الورقة البحثية ” قراءة في وثيقة المبادئ الخمسة للثورة السورية “
ارتفعت في الآونة الأخيرة العديد من الأصوات المحلية والدولية منادية بضرورة وضع حد للمأساة السورية، وإيجاد مخرج سياسي لها. فبدأت كل دولة بتقديم رؤيتها ومقترحاتها في هذا المجال، إما عبر التصريحات السياسية أو عبر البيانات التي كانت تصدر عقب مؤتمرات ترعاها كما حدث في القاهرة وموسكو والأستانا. وليجد السوريون أن خلاصة الحل الذي وصلت إليه هذه الدول هو في بيان جنيف1 الصادر في 30/6/2012 عن مجموع الاتصال بخصوص سوريا، والذي يقوم على فكرة أن “النظام شريك في الحل” و”ضرورة المحافظة على مؤسسات الدولة بما فيها المؤسستين العسكرية والأمنية”. وليعيد المجتمع الدولي التأكيد على هذا المضمون من خلال بيان مجلس الأمن الصادر بتاريخ 17/8/2015، الذي أضاف بنداً أساسياً هو “محاربة الإرهاب” الذي حصره في داعش وجبهة النصرة، متناسياً إرهاب النظام ومليشياته ومرتزقته.
شعرت غالبية القوى الثورية بالكارثة التي يمثلها هذا الحل بالنسبة للسوريين وثورتهم، وبأن الدول تضع الحلول المتناسبة مع مصالحها مستغلة حالة فراغ القيادة التي تعاني منها الثورة، ولتتحدث نيابة عن السوريين.
هنا، بادر المجلس الإسلامي السوري – محاولاً سد ثغر قصرت القوى الثورية الأخرى خصوصاً السياسية منها، في سده، وموظفاً مكانته كمرجعية شرعية للثورة، وقبوله العام لدى مختلف القوى الثورية بمختلف تخصصاتها- لرعاية إصدار وثيقة مبادئ الثورة وثوابتها التي حملت اسم “المبادئ الخمسة للثورة السورية” بتاريخ 18/9/2015، حيث جمعت تواقيع ما ينوف عن الثمانين جهة ثورية وشخصية وطنية، موجهاً بذلك رسالة إلى العالم مفادها: أن للثورة أهلها الذين يعرفون ثوابتهم ومبادئهم التي لن يتنازلوا عنها مهما كانت الظروف.
تأتي الورقة في سياق تقييم الوثيقة من مختلف جوانبها نتيجة الشعور بأهمية وجود دراسة توضح نقاط قوتها من أجل أن يتابع الموقعون عليها تقويتها والبناء عليها، ومن ثم استغلالها. وكشف مجالات التطوير المتاحة، خصوصاً إذا أدركنا أهمية هذه المبادئ من جهة أنها تعد المرة الأولى التي يجمع فيها طيف واسع من القوى الثورية على مجموعة من الثوابت.
قسمنا الورقة إلى خمسة فقرات: استعرضنا في الأولى السياق الزمني والسياسي لصدور الوثيقة، ثم قيّمنا مضمونها واختيار مكان إصدارها، لننتقل إلى دراسة قوائم الموقعين عليها، ونختمها ببيان ردود الأفعال المختلفة عليها.
مؤسسة بحثية سورية تسعى إلى الإسهام في بناء الرؤى والمعارف بما يساعد السوريين على إنضاج حلول عملية لمواجهة التحديات الوطنية المشتركة وتحقيق التنمية المستدامة