اضاءات على تطورات في الملف السوريالأبحاث والدراساتالإصداراتوحدة تحليل السياسات

قراءات في أهمّ رسائل الخطاب الأخير لبشار الأسد وانعكاساته

مقدمة:

حملت مقابلة رأس النظام بشار الأسد مع قناة سكاي نيوز عربية الكثير من التساؤلات عن الرسائل التي حاول تمريرها من خلالها، خصوصاً أنها تطرّقت إلى قضايا بارزة منها ما يمسّ الدول الإقليمية والعربية مثل تهريب المخدرات وعودة اللاجئين والعلاقات الثنائية، ومنها ما هو متعلّق بالشأن الداخلي السوري، مثل ملفّ الحل السياسي وإعادة الإعمار واستمرار سردية خطابه القائمة على رفض الاعتراف بالطرف الآخر[1].

وقد جاء الخطاب بعد مضيّ قرابة 100 يوم من المرحلة التي شهدت اندفاع العديد من الدول العربية تجاه نظام الأسد، وإعادة العلاقات معه، وإعادته لمقعد سوريا في الجامعة العربية، ما يجعل من المهم تحليل هذا الخطاب لرصد فيما إذا كانت هنالك مستجدّات ومؤشرات لتغير في سلوكيّات نظام الأسد ونظرته إلى محيطه العربي والإقليمي، والقضايا الداخلية السوريّة.

يحاول هذا التقرير المرور على أبرز القضايا التي تطرّق إليها بشار الأسد في مقابلته الأخيرة، في محاولةٍ لتتبُّع أبرز الرسائل التي حاول إيصالها والهدف منها، ومعرفة فيما إذا كانت عملية التطبيع العربي قد تركت أثراً في تغيير سياساته وسلوكه، وصولاً لرصد ما طرأ من ردود فعل إقليمية ودوليّة على الخطاب.

استخفاف بالدول العربية وتحميلها مسؤولية انتشار المخدرات:

كان من الملفت للانتباه لهجة السخرية والاستخفاف بالعرب في خطاب الأسد بعد نحو 3 أشهر من إعادته للجامعة العربية، فبدلاً من توثيق روابط علاقته مع الدول العربية التي أبدت انفتاحاً تجاهه، راح يصف العلاقات العربية بأنها شكليّة لا تفلح سوى بالبيانات والخطابات، وأن الجامعة العربية لم تتحوّل لمؤسسة بالمعنى الحقيقي، في تباينٍ مع خطابه الذي طرحه خلال القمة العربية الأخيرة وأشار فيه إلى “دورها كمرمّم للجروح”[2]،  وأن الجامعة العربية هي “المنصة الطبيعية لمناقشة القضايا المختلفة ومعالجتها”.

ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل إن بشار الأسد أفقد مسار التطبيع العربي زخمه الذي حَظِيَ به خلال الأشهر الماضية، إذ راح يطعن بالدول العربية، مشيراً إلى دور دول إقليمية وعربية بما آلت إليه الأوضاع في سوريا، محمّلاً إياها المسؤولية عن دمار البنية التحتية من خلال دعم معارضيه.

كما اعتبر الأسد ازدهار تجارة المخدرات في سوريا “حالة طبيعية” بسبب الحرب ولم يعترف بأي دور لنظامه فيها[3]، بل إنه حاول لعب دور الضحية، ملقياً المسؤولية على الدول التي وقفت ضده، في إشارة صريحةٍ للأطراف الدولية والإقليمية ومن ضمنها العربية والخليجية التي كانت تدعم المعارضة السورية، وهو ما يبدو أنه سيُعقّد المشكلة بالنسبة للدول العربية خصوصاً دول الخليج التي عوّل بعضها على التطبيع من أجل وقف عملية تصدير المخدرات من سوريا، الأمر الذي ينسف الجهود التي قادها الأردن ضمن ما يُعرف بـ “المبادرة العربية” التي كانت تُعوّل على نظام الأسد لوقف تصدير المخدرات[4]، إلا أنه لم يعالج هذه القضية التي تعدّ أحد أبرز المشاكل التي عانت منها الدول العربية مؤخراً، لأنه عاجز عن ترك هذه التجارة التي باتت أحد أعمدة الاقتصاد الأساسية لديه، وقد وثقت مصادر عديدة تحصيل نظام الأسد والمليشيات المنضوية في صفوفه مليارات الدولارات سنوياً من تجارة المخدرات[5].

وأثبتت الأسابيع والأشهر الماضية فعليّاً فشل التعويل العربي على نظام الأسد في وقف تدفق المخدرات، إذ أعلنت دول عربية عديدة عن إحباط تهريب شحنات من المخدرات، خصوصاً المملكة العربية السعودية[6]، إضافة إلى الأردن الذي يُعدّ في مواجهة مباشرة مع عصابات تهريب المخدرات الذين ينشطون ضمن مناطق سيطرة نظام الأسد، وتؤكد المصادر الكثيرة التنسيق العالي المستوى بين ضباط نظام الأسد والمليشيات الإيرانية في عمليات إنتاج وتهريب المخدرات إلى الأردن ومنه إلى دول أخرى.

اندفاع نحو إيران وابتعاد عن المحور العربي.. مراوحة في المكان

وفي مقابل ذلك السخط الذي أبداه الأسد على الدول العربية، عاد من جديد في المقابلة ليُشيدَ بأهمية الدور الإيراني والروسي في سوريا، وأن نظامه “أحسن” في اختيار “الأصدقاء”، وهذا ما يدحض مجدّداً حُجج بعض الأطراف الإقليمية والعربية التي كانت تدّعي أنّ عملية التطبيع ستؤدي لسحب نظام الأسد من الحضن الإيراني أو تقليل اعتماده على طهران. بل لم يكتف بشار الأسد بذلك، إنما راح ليُشرعن خلال المقابلة الوجود العسكري الإيراني بسوريا عبر اعتباره أن الضربات التي تشنّها “إسرائيل” في سوريا إنما تستهدف قوات جيشه، وليس القوات الإيرانية، ما يعني بالنتيجة أنه يعتبر الانتشار العسكري الإيراني ضمن القواعد العسكرية السورية ليس انتشاراً أجنبياً[7].

ويبدو أنّ سخط نظام الأسد من الدول العربية وعدم استغلال فرصة المقابلة لإثبات رغبته في تحسين علاقته معها يعود لبطء اندفاع بعض الدول العربية المؤثرة تُجاهه، مثل المملكة العربية السعودية التي تقول مصادر متطابقة إنها أوقفت عمليات ترميم سفارتها بدمشق[8]، كما لم تُعيّن سفيراً لها إلى الآن في سوريا رغم مضي عدة أشهر على إعلانها استعادة العلاقات الدبلوماسية مع نظام الأسد.

مصادر دبلوماسية أخرى كشفت أن الدول العربية التي اندفعت باتجاه تطبيع علاقتها مع نظام الأسد أوقفت هذه الاندفاعة بشكلٍ تدريجي على المستويات السياسية والاقتصادية، في حين أبقت على خطوط التواصل الأمني والاستخباري[9]، وهو ما لا يعني كثيراً بالنسبة لنظام الأسد الذي يرغب بالأموال ورفع مستوى العلاقات الاقتصادية والسياسيّة، عازيةً السبب في ذلك إلى دخول الولايات المتحدة الأميركية على الخط بقوّة، للحدّ من التحرك “المجاني” على نظام الأسد، وهو ما يبدو أنه أثار حفيظة الأخير وجعله يعود لسياسة الانكفاء وتوجيه الانتقادات للدول العربية دون تسمية دولة بعينها.

ولم يكن مستغرباً في خطاب الأسد هجومه اللاذع ضد حركة حماس واتهاماها بـ “الغدر والنفاق” لمجرد أنها انحازت إلى الثورة السورية في بدايتها، فالحركة -وهي من الكيانات ما دون الدولة- لن يحصل الآن منها على أكثر مما يُعطيها[10] بعكس الدول العربية التي يسعى منها لتحصيل الأموال وإعادة الإعمار، وبالرغم من ذلك فإنها لم تسلم من انتقاداته واتهاماته.

ولولا حظوة حماس عند إيران كما يرى بعض المراقبين وضغوطها عليه لما قَبِلَ في الأصل بإعادة العلاقات معها، إلا أن ما يمكن الإشارة إليه بهجوم الأسد على حماس حالة السخط الشديدة التي يُكنّها لها رغم “الصلح” بينهما، وهذا يُدلّل بشكل أو بآخر على أنّ  مصالحة أطراف أخرى مع هذا النظام خصوصاً الأطراف السورية المحلية لن تكون في حسبانه -وإن قَبِل بها بشكل مؤقّت- مثل نموذج مصالحات درعا، الذي أثبت في وقتٍ لاحق فشله الكامل بسبب انقلاب نظام الأسد على اتفاقات “التسوية”، وشنّه حملات اعتقال ضد معارضيه الذين رفضوا الخروج من الجنوب السوري[11].

ابتزاز المجتمع الدولي بقضية عودة اللاجئين السوريين:

وفي محاولة منه لابتزاز الدول العربية، شدد بشار في المقابلة على أنه يركز على المستقبل وأن نظامه يطوي صفحة الماضي لمن يمدّ له يده، في إشارة إلى أنه يريد من الدول العربية وغيرها مده بالمال وعدم الاكتفاء بمن يقيم العلاقات الدبلوماسية مع نظامه، معتبراً أنّ المشكلة الوحيدة في عودة اللاجئين السوريين لوجستية لا أمنية، وأن إعادتهم تتطلب دعمه في تأهيل البنية التحتية التي دُمّرت طوال السنوات الماضية، وحمّل مسؤولية دمارها لذات الأطراف التي لم تقف بجانبه في الحرب، في انتقادٍ آخر مبطّن للدول العربية التي دعمت المعارضة السورية، وتجاهل صارخ لما كانت تتعرض له المناطق السورية من قصف بالبراميل المتفجرة والغارات الجوية وغيرها.

وعمل رأس النظام في المقابلة على اتباع سياسة التضليل بشكل ممنهج حينما ادعى أن السنوات الأخيرة شهدت عودة نصف مليون لاجئ سوري لم يتم اعتقال أي أحد منهم، في محاولة لضرب مصداقية الكثير من التقارير الحقوقية التي وثقت اعتقال لاجئين سوريين عادوا لمناطق سيطرته[12]، بعضهم قُتل تحت التعذيب والبعض الآخر تم اعتقاله، وآخرون تم تجنيدهم قسراً في صفوف قواته.

كما حاول الأسد اللعب بورقة اللاجئين عبر ربطها بموضوع إعادة الإعمار، حيث تساءل خلال المقابلة عن كيفية عودة اللاجئ بلا ماء أو كهرباء أو مدارس لأبنائه أو خدمات صحية، كاشفاً أيضاً عن وجود نقاش عملي مع عدد من الجهات الأممية حول مشاريع العودة وكيفية تمويلها ومتطلباتها بالتفاصيل، ما يؤكد أن هناك مشاريع غير معلنة بين نظام الأسد وجهات أممية أو دولية تعمل على تمويله بحجة إعادة اللاجئين السوريين عبر تقديم الدعم المالي له وضخ الأموال ضمن ما يعُرف بمشاريع التعافي المبكر التي تكرّر الحديث عنها في الآونة الأخيرة على مستوى الجهات الأممية.

وفي محاولة منه للتملّص من النهوض بالواقع الاقتصادي وسط عجزه عن ضبط سعر صرف الليرة، حمّل رأس النظام سوء الحالة الاقتصادية في سوريا إلى العقوبات الغربية، رغم أنه اعترف أن نظامه تمكّن من الالتفاف على عقوبات قانون قيصر، وبغضّ النظر عما إذا كان ذلك ادعاءً أم واقعاً فإنه يشير بشكل أو بآخر إلى عدم وجود أي خطة لدى هذا النظام أو الأطراف الداعمة له في تقديم أيّ حلول إزاء حالة الانهيار الاقتصادي ووصول راتب الموظف الحكومي إلى ما يعادل نحو  15 دولاراً.

وقد دفعت ادعاءات نظام الأسد بشأن الالتفاف على قانون قيصر إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى الرد، مؤكدة أنه يحاول التقليل من تأثيرها لكنها ستظل قائمة حتى تحقيق حل لـ “الصراع السوري” بما يتفق مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 لعام 2015، والذي يدعو إلى وقف إطلاق النار والتسوية السياسية في سوريا[13].

رسائل الأسد إلى تركيا ومسار التقارب معها:

أفرد بشار الأسد جزءاً من هذه المقابلة للتهجُّم بشكل كبير على تركيا وبشكل خاص على رئيسها رجب طيب أردوغان، مدعياً أن “الإرهاب في سوريا صناعة تركية”، وأن أهداف أردوغان من الجلوس معه هو شرعنة وجود القوات التركية في سوريا.

وفي واقع الحال فإن خطاب رأس النظام تجاه تركيا لم تطرأ عليه تغييرات ملموسة رغم الانفتاح التركي تجاه إقامة علاقات معه، فهو لا يزال يربط أيَّ تقدم في مسار العلاقات بتحقيق شرط الانسحاب من سوريا، الأمر الذي كان محلّ رفضٍ من قبل أنقرة التي تريد تحقيق عدة خطوات قبل الانسحاب في مقدمتها تحقيق أمن الحدود والقضاء على “التنظيمات الإرهابية” وإعادة اللاجئين، وهي خطوات لا يبدو أن نظام الأسد قادر على تنفيذها فيما لو انسحبت من هناك[14].

وكان من المثير للانتباه ردود الفعل التي أثارها خطاب بشار الأسد على مستوى الإعلام التركي، إذ شنت وسائل إعلامية محسوبة على المعارضة انتقادات لاذعة ضد الأسد ووصفته بالوقح وأنه تكلم بلا مبالاة[15]، بينما غاب التعليق على الخطاب من قبل الإعلام المحسوبة على حزب العدالة والتنمية، وهو ما يمكن تفهَّمه بعدم رغبة أنقرة زيادة الشرخ بينها وبين الأسد في ظلّ استمرار مسار التطبيع، الأمر الذي ظهر فعلياً بالردّ الرسمي من قبل وزير الدفاع يشار غولر الذي حاول عدم توجيه الانتقاد بشكل مباشر لرأس النظام، وإنما اكتفى بالقول إنه من غير المعقول أن تغادر قوات بلاده سوريا دون ضمان أمن حدودها[16]، قائلاً إن على بشار الأسد أن يتصرف بشكل أكثر عقلانية بخصوص وجود القوات التركية في سوريا.

أما روسيّاً، فغاب التعليق على خطاب رأس النظام فيما يتعلق بجهود موسكو التي تقود عملية التطبيع بين دمشق وأنقرة، غير أن دبلوماسيّاً روسيّاً سابقاً ومقرّباً من الخارجية الروسية اعتبر أن تصريحات رئيس النظام خلقت استياءً لدى دول “أستانا” حول ما ورد في حديثه عن تطبيع العلاقات مع تركيا[17]، مؤكداً أن “بشار الأسد لم يكن موفّقاً نهائياً بلقائه الأخير”.

خطاب الأسد تجاه تركيا يُؤيّد ما كان البعض ذهب إليه بأن نظام الأسد لم يكن راغباً بالجلوس على طاولة المفاوضات مع أنقرة لولا الضغوطات الروسية التي سعت لجرّه نحو فتح مسار التطبيع مع الجانب التركي، ولذلك فإنه وبالرغم من عدم إغلاق المسار إلا أنه لا يترك فرصة إلا ويتهجّم فيها على تركيا لإحراجها مثلما حصل بخطابه بالقمة العربية[18]، لدفعها إلى الانسحاب من المفاوضات الرباعية بشأن التطبيع، أو إجبارها على الخيار الآخر وهو الرضوخ لمطالبه بالانسحاب، الأمر الذي لا يبدو أنه قريب في المدى المنظور.

إغلاق رسمي لأي مساعٍ للحل السياسي:

سعى رأس النظام في المقابلة إلى التعبير ضمنياً عن رفضه لأي حل سياسي، واتهم من سماها “المعارضة الخارجية” بالعمالة، مقلِّلاً أعداد المتظاهرين الذين خرجوا ضده، كما ربط مصير “الدولة السورية” ببقاء شخصه ومنظومة حكمه، ما يقطع الشك باليقين حول هزليّة مسار الحل السياسي الحالي، ممثلاً باللجنة الدستورية السورية التي اختزل المبعوث الأممي لسوريا غير بيدرسن الحل السياسي من خلالها.

وإن لم يكن أمراً مستغرباً لدى معظم السوريين رفض نظام الأسد الاعتراف بالمعارضة أو المضي بخطوات الحلّ السياسي الذي يمهد لانتخابات حرة ونزيهة، إلا أن الأكثر أهمية في هذا السياق هو أن هذه المقابلة تثبت للدول العربية عدم جدية نظام الأسد بتطبيق بنود “المبادرة العربية” التي شكّلت أرضية بنتْ عليها بعضُ الدول العربية للتطبيع مع نظام الأسد على أن تتضمن ببعض شروطها قيام نظام الأسد بخطوات عديدة تندرج ضمن مسار الحل السياسي أو تمهد له مثل قضية المعتقلين وموضوع اللاجئين والمخدرات وغير ذلك[19].

خاتمة:

على الرغم من الانفتاح العربي خلال الأشهر الماضية تُجاه نظام الأسد، إلا أنه أثبتَ أنه غير جادٍ في تغيير أي من سلوكيّاته التي كانت السبب بتدمير سوريا وتشريد شعبها وخلق مشاكل لدور جوار سوريا والدول العربية بشكل عام، خاصة فيما يتعلق بجعل سوريا مركزاً لتصدير المخدرات، واستمراره بسياسات تُرهب اللاجئين السوريين وتمنعهم من العودة، بل راح في هذه المقابلة ليُحمّل الدول العربية التي دعمت المعارضة السورية مسؤولية تردي الأوضاع الأمنية والاقتصادية ودمار البنية التحتية، وهذا ما يبدو سبباً كافياً يُفترض أن يدفع الدول العربية التي طبّعت مع نظام الأسد إلى أن تُعيد تقييم علاقاتها معه، خصوصاً أنه يريد أن يحصل على الأموال والامتيازات دون أن يُقدّم أيّ مقابل.

وبمقارنة هذا الخطاب مع الخطابات السابقة لرأس النظام منذ بداية الثورة السورية يتبين أنه لا جديد فيه، ولا تغيُّر في سلوك نظام الأسد الذي حرص مجدداً أن يرسل رسالة واحدة تكرر الحديث عن “المؤامرة” و”الصمود” ونجاعة “الحل العسكري” وإصراره على سياسة الإنكار حول عدم وجود أخطاء ارتكبها طوال السنوات الماضية، بل وتحميل المسؤولية دائماً للأطراف الخارجية والاستهزاء بالدول العربية.

كما تشير معظم خطابات الأسد إلى أنه ليس نادماً على أيّ من سياساته في القتل والتدمير والتهجير، بل التأكيد على أنه مستعد ليفعل مثلها مجدداً فيما لو تعرض لنفس الظروف، واتهام من دافع عن الضحايا بأنهم مجرمون، وهذا ما يثبت مجددا فشل التعويل العربي على هذا النظام لأن مثل هذه العقلية لا يمكن أن تنتج بأي حال من الأحوال أياً من أنواع الحلول، لأن فكرة الحل لديه قائمة على إلغاء الآخر تماماً.

وبالرغم من لغة التحقير الواضحة في خطاب الأسد الواضح تجاه الدول العربية، إلا أن معظمها تحاول غض الطرف عنه، وهذا ما يظهر بعدم ورود تعليق رسمي على الخطاب خصوصاً من الدول التي طبّعت مع نظام الأسد مؤخراً، الأمر الذي يدلل على أن تلك الدول ماضية بعملية التطبيع بغضّ النظر عن نتائجه شبه الصفرية إلى الآن؛ حتى بالنسبة لمصالحها.

لمشاركة التقرير:

https://sydialogue.org/zxbk


[1] ينظر المقابلة كاملة: الأسد يتحدث عن “شروط” لقاء أردوغان و”غدر” حماس، سكاي نيوز عربية، 9 / 8 / 2023
[3] الكثير من التقارير المحلية والدولية أثبتت وبالأدلة القاطعة الموثقة بالفيديو انتشار معامل مخدرات في مناطق واقعة تحت سيطرة قوات نظام الأسد خصوصاً الفرقة الرابعة، إضافة لمليشيات حزب الله اللبناني، خصوصاً في مناطق الجنوب السوري القريبة من الشريط الحدودي مع الأردن، لتسهيل عملية تصدير المخدرات.
[4] ضمت المبادرة العربية عدة بنود كان من ضمنها تعاون نظام الأسد في وقف تهريب المخدرات من سوريا، ينظر:
[5] أصدر مركز الحوار السوري في وقت سابق ورقة تشير إلى تحول تجارة المخدرات إلى جزء من اقتصاد نظام الأسد، ينظر:
[7] من الجدير ذكره أن إسرائيل أكدت أكثر من مرة أن الضربات الجوية التي تشنها في سوريا لا تستهدف رأس النظام وقواته جيشه، وإنما تستهدف المليشيات الإيرانية، وهذا ما يظهر فعلياً بما تكشفه نتائج أغلب الضربات، حيث تستهدف بحسب ما تقول مصادر محلية وإعلامية مستودعات أسلحة وذخائر ومصالح إيرانية منتشرة ضمن القواعد العسكرية التابعة لنظام الأسد في مناطق مختلفة بسوريا، أو مواقع إيرانية ضمن مناطق قريبة إلى الأحياء السكنية خصوصاً في ريف دمشق.
[10] يرى بعض المراقبين أن حركة حماس فقدت كثيراً من الشعبية التي كانت تحظى بها لدى العديد من الشعوب العربية والإسلامية، وذلك بسبب المواقف المتذبذبة للحركة تجاه سوريا ومد يدها لنظام الأسد، فضلاً عن المواقف الإيجابية التي تُبديها تجاه إيران رغم تدخلاتها وانتهاكاتها في العديد من الدول العربية.
[11] أصدر مركز الحوار السوري في وقت سابق دراسة حول هذا الموضوع تطرق فيها إلى محركات الصراع في درعا رغم مضي سنوات من اتفاق “التسوية”، وقد خلص إلى نتائج عدة من ضمنها عدم تغير عقلية نظام الأسد وسعيه إلى تصفية كل من عارضه وانتقده في المنطقة قبل سيطرته عليها، ينظر التقرير:
نموذج السيطرة الهشة للنظام في الجنوب السوري، مركز الحوار السوري، 25 / 9 / 2020.
[12] كثيرة هي الشواهد التي توثق اعتقال نظام الأسد للاجئين عادوا إلى سوريا، منها مثلاً:  النظام السوري يعتقل لاجئين عائدين إلى البلاد، العربي الجديد، 20 / 8/ 2022

مساعد باحث في مركز الحوار السوري، يحمل إجازة في الأدب العربي من جامعة الفرات السورية، عمل كاتباً وصحفياً ومدققاً لغوياً لعدة سنوات في العديد من المواقع والقنوات الإخبارية

مديرة الوحدة المجتعية في مركز الحوار السوري، بكالوريوس في الهندسة من جامعة دمشق، دبلوم في التخطيط العمراني وإعادة الإعمار المستدام، عملت في مجال الإعلام المكتوب والمسموع لعدة سنوات، نشرت العديد من الأوراق والتقارير البحثية في مواضيع سياسية واجتماعية، وخاصة ما يتعلق بأوضاع اللاجئين وقضايا المرأة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى