الإصداراتالتقارير الموضوعيةوحدة الهوية المشتركة والتوافق

خطاب الكراهية في سوريا: رؤية تدريجية للإصلاح والمعالجة

تقرير صادر عن وحدة التوافق والهوية المشتركة في مركز الحوار السوري

الملخص:

يتناول هذا التقرير ظاهرة خطاب الكراهية في سوريا كأحد أبرز التحديات التي تواجه المجتمع السوري في المرحلة الانتقالية بعد سقوط نظام الأسد. يوضح التقرير أن نظام الأسد لم يكتفِ بالقمع السياسي، بل عمل أيضاً على زرع الشك والخوف بين المكونات الاجتماعية، مما مهّد الطريق لنشوء خطاب كراهية عميق ومتبادل تفجّر بشكل أكبر بعد سقوطه، وخصوصاً مع غياب العدالة والمحاسبة.

في هذا السياق، يستعرض التقرير تجارب دولية لمواجهة خطاب الكراهية، مثل رواندا التي استخدمت آليات العدالة المجتمعية لبناء الثقة، وجنوب إفريقيا التي جمعت بين المحاسبة والمصالحة، ودول البلقان التي أقرّت قوانين صارمة ضد التحريض. بالمقابل، يُبرز التقرير تجربة لبنان كنموذج تحذيري لما قد يحدث عندما تغيب الإرادة السياسية والرقابة على الإعلام، ويُترك خطاب الكراهية ليتفاقم ويؤجج الانقسامات.

أما في الحالة السورية، فيشير التقرير إلى الانقسام المجتمعي الواضح بعد الثورة، حيث باتت مجموعات من مؤيدي الثورة تطالب بالعدالة تجاه المجرمين الذين ارتكبوا آلاف الجرائم بحق السوريين، وعندما تأخر إطلاق هذا المسار بدأت بعض العمليات الانتقامية الفردية، فيما تسعى فئات أخرى إلى التهوين من جرائم نظام الأسد والدعوة للتسامح دون محاسبة. هذا الخطاب المتبادل يعمّق الجروح، ويُضعف أي إمكانية لبناء تواصل أو ثقة بين السوريين.

يرى التقرير أن أسباب تصاعد خطاب الكراهية متعددة؛ منها: تراكم الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وتأخر مسار العدالة الانتقالية، وغياب الضوابط الإعلامية، والانهيار الاقتصادي، والخوف المتبادل بين الطوائف والمكونات. كما يُحذّر التقرير من دور بعض النخب السياسية والدينية والإعلام في تغذية الانقسام ونشر الكراهية.

ويُقدّم التقرير رؤية تدريجية لمعالجة هذه الظاهرة، تبدأ بتجريم خطاب الكراهية عبر قوانين واضحة تُوازن بين حرية التعبير وحقوق الجماعات، مع ضرورة تعديل القوانين الحالية وتشديد العقوبات. كما يشدد على أهمية تطوير إعلام مسؤول ومواثيق شرف مهنية، وتفعيل دور المجتمع المدني في إطلاق حملات توعية وتنفيذ برامج مصالحة محلية.

كذلك يدعو التقرير إلى تقديم الدعم النفسي والاجتماعي والقانوني لضحايا خطاب الكراهية، وتطوير برامج تعليمية تزرع قيم التسامح وقبول الآخر. ولا يغفل أهمية إطلاق حوار وطني شامل يضم مختلف المكونات السياسية والاجتماعية والدينية بهدف التوافق على رؤية مشتركة تعيد بناء الثقة وتكافح خطاب الكراهية من جذوره.

ونود التنويه أن إعداد هذا التقرير قد تم قبل تفجُّر الأحداث الأخيرة المؤسفة في محافظة السويداء، حيث يؤكد ما جرى بدوره على أهمية التركيز على خطاب الكراهية ومواجهته بوصفه أساساً للجريمة الفعلية لاحقاً وأداة لتمزيق النسيج الوطني.

مقدمة:

في المراحل الانتقالية التي تشهدها المجتمعات بعد النزاعات أو التحولات السياسية، يبرز خطاب الكراهية كأحد أخطر التحديات التي تُهدّد الاستقرار الاجتماعي وتُقوّض جهود المصالحة الوطنية. ففي هذه الفترات الحساسة، يمكن لخطاب الكراهية أن يؤجج الانقسامات العرقية والدينية والسياسية، ويعرقل عملية بناء الثقة بين مكونات المجتمع، ويفتح الباب أمام تصاعد العنف والتطرف.

عانت سوريا لعقود من الاستبداد والقمع في ظل نظام الأسد البائد، لم يكتفِ الأخير بالحدّ من التفاعل بين المكونات السورية، وإنما استخدم كل ما يمكن العمل عليه لزرع ثقافة “الخوف واللا أمن” فيما بينها؛ ليس الخوف من السلطة عبر القمع الوحشي فحسب، بل الخوف من عدو متخيل يأخذ في الغالب صورة “مجتمع الأغلبية السنية” في داخل الوعي “الأقلوي” الذي يتغلغل تحت غطاء العلاقات الاجتماعية ليصبح جزءاً من الذاكرة الجمعية[1]، بما يسهم في إضعاف التفاعل الذي كان قائماً فيما بين المكونات السورية، والذي كان له دوره في تراجع الثقة وتأجيج الصراع فيما بينها[2]، والذي تطوّر في إحدى تجلياته إلى نوع من خطاب الكراهية الذي بدأ يبرز بعد سقوط نظام الأسد.

لذلك، تثور الكثير من التساؤلات في المرحلة الحالية عن واقع خطاب الكراهية في سوريا، والأسباب التي أدت إلى انتشاره، وسبل مواجهته وتجاوزه.

بناء على ذلك، يهدف هذا التقرير إلى تحليل خطاب الكراهية في سوريا في سياق المرحلة الانتقالية، مع التركيز على العوامل التي تساهم في انتشاره وتأثيره على المجتمع، وسبل مواجهته.

يعتمد التقرير منهجية تحليلية تستند إلى مراجعة الأدبيات والدراسات السابقة، وأخرى مقارنة لدراسة تجارب دول مرت بمراحل انتقالية مماثلة بما يساعد على تقديم توصيات عملية تسهم في مكافحة خطاب الكراهية وتعزيز التسامح والتعايش السلمي في سوريا.

أولاً: ما تحكيه التجارب المقارنة عن آليات معالجة خطاب الكراهية

في رواندا، التي شهدت إبادة جماعية عام 1994، لعب خطاب الكراهية دوراً محورياً في التحريض على العنف وتأجيج الصراع بين الجماعات العرقية. قبل الإبادة كانت وسائل الإعلام الخاضعة لسيطرة قبيلة الهوتو تنشر دعاية عنصرية تستهدف قبيلة التوتسي، وتدعو إلى استئصالهم بصفتهم أجانب وأعداء وأشراراً يجب استئصالهم[3]. وبعد انتهاء الإبادة، أدركت رواندا أن معالجة خطاب الكراهية يتطلب أكثر من مجرد تجريم قانوني، بل يحتاج إلى آليات مجتمعية تعيد بناء الثقة وتحد من إعادة إنتاج الكراهية[4].

عملت رواندا على مكافحة خطاب الكراهية من زوايا متعددة، إذ أطلقت مساراً قانونياً لمكافحة خطاب الكراهية وإنكار الإبادة، مع تغليظ العقوبات على مرتكبي هذه الجرائم[5]، كما نص الدستور على مساواة جميع المواطنين بغض النظر عن أعراقهم وتجريم أي خطاب أو فعل يثير العنصرية أو الكراهية في المجتمع[6]، كما عملت على الجانب التعليمي عبر تغيير المناهج لتعزيز الوحدة الوطنية وتجفيف منابع خطاب الكراهية[7]، بالإضافة إلى وضع رقابة شديدة على وسائل الإعلام والصحافة لمنع أي انتشار لخطاب الكراهية فيها[8].

في هذا السياق، برزت لجان “غاكاكا” كأداة رئيسة ليس فقط لتحقيق العدالة، بل للحد من خطاب الكراهية في المجتمع. فقد اعتمدت هذه اللجان على الاعتراف العلني بالجرائم وطلب الصفح من الضحايا أمام المجتمع المحلي، مما أتاح مساحة للحوار وكشف الحقائق. ساهمت هذه العملية في تفكيك الصور النمطية السلبية التي غذّت خطاب الكراهية، ووفرت فرصاً لإعادة بناء العلاقات بين الضحايا والجناة. كما أن الاعتراف العلني بالخطأ وتحمل المسؤولية أمام المجتمع ساعد في تقليل مشاعر الانتقام، وأرسى ثقافة جديدة تقوم على التسامح والمصالحة بدلاً من الكراهية والتحريض[9].

إضافة إلى ذلك، ساعدت لجان “غاكاكا” في نشر خطاب بديل يركز على أهمية الوحدة الوطنية والتعايش السلمي، من خلال إشراك مختلف فئات المجتمع في عملية العدالة والمصالحة. ومع الوقت، أسهمت هذه التجربة في تراجع مظاهر خطاب الكراهية في الفضاء العام، وعزّزت مناعة المجتمع ضد محاولات التحريض والانقسام[10].

تُظهر تجربة البلقان أيضاً أهمية معالجة خطاب الكراهية بشكل فعّال لتحقيق الاستقرار والسلم الأهلي بعد النزاعات. ففي أعقاب حروب يوغوسلافيا السابقة، اتخذت عدة دول في المنطقة خطوات لمكافحة هذا الخطاب، مع التركيز على آليات قانونية وإعلامية واجتماعية. فعلى الصعيد القانوني، عُدلت قوانين العقوبات لتجريم التحريض على الكراهية والعنف والتمييز على أساس العرق أو الدين أو الأصل القومي. على سبيل المثال، اعتمدت كرواتيا تعديلات على قانون العقوبات في عام 2003 لتجريم التحريض على الكراهية والعنف على أساس العرق أو الدين أو الأصل القومي أو الجنس الخ [11]. وبالمثل، جرّمت صربيا التحريض على الكراهية والتمييز في قانون العقوبات لعام 2009.[12]

اجتماعياً، تم دعم منظمات المجتمع المدني التي تعمل على تعزيز الحوار بين المجتمعات المختلفة، وتنظيم برامج لتعليم التاريخ المشترك وتعزيز التفاهم بين الأجيال الشابة. أما فيما يتعلق بلجان المصالحة فقد تم إنشاء مبادرات محلية في بعض المناطق المتضررة من النزاع، مثل مشروع “بناء السلام من القاعدة إلى القمة” في البوسنة والهرسك، الذي دعم إنشاء لجان مصالحة على مستوى البلديات لتعزيز الحوار وحل النزاعات المحلية[13].  ومع ذلك، لم تكن هناك لجان مصالحة رسمية على المستوى الوطني مماثلة لتلك التي تم إنشاؤها في جنوب إفريقيا أو رواندا.

أيضاً في جنوب إفريقيا، شكّلت معالجة خطاب الكراهية جزءاً أساسياً من عملية الانتقال الديمقراطي بعد الفصل العنصري. لم تقتصر جهود المصالحة على كشف الحقائق وجبر الضرر، بل تعدّتها إلى بناء مجتمع متسامح ومتعدد الثقافات. اعتمدت جنوب إفريقيا مقاربة شاملة تضمنت آليات قانونية ومؤسسية واجتماعية لمكافحة خطاب الكراهية وتعزيز التسامح. على الصعيد القانوني، تم إصدار تشريعات تُجرّم خطاب الكراهية وتحمي حقوق الأفراد والجماعات. يُعد قانون المساواة ومنع التمييز غير العادل لعام 2000 من أبرز هذه التشريعات، حيث سعى إلى منع التمييز غير العادل وخطاب الكراهية، ومنح المحاكم صلاحيات في تشديد عقوبة مرتكبي هذه الأفعال[14]. إلى جانب ذلك، جاء قانون منع جرائم الكراهية ومكافحتها لعام 2019، ليجرّم التحريض على الكراهية والتمييز والعنف على أساس العرق أو الدين أو الجنس أو أي هوية أخرى[15].

مؤسساتياً، لعبت هيئة حقوق الإنسان في جنوب إفريقيا (SAHRC) دوراً محورياً في مراقبة خطاب الكراهية والتحقيق في الشكاوى المتعلقة بالتمييز والتحريض. كما عملت الهيئة على تطوير برامج توعية لتعزيز التسامح والتفاهم بين المجتمعات المختلفة[16].

اجتماعياً، دعمت الحكومة ومنظمات المجتمع المدني مبادرات لتعزيز الحوار بين الثقافات وتعليم قيم التسامح في المدارس والمجتمعات المحلية. بالإضافة إلى ذلك سعت لجنة الحقيقة والمصالحة (TRC)، على الرغم من أنها لم تركز بشكل مباشر على خطاب الكراهية، إلى إنشاء مساحة للحوار وكشف الحقائق، مما ساهم في تقليل التوترات المجتمعية وتعزيز المصالحة[17].

أما في لبنان، فيمكن اعتباره نموذجاً لفشل معالجة خطاب الكراهية، حيث ساهم غياب الإرادة السياسية والقوانين الرادعة في تأجيج الانقسامات الطائفية وتعميق الشروخ المجتمعية، فعلى الرغم من مرور أكثر من ثلاثة عقود على اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية[18] لم تنجح الدولة في تطوير منظومة قانونية ومؤسساتية فعالة لمكافحة خطاب الكراهية. وقد تجلّى هذا الفشل في عدة مظاهر متداخلة، أتى في مقدمتها ضعف استقلالية القضاء الذي أدى إلى انتقائية في ملاحقة خطاب الكراهية، حيث تم التغاضي عن خطاب بعض الأطراف السياسية وملاحقة أطراف أخرى، مما ساهم في ضعف الثقة في المؤسسات القضائية[19]، وشجَّع على استمرار استخدام خطاب الكراهية كوسيلة لتحقيق مكاسب سياسية. بالإضافة إلى ذلك، ساهم غياب التنظيم الفعّال للإعلام في سيطرة وسائل إعلام مملوكة لأحزاب وطوائف، تقوم بتأجيج المشاعر الطائفية دون رقيب، حيث أصبحت هذه الوسائل منصّات لنشر الدعاية والتحريض على العنف والكراهية ضد الجماعات الأخرى[20]. وأخيراً، استمر استخدام خطاب الكراهية كأداة للتعبئة السياسية والطائفية، خاصة في فترات الأزمات والانتخابات، في ظل ضعف مؤسسات الدولة وعجزها عن فرض القانون ومحاسبة المحرضين، مما أدى إلى تفاقم الانقسامات المجتمعية وتكريس النظام الطائفي[21]، وهو ما جعل التجربة اللبنانية درساً مهماً يجب تجنب تكراره في سوريا.

ومن الأمثلة الأخرى التي يمكن تسليط الضوء عليها هي تركيا، إذ يضم القانون التركي نصوصاً واضحة تُجرّم خطاب الكراهية والعنصرية، لكن لا يجري تطبيق هذه القوانين دائماً وتمر الكثير من الحوادث العنصرية دون فرض عقوبات رادعة[22]. تعود أصول خطاب الكراهية في تركيا إلى استقطابات داخلية حادة تزامنت مع تنافس سياسي كبير، خصوصاً في أوقات الانتخابات، وصار وجود السوريين في تركيا ملفاً إضافياً يُضاف لملفات الاستقطاب المجتمعي والسياسي التي يستخدمها الفرقاء لكسب نقاط على حساب خصومهم[23].

تؤكد هذه التجارب أهمية وجود إطار قانوني قوي يجرم التحريض على الكراهية، ووجود مؤسسات مستقلة تراقب وتكافح خطاب الكراهية، إلى جانب وجود مجتمع مدني قوي يفتح المساحات بين مختلف المكونات ويقود حوارات مستقلة بعيداً عن المؤسسات الرسمية، فضلاً عن أهمية المصالحة الوطنية وجهود بناء السلام لمنع عودة العنف.

ثانياً: واقع خطاب الكراهية بعد سقوط نظام الأسد

على الرغم من اتساع دائرة نطاق خطاب الكراهية والتحريض على الكراهية بين فئات من المجتمع السوري وتبادله بينها على أسس سياسية (إسلامي وعلماني، مؤيد للنظام البائد ومعارض له) واجتماعية (مقيم ومهجر) وطائفية (أغلبية وأقليات من جهة، وسنة وعلويون من جهة ثانية)، إلا أنه في الفترة القريبة الماضية وبعد سقوط نظام الأسد، طغى خطاب الكراهية على أساس طائفي بشكل أكثر وضوحاً.

مع حجم الانتهاكات التي ارتكبها نظام الأسد البائد، زادت مطالبات السوريين بإطلاق مسار العدالة الانتقالية بهدف محاسبة مرتكبي هذه الانتهاكات، إلا أن تأخر إطلاق هذا المسار أدى إلى ظهور موجات من خطاب الكراهية المتبادلة بين فريقين داخل المجتمع السوري؛ الأول: يمثل مؤيدي الثورة السورية والمشاركين فيها، ممن تعرضوا لمختلف أنواع الجرائم على يد أزلام نظام الأسد البائد، والذين يطالبون بتسريع مسار العدالة ومحاسبة المجرمين إلى درجة تصل أحياناً للدعوة للانتقام، والثاني: تمثله فئات وشخصيات من حاضنة النظام البائد تهوّن من جرائم الأخير[24]، وترى أن الأولوية للعفو والصفح، وتنظر لمن يدعو للمحاسبة والمساءلة على أنهم دعاة لتجديد العنف.

تجلّى هذا الانقسام بوجود بعض المظاهر التي قد تنطوي على “تحريض على الكراهية”، خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي. حيث يُستخدم من قبل فئات مختلفة لتحقيق أهدافها. فمن جهة، هناك فئة من الناس المحسوبة على الثورة طالبوا بالعدالة وتسريع وتيرتها خصوصاً تجاه كبار مجرمي النظام البائد، وعندما تأخرت هذه الإجراءات وبدأت عمليات الانتقام خارج إطار القانون غضّ البعض الطرف عنها أو أيّدوها ضمنياً، في الوقت الذي توجد فيه فئة أخرى كانت تقيم في مناطق سيطرة نظام الأسد البائد أو تؤيده، تعتبر أن الناس الذين كانوا في مناطق الثورة “داعشيون” ودعاة قتل وانتقام[25].

هذا النوع من الخطاب الذي يُستخدم لتحقيق انتقام شخصي أو جماعي يُعد تحدياً كبيراً أمام جهود بناء الثقة والتعايش بين مختلف مكونات المجتمع السوري، فهو يزيد من التوترات ويجعل من الصعب تحقيق المصالحة الوطنية. حيث يزيد من الشعور بالعداء والكراهية بين الأفراد والمجتمعات كما كان يحصل إبان وجود نظام الأسد البائد، حيث كان هنالك خطاب يبرر مختلف الجرائم بحق المعارضين والثائرين باعتبارهم خونة يجب سحقهم لدرجة وصلت إلى تبرير استخدام البراميل والكيماوي بحقهم.

هذا الوضع له تداعيات خطيرة على المجتمع السوري ككل، فانتشار خطاب الكراهية يؤدي إلى تعميق الانقسامات المجتمعية وإضعاف النسيج الاجتماعي وتقويض فرص المصالحة الوطنية، كما أنه يخلق بيئة مواتية لتصاعد العنف وانتشار التطرف، مما يهدد السلم الأهلي ويعيق أي محاولات جادة للإصلاح السياسي والاجتماعي، ولعل الأخطر من ذلك هو أن استمرار هذا الوضع يؤدي إلى تطبيع خطاب الكراهية في المجتمع، بحيث يصبح جزءاً من الثقافة السياسية والاجتماعية السائدة، مما يجعل مواجهته وتفكيكه أكثر صعوبة مع مرور الوقت[26].

ثالثاً: العوامل المؤثرة على خطاب الكراهية

عمد نظام الأسد منذ سنواته الأولى إلى تعزيز الانقسام في المجتمع السوري على أسس طائفية أو مناطقية أو طبقية، وبث الخوف بين أفراد الشعب من “الآخر”، سواء كان من طائفة أخرى أو من مدينة أخرى أو من طبقة اقتصادية أو مجتمعية أخرى، وذلك وفق سياسة “فرّق تَسُد”، ونجح إلى حدّ كبير في عزل كل جماعة عن الأخرى وأعاق سبل التواصل السليم بين أفراد الشعب، وفي إضعاف التفاعل الذي كان قائماً فيما بين المكونات السورية، والذي كان له دوره في تراجع الثقة وتأجيج الصراع فيما بينها[27]. وزاد من سياسته هذه بعد انطلاق الثورة، إذ بث دعاية بين “الأقليات” تشير إلى أنهم مستهدفون وأن نظام الأسد هو الحامي الوحيد لهم[28]، وبث حملات تضليلية كبيرة للفتنة بين أبناء الشعب الواحد.

وبعد سقوط نظام الأسد، يُعزى تصاعد خطاب الكراهية إلى عوامل متعددة تُشكّل بيئة خصبة لانتشاره. من بين هذه العوامل الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من قبل نظام الأسد البائد التي شهدتها البلاد خلال سنوات الثورة، والتي تركت ندوباً عميقة في النسيج الاجتماعي، وأدّت إلى تراكم مشاعر الغضب والرغبة في الانتقام. هذه المشاعر تتجلّى في شيطنة الآخر وتحميله مسؤولية المآسي التي عاناها السوريون، فحاضنة النظام البائد تحُمّل المسؤولية للثورة بحجة أنها ساهمت في إعطاء نظام الأسد الذريعة لتدمير البلد ومعاقبة الشعب من خلال تأييد العقوبات التي فُرِضت عليه، وما تُصوّره عن دور لفصائل المعارضة في ارتكاب انتهاكات بحق المدنيين الذين كانوا يقيمون في مناطق سيطرة نظام الأسد، في حين أن حاضنة الثورة تحُمّل المسؤولية لحاضنة النظام البائد كون سكوتها شكّل غطاء على جرائم نظام الأسد البائد، ومنحه الشرعية.

يتفاقم هذا الوضع بسبب غياب المساءلة وتأخر تطبيق العدالة الانتقالية عن الجرائم التي ارتُكبت خلال سنوات الثورة. حيث إن غياب العدالة الانتقالية أو تأخرها يؤدي إلى شعور الضحايا بالإحباط والظلم، مما يدفع البعض إلى تبنّي خطاب الكراهية كوسيلة للتعبير عن غضبهم والمطالبة بالانتقام[29].  بالمقابل، فإن استمرار المطالبة بالمحاسبة والمساءلة جعل فئات واسعة ممكن كانت تقيم في مناطق سيطرة النظام البائد تنظر لهذا الأمر وكأنه تغليب للغة الانتقام وتجاوز لغة العفو والمسامحة.

إلى جانب ذلك، يتغذّى خطاب الكراهية على البيئة غير المنظمة للإعلام، حيث تُستخدم وسائل التواصل الاجتماعي لنشر صور وتعليقات تحريضية تطالب بالانتقام دون انتظار القضاء. هذا النوع من الخطاب يساهم في تأجيج العنف ويُعيق جهود المصالحة الوطنية. كما أن بعض التعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي تُطالب بالانتقام من مُرتكبي المجازر أو تُحرّض على العنف ضد أشخاص يُتهمون بالمسؤولية عن اختفاء أحبّائهم، خصوصاً وأن هذه الدعوات لا تلقى بالاً لدى السلطة الانتقالية، بل إن البعض يرى أنها تبالغ في المسامحة مع إبقاء بعض كبار المجرمين طلقاء، مما يعزز ثقافة الثأر ويُكرّس ثقافة العنف بدلًا من المصالحة[30].

وإضافة إلى ما سبق، كان للتدخّلات الخارجية دورها في هذا السياق؛ حيث نشطت في وسائل التواصل الاجتماعي بعد سقوط نظام الأسد حملات تضليل إعلامي ضخمة ضد سوريا، وكشفت تحقيقات صحفية على أن هذه الحملات تقف وراءها شبكات من إيران والدول التي تدور في فلكها ومن الكيان الصهيوني[31]، بالإضافة إلى شبكات من تركيا من حسابات تدعي انتسابها للطائفة العلوية[32]، وتزامنت هذه الحملات مع إصدار بيانات استفزازية من شخصيات تدعي تمثيلها فئات من المجتمع وتطلق خطاباً استفزازياً مثل المطالبة بحماية دولية أو بالفدرالية أو بالدعم “الإسرائيلي”[33].

أيضاً تُفاقم الأزمة الاقتصادية والإنسانية التي تُعاني منها سوريا من حدّة خطاب الكراهية، حيث يدفع الفقر المُدقع وتردّي الأوضاع المعيشية الكثيرين إلى البحث عن كبش فداء يُحمّلونه مسؤولية مآسيهم، مما يجعل الآخر هدفًا سهلاً للتفريغ عن الغضب والإحباط[34].

إلى جانب ما تقدم، تبالغ بعض المكونات السورية في مسألة الخوف من الاستهداف من قِبل جماعات أو أفراد ينتمون إلى مكونات أخرى. على سبيل المثال، في أحداث الساحل السوري التي حصلت في آذار 2025، توجَّه بعض العلويين إلى مطار حميميم طالبين الحماية من القوات الروسية، مدعين خوفهم من الانتقام والعنف المحتمل[35]. كما يشعر المسيحيون بقلق من “أسلمة الدولة”، ويُستخدم ذلك لتبنّي مواقف دفاعية تحذر من فقدان حقوقهم الدينية والثقافية[36]. كذلك تدعي بعض الأطراف الكردية أن هنالك تهديداً لهويتها الثقافية، الأمر الذي تستخدمه كحجة للانكفاء على نفسها واتخاذ إجراءات “دفاعية” تحفظ لها هذه الهوية[37]. هذه الادعاءات تستخدمها أطراف من “الأقليات” لتبرير خوفها ومن ثم تبني خطاب كراهية كآلية دفاعية أو كوسيلة لتبرير العنف المحتمل ضدها، مما يُعمّق دائرة الصراع ويزيد من تعقيد المشهد السوري[38]، وقد تستغل بعض الجهات الخارجية هذه الادعاءات وتُؤجج خطاب الكراهية لتحقيق أهداف سياسية أو استراتيجية.

أخيراً، تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دوراً مُهماً في نشر خطاب الكراهية[39]. تُستخدم هذه الوسائل أحياناً لنشر معلومات مُضلّلة أو مُحرّفة تُؤجج الكراهية والعنف[40].  والأمر ذاته ينسحب على النخب والمؤسسات التي قد تعزز خطاب الكراهية أو على العكس قد تُخفّف من حدته. على سبيل المثال، قد تستغل بعض النخب السياسية أو المجتمعية الوضع الراهن لتعزيز مكانتها من خلال تبنّي خطاب شعبوي يستهدف فئات معينة أو يُحمّلها مسؤولية أي أزمة. وقد يلجأ بعضهم إلى استخدام لغة تحريضية تُؤجج الانقسامات وتُعمّق الشروخ داخل المجتمع.  كما قد تُساهم بعض النخب الدينية في نشر خطاب الكراهية من خلال الترويج للتعصب الديني أو الطائفي، أو من خلال تبرير العنف ضد الآخر باسم الدين[41].

رابعاً: آليات معالجة خطاب الكراهية في التجربة السورية

تُشكّل مُعالجة خطاب الكراهية تحدياً كبيراً في ظل الحالة السورية، إلا أنها تُعد ضرورة ملحّة لتحقيق الاستقرار والمُصالحة الوطنية. ولتحقيق ذلك يجب تبنّي مقاربة شاملة يمكن تنفيذها على مراحل بحسب السياق. هذه المقاربة لابد أن تكون شاملة لأدوات قانونية ومؤسسية وإعلامية وتربوية.

1- تجريم خطاب الكراهية: الأدوات القانونية

يُعد وضع ضوابط قانونية صارمة حجر الزاوية في مكافحة خطاب الكراهية. يتطلب ذلك تطوير إطار قانوني ومؤسسي متكامل يُوازن بين مُكافحة خطاب الكراهية وحماية حرية التعبير، مع ضمان استقلالية وحيادية المؤسسات المعنيّة. ولتحقيق ذلك يُفضّل أن يُشارك في صياغة هذا الإطار جميع الفاعلين في المجتمع، من مُشرّعين وقضاة ومُحامين ومُدافعين عن حقوق الإنسان ومُمثلين عن المجتمع المدني.

بناء على ذلك، يمكن سنّ قوانين واضحة تُجرّم خطاب الكراهية بجميع أشكاله، سواء كان تحريضاً على العنف أو تمييزاً. ويجب أن تُحدّد هذه القوانين عقوبات رادعة للمُخالفين، سواء أكانوا أفراداً أو مؤسسات أو وسائل إعلام. كما يجب أن تضمن هذه القوانين الحماية لضحايا خطاب الكراهية. على سبيل المثال، المادة 307 من قانون العقوبات السوري تُجرّم التحريض على النعرات العنصرية أو الدينية، ولكنها تحتاج إلى تعديل لتشديد العقوبة وتوسيع نطاق التجريم ليشمل جميع أشكال خطاب الكراهية[42]. إلى جانب ذلك يجب تعديل قانون الإعلام وقانون مكافحة جرائم المعلوماتية ليُصبحا أكثر صرامة في مواجهة خطاب الكراهية، مع التركيز على تجريم خطاب الكراهية وتأييده وترويجه عبر مختلف الوسائل.

2- مكافحة خطاب الكراهية في مجال الإعلام:

يُعدّ الإعلام الحر والمسؤول ركيزة أساسية في مُكافحة خطاب الكراهية، حيث يُمكنه أن يلعب دوراً مُهماً في التّوعية بمخاطر خطاب الكراهية والتّرويج لخطاب التسامح والسلام، ويجب أن تلتزم وسائل الإعلام بالمعايير المهنية والأخلاقية، وأن تُساهم في بناء ثقافة الحوار والتّفاهم بين مُختلف مكونات المجتمع. على سبيل المثال يمكن تطوير مواثيق شرف إعلامية تُحدّد معايير واضحة للخطاب العام، وتُشجّع على مُمارسة مهنية مسؤولة تُعزّز التسامح والحوار، وتتجنب التّحريض على الكراهية أو التّمييز، وتسعى في الوقت نفسه للتّرويج للقيم الإنسانية المُشتركة.

بالمقابل، يجب اتخاذ خطوات فعّالة لمكافحة خطاب الكراهية في المجال العام والإعلام. يشمل ذلك مراقبة الخطاب الإعلامي، ففي ظل ضعف المؤسسات الرقابية المنتخبة، من الممكن أن تؤدي وزارة الإعلام دوراً في فرض رقابة مؤقتة على وسائل الإعلام لمنع نشر خطاب الكراهية، مع ضمان عدم التعدّي على حرية التعبير المشروعة. كما يجب مراقبة محتوى منصات التواصل الاجتماعي واتخاذ إجراءات صارمة لمنع انتشار خطاب الكراهية عليها. بالتوازي مع ذلك، يجب تعزيز الإعلام المسؤول، وتدريب الصحفيين على أسس التغطية الإعلامية المسؤولة، وتوعيتهم بمخاطر خطاب الكراهية. كما يجب إطلاق مبادرات إعلامية للتحذير من خطاب الكراهية والتوعية بمخاطره وسبل تجاوزه.

3- تفعيل دور المجتمع المدني:

تُعتبر منظمات المجتمع المدني شريكاً أساسياً في مُعالجة خطاب الكراهية، حيث من المفترض أنها تتمتّع بمصداقية وثقة لدى قطاعات واسعة من المجتمع، وتمثل حلقة وصل بين الناس وبين السلطة. لذلك يجب دعم هذه المنظمات وتمكينها من لعب دور فاعل في مُراقبة ومُواجهة خطاب الكراهية، من خلال تنظيم حملات التوعية وورش العمل والمُبادرات المجتمعية التي تُعزّز قيم التسامح والحوار.

في هذا المجال، يمكن للمجتمع المدني إطلاق برامج مصالحة مجتمعية تُساهم في تضميد جراح الماضي وبناء الثقة بين المكونات المختلفة للمجتمع، وتشمل هذه البرامج توفير مساحات للحوار والتواصل والتعاون بين أبناء المجتمع، وتنظيم فعاليات تُعزّز التّعايش السلمي والتّضامن الاجتماعي، كما تُساهم هذه البرامج في توعية المجتمع بمخاطر خطاب الكراهية والتّحريض على العنف، وتُشجّع على التّسامح وقبول الآخر.

كذلك يمكن تفعيل آليات مجتمعية فاعلة لرصد ومُواجهة خطاب الكراهية، من خلال تدريب أفراد المجتمع على التّعرف على أشكال خطاب الكراهية والتّعامل معها، ويُمكن أن يشمل ذلك إنشاء مراكز لرصد خطاب الكراهية وتقديم الدعم لضحاياه، وتنظيم حملات توعية في المدارس والجامعات ومراكز الشباب.

4- دعم ضحايا خطاب الكراهية وحماية الفئات المستضعفة:

يجب دعم الفئات المُستهدفة بخطاب الكراهية؛ سواء أكانت فئات دينية، أو عرقية، أو جماعات سياسية، وذلك من خلال محاسبة وتغريم ومُلاحقة مرتكبي جرائم الكراهية وتقديمهم إلى العدالة، وتسهيل حصولهم على التعويض وجبر الضرر خصوصاً التعويض المعنوي، وضمان حقهم في الوصول إلى العدالة والمساواة أمام القانون. على سبيل المثال يمكن أن يشمل الدعم النفسي والاجتماعي توفير جلسات استشارية فردية وجماعية مع متخصصين نفسيين، وإنشاء مجموعات دعم للأشخاص الذين تعرضوا لتجارب مماثلة، وتقديم المساعدة القانونية والمادية والمعنوية للضحايا.

5- إطلاق حوار وطني شامل:

يتطلب ذلك جمع مُمثلين عن مُختلف المكونات المجتمعية، من أحزاب سياسية ومؤسسات دينية ومنظمات مجتمع مدني ونخب فكرية وشخصيات اجتماعية، في حوار وطني شامل لمُناقشة أسباب وتداعيات خطاب الكراهية، والتوافق على رؤية مُشتركة للتصدي له. ويجب أن يكون هذا الحوار مبنياً على مبادئ الاحترام المُتبادل وقبول الآخر، وأن يُساهم في بناء الثقة بين مُختلف الأطراف.

6- تطوير برامج تربوية وثقافية:

يُمكن للتعليم أن يلعب دوراً مُهماً في مُعالجة خطاب الكراهية، من خلال إدراج مفاهيم التسامح والحوار ونبذ العنف في المناهج التعليمية، كما يُمكن تنظيم فعاليات ثقافية وفنية تُعزّز هذه القيم، وتُشجّع على التّفاهم والتّعايش السلمي بين مُختلف مكونات المجتمع.

خاتمة:

يعتمد نجاح هذه المقاربة المتدرجة في مُعالجة خطاب الكراهية في سوريا على توافر إرادة سياسية قوية تُترجم إلى سياسات وبرامج فعّالة تُعالج جذور هذه الظاهرة، وتُعزّز ثقافة التسامح والحوار، وتشمل مُحاسبة المسؤولين عن التحريض على الكراهية، بغضّ النظر عن انتماءاتهم، كما يجب أن تُرسل الحكومة رسالة واضحة برفض خطاب الكراهية والتعامل معه بحزم.

ولا بدّ من تعاون جميع الفاعلين في المجتمع السوري، من مؤسسات رسمية ومجتمع مدني ونخب ثقافية وقيادات دينية، في التصدي لهذه الظاهرة وبناء مجتمع مُتسامح وسلمي. تتطلب هذه المقاربة صبراً وإرادة قوية من جميع الأطراف، فهي عملية مجتمعية شاملة تتطلب تغييراً عميقاً في الثقافة والسلوك، وهذا التغيير لا يُمكن أن يتحقق إلا من خلال جهد متواصل ومتكامل يشارك فيه الجميع، من قيادات سياسية ونخب ثقافية ومؤسسات مجتمعية ومواطنين عاديين.

ملحق رقم 1 يوضح خطوات عملية يمكن العمل عليها لمعالجة خطاب الكراهية

ملحق رقم 2 خطة عمل زمنية لمعالجة خطاب الكراهية في سوريا

المرحلة
الإطار الزمني
الهدف العام
الخطوات
المرحلة 1: التحضير والوقاية
1-6 أشهر
رفع الوعي وتأسيس بنية أولية لمواجهة خطاب الكراهية
●       تشكيل لجنة وطنية مستقلة لرصد خطاب الكراهية
●       إطلاق حملات إعلامية للتوعية (فيديوهات – بودكاست – منشورات)
●       تطوير مواثيق شرف إعلامية بالشراكة مع المؤسسات الإعلامية
●       تفعيل دور المجتمع المدني من خلال ورش توعية محلية
●       مراقبة مؤقتة لمحتوى الإعلام ومنصات التواصل
المرحلة 2: التشريع والتنظيم المؤسسي
6-18 شهراً
بناء إطار قانوني ومؤسساتي رادع
●       تعديل المادة 307 من قانون العقوبات
●       سن قانون خاص بمكافحة خطاب الكراهية
●       تعديل قانون الإعلام والمعلوماتية
●       إنشاء وحدات قضائية متخصصة بجرائم الكراهية
●       تدريب القضاة والمحامين والصحفيين على قضايا خطاب الكراهية
المرحلة 3: المصالحة المجتمعية
1.5-3 سنوات
ترميم النسيج الاجتماعي وتعزيز التعايش
●       إطلاق برامج مصالحة مجتمعية (نموذج رواندا)
●       إنشاء مراكز محلية لرصد خطاب الكراهية.
●       تنظيم لقاءات حوارية مجتمعية بين فئات متخاصمة
●       دمج مفاهيم التسامح واللاعنف في المناهج التعليمية
●       تطوير برامج تعليمية وتدريب المعلمين عليها
المرحلة 4: الإصلاح البنيوي والعدالة المستدامة
2-5 سنوات
تأسيس بيئة دائمة تمنع إعادة إنتاج الكراهية
●       إطلاق حوار وطني شامل تشاركي
●       ضمان تمثيل المكونات السورية في مؤسسات الدولة
●       تنفيذ مشاريع تنموية في المناطق المهمشة
●       إصلاح البنية الإعلامية وتنظيم التراخيص وتوزيعها بعدالة
المرحلة 5: التقييم والاستدامة
مستمرة بدءاً من العام الثاني
مراقبة التقدم وتعديل السياسات
●       إجراء دراسات ومسوح لرصد خطاب الكراهية
●       مراجعة القوانين والإجراءات كل عامين
●       تعزيز التعاون مع المنظمات الدولية
●       إصدار تقارير دورية عن مدى تراجع خطاب الكراهية ومؤشرات التسامح

[1] أصبحت الصورة النمطية التي طالما روّج لها النظام قبل الثورة وبعدها، وعمل على تكريسها وتخويف “الأقليات” بها في أن حدوث أي تغيير ومشاركة الأغلبية “العرب السنة” في الحكم ستعني: “تحويل سوريا إلى إمارة إسلامية، والفتك بالطوائف بالاستناد إلى مرجعيات سابقة كابن تيمية وغيره”.
يُنظر: نادين المعوشي، “الأقليات” والبناء الوطني في سورية الأسد، سياسات عربية، العدد 48، كانون الثاني/يناير 2021: ص102، مايكل كير، “الله، سورية، بشار وبس؟”، مقدمة كتاب: العلويون في سوريا، تحرير: مايكل كير- كريغ لاركين، ترجمة: رضوان زيادة، أحمد العبدة، منتدى العلاقات العربية والدولية، الطبعة الأولى، 2021: ص16، وستيفان ونتر، العلويون في العهد العثماني، كتاب: العلويون في سوريا، تحرير: مايكل كير- كريغ لاركين، ترجمة: رضوان زيادة، أحمد العبدة، منتدى العلاقات العربية والدولية، الطبعة الأولى، 2021:  ص67، 82. 
[2] على سبيل المثال: شبَ صدام حادّ بين دروز السويداء وبدوها في نهايات عام 2000 بسبب خلافات حول الزراعة والمراعي، سقط خلال الصدام ضحايا كثر بين قتلى وجرحى ومهجّرين، وكان لنظام الأسد دور كبير في إذكاء الفتنة ذات البعدين الاجتماعي والطائفي؛ إذ إن البدو في غالبيتهم من السنة، وهم بذلك أقلية داخل أقلية أكبر في السويداء، حيث سمح للبدو بالتسلح وارتبط بعض منهم بأجهزة الأمن التي اتبعت منذ السبعينات سياسة زرع الخلافات والتفرقة بين مكونات المحافظة، والحد من التفاعل فيما بينها.
يُنظر: حسان عباس، إدارة التنوع في سوريا، مبادرة الإصلاح العربي، حزيران/يونيو 2012: ص10، وأمين العاصي، السويداء سناريو متكرر في افتعال الازمات، العربي الجديد، 6-4-2021، شوهد في:5-3-2022، وتجدُّد الاشتباكات بين البدو والدروز في السويداء، الجزيرة نت، 28-11-2000، شوهد في: 5-3-2022
[4] من الأمثلة على هذه القوانين:
القانون رقم 18/2008: يجرم “أيديولوجية الإبادة الجماعية” والتنكر للإبادة الجماعية.
القانون رقم 47/2001: يعاقب على التحريض على التمييز والعنف والكراهية العرقية أو الدينية.
[7] “إعادة بناء التعليم في رواندا”
Educational reconstruction in Rwanda“, Forced Migration Review, 2003
[8] “رواندا تقول لا للكراهية في الإعلام في اليوم العالمي لحرية الصحافة”
[9] إيزيكيل سينتاما، المصالحة الوطنية في رواندا: التجارب والدروس المستخلصة، تقرير مشروع بحثي المعهد الجامعي الأوروبي،2022.
[10]  رواندا تدشن محاكم قروية لمجرمي الحرب الأهلية، الجزيردة نت 2002، شوهد في 22/03/2025
[11] ECRI REPORT ON CROATIA (fifth monitoring cycle) Adopted on 21 March 2018 Published on 15 May 2018
[12] Alexander Verkhovsky،Criminal Law on Hate Crime, Incitement to Hatred and Hate Speech in OSCE Participating States،The Hague: SOVA Center، 2016
[13] United Nations Development Programme Country: Bosnia and Herzegovina Project Document Support to peaceful resolution of conflicts, reconciliation, respect for diversity and community security in Bosnia & Herzegovina
[14] القانون رقم 4 لعام 2000 ، يهدف قانون تعزيز المساواة ومنع التمييز غير العادل رقم 4 لعام 2000 إلى: إنفاذ المادة 9 مقروءةً مع البند 23(1) من الجدول 6 من دستور جمهورية جنوب أفريقيا لعام 1996، وذلك بهدف: منع وحظر التمييز والمضايقة غير العادلين؛ وتشجيع المساواة والقضاء على التمييز غير العادل؛ ومنع وحظر خطاب الكراهية؛ ووضع أحكام بشأن المسائل المتعلقة بذلك.
[15] مشروع قانون منع ومكافحة جرائم الكراهية وخطاب الكراهية،عُرض في الجمعية الوطنية (المادة 75 المقترحة)؛ نُشر ملخص توضيحي لمشروع القانون في الجريدة الرسمية رقم 41543 بتاريخ 29 مارس 2018)
[16] التقرير السنوي لهيئة حقوق الإنسان في جنوب أفريقيا لعام 2017/2018
[17] تقرير لجنة الحقيقة والمصالحة في جنوب أفريقيا
[18] اتفاق الطائف هو اتفاق سلام تم توقيعه في مدينة الطائف بالمملكة العربية السعودية عام 1989، وكان له دورًا مهمًا في إنهاء الحرب الأهلية اللبنانية التي استمرت من عام 1975 إلى 1990.
[19] مشروع الخطة الوطنية لتعزيز استقلال القضاء في لبنان، المركز اللبناني لحقوق الإنسان CLDH، تموز 2022، ص8.
[21]Melani Cammett,  Lebanon, the Sectarian Identity Test Lab, The Century Foundation، 2019،Viewed on: 03/23/2025
[22] استمر رئيس حزب الظفر، الحزب الأبرز في معاداة اللاجئين، في بث الخطاب العنصري بشكل مستمر منذ تأسيس الحزب عام 2021، ولم تتم محاسبته إلا في مطلع عام 2025، وأطلق سراحه بعد 5 أشهر فقط.
[23]أبرز ملامح الاستقطاب داخل المجتمع التركي“، مركز الحوار السوري، 14/4/2024
[24] قامت شخصيات مشهورة، من بينها عاملين في الوسط الفني، بإطلاق تصريحات داعمة لنظام الأسد المخلوع وتحاول تبرئته من الجرائم التي ارتكبها، مثل:
سلاف فواخرجي تشكر بشار الأسد وتعاتبه“، روسيا اليوم، 28/2/2025
[25] نشطت عدد من الحسابات في كشف الأشخاص الذين ينشرون منشورات تبث الطائفية وتعادي الثورة وتؤيد النظام السابق، ويمكن الاطلاع على نموذج منها في هذا المنشور.
[26] Countering and Addressing Online Hate Speech:  A Guide for policy makers and practitioners ، THE UN OFFICE ON GENOCIDE PREVENTION IN COLLABORATION WITH THE ESRC HUMAN RIGHTS, BIG DATA AND TECHNOLOGY PROJECT, UNIVERSITY OF ESSEX ،2023
[27] يراجع: نادين المعوشي، “الأقليات” والبناء الوطني في سورية الأسد، سياسات عربية، العدد 48، كانون الثاني/يناير 2021: ص107، د.أحمد قربي ونورس العبد الله، إضاءات على إدارة التنوع في سوريافي لزوم الوعي الوطني مع المواطنة، مركز الحوار السوري، 11/9/2023.
[28] ينظر: بدر الدين عرودكي، في سوريةغضبالأقلياتضد الأسد، المركز العربي لدراسات سورية المعاصرة، 28/6/2020.
[29] المركز الدولي للعدالة الانتقالية، كوسوفو، شوهد في : 01/06/ 2025
[31] تحقيق لمنصة إيكاد في منصة X يكشف تورط حسابات “لجان” مدعومة من إيران و”إسرائيل” في حملة التضليل الإعلامي التي تستهدف سوريا، 10/3/2025
[32] تحقيق لمنصة إيكاد في منصة X يكشف تورط حسابات “لجان” ناطقة باللغة التركية في حملة التضليل الإعلامي التي تستهدف سوريا، 24/3/2025
[33] مثل غزال غزال رئيس ما يسمى “المجلس الإسلامي العلوي في سوريا والمهجر” ، وحكمت الهجري أحد شيوخ عقل الطائفة الدرزية.
[34] محمد خير الوزير،خطاب الكراهية على الساحة السوريةأسبابه وصوره وآثاره، المؤسسة السورية للدراسات وأبحاث الرأي العام.
[36]مسيحيون في سوريا: نتطلع للأمان ونخشى التطرف، BBC عربي،  18/12/ 2024 ، شوهد في: 01/06/ 2025
[37] سلام علي ، مع سعادتهم بسقوط الأسد: أكراد يعبرون عن تخوفهم من المستقبل، سوريا على طول ، 14/12/ 2024 ، شوهد في : 01/06/ 2025
[38]  وفاء علوش، خطاب الكراهية“.. الخطر المحدق بالسوريين ، تلفزيون سوريا ، 9/03/2025 ، شزهد في : 14/04/2025
[39] دراسة خطاب الكراهية والتحريض على العنف في الإعلام السوري، المركز السوري للإعلام وحرية التعبير،2017
[41] محاربة خطاب الكراهية في الإعلام.. الجهود وحدها لا تكفي، معهد الجزيرة للإعلام،  2021 ، شوهد في 01/06/ 2025
[42] في هذه المادة مثلا لا تزال العقوبة هي الحبس من 6 أشهر لسنتين والغرامة من 100 ليرة ل 200 ليرة فقط

مدير وحدة التوافق والهوية المشتركة في مركز الحوار السوري، يحمل شهادة الدكتوراه في القانون العام من جامعة حلب، وحائز على اعتمادية المعهد العالي للحقوق في الشرق الأوسط، وعمل سابقاً مدرساً في كلية الحقوق في جامعة حلب الحرة. يركز في أبحاثه الحالية على دراسة ديناميكيات العلاقة بين المجتمع السوري والنصوص القانونية والدستورية منها على وجه التحديد.

Avatar photo
هنادي حجار

بكلوريوس علوم سياسية من الجامعة الأردنية
ماجستير حقوق إنسان وتنمية إنسانية من الجامعة الاردنية
دبلوم علاقات عامة
باحثة دكتوراة قانون عام
ناشطة في المجتمع المدني السوري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى