أثر تكريس الحقوق والحريات الأساسية سياسياً وقانونياً في المشروع السياسي للثورة
تبرز أهمية فكرة حقوق الإنسان وحرياته بالنسبة لمشروع الثورة السورية في منطقيتها وقلة الجدل الموضوعي الذي قد يثار حولها، بعكس بعض مفردات المشروع الأخرى “كمرجعية التشريع، شكل الدولة، شكل نظام الحكم، العلاقات الدولية…إلخ”. بهذا الاعتبار تصلح “وثيقة الحقوق والحريات” أساساً للانطلاق ببناء المشروع السياسي للثورة، مدفوعة بالتأييد الشعبي الذي كانت شعارات ثورته الأولى تنادي بإعلائها وضمانها.
تعرف الحقوق والحريات الأساسية بأنها مجموعة الحقوق والحريات المتعلقة بالإنسان كونه إنساناً بغض النظر عن ديانته وعرقه وجنسه، والتي اتفقت مختلف الشرائع السماوية منها والوضعية على أصل إقرارها، وإن اختلفت فيما بينها في تحديد ضوابط ممارستها، كحقوق التملك والتنقل والتقاضي والدفاع …إلخ.
أكدت الورقة أن إيراد الحقوق والحريات الأساسية في وثيقة قانونية وسياسية وتطبيقها قدر المستطاع والتوعية بها ستكون له عدة إيجابيات منها: تحسين صورة الثورة أمام الرأي العام الداخلي والخارجي، وإمكانية البناء عليها لاحقاً في بناء مشروع سياسي للثورة، إضافة إلى إعادة الاعتبار للشعب. بالمقابل، ثمة سلبيات لتبني مثل هذه الوثيقة، كقولبة الثورة في قالب قانوني قبل الوصول إلى مرحلة الدولة، وعدم القدرة على الإيفاء بمتطلبات هذه الحقوق والحريات بما يؤدي إلى ردة فعل سلبية لدى الشعب والرأي العام العالمي.
أبرزت الورقة العوائق التي قد تصطدم بها “وثيقة الحقوق والحريات” سواء على مستوى التبني؛ كحالة الاختلاف بين السياسيين والعسكريين، وعدم قدرة بعض الفصائل العسكرية على تبني مثل هذه الوثيقة نتيجة “الأدلجة العالية”، أو على مستوى التطبيق؛ كحالة الفوضى في المناطق المحررة وتعدد أجهزة الحكم القائمة فيها بما ينعكس سلباً على التطبيق، ووجود فصائل عسكرية ذات حضور قوي ترفض مثل هذه الوثائق وتطبيقها.
خرجت الورقة بتوصيات عامة قد تساهم في تكريس حقوق الإنسان وحرياته الأساسية على مستوى الثورة السورية، توعية وتبنياً وتطبيقاً، من أهمها:
- التوعية بأهمية الحقوق والحريات في المناطق المحررة خصوصاً داخل الفصائل العسكرية.
- تأخير إعلان وثيقة الحقوق والحريات إلى ما بعد البدء بالتطبيق والتوعية.
- البدء بتطبيق –غير الرسمي والمعلن- وثيقة الحقوق والحريات في المناطق التي تحظى بحضور عسكري موافق على مضمون الوثيقة (الجنوب السوري، ريف حلب الشمالي، المناطق المحررة حديثاً في جرابلس).
- تخفيف النزعة السلطوية لدى الفصائل من خلال التأسيس والتحضير لنشوء هيئات مدنية –ملزمة وليست طوعية- معنية بحياة المجتمع في مختلف المجالات (الطبية، التعليمية، الخدمية، الاجتماعية..إلخ).
مؤسسة بحثية سورية تسعى إلى الإسهام في بناء الرؤى والمعارف بما يساعد السوريين على إنضاج حلول عملية لمواجهة التحديات الوطنية المشتركة وتحقيق التنمية المستدامة