الورقة البحثية “استثمار إيران في جماعات الغلوّ والتطرّف”
ملخص:
لا يخفى على أحد تعقُّدُ المشهد في القضية السورية، وخفاءُ أجزاء من لوحة العلاقات بين الفاعلين والمؤثّرين فيها؛ ومن ذلك امتداداتُ شبكة إيران التي تدفع بأذرعها الصلبة والناعمة في مختلف مفاصل القضية السورية لتحقيق أهدافها سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وثقافياً.
ومما يشترك مع النشاط الإيراني في الخفاء والتعقيد ما له صلة بتنظيمات الغُلاة والتطرُّف التي كان لها أثرٌ كبيرٌ في إفساد الثورة السورية وتضييع مكتسباتها.
وقد جمعتِ الطرفَين “الإيراني والغلاة المتطرفين” قواسمُ مشتركةٌ عدةٌ؛ لكنّ الحديث فيها يأتي غالباً من طرفٍ على شكل اتهامات تفتقد الأدلة، فيدفعها طرفٌ آخر بدعوى المؤامرة والافتراء.
وضمن جهود مركز الحوار السوري في تحليل مواقف الفاعلين والمؤثّرين في الساحة السورية؛ تأتي هذه الدراسة مشاركةً في دراسة العلاقة غير المعلنة بين إيران وتنظيمات الغلاة المتطرفين، تحت عنوان “استثمار إيران في جماعات الغلوّ والتطرّف”؛ لأنها علاقة استثمار خفيّة بُنيت على مصالح متبادلة، وإن كانت إيران فيها المستفيد الأكبر؛ فهي منذ جمعتْ في التسعينيات بين “مُغنيّة” من حزب الله و”سليماني” من فيلق القدس مع “بن لادن” و”الظواهري” تنهش بمِخلب الغُلاة حواضر العرب السّنّة وتستنزف رموزهم، وتستمرّ إلى اليوم بالاستثمار مع الغُلاة المتطرّفين لتُفرغ المنطقة عامةً من الثقل الفكري والاجتماعي لصالح مشروعها الفارسي التوسعي.
وقد جاءت الدراسة في إصدارَين: يستقلّ الإصدار الأول منهما ببيان مفهوم الاستثمار الإيراني مع التنظيمات المتطرفة بشواهد حيّة مما بين الطرفَين، ثم بيان ألوان ذلك الاستثمار من دعم إيران تنظيمات الغلاة والتطرف بالتدريب وبالتمويل، وبالسلاح، وبالتقنيات العسكرية والمعلومات، وكذلك دعم الطرفين بعضهما على الصعيد الميداني ضد خصومهما؛ وهي قرائن دالّة على العلاقة التي جمعت إيران بتلك التنظيمات. ويبحث الإصدار الثاني في العلاقة المعقدة لأدوات إيران في المنطقة مع تلك الجماعات من العراق إلى سوريا ولبنان. وبالنظر إلى أن العلاقة بين الطرفَين لم تبدأ مع الثورة السورية؛ فإننا نوسّع دائرة النظر في الخارطة الجغرافية لفهم أبعاد العلاقة الاستثمارية بينهم، فننظر إلى الطرفَين نظرة شاملة موحدة، مع شرح أدلة الاستثمار المتبادل الذي لا تخرج عنه أدوات إيران ولا جماعات الغلو والتطرف في العراق وسورية ولبنان وغيرها.
لتخلص الدراسة إلى بيان اعتماد كلا الطرفَين (إيران وجماعات الغلو والتطرف) براغماتية نفعية عالية جعلوا معها ما يعلنون من شعارات ومبادئ وراء ظهورهم في سبيل تحقيق تقاطعات أهدافِهم.
ولتنتهي بجملة توصيات بعد دراسة الاستثمار الإيراني في جماعات الغلو والتطرف؛ لأن علاقة إيران مستمرة مع تلك التنظيمات في ضرب الاستقرار وتخريب مشاريع التحوُّل في الدول العربية والإسلامية، فيلزم الاستفادة مما كُشف عنه توفيراً لدماء وجهود جديدة.
المقدمة:
ضَربت الساحةَ السوريةَ حوادثُ غيّرت مسار الثورة فيها؛ لعل أبرزها كان تدخُّل إيران إلى جانب نظام الأسد بأذرعها الخارجية والميليشيات الموالية لها، والأشدّ من ذلك كان ظهور تنظيمات الغُلوّ والتطرُّف[1] كـ “جبهة النصرة” ثم “داعش” وما رافقه من متغيرات ميدانية وفكرية على الساحة السورية وفي مواقف الدول من الثورة.
ويرى كثيرون أن الربط بين تنظيمات الغلو والتطرف وإيران في الساحة السورية ضربٌ من المجازفة والغلوّ في نظرية المؤامرة؛ فعلى قَدْر التوافق المبكر بين قوى الثورة والمعارضة السورية ضد التغلغل الإيراني يمكن رصد تبايُن تجاه الموقف من الغُلاة المتطرفين؛ لاسيما في المراحل الأولى من عُمر الثورة السورية، بل إن التردّد إزاء مواجهتهم مبكراً تسبَّب بخسائر كبيرة في صفوف قوى الثورة والمعارضة، وفي خسارتها كذلك مساحات واسعة من المناطق. ولكنّ مواقفَ تاليةً من الغلاة المتطرفين – الذين وصلت بهم البراغماتية النفعية للانقلاب على ما أراقوا من دماء وخرّبوا مشاريع وطنية بحجَّتها – جعلتْ شريحة واسعة تُعيد النظر في طبيعة هذه التنظيمات وبُنيتها الفكرية من جهة، وفي طريق بنائها تحالفاتها وعملها الميداني من جهة أخرى.
لذا جاءت هذه الدراسة الوصفية التحليلية مشاركة في كشف العلاقة غير المعلنة لإيران بتنظيمات الغلاة المتطرفين، وللدقة في الدراسة والتحليل جُعلت بعنوان: “استثمار إيران في جماعات الغلو والتطرف”؛ فهي علاقة استثمار خفيّة بُنيت على مصالح متبادلة، وإن كانت إيران المستفيد الأكبر من هذا الاستثمار.
وقد سبق لمركز الحوار السوري إصدار دراسات وتقارير تحليلية عن إيران ومشروعها في سوريا وما يرتبط بحراك إيران في المنطقة وعلاقاتها؛ بدأت بسلسلة عن القوى الصلبة لإيران في سوريا[2]، ثم كانت سلسلة إصدارات للمركز تكشف القوى الناعمة لإيران في سوريا[3]، وبعد ذلك جاء تقريران تحليليان يكشفان العلاقة الخفية المعقدة لإيران مع الولايات المتحدة و ”اسرائيل”[4]؛ لتأتي هذه الدراسة تتميماً لِـمَا سبق من دراسات وتقارير، بما يعين على استيعاب أفضل للمخططات الإيرانية في الساحة السورية والمنطقة عموماً.
والبحث في مثل هذه العلاقة الخفيّة لا يمكن أن يكتفي بما نُشِر واشتهر؛ وإلا جاء كلاماً لا يُبنى عليه، فاتجهنا في الدراسة للتنقيب في آثار تنظيمات الغلو والتطرف ذاتها، وفيما نُشر من وثائق وشهادات لعناصر منها، كما في وثائق زعيم القاعدة التي كُشف عن جزء منها في وثائق “آبوت آباد”، وفيما كتبه مؤرّخون ودارسون في مراكز البحث أو مراكز المعلومات والاستخبارات العربية والعالمية عن هذه التنظيمات؛ وللأهمية الخاصة لما وقفنا عليه أثبتنا كثيراً منها في المتن دون الهامش.
وستكون هذه الدراسة في إصدارَين؛ يستقلّ الإصدار الأول منهما – وهو الإصدار الذي بين أيديكم هنا – ببيان مفهوم الاستثمار الإيراني مع التنظيمات المتطرفة بشواهد حيّة مما بين الطرفَين، ثم بيان ألوان ذلك الاستثمار من دعم إيران تنظيمات الغلاة والتطرف بالتدريب وبالتمويل، وبالسلاح، وبالتقنيات العسكرية والمعلومات، وكذلك دعم الطرفين بعضهما على الصعيد الميداني ضد خصومهما؛ وهي قرائن دالّة على العلاقة التي جمعت إيران بتلك التنظيمات.
تنظيمات الغُلاة بين الاختراق والاستثمار …. تخدم إيران:
صحيحٌ أن السؤال عمّن يقف خلف نشوء تنظيم “داعش” ونحوه قد يبدو عقيماً كونها نتاجَ جملةٍ معقدةٍ من العوامل المحلية والدولية[5]؛ غير أن ما لا يُخالَف فيه سعيُ الدول بأجهزتها الاستخباراتية ومختلف قواها لاختراق التنظيم[6]، في محاولةٍ منها لإنجاح الاستثمار فيه ليحقق لها أهدافها؛ وهذا هو مفهوم القوة الذكية التي تسارع الدول لامتلاكه[7]. وإن كانت تنظيمات “الجهاد العالمي” بدءاً بتنظيم القاعدة انطلقت بجهاز أمني استخباراتي استفادت فيه من عناصر عملوا سابقاً في أجهزة الأمن والاستخبارات الخاصة بدولهم، وأصبحت الاستخبارات من الركائز الأساسية لهذه التنظيمات كون الحروب استخباراتية ومعلوماتية[8]؛ فإن الدول تبقى أشد حنكةً في استعمالها قواها الذكية لاختراق تلك التنظيمات.
وليس الحديث في هذه الورقة عن الاختراق “الإسرائيلي” الموثَّق لـ “داعش” و”جبهة النصرة” في سورية والعراق[9]، ولا عن التعاون الأمريكي معها والدعم الخفيّ لتنظيمات الغلاة من بعض الدول بأمر أمريكي[10] بما يكشف زيف التحالف الدولي في أهدافه من الحرب على “داعش”[11]؛ بل الحديث في هذه الورقة عن إيران التي تقوم على نظام أمني استخباراتي صاحب أيديولوجيا توسعية طائفية[12]، وتمتلك عناصر كبيرة من القوة الذكية[13] تساعدها على تحقيق اختراق تلك التنظيمات لصالحها؛ فقد كشفت وثائق مسربة من أرشيف الاستخبارات الإيرانية نشرها موقع “إنترسبت” الأمريكي الشهير[14] عن تمكّن إيران من اختراق تنظيم “داعش” منذ 2014، ولم يكن الاختراق على مستوى العناصر العاملين، بل وصلت إلى أصغر حلقة حول زعيم “داعش” آنذاك (أبو بكر البغدادي)؛ إذ حوت إحدى الوثائق تفاصيل اجتماع “المجلس المركزي للخلافة” برئاسة البغدادي في ديسمبر 2014، وما دار في الاجتماع من مناقشة هجوم “داعش” على القوات العراقية بداية 2015[15]. وهذا خلاف ما ذكره شرعيّ تنظيم القاعدة عطية الله الليبي في حديثه عن الاختراق إذ قال: “الاختراق -أخي الكريم- محتمل وجوده لأي تنظيم أو دولة، لكن النقطة الفارقة هي: على أي مستوى حصل الاختراق؟ فالمشكلة الكبيرة هي أن يتمكّن العدو من اختراقك على مستوى القيادة”، وأكمل الليبي: “وأمّا السؤال عن دولة العراق الإسلامية بخصوصها فاعتقادي أنها إن شاء الله في أيدٍ أمينةٍ موثوقةٍ”[16]. هذا؛ وتنظيمُ “داعش” من بين تنظيمات الغُلاة هو أقواها في النظام الاستخباراتي والأمني؛ لأنه نشأ وتميّز نظامه الأمني بجهود قادة بعثيين كانوا في جيش الرئيس العراقي صدّام حسن، كما كشفت تقارير دولية ووثائق عُثر عليها لقائد من “داعش” حين مقتله[17]؛ فلابد أن الاختراق في صفوف غيره من تنظيمات الغلو والتطرف حاصلٌ، وربما أكبر، ولعل ما تشهده الساحة على امتداد خارطة عمل هذه التنظيمات من حالات إعدام في صفوفها والعاملين معها بتهمة التجسس والخيانة بين سورية[18] والعراق[19] والصومال[20] واليمن[21] وليبيا[22] وسيناء[23] تشهد لذلك، وإن كان يغلب أنها لا تُعلن عن كامل حالات الاعتقال بهذه التُّهم؛ لأن عمليات التحقيق مع قيادات منها والقتل تتم في سجونها السرية كما كشف القيادي المنشق أبو صفية اليمني[24]، وما جاء في اعترافات نائب البغدادي “قرداش” عند اعتقاله أن البغدادي أعدم عدداً من قيادات التنظيم والشرعيين بفتوى المقرّبين منه[25].
ولم تكن إيران الدولة الوحيدة التي تعمل على اختراق تنظيمات “داعش” والقاعدة وغيرهما؛ بل استهدفت مختلف أجهزة الاستخبارات العربية والغربية تلك الجماعات لتحقيق اختراقات داخلها، بهدف تغيير مساراتها والحصول على معلومات من داخلها، وجهود هذه الدول جعلت من تنظيمات الغُلاة قابلة للتوظيف، وغدت لاعباً مهماً في تنفيذ أجندات الدول والجماعات المختلفة لتحقيق مآربها[26]؛ وهذا هو المراد بالاستثمار فيها، لذا كان جواب “علي مملوك” مدير أمن الدولة في سوريا سابقاً للأمريكيين عند حديثه عن تسهيلات مخابرات الأسد لعناصر القاعدة ذهابهم إلى العراق وتجنيدهم أنْ قال: “نحن لدينا الكثير من الخبرة والمعرفة بهذه المجموعات؛ لا نهاجمهم ولا نقتلهم .. نحن نتداخل بهم، وفقط في اللحظة المناسبة نتحرك”، وقال: “إن هذه الطريقة أثمرت إعاقة أهداف الإرهابيين وتفكيك خلايا الإرهاب”[27].
القاعدة و” أخواتها” …. وبدء العلاقة المحرَّمة:
شهدت الساحة الأفغانية ولادة تنظيم القاعدة بزعامة أسامة بن لادن، وأطلقت في شعاراتها وأدبياتها “عالمية الجهاد” بعد ما عدّته فشلاً في تجارب النضال والمقاومة الوطنية[28]؛ تلك العالمية العابرة للحدود التي وجدنا لها صدى مع شعار “داعش” العابر للحدود كذلك “باقية وتتمدّد”[29]، وكانت “داعش” و”جبهة النصرة” قد خرجتا من رَحِم تنظيم القاعدة في العراق الذي أسّسه الزرقاوي بعد الغزو الأمريكي عام 2003[30]؛ لذا لم يخرج خلاف “داعش” مع “جبهة النصرة” في البداية وغيرها من نِتاج القاعدة عن اختلاف أفراد البيت الواحد على قيادة “العائلة الجهادية” والتنازع على الميراث “الجهادي”، فتهدأ المشاكل مع طرف لتشتعل مع طرف آخر من “الأسرة” ذاتها، كما رأينا في الخلاف الأخير للجولاني مع أقرب الناس إليه، فهم “الأخوة الأعداء”[31]؛ لذا تنظر هذه الورقة إلى تنظيمات الغُلو والتطرّف كونها طرفاً واحداً في موضوع استثمار إيران نفوذها فيها، لاسيما وأن علاقة الغُلاة المتطرفين مع إيران مثّلت منذ عهد الزرقاوي و”قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين” واحدةً من القضايا الخلافية بين قاعدة العراق وقيادة التنظيم[32].
ولذا جرت هذه الورقة على عرض استثمار إيران في التنظيمات المتطرفة على حدّ سواء؛ وفيما يتم عرضه دليل على اتحاد القاعدة و “أخواتها”[33] في العلاقة ذاتها تضيق أو تتسع.
ترتبط إيران بأفغانستان -حيث نشأ تنظيم القاعدة خلال الجهاد الأفغاني[34]– بحدود جغرافية طويلة، ولها علاقات معقدة ونفوذ كبير داخل أفغانستان، لكنّ الفترة الزمنية التي شهدت ولادة تنظيم القاعدة كانت علاقة طهران بكابل سيئة، وكادت تقع حرب بين البلدَين إبّان حكم طالبان[35]، والذي يعنينا هنا أن تنظيم القاعدة كان سبباً من أسباب توتر علاقة طالبان مع إيران؛ فالقاعدة لم تنضبط بتعاليم إمارة طالبان، وشكّلت ما يشبه دولة داخل الدولة الوليدة، وعبثوا بمصير إمارة طالبان آنذاك[36]، مستغلين تعاطفها معهم[37]. وحينما توجهت الإمارة لتخفيف التوتر مع إيران رفض تنظيم القاعدة إقامة أية علاقة للإمارة معها؛ بل أعلن أحد قادتها الحرب على إيران[38]، فكانت إيران من أكبر الأعوان على إسقاط إمارة طالبان وأكثرهم فرحاً بسقوطها[39].
1- التعارف والتقارب:
كشفت وثائق زعيم القاعدة أسامة بن لادن -التي عُثر عليها في آبوت آباد[40] عند مقتله ونشرها مركز مكافحة الإرهاب في ويست بوينت[41]– أن القاعدة كانت تعي حقيقة موقف إيران من طالبان وعداوتها؛ لكنّ تنظيم القاعدة ومع معارضته تهدئة إمارة طالبان الناشئة وقتذاك مع إيران وتشهيره بها بدأ اتصالات سرية مع إيران، ومما كُشف من ذلك زياراتٌ سريةٌ للظواهري إلى إيران بين عامَي 1990 و1991 للاستفادة من إيران في تدريب عناصر “تنظيم الجهاد” المصري على تنفيذ انقلاب في مصر والإطاحة بحكم حسني مبارك، بسبب إعجاب الظواهري بنموذج الثورة الإيرانية وإطاحتها بالشاه، وإعجاب الطرف الإيراني بالجهاديين المصريين وفرحها لنجاحهم باغتيال السادات وقتذاك[42]؛ ولعل هذا الإعجاب المتبادل هو ما ساعدَ في بدء علاقة إيران مع الظواهري ودعمه بمليونَي دولار في تلك الزيارات السرية، كما ذكر لورانس رايت بناءً على اعترافات عناصر من القاعدة[43].
وقد يُقال: كانت صلات الظواهري هذه بإيران قبل اندماج “تنظيم الجهاد” المصري بقيادة الظواهري مع بن لادن وتأسيس القاعدة عام 1998[44]، وهذا صحيح؛ لكنّه لا يغيّر من دعم إيران لجماعات الغلوّ والتطرّف –وهذا هو موضوعنا هنا – سواءٌ أكان “تنظيم الجهاد” المصري بقيادة الظواهري أم كان تنظيم قاعدة الجهاد بقيادة بن لادن من جهة، ومن جهة أخرى فإن الارتباط الأيديولوجي الوثيق والتأثير المتبادل بين الزعيمَين “الظواهري وبن لادن” كان قبل ذلك بنحو عقد من الزمن؛ لاسيما وأن تأثير الظواهري في بن لادن كان بزيادة العنف والجنوح أكثر نحو الغلوّ والتطرّف، كما يقرّ بذلك حتى المقرّبون من القاعدة[45]. ويؤكد بدءَ التعارف والتقارب بين الإيرانيين والمتطرفين الغلاة في هذه المدة الحلقةُ الثانيةُ لهذا التواصل التي كانت في السودان، وذلك بلقاء بن لادن وقادة القاعدة مع قيادات عسكرية من فيلق القدس الإيراني وحزب الله اللبناني، وما أثمر عنه ذلك من اتفاقيات التدريب والتعاون بين الطرفين[46].
وكذلك فإن صحيفة واشنطن بوست كشفت – عن خبراء الإرهاب الأمريكيين – نتيجة تحليل المكالمات الهاتفية التي أجراها بن لادن عبر الأقمار الصناعية بين عامَي 1996 و1998 وأظهرت أن أكثر من 10% من اتصالات بن لادن تمت إلى إيران[47]؛ مما يؤكد أن الاتصالات مع إيران كانت مستمرة خلال تلك الفترة. وقد حدّدت وزارة الخزانة الأمريكية في وثيقة نشرتها “مصطفى حامد”، الذي كان أحد كبار مساعدي بن لادن، على أنه كان ضابط اتصال بين بن لادن والحكومة الإيرانية منذ منتصف التسعينات[48].
2- “زواج المصلحة” … والإقامة:
وبعد اللقاءات السرية بما يشبه “التعارف والتقارب” انقلبت القاعدة إلى ما يشبه “التحالف” مع إيران بعد أحداث 11 أيلول 2001 والغزو الأمريكي لأفغانستان؛ إذ لجأ عدد من قيادات القاعدة وعوائلهم إلى إيران للإقامة بعد الغزو؛ ما مثّل صفقة جديدة رابحة لإيران للاستثمار فيها بعد مساعدتها التحالف الأمريكي على إسقاط طالبان، وقد أحسنت إيران الاستثمار في ذلك من عدة جهات؛ فالقاعدة كسرت نبرة خطابها الهجومي التحريضي ضد إيران، ثم ضغطت إيران بمَن صاروا عندها فكسبت تعميماً من القاعدة لكافة عناصرها بعدم استهداف إيران ومصالحها داخل إيران وخارجها.
ومن بين وثائق آبوت آباد وثيقة كتبها أحد قادة القاعدة نشرتها مجلة لونج وور جورنال[49]، والنظر في الرسالة يبيّن أنها مكتوبة للدفاع عن العلاقة المحرَّمة” للقاعدة مع إيران، والعنوان يدل على ذلك[50]، فاستغرق كاتبها المقيم مع قادة آخرين من القاعدة في إيران 19 صفحة للحديث عن لجوئهم للإقامة فيها، لكنه يقف في تبريراته عند الفوضى الكبيرة والارتباك والتشتت التي حصلت مع انهيار الإمارة الإسلامية في أفغانستان، وتوزّع عناصر القاعدة بين البقاء للقتال حتى الشهادة في أفغانستان، واللجوء إلى باكستان، واللجوء إلى إيران حيث استقبلتهم الاستخبارات الإيرانية وعاملوهم معاملة طيبة لأنهم “كانوا ينظرون إليهم كأبطال ضربوا أمريكا فعلاً”! ويبيّن رؤية القاعدة لإيران على أنها “كسائر الدول المنتسبة للإسلام زوراً وبهتاناً، وأنها دولة الروافض المارقين، دولة زنادقة الرفض، وأنها هي الدولة الداعمة لمشروع الرافضة المدمّر في أمّتنا، وأنها عدوّ لنا على المدى البعيد”؛ ليكمل: “وفكرة إخواننا المستمرة إلى الآن بحسب علمي – يقول كاتب الرسالة – أيضاً هو المحافظة على الهدوء في إيران، وعدم إحداث أي حدث فيها؛ لِـمَا تمثّله إيران من ممرّ ومعبر لإخواننا إلى أفغانستان، وساحة دعم وحركة ولوجستيك، وإن كان كل ذلك بشكل مستتر ومتخفّي.. ويرى الإخوة أنهم يحاولون مع إيران بالطرق الدبلوماسية أن تطلق سراح إخواننا المأسورين عندها …؛ وأن الجميع سيكون في خندق واحد ضدّاً لأمريكا”.
ومما يوقف عنده في هذه الوثيقة قول القيادي فيها: “أي شخص يريد أن يضرب أمريكا فإن إيران مستعدة لدعمه ومساعدته بالمال والسلاح وبكل المطلوب مما لا يورّطهم بشكل صريح وواضح، من أمثلة ذلك أنهم عرضوا على بعض إخواننا من السعوديين الذي سفّروهم أن يدعموهم بالمال والسلاح وبكل ما يحتاجونه، وعرضوا عليهم التدريب في معسكرات “حزب الله” في لبنان[51] مقابل ضرب مصالح أمريكا في السعودية والخليج”[52]؛ وبهذه الذريعة “ضرب العدوّ البعيد أمريكا”[53] برّرت القاعدة لنفسها بدءَ تحالفٍ مع إيران يزيد عن أمر التسهيلات والعبور كما سوف تبيّن هذه الورقة، وهذا ما جاء حرفياً في كلمة الظواهري إبّان الخلاف مع الزرقاوي لاستهدافه إيران والشيعة في العراق، يقول: “وهل ينسى الإخوان أننا والإيرانيين نحتاج أن نتوقف عن إيذاء بعضنا بعضاً في هذا الوقت الذي يستهدفنا فيه الأمريكيون؟”[54]
والملفت أكثر في الوثيقة قوله: “كنتُ شخصياً ممن خرج إلى وزيرستان ثم إلى كراتشي وبقينا فيها حوالي ثلاثة أشهر، ثم جاءتنا أوامر من الإخوة بالتوجّه إلى إيران، وكان الكثير من الإخوة كارهين لذلك، ولكن كانت أوامر القيادات هكذا، سواء قيادات القاعدة أو الجماعة المقاتلة أو غيرهم كثير، فدخل جمهرة كبيرة من الإخوة إلى إيران، بعضهم بفيزا رسمية حيث أخذوا التأشيرة من القنصلية الإيرانية في كراتشي، وبعضهم بدون تأشيرة أصلاً”. وهذا خلاف ما تزعمه القاعدة من اضطرارها اللجوء إلى إيران ابتداءً؛ بل إيران سعت في طلبهم إليها، وقادة القاعدة أمروا عناصرهم بالتوجّه من باكستان إلى إيران. ومما يؤكد الحرص الإيراني على العلاقة مع القاعدة قوله في الوثيقة ذاتها: “كان الإخوة يتدارسون الحلول والمشاكل، فكان من ضمن الاقتراحات التي طرحها بعض الإخوة محاولة الاتصال بـ “حزب الله” في لبنان، وذكر بعضهم أن “حزب الله” فعلاً أرسل مندوباً لا أدري أين وصل ومع مَن تكلم؛ بلغني أنهم جاؤوا أو أرسلوا عن طريق بعض القيادات الأفغانية، وعرض أي مساعدة لإيواء الإخوة”[55]، وقد نشرت واشطن بوست – على لسان منشقّ عن فيلق القدس الإيراني للشرق الأوسط – أن “عماد مغنية” القيادي في “حزب الله” اللبناني “بقي في إيران وخطّط شخصياً لهروب عشرات من رجال القاعدة إلى إيران”[56]؛ فلعل مغنية هو ذاته المندوب المذكور في رسالة القاعديّ. وكذلك فقد نشرت “لوس أنجلوس تايمز” أن مرشد الثورة الإيرانية “خامنئي” أرسل مسؤولاً رفيع المستوى إلى أفغانستان لمنح قادة القاعدة ملاذاً آمناً في إيران، وبناءً على ذلك دخلت قافلة ضمّت حوالي 250 من كبار مقاتلي القاعدة إيران من مدينة “هيرات” قبل وقت قصير من سقوطها[57]؛ ما يعكس رغبة كبيرة من القيادة الإيرانية في إنجاز انتقال قادة القاعدة إلى إيران.
وحيث إن الرغبة متحققة من الطرفَين باللقاء والتحالف فقد تمّ بين القاعدة وإيران عقدُ ميثاق “عدم اعتداء” كما أسماه مدير CIA حينها مايك بومبيو، أو “زواج المصلحة أو المتعة” كما أسمته صحيفة لوموند[58]، أو “زواج البندقية والرصاص”[59]. وفي وثيقة على لسان بن لادن يردّ فيها على طرفٍ من القاعدة هدّد بشنّ هجمات ضد إيران تأكيدُ هذا الميثاق وإلزامُ جميع العاملين باسم القاعدة به[60]، ففيها قوله: “بالنسبة لمسألة تهديدكم لإيران فلي عليها بعض الملاحظات.. أنكم لم تشاورونا في هذه الأمر الخطير الذي يمسّ مصالح الجميع، وقد كنا نتوقع منكم المشورة في هذه المسائل الكبيرة. فأنت تعلم أن إيران هي الممر الرئيسي بالنسبة لنا للأموال والأفراد والمراسلات، وكذلك مسألة الأسرى … فالرأي عندي تأجيل فتح الجبهة معها، والانصراف كلياً لتثبيت دعائم الدولة والقتال ضد الصليبيين والمرتدين”.
وقد شهد على صحة هذا العقد مع إيران كذلك قادةٌ من القاعدة نفسها؛ فقال عطية الله الليبي: “القاعدة أساتذة تحييد الخصوم، وهم من أفهم الناس لهذه المسائل…؛ انظر كيف حيّدوا إيران وسكتوا عنها طويلاً، وصبروا على هذا السكوت ولاقَوا فيه الأذى”[61]، ويقول أبو عمر البغدادي مخاطباً حكّام طهران: “لطالما تحاشينا الصدام المرحلي بكم من باب السياسة الشرعية؛ راجين أن تعتبروا من التاريخ”[62].
تتمة الصفقة …. والرابح طهران:
لم تنكر القاعدة تحالفها مع طهران، بل رأى فيه بعضُ قادتها نصراً للقاعدة في تحييد الخصوم كما سبق من كلام عطية الله الليبي، لكنّ إيران كانت الرابح الأكبر من هذا التحالف الاستثماري، فاستفادت من القاعدة ثم من “أخواتها” أضعاف ما استفادته منها[63]؛ فمع نجاح إيران بإلزام القاعدة -حتى اليوم- بعدم الاعتداء عليها فإنها كانت حاسمةً معها منذ بدء استقطابها عناصر القاعدة، وقابلت الخروج عن تعليماتها بحملات اعتقالات ومداهمات وترحيل لعدد كبير منهم، مع تجميع الآخرين في مراكز محصَّنة أشبه بالسجون للإقامة الجبرية[64]، ولأن الإيرانيين حسب الوثيقة ذاتها “مع غزو الأمريكان للعراق وسقوط نظام صدّام، وبدء الجهاد والمقاومة هناك وبروز الزرقاوي واسم القاعدة بسرعة، وتسارُع الأحداث؛ قرروا الاحتفاظ بإخواننا كورقة عندهم”. وقد كانوا كذلك؛ فإيران استثمرت عناصر القاعدة وقادتها عندها مع القاعدة ذاتها لعدم الاعتداء ومشاريع عدوانية أخرى من جهة، واستثمرت ورقة القاعدة مع الولايات المتحدة؛ ففي التسوية التي لجأ بها الإيرانيون لاسترضاء الأمريكيين بعد مخاوفهم من سقوط نظام صدّام في العراق عرضوا تسليم عناصر القاعدة عندهم، مقابل تسليم الولايات المتحدة أعضاء منظمة مجاهدي خلق المعارضة لطهران التي كانت تعمل في العراق؛ لكن إدارة بوش الابن رفضت العرض[65]، وهذا ما أكّده دبلوماسي إيراني كما كشفت فورين بوليسي[66].
وهذا الابتزاز وجّه عناصر القاعدة لخطف دبلوماسيين ومسؤولين إيرانيين خارج إيران والمساومة معها عليهم مرات[67]، ومرات أخرى للتفاوض السلمي مع إيران للإفراج عمن تعتقلهم رسمياً من القيادات[68]؛ دون أن تفوّت إيران فرصة استثمار هذا التفاوض وإطلاق عناصر للقاعدة؛ فترسلهم إلى حيث ينفعها وجودهم كما حصل في إطلاقها اثنين من قادة القاعدة مقابل مسؤول إيران اختُطف في اليمن ليظهر القياديان من القاعدة في سوريا بعد مدة ويتم استهدافهما من طيران التحالف[69]، وهذا ما يعزّز موقف إيران ونظام الأسد بدعواهم محاربة “الإرهاب”؛ فوجود رموز من القاعدة يخدم نزع الشرعية عن المعارضة السورية دولياً. وما يؤكد خصوصية سماح إيران للقيادات من القاعدة المقيمين عندها -بخلاف سائر مقاتليها- بالذهاب إلى سورية في إطار استثمارها ما نشرته صحيفة لوموند الفرنسية أن النظام الإيراني “اتصل بأبناء القاعدة ليخبرهم أن وجود مقاتليهم لا يمكن التسامح معه على أراضيه إذا كان الأمر يتعلق بالذهاب إلى سوريا؛ فالنوايا الحسنة للسلطات الإيرانية تجاه القاعدة لها حدود، وسوريا واحدة منها”[70]. فالقاعدة كان لها خططها؛ لكنها بعد استقطاب عناصرها إلى إيران واحتجاز أبرز القياديين تعطلت كثير من الخطط[71]، وأصبحت أبواب عمليات القاعدة مفتوحة حيث تتوافق مع السياسة الإيرانية في الغالب، لذلك تمرّد عليها بعض القادة كالزرقاوي[72]، وصرّح قيادي من القاعدة كان في إيران “أبو أنس الليبي”: “بل أتكلم عن نفسي: طالبتُ بتسفيري لأي مكان حتى “اسرائيل” قلت لهم: إنها أشرف منكم”![73] لأن الوثائق كشفت عن المعاملة السيئة من الإيرانيين للمحتجزين عندهم من قيادات القاعدة بُعيد لجوئهم إليها[74]، مع سيطرة إيران على طرق دخولهم وأماكن إقامتهم وكل ما يجري فيها[75]، وإن كانت حياة عوائل كبار القادة تتردد من لقاء أكابر المسؤولين الإيرانيين – بمن فيهم المرشد الأعلى ورئيس الجمهورية – والرحلات الترفيهية أحياناً إلى التشديد والإغلاق أحياناً أخرى كما كشفت الغارديان البريطانية ونيوزويك الأمريكية[76]، فلم تكن الثقة قد تأسست بين الطرفين[77]؛ وذلك فيما يبدو للترويض والتحضير للاستثمار الذي نجحت فيه إيران بعد ذلك كما سيتضح.
فمن نجاح إيران في تعاملها مع القاعدة بهذه الطريقة استمرار عدم الاعتداء، ومنع القاعدة أية هجمات تستهدف إيران حتى بعد ظهور “داعش”، فكان مما خاطبَ به العدنانيُّ الناطق باسم “داعش” الظواهريَّ: “وظلت الدولة الإسلامية تلتزم نصائح وتوجيهات شيوخ الجهاد ورموزه؛ ولذلك لم تضرب الدولة الإسلامية الروافض في إيران منذ نشأتها، وتركت الروافض آمنين في إيران، وكبحت جماح جنودها المستشيطين غضباً، رغم قدرتها آنذاك على تحويل إيران لبِرَك من الدماء، وكظمت غيظها كل هذه السنين تتحمّل التُّهَم بالعمالة لألدّ أعدائها إيران … امتثالاً لأمر القاعدة؛ للحفاظ على مصالحها وخطوط إمدادها في إيران … فليسجّل التاريخ أن للقاعدة دَيناً ثميناً في عنق إيران”[78]؛ فالقاعدة ثم “أخواتها” التزموا ميثاق عدم الاعتداء مع إيران، وإن كان كلام العدناني جاء في سياق خلاف “داعش” مع قيادة القاعدة، ولعله قصدَ منه التشهير بالقاعدة؛ إلا أنه أثبت استمرار “داعش” بالتزام عدم مهاجمة إيران رغم إنكاره ارتباط تنظيم “داعش” بالقاعدة بأي بيعة[79]، فلعلها المصالح والاستثمار مرة أخرى جمعت بينهما في هذا الاتفاق.
إيران و ”أدواتها” …….. والاستثمار مع الغُلاة فيما هو أبعد:
لعله اتضح فيما عُرض حتى الآن أن العلاقة بين القاعدة و”أخواتها” من جهة وإيران و”أدواتها”[80] من جهة أخرى علاقة معقَّدة، ونستعرض فيما يأتي ألواناً من الاستثمار الإيراني مع تنظيمات الغلو والتطرّف تكشف تلك العلاقة وتشرح تفاصيلها أكثر.
التدريب[81]:
إذا كان تدريب إيران عناصر “تنظيم الجهاد” بقيادة الظواهري ضد النظام المصري خارج سياق القاعدة؛ فإن معسكرات “حزب الله” اللبناني – وفقاً للوثائق والشهادات وعدد من دراسات المراكز العالمية – احتضنت عناصر من القاعدة للتدريب على المفخخات والاستخبارات بإشراف إيراني في وقت مبكر خلال التسعينات كما سيأتي[82]، فيما يمكن تسجيله كأول تدريب بين الطرفين، وهذا ما كشفت فورين بوليسي وغيرها أنه “اتفاق غير رسمي للتعاون في تقديم الدعم حتى لو كان التدريب فقط” تم في التسعينيات بين القاعدة وإيران، وسافر بناءً عليه قادة ومدرّبون كبار من القاعدة إلى إيران وآخرون إلى سهل البقاع اللبناني، وأفادوا من ذلك كثيراً في تطوير خبراتهم التكتيكية[83].
وبقيت لـ “حزب الله” هذه المشاركة في تدريب الغلاة؛ كما حصل في تأهيله وتدريبه عناصر من “داعش” في معسكراته داخل الأراضي اللبنانية ثم دخولهم إلى جنوب سوريا لضرب الثوّار هناك، عبر عناصر تتبع للفروع الأمنية التي تسيطر عليها إيران في دمشق[84].
ومرّ ما كان من عرض إيران على بعض الذين لجؤوا إليها التدريب والتجهيز لزعزعة استقرار دول الخليج العربي واستهداف القوات الأمريكية في السعودية والخليج، ويبدو من متابعة الاستخبارات الغربية أن عناصر القاعدة رفضت آنذاك هذا التدريب؛ ولعل ما وجدوه من تحالف الشمال المدعوم من إيران في أفغانستان، والعداوة الأصلية للتشيّع الإيراني كان السبب في ذلك[85]، فضلاً عن المعاملة السيئة التي قُوبل بها بعضهم في إيران كما سبق.
وقبل حادثة 11 سبتمبر أقامت القاعدة معسكر تدريب في هيرات على الحدود الأفغانية الإيرانية، وكان فيه الزرقاوي وسيف العدل، وكان المعسكر للتدريب ولتهريب عناصر القاعدة إلى إيران بعد ذلك[86]؛ ولا يمكن تجاهل إقامة هذا المعسكر المهم للقاعدة قرب حدود إيران التي تراقب ما يجري في أفغانستان بدقة، بل تدعم تحالف الشمال العدو الكبير لإمارة طالبان التي تحتضن القاعدة؛ ما يرجّح كذلك سماحها بإقامة المعسكر للاستفادة منه لاحقاً كما حصل[87].
وفي وثائق “آبوت آباد” أدلة على معسكرات تدريبية لعناصر القاعدة داخل إيران؛ ففي رسالة مؤرخة بما يقابل (حزيران 2010) من شرعي القاعدة عطية الله الليبي لأسامة بن لادن عن قياديّين يرتّبون دخوله لإيران، يقول الليبي: “ننتظر التأكيد الكامل والنهائي منكم للتحرك بالفعل والموافقة على هذه الوجهة إيران مبدئياً؛ لأن فكرته هي البقاء ثلاثة شهور في إيران لإعطاء الإخوة دورة هناك، ثم البدء في تحريكهم موزعين على الدنيا لمهامهم وتخصصاتهم التي شرحها لكم في تقاريره ومشروعه”[88]. وهذا ما أكّدته اعترافات عناصر في القاعدة تلقّوا تدريبات عسكرية وتقنية على التفجير في إيران لتنفيذ هجمات في دول الخليج وغيرها[89]؛ وفي هذا تأكيد لتورط إيران مع الغلاة المتطرفين في سائر عملياتهم التي حدثت، لأنها كانت تراقب بشدة كل تحركات عناصر القاعدة على أراضيها وترصد اتصالاتهم كافة، ولا يمكن أن تتركهم يتحركون ويتواصلون إلا فيما يخدم أهدافها.
وتحت عنوان “ماذا لو فهمنا أن القاعدة و” داعش” رعايا إيران؟” نشرت مجلة فوين بوليسي عن برقيات أمريكية أظهرت صلات لإيران بالقاعدة في العراق؛ إذ درّبت طهران عناصر من الغلاة المتطرفين على استخدام السترات الانتحارية في العراق بعد الغزو الأمريكي[90]. وهذا يتفق مع تسهيلات نظام الأسد والمعسكرات التدريبية التي أقامها لعناصر القاعدة في تلك الفترة[91]؛ فإيران وأداتها في سورية “نظام الأسد” يعملان في الخطة ذاتها للاستثمار في تنظيمات الغلو والتطرف، ولذلك عادت إيران لتدرك تنظيم “داعش” بعد أن أُنهك، فأكمل قاسم سليماني مهمته في التنسيق والاتصال مع القاعدة قبل مقتله، وكما أفادت تقارير استخباراتية غربية فقد أرسل سليماني خمسة من قادة القاعدة الموجودين في إيران إلى دمشق للاتصال بمقاتلين وقادة من “داعش” لتشجيعهم على الانشقاق وتوحيد القاعدة مع فلول “داعش” في تشكيل متطرف جديد[92].
الدعم بالمال والسلاح والذخائر:
تسخّر إيران “الوليّ الفقيه” ثروات بلادها لخدمة مشروعها التوسعي و”تصدير ثورتها”[93]؛ فهي لا تقف في الاستثمار مع تنظيمات الغلو والتطرف عند التدريب، بل امتدّ دعمها إلى المال والسلاح؛ وليس المراد بهذا ما اعترفت به القاعدة ذاتها في وثائقها من كون إيران أهم ممرّ لها للمال والسلاح[94]، ولا ما ساعدت فيه مخابرات نظام الأسد بين سوريا والعراق[95] فحسب؛ فمما جاء عن دعمها القاعدةَ في العراق ما قاله ضابط في الاستخبارات الأردنية عن الزرقاوي وإيران: “لدى الإيرانيين سياسة؛ يريدون السيطرة على العراق، وجزء من هذه السياسة كان دعم الزرقاوي تكتيكياً وليس استراتيجياً؛ ففي البداية أعطوه أسلحة آلية وزيّاً عسكرياً وعتاداً عسكرياً عندما كان في صفوف جيش أنصار الإسلام. الآن هم فقط يغضّون الطرف عن أنشطته وأنشطة القاعدة بشكل عام”[96]، وهذا هو الاستثمار الإيراني مع الغلاة، رغم أن الزرقاوي نفسه خرج عن خط القاعدة وهاجمَ الشيعة والأهداف الإيرانية قبل أن يُسوَّى خلافه مع القاعدة، ويلتزم بعدم استهداف إيران والشيعة.
وكان تنظيم القاعدة ضمن المنظمات الإرهابية التي جعلت وزارة الخزانة الأمريكية تصنّف وزارة المخابرات والداخلية الإيرانية كداعمة للإرهاب لعام 2011 وما بعده[97]، ما فضحَ أكثر دعم إيران للغلاة المتطرفين[98]؛ إذ جاء في تصريح الوزارة الأمريكية: “إن وزارة الداخلية [الإيرانية] سهّلت حركة عناصر القاعدة في إيران، وزوّدتهم بالوثائق وبطاقات الهوية وجوازات السفر، بالإضافة إلى ذلك قامت وزارة الداخلية بتوفير الأموال والأسلحة لتنظيم القاعدة في العراق، وتفاوضت على إطلاق سراح سجناء لعناصر القاعدة”[99].
ولعل افتضاح هذه العلاقة لإيران بالقاعدة دفعَ عائلات ذوي ضحايا هجمات 11 أيلول / سبتمبر لطلب تعويضات من إيران بسبب تقديمها دعماً مالياً ولوجستياً لتنظيم القاعدة الذي يقف خلف الهجمات، فأمرتْ محكمة في نيويورك بتعويضات بمليارات الدولارات لمن تقدّموا بالدعوى[100]، وفي الوثائق المنشورة عن هذه الدعوى عدة شواهد على الدعم المالي من إيران لجماعات الغلوّ والتطرّف[101].
وسيأتي ذكر الأسلحة التي سلمتْها وحدات الجيش العراقي لـ” داعش” بأمر رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي بتوجيه من إيران عند سقوط الموصل[102] في صفقة لم تكن الوحيدة لإيران في دعم تنظيمات الغلو والتطرف؛ بل “الصفقات مع “داعش” نهج إيراني بامتياز”[103].
وهذا النهج من الغلاة تسنده فتاوى شرعيّيهم؛ فمما عُثر عليه في وثائق “آبوت آباد” سؤال وُجّه لشرعي القاعدة “عطية الله الليبي” من عناصرهم في غزّة حول الاستفادة من أموال إيران التي تدعم بها فصائل فلسطينية، فكان من جوابه: “كون أموال حركة الجهاد أصلها من الدعم من الدولة الرافضية (إيران) فلا يضرّ في حدّ ذاته؛ أعني أنه يجوز الأكل مما يُعطى الإنسان منه وقَبوله إن شاء الله. فإنها دولة كافرة عندنا، وقَبول أموال الدول والملوك الكافرة جائز في ذاته”[104].
المعلومات والاستخبارات:
حرصت إيران على ضمان تفوّق الغلاة على خصومهم المحلّيّين؛ على ألا يبلغوا القدرة على الإضرار بها وأدواتها وتجاوز خطوطها الحمراء معهم، على نحو ما رأينا في تعاملها مع عناصر القاعدة المقيمين في إيران وأرادوا الانتقال للقتال في سوريا، فسمحت للقادة منهم بما يخدم أهدافها[105].
وفي اعترافات لضابط عراقي سابق كان قيادياً في “داعش”[106]: أن إيران تُمدّ “داعش” بالمواد المتفجرة (TNTوC4)، وببعض الأسلحة الأمريكية والأوربية التي كانت إيران تشتريها من أكراد حتى لا يُكشف أمرها، وإذا كُشف فإن السلاح أمريكي وأوربي[107].
ولأن الحربَ اليوم في جزء كبير منها حربُ معلومات واستخبارات، وامتازت تنظيمات الغلو والتطرف بانضمام عدد كبير من ضباط وأمنيين سابقين إليها فقد استفادت إيران من هذا معهم؛ فمما كشفَه رقيب سابق في الجيش الأمريكي كان عضواً في تنظيم القاعدة أن “إيران دفعت للظواهري ميلونَي دولار مقابل إمدادها بمعلومات عن خطة مصر والإمارات للسيطرة على الجزر الإماراتية التي تحتلها إيران”[108].
وقد سبق بيان جهود أجهزة الاستخبارات لاختراق تنظيمات الغلو والتطرف، والاستثمار فيها بما يصرف أنشطتها الإرهابية عن أراضي تلك الدول من جهة، أو يجعلها تذهب في الاتجاه الذي يحقق أهدافها تجاه خصومها من جهة أخرى[109]. ولعله من هذا جاء قول القيادي السابق في القاعدة “أبو خالد السوري” الذي قتلته “داعش” في ريف حلب: “الدولة الإسلامية هي الرواية الأخيرة بالنسبة لجميع أجهزة المخابرات في سوريا وإيران”[110].
الدعم الميداني ضد الخصوم:
من المفارقات التي يُتوقف عندها مع ثبوت التعاون الإيراني مع الغلاة ودعمهم أن إيران دعمت بقوةٍ تحالف الشمال الذي كان له أثر ميداني كبير في سقوط إمارة طالبان في أفغانستان وإضعاف تنظيم القاعدة، ثم هي ذاتها استقطبت القاعدة وأبرمت معها ما يشبه “اتفاق عدم اعتداء”؛ لكنّ التدقيق في الأمر يُحيل إلى أن إيران تعارض بشدة قيام دولة سنّيّة مستقرة على حدودها في أفغانستان[111]، وكذلك تريد لتنظيمات الغلو والتطرف أن تمشي بما يخدم أهدافها؛ فهي تقوّيها ضد خصومها المحليين من جهة كما سبق، وتفاوض على التضحية بها – وربما تضربها بنفسها – من جهة أخرى.
لكنها لا تقبل عموماً أن تكون الغلبة لجهات لا سلطة لها عليها ولا استثمارات لها فيها؛ وهذا ما جرى من دعم إيران و “أدواتها” للقاعدة و”أخواتها” على امتداد خارطة نفوذها[112].
فتنظيم “داعش” انتهب مناطق واسعة بين سوريا والعراق في فترة زمنية قصيرة، وبتسهيلات من أدوات إيران في المنطقة، لكنه لم يخرج عما يُراد للمتطرفين الغلاة من ضرب قوى الثورة؛ فاستهدفوا بالتعاون مع استخبارات الأسد عدداً من الشخصيات المعارضة من قادة ميدانيين ووجهاء وصحفيين[113]، وضربوا المعارضة السورية للاستحواذ على المناطق التي حررتها من نظام الأسد، دون تسجيل أية مواجهة فاصلة لهم مع قوات النظام[114]، وفي مقابل ذلك يترك لهم النظام حرية الحركة في مناطق سيطرته؛ فكما كشف قائد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط الجنرال فرانك ماكنزي فإن عناصر تنظيم “داعش” يتحركون بحرية في مناطق سيطرة النظام السوري، ويعملون على تجميع قواهم غرب نهر الفرات[115]، ولم يجد نظام الأسد مانعاً من مؤازرة المتطرفين ضد فصائل الثورة السورية في أكثر من موضع[116].
وما بدا أكثر من التقاء المصالح، بل هو نوع من التعاون العسكري الميداني تدخُّلُ طيران الأسد في أهم معارك “داعش” ضد قوى الثورة والمعارضة بعد المعركة فوراً -وأحياناً أثناء الاشتباكات- لقصف مواقع فصائل قوى الثورة والمعارضة دون قصف مواقع “داعش”؛ حتى إن أحد مقاتلي “داعش” قال لصحفيٍّ من نيويورك تايمز: “الحمد لله؛ أن معظم الضربات الجوية استهدفت المدنيين، وليس مقرات الدولة الإسلامية”[117]! في عقابٍ لمن يخالف المتطرفين، ومثل هذا العقاب لمن يخرج على الغلاة المتطرفين فعلتْه إيران من خلال الحرس الثوري بأكراد قاتلوا “داعش” في العراق من التعذيب والتسميم، كما كشفه مركز ميدل إيست فوروم الأمريكي[118].
وحيث إن الاستثمار يعود بمردود على صاحبه “إيران وأدواتها” فلم يكن لجوء نظام الأسد وحلفائه للغلاة لضرب الثورة السورية وتعديل صورتهم أمام المجتمع الدولي كمحاربين للإرهاب فحسب؛ بل لجأ إليها لضرب مَن لا يسمع له ويطيع، وتجلّى ذلك بقوة في الأحداث التي شهدتها السويداء، ويلخص تلك الأحداث ما جاء على لسان “لونا الشبل” المستشارة الإعلامية في القصر الجمهوري لأبناء السويداء خلال لقاء وفد أبناء المحافظة: “لولا تواطؤكم لـَمَا سقطت بصرى الشام بيد الإرهابيين. طالبناكم بالانضمام إلى الجيش والدفاع الوطني؛ لكنّ قلة قليلة منكم لبّت نداءنا، فسقطت بصرى بيد التكفيريين”، وأضافت: “على كل حال؛ إذا لم تنضموا إلى الجيش ف” داعش” ليست بعيدة، وهي قادرة على الوصول إليكم خلال ساعات”[119]. وهذه الصراحة والجرأة من “الشبل” تفضح التنسيق والتواطؤ بين الأسد و” داعش” لضرب السويداء بعد إحجام أبنائها عن الالتحاق بجيش النظام، وهذا ما أكّده النائب اللبناني وليد جنبلاط في تعليقه على هجمات “داعش” في السويداء[120].
وقد كشفت مجلة فورين بوليسي أن نظام الأسد وإيران ساعدا في صعود القاعدة ثم تنظيم “داعش”؛ فواصلت الطائرات الحربية الروسية والسورية تقديم الدعم للمتطرفين، مع الحفاظ على الإنكار المعقول لتنظيم “داعش” أثناء تقدّمه في المناطق التي يسيطر عليها المتمرّدون – وفق تعبير فورين بوليسي – وامتنعت في غضون ذلك “داعش” وقوات الأسد عن مهاجمة بعضمها البعض في وفاقٍ ودّيٍّ[121]؛ ففي الفترة التي كانت البراميل المتفجرة من طائرات نظام الأسد تسوّي أحياء بأكملها، وقتلت آلاف الناس بقي مقرّ “داعش” الرئيس في قصر المحافظ بالرقة مكشوفاً مزيناً بالرايات لسنة ونصف دون أن يتعرّض لأي قصف[122]! وهذا ما جاء عن قائد في تنظيم “داعش” حينما خشي الناس من رفع راية التنظيم، فأجابهم الأمير الـ “داعشي”: “إذا رفعتم راية الدولة الإسلامية فلن تقصفكم طائرات الأسد إطلاقاً”[123].
خاتمة:
يتبيّن من خلال ما عُرض في هذا الإصدار حرصُ مختلف أجهزة الاستخبارات على اختراق جماعات الغلو والتطرف، وما كان لإيران بشكل خاص من اختراق “داعش” حتى أعلى مستوى في قيادتها، ومن قبلها استطاعت الاستثمار في علاقتها مع القاعدة بهدف التأثير في مسارها والحصول على معلومات من داخلها، بحيث أصبحت قابلة للتوظيف في تنفيذ أجندات الدول – وإيران خاصة – لتحقيق مآربها وتحييد أراضيها ومواطنيها أن تكون في دائرة أهداف تلك الجماعات.
كما اتضح نضوج علاقة تنظيم القاعدة – وهو في مقام الأمّ لما جاء بعده من جماعات الغلو والتطرف – مع إيران بعد سقوط إمارة طالبان في أفغانستان، مع أن التنظيم ذاته كان أحد أسباب توتر العلاقة بين طالبان وإيران خلال مدة حكم طالبان، فاستطاعت إيران استقطاب قيادات القاعدة ليجعلوا عوائلهم في أراضيها وليس في باكستان حيث كانوا، ليصبحوا بعد ذلك ورقة ضاغطة لإيران على القاعدة كسبت بها تعميماً من قيادة التنظيم لكافة عناصره بعدم استهداف إيران ومصالحها داخل إيران وخارجها. دون أن تخفي قيادة القاعدة وعناصرها هذه العلاقة، إذ رأوا فيها “مهارة في تحييد الخصوم”؛ مع أن إيران استفادت من تلك العلاقة بجماعات الغلو والتطرف أضعاف ما استفادته هي منها. دون أن يقف الأمر عند القاعدة؛ فقد استمرت “داعش” بعد خلافها مع “جبهة النصرة” وقيادة القاعدة بالالتزام بعدم مهاجمة إيران رغم إنكار قادتها ارتباط “داعش” بالقاعدة بأية بيعة.
وعرض الإصدار بعد ذلك ألوان الاستثمار الإيراني في علاقته بجماعات الغلو والتطرف، وقد جاءت أدلةً على تلك العلاقة وشواهد عليها من خلال ما أثبتته الوثائق والشهادات ودراسات المراكز العالمية؛ وأول ذلك التدريب الذي ابتدأت به علاقة إيران بالقاعدة من خلال تدريب عناصرها على أيدي عناصر من “حزب الله” في لبنان، حتى معسكرات التدريب التي كانت لعناصر القاعدة داخل إيران وفي سوريا تحت إشراف قادة النظام السوري الأمنيين، مع الدعم الإيراني المباشر وعبر أدواتها في المنطقة لجماعات الغلو بالمال والسلاح والذخائر في العراق وسوريا، ومن ذلك الدعم معلومات استخباراتية وتقنيات عسكرية زوّدت إيران بها القاعدة و”داعش” أو سهّلت حصولها عليها. ليمتد الأمر إلى التعاون الميداني بين الطرفَين والدعم ضد الخصوم في معارك كثيرة بين العراق وسوريا؛ فكانت تنظيمات الغلو والتطرف أقوى ضربة استعانت بها إيران وأدواتها ضد الثورة السورية.
وسيبحث الإصدار الثاني من “استثمار إيران في جماعات الغلو والتطرف” وهو بعنوان: “إيران والتنظيمات المتطرفة … علاقات وتوافقات في مناطق الصراع” في العلاقة المعقدة لأدوات إيران في المنطقة مع تلك الجماعات من العراق إلى سوريا ولبنان وغيرها؛ لأن العلاقة بين الطرفَين لم تبدأ مع الثورة السورية، على نحو ما شرحنا في هذا الإصدار؛ لذا نوسّع دائرة النظر في الخريطة الجغرافية لفهم أبعاد العلاقة الاستثمارية بينهم، فننظر إلى الطرفَين نظرة شاملة موحدة، مع شرح أدلة الاستثمار المتبادل الذي لا تخرج عنه أدوات إيران ولا أخوات القاعدة في العراق وسورية ولبنان.
لتحميل الإصدار:
الورقة البحثية “استثمار إيران في جماعات الغلوّ والتطرّف”
لمشاركة الصفحة: https://sydialogue.org/oj2g
- “داعش” يقطع رأس داعية مغربي بتهمة التجسس لصالح المخابرات، هسبريس، الرابط: https://cutt.us/pyoMd
- تحرير الشام تعدم 7 متهمين بالعمالة لروسيا، مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الرابط: https://cutt.us/u1hwD
- “داعش” تعدم أحد إرهابيّيها الروس في الرقة بتهمة التجسس، إسلام تايم، الرابط: https://cutt.us/Gwksn
- الإندبندنت: “داعش” تعدم اثنين من عناصرها بتهمة التجسس والسرقة، فيتو عن الإندبندنت البريطانية، الرابط: https://cutt.us/1hgXt
- “داعش” تعدم رجلاً بتهمة التجسس لإسرائيل، موقع الحلّ، الرابط: https://cutt.us/ey6ve
- “داعش” تعدم 4 سوريين بتهمة التجسس في مخيم القائم بالعراق، زمان الوصل، الرابط: https://cutt.us/euKHK
- “داعش” تعدم عشرة من عناصرها بتهمة التجسس للقوات الأمنية وسط الفلوجة، موقع المعلومة، الرابط: https://cutt.us/B5B3F
- “داعش” يبدأ التصفيات الداخلية بتهمة التجسس، بوك ميديا، الرابط: https://cutt.us/5FtLU
- Iran’s influence in Afghanistan – Vinay Kaura – June 23, 2020: https://cutt.us/zpouY
- What Iran Wants in Afghanistan And What U.S. Withdrawal Means for Tehran – By Colin P. Clarke and Ariane M. Tabatabai – July 8, 2020: https://cutt.us/VYcRx
- Analysis: CIA releases massive trove of Osama bin Laden’s files – BY THOMAS JOSCELYN & BILL ROGGIO- long war journal – November 1, 2017: https://cutt.us/VqTYX
- Iran’s Secret Funding For al-Qaeda In Exchange for Attacks on U.S. Targets Exposed in Bin Laden Files – BY CALLUM PATON – News week – 11/2/17: https://cutt.us/Nr7yb
3 تعليقات