبيبة الثورة” مع فرض حصص للتربية العسكرية والعقوبات الجسدية داخل المدارس[65].

  • سيطرة الأجهزة الأمنية على التعيينات التعليمية:

كانت الأجهزة الأمنية تسيطر مباشرة على مديريات التربية وتتحكّم في تعيين المعلمين وتنقلاتهم، وتفصلهم عند الاشتباه بمعارضتهم للنظام[66].

  • الترويج لفكرة التعليم كمنحة وليس كحق:

روّج نظام الأسد للتعليم المجاني بوصفه هبة من القيادة، لا حقًا دستوريًا، مما عزّز ارتباط المواطن بالسلطة بدلاً من ترسيخ وعيه بحقوقه المدنية[67].

  • انعدام الفكر النقدي واعتماد التلقين:

كرّست سياسات نظام الأسد نمطاً تعليمياً قائماً على التلقين والحفظ، مع تقييد منهجي للتفكير الحر؛ حيث سادت بيئة تعليمية تُعطّل الحوار وتمنع النقاشات النقدية، بما يعزز الانصياع ويقوّض قدرة الطلاب على التحليل والاستقلالية الفكرية[68].

التعليم في ظل سنوات الثورة:

خلال سنوات الثورة ونتيجة للحل العسكري الذي اعتمدته قوات الأسد والقصف والتهجير الممنهج تأثرت المنظومة التعليمية بشكل كبير، وسط تفشّي ظاهرة التسرب وفقدان المدارس دورها التربوي، وقد خلّف هذا الواقع آثارًا عميقة على العملية التعليمية، يمكن إبرازها في المحاور التالية:

  • البنية التحتية والتسرّب الدراسي:

تعاني البيئة التعليمية في سوريا من تدهور شديد في بنيتها التحتية وتفاقم ظاهرة التسرّب الدراسي، نتيجة سنوات من الحرب والقصف والتهجير. وتشير بيانات اليونيسيف إلى أن حوالي 7000 مدرسة قد دُمّرت أو تضرّرت أو باتت تُستخدم لأغراض غير تعليمية[69]، مما حدّ من القدرة الاستيعابية للمؤسسات التعليمية. في الوقت ذاته، يُقدَّر عدد الأطفال خارج المدرسة أو الذين يتلقون تعليماً ضعيفاً بنحو 2.4 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 5 و17 عاماً[70]، نصفهم من الفتيات[71].

  • البيئة التعليمية والمعلمين:

اتشحت البيئة التعليمية بانعدام الدافعية، وضعف البُعد الإنساني، واعتماد أساليب عقابية في إدارة الصفوف[72]. كما واجه المعلمون تحديات كبيرة تمثلت في تدنّي مستوى التأهيل، وغياب فرص التدريب المهني والدعم المستمر، إلى جانب الرواتب الزهيدة التي لا تضمن حياة كريمة[73]، مما أسهم في تراجع الأداء التربوي وغياب الاستقرار الوظيفي، وانعكس سلباً على جودة التعليم ومخرجاته مما أدى إلى ضعف كبير في المهارات الأساسية كالقراءة والكتابة والحساب عند الأطفال في سنّ التعلم[74].

  • الانقسام المناطقي والمناهجي:

تَشظّت المنظومة التعليمية خلال سنوات الثورة نتيجة للانقسامات السياسية والجغرافية[75]، وهو ما تجلّى في تعدّد المرجعيات التعليمية، على النحو التالي:

  1. مناطق سيطرة نظام الأسد:

    حافظ النظام البائد على المناهج الرسمية ذات الطابع المركزي، والتي تقوم على تعزيز الأيديولوجية البعثية، وتمجيد القيادة، مع تغييب واضح للتفكير النقدي والموضوعية.
  2. مناطق سيطرة المعارضة:اعتمدت الجهات التعليمية للمعارضة مناهج دراسية معدّلة، بإشراف الحكومة السورية المؤقتة، ركّزت على إزالة الطابع الأيديولوجي من المواد، لكنها واجهت تحديات كبيرة في غياب الاعتراف الدولي والتوحيد المؤسسي.
  3. مناطق الإشراف التركي (شمال غرب سوريا):

تم إدخال تعديلات على المناهج تضمنت تعليم اللغة التركية إلى جانب العربية.

  1. مناطق سيطرة “قسد” (شمال شرق سوريا)

طوّرت الإدارة الذاتية الكردية مناهج جديدة تُدرّس باللغة الكردية، تعكس رؤيتها السياسية والاجتماعية، مع التركيز على التاريخ والثقافة الكردية، في غياب الاعتراف الدولي.

  1. مناطق نظام الأسد ذات النفوذ الإيراني:

فرضت إيران في مناطق نفوذها داخل مناطق سيطرة الأسد أدوات تعليمية ذات طابع مذهبي وأيديولوجي، كجزء من مشروعها للتغلغل الثقافي، وذلك من خلال إنشاء مدارس دينية وتوفير منح دراسية ومناهج موازية تعيد إنتاج تصوّرات طائفية موالية لسياسات طهران[76].

  1. مناطق سيطرة تنظيم “داعش” سابقًا:

تم فرض مناهج عقائدية متشددة من قبل التنظيم في المناطق التي سيطر عليها.

هذا التعدُّد أفرز مشهداً تربوياً مجزّأ، يُضعف تكوين هوية وطنية جامعة، ويقوّض فرص بناء نظام تعليمي موحّد[77]، على حساب مصلحة الطفل[78]، وسط مناهج جامدة تقوم على التلقين، وتفتقر إلى التفكير النقدي والمهارات الحياتية[79].

مداخل مقترحة لإعادة بناء التعليم في سوريا بعد التحرير:

يُعد إصلاح النظام التعليمي في سوريا ضرورة ملحّة تتطلب مراجعة شاملة ومنهجية، لا تقتصر على إعادة تأهيل البنية التحتية وتطوير الكوادر التعليمية فحسب، وإنما تمتد أيضاً إلى مراجعة القيم والمفاهيم التي ستغرس في الأجيال الجديدة، كما يتطلب إعادة بناء النظام التعليمي في سوريا اعتماد مقاربة شاملة تستفيد من التجارب الدولية الناجحة، مع مراعاة الخصوصيات الثقافية والاجتماعية المحلية وفيما يلي أبرز المداخل المقترحة:

  • إصلاح الثقافة التربوية:

يتطلب تجاوز إرث العنف والاستبداد في البيئة المدرسية ترسيخ ثقافة تربوية بديلة تقوم على الاحترام والقدوة والمسؤولية، من خلال حظر العقوبات الجسدية وأساليب الإذلال، واعتماد آليات تشاركية في إدارة الصف، وتوظيف معلمين من البيئة المحلية بما يعزز التفاهم الثقافي والانتماء المجتمعي[80].

  • إعادة تعريف مفهوم المنهاج:

ينبغي اعتماد تصور موسّع للمنهاج، لا يقتصر على المقررات الدراسية، بل يشمل الأهداف التربوية، وأساليب التعليم، وآليات التقييم، والأنشطة اللاصفية. ويسهم هذا التصور في ربط المدرسة بالمجتمع وتعزيز قيم المواطنة، على غرار التجربة الألمانية في مرحلة ما بعد الحرب[81].

  • تطوير إعداد المعلمين ونظام الحوافز:

يُعد المعلم فاعلاً محورياً في إعادة البناء التربوي، ما يتطلب تطوير برامج الإعداد الأكاديمي والمهني وفق معايير دولية، كما في فنلندا وكندا، وتبرز أهمية التطوير المهني المستمر، والتحفيز المادي والمعنوي، وفق ما أثبتته التجربة السنغافورية، إلى جانب إرساء نظام عادل للرواتب وتقييم الأداء.[82]

  • تعزيز المهارات الأساسية والحياتية:

تشكّل المهارات الأساسية (القراءة، الكتابة، الحساب) إلى جانب المهارات الحياتية الأولية (مثل التواصل وحل المشكلات وإدارة الذات) مدخلاً ضرورياً لتعويض الفاقد التعليمي، ودمج الأطفال في العملية التعليمية والاجتماعية. كما يُستحسن تبنّي نماذج تعليمية مرنة، كتجربة التعليم المزدوج في ألمانيا، لتوفير مسارات مهنية وأكاديمية قابلة للتبديل.[83]

  • دعم التعليم غير الرسمي والتعلم المجتمعي:

يشكّل التعليم غير الرسمي رافداً داعماً في سياقات ما بعد النزاع، من خلال استثمار الفضاءات المجتمعية في تقديم تعليم مرن، مدعوم ببرامج تغذية مدرسية، وتوسيع نطاق الوصول عبر الوسائط الرقمية والإعلام البديل، بما يعزز فرص التعويض التعليمي والاندماج الاجتماعي للأطفال المنقطعين[84].

  • توظيف التعليم في دعم العدالة الانتقالية:

يمكن للتعليم أن يسهم في بناء الذاكرة الجماعية وتعزيز المصالحة الوطنية، عبر إدماج قيم المواطنة وحقوق الإنسان ضمن المناهج، وإنشاء مراكز تعليمية مخصصة للتثقيف المدني، مستلهمة من التجربة الرواندية التي جعلت من التعليم أداة محورية في مسار العدالة الانتقالية وبناء السلام[85].

  • إدارة التنوع في التعليم: كندا، البوسنة، وسياق سوريا:

تُقدِّم التجربة الكندية مثالًا على كيفية تحويل التنوّع العِرقي والثقافي إلى مصدر غنى داخل النظام التعليمي، عبر اعتماد سياسات تعليمية دامجة واحترام الخصوصيات اللغوية والثقافية للمجتمعات المحلية، ضمن إطار اتحادي مستقر[86]. في المقابل، تُظهِر التجربة البوسنية كيف يمكن أن تؤدي اللامركزية في سياقٍ من الانقسام الإثني والسياسي إلى إنتاج نظم تعليمية موازية تعمّق الشرخ المجتمعي، كما هو الحال في ما تم ذكره حول “مدرستين تحت سقف واحد[87].

هذا التباين يُبرز أهمية البيئة السياسية والمؤسساتية في إدارة التنوع، ففي الحالة السورية، حيث تعددية الانتماءات الدينية والعرقية والمناطقية، فإن الاستفادة من التجربة الكندية تقتضي بناء نظام تعليمي يضمن الانصاف والتمثيل المتوازن، دون الوقوع في فخّ المحاصصة أو الانقسام، مع الحذر من سيناريوهات تفكك مشابهة لما شهدته البوسنة. ومن ثمّ، فإن أي نموذج سوري مستقبلي يجب أن يُوازن بين اللامركزية الإدارية والهوية الوطنية الجامعة، لضمان وحدة النظام التعليمي وعدالته في آنٍ معًا.

خاتمة:

يشكّل إصلاح التعليم في سوريا بعد التحرير مشروعاً وطنياً متكاملاً يفترض أن يحوز على أولوية الجهد والاهتمام والتمويل، ويستدعي شراكة فاعلة بين مختلف القوى الاجتماعية والسياسية والتربوية، كما يتطلب هذا المسار شجاعة في مراجعة النظام التعليمي السابق ونقده بجرأة، بهدف التخلص من الممارسات والأفكار التي أثبتت فشلها، وتشكّل خارطة الطريق المقترحة إطاراً مرناً يمكن تكييفه مع التحولات والظروف المتغيرة، بدلاً من أن تكون وصفة ثابتة؛ مما يجعلها قاعدة مرنة لإعادة بناء نظام تعليمي يرتقي بمستقبل الوطن ويلبي تطلعات أجياله القادمة.

في البُعد الثقافي تبرز الحاجة إلى تغيير ثقافة السيطرة والعقاب وإحلال ثقافة تربوية قائمة على القدوة والمسؤولية والاحترام المتبادل، من خلال حظر العقوبات الجسدية والإذلال، وتوظيف معلمين من البيئة المحلية لتعزيز التفاهم الثقافي والانتماء المجتمعي[88].

ومن الضروري تطوير برامج إعداد وتأهيل المعلمين في سوريا بما ينسجم مع المعايير الدولية، كما هو الحال في فنلندا وكندا؛ حيث يُنظر إلى المعلم بوصفه فاعلاً مركزياً في عملية بناء المجتمع، ويخضع لتدريب أكاديمي ومهني متكامل. وتُبرز تجربة سنغافورة أهمية التطوير المهني المستمر، والتحفيز المادي والمعنوي بوصفه مدخلاً لاستقطاب الكفاءات التربوية، وتعزيز مكانة المعلم الاجتماعية. كما يُستحسن إرساء نظام عادل للرواتب والحوافز، وضمان آليات تقييم مهني متواصلة تدعم الأداء وتحفّز الجودة.

ويُعد التركيز على المهارات الأساسية كالقراءة والكتابة والحساب والمهارات الحياتية الأولية في جانب التعليم المدرسي أولوية قصوى وخطوة ضرورية لتعويض الفاقد التعليمي، ودمج بعض المراحل الدراسية لتقليل الكلفة والجهد، مستلهماً من النموذج الألماني الذي يتيح مسارات تعليمية مهنية وأكاديمية قابلة للتبديل، بما يوفر مرونة تربوية ويستجيب لتنوع قدرات الطلاب، كما يجب اعتماد حلول مرحلية مرنة لاستيعاب الأطفال من أعمار ومستويات تعليمية مختلفة[89].

يمكن أن يشكّل التعليم غير الرسمي داعماً للتعليم الرسمي، عبر استثمار الفضاءات العامة كالمساجد لتقديم تعليم مرن يُنظّم في أوقات غير تقليدية، ويُدعَم بوجبات غذائية للأطفال، مع توظيف الوسائط الرقمية للوصول إلى المناطق المحرومة، وتوظيف المنصات المجتمعية ووسائل الإعلام البديلة، بما يضمن تعويض سنوات الانقطاع وإعادة دمج المتعلمين في الحياة الاجتماعية والاقتصادية.


[2] Disciplining Germany: Youth, Reeducation, and Reconstruction After the second war, same reference.
[3] Education and schooling in East Germany International Journal of Educational Development,9/2004, seen: 24/5/2025.
[5] East Germans Tackle Education Reform the Christian science monitor,5/9/1990, seen: 25/6/2025.
German unification and educational reform in Eastern Germany[6] Doblin city university, 12/1994, seen: 26/5/2025.
[9] The structure of the German education system planforgermany,25/3/2018, seen: 27/5/2025.
[10] German School System howtogermany,3/10/2022, seen: 27/5/2025.
[14] الهوتو والتوتسي هما جماعتان عرقيتان رئيستان في رواندا، وقد شكّل التوتر بينهما أحد العوامل الرئيسة التي أدّت إلى الإبادة الجماعية في رواند.
[15] Teaching Difficult Histories: Rwanda’s Post-Genocide Experience   NationalGeographic,1/5/2014, seen: 23/5/2025.
[16] The 1994 Genocide as Taught in Rwanda’s Classrooms world-education-blog, Seen: 23/5/2025.
[18] Rwanda makes gains in all-inclusive education theguardian,30/8/2011, seen: 23/5/2025.
[19] تبنّت رواندا اللغة الإنجليزية لغة رسمية للتعليم والإدارة ضمن استراتيجية إعادة التموضع السياسي بعد الإبادة الجماعية، بهدف الابتعاد عن النفوذ الفرنكوفوني والانخراط في الفضاء الأنجلوساكسوني. وقد مثّل انضمامها إلى الكومنولث عام 2009 _رغم عدم خضوعها للاستعمار البريطاني_ خطوة رمزية وسياسية تعكس توجهًا نحو بناء شراكات إقليمية ودولية جديدة لتعزيز التنمية والاستقرار.
[20] التعليم في روندا بين الماضي والحاضر، جسور بوست، 21/12/2021، شوهد في: 25/5/2025.
[21] المنهج القائم على الكفاءات يركّز على ما يستطيع المتعلّم إنجازه عملياً، ويهدف إلى تنمية مهارات التفكير النقدي، والإبداع، والعمل الجماعي، والتواصل، بوصفها ضرورية للنجاح في الحياة وسوق العمل.
[23] Free Education in Rwanda: Just One Step towards Reducing Gender and Sibling Inequalities , same reference
[25] UN confirms Bosnian massacre, The guardian, seen:27/5/2025.
[29] Segregated Education in Bosnia and Herzegovina, spirito Bosnia, seen: 27/5/2025.
[31] Education policy and development in the Western Balkans, 7/11/2023, seen: 27/5/2025.
[34] Bosnia’s Segregated Schools Maintain Educational Divide, Balkan transitional justice ,13/2/2015.
[40] Lee Kuan Yew’s Thoughtson Talent and Singapore’s Development Strategy, same reference.
[41] تجربة التعليم في سنغافورة، موقع الجزيرة، 15/7/2015، شوهد في: 12/6/2025.
[42] Financial assistance, Ministry of Education Singapore, seen: 29/5/2025.
[43] يُقصد بالتدريب القائم على المدرسة:  (School-Based Professional Development – SBPD)، ويتميز هذا النموذج بأنه مخطط وموجه بحسب احتياجات المدرسة الفعلية، ويشجع التعاون بين المعلمين عبر حلقات نقاش وملاحظات صفّية وتبادل الخبرات، كما يركّز على معالجة التحديات الصفّية الواقعية، ويُدمج ضمن جدول عمل المعلمين دون الحاجة للتغيب عن المدرسة، بدعم مباشر من الإدارة المدرسي.
[44] Research of the week #2 Singapore Teacher Growth Model, Teacher Development Trust, seen: 29/5/2025.
[45] تخصصات التعليم التخصصي المبكر في سنغافورة:
  1. العلوم والرياضيات: يُخصص للطلاب الذين يظهرون مهارات قوية وقدرة عالية في المواد العلمية والرياضية، حيث يُقدم لهم منهج مكثف ومتقدم في هذه المجالات.
  2. اللغات: يشمل التركيز على اللغات الأم واللغات الأجنبية، مع توفير برامج متقدمة للطلاب المتميزين في المهارات اللغوية.
  3. الفنون والمهارات الإبداعية: يتم توجيه الطلاب الذين يمتلكون قدرات إبداعية في المجالات الفنية (مثل: الرسم، والموسيقى، والدراما) إلى مسارات تدعم هذه المواهب.
  4. المسارات المهنية والفنية (في مراحل لاحقة): في المراحل الأعلى يمكن للطلاب التخصص في مجالات مهنية أو تقنية تتناسب مع اهتماماتهم وقدراتهم العملية.
What you need to know about Full SBB Ministry of Education Singapore,seen:29/602025
[48] Education reform in Finland and the comprehensive school system, Center of Public Impact ,2/9/2019, seen: 12/6/2025.
[49] Finland: A miracle of education? World bank blog, 26/6/2017, seen: 12/6/2025.
[50] الدعم العام هو الاستجابة الأولى للمشاكل، والدعم المكثف يمنع حدوث المزيد من المشاكل، ويتم توفير الدعم الخاص للتلاميذ الذين لا يستطيعون تحقيق أهدافهم التعليمية من خلال تدابير الدعم الأخرى.
[52] Teacher education in Finland, education Finland, seen: 30/5/2025.
[55]  Empowering Learners, Inspiring Educators: The Finnish Approach at the Heart of Boundless Education, Same reference.
[56] إضاءات على إدارة التنوع في سوريا.. في لزوم الوعي الوطني مع المواطنة  فصل تجربة كندا في إدارة التنوع  أولوية الثقافة الوتعليم ، صفحة  21مركز الحوار السوري،  9/9/2024 شوهد : 30/6/2025
خصّص إصدار مركز الحوار “إضاءات على إدارة التنوع في سوريا: في لزوم الوعي الوطني مع المواطنة” حيّزاً مهماً لتحليل التجربة الكندية، باعتبارها نموذجاً ناجحاً في إدماج مكوّنات المجتمع المختلفة ضمن سياسات تربوية مرنة ودامجة، تركّز على بناء الانتماء المشترك وتعزيز المواطنة من خلال التعليم.
[57] OECD Education Policy Outlook: Canada, OECD,1/2015, seen: 31/5/2025.
[59] التقييم البنائي(Formative Assessment) : هو نوع من التقييم يُجرى أثناء عملية التعلم بهدف مراقبة تقدم الطالب وتحسين أدائه بشكل مستمر.
[60] More Internationalization, More Innovation: The Case of Canadian Teacher Training Programs, previous reference.
[62] About the Supports for Student Learning Program, Government of Canada, seen: 1/6/2025.
[63] About the Supports for Student Learning Program, same reference
[68] أولوية إصلاح التعليم في سوريا تلفزيون سوريا، 28/12/2024 شوهد:30/6/2025
[69] The situation of children in Syria, UNICEF, 2023, seen: 13/6/2025.
[72] البنية المؤسسية للوطن: 4-النظام التعليمي، المرجع السابق.
[73] المعلمون في الشمال السوري.. شموع تنطفئ بصمت، تلفزيون سوريا، 3/10/2024، شوهد في: 14/6/2025 .
[74] البنية المؤسسية للوطن: 4-النظام التعليمي، مرجع سابق.
[76] كتاب التغلغل الايراني في سوريا , فصل التغلغل الثقافي ، عنوان الأدوات التعليمية، من اصدارات مركز الحوار السوري 
[79] البنية المؤسسية للوطن: 4-النظام التعليمي، مازن هاشم،  17/1/202، شوهد في:  4/6/2025 .
[84] استراتيجية التعلم غير النظامي Non-Formal Learning المدونة العربية , 10/1/2024شوهد:2/7/2025
[88] البنية المؤسسية للوطن: 4-النظام التعليمي، مرجع سابق.
[89] البنية المؤسسية للوطن: 4-النظام التعليمي، مرجع سابق.

بكالوريوس في الترجمة ودبلوم إدارة أعمال، حاصلة على درجة الماجستير في العلاقات الدولية من جامعة kulture في تركيا، مهتمّة بالقضايا المجتمعية للسوريين في الداخل وفي تركيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى