الأبحاث والدراساتالإصداراتالتوافق الوطنيوحدة الهوية المشتركة والتوافق

الورقة البحثية ” رؤية مستقبلية لتفعيل مفهوم “السُّلطة للشعب” في المناطق المحررة “

عانى الشعب السوري لعقود خلت من الاستبداد والقمع، الذي حرمه من أبسط حقوقه وحرياته، حيث كانت السلطة بيد عصابة أطلقت يد أجهزتها الأمنية والعسكرية لتكمم الأفواه وتحكم بالحديد والنار. فجاءت ثورة آذار لعام 2011 لتعط هذا الشعب الأمل في إحداث التغيير المنشود، وإعادة الحقوق والحريات المسلوبة.

مع تحرير العديد من المناطق السورية في نهاية 2012 وبداية 2013 انتظر الناس في تلك المناطق التغيير الذي طالما بشّرتهم به الثورة، ولكن نتيجة الوضع الاستثنائي الذي كانت تمر به هذه المناطق من حيث القصف والتهجير، والشعور بقرب سقوط النظام، لم يركز الثوار بصورة عامة على بناء سلطة بديلة بدلاً من سلطة النظام البائدة.

بعد اتساع رقعة المناطق المحررة، وطول أمد الثورة، لم يعد منطقياً استمرار الطريقة العسكرية الاستثنائية في حكم هذه المناطق خصوصاً بعد أن تسبب هذا الأمر -مع مرور الوقت- في تراجع الحاضنة الشعبية للثورة، وعزوف الكثير من الناشطين والثوار الذين شاركوا في بدايات الثورة عنها، وتشوه صورتها خارجياً نتيجة أخطاء عدة ارتكبها الثوار في تكريس هذه الطريقة.

لذلك كان لزاماً على الثوار تجديد مبادئ الثورة وروحها داخل المناطق المحررة، وإعادة تلك الصورة الناصعة لثورة شعب أراد التحرر من نيل العبودية والخضوع لتغول الأجهزة العسكرية والأمنية، بتقديم حكم بديل يعيد للشعب حقه في اختيار حكامه.

بناء على ذلك، تهدف هذه الورقة إلى تسليط الضوء على قيمة أساسية ثار الشعب من أجل تحقيقها وهي: “السلطة للشعب”، بقصد تفعيلها وتطبيقها لبناء مؤسسات ثورية داخل المناطق المحررة منبثقة عن إرادة شعبية حرة، تطوي صفحات الاستبداد والتسلط التي صادرت هذه الإرادة.

تبرز أهمية تفعيل مفهوم “السُّلطة للشعب” في مناطق الثورة داخلياً: في تطمين الشعب بكافة فئاته وطوائفه وأعراقه إلى أن السلطة البديلة عن سلطة النظام نابعة من اختياره وليست كما يروج الكثيرون بأنها سلطة استبداد، الأمر الذي سيساهم في إعادة الحاضنة الشعبية للثورة التي بدأنا نفقدها في الفترة الأخيرة. وخارجياً بمنح غطاء شرعي وشعبي لمنجزات الثورة السياسية والعسكرية والاقتصادية، بحيث تصبح واقعاً لا يمكن تجاوزه مستقبلاً في أية تسوية سياسية، وبحيث تشكل ورقة ضغط على الدول للتعامل مع الثورة ومؤسساتها كسلطة قائمة.

اتبعت الورقة المنهج التحليلي الوصفي، حيث وصفت الواقع الذي تحكم به الثورة والمناطق المحررة والأسباب التي أدت إليه، تمهيداً لوضع رؤية مستقبلية في تفعيل مفهوم “السُّلطة للشعب”.

مؤسسة بحثية سورية تسعى إلى الإسهام في بناء الرؤى والمعارف بما يساعد السوريين على إنضاج حلول عملية لمواجهة التحديات الوطنية المشتركة وتحقيق التنمية المستدامة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى