اضاءات على تطورات في الملف السوريالأبحاث والدراساتالإصداراتوحدة تحليل السياسات

دير الزور، ديناميكيات الصراع والأطراف المتنافسة

تقرير تحليلي

مقدمة:

تتميز محافظة دير الزور في الشرق السوري بأهمية كبيرة بالنسبة إلى جميع الأطراف الفاعلة المحلية، إضافة إلى أطراف إقليمية ودولية؛ وذلك لما تتمتع به المحافظة من موقع استراتيجي حيوي جعل منها محلّاً للتنافس بوسائل متعددة، أسهمت في تأجيج الصراع وإبعاد الاستقرار عن المنطقة على المدى البعيد، على الرغم مما تعرضت له المحافظة لسنوات طويلة من الحرب وما تركتْه من آثار اجتماعية واقتصادية ونفسية ما زالت عواقبها قائمة حتى اليوم[1]؛ فقد تعاقبَ في السيطرة عليها مختلف الأطراف، بدءاً من النظام السوري، مروراً بفصائل قوى الثورة والمعارضة، وصولاً إلى تنظيم “داعش”؛ وأخيراً تقاسمَ السيطرةَ عليها كلٌّ من نظام الأسد بدعم روسي إيراني، وما يُعرف بـ “قوات سوريا الديمقراطية- قسد” بدعم من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية. وقد أفرزت مراحل السيطرة المتقلبة تلك عوامل عدة؛ أبرزها التهجير، وتدخُّل الأطراف الخارجية بمصير المحافظة وفق ما يخدم أجنداتها ومصالحها.

وقد اتبع النظام السوري -لأسباب متعددة- سياسة تهميش ضد المحافظة، سواء في عهد الأسد الأب أو الأسد الابن، رغم كونها واحدة من أكبر المحافظات السورية مساحةً، فضلاً عن الثروة النفطية الهائلة التي تضمّها، بالإضافة إلى أنها واحدة من أهم سلال السوريين الغذائية[2].

وتسعى وحدة تحليل السياسات في مركز الحوار السوري من خلال هذه الورقة إلى محاولة قراءة واقع دير الزور الحالي، مع تسليط الضوء على الفاعلين المحليين والدوليين والعوامل التي تحركهم وتسهم في ديناميكيات التفاعل فيما بينهم؛ بهدف محاولة استشراف مستقبل المنطقة في ظل ظروفها الراهنة.

أولاً: واقع السيطرة الحالي في محافظة دير الزور:

1-1- توزع السيطرة بين الفاعلين المحليين:

يسيطر نظام الأسد على كامل مدينة دير الزور، إضافة إلى الريفَين الغربي والشرقي من المحافظة في منطقة تُعرف بـ “غرب الفرات”، إضافة إلى 7 قرى في منطقة شرق الفرات قرب مدخل مدينة دير الزور وريفها الشرقي والشمالي، في حين تسيطر “قسد” على الأرياف الشمالية والشرقية والغربية في منطقة شرق الفرات، بينما يحتفظ تنظيم “داعش” ببعض الجيوب في كلٍّ من شرق وغرب الفرات بدير الزور في مناطق البادية.

1-2- أطراف الصراع في دير الزور:

  • نظام الأسد كفاعل محلّيّ: يشاركه السيطرةَ على المحافظة كلٌّ من روسيا وإيران؛ فقد تم تشكيل مليشيات محلية إضافة إلى مليشيات أجنبية كانت أدواتٍ لروسيا وإيران في فرض النفوذ والتنافس.
  • “قوات سوريا الديمقراطية: قسد” كفاعل محلّيّ: وهي مدعومة من قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تتولى حماية قوات “قسد” وتدريبها ودعمها[3].
  • تنظيم “داعش”: رغم الحديث عن انتهاء تنظيم “داعش” بعد خسارة آخر معاقله في سوريا عقب معركة “الباغوز” في آذار عام 2019؛ إلا أن التنظيم ما زال يحتفظ ببعض الجيوب في مناطق شرق وغرب الفرات بريف دير الزور، الأمر الذي جعل من التنظيم فاعلاً ومساهماً في محركات الصراع في محافظة دير الزور[4].

ثانياً: ديناميكيات الصراع في محافظة دير الزور:

2-1- الهيمنة على الموارد النفطية:

 تتميز محافظة دير الزور بوجود أكبر حقول النفط السورية فيها، ويؤكد موقع “أويل برايس” الأميركي أن احتياطي النفط في سوريا يشكل نحو مليارَي برميل، ويتركز الجزء الأكبر منه في محافظة دير الزور[5].

وتختلف درجات دوافع الهيمنة على الموارد النفطية في محافظة دير الزور من جهة إلى أخرى؛ فهو لا يبدو مهماً بحد ذاته بالنسبة لبعض الجهات، على عكس جهات أخرى تسعى لأن يكون موردها الخاص.

بالنسبة للأطراف المحلية[6]:

  • نظام الأسد:

يشكل النفط ورقة مهمة لنظام الأسد؛ لاسيما مع العجز الكبير الذي يواجهه في تأمين حاجته من المشتقات النفطية في مناطق سيطرته، وحدوث أزمات عديدة خلال الفترة الماضية، فقد باتت تنتشر طوابير بشرية في مناطق سيطرته في عموم سوريا للحصول على الغاز أو البنزين، وأصبح المشهد معتاداً وشبه يومي[7]؛ مما دفع نظام الأسد إلى فتح قنوات للتواصل مع “قسد” للحصول على النفط الخام من مناطق سيطرتها، وذلك عبر التاجر الموالي له والمدرَج على لائحة العقوبات “محمد القاطرجي”[8]، بالرغم من تهديد واشنطن بفرض عقوبات على مَن يتعامل مع نظام الأسد اقتصادياً، خصوصاً بعد إقرار قانون “قيصر”[9].

  • “قوات سوريا الديمقراطية: قسد”:

يشكّل النفط ورقة مهمة لـ “قسد” بجناحَيها العسكري والسياسي، وبغضّ النظر عن كونه المورد المالي والوسيلة الأهم لدفع رواتب عناصر “قسد” فإنه يُعد ورقة الضغط الأكبر لـ “قسد” على نظام الأسد في أي محادثات بين الطرفين، فـ “قسد” تحاول من خلال سيطرتها على آبار النفط فرض أجندتها فيما يتعلق بالحكم الذاتي ونظام الفيدرالية في مناطق سيطرتها، إضافة إلى استفادتها من بيعها النفط مادياً في دعم هيكلية سلطتها[10].

بالنسبة للأطراف الدولية والإقليمية:

  • روسيا وإيران:

يحوز النفط على اهتمام خاص عند روسيا وإيران في محافظة دير الزور، باعتباره مصدراً لتزويد المليشيات المدعومة من الطرفَين بالموارد النفطية والمالية اللازمة بما يؤدي إلى تقوية المليشيات التابعة لهما، إضافة إلى التخلص من عبء تزويد النظام بالنفط، خصوصًا مع تضييق الولايات المتحدة على قوافل السفن التي تتجه إلى سورية، كما حصل في أزمة سفينة الوقود الإيرانية التي أوقفتها سلطات “جبل طارق” بأوامر أمريكية العام الماضي، وتبين أنها كانت في طريقها لموانئ الساحل السوري وتحمل مليونَي برميل من أجل تزويد نظام الأسد بها[11].

وظهر اهتمام الروس بشكل واضح في منطقة شرق الفرات بعد إنشائهم جسراً برّيّاً في أيلول 2017 عبروا من خلاله مع قوات الأسد من مناطق سيطرتهم غرب الفرات إلى شرقه، بحجة محاربة تنظيم “داعش”[12]، ومنذ ذلك الحين لا يزال الروس يسيطرون على تلك المناطق، وهي قريبة من حقل “كونيكو” للغاز؛ أحد أكبر حقول الغاز في سوريا؛ الأمر الذي يرجح وجود أطماع لهم بالسيطرة على الحقل، وقد حصلت محاولات تقدم فاشلة إليه من قبل مليشيات روسيا[13]، ويتم إرسال تعزيزات للنظام في محيطه بشكل متكرر[14].

  • الولايات المتحدة الأمريكية:

يُعد النفط السوري في شرق الفرات من أهم الأوراق التي تدفع الولايات المتحدة إلى الاحتفاظ بوجودها العسكري في سوريا، وقد صرح الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بعد تراجعه عن قرار الانسحاب الكامل من سوريا في 2019 أن الهدف من الوجود الأمريكي هو حماية آبار النفط[15]، ولم تتوانَ قوات التحالف الدولي بقيادة القوات الأمريكية عن استخدام القوة العسكرية خلال السنوات الماضية من أجل منع النظام السوري وروسيا من الوصول إلى آبار النفط والغاز المهمة في دير الزور، وتلقت مليشيات روسيا ضربة في دير الزور حينما حاول نحو 200 مسلح من مرتزقة “فاغنر” الروسية التقدم نحو حقل “كونيكو”، ما دفع طائرات التحالف الدولي إلى شنّ ضربات جوية ضد المرتزقة الروس والعشرات من قوات نظام الأسد[16]، ومنذ ذلك الحين تلقت روسيا إشارة واضحة من الأمريكيين أن منطقة شرق الفرات وحقول النفط الخاضعة للتحالف الدولي لا يمكن للروس أو القوات المدعومة منها الوصول إليها؛ ما تسبب بتكرار حوادث الصدام المباشر في مناطق أخرى غير دير الزور، خصوصاً في الحسكة، في ظل محاولات من موسكو إيجاد موطئ قدم لها هناك لمنافسة الوجود الأمريكي[17].

وبرز اهتمام الولايات المتحدة الأمريكية بالنفط السوري بشكل خاص بعد توقيع شركة أمريكية اتفاقاً مع “قسد” لاستخراج النفط من الآبار الواقعة تحت سيطرة “قسد” في شرق الفرات، وأضفت واشنطن الشرعية على ذلك الاتفاق من خلال إعلان وزير خارجيتها دعم واشنطن لهذا الاتفاق[18]، الأمر الذي دفع كلّاً من روسيا وإيران وتركيا ونظام الأسد إلى التنديد بذلك الاتفاق؛ كونه يؤسس لشرعية “قسد” بعيداً عن مركزية دمشق، وربما يؤسس لاستحواذ طويل الأمد لـ “قسد” والولايات المتحدة على النفط السوري، كما أنه يؤدي إلى تنامي الموارد المالية والعسكرية لقوات “قسد”[19].

ومن خلال قراءة واقع المناطق التي تنتشر فيها القوات الأمريكية وتستخدم فيها القوة ضد خصومها في شرق الفرات يتضح أنها تريد السيطرة المستدامة على مصادر الطاقة، بهدف التحكم بمصير أي حل في سوريا، إضافة إلى إضعاف خصومها، أو على الأقل حرمانهم من الموارد اللازمة لهم، إلى جانب محاولتها تعزيز موقف “قسد” وتنمية مواردها والمناطق التي تقع تحت سيطرتها.

22استقطاب القوى المحلية وأثره في التنافس بين الأطراف الدولية:

يشكّل استقطاب القوى المحلية في محافظة دير الزور عاملاً مهماً من عوامل محركات الصراع؛ لأن الأطراف الدولية والإقليمية التي لها نفوذ في دير الزور تسعى لأن يكون اعتمادها الأساسي على السوريين، دون الحاجة لإرسالها دفعات كبيرة من الجنود النظاميين، كما أن نظام الأسد كفاعل محلي يسعى ليكون لديه عدد كبير من القوات في المحافظة.

إيران:

تحاول إيران استقطاب العناصر المحلية في منطقة دير الزور وريفها، وقد شكّلت العديد من المليشيات، وقدمت إغراءات مالية لكل مَن ينضم إلى صفوف مليشياتها، سواء المشكَّلة في دير الزور أو المستقدَمة من الأراضي العراقية والإيرانية.

أهم المليشيات التابعة لإيران في دير الزور هي[20]:

  • لواء “الباقر”: ويتبع للحرس الثوري الإيراني، ويقوده شيخ عشيرة البكّارة سابقاً “نواف راغب البشير”.
  • لواء “أبو الفضل العباس”: وأغلب عناصره من العراقيين.
  • لواء “فاطميون”: وجميع عناصره من الأفغان، ويُعد الأقوى بين المليشيات المدعومة إيرانياً في محافظة دير الزور، حيث له سلطة ونفوذ واسعان في منطقة الريف الشرقي، ويتلقى الأوامر من الحرس الثوري.
  • لواء “زينبيون”: ويضم عناصر من مليشيات مختلفة الجنسيات.
  • مليشيا “حزب الله” اللبناني.
  • مليشيات لها وجود قليل مثل “الحشد الشعبي” العراقي، و”اللواء 313 “، وكلاهما في منطقة البوكمال.
  • مليشيا حزب الله العراقي.
  • مليشيات سورية: مثل “الدفاع الوطني” و”الفرقة الرابعة”.

وتهدف إيران من زيادة العنصر البشري في صفوف مليشياتها إلى تعزيز قبضتها على المحافظة، وخصوصاً في الريف الشرقي، بالتزامن مع مساعيها لنشر التشيّع في دير الزور، والذي يُعد من أهم الأهداف الإيرانية في دير الزور حتى قبل اندلاع الثورة السورية[21].

وعلى الرغم من سعي إيران إلى نشر التشيُّع في عموم المحافظات السورية لتأمين وجود طويل الأمد لها من خلال تكوين حاضنة موالية لها[22]؛ إلا أنّ محافظة دير الزور ذات أهمية خاصة في هذا السياق[23]، ويبدو أن الهدف الأساسي وراء اختيار إيران لدير الزور لنشر التشيّع فيها يكمن في محاولتها تأمين مرتكزات بشرية تحافظ على سلامة الطريق البرّي الذي عملت على إنشائه ضمن مشروع “الهلال الشيعي”، الذي يؤمّن لها طريقاً برّيّاً من إيران ثم العراق فسوريا وصولاً إلى لبنان والبحر المتوسط؛ ودون مرتكزات بشرية عسكرية وحاضنة شعبية شيعية لا يمكن حماية هذا الطريق في إحدى أهم المناطق التي تُعد صلة الوصل فيه، وهي دير الزور وريفها الشرقي على وجه الخصوص، وقد استخدمت إيران سياسة الابتزاز بشكل واضح في دير الزور من خلال منع عودة السكان إلى بعض المناطق دون الانتساب لمليشياتها أو اعتناقهم التشيّع؛ لتشكيل رابط يحول دون تعرضهم لأي اعتداء من مليشيات المشروع الإيراني[24].

 روسيا:

على الرغم من تركيز روسيا على الوجود العسكري في الساحل السوري الذي يُعد مركز ثقلها في سوريا؛ إلا أنها وسّعت من نفوذها إلى مناطق أخرى في الشرق السوري، كان من ضمنها محافظة دير الزور، وقد تجلى ذلك بشكل واضح من خلال إنشاء القوات الروسية مؤخراً مربعاً أمنياً داخل البوكمال التي تُعد خط الدفاع الأول في المشروع الإيراني بسوريا، كما انتشرت القوات الروسية ومليشيا “الفيلق الخامس” المدعوم من موسكو في مناطق على الحدود بين سوريا والعراق، وبحسب مصادر محلية فإن هذا الانتشار تم بالتوافق مع المليشيات الموالية لإيران[25].

وتبدو إيران راغبةً تارة وحذرةً تارة أخرى إزاء الخطوات الروسية الجديدة بإدخال قواتها ومليشيا “الفيلق الخامس” إلى ما تعدّه طهران منطقة نفوذ خالصة لها، فمن المحتمل أن يكون دخول القوات الروسية إلى البوكمال والحدود العراقية يندرج ضمن محاولة تقليل الهجمات الإسرائيلية التي تتعرض لها المليشيات الإيرانية، وتقديم موسكو نفسها كشرطيّ في عموم الأراضي السورية، على غرار تدخُّلها في ملفات الجنوب السوري مع “إسرائيل”، وفي الشمال الغربي والشمال الشرقي مع تركيا[26]. وفي الوقت نفسه ربما تتخوف إيران من تنامي نفوذ الروس في المنطقة الشرقية وفي البوكمال والميادين على وجه الخصوص، مما قد يؤدي إلى تكرار سيناريو الجنوب السوري الذي تراجعت فيه قدرات إيران في التحكم والسيطرة الفعلية بسبب نفوذ الفيلق الخامس المدعوم روسياً، لكنّ تكرار الضربات الجوية الإسرائيلية أسهم في زيادة تقبُّل إيران لمشاركة النفوذ الروسي في المنطقة.

أهم المليشيات التابعة لروسيا في دير الزور[27]:

  • “الفيلق الخامس”.
  • “لواء القدس” الفلسطيني.
  • مرتزقة “فاغنر” الروسية.
  • مليشيا “القاطرجي”: وهي مليشيات تتبع عائلة “القاطرجي”، وتقوم هذه المليشيات بمرافقة صهاريج النفط التي تأتي من مناطق نظام الأسد إلى مناطق “قسد”، من أجل نقل النفط الخام إلى النظام[28].

أسهمت محاولة الفاعلَين الدوليين الداعمَين لنظام الأسد (روسيا وإيران) استقطابَ العناصر المحليين في دير الزور في احتدام التنافس بينهما، وتجلى هذا التنافس من خلال[29]:

  • ترغيب العناصر المحلية بالمال لدفعها إلى الانضمام لمليشيات روسيا أو إيران بهدف زيادة عدد العناصر، بما يؤدي لاحقاً إلى زيادة النفوذ.
  • محاولات السيطرة على حقول النفط والغاز الموجودة غرب الفرات، خاصة حقلَي (التيم – الورد) في الريف الشرقي وحقل (سادكوب) قرب مدخل المدينة من جهة الشرق، وتقع جميع هذه الحقول في الوقت الحالي تحت سيطرة القوات الروسية، بعد أن كانت في وقت سابق تحت سيطرة المليشيات الإيرانية، ولها دور في تغذية الصراع والتنافس بين إيران وروسيا والمليشيات الموالية لهما[30].
  • السيطرة على المعابر النهرية بين ضفتَي الفرات: سعت القوات الروسية لتقليص نفوذ المليشيات الإيرانية على المعابر النهرية بين ضفتَي الفرات بريف دير الزور الشرقي والغربي، لاسيما وأن المليشيات الإيرانية تستخدم هذه المعابر للتهريب، باعتبار أن المعابر النهرية من مصادر الدخل المالي للطرف المسيطر عليها[31]، ومما زاد من أهمية هذه المعابر استخدامها لتهريب النفط والبضائع والأشخاص من مناطق سيطرة “قسد” إلى مناطق سيطرة النظام السوري، وتفرض الأطراف المسيطرة على المعابر من جهة النظام السوري مبالغ مالية على كل مَن يدخل أو يخرج من خلال تلك المعابر.

وتميل الكفَّة في مناطق دير الزور من حيث القوة والانتشار حتى الآن إلى المليشيات الإيرانية؛ حيث ما زالت تسيطر على العدد الأكبر من القرى والبلدات هناك، وتقدّم إيران إغراءات أهمها الرواتب المرتفعة نسبياً من أجل ترغيب السوريين هناك بالانضمام لصفوفها، خصوصاً مع الواقع الاقتصادي المتردّي، كما تسعى الأذرع الإيرانية في الوقت ذاته إلى القيام بنشاطات اجتماعية وإغاثية من خلال توزيع سلل غذائية في محاولة لكسب قلوب السكان المحليين[32].

وعلى الرغم من وجود تنسيق يمنع التصادم بين المليشيات التابعة للطرفين حتى الآن؛ إلا أن التنافس على النفوذ يبقي احتمال حدوث مناوشات أو صراعات بين الطرفين وراداً، ويمكن أن يزداد إذا ما قامت الولايات المتحدة بترك فراغ أكبر عند سحب مزيدٍ من القوات من مناطق سيطرة “قسد” شمال شرقي سوريا[33].

ويشير نشطاء محليون إلى أن عمليات الاغتيال التي طالت قياديين في مليشيات الدفاع الوطني في الآونة الأخيرة ليس بالضرورة أن تكون وراءها خلايا “داعش”، ويرجحون أن البادية السورية تحولت إلى ساحة لتصفية الحسابات بين المليشيات الموالية لإيران والأخرى الموالية لروسيا في دير الزور[34].

من المرجح بالتالي أن تتحول ديناميكيات التنافس بين إيران وروسيا في محافظة دير الزور إلى ديناميكيات مشابهة لما هو عليه الحال في الجنوب السوري[35]، خاصة مع الأهمية الاقتصادية لدير الزور والمنطقة الشرقية عموماً، كما تشكل أهمية جغرافية لمواجهة نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية.

2-3 – سياسات “قسد” شرق الفرات واستفزازها المتكرر للعشائر العربية:

أسهمت السياسات العسكرية والاقتصادية والتعليمية لـ “قسد” في تأجيج الاستقطابات في محافظة دير الزور؛ حيث تسعى “قسد” إلى تطويع القوى المحلية وأبناء المنطقة للعمل معها من خلال استثمار الاستقطابات العرقية والعشائرية وإقصاء بعض الفئات، وذلك بهدف السيطرة على الوضع السياسي والإداري في محافظة دير الزور، ويتّهم بعض السكان المحليين “قسد” بتعمد عرقلة التنمية الاقتصادية من خلال إهمال ضبط الأمن؛ الأمر الذي يؤثر سلباً في السوق التجارية، وهذا يؤدي بدوره إلى نقص حادّ في فرص العمل في ظل وضع اقتصادي متهاوٍ، ما يجبر المئات من الشبان على الانتساب إلى الصفوف العسكرية التابعة لـ “قسد” بمكوناتها كافة (قوى أمن داخلي، وقوى أمن عام، وجيش، وشرطة مرور، ودفاع ذاتي …إلخ)[36].

ولا يُبدي التحالف الدولي الداعم لـ “قسد” اهتماماً أو اعتراضاً واضحاً على سياسات “قسد” التهميشية، التي تتضافر مع الظروف الاقتصادية والمعيشية السيئة وتسهم في تأجيج الأوضاع وظهور الاحتجاجات والمظاهرات، حيث خرجت مظاهرات عديدة تنديداً بالأوضاع المعيشية المتردية[37].

ومثّل تردّي الأوضاع الأمنية عاملاً مهمّاً من عوامل تأجيج الأوضاع في مناطق سيطرة “قسد” في دير الزور؛ حيث انعكست بشكل سلبي على الاستقرار، خصوصاً بعد عمليات الاغتيال التي استهدفت وجهاء في عشيرة العكيدات، إذ تحولت قرى ريف دير الزور بعدها إلى ميدان للاشتباكات المسلحة بين “قسد” وأبناء العشائر المطالبين بالكشف عن القتلة، حيث يُحمّل عدد من السكان قوات “قسد” المسؤولية عن عمليات الاغتيال تلك؛ لأن مَن تم اغتيالهم يعملون دون التنسيق معها، ورفضوا أكثر من مرة دعوات وجهتها “قسد” لحضور اجتماعات خاصة بها[38]، الأمر الذي أدى إلى تصاعدٍ في التوتر نجم عنه اجتماع قبَليّ للرد على انتهاكات “قسد”، ووصل بالعشائر التي اجتمعت في دير الزور إلى مطالبة التحالف الدولي بتسليم إدارة دير الزور إلى إدارة مدنية من أبنائها[39]، وذلك بعد أن دخل التحالف الدولي على الخط، وأعلنت السفارة الأمريكية إدانتها لعمليات الاغتيال لإدراكها -فيما يبدو- خطورة تبعات حصول موجة رفض شعبية أو قبَلية موحدة ضد “قسد”، الأمر الذي يمكن أن يؤثر على الوجود الأمريكي واستقراره[40].

وبسبب غلبة العنصر العربي في محافظة دير الزور تقوم “قسد” -كما تقول المصادر المحلية- باستخدام العرب واجهةً للكثير من ملفات الفساد، ولكنها تتحكم بكل القرارات من تحت الطاولة عن طريق من يُعرفون بـ “الكوادر”، وهم في غالبيتهم من حزب العمال الكردستاني من جبال “قنديل”؛ بحيث يكون لأي قائد عسكري أو مدير مدني عربي “مستشارون” من تلك الكوادر يتحكمون بقرارته بشكل عملي[41].

وتشكّل البنية العشائرية والغالبية العربية إشكالية لسيطرة “قسد” وامتداد نفوذها في منطقة شرق الفرات عموماً وريف دير الزور بشكل خاص، لاسيما مع عودة دور العشائر وتوفر السلاح في المنطقة[42]، وتحاول “قسد” تعميق الشروخ العشائرية في المنطقة بهدف تفكيك العشائر بالأساليب ذاتها التي كان يستخدمها النظام السوري، من خلال اختيار بعض من شيوخ أو وجهاء العشائر وتصديره وإعطائه بعض الصلاحيات المحدودة لجذب عددٍ كبيرٍ من أقاربه[43].

ولم تتوقف ممارسات “قسد” عند ذلك الحدّ، بل حاولت فرض منهاج دراسي على المدارس في المناطق ذات الغالبية العربية؛ يتعارض مع الدين الإسلامي الذي تنتمي إليه غالبية سكان تلك المناطق، حيث يُشجّع المنهاج على الإلحاد والانحلال الأخلاقي، كما يناقش الديانات الزرادشتية والإيزيدية وغيرها من الديانات التي تقدّس الطبيعة، كما تلاعبَ منهاج “قسد” بالتاريخ الإسلامي والعربي، وعبثَ بخرائط الجغرافيا وأسماء المناطق السورية، الأمر الذي شكّل موجة غضب عارمة بين المعلمين والسكان المحليين الذين عبّروا عن رفضهم القاطع محاولة “قسد” غرس أفكار غير صحيحة لدى الطلاب[44].

2-4- الظهور المتكرر لتنظيم “داعش” والاستثمار بقتاله:

يلعب تنظيم “داعش” وشرعية مكافحته دوراً مهماً في محركات الصراع في محافظة دير الزور، وذلك بالرغم من نهاية وجوده المفترضة في معاقله الأساسية بعد خسارته آخر معقل له في بلدة الباغوز بريف دير الزور الشرقي في آذار 2019[45]، ويتسق ذلك مع وجود مصالح واستثمارات في قضية قتال التنظيم واكتساب الشرعية من الانخراط في مواجهته، باعتبارها مكافحة للإرهاب بالنسبة إلى مختلف الأطراف المحلية أو الدولية، وسط اتهامات متبادلة بالمسؤولية عن تنامي قوته[46].

ظهور “داعش” شرق الفرات:

على الرغم من الإعلان عن إنهاء سيطرة “داعش” إلا أن التنظيم ما زال موجوداً، وما تزال “قسد” تستثمر وجوده لاكتساب الشرعية أو لقمع معارضيها، وهو ما يدفع المراقبين المحليين للاعتقاد بوجود مصلحة كبيرة لـ “قسد” في استمرار وجود “داعش”[47].

وتشير المعطيات الميدانية والخطاب الإعلامي الذي تتبناه “قسد”[48] إلى تركيزها بشكل كبير على ضرورة دعمها من أجل قتال “داعش”، وربط عدم ظهوره مرة أخرى بوجودها وقوتها، محققة بذلك جملة من الأهداف، منها:

  • الحفاظ على استمرار الدعم المقدَّم لها من التحالف الدولي، واستثماره لصالحها.
  • كسب التعاطف، وتأليب الرأي الدولي والمحلي ضد تركيا عند اندلاع أي عملية عسكرية تركية ضد قوات “قسد” بوصفها رأس حربة القتال ضد “تنظيم الدولة”[49].
  • محاولة الحفاظ على مشروع “الإدارة الذاتية” دون خضوع للنظام السوري.

ظهور “داعش” غرب الفرات:

شهدت الفترة الأخيرة نشاطاً متزايداً لتنظيم “داعش” في مناطق سيطرة نظام الأسد غرب الفرات، وقد تحولت المنطقة بحكم طبيعتها الجغرافية إلى بؤرة جديدة يلجأ إليها عناصر التنظيم، لتكون منطلقاً لعملياته ضد الأرتال التابعة للأسد وللميليشات الروسية، مما سبب خسائر لهما[50]، إضافة إلى تكرار إقامة حواجز على الطريق الدولي دير الزور – دمشق لتفتيش السيارات العابرة؛ كل هذه الحوادث وغيرها تشير إلى تنامي قوة التنظيم غرب النهر بشكل ملحوظ.

بدوره يستمر نظام الأسد في استثمار وجود “داعش” في مناطق غرب الفرات، كما أن النظام سبق واستخدم ورقة “داعش” لإخضاع بعض المناطق التي لا توافق أجنداته[51]، وتكرر كلٌّ من موسكو وطهران إعلانهما أن وظيفتهم في سوريا هي محاربة الإرهاب، كما أن موسكو كثيراً ما تتهم واشنطن بأنها السبب وراء عودة قوة التنظيم شرق وغرب الفرات[52].

هذه الأسباب وغيرها[53] أدت إلى تنامي قوة تنظيم “داعش” من جديد، خصوصاً في منطقة غرب الفرات.

وبالجملة: يبدو أن جميع الفاعلين في منطقة دير الزور يحاولون بطرق مختلفة استثمار خلايا “داعش” وتوظيفها لكسب الشرعية وتوسيع النفوذ شرق الفرات وغربه، ولا يخفى أن طبيعة التنظيم وتاريخه يرجّحان إمكانية توظيف الأطراف الخارجية له وتوجيهه لصالحها[54].

2-5 السيطرة على مساحات الأرض:

تتنافس جميع الأطراف الفاعلة بدير الزور في السيطرة على الأرض في المحافظة؛ حيث تتيح السيطرة على الأرض التحكم في الموارد البشرية والنفطية، والسيطرة على الطرق والتنقلات بين المدن والبلدات، مما يجعل عملية التنافس على الأرض واحدة من الديناميكيات المهمة في خارطة الصراع في المحافظة.

إيران:

تهتم إيران كثيراً بالسيطرة على الأرض في دير الزور، خصوصاً في ريف المحافظة الشرقي حيث الحدود مع العراق؛ ما يعني أن سيطرتها على مدينة البوكمال وريفها تندرج ضمن مساعيها للمحافظة على الطريق البري الذي تمكنت من فتحه ضمن مشروع “الهلال الشيعي”، الذي يؤمّن لها الممرّ البري من إيران إلى العراق ثم سوريا ولبنان فالبحر المتوسط، مما يرفع من قيمة أسهم مدينة البوكمال لدى طهران بوصفها صلة الوصل في هذا الطريق[55]؛ ولذلك تسعى طهران أيضاً لبسط نفوذها تماماً على المدينة وإقصاء ميلشيات نظام الأسد عن التحكم؛ يتجلى ذلك على سبيل المثال في الزيارة التي قام بها قائد الحرس الثوري الإيراني إلى البوكمال، وقامت كذلك بطرد مجموعات من جيش الأسد والميليشيات الرديفة له من البوكمال، وبافتتاح مركز تطوع جديد تابع لإيران فيها[56]. وتُعد قاعدة “الإمام علي” في البوكمال من أهم القواعد الإيرانية في دير الزور، وتعزز إيران من خلالها تأمينها طريق “الهلال الشيعي”، وقد تعرضت هذه القاعدة للقصف الإسرائيلي أكثر من مرة[57].

ولعل أكثر متاعب إيران في محافظة دير الزور والريف الشرقي على وجه الخصوص تتمثل بالضربات الجوية “الإسرائيلية”؛ إذ تستهدف الطائرات “الإسرائيلية” المقرات الإيرانية والأنفاق والخنادق والقواعد التي بنتها المليشيات من أجل الحفاظ على نفوذها في منطقة دير الزور، ولتأمين طريق القوافل العسكرية التابعة لها التي تدخل من العراق ثم إلى البوكمال ومنها إلى مليشيا “حزب الله” في لبنان، وتدفع كثافة هذه الضربات العناصر السورية التي تقوم بتجنيدها الميليشيات إلى تركها خوفاً من الضربات “الإسرائيلية”، والانضمام إلى الميليشات الروسية وتلك المدعومة من قوات الأسد، لاسيما بعد زيادة نشاطات المليشيات المدعومة من روسيا حديثاً.

الولايات المتحدة الأمريكية:

إضافة إلى ما ذُكر سابقاً حول سعي واشنطن لإبقاء النفط السوري خارج سيطرة النظام وحلفائه، ومواجهة النفوذ الإيراني والروسي في مناطق شمال شرق سوريا؛ تسعى الولايات المتحدة من خلال وجودها على الأرض إلى دعم “قسد” كسلطة أمر واقع، حيث يعني رفع يد واشنطن عن “قوات سوريا الديمقراطية” خسارتها الأخيرة للأرض[58]، كما حصل في منطقتَي تل أبيض ورأس العين عقب الانسحاب الأمريكي الجزئي وعملية “نبع السلام” التركية[59]، ما سيؤدي بطبيعة الحال إلى خسارتها أوراق القوة التي في يدها.

يُضاف إلى ذلك أن الولايات المتحدة الأمريكية تريد تثبيت قواعد دائمة لها في سوريا، على غرار قواعدها في الدول الأخرى، مما سيدفعها إلى الاحتفاظ بالمناطق الحيوية في شمال شرق سوريا، وفي مقدمتها دير الزور، وبالنظر إلى طبيعة المناطق التي انسحبت منها الولايات المتحدة الأمريكية بعد عملية “نبع السلام” تبدو أنها مناطق خالية من النفط، سواء في تل أبيض ورأس العين أو في منبج؛ مما يعني أن دير الزور تشكل أولوية بالنسبة للولايات المتحدة وقوات التحالف الدولي بسبب مواردها النفطية.

خاتمة:

على الرغم من تهميشها طوال عقود من النظام السوري؛ إلا أن محافظة دير الزور باتت تشكّل مؤخراً نقطة مفصلية مهمة في الصراع في سوريا، وذلك بسبب موقعها وثرواتها، مما يعني أن السيطرة عليها باتت ذات أهمية في تثقيل أوراق الفاعلين في عملية الحل النهائي في سوريا، لذلك تسعى القوى الدولية عن طريق أذرعها المحلية إلى امتلاك النفوذ والسيطرة على الموارد النفطية والبشرية في المنطقة، حيث تمثل الموارد النفطية حلقة من حلقات الصراع الساخنة في المحافظة، وكذلك سياسات الاستقطاب والتجنيد للعشائر العربية والعناصر المحلية، إلى جانب هذا يحاول تنظيم “داعش” إيجاد موطئ قدم له في المنطقة التي كانت تحت سيطرته، ويشكل وجوده والحرب عليه وكسب شرعية “محاربة الإرهاب” أحد أهم محركات الصراع.

لتحميل التقرير:

التقرير التحليلي ” دير الزور، ديناميكيات الصراع والأطراف المتنافسة “

لمشاركة التقرير: https://sydialogue.org/bg6m


[1] يعود ذلك إلى أسباب عدة، أبرزها: منع قوات “قسد” السكان من العودة إلى منازلهم، حيث يتم احتجاز الآلاف في مخيم الهول ولا يتم الإفراج إلا عن دفعات قليلة مقابل وساطات عشائرية، وتتذرع “قسد” بالأسباب الأمنية لمنع عودة السكان، رغم طرد تنظيم داعش من ريف دير الزور الشرقي منذ آذار 2019 بعد معركة الباغوز، وبالنسبة للنظام السوري لا يبدو الواقع أفضل؛ فهو يسمح بالعودة لكن الأوضاع الاقتصادية والأمنية والمعيشية تمنع الكثيرين من العودة إلى ديارهم.
[3] دعمت واشنطن على غرار روسيا وإيران مليشيات محلية ممثلة بـ “قسد” شرق الفرات بما ينسجم مع فرض نفوذها، وشمل الدعم إغداق شتى أنواع الدعم العسكري على قوات “قسد”، إضافة إلى الجانب التنظيمي والتدريب المستمر من قبل قوات التحالف الدولي.
[4] بالإضافة للفاعلين المحليين الثلاثة المذكورين أعلاه وأدوار كل من الولايات المتحدة وروسيا وإيران؛ يمكن اعتبار “إسرائيل” فاعلاً مساهماً في دير الزور، وإن كان دون وجود عسكري على الأرض؛ إذ ينحصر دور “إسرائيل” في دير الزور في إطار الضربات التي تقوم بها بشكل متكرر ضد مليشيات المشروع الإيراني.
[5] أهم الحقول النفطية واقعة تحت سيطرة “قسد”، وهي التنك والعمر والعزبة شرق وشمال دير الزور، في حين يسيطر النظام على حقول الورد والتيم.
[6] يشكل النفط أهمية بالنسبة لجميع الأطراف المحلية في دير الزور، ولكن تنظيم “داعش” خارج هذا التنافس لكونه لا يحتفظ بأي مناطق سيطرة ثابتة، بخلاف المدة التي كان يهمين فيها بشكل فعلي على دير الزور ومناطق في شرق الفرات بشكل عام، حيث لعب حينها الدور ذاته الذي تلعبه “قسد” في تزويد نظام الأسد بالنفط.
CNN بالعربية، محللون لـ CNN: النظام السوري يشتري نحو 20 ألف برميل نفط من داعش يوميا…والتنظيم لن يعلن إفلاسه قريباً، 5 / 3 / 2016.
[9] وقد أصدر مركز الحوار السوري مقالة تحليلية في هذا الصدد، خَلُصَ المقال إلى أن هناك مصالح متبادلة في استمرار “قسد” بتزويد النظام السوري بالنفط رغم عقوبات “قيصر”، ينظر: المقال التحليلي “ماذا يعني خرق “قسد” لعقوبات “قيصر” من خلال تزويد النظام السوري بالنفط؟”.
[10] صحفي سوري وناشط من دير الزور، فريق البحث، مقابلة هاتفية إسطنبول – تركيا 6/9/2020.
ورأى الصحفي في المقابلة أيضاً أن لـ “قسد أهدافاً أخرى من السيطرة على النفط، ومنها أنه يعمل على توفير فرص عمل كبيرة للأهالي، كما أن رواتب عناصر قسد والموظفين في هذه المناطق تكون من موارد النفط نفسها”، مشيرًا إلى أن “قسد تمنّن أهالي المنطقة بأنها سمحت لهم بالعمل في هذه المناطق، وتعتبرها ورقة لتبييض صفحتها أمام الأهالي”. والجدير بالذكر بأن جيفري المبعوث الأمريكي الأسبق لسوريا أقر بنشاط “قسد” النفطي مع النظام ونصحها باستمراره. يُنظر:
[11] وقد كشف مسار هذه السفينة عن المتاعب والصعوبات التي تعانيها طهران من أجل إيصال الشحنة العملاقة إلى النظام السوري، فهي سلكت طريقاً طويلاً لتصل إلى “رأس الرجاء الصالح” في جنوب إفريقيا، ومنها إلى المحيط الأطلسي ثم مضيق جبل طارق نحو البحر المتوسط، في حين أن سيطرة النظام السوري على آبار النفط ستوفر على حلفائه كل ذلك الجهد والملاحقة الدولية والأعباء المترتبة عليها.
[20] تتنوع المليشيات الإيرانية في محافظة دير الزور، وأسماء الميليشيات المذكورة أثبتناها بناءً على مقابلات مع مصادر مطلعة على الأرض، وأدلت تلك المصادر بالمليشيات المذكورة أعلاه، مع احتمالية أن يكون هناك مليشيات أخرى تتبع لإيران، لكن بمسميات جديدة؛ غير أنها جميعها تتبع في نهاية المطاف لإيران. وقد أصدر مركز الحوار السوري في وقت سابق تقريراً بهدف توضيح وفهم بنية مليشيات المشروع الإيراني، سواء تلك التي استقدمتها خارجياً أو التي قامت ببنائها داخلياً، والروابط التي تجمع بينها، بما فيها التبعية العسكرية والدينية والإيديولوجية والسياسية، يُنظر التقرير بعنوان: “مليشيات المشروع الإيراني في سوريا … التصنيف والتبعية وعوامل الحشد”.
[21] أصدر مركز الحوار سلسلة من أربعة أجزاء عن التغلغل الثقافي الايراني، تحدث الجزء الأول عن الأدوات الدينية، وتحدث الجزء الثاني عن الأدوات التعليمية والاجتماعية، وتحدث الجزء الثالث عن الأدوات الإعلامية والديموغرافية، وكان الرابع لبيان مخاطر التغلغل الثقافي الإيراني وسبل مواجهته. وبهدف استكمال مناقشة الجهود التي يمكن العمل عليها للتصدي للتغلغل الثقافي الإيراني في سوريا، أقام مركز الحوار السوري بعد ذلك ندوة حوارية بعنوان: “التغلغل الثقافي الإيراني في سوريا: أدواته، مخاطره، سبل مواجهته”، بحضور عدد من المتخصصين والخبراء والناشطين في الشأن السوري يُنظر: التقرير الإعلامي للندوة الحوارية: “التغلغل الثقافي الإيراني في سوريا: أدواته، مخاطره، سبل مواجهته”، وفيه تقرير الندوة وروابط الإصدارات الأربعة.
[22] تتكامل الأدوار العسكرية والمدنية الإيرانية في دير الزور خاصة إلى حدّ كبير؛ إذ توفّر الميليشيات العسكرية الحماية اللازمة لأنماط العمل المدني المختلفة التي تتولاها إيران في محافظة دير الزور؛ فيما تقدّم الأنشطة المدنية “الخيرية والثقافية” وجهاً أنعم للوجود الإيراني بمجمله، وتسعى إلى منحه شرعية وقبولاً شبعيين. يُنظر: إيران في دير الزور: الاستراتيجية والتمدد وفرص التغلغل، زياد عوّاد، مشروع بحثي، برنامج مسارات الشرق الأوسط، مركز روبرت شومان للدراسات العليا في الجامعة الأوربية بفلورنسا، تشرين الأول 2019: ص10-13.
[23] ذكرت دراسة “البعث الشيعي في سورية 1919 -2007: أن نسبة نشر التشيّع في الجزيرة السورية (خاصة دير الزور) جاء في الدرجة الأولى جغرافياً، وأن نسبة التشيّع فيها قفزت في عهد بشار الأسد إلى 55% بعد أن كانت لا تتجاوز 6% في عهد حافظ الأسد. وتؤكد الدراسة أن من أسباب هذا الارتفاع والتركيز على نشر التشيّع في الجزيرة السورية: الرغبة الإيرانية في توسيع ولائها الاجتماعي وتجذير هلالها الشيعي. يُنظر: البعث الشيعي في سورية 1919 – 2007، المعهد الدولي للدراسات السورية، 2009: ص172. ويُنظر الإصدار الأول من سلسلة التغلغل الثقافي الإيراني في سوريا – الأدوات الدينية: ص13.
[26] مما يعزز من ذلك أيضاً استمرار التعاون الوثيق بين روسيا وإيران في سوريا، وسبق أن استفادت روسيا من المليشيات الإيرانية في المعارك، سواء ضد داعش في البادية أو ضد فصائل المعارضة شمال غرب سوريا، ما يعني أن موسكو تستفيد وتتعايش مع الوجود الإيراني، لكن يبدو أنها تريد ضبطه وتحديد مناطق نفوذه وفق اتفاقاتها المعلنة وغير المعلنة مع الفاعلين الدوليين، الأمر الذي يمكن أن يعزز شرعية دورها باعتبارها قادرة على ضبط النفوذ الإيراني واحتوائه.
[27] ناشط محلي على الأرض في دير الزور، فريق البحث، مقابلة هاتفية، ريف دير الزور الشرقي – سوريا، 9/9/2020.
[29] ناشط محلي، مقابلة مذكورة سابقاً مرجع رقم 26.
[30] ظهرت بعض مظاهر التنافس مؤخراً؛ فمثلاً: قامت القوات الروسية بقتل مهندس إيراني وآخر سوري أثناء محاولة الدخول لحقل (التيم) عنوة.
[32] تشكّل الخدمات الإنسانية خبز إيران لنشر التشيّع وللتوسّع في المنطقة؛ إذ تحرص إيران على الأنشطة الإنسانية لتسهيل تغلغلها الثقافي في المنطقة وتحقيق التغيير الاجتماعي وفق ما تريد. وفي الإصدار الثاني من سلسلة التغلغل الثقافي الإيراني في سوريا الصادرة مركز الحوار السوري معالجة لهذه الأدوات الاجتماعية.
[33] وهو ما رجّحه “معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى”؛ فقد تطرق إلى الصراع الخفي بين إيران وروسيا في دير الزور، ولم يستبعد أن يتحول التنافس بينهما إلى مواجهة مسلحة، خصوصاً إذا سحبت الولايات المتحدة مزيدًا من القوات من شرق سوريا، ويعود السبب في ذلك إلى التنافس بين الطرفين على النفوذ والموارد والأراضي وغنائم الحرب، لكن من غير المرجح أن يؤثر هذا التنافس على مصلحتهما المشتركة في الحفاظ على النظام السوري، بحسب المعهد الذي يرى أن التحالف الدولي يحتاج إلى استغلال الانقسام المشتعل بين “الخصمين” الروسي والإيراني لتمكين شركائه على الأرض، وإقامة علاقات أقوى مع قادة قبليين.
يُنظر التقرير:
[34] صحفي سوري من دير الزور، فريق البحث، مقابلة هاتفية، إسطنبول – تركيا، 21/9/2020، واستدل الصحفي على حادثة مقتل جنديين روسيين في بادية دير الزور بلغم أرضي، وتلاها اغتيال العديد من قادة الدفاع الوطني المقربين من إيران في البادية أيضاً، مُذكِّراً بأن هناك تنافساً بين المليشيات الروسية والإيرانية منذ اغتيال الضابط في قوات الأسد عصام زهر الدين، حيث توجهت أصابع الاتهام إلى واحد من الطرفين، ما تسبب بظهور بوادر النزاع بينهما.
[36] ناشط محلي يعمل في مناطق “قسد” بدير الزور، فريق البحث، مقابلة هاتفية، ريف دير الزور الشرقي – سوريا، 8/9/2020، ويضيف الناشط: أنه في الوقت ذاته يسعى البعض من حملة الشهادات إلى الحصول على وظائف في “الإدارة الذاتية” التابعة لـ “قسد”، من أجل الحصول على مرتب شهري يساعده في تأمين تكاليف الحياة اليومية.
[41] ناشطان حاورتهما “المدن” قالا: إن دير الزور التي تخلو من أي وجود كردي سابق، وتُعد كبرى محافظات شرق سوريا والأغنى نفطياً وزراعياً؛ يديرها اليوم “الكوادر” الذين لا يتكلمون العربية، ويضعون واجهات عربية لهم هنا وهناك. ويريد الناس أن تجرى انتخابات ليختار السكان مَن يمثلهم ومَن يتولى الإدارات المدنية في مناطقهم.
ومثال ذلك: حالة رئيس “المجلس المدني في دير الزور”؛ فقد عينته “قسد” من المكون العربي ويُدعى “غسان اليوسف”، كما عينت “أحمد الخبيل” الملقب “أبو خولة” قائداً لـ “المجلس العسكري بدير الزور.
[42] صحفي سوري وناشط من دير الزور، مقابلة مذكورة سابقاً، مرجع رقم 10، ويضيف الصحفي: أن دور العشائرية في مناطق سيطرة “قسد” يبرز عندما تشعر العشائر بالاضطهاد، حيث تبدأ بالتكتل إلى بعضها البعض، ويظهر الفكر العصبوي بشكل واضح، كما حصل بعد اغتيال الشيخ “إبراهيم الهفل”، إذ قامت “قسد” بعقد اجتماع عشائري مضادّ لمقربين منها، من أجل الرد على مخرجات اجتماع وجهاء عشائر العكيدات. والجدير بالذكر أن مختلف اللاعبين يحاولون الاستثمار في ملف العشائر حالياً على الرغم من عدم وجود هيكليات واضحة وصلبة للعشائر.
[43] ناشط محلي يعمل في مناطق “قسد”، مقابلة مذكورة سابقاً، مرجع رقم 35، ويضيف الناشط: أن “قسد” استطاعت تجييش بعض العشائر، على سبيل المثال عشيرة “البكيّر”، حيث عينت “أبو خولة” قائداً لمجلس دير الزور العسكري أميراً على العشيرة، علماً أن “البكير” هي إحدى عشائر قبيلة العكيدات، وبالتالي هي تحاول قصم ظهر أكبر قبيلة في سوريا عن طريق ترفيع قيادي من القبيلة يدين بالولاء لـ “قسد”.
[46] أصدرت “وحدة تحليل السياسات” بمركز الحوار السوري في وقت سابق تقريراً مفصلاً حول استثمارات اللاعبين في تنظيم داعش ومخاطر عودته، ورأى التقرير أن التنظيمات المصنفة على لوائح الإرهاب والعابرة للحدود باتت قابلة للتوظيف، ومن خلالها يتم تمرير مشاريع دولية وإقليمية، ويمكن كذلك تغيير التركيبة الديمغرافية وإعادة تأهيل أنظمة الفساد وضرب البنية التحتية وإظهار قوة صاعدة على أنها محاربة للإرهاب، كما يتم الترويج لـ “قسد”. يُنظر التقرير التحليلي “مخاطر عودة “داعش” واستثمارات اللاعبين فيه” – مركز الحوار السوري.
[47] صحفي سوري وناشط من دير الزور، مقابلة مذكورة سابقاً، مرجع رقم 10، وأضاف أيضاً: أن زوال تنظيم داعش بشكل نهائي من مناطق “قسد” شرق الفرات يعني أنه لم يعد هناك أي حاجة لقتال التنظيم، وبالتالي توقف دعم “قسد”، ما يعني أن هناك استثماراً واضحاً بقضية قتال داعش. ويُنظر التقرير الصحفي: توتر كبير شرق دير الزور إثر حملة أمنية تنفذها «قوات سوريا الديمقراطية»، القدس العربي، 19/7/2020، وفيها يذكر صحفيون تركيز “قسد” في حملاتها الأمنية على البلدات العربية الرافضة لنهجها تحت ذريعة مكافحة “داعش”.
[53] من تلك الأسباب على سبيل المثال: خبرة تنظيم داعش في القتال بالبادية أكثر من الخبرة التي يمتلكها عناصر النظام السوري؛ وذلك لتمرّس “داعش” على القتال بمثل هذه الظروف لسنوات طويلة، الأمر الذي أكسبه قدرة على المناورة والتقليل من جدوى الضربات الجوية التي تطال مواقعه.
لمزيد من التفاصيل يُنظر: القدس العربي، تنافس محموم بين موسكو وتنظيم «الدولة» في البادية السورية، 11/9/2020.
[58] صحفي سوري وناشط من دير الزور، مقابلة مذكورة سابقاً، مرجع رقم 10، وأضاف: أن لواشنطن أهدافاً أخرى من البقاء بسوريا، منها: ذريعة منع دخول داعش، حيث تبرز ضمن أحد أسباب بقاء قوات التحالف الدولي بسوريا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى