الإصدارات

مؤشر التوافق الوطني – الإصدار الثامن

مؤشر سنوي من إعداد وحدة التوافق والهوية المشتركة في مركز الحوار السوري

بين يدَي مؤشر التوافق الوطني:

إذا كان الاختلاف في مواقف القوى المهتمة بالشأن العام تجاه الأحداث السياسية أمراً طبيعياً، تفرضه طبيعة الحياة السياسية واختلاف التوجهات والآراء والأيديولوجيات، بل يُعدّ صفة إيجابية تشير إلى التعددية ومناخ الحرية بعيداً عن الرأي الواحد الذي طالما اقترن بالأنظمة الاستبدادية والدكتاتورية؛ فإن قضية اختلاف قوى الثورة والمعارضة السورية عادة ما يتم الحديث عنها في سياق سلبي بحجة أن هذه القوى ليست قادرة على توحيد مواقفها كأحد الشروط الرئيسة لتشكّل بديلاً عن نظام الأسد.

لقد شكّل هذا الأمر انطباعاً عاماً بأن هذه القوى قلّما تجتمع على رأي أو موقف، خصوصاً في ظل تعثّرها المتواصل في إيجاد مرجعية -موضوعية كانت أو هيكلية- تتوافق عليها وتلتزم بها.

بناءً على ذلك، وبهدف معرفة مَواطن توافُق قوى الثورة والمعارضة واختلافها، وانسجاماً مع رسالة مركز الحوار السوري في “السعي لبناء التوافق تجاه الاستحقاقات الوطنية”؛ أطلق المركز “مؤشر التوافق الوطني”، الذي يُعد مؤشراً رقمياً يقوم على الرصد والتحليل لعيّنة من المواقف السياسية المعلنة لعدد من قوى الثورة والمعارضة القائمة في الساحة السورية تجاه أبرز الأحداث والمواقف – من دون تقييمها موضوعياً- وذلك خلال سنة “مؤشر سنويّ”.

يهدف المؤشر إلى قياس درجة التوافق في المواقف بين أبرز قوى الثورة والمعارضة السورية تجاه جملة من القضايا والأمور المهمة، وذلك في الفترة المحددة (سنة كاملة)؛ بما يعطي الباحثين والمهتمين بالشأن السوري مؤشرات واضحة وحقيقية عن مواقف هذه القوى واتجاهاتها السياسية.

نودّ الإشارة إلى أنه ليس من أهداف المؤشر الدفع باتجاه التوافق في كل المواقف؛ فالاختلاف أمر طبيعي لا يمكن تجاوزه، ولكن في سياقٍ كالسياق السوري يكون من الأهمية بمكان السعي للتوافق في القضايا ذات البُعد الوطني، التي تمثل أهدافاً مشتركة لكل السوريين، مثل: تحقيق الانتقال السياسي، ووصول المساعدات لكل السوريين المحتاجين، والعدالة الانتقالية.. إلخ.

بعد الإصدارات السبعة من هذا المؤشر التي غطّت أعوام 2018 و2019 و2020، 2021، 2022 يأتي هذا الإصدار الثامن ليغطي عيّنة من الأحداث المرتبطة بالشأن السوري عام 2023[1].

نأمل أن يشكّل هذا التقرير السنوي دافعاً لقوى الثورة والمعارضة السورية نحو مزيد من الحوار والتنسيق فيما بينها؛ بما يؤدي إلى زيادة نسب توافقها في المواقف ذات الصلة بالقضايا المهمة، كما نأمل أن يسهم في رفع نسبة الوعي السياسي لدى عموم شرائح الشعب السوري من خلال تعريفهم بالقوى الموجودة على الساحة ومواقفها ودرجة توافقها وتوجهاتها العامة.

الملخص:

تضمّن مؤشر التوافق الوطني في قسمه الأول منهجية مؤشر التوافق؛ التي تشرح مراحله بدءاً من تحديد الجهات المرصودة البالغ عددها 56 جهة مقسمة بين: قوى عسكرية، وقوى سياسية، وهيئات شعبية ذات نشاط سياسي، واتحادات ونقابات سورية، و”مراكز ضغط” سورية عاملة في الولايات المتحدة وبريطانيا. مروراً بآلية تحديد المواقف السياسية التي سُحبت كعيّنة وبلغت /13/ ملفاً يضم /18/ حدثاً، إلى جانب توضيح منهجية الرصد وتصنيف المواقف، وكيفية تحويلها إلى شكل رقميّ قابل للقياس، وصولاً إلى وضع قواعد تحليل مواقف القوى، وانتهاءً بتحديد معيار “التوافق” و”عدم التوافق”.

تناولنا في القسم الثاني مؤشرات التوافق الكلية والتخصصية؛ فأما مؤشر التوافق الكليّ فقد وصلت فيه نسبة الصمت إلى 60%، فيما كانت نسبة التوافق 39%، ونسبة التخالف 1% فقط، كما ظهر في المؤشر وجود أحداث حازت على نسب عالية من التوافق كان في مقدمتها: رفض مسار التطبيع العربي مع بشار الأسد وإعادته إلى الجامعة العربية (72%)، وتأييد الاحتجاجات الشعبية في محافظة السويداء (64%)، ورفض التصعيد العسكري من قبل قوات الأسد وروسيا على سوريا وكذلك العدوان “الإسرائيلي” على غزة (55%) لكل منهما. وانحصر التخالُف تجاه حدث واحد، وهو: استهداف الكلية الحربية في حمص؛ فقد اتهمت جميع قوى الثورة والمعارضة نظام الأسد وإيران بتدبير الهجوم لتحشيد حاضنة النظام في ظل ظهور مؤشرات تململ داخلها تجاهه، باستثناء جهة واحدة أدانته ورأته وسيلة لدفع سوريا نحو الحل العسكري.

وأما في المؤشرات التخصصية فقد حظي تأييد الحراك الشعبي في محافظة السويداء على أعلى نسبة توافق بين القوى السياسية (78%)، ولكن بالنسبة إلى القوى العسكرية كان الموقف الغالب لها هو الصمت. في حين أن القوى الشعبية ذات النشاط السياسي كانت أعلى نسبة توافق بينها هي: رفض التطبيع مع نظام الأسد، وهو ما يتوافق مع وضع مراكز الضغط السورية التي ركزت إلى جانب ذلك على الملف الحقوقي. كذلك برزت توافقات كاملة بين الاتحادات والنقابات تجاه الأحداث المرصودة بسبب اعتمادها على البيانات المشتركة. وأما الهيئات والمنظمات الإنسانية فاقتصر تصريحها على الملفات الإنسانية، مثل إدانة كل من حملة التصعيد العسكرية ضد شمال غرب سوريا والحرب “الإسرائيلية” على غزة.

تضمن القسم الثالث مقارنة بين نتائج المؤشر السابقة مع نتائج هذا الإصدار تجاه كل من: التطبيع مع نظام الأسد، والملف الحقوقي، والانتهاكات ضد اللاجئين السوريين؛ فأظهرت المقارنة ارتفاعاً ملحوظاً في نسب التوافق حول رفض مسار التطبيع، ورفض الانتهاكات المرتكبة بحق اللاجئين السوريين، فيما برز تراجع طفيف تجاه الاهتمام بالملف الحقوقي مقارنة بإصدار عام 2022.

مقدمة:

في بداية عام 2023 عاد الملف السوري إلى واجهة الأحداث على الأقل إقليمياً، ومن البوابة الإنسانية؛ وذلك بعد أن ضرب زلزالٌ مدمرٌ شمال سوريا وجنوب تركيا، وما أعقبه من نشاط غير مسبوق لبعض الدول العربية بهدف التطبيع مع نظام الأسد، وإعادة تعويمه؛ توجّ بدعوة الأسد ليشغل مقعد سوريا في قمة جامعة الدول العربية المنعقدة في جدة؛ إلا أنه مع نهاية العام تراجع التركيز على الملف السوري بسبب التطورات التي طرأت في المنطقة عقب عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

على المستوى الداخلي طرأت عدة أحداث مهمة، كان أبرزها: الحراك الشعبي الذي شهدته مناطق السويداء، وتنوعت شعاراته بين المطالبة بتحسين الواقع المعيشي والأمني، وبين الدعوة إلى الحرية والكرامة ووحدة الشعب السوري لتتطور لاحقاً للمطالبة بإسقاط النظام والبدء بعملية تغيير سياسي انطلاقاً من قرار مجلس الأمن 2254. إلى جانب التصعيد العسكري من قبل قوات الأسد وروسيا على إدلب وريف حلب الغربي عقب القصف الذي تعرضت له الكلية الحربية بحمص، فضلاً عن جريمة القتل التي وقعت في جنديرس بحق مواطنين أكراد، فيما كانت الأحداث الأبرز بخصوص اللاجئين السوريين هي: ترحيل السلطات اللبنانية لاجئين سوريين بشكل قسري إلى مناطق سيطرة نظام الأسد، وتوقيف تركيا مهاجرين من بينهم سوريون وترحيلهم إلى مناطق “درع الفرات ونبع السلام”.

على الصعيد الحقوقي رفعت هولندا وكندا دعوة قضائية في محكمة العدل الدولية ضد نظام الأسد على خلفية اتهامات بالتعذيب في قضيةٍ تعد الأولى أمام أعلى محكمة عالمية، كذلك أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً متضمناً إنشاء “المؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين في سوريا”، فيما أصدر القضاء الفرنسي مذكرة توقيف دولية بحق بشار الأسد و3 من مسؤوليه بتهمة التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية.

في ضوء هذه التطورات يأتي الإصدار الثامن من مؤشر التوافق الوطني لرصد أبرز مواقف قوى الثورة والمعارضة تجاه قائمة أحداث متعلقة بالملف السوري، ليوضح نِسب التوافق والتخالف تجاهها.

تقوم منهجية المؤشر على تحليل مضمون البيانات والمواقف المعلنة للقوى المرصودة، وتحويل هذه المواقف إلى قيم رقمية من /6/ درجات، ثم بعد ذلك يتم فرز المواقف لمعرفة نسب التوافق (يُنظر: القسم الأول من المؤشر).

يتألف التقرير من /3/ أقسام رئيسة، هي:

  • منهجية مؤشر التوافق الوطني: يشرح هذا القسم المنهجية التي اعتُمدت في هذا العمل؛ ابتداءً بتحديد الجهات المرصودة، مروراً بتحديد الأحداث السياسية المرصودة الداخلة في المؤشر، وكيفية تحليل المواقف وتحويلها إلى شكل رقمي قابل للقياس، وصولاً إلى تحديد معيار “التوافق” و”عدم التوافق”.
  • استعراض المؤشرات الكلية التي تتضمن مؤشر التوافق العام والأحداث الأكثر توافقاً وتخالفاً وصمتاً، إلى جانب المؤشرات التخصصية، وتشمل مؤشرات توافق كل من: القوى السياسية، والعسكرية، والهيئات الشعبية التي لها نشاط سياسي، والاتحادات والنقابات السورية، إضافة إلى مؤشر مراكز الضغط السورية، ومؤشر توافق الهيئات والمنظمات الإنسانية.
  • مقارنة بين نسب التوافق تجاه مجموعة من الأحداث التالية: التطبيع مع نظام الأسد، والملف الحقوقي، وملف اللاجئين السوريين؛ للتعرّف على تطور مواقف القوى المرصودة خلال السنوات الأربع الأخيرة.

جديد المؤشر:

يتمثل جديد الإصدار الثامن مؤشر التوافق الوطني بما يلي:

  • اختيار الأحداث المرصودة والاعتماد على أسلوب العيّنة؛ فقد أخذنا 18 حدثاً مثّلت عيّنة عن مجمل الأحداث التي رصدها فريق العمل، وهي: 40؛ راعينا فيها أن تكون ممثلة لمختلف المواقف والمواضيع الداخلية والخارجية، ودمجنا بعض الأحداث ضمن 4 ملفات كـ “الملف الحقوقي والإنساني ومسار التطبيع العربي، ومساعي إجهاضه”، بالشكل الذي يغطي كامل الأحداث التي شهدتها سوريا، والأحداث الخارجية المرتبطة/المؤثرة في الملف السوري.
  • أضفنا في هذا الإصدار تصنيفاً جديداً للقوى تحت اسم “مراكز الضغط السورية”، ويُقصد بها تلك القوى العاملة خارج سوريا، تحديداً في الولايات المتحدة وبريطانيا، ويتركز نشاطها في “جهود المناصرة وتحفيز الرأي العام والمسؤولين الأمريكيين والبريطانيين لاتخاذ إجراءات داعمة للسوريين”، وذلك من أجل قياس مدى تفاعل ونشاط هذه القوى مع القضايا الداخلية والخارجية ونسبة توافقها تجاه القضايا المرصودة.

للاطلاع على الإصدار السابع من المؤشر (عربي)

للاطلاع على الإصدار السادس من المؤشر ( عربي – انجليزي)

للاطلاع على الإصدار الخامس من المؤشر ( عربي – انجليزي – تركي )

للاطلاع على الإصدار الرابع من المؤشر ( عربي – انجليزي – تركي )

للاطلاع على الإصدار الثالث  من المؤشر ( عربي – انجليزي – تركي )

للاطلاع على الإصدار الثاني من المؤشر ( عربي – انجليزي – تركي )

للاطلاع على الإصدار الأول من المؤشر ( عربي – إنجليزي – تركي )


[1] نود التنويه أن المؤشر في إصداراته الأربع الأولى كان نصف سنوي، ثم اعتباراً من عام 2020 أصبح سنوياً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى