الإصداراتالراصد

قراءة في بيان اجتماع الرياض بشأن سوريا: تحليل أوّلي بالمقارنة مع بيانَي العقبة

إضاءات تحليلية ضمن مسار الراصد في مركز الحوار السوري

عُقِد اجتماع جديد يوم الأحد 12/1/2025 في العاصمة السعودية الرياض وبحضور عدد كبير من الدول لمناقشة الملف السوري وتنسيق المواقف، وذلك بعد مُضيّ شهر تقريباً على اجتماعَي العقبة اللذين عُقِدا في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي وتحديداً في الرابع عشر منه.

يأتي هذا الاجتماع عقب حراك سياسيّ متصاعد شهده الملف السوري، وخطوات متعدّدة اتخذتها الإدارة السورية الجديدة على المستوى الداخلي، لتُثار تساؤلات عن أهداف هذا الاجتماع وغاياته، وأبرز الرسائل التي وجّهها في بيانه الختامي.

1- رسائل الدعوة والمكان والمشاركون:

وُجّهت الدعوات للاجتماع من قبل الخارجية السعودية لعقد اللقاء في الرياض كاستكمال للقاء السابق في العقبة، وذلك بحضور 9 دول عربية وهي: (مملكة البحرين وجمهورية مصر العربية وجمهورية العراق والمملكة الأردنية الهاشمية ودولة الكويت والجمهورية اللبنانية وسلطنة عمان ودولة قطر ودولة الإمارات العربية المتحدة)، وبحضور سبع دول غير عربية وهي: (الجمهورية الفرنسية وجمهورية ألمانيا الاتحادية ومملكة إسبانيا والجمهورية الإيطالية والجمهورية التركية والمملكة المتحدة لبريطانيا وإيرلندا الشمالية والولايات المتحدة الأمريكية) ومُمثّلي جامعة الدول العربية والاتحاد الأوربي ومجلس التعاون الخليجي والمبعوث الأممي لسوريا، فضلاً عن الجمهورية العربية السورية (وزارة الخارجية في الإدارة الجديدة).

بالتالي، يُعدّ مؤتمر الرياض أوسع من مؤتمر العقبة، فهو ضم دولاً أوروبية جديدة هي: إسبانيا وإيطاليا، ودول خليجية جديدة هي: الكويت وسلطنة عمان؛ وهو ما يعني توسُّع اهتمام الدول الأوروبية وحضور كامل دول مجلس التعاون الخليجي.

من جانب آخر، ومع الدعم المقدّم من المملكة العربية السعودية وخاصة إنسانياً وسياسياً للإدارة الجديدة فإن عقد الاجتماع في الرياض أظهر الاهتمام السعودي الكبير في الملف السوري، وربما أعطى إشارة بأن الرياض أصبحت المكان الجديد لرعاية المناقشات الدولية الخاصة بالملف السوري، بما يعنيه ذلك من وجود البعد العربي وتسليم مختلف الدول للسعودية بهذا الدور.

إلى جانب رسالة المكان، يُعدّ حضور وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في الاجتماع كممثل عن سوريا خطوة مهمة نحو شرعنة الإدارة الجديدة دولياً على الرغم من أن الاجتماع بحدّ ذاته وبحضور هذا المستوى الدبلوماسي يُعدّ اعترافاً بالإدارة الجديدة من قبل هذه الدول، إلا أن هنالك خطوات ما تزال مُعلّقة على ما يبدو في تسليم مقعد سوريا في كل من جامعة الدول العربية والأمم المتحدة للإدارة الجديدة لإكمال دائرة الاعتراف على مستوى المنظمات الإقليمية والدولية.

عموماً، يُعطي حضور الإدارة الجديدة لاجتماع الرياض على عكس ما حصل في اجتماع العقبة رسالة إيجابية في تعاطي الدول المهتمّة بالملف السوري.

2- من حيث أهداف المؤتمر: من الوصائية الفجّة إلى لغة التعاون

اتسمت أهداف مؤتمر الرياض الأساسية بتنسيق الدعم للشعب السوري بشكل رئيس والتركيز على أهداف سياسية أخرى كقضايا الأمن والإرهاب والانتقال السياسي وعودة اللاجئين. وهي تقريباً القضايا نفسها التي جاء ذكرها في بياني الاجتماعين.

3- الموقف من العقوبات الدولية والأحادية: الضغط لتوسيع الاستثناءات

جاء بيان الرياض بمنطقٍ معادٍ لاستمرار العقوبات المفروضة على سوريا، حيث اعتبرها معرقلة لطموحات الشعب السوري وعودة اللاجئين وتحقيق البيئة الآمنة، وذلك على خلاف بيان العقبة الذي لم يدعُ بشكل مباشر لرفع العقوبات وإن كان بدوره دعم عودة اللاجئين وتقديم المساعدات الإنسانية.

4- الموقف من العملية السياسية: تغييب القرار 2254

على عكس اجتماع العقبة؛ لم يُركّز اجتماع الرياض على الانتقال السياسي بذات الطريقة، حيث أسقط الحديث عن قرار مجلس الأمن 2254، وأكد دعم خيارات الشعب السوري وأهمية الحوار السوري وتمثيل القوى السياسية والاجتماعية، ومعالجة أي تخوّفات عبر الحوار والنصح والمشورة.

يعد ذلك تقدُّماً مهماً في مجال الحدّ من تدويل التسوية السياسية للملف السوري، واحترام خيارات السوريين من دون تدخُّل أو وصاية.

5- الموقف من مؤسسات الدولة: من المطالبة إلى الإشادة

أكد مؤتمر العقبة مطالبته بضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، في حين جاء بيان الرياض ليتقدم بالشكر على ما اعتبره “الخطوات الإيجابية التي قامت بها الإدارة السورية الجديدة”، وبذلك فإن المكسب الرئيس يظهر بتجاوز الدول لقضية إعادة الهيكلة الحالية التي أطلقتها الإدارة الجديدة للمؤسسات العامة.

ختاماً، يُعطي بيان الرياض رسائل إيجابية مُهمّة في التعاطي الدولي والإقليمي مع الملف السوري، سواء على مستوى شرعنة الإدارة الجديدة، والتأكيد على “سورنة” أيّ عملية سياسية في سوريا بعيداً عن التدخُّلات الخارجية، والتقدُّم الإيجابي في ملفات زيادة الدعم الإنساني ورفع العقوبات الاقتصادية ودعم عودة اللاجئين والنازحين وعدم الحديث عن ملف الأسلحة الكيماوية الذي جاء في بيان العقبة، مع إبقائه على قضايا ربما تُمثّل في المستقبل خيطاً للتدخُّل الدولي في الشأن السوري من قبيل: مكافحة الإرهاب، وضرورة تمثيل جميع القوى السياسية والاجتماعية في الحل السياسي.

الجانب
اجتماع العقبة
اجتماع الرياض
توجيه الدعوة
لجنة الاتصال العربية
المملكة العربية السعودية
الحضور
لجنة الاتصال العربية + الرباعي الغربي
+ الكويت وسلطنة عمان + إسبانيا وإيطاليا
تمثيل سوريا
غياب
الإدارة الجديدة
هدف المؤتمر
بحث التطورات الميدانية
تنسيق الدعم
سمات المؤتمر
وصائية
تعاونية
الموقف من العقوبات
ابتزازي
رافض للعقوبات
الموقف من الانتقال السياسي
التمسك بالقرار 2254
التحول نحو العملية الوطنية الجديدة

 

 

مؤسسة بحثية سورية تسعى إلى الإسهام في بناء الرؤى والمعارف بما يساعد السوريين على إنضاج حلول عملية لمواجهة التحديات الوطنية المشتركة وتحقيق التنمية المستدامة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى