حول إغلاق تركيا أجواءها أمام الطائرات الروسية
خلال استضافته على راديو “وطن إف إم” للحديث عن إغلاق تركيا مجالها الجوي أمام الطائرات الروسية التي تقل جنوداً نحو سوريا؛ قال الباحث في مركز الحوار السوري: أ. محمد سالم، إن القرار يدلل على مرحلة جديدة من التوتر المحدود بين أنقرة وموسكو.
وأضاف سالم أنه ومنذ بداية الحرب الروسية على أوكرانيا وقفت تركيا موقفاً وسطياً بين الطرفين وحاولت القيام بوساطة مستفيدةً من حظوتها لدى روسيا باعتبارها لم تقف موقفاً تماماً إلى جانب الغرب، كما استفادت من ذلك باستثمار الموقف في سوريا، حيث زادت من الطلعات بالطائرات المسيرة ضد مليشيا “قسد”، مقدرةً أنَّ روسيا ستغض الطرف عن نشاط تركيا في هذا الموضوع.
وتابع الباحث أنَّ ردة الفعل الروسية تغيّرت إزاء تركيا مع امتداد الحرب الروسية في أوكرانيا وضغوط وإغراءات المعسكر الغربي والولايات المتحدة على تركيا مع وجود مفاوضات ووعود أمريكية لتركيا بالتنسيق في سوريا والضغط على “قسد” لكي تبتعد نوعاً ما عن مليشيا “حزب العمال الكردستاني” ثم إدانة الولايات المتحدة لوجود صورة “عبد الله أوجلان” في الرقة، والتصريحات بأن هناك خطأ أمريكياً في دعم هذه القوات على حساب العلاقة مع تركيا.
ولفت سالم إلى أن القوات الروسية وبعدما كانت تتغاضى نوعاً ما عن زيادة نشاط الطائرات التركية المسيرة بدأت بتفجير صواريخ جو – جو شمالي سوريا لتحذير تركيا من زيادة جرعة موقفها ضد روسيا في أوكرانيا، وأيضاً من زيادة التنسيق مع الولايات المتحدة في سوريا.
كما أشار الباحث إلى نشاط ما يُسمى “قوات تحرير عفرين”، حيث يُعتقد أن هذه القوات استهدفت عربة مصفحة تركية بصاروخ مضاد للدروع مزودة به من قبل روسيا، وهو ما يعني رسالة روسية أيضاً.
ولفت سالم إلى أن الرسائل الروسية كلها من تحت الحزام، فهي ليست بتلك القوة، لأن موسكو لا تريد ابتعاد تركيا تماماً عنها، ولكن هناك نوع من التوتر ونوع من الرسائل الروسية لمحاولة منع تركيا من زيادة تنسيقها مع المعسكر الغربي والولايات المتحدة تحديداً.
إلى ذلك، قال سالم إن القرار التركي يُضايق روسيا لأنه يضايق المسار الجوي الروسي لنقل الجنود والمرتزقة، خاصة أن روسيا تخطط لنقل مرتزقة من سوريا إلى روسيا للقتال في أوكرانيا، ولكن مع ذلك يشير الباحث إلى أنه لا تزال هناك فرصة ومسارات أخرى لروسيا عبر أجواء العراق وإيران وغيرها.
ولفت سالم إلى أن إغلاق الأجواء يبقى نوعاً من المضايقة ولكن بالأساس هو خطوة رمزية أكثر منها لوجستية وعملياتية، لأن هناك أجواءً بديلةً لروسيا وحتى هذه الأجواء يمكن أن يقل عددها، لأن هناك حديثاً عن أن الولايات المتحدة ستضغط على العراق أيضاً ليمنع روسيا من دخول أجوائه.
وحول احتمالية وقوع تصعيد في شمال غربي سوريا بسبب القرار التركي؛ قال سالم إن من الممكن حصول تصعيد، ولكنه محسوب مثل التصعيد الذي يحصل منذ سنتين إلى الآن، بمعنى ازدياد هجمات الطائرات بدون طيار أو الهجمات الروسية على المرافق المدنية كما هي العادة.
وأعرب الباحث عن اعتقاده بعدم ازدياد التصعيد إلى درجة محاولة روسيا القيام بهجوم بري على إدلب أو على مناطق شمال غرب سوريا عموما، فهذا الأمر لا يزال بعيداً، ولكن التصعيد الروسي يأخذ أشكالاً متعددة غالباً ما تكون غارات جوية أو زيادة الغارات؛ سواء على المرافق المدنية قرب الحدود مع تركيا، وأيضاً قرب النقاط التركية أو النقاط العسكرية التركية، وهو تصعيد ليس قوياً حتى الآن وربما لن يزداد لأن الطرفين يحرصان على التحكم بالعلاقات وعدم الوصول إلى توتر كبير.
من جهة أخرى، رأى سالم أن إغلاق تركيا لأجوائها أمام الطائرات الروسية هي خطوة منسَّقة بين تركيا والغرب وتحاول أنقرة من خلالها إرضاء الغرب، ولكن أيضاً هذه الخطوة منسقة مع روسيا، وهو ما ظهر من خلال تصريحات وزير الخارجية التركي، لافتاً إلى أنها منسقة مع موسكو ولكن دون أن يكون هناك رضا روسي بمعنى محاولة إخراج هذا الموضوع على أنه ليس خطوة عدائية، وبالمجمل فإنها تعني نوعاً من البرود في العلاقة بين الطرفين إذا لم نقل توتراً.
للمزيد:
انقر هنا
مؤسسة بحثية سورية تسعى إلى الإسهام في بناء الرؤى والمعارف بما يساعد السوريين على إنضاج حلول عملية لمواجهة التحديات الوطنية المشتركة وتحقيق التنمية المستدامة