الورقة البحثية ” تحديد الهوية العربية الإسلامية في سوريا مصلحة سياسية وتنموية “
يعد تحديد الهوية الثقافية أو الدينية للمجتمعات الحديثة من الأمور المصيرية، وخاصة في سوريا الآن مع تواجد مناطق محررة شاسعة داخل الرقعة السورية كإدلب وأجزاء من حلب وحمص وحماة ودرعا وريف دمشق والقنيطرة، كلها تنتظر ملامح حكم رشيد قدم الشعب السوري أكبر التضحيات من أجل تحقيقه. ومن المكوّنات المهمة لمنظومة الحكم الرشيد قضية تحديد الهُوِيّة وما يتبع ذلك من مسؤولية تشريعية. ونظراً لما عانته سوريا عبر عقود طويلة من القمع المنظم واستبداد الأقلية وتهميش الغالبية، والذي ولد حالة من الغليان المجتمعي آل إلى الانفجار مع أحداث الربيع العربي في 2011، فإن الفرصة سانحة لتعديل هذا الوضع غير المتكافئ وإعادة الأمور إلى نصابها.
والاهتمام بموضوع الهوية بما في ذلك من النواحي الشرعية والقانونية ليس بدعاً من السياسة أو نزعة من هوى. بل هو أمر معمول به في الكثير من الدساتير العالمية، لا سيما في الدول الغربية، حيث تنص غالبية الدساتير على وجود مؤسسة رسمية ممثلة عن الدين، أو على دين رئيس الدولة، أو احترام معتقدات غالبية الشعب، وغير ذلك. وينبغي التأكيد على أن حسم الهوية العربية الإسلامية في سوريا أمر منطقي تصدقه الديموغرافيا وأفرزته أحداث الثورة عبر السنوات الأربع الماضية. فإضافة إلى كون تحديد الهوية العربية الإسلامية يأتي من باب احترام غالبية الشعب السوري والمخزون التاريخي والثقافي الكبير للعروبة والإسلام، ومن هذا الباب، لا ينبغي للهوية ومكوناتها الأساسية أن تسَيّس وتصبح ضمن البرامج الانتخابية والتجاذبات السياسية.
إضافة إلى كون هذا الأمر شيء يقبله العقل ويصدقه الواقع، فإنه يشكل أيضاً عاملاً مهماً في إحراز الاستقرار السياسي الذي نحن في أمس الحاجة إليه، والذي سينعكس بالطبع على أجواء البلد الاقتصادية والتنموية، وستناقش هذه الورقة أهم جوانب الهوية التي ينبغي تحديدها في الحالة السورية خاصة أن مراعاة المعطيات الاجتماعية والدينية والثقافية والتاريخية لغالبية الشعب السوري ستخلق مناخاً من الوئام السياسي الذي يمهد للنمو والازدهار ويخلصنا من مغبات عدم التجانس بين ثوابت المجتمع ومحيطه الاجتماعي السياسي.
مؤسسة بحثية سورية تسعى إلى الإسهام في بناء الرؤى والمعارف بما يساعد السوريين على إنضاج حلول عملية لمواجهة التحديات الوطنية المشتركة وتحقيق التنمية المستدامة