تقرير مجريات ندوة الكشاف : ” تحديات الإصلاح الدستوري في جنيف (8) وآليات التعامل معها “
شهد العام 2017 تحولات هامة في الدبلوماسية الدولية المرتبطة بالأزمة السورية، ارتبطت تلك التحولات بعدة متغيرات داخلية وإقليمية ودولية، وبأدوار الفاعلين في الملف السوري، خصوصاً روسيا. وكانت باكورة تلك التحولات إحداث “منصة استانة” للمفاوضات مع بداية العام، بين ممثلي النظام السوري من جهة، وممثلي المعارضة وقوى الثورة السورية من جهة أخرى، برعاية روسية- تركية – إيرانية مشتركة، والتي انعقدت جولتها السابعة في نهاية شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. وأبرز ما أنتجته محادثات “استانة” كان “اتفاق مناطق خفض التوتر”، الذي حدّد ما سُمّي “مناطق خفض التصعيد” في سوريا، وهو ما مثّل تكريساً لمناطق نفوذ للدول الراعية للمحادثات.
وفي شهر تموز/يوليو، وعلى هامش قمة العشرين في مدينة هامبورغ الألمانية، توصل الرئيسان الأمريكي والروسي إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في جنوب سوريا، وجاء الاتفاق نتيجة مسار تفاوضي بعيداً عن الأضواء بين الروس والأمريكان. كما اتفق الزعيمان في بيان مشترك يوم (11 تشرين الثاني /نوفمبر) على هامش قمة “آبيك” في فيتنام، على “عدم وجود حل عسكري في سوريا” .
وفي ختام الجولة السابعة لمحادثات “استانة”، أعلنت روسيا عمّا وصفتها بمبادرة لتنظيم “مؤتمر حوار وطني سوري” في مدينة “سوتشي” جنوب روسيا، كخطوة روسية جديدة تلي “اتفاقات خفض التوتر”، استكمالاً للجهود الروسية لصياغة حل سياسي يكرس التحول العسكري الذي مكّنها من تقوية النظام وتمكينه من استعادة مناطق واسعة في سوريا.
أدّت مجمل التحولات السابقة، وما رافقها من تراجع للدور الأمريكي في ملفات المنطقة، بغض النظر عن أسبابه، أو ما يمكن اعتباره تفويضاً لروسيا في الملف السوري، إلى منح روسيا، المركزية والمرجعية في إدارة الملفات الخاصة بالأزمة السورية، ودفعت بكافة القوى الداخلية والإقليمية بالإضافة لمؤسسات الأمم المتحدة، إلى التنسيق بشكل مسبق مع روسيا كمرجعية “أمر واقع”، باتت تملي شروطها على كافة أطراف الأزمة، بما امتلكته من أدوات ترغيب وترهيب.
ومن أبزر المواضيع التي جسّدت المرجعية الروسية في الأزمة السورية مؤخراً، ما أعلنه المبعوث الدولي الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا (أكتوبر) أن مباحثات جنيف(8) نهاية نوفمبر، ستركز على نقطتين أساسيتين هما : التحضير لدستور جديد، وإجراءات عقد انتخابات برعاية أممية، وهو ما شكل تماهياً للوساطة الأممية مع ما كانت تطالب به روسيا بشأن أولويات التسوية السياسية.
ويتجدد الجدل بين قوى الثورة والمعارضة السورية بشأن تحديات العملية التفاوضية، والاستراتيجيات الواجب اتباعها أثناء المفاوضات، في مسائل هامة كالمرجعية الدستورية، والشرعية الدستورية، والإصلاح الدستوري، وهيئة الحكم الانتقالي وغيرها، وذلك بين ما أعلنه دي ميستورا عن النقاط الأساسية لمحادثات جنيف(8)، وملامح الخطة الروسية للتسوية السياسية من جهة، والثوابت التي تسعى المعارضة للتمسك بها في محادثات جنيف من جهة أخرى.
واستجابة لأهمية تلك المواضيع، والجدل الدائر بشأنها في الأوساط السياسية والفكرية السورية، نظّم مركز الحوار السوري بالتعاون مع كل من المرصد الاستراتيجي ومركز عمران للدراسات الاستراتيجية، ندوة حوارية بعنوان “تحديات الإصلاح الدستوري في جنيف(8) وآليات التعامل معها”، وذلك يوم الأحد 8 ربيع الأول 1439هـــــ والموافق لــــــــ26 تشرين الثاني/نوفمبر 2017م.
هدفت الندوة لمناقشة أبرز التحولات التي شهدها المسار التفاوضي منذ بيان (جنيف1) لعام 2012، إضافة لمناقشة تحديات الإصلاح الدستوري في محادثات جنيف (8)، والآليات اللازمة للتعامل معها، والتوصيات المقترحة لإحداث مكاسب في المفاوضات، وكيفية التعامل مع الخطط الدولية التي يتم فرضها، مع إلقاء الضوء على دور الفاعلين المحليين والدوليين في التأثير على قضايا المفاوضات.
تضمنت الندوة جلستين تخلتلهما استراحة قصيرة، تضمنت الجلسة الأولى عرض ورقة تقدير الموقف من قبل الخبير في المرصد الاستراتيجي، ومداخلة الباحث من مركز عمران، وجزءاً من مداخلات الحضور، فيما استمرت مداخلات الحضور في الجلسة الثانية، قبل أن تنتهي بالردود من قبل خبير المرصد الاستراتيجي. وقد شارك في الندوة باحثون وكتاب وأكاديميون سوريون، بالإضافة لممثلين عن تيارات سياسية وفصائل ثورية.
أُعدّ هذا التقرير الموضوعي من خلال اتباع قاعدة “تشاتام هاوس” ، ومن دون التقيّد بالترتيب الزمني للعرض والمداخلات، وتم التقسيم الموضوعي للتقرير بقصد ترتيب الأفكار بطريقة سلسة وموضوعية تساعد القارئ- ما أمكن- على فهم المضمون.
جاء التقرير في ثلاثة محاور: يتضمن المحور الأول عرضاً لورقة تقدير الموقف التي أعدها المرصد الاستراتيجي وقام الخبير بعرضها، في حين خصصنا المحور الثاني للمداخلات والتعليقات التي قدمها السادة المشاركون في الندوة، وتناول المحور الثالث تعقيب الخبير الاستراتيجي على مداخلات المشاركين.
للاطلاع على أوراق الندوة:
تقرير مجريات الندوة: “تحديات الإصلاح الدستوري في جنيف (8) وآليات التعامل معها”
ما الذي تخفيه جنيف (8) للسوريين؟ – المرصد الإستراتيجي
مؤسسة بحثية سورية تسعى إلى الإسهام في بناء الرؤى والمعارف بما يساعد السوريين على إنضاج حلول عملية لمواجهة التحديات الوطنية المشتركة وتحقيق التنمية المستدامة