اضاءات على تطورات في الملف السوريالأبحاث والدراساتالإصداراتالقوى الدولية الفاعلة في الملف السوريوحدة تحليل السياسات

عام على بدء محاولات التقارب التركي مع نظام الأسد … العودة إلى المربع الأول

تقرير صادر عن وحدة تحليل السياسات في مركز الحوار السوري

مقدمة:

اتخذت تركيا منذ بداية الثورة السورية موقفًا داعمًا نسبيًا للمعارضة السورية ومعاديًا لنظام الأسد، واستمرت بتوفير الدعم السياسي في المحافل الدولية للمعارضة السورية والعمل على تطبيق القرارات الأممية المتعلقة بهذا الشأن، كما فتحت أبوابها واستقبلت قرابة 4 ملايين لاجئ سوري على أراضيها[1].

مع استمرار جمود الوضع في سوريا بتعقيداته، ومن دون وجود أي بوادر على قرب حل سياسي بدأت المواقف التركية بالتغيّر؛ بسبب تصاعد الضغط الشعبي الداخلي نتيجة استغلال اللاجئين سياسيًا من قبل بعض الأحزاب واتخاذهم ورقة للضغط على الحكومة التركية، خاصة في فترات الانتخابات، بالإضافة إلى وجود ضغوط خارجية من دول داعمة لنظام الأسد ممثلة بروسيا بشكل أساسي من أجل الانفتاح على نظام الأسد[2].

بدأت تركيا منذ أغسطس/آب عام 2022 بإطلاق تصريحات داعية للتقارب مع نظام الأسد في سوريا، في سابقة جاءت متزامنة مع سعي الحكومة التركية لحلحلة خلافاتها مع دول المنطقة، مثل الإمارات والسعودية ومصر؛ الأمر الذي تسبب بموجة غضب في الشمال السوري المُحرَّر؛ رفضًا للتطبيع مع نظام الأسد ومصالحته[3].

وخلال هذا العام جرت زيارات ذات مستوى مرتفع مقارنة بالاتصالات الاستخباراتية الضعيفة التي كانت تجري في السنوات الماضية، إذ وصلت لمستوى وزراء الدفاع والخارجية، كما عبّر الرئيس أردوغان بنفسه عن عدم ممانعته لقاء بشار الأسد في حال توافرت الظروف المناسبة، إلا أن هذه المساعي لم تنجح حتى الآن.

يعتمد التقرير المنهج الوصفي التحليلي من خلال جمع وتحليل أبرز الأخبار والتطورات التي حدثت خلال هذه السنة فيما يتعلق بمحاولة تركيا التطبيع مع نظام الأسد، ويهدف التقرير إلى رصد مواقف الطرفين وتوقع مآلات هذه العملية بعد مرور سنة كاملة على انطلاقها.

التصريحات التركية وغضب الشمال السوري:

خرج وزير الخارجية التركي السابق، مولود تشاووش أوغلو، يوم 11 أغسطس/آب 2022 بتصريح غير مسبوق قال فيه إنه التقى مؤخرًا نظيره في نظام الأسد، فيصل المقداد، ودعا إلى البدء بمصالحة بين نظام الأسد والمعارضة السورية لإنهاء ما وصفها بـ”الحرب الأهلية” ومنع انقسام سوريا[4]. وأعقب هذه التصريحات خروج مظاهرات كبيرة في الشمال السوري المحرر؛ رفضًا للمصالحة مع نظام الأسد، واعتراضًا على هذه التصريحات التركية، وتخللت المظاهرات بعض أعمال الشغب وتمزيق أعلام تركية؛ واستمرت هذه المظاهرات لعدة أسابيع بعد ذلك[5].

عادت وزارة الخارجية التركية لتبرير تصريحات الوزير بعد موجة الغضب هذه، وقالت إن بعض وسائل الإعلام حرّفت كلامه ولم تنقل ما كان يقصده، وأكّدت أن تركيا مستمرة بالوقوف إلى جانب المعارضة السورية وأن نظام الأسد هو الذي يعيق العملية السياسية[6].

رغم هذه التصريحات، خرج رئيس حزب الحركة القومية وحليف حزب العدالة والتنمية، دولت بهتشلي، بتصريحات مناقضة لكلام وزارة الخارجية التركية الأخير، قائلًا إنه يدعم مصالحة المعارضة السورية مع نظام الأسد، وإن هذه المساعي لا ينبغي أن تزعج أي طرف، مشيرًا إلى أنها تعطي أملًا بإيجاد حل دائم للقضية السورية[7]. ولم يتنظر الرئيس التركي أردوغان طويلًا حتى شارك في هذه التصريحات، إذ قال إن هدف تركيا في سوريا ليس هزيمة الأسد وإنما “مكافحة التنظيمات الإرهابية”[8].

لم يكن رد نظام الأسد الأول مرحّبًا بالتصريحات التركية، إذ بدأ على الفور بوضع شروط تعجيزية من أجل البدء بعملية التطبيع، مثل الانسحاب العسكري التركي من الشمال السوري وتسليمه لنظام الأسد، والتوقف عن دعم ما وصفها بـ”الجماعات الإرهابية”، واصفًا هذه الخطوات بأنها مقدمة طبيعية لعملية التطبيع وليست شروطًا من الأساس[9].

بعد ذلك لم يستمر المسؤولون الأتراك في هذا الزخم طويلًا، إذ بدؤوا بالتصريح بأن نظام الأسد لا يتجاوب بالشكل الكافي مع الدعوات التركية، وأن لقاء أردوغان والأسد ليس مطروحًا في الوقت الحالي[10]. وجاء ذلك بعد أن ظهرت أخبار حول وضع نظام الأسد شروطًا جديدة إلى جانب انسحاب تركيا من شمال سوريا وتسليم إدلب وبقية المناطق لجيشه، والتوقف عن دعم المعارضة السورية وإلغاء العقوبات المفروضة على نظام الأسد، مثل إغلاق القنوات السورية المعارضة التي تبث من تركيا[11].

خطوات فعلية، مرحلة ما قبل الانتخابات:

بعد البرود الذي استمر قرابة شهرين عادت التصريحات التركية للتلميح إلى إمكانية تطبيع العلاقات مع نظام الأسد، إذ عاد تشاووش أوغلو للتصريح بضرورة إقامة تفاهم بين المعارضة السورية ونظام الأسد[12]، ثم صرح الرئيس التركي أنه لا توجد عداوة دائمة في السياسة، ملمّحًا إلى إمكانية لقائه بشار الأسد في المدة المقبلة[13].

مما زاد من وتيرة الأخبار بهذا الخصوص كان تفجير جادة الاستقلال في إسطنبول، والذي دفع بتركيا لتنفيذ عملية جوية في شمال سوريا ضد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) والتنظيمات الإرهابية[14]، والتهديد بتنفيذ عملية عسكرية برية جديدة في المنطقة نفسها، واشترطت من أجل التخلي عن العملية البرية، بحسب ما نقلته بعض وسائل الإعلام، أن يسيطر نظام الأسد على مناطق (قسد) ويعيد مؤسساته إليها[15].

وقبل دخول عام 2023 شهدت عملية التطبيع مع نظام الأسد تطورًا ملحوظًا، إذ التقى وزير الدفاع ورئيس الاستخبارات التركيان نظيرَيهما من نظام الأسد في موسكو، وقالت وسائل الإعلام الرسمية التركية إن اللقاء ناقش سير الحل السياسي في سوريا وقضية عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم[16].

أعقب هذا الاجتماع تصريحات من وزير الخارجية التركي السابق، مولود تشاووش أوغلو، قال فيها إن عملية التطبيع مع نظام الأسد لن تكون رغمًا عن المعارضة السورية، وإنه سيجتمع مع نظيره في نظام الأسد في النصف الثاني من شهر يناير/كانون الثاني 2023[17]. إلا أن رد إعلام نظام الأسد جاء نافيًا لكلام الوزير التركي، إذ قالت وسائل إعلام نقلًا عن مصادر داخل نظام الأسد إنه لا توجد اجتماعات مجدولة لوزير الخارجية، وإن الأخبار المنتشرة عارية عن الصحة[18]؛ الأمر الذي يظهر عدم اهتمام نظام الأسد بعملية التطبيع مع تركيا وعدم أخذها على محمل الجد من الأساس.

ورغم ذلك، ومع زيادة هذا الزخم التركي الساعي للتطبيع مع نظام الأسد، بدأت إيران بمحاولة الدخول على خط عملية التطبيع، ودعت لأن تكون عملية رباعية بين تركيا ونظام الأسد وروسيا وإيران، وهو الأمر الذي حدث، إذ جرى الاتفاق على إقامة اجتماع رباعي على مستوى نواب وزراء الخارجية في منتصف شهر مارس/آذار 2023[19]. إلا أن إعلام نظام الأسد مرة أخرى شكّك في إمكانية عقد هذا الاجتماع في الموعد الذي تم تحديده، وكرر تأكيد مسؤولي نظام الأسد على الشروط التعجيزية المتعلقة بانسحاب تركيا من سوريا وتوقفها عن دعم المعارضة[20].

في ظل هذا التسارع، بدأت تكثر التصريحات داخل تركيا حول قرب عقد لقاء على مستوى القادة بين تركيا ونظام الأسد، خاصة بعد لقاء الرئيس التركي أردوغان والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في قطر، ومع اقتراب الانتخابات التركية التي كانت تشكل ضغطًا كبيرًا على الرئيس أردوغان وحزب العدالة والتنمية[21].

ومع استمرار هذه الخطوات المتسارعة في عملية التطبيع وقع الزلزال الكبير في 6 فبراير/شباط 2023، وتسبّب بوضع عملية التطبيع على الهامش لبعض الوقت والتركيز على عمليات الإنقاذ والإغاثة وإعادة الإعمار. كما جرى تأجيل الاجتماع المخطط على مستوى وزراء الخارجية إلى 10 مايو/أيار 2023، أي قبل الانتخابات التركية بأربعة أيام فقط[22].

ورغم نجاح المساعي بإقامة اجتماع على مستوى وزراء الخارجية بين تركيا ونظام الأسد، إلا أن وزير خارجية نظام الأسد المقداد عاد بعد أسبوعين من هذا الاجتماع وخرج بتصريحات يؤكد فيها تمسّك نظامه بشرط انسحاب تركيا من سوريا وتوقفها عن دعم المعارضة السورية، بشكل أوحى بأن العلاقة بين الطرفين لم تحقق أي تقدّم يذكر[23].

كانت التصريحات الإعلامية التركية المقرّبة من الحكومة حول هذه الفترة تشير إلى مماطلة نظام الأسد ومحاولته   تأجيل كل هذه الخطوات لما بعد الانتخابات التركية، وذلك بالإصرار على مطالبه بانسحاب تركيا من سوريا، والتي أكّدت تركيا على أن هذه الخطوة هي خطّ أحمر بالنسبة لها. وأشار البعض إلى أن نظام الأسد يماطل على أمل خسارة أردوغان وحزب العدالة والتنمية في الانتخابات، ومن ثم يتمكن من التعامل بشكل أسهل مع كلتشدار أوغلو الذي لم يُخفِ رغبته في إعادة العلاقات مع نظام الأسد[24].

مرحلة ما بعد الانتخابات:

نجح السيد رجب طيب أردوغان في الفوز بمدة رئاسية جديدة حتى عام 2028، كما نجح تحالف الجمهور بتحقيق أغلبية برلمانية مريحة. وأعلن أردوغان بعد ذلك عن تشكيلة وزارية جديدة ضمت رئيس الاستخبارات السابق، هاكان فيدان في منصب وزير الخارجية. وجاءت ردة فعل الإعلام التركي الموالي للحكومة مرحّبة بهذا الاسم، وأشارت عدة تقارير إلى أن مشاركة فيدان خلال سنواته في الاستخبارات في التواصل المستمر مع نظام الأسد تشير إلى أن عملية التطبيع ستكتسب زخمًا جديدًا بوجوده في وزارة الخارجية[25]. وأشار بعض الصحفيين الأتراك إلى أن نظام الأسد هو الذي يحتاج اللقاء مع أردوغان الآن بسبب سوء وضعه الداخلي، مشيرين إلى أن لقاء أردوغان والأسد قد يكون قريبًا، خصوصًا مع استعداد تركيا لاستقبال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في المدة المقبلة، الذي تشير عدة مصادر إلى ضغطه على نظام الأسد لإتمام هذه الخطوة[26].

لم تدم هذه التوقعات المتفائلة طويلًا، إذ خرج بشار الأسد في 9 أغسطس/آب 2023 في لقاء تلفزيوني على قناة سكاي نيوز العربية سخر فيه من فكرة اللقاء مع أردوغان، ووصف تركيا بأنها “دولة احتلال” وأنها “منبع الإرهاب”[27]؛ الأمر الذي لاقى ردة فعل غاضبة بين وسائل الإعلام التركية الموالية للحكومة[28]. وتصريحات بشار الأسد هذه لم تكن الأولى، بل هي استمرار لمهاجمة الأسد المتكررة لتركيا، والتي كان أبرزها في خطابه في قمة الجامعة العربية عندما وصف الوجود التركي في شمال سوريا بأنه “توسع عثماني مطعّم بنكهة إخوانية منحرفة”[29].

ورغم هذه التصريحات العدائية من بشار الأسد تجاه تركيا، ما زال المسؤولون الأتراك يحاولون التمسك بحبل الود مع نظامه، إذ خرج وزير الدفاع الجديد، ياشار غولر، في تصريحات جديدة قال فيها إن تركيا تريد السلام بصدق، ولكن مسألة الخروج التركي من سوريا لن تتم قبل أن تضمن تركيا أمن حدودها وشعبها، داعيًا بشار الأسد لاتخاذ موقف متفهّم عقلاني من المساعي التركية[30].

كما خرجت بعد ذلك وسائل إعلام تركية مقربة من الحكومة، وادّعت أن الرئيس التركي أردوغان أعطى تعليمات لحكومته وحزبه بإنشاء آلية ثلاثية بين الحكومة والبرلمان لتنفيذ خطة “نموذج حلب”، تقوم على إحياء الصناعة والإنتاج في مناطق الشمال السوري التي تسيطر عليها تركيا، وبناء مشاريع إسكان ضخمة بتمويل قطري، والتفاوض مع روسيا و نظام الأسد لإدخال مدينة حلب ضمن هذا النموذج من أجل تحفيز مئات آلاف اللاجئين السوريين الموجودين في تركيا للعودة إلى بلادهم مع توفر فرص عمل ومعيشة جيدة، بشكل يحقق الفائدة الاقتصادية لجميع الأطراف[31].

عاد مسؤولو نظام الأسد للإصرار على مواقفهم رغم التودد التركي المستمر، إذ خرج وزير دفاع نظام الأسد، علي محمود عباس، وقال إن شرط نظام الأسد للسلام هو انسحاب تركيا من الأراضي السورية وتوقفها عن دعم ما أسماه “التنظيمات الإرهابية”، واصفًا البدء بعملية السلام مع تركيا رغم وجودها العسكري على أراضي سوريا أمرًا مخالفًا للمنطق[32].

خاتمة:

على مدار سنة كاملة حاولت الحكومة التركية التأكيد على رغبتها بإعادة العلاقات مع نظام الأسد، وذلك عبر إطلاق تصريحات رسمية وتحريك الإعلام التركي لتسويق هذه العملية بشكل ملحوظ، وذلك بالتزامن مع تصاعد الضغط عليها مع اقتراب الانتخابات وسعيها لتصفير مشكلاتها مع دول المنطقة كما فعلت مع الإمارات والسعودية ومصر، إلا أن نظام الأسد واجه هذه المساعي بالمماطلة ووضع شروطًا على الحكومة التركية، وختمها مؤخرًا بالسخرية من هذه الفكرة وقطع جميع الحبال التي مُدّت له خلال السنة الماضية.

ورغم ذلك، ما تزال تركيا تسعى جاهدة للتمسّك بهذه العلاقة المتعثرة ذات الطرف الواحد، وذلك بالنظر إلى التصريحات الرسمية الصادرة حتى اللحظة، وإلى الخطط التي نشرها الإعلام التركي الموالي التي تتضمن التفاوض على وضع مدينة حلب، والتي يعد تنفيذها أمرًا شبه مستحيل في ظل الظروف الحالية من جهة سيطرة الروس على الملف السوري، والوجود الإيراني في حلب، وتراجع الاهتمام الغربي عموماً بالملف السوري، الأمر الذي يفقد مثل هذه الخطوة أي دعم تحتاجه تركيا في هذا الخصوص. لم تؤدِّ المساعي التركية في التطبيع مع نظام الأسد لأكثر من بضعة لقاءات روتينية على مستوى وزراء الدفاع والخارجية، ولا يبدو أن فكرة لقاء أردوغان والأسد ستحدث على المستوى المنظور خاصة بعد تصريحات الأخير العدائية، كما أن رغبة تركيا بالتعاون مع نظام الأسد في مكافحة (قسد) لم تلقَ ردًّا إيجابيًا، بل على العكس، زادت تصريحات قيادات (قسد) الداعمة للتعاون مع نظام الأسد في المدة الأخيرة.

قد تكون الحكومة التركية قامت بهذه الخطوات استجابة لضغوطات روسية خلال المدة الماضية مدفوعة بأزمة اقتصادية صعبة وانتخابات مصيرية، وفي الوقت نفسه، يبدو أنها نجحت في تحقيق بعض مصالحها مع روسيا في مجالات الاقتصاد والطاقة، وفي القضايا المتعلقة بالحرب في أوكرانيا مقابل مدها يد الصلح لنظام الأسد[33].

كما تجدر الإشارة إلى أن الحكومة التركية الجديدة بدأت بالتقارب مع الدول الغربية وأوروبا بشكل واضح، وذلك عبر السماح للسويد بالانضمام لحلف الناتو مقابل تقديم الدعم لملف عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي وزيادة التعاون بين تركيا وأمريكا والدول الأوروبية؛ الأمر الذي قد يؤثر على مسار تعامل تركيا مع القضية السورية في المدة المقبلة، ويجعلها تبطّئ من وتيرة سعيها للتطبيع مع نظام الأسد، أو يجعلها تتخذ منحىً مختلفًا عن الذي كانت تتخذه قبل الانتخابات أثناء تقاربها مع روسيا.

من الواضح أن أبرز العوامل المؤثرة على سير عملية التطبيع التركي مع نظام الأسد مرتبطة بشروط نظام الأسد من جهة، وبتقديم تنازلات تركية من جهة أخرى. بالنظر للعوامل المرتبطة بشروط نظام الأسد، فيبدو أن الأمر مرتبط بالضغوط الروسية وهي قد تتراجع في الفترة القادمة في ظل عدم تطور العلاقات التركية-الروسية بعد التقارب التركي مع الغرب.  أما بالنظر للتنازلات التركية، فلا يبدو أن الطرف التركي ينوي تقديم تنازلات للأسد خصوصًا بعد تخلّصه من ضغط الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وفي ظل تركيزه على إجراءات مكافحة “الهجرة غير الشرعية” وإعادة آلاف السوريين وفق هذه الإجراءات.

مع ذلك، قد نشهد في المستقبل لقاءات مكررة على مستوى الخارجية والدفاع والاستخبارات بين الطرفين بما يحقق مصالح تركيا خصوصًا مع اقتراب الانتخابات البلدية، وبما يحقق مصالح نظام الأسد بإعطاء أمل لحاضنته بإمكانية فك عزلته وتحسين الأوضاع الداخلية. ولكنها ستبقى مجرد لقاءات روتينية لن يتمخض عنها نتائج عملية في ظل عدم قدرة الطرفين على تقديم أيّ تنازلات للطرف الآخر.

جدول زمني يرصد أهم 20 تصريحًا من أصل ما يزيد عن 60 تصريحًا تم رصدهم:

  • 11 أغسطس 2022: تصريح لوزير الخارجية التركي تشاووش أوغلو حول ضرورة التصالح مع نظام الأسد
  • 23 أغسطس 2022: وزير خارجية نظام الأسد يصرح لأول مرة حول التطبيع مع تركيا ويقول إن انسحاب تركيا من شمال سوريا هو مقدمة أساسية لعملية التطبيع
  • 23 أغسطس 2022: وزير الخارجية التركي يؤكد بأن اللقاء مع الأسد غير مطروح حالياً، ويقول بأن نظام الأسد هو الذي يعيق الحل السياسي
  • 21 سبتمبر 2022: قناة بي بي سي التركية تجري لقاءً مع آخر سفير لنظام الأسد في تركيا، والذي قال إن شروط نظام الأسد لإعادة العلاقات مع تركيا هي الانسحاب التركي الكامل وتسليم إدلب لنظام الأسد وإلغاء العقوبات عليه وإيقاف الدعم المالي والاستخباراتي للمعارضة السورية.
  • 23 سبتمبر 2022: المتحدث باسم الرئاسة التركية يقول إنهم لا يخططون لإجراء حوار سياسي مع الأسد
  • 23 أكتوبر 2022: وزير الخارجية التركي يعود للتصريح بضرورة تفاهم المعارضة السورية مع نظام الأسد
  • 23 نوفمبر 2022: أردوغان ردًا على سؤال حول إمكانية لقائه ببشار الأسد: من الممكن أن يتم ذلك. لا يوجد في السياسة خصومات. يمكننا اتخاذ خطواتنا هذه عاجلًا أم آجلًا عند تحقق الظروف المناسبة.
  • 2 ديسمبر 2022: رويترز تنقل خبرًا عن رفض الأسد لقاء أردوغان ومقاومته للضغوط الروسية التي تدفعه لهذه الخطوة
  • 28 ديسمبر 2022: وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، ورئيس الاستخبارات التركية، هاكان فيدان، يلتقيان بوزيري الدفاع ورئيسي الاستخبارات من روسيا ونظام الأسد في موسكو لمناقشة الأزمة السورية، وأزمة اللجوء، والحرب المشتركة ضد التنظيمات الإرهابية في سوريا.
  • 5 يناير 2023: الرئيس أردوغان: بدأنا مرحلة جديدة بين تركيا وروسيا وسوريا. سيجتمع وزراء خارجيتنا، ثم بناءً على التطورات قد نجتمع على مستوى القادة.
  • 12 يناير 2023: نقل موقع ميدل إيست آي عن مصادر تركية أن المسؤولين الأتراك يضغطون لاستضافة اجتماع وزراء خارجية تركيا وروسيا ونظام الأسد في أنقرة، إلا أن نظام الأسد رفض هذه الفكرة وطلب عقد اللقاء في موسكو.
  • 13 مارس 2023: الإعلان عن مشاركة نائب وزير الخارجية التركي، بوراك أكتشابار، في اجتماع رباعي مع نظرائه من روسيا وإيران ونظام الأسد في موسكو يومي 15-16 مارس/آذار.
  • 14 مارس 2023: إعلام نظام الأسد يشكك في إمكانية عقد اجتماع نواب وزراء الخارجية في الموعد المعلن، ويكرر شروط نظام الأسد لإعادة العلاقات مع تركيا.
  • 14 أبريل 2023: وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، في حوار تلفزيوني: نؤكّد على ضرورة الانخراط بالعمل مع نظام الأسد لضمان عودة آمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم.
  • نظام الأسد منذ البداية يطالب تركيا بالانسحاب من الأراضي السورية، لكننا لن نقبل أي شروط مسبقة في محادثات من هذا النوع، في ظل استمرار سيطرة تنظيم “PKK/ YPG” على شمال شرقي سوريا.
  • (بشأن الموقف الأمريكي من المحادثات مع نظام الأسد): الولايات المتحدة لم يعجبها ذلك، لكن تركيا ستتحرك انطلاقًا من مصالحها ومصلحة المنطقة.
  • 10 مايو 2023: وزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران و”سوريا” يقررون وضع خارطة طريق لتطوير العلاقات بين تركيا و”سوريا”. أكد وزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران و”سوريا” في اجتماعهم على تسهيل عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم بشكل طوعي وكريم وآمن. اتفق وزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران و”سوريا” في اجتماعهم على استمرار الاجتماعات في هذه الصيغة الرباعية بعد النظر إلى الجو الإيجابي والبنّاء الذي تم فيه اجتماع اليوم في موسكو.
  • 19 مايو 2023: الرئيس أردوغان ردًا على طلب بشار الأسد انسحاب الجيش التركي من الأراضي السورية: ليس عندنا تفكير بهذا الأمر حاليًا، لأن خطر الإرهاب ما زال مستمرًا.
  • 23 مايو 2023: وزير خارجية نظام الأسد يجدد تمسكه بشرط انسحاب تركيا من سوريا من أجل البدء بعملية التطبيع.
  • 17 يوليو 2023: الرئيس أردوغان: لم نغلق الباب أمام نظام الأسد، لكنه يتقدم بطلبات غير مقبولة مثل انسحاب تركيا من سوريا، بينما لا يطلب الشيء نفسه من الدول الأخرى. من الممكن أن نتحدث معه إذا تقدم بطلبات عادلة أكثر من هذه. نحن في شمال سوريا نحارب الإرهاب. من غير المقبول طلب انسحابنا من هناك بهذا الشكل.
  • 7 أغسطس 2023: الصحفي المقرب من الحكومة، عبدالقادر سلفي: سيكون لقاء أردوغان والأسد نقطة مهمة في هذه المرحلة. جزء كبير من السوريين في تركيا هم من حلب، لذا يجب ضمان أمنهم وسلامتهم عندما يعودون إليها، وهذا يجب أن يكون بتعاون الجيشين التركي والسوري، لأنه لا يمكن ضمان أمنهم بتسليمهم لنظام الأسد والتنظيمات الإرهابية وحسب. نظام الأسد يشترط انسحاب تركيا من سوريا، لكن هذا خط أحمر بالنسبة لنا. هذه تكون آخر خطوة في العملية كلها. سيزور بوتين تركيا قريبًا، وسيكون الموضوع السوري مطروحًا في النقاش. كان من المخطط لقاء أردوغان والأسد قبل الانتخابات، لكن لم يحدث، ربما بسبب ظن نظام الأسد أن كلتشدار أوغلو يمكن أن يفوز. الآن الأسد هو أكثر من يحتاج اللقاء مع أردوغان.
  • 9 أغسطس 2023: بشار الأسد لقناة سكاي نيوز عربية: لن يتم اللقاء مع أردوغان تحت شروطه. هدف أردوغان من الجلوس معي هو شرعنة وجود “الاحتلال التركي” في سوريا.
  • 12 أغسطس 2023: وزير الدفاع التركي الجديد يعود للتأكيد على عدم تفكير تركيا بالانسحاب من سوريا حاليًا، ويدعو بشار الأسد لتفهم الموقف التركي.
  • 13 أغسطس 2023: صحيفة صباح الموالية للحكومة تنشر تفاصيل خطة “نموذج حلب” التي تتضمن إحياء الصناعة في شمال سوريا، ومفاوضة روسيا ونظام الأسد من أجل إدخال مدينة حلب في هذه الخطة بهدف تحفيز اللاجئين السوريين على العودة.
  • 15 أغسطس 2023: وزير دفاع نظام الأسد يعود للتأكيد على شرط انسحاب تركيا من الأراضي السورية مقابل البدء بعملية السلام.

[1]  اتخذت تركيا موقفًا إيجابيًا من ثورات الربيع العربي عند انطلاقتها، وبعد بداية الثورة في سوريا دعت الحكومة التركية نظام الأسد للإصلاح قبل أن تتدهور الأوضاع، وزار وزير الخارجية آنذاك، أحمد داوود أوغلو، دمشق عدة مرات خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الثورة لحث نظام الأسد على تطبيق الإصلاح في سوريا وعدم قمع المتظاهرين، إلا أن طلباته هذه قوبلت بالرفض، ما دفع الحكومة التركية لاتخاذ موقف صريح في دعم الثورة السورية بعد ذلك.
[2]  صرح الرئيس التركي أردوغان بعد لقائه ببوتين وقبل أسبوع من تصريحات وزير الخارجية تشاووش أوغلو بأن روسيا عرضت على تركيا التعاون مع نظام الأسد لحل الأزمة السورية. وجاء ذلك بالتزامن مع تهديد تركيا بتنفيذ عملية عسكرية جديدة شمال سوريا مقابل رفض روسي لهذه الفكرة.
“إردوغان: بوتين طلب مني التعاون مع نظام الأسد”، الشرق الأوسط، 6/8/2022: https://2u.pw/BevjreH
[3]  “مظاهرات شمالي سوريا رفضًا لـ”المصالحة” مع النظام”، عنب بلدي، 12/8/2022: https://2u.pw/5TCUWHO
[4]  “تشاووش أوغلو يكشف عن محادثة قصيرة أجراها مع وزير خارجية سوريا”، الأناضول، 11/8/2022:  https://2u.pw/Qt78v
[5]  “مظاهرات في شمال سوريا ترفض المصالحة مع النظام وتركيا تصدر بيانًا يوضح سياستها لحل النزاع”، الجزيرة، 12/8/2022: https://2u.pw/FyfAE
[6] المرجع السابق.
[7]  “بهتشلي: الخطوات المتخذة في القضية السورية قيّمة وصائبة”
, Gazete Duvar, 15/8/2022: https://2u.pw/3P4Vupx  “Bahçeli: Suriye konusunda atılan adımlar değerli ve isabetli”
[8]  “أردوغان: هدفنا ليس هزيمة بشار الأسد بل التوصل إلى حل سياسي لإنهاء الأزمة”، ديلي صباح، 19/8/2022: https://2u.pw/1bE7I5d
[9]  “لا شروط.. المقداد يحدد ثلاثة مطالب لعودة العلاقة مع تركيا”، عنب بلدي، 23/8/2022: https://2u.pw/b7PPX90
[10]  “الرئاسة التركية: لا خطط للاتصال الدبلوماسي مع دمشق”، تلفزيون سوريا، 23/9/2022: https://2u.pw/cajIHAn
[11]  “آخر سفير لسوريا في أنقرة: دمشق تنتظر من تركيا خطوات ملموسة”
“Suriye’nin son Ankara Büyükelçisi: Şam, Türkiye’den somut bir adım bekliyor”, BBC Türkçe, 21/9/2022: https://2u.pw/TWUhPJ5
[12]  “وزير الخارجية التركي: لا يمكن تحقيق الاستقرار في سوريا دون المصالحة بين الحكومة والمعارضة”، سبوتنيك العربية، 11/10/2022: https://2u.pw/Q1C7IUr
[13]  “أردوغان: لا خصومة دائمة في السياسة”، الأناضول، 23/11/2022: https://2u.pw/zyeOzoe
[14]  “تركيا تطلق عملية «المخلب – السيف» ضد «قسد» و«الكردستاني» في شمالي سوريا والعراق”، الشرق الأوسط، 20/11/2022: https://2u.pw/3AfKQjq
[15]  ” تركيا تشترط للتراجع عن عملية برية شمالي سوريا وموسكو تسعى لاحتواء الموقف”، الجزيرة، 29/11/2022: https://2u.pw/Ew9ou1P
[16] ” للمرة الأولى.. محادثات في موسكو بين وزراء دفاع ورؤساء استخبارات روسيا وتركيا وسوريا”، الجزيرة، 28/12/2022: https://2u.pw/zA0FeFG
[17]  “وزير الخارجية التركي: لا تطبيع ولا اجتماع مع النظام السوري رغما عن المعارضة السورية”، الجزيرة، 3/1/2023: https://2u.pw/KCb6Cl
[18]  “صحيفة سورية: موعد لقاء وزيري خارجية سوريا وتركيا لم يتحدّد بعد”، الميادين، 10/1/2023: https://2u.pw/laVg4NZ
[19]  “تشاووش أوغلو: اجتماع رباعي في موسكو لمناقشة الملف السوري”، الأناضول، 8/3/2023: https://2u.pw/X70Pzs6
[20] “اجتماع موسكو الرباعي: النظام السوري يرفع سقف مطالبه من تركيا”، العربي الجديد، 14/3/2023: https://2u.pw/u2ISBOE
[21]  ” أردوغان: هدفنا أن تصبح تركيا قوة عالمية”، الأناضول، 1/2/2023: https://2u.pw/W1N8Myz
[22] “تشاووش أوغلو يتوجه إلى موسكو لحضور الاجتماع الرباعي حول سوريا”، الأناضول، 9/5/2023: https://2u.pw/xCN2DQM
[23]  “المقداد: دمشق لن تطبع العلاقات مع تركيا ما لم تخرج من الأراضي السورية”، روداو، 23/5/2023: https://2u.pw/RRHDpYR
[24]  مقال للصحفي المقرب من الحكومة التركية، عبدالقادر سيلفي، أشار فيه إلى أن نظام الأسد حاول المماطلة في عملية التطبيع مع تركيا على أمل فوز كلتشدار أوغلو في الانتخابات، وقال إن نظام الأسد الآن هو الذي يحتاج العلاقة مع تركيا لا العكس.
” Hedef 1 milyon Suriyeliyi geri göndermek”, Hürriyet, 7/8/2023: https://2u.pw/QyrOSqh
[25]  “الدبلوماسية ستحل العقدة السورية”
” Suriye düğümünü diplomasi çözecek”, Yeni Şafak, 10/6/2023: https://2u.pw/Ra0U9Tb
[26] المرجع رقم 16.
[27]  “قراءات في أهمّ رسائل الخطاب الأخير لبشار الأسد وانعكاساته”، مركز الحوار السوري، 20/8/2023: https://2u.pw/ZWY3P9w
[28]  ” “طاغية وقح”.. تصريحات الأسد بين صحف الموالاة والمعارضة التركية”، أورينت، 10/8/2023: https://2u.pw/gnb2SiI
[29]  “نص كلمة الرئيس السوري بشار الأسد أمام القمة العربية في جدة 2023″، القاهرة 24، 19/5/2023: https://2u.pw/CbOCxCy
[30]  ” غولر: صياغة دستور جديد واعتماده أهم مرحلة لإحلال السلام في سوريا”، ديلي صباح، 13/8/2023: https://2u.pw/6bf0WcF
[31]  “الرئيس أردوغان أعطى تعليماته: نموذج حلب للاجئين”
“Başkan Erdoğan talimat verdi: Sığınmacılara Halep modeli”, Sabah, 13/8/2023: https://2u.pw/H1seh2G
[32]  “وزير الدفاع السوري لـRT: روسيا كان لها دور هام في انتصارنا وعلى تركيا الانسحاب من سوريا”، روسيا اليوم، 15/8/2023: https://2u.pw/nwMkdYk
[33]  من الأمثلة على ذلك توقيع عدد من الاتفاقيات بين تركيا وروسيا حول تأجيل تركيا دفعات الغاز الطبيعي، وتشغيل تركيا لأول مفاعل نووي بالتعاون مع روسيا، وتمديد اتفاقية توريد الحبوب:
” تركيا تؤجل دفع مستحقات غاز لروسيا”، العربي الجديد، 4/5/2023: https://2u.pw/Zkjyt4x
” تركيا تدخل نادي الدول النووية وتستقبل أول حزمة وقود لمفاعل أكويو”، الطاقة، 27/4/2023: https://2u.pw/UckQR9W
” روسيا وأوكرانيا: تركيا تمدد اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية أربعة أشهر جديدة”، BBC العربية، 18/3/2023: https://2u.pw/L4wK1tF

بكالوريوس في قسم الفلك وعلوم الفضاء من جامعة أنقرة، مهتم بالشأن التركي وعلاقته بقضايا اللاجئين السوريين، ونشر وشارك في إعداد عدد من التقارير والمقالات حول هذا الموضوع ضمن الوحدة المجتمعية في مركز الحوار السوري

مديرة الوحدة المجتعية في مركز الحوار السوري، بكالوريوس في الهندسة من جامعة دمشق، دبلوم في التخطيط العمراني وإعادة الإعمار المستدام، عملت في مجال الإعلام المكتوب والمسموع لعدة سنوات، نشرت العديد من الأوراق والتقارير البحثية في مواضيع سياسية واجتماعية، وخاصة ما يتعلق بأوضاع اللاجئين وقضايا المرأة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى