اضاءات على تطورات في الملف السوريالأبحاث والدراساتالإصداراتوحدة تحليل السياسات

الضغط الروسي لمنع دخول المساعدات الانسانية إلى الشمال السوري: المخاطر والخيارات والبدائل

تقرير تحليلي من إعداد وحدة تحليل السياسات

مقدمة:

تزداد التحذيرات من حدوث كارثة إنسانية في المناطق الخارجة عن سيطرة نظام الأسد شمال غربي سوريا كلما اقترب موعد التصويت في مجلس الأمن الدولي على تمديد الآلية الخاصة بتمرير المساعدات الإنسانية عبر الحدود؛ وذلك خوفاً من العرقلة الروسية المتكررة لقرار التمديد، والمترافقة غالباً مع الدعم الصيني. ومما يعزّز تلك المخاوف وجود تجارب سابقة؛ إذ شهد العام الماضي عراقيل روسية أمام قرار تمديد المساعدات الإنسانية بواسطة معبرَي باب الهوى شمالي إدلب وباب السلامة شمالي حلب، فقد أحبطت روسيا المساعي الدولية لمواصلة تمرير المساعدات من خلالهما، وتقدمت بمشاريع قرارات تهدف لمزيد من تقليص مدة دخول المساعدات، وبعد سجالٍ مع الدول المؤيدة لقرار التمديد وافقت روسيا في النهاية على مشروع قرار ألماني ــــ بلجيكي ينص على إيصال المساعدات عبر معبر وحيد فقط، وهو معبر باب الهوى لمدة عام واحد1، في حين ستنتهي تلك الآلية في تموز 2021م، وسيتم عقد جلسة دولية جديدة لمجلس الأمن من أجل التصويت مجدداً على تمديد العمل بإيصال المساعدات عبر الحدود، وسط مخاوف من تكرار سيناريو منع التمديد على غرار ما حصل في معبر باب السلامة، وكذلك من قبله في كل من معبرَي اليعربية على الحدود السورية العراقية، والرمثا على الحدود السورية الأردنية2.

وتتجدد هذه التخوفات بسبب وجود مؤشرات حول رغبة روسية بعدم السماح بتمرير المساعدات الدولية عبر المعابر الخارجة عن سيطرة نظام الأسد شمال غربي سوريا، لاسيما وأن موسكو تندفع مؤخراً نحو العمل على ما بعد إتمام ما يمكن وصفها بـ “المسرحية” في الانتخابات الأخيرة التي كرّست بقاء الأسد في السلطة.

ويأتي هذا التقرير للوقوف على بعض جوانب هذه القضية الشائكة، ومحاولة استقصاء الخيارات المتاحة أمام الفاعلين الإقليميين والدوليين والمحليين في مناطق شمال غربي سوريا في حال استخدام روسيا حق النقض في اجتماع مجلس الأمن في تموز المقبل؛ لمنع وصول المساعدات الإنسانية عبر معبر باب الهوى، خصوصاً أن روسيا لم تُظهِر في الجلسات السابقة أي اهتمام فيما يتعلق بالتحذيرات الأممية والدولية من التداعيات الخطيرة لقرار منع تمديد المساعدات الإنسانية، رغم وجود تأكيدات أممية على اتساع الفجوة بين الاستجابة والاحتياجات الإنسانية المتزايدة بعد عرقلة روسيا في العام 2019م تمرير وصول المساعدات من معبر اليعربية الواصل مع مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية-قسد” في شمال شرقي سوريا.

وقد أفدنا في إعداد هذا التقرير التحليلي من ندوةٍ عقدها مركز الحوار السوري في يوم السبت 28 شعبان 1442ه، الموافق لـ 10 نيسان 2021م حول الموضوع، وشارك فيها كمتحدثين رئيسيين كلٌّ من الباحث في المعهد الأوربي للمبادرات السياسية والتحليل الاستراتيجي “د. باسم حتاحت”، والمدير التنفيذي لمؤسسة شام الإنسانية “أ. مهند عثمان”، والباحث السياسي مدير المركز السوري للدراسات السياسية والاستراتيجية “د. رضوان زيادة”، وبمشاركة عدد من مسؤولي المنظمات الإنسانية والناشطين والمهتمين، إضافة إلى الاستفادة مما نشرته وسائل الإعلام والمراكز البحثية حول الموضوع.

أولاً. المساعدات عبر الحدود في سوريا؛ البداية والسياق وصولاً إلى الضغط الروسي لتقليصها:

أُنشئت آلية إيصال المساعدات عبر الحدود في تموز عام 2014م بعد اعتماد قرار مجلس الأمن الدولي ذي الرقم 2165، وتمكنت بموجبه الأمم المتحدة من تقديم المساعدات الإنسانية من أربعة معابر حدودية خارج سيطرة نظام الأسد، وهي معبرا باب الهوى وباب السلامة في مناطق سيطرة قوى الثورة والمعارضة، واليعربية في مناطق سيطرة “قسد”، والرمثا في مخيم الركبان المحاصر على الحدود السورية الأردنية؛ حيث يتم سنوياً تجديد مهام آلية المساعدات الإنسانية. وقد لاقى القرار حين صدوره ترحيباً واسعاً من مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة اليونيسف، بالنظر إلى أنه سيُمكّن الوكالات الإنسانية من الوصول إلى ملايين السوريين3.

وتأتي أهمية القرار من كونه يسمح بدخول المساعدات الإنسانية دون موافقة “الدولة السورية – نظام الأسد” باعتبارها الممثلة الرسمية في الأمم المتحدة؛ إذ ينصّ القرار على إعلام “الدولة السورية” بإدخال المساعدات من غير أخذ الموافقة منها، وإعلامها بنوع المساعدات والكميات والتاريخ، الأمر الذي وفّر الإطار القانوني لوكالات الأمم المتحدة لإيصال المساعدات الإنسانية إلى مختلف المناطق السورية التي كانت خارجة عن سيطرة نظام الأسد، ووفرت دخول عشرات آلاف الشاحنات الإغاثية إليها.

ولكن العمل بهذه الآلية واجهته عراقيل روسية بدءاً من العام 2019م؛ فقد عملت روسيا على تقليص دخول المساعدات عبر الحدود بشكل تدريجي، لتمنع في كانون الأول من عام 2019م دخول المساعدات عبر معبرَي اليعربية والرمثا، وهو ما كانت له تداعيات سلبية واضحة، لاسيما على نازحي مخيم الركبان المحاصر على الحدود السورية الأردنية؛ الذي يشهد نقصاً كبيراً في المساعدات الإغاثية والطبية، بعد إغلاق معبر الرمثا، وهو ما نتج عنه زيادة عدد الوفيات والمرضى بسبب النقص الحاد في الغذاء والدواء4، ضمن ظروف معيشية سيئة؛ خاصة مع جائحة كورونا واضطرار العديد من نازحي المخيم للتوجه إلى مناطق نظام الأسد رغم المخاطر الأمنية والاعتقالات، في ظل صعوبات تواجهها المنظمات المستقلة في إيصال المساعدات إلى المخيم بسبب تشديد السلطات إجراءاتها، وإغلاقها المتواصل للمعبر الواصل للمخيم5. وليتم لاحقاً إغلاق معبر باب السلامة على الرغم من تحذيرات المسؤولين الأممين من زيادة الاحتياجات الإنسانية6، وعدم وجود بدائل لإيصال المساعدات، لا سيما مع حدوث نقص كبير في نقل المساعدات بسبب إغلاق معبر اليعربية سابقاً7، في ظل تصاعد العمليات العسكرية لقوات نظام الأسد؛ والتي كان لها أثر بالغ على منطقة شمال غربي سوريا، وما نجم عنها من حدوث موجة نزوح جديدة.

ولم تقتصر الآثار السلبية على مناطق شمال غربي سوريا؛ بل كان للقرار الروسي أثر سلبي أيضاً على منطقة سيطرة “قسد” في شمال شرقي سوريا، والتي يعيش فيها قرابة مليونَي شخص، وهو ما أكدته منظمات دولية عدة من بينها “Human Rights Watch”، حيث طالبت مجلس الأمن وروسيا بالعمل فوراً على السماح مجدداً بوصول المساعدات الطبية من العراق إلى شمال شرق سوريا، خاصة بعد ظهور جائحة فيروس كورونا، وهو ما قُوبل بتعنُّت ورفض روسي، وإصرار على إيصال المساعدات حصراً عن طريق نظام الأسد.

وفي السياق ذاته واصلت روسيا في العام 2020م استخدام الفيتو ضد قرار تمرير المساعدات عبر معبرَي باب السلامة وباب الهوى، مقدمةً مشروعاً ينصّ على إيصال المساعدات لمدة ستة أشهر فقط وعبر معبر باب الهوى حصراً؛ ليتم التوافق بعدها على التمديد لمدة عام كامل عبر معبر باب الهوى الحدودي. ومن الواضح أنَّ روسيا تعمّدت إيقاف إدخال المساعدات عبر معبر باب السلامة الذي تشرف عليه فصائل الجيش الوطني السوري المصنّفة “معتدلة” ومؤسسات الحكومة السورية المؤقتة، وسمحت بإبقاء معبر باب الهوى مفتوحاً أمام المساعدات، وهو الذي تشرف عليه “هيئة تحرير الشام- هتش” المصنَّفة “جماعة متطرفة”؛ رغبةً من روسيا في إبقاء الاحتمال مفتوحاً لاستخدام ذلك كذريعة لإيقاف عمل الآلية بشكل نهائي في التصويت المقبل.

ثانياً. المواقف الدولية والأممية من احتمال إغلاق المعابر؛ تحذيرات مستمرة من الكارثة:

تتالت المواقف الدولية والأممية المُحذّرة من تداعيات عدم التجديد لقرار تمرير المساعدات عبر الحدود إلى الشمال السوري، وهو ما يُعد امتداداً لمواقف سابقة أعلنها ممثلو الدول والمسؤولون الأمميون في اجتماعات مجلس الأمن أثناء مناقشة تمديد القرار السابق، وقد عُقِدت مؤخراً ندوة بمشاركة “هيئة التفاوض السورية” بحضور ممثلي العديد من الدول الغربية في سياق الحشد لقضية تمرير المساعدات، مع عدد من ممثلي المنظمات الإنسانية الدولية والمحلية؛ حيث حذّر معظم دبلوماسيي بعثات الولايات المتحدة وبريطانيا وتركيا وألمانيا وكندا والاتحاد الأوروبي من “مخاطر قد يدفع ثمنها ملايين السوريين فيما لو استخدمت روسيا أو الصين الفيتو ضد قرار تمديد إدخال المساعدات الأممية عبر الحدود إلى سوريا”8.

وقد أوصى ممثلو العديد من المنظمات الإنسانية بإنشاء مكاتب ميدانية للأمم المتحدة في شمال غربي سوريا، وضمان وصول المساعدات عبر الحدود لمساعدة ملايين السوريين المحتاجين، وتوسيع ذلك لمعابر أخرى تشمل مناطق شمال غربي وشمال شرقي سوريا. وبدوره شدّد مندوب الهلال الأحمر التركي خلال الندوة على ضرورة إيصال المساعدات حتى لو لم يتم التمديد للقرار، ما يعكس اهتمام الجانب التركي ورغبته في البحث عن آليات بديلة9. ويبدو أن مبعث القلق التركي من احتمالية منع عمل الآلية يعود في الغالب لأن تركيا ستكون المتضررة الأولى من تداعيات زيادة الاحتياجات الإنسانية في مناطق شمالي سوريا؛ إذ تَعدّ أنقرة تلك المناطق مناطق حيوية مهمة بالنسبة لها ولأمنها القومي، وترى عرقلة وصول المساعدات إليها عائقاً أمام جهودها في تحقيق استقرار دائم فيها؛ لتشجيع العودة الطوعية للاجئين السوريين المقيمين في تركيا10، وهو ما يتزامن مع جهودها في إرساء وقف إطلاق النار الذي توصلت إليه مع روسيا في 5 آذار من عام 2020م11.

ومن المستبعد تحقيق تقدّم فعليّ على صعيد ملف إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود، دون القيام بضغوط حقيقية على روسيا؛ ففي العام الماضي كان المشهد مشابهاً إلى حدٍّ ما من ناحية التحذيرات والحديث عن تداعيات عدم التجديد للقرار، حيث دعا حينها منسق الشؤون الإنسانية والإغاثة في حالات الطوارئ “مارك لوكوك” مجلس الأمن إلى اتخاذ قرار مبكر وتجديد السماح باستمرار عبور المساعدات الإنسانية عبر معبرَي باب الهوى وباب السلامة، مشدّداً على عدم وجود طرق بديلة لإيصال المساعدات12. وفي خطوة مماثلة صرّح المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة (ستيفان دوجاريك)، عقب زيارة قام بها فريق أممي إلى أحد مخيمات شمالي إدلب بقوله: “إنه تحدّ دائم، ولكننا نعمل عن قرب مع السلطات التركية؛ فالمعابر عبر الحدود التركية هي السبيل الوحيد لنقل المساعدات13، كما أكّد تقرير الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك على “ضرورة الاستجابة لتجديد الإذن بعبور الحدود باستخدام معبرَي باب الهوى وباب السلام لمدة اثني عشر شهراً إضافياً”14، وكل ذلك قُوبل بتعنّت روسيا التي مضت قُدُماً في منع عمل الآلية بواسطة المعبرَين.

ومن الواضح أن الموقف الروسي الساعي إلى رفض تمرير قرار المساعدات يتماشى مع جهود روسيا الحثيثة في إنعاش اقتصاد نظام الأسد المنهار والمتهالك بسبب تسخير اقتصاد الدولة لخدمة آلة حرب النظام السوري، وتأثير العقوبات الاقتصادية الدولية، وهو ما بدا في رغبتها فتح معابر داخلية، وتقديمها طلباً لتركيا يقضي بفتح ثلاثة معابر بين مناطق النظام ومناطق الشمال؛ الأمر الذي لاقى رفضاً تركياً وإجماعاً من الشارع السوري المعارض حينها على رفض فتح المعابر وفق الطلب الروسي15. ويبدو أنَّ الإصرار الروسي يترافق مع تحركات ميدانية تصعيدية روسية، كالتصعيد الروسي العسكري الأخير في إدلب واستهداف مشفى الشفاء في عفرين؛ والتي يرجح أنها جاءت بدعم وتحريض روسي، في محاولة فيما يبدو للضغط على الجانب التركي، ولا سيما بعد الرفض التركي للطلب الروسي بفتح معابر داخلية مع النظام، وما يرافق ذلك من جهود تركية لتمديد فتح المعابر الحدودية والتنسيق مع الولايات المتحدة، وسط تقارب تركي أمريكي فيما يتعلق بالملف السوري، والحديث عن إجراء محادثات قدمت تركيا من خلالها تطمينات لواشنطن بخصوص قضية صواريخ “S400″، مقابل الاستمرار في إنتاج طائرة “F35″؛ الأمر الذي يبدو أنه يثير حفيظة وقلق الروس، لا سيما مع إبداء الجانب الأمريكي اهتماماً واضحاً بالملف الإنساني السوري، وانخراط الدبلوماسية الأمريكية في ملف المعابر الحدودية مع اقتراب موعد مداولات مجلس الأمن الدولي من أجل تجديد آلية التفويض بدخول المساعدات الإنسانية إلى سوريا؛ وتريد روسيا دخول المساعدات عبر مناطق النظام حصراً.

ويمكن القول هنا: إنَّ النظام ما زال يعاني من مشاكل اقتصادية عديدة بسبب سياساته المالية التي تعطي الأولوية للإنفاق العسكري، وتقوم بتخصيص معظم الموارد المتاحة له على حساب الأنشطة والخدمات التي يقدمها القطاع العام، وخسارة البلاد ما تبقى من مواردها الاقتصادية وثرواتها الباطنية لصالح حلفاء النظام؛ الذين استولوا على مناجم الفوسفات والموانئ والقطاعات الحيوية، واستحوذوا على عقود استثمارية طويلة الأمد، إلى جانب خسارتها السيطرة على العديد من حقول النفط والغاز ومساحات واسعة من حقول القمح التي كانت من الموارد الأساسية للاقتصاد، وهو ما أدى بدوره إلى رفع نسبة الدَّين العام، واستنزاف موارد الدولة والإضرار بالاقتصاد16. وبالتالي فإن حصر دخول المساعدات عن طريق نظام الأسد سيدعمه اقتصادياً17، وقد يؤدي إلى ممارسة الضغط على فصائل المعارضة السورية وعلى الجانب التركي للقبول بفتح المعابر الداخلية مع مناطق النظام، مقابل تمرير المساعدات الإنسانية إلى مناطق شمال غربي سوريا؛ الأمر الذي سيؤدي إلى إيجاد متنفَّس اقتصادي لنظام الأسد في ظل تردّي وضعه الاقتصادي18، وهو ما يعني تعزيز قبضته على السلطة، والدفع باستعادة “شرعيته” على المستوى الدولي، وتحكّمه بالمساعدات الدولية التي لن تكون بمأمن عن التلاعب والفساد وتجييرها لصالح الآلة العسكرية للنظام، مع غياب الشفافية في التوزيع إذا ما تم تمريرها عن طريق نظام الأسد19.

ويبدو أنَّ الموقف الأمريكي يبقى الفيصل في عملية الضغط على الروس في قضية تمديد آلية تمرير المساعدات؛ فعلى الرغم من عدم إبداء إدارة بايدن الأمريكية اهتماماً كبيراً بالملف السوري بعد مرور قرابة خمسة أشهر على وصول بايدن إلى السلطة في البيت الأبيض، مقابل توجهاتها لحل العديد من القضايا الشائكة بالنسبة لها كالحد من التمدد الصيني، والاتفاق النووي مع إيران؛ إلا أن إدارة بايدن أعطت -في السياق السوري- أولوية للملف الإنساني، خاصة موضوع المعابر الحدودية، لما يبديه الديمقراطيون الأمريكيون عادة من تحفّظ تجاه جدوى العقوبات الاقتصادية على الأنظمة “المارقة”، مقابل تأكيدهم المستمر على الالتزام بدعم الحلفاء والديمقراطية وحقوق الإنسان20، وهو ما كان واضحاً من الموقف الرسمي للولايات المتحدة، وتصريحات العديد من المسؤولين الأمريكيين حول ضرورة إعادة فتح المعابر الحدودية مع سوريا، والعمل على توسيع وإضافة معابر أخرى لإيصال المساعدات21.

ثالثاً. التأثيرات المترتبة على إغلاق المعابر:

إن عدم تجديد قرار تمرير المساعدات عبر الحدود، وتحويل المساعدات لتمرّ عبر نظام الأسد سيحرم المنطقة من أهم شرايين الحياة بالنسبة لملايين النازحين والمهجرين القاطنين في شمال غربي سوريا؛ وهو ما سيترتّب عليه العديد من التداعيات السلبية والخطيرة على المنطقة، لعل أبرزها:

  1. تحكُّم نظام الأسد بالمساعدات والتلاعب بحجمها وطريقة إدخالها إلى مناطق الشمال على غرار ما حصل قبل سنوات مع المناطق التي كانت تحت حصار قواته، كالغوطة وحمص؛ حيث استولى نظام الأسد عشرات المرات على الحصص الغذائية المتوجهة للنازحين والمنكوبين22.
  2. فتح المعابر بين مناطق نظام الأسد والمعارضة السورية سيسهّل عليه اختراق مناطق المعارضة أمنياً، وهو ما يبرع به نظام الأسد والإيرانيون والروس.
  3. حصول نظام الأسد على مكسب ومتنفس اقتصادي؛ وهو ما سيصرف في الغالب لتمويل عملياته العسكرية.

وفي السياق ذاته لابدَّ من الإشارة إلى أنَّ المساعدات الإنسانية لا ينحصر دخولها إلى مناطق الشمال السوري عبر مؤسسات الأمم المتحدة فقط؛ إذ تقوم المنظمات الدولية الأممية (التابعة للأمم المتحدة) كـ “اليونيسف” و”برنامج الغذاء العالميWFP”، وغير الأممية كالمنظمات: الألمانية “الوكالة الألمانية للتعاون الدولي الانمائي GIZ” والفرنسية “EF” والأمريكية كـ “IRC” و”Care” بإدخال المساعدات عبر وسطاء هم الشركاء المحليون من المنظمات السورية.

وبينما تلتزم المنظمات الأممية (التابعة للأمم المتحدة) بإدخال المساعدات عبر الحدود فقط إذا سمح مجلس الأمن بذلك من خلال تمديد قرار المساعدات عبر الحدود؛ فلا تلزم المنظمات الدولية غير الأممية نفسها بالضرورة بما تلتزم به المنظمات الأممية من إدخال المساعدات بغطاء قرار المساعدات عبر الحدود من مجلس الأمن، وتشكل المساعدات التي تدخل عن طريق المنظمات الأممية حوالي 50% من المصادر، وما يقدر بين 300 إلى 500 مليون دولار سنوياً23، وبالتالي فإن قرابة 50% من المساعدات الإنسانية قد تُحرم منها المناطق المحررة في وقت زادت فيه الاحتياجات الإنسانية بنسبة 20% عن السابق، بعد حركة النزوح الكبيرة أواخر عام 2019م وبداية عام 2020م24. ويُضاف لذلك وجود صعوبات أخرى لوجستية وتفاوضية وقانونية قد لا يمكن للمنظمات الدولية غير الأممية أن تتجاوزها دون جهود المنظمات الأممية (التابعة للأمم المتحدة)؛ حيث يشكّل وجود “هيئة تحرير الشام ــــ هتش” المصنَّفة على لوائح الإرهاب إشكالية قانونية فعلية أمام المؤسسات غير الأممية، التي لا تتمتع بشرعية المؤسسات الأممية في التفاوض وحرية العمل والحركة في مناطق تحكمها مثل هذه الجماعات؛ ولذلك فإن وجود الأمم المتحدة ومؤسساتها يساعد باقي المؤسسات في تحقيق غطاء قانوني وشرعي للتحرك في تلك المناطق، ولا سيما مع احتمالية تعرض القوافل لاستهداف من قبل قوات نظام الأسد أو من قبل القوات الروسية والمليشيات الإيرانية في حال عدم وجود تفويض أممي، إضافة إلى وجود عوائق قانونية ولوجستية لدى المؤسسات غير الأممية داخل الأراضي التركية؛ وهو الأمر الذي يبدو أنه قد يدفع المنظمات إلى الإحجام عن إرسال المساعدات حتى لو تحول التمويل المرصود للمؤسسات الأممية إليها.

رابعاً. سيناريوهات محتملة وبدائل ممكنة:

بناءً على ما سبق يمكننا القول: ثمّة ثلاثة سيناريوهات محتملة تنتظر القرار الخاص بتمرير المساعدات الإنسانية عبر الحدود، وهي:

  • تمديد التصويت على معبر باب الهوى: وذلك في تكرار لما حدث في السنة الماضية؛ حين تم التوافق على تقليص تمرير المساعدات عبر معبر وحيد وهو باب الهوى، وربما تحاول روسيا ومعها الصين الضغط لتقليل مدة التمديد لستة أشهر بدلاً من عام، وقد يكون ذلك مقابل الحصول على مكاسب وأوراق إضافية تفاوضية؛ إما على صعيد الملف السوري، كافتتاح معابر بين مناطق النظام والمعارضة لإنعاش النظام اقتصادياً واستعادة جزء من شرعيته الدولية المفقودة25، وإما على صعيد ملفات إقليمية ودولية أخرى تشكل نقاط خلافية مع الغرب والولايات المتحدة، كالملف الأوكراني والعقوبات الاقتصادية وغيرها26، وهو ما يُعد أقل سوءاً مقارنة بخيار الموافقة على فتح معابر داخلية مع نظام الأسد؛ لما لهذا الخيار من آثار أمنية واقتصادية وسياسية سلبية.

 ومن المرجح الوصول لهذا السيناريو وسط محاولة واضحة من الأطراف الفاعلة إلى الميل نحو الدبلوماسية وتخفيف حدّة الصراع، مع لجوء الروس لعمليات تصعيدية محدودة ذات أهداف تفاوضية، كالتصعيد العسكري الأخير في إدلب، وما قامت به إدارة بايدن الأمريكية من إلغاء قرار الإعفاء الوحيد من العقوبات بحق شركة النفط الأمريكية “ Delta Crescent Energy LLC” التي تنشط في شمال شرقي سوريا27؛ محاولةً منها -كما يبدو- لتخفيف حدة التوتر مع روسيا وتهيئة أرضية تفاوضية معها، وحافزاً لها لتخفيف معارضتها في مجلس الأمن لقرار إدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا عبر الحدود، وإعادة فتح معبر “اليعربية” الحدودي مع العراق28. وربما تتنازل روسيا عن التمسك بقرار إيقاف تمرير المساعدات والسماح بتمديد إدخالها عبر معبر باب الهوى كحلّ وسط بينها وبين الولايات المتحدة؛ التي يبدو أنها قد أعطت الأولوية للجانب الإنساني في الملف السوري وأعلنت انخراط دبلوماسيتها فيه، ولا سيما بعد تقديمها محفزاً لروسيا في إمكانية التعاون مستقبلاً معها في سوريا في حال تمّ توسيع الممرّ الإنساني29.

ويبدو أنَّ التعاون والتنسيق والتفاهم التركي الأمريكي، وضغط الولايات المتحدة على روسيا، والانخراط الفعّال للولايات المتحدة في الملف السوري؛ سيكون عاملاً حاسماً في ثني روسيا عن قرارها في منع إدخال المساعدات عبر الحدود، خاصة مع ظهور بوادر تقارب أمريكي تركي في سوريا، رغم فتور العلاقة بين الطرفين بعد مجيء الإدارة الديمقراطية الأكثر ميلاً لدعم “قسد”؛ فقد أرسلت الولايات المتحدة العديد من الرسائل الإيجابية لتركيا كإحياء الخارجية الأمريكية ذكرى سقوط الجنود الأتراك في إدلب30، وتصريح المبعوث الأمريكي السابق إلى سوريا (جيمس جيفري) بأن العلاقات الأمريكية التركية “تمرّ بفترة هدوء وتتجه نحو التحسن”، وتأكيده على عدم قطع واشنطن وعوداً سياسية لـ “قسد” لإقامة دولة كردية في المنطقة31.

  • التمديد مع فتح معبر باب السلامة: من المستبعد تحقيق هذا السيناريو ما لم يكن هناك جديّة كبيرة وانخراط فعلي للولايات المتحدة والغرب في المفاوضات مع روسيا والضغط عليها لتسهيل تمرير المساعدات دون عوائق، وهو ما يحتاج غالباً تقديم تنازلات معينة لروسيا في ملفات أخرى، خاصة مع التعنّت الواضح من روسيا، ورفضها التنازل عن استخدام حق النقض في مجلس الأمن ما لم تحصل على مكاسب مقابل ذلك.
  • عدم تمديد القرار، وإقرار المساعدات عبر نظام الأسد: وهو سيناريو متوقع – وإن كان غير مرجح حتى الآن- مع ازدياد ظهور بوادر تصعيدية من الروس، وقد تلجأ روسيا للتعنت في هذا الموضوع، لاسيما وأن الروس باتوا يتخوفون من نتائج الحصار الاقتصادي وآثار قانون قيصر على نظام الأسد.

وضمن هذا السيناريو سيكون أمام الدول المانحة خياران، وهما كالآتي:

  • استمرار الدول المانحة بتمرير مساعداتهم عبر المنظمات الأممية: وضمن هذا الخيار قد يرفض نظام الأسد والروس قدوم أي من المساعدات عبر نظام الأسد لمناطق المعارضة، وهو ما حدث سابقاً على الرغم من وجود المواد 12 و13 و14 في القرار الأممي الصادر عن مجلس الأمن رقم 2254؛ التي تنصّ على ضرورة تسهيل وصول المساعدات32. وربما سيتم إيصال المساعدات عبر “الهلال الأحمر السوري” أو بمشاركة منظمات سورية تابعة لنظام الأسد، وهو ما سيكون له مخاطر من ناحية إعادة تطبيع العلاقات مع النظام، وزيادة تقولب المنظمات المحلية السورية بالقالب “الحيادي”، وما يعنيه ذلك من القبول الضمني بشرعية نظام الأسد، فضلاً عن الآثار السلبية التي ستنتج عن سوء إدارة وتوزيع المساعدات، وربما نهبها عبر المنظمات المقربة من النظام.
  • تحويل التمويل المخصص (من قبل المانحين) للمنظمات الأممية إلى المنظمات الدولية الأمريكية والأوربية والتركية: وهذه المنظمات لا تلزم نفسها بالضرورة بما تلتزم به المنظمات التابعة للأمم المتحدة بإدخال المساعدات عبر المعابر وفق تفويض مجلس الأمن، بل تقوم بإدخال المساعدات عبر المعابر دون الحاجة لتفويض مجلس الأمن؛ ولكن هذا الخيار ينطوي على صعوبات عديدة، لعل أهمها: عدم امتلاك المنظمات غير الأممية القدرة التشغيلية في صرف الأموال التي تملكها المنظمات الأممية، فضلاً عن العقبات القانونية واللوجستية لها داخل الأراضي التركية، حيث قلصت تركيا بعد محاولة الانقلاب من أنشطة كثير من المنظمات غير الحكومية الأجنبية33، إلى جانب تخوُّف تركيا من استفزاز روسيا من خلال تسيير عمليات الإغاثة عبر معابرها دون غطاء أمريكي غربي داعم بوضوح وقوة تستطيع تركيا من خلاله مواجهة روسيا، إضافة إلى قصور تلك المنظمات عن تأمين الغطاء القانوني وشرعنة الأعمال اللوجستية والإغاثية في مناطق تسيطر عليها ” هتش” المصنفة على لوائح الإرهاب.

تبقى الخيارات السابقة هي الخيارات المحتملة وفق الواقع الحالي؛ لكن الخيار الاستراتيجي الأفضل للحالة الانسانية أن يتم فتح المعابر بشكل دائم بحيث يكون القرار خارج التسييس: دون حاجة لأن يكون ضمن نطاق آلية التفاوض بين الفواعل الدولية34، وهو ما يمكن اعتباره الحل الأمثل للمنطقة، ولكن هذا قد يبدو خارج سياق نظام الأمم المتحدة التي تؤكد على مبدأ سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وبالتالي قد يبدو مثل هذا المطلب بعيداً من حيث المنطق عن الروح القانونية التي تعمل على أساسها الأمم المتحدة35. مع ذلك يمكن البحث في خيارات التحرك والضغط وفقاً للقرار 2254 الخاص بسوريا؛ الذي يحوي المواد (12، 13، 14) التي تؤكد أن القضايا الإنسانية خارج التفاوض، وتؤكد ضرورة إدخال المساعدات إلى المناطق المحاصرة، ومحاولة بحث مختلف خيارات الضغط للوصول إلى هذا الهدف.

وفي السياق ذاته تجدر الإشارة إلى أنَّ مجلس الأمن هو الذي يمتلك السلطة العليا لدى الأمم المتحدة، وقراراته تُلزم بقية الدول الأعضاء، في حين يحق للجمعية العامة وغيرها من المؤسسات التابعة للأمم المتحدة تقديم توصيات غير ملزمة للدول، وهو ما تنصّ عليه المادة 25 من ميثاق الأمم المتحدة36. وعليه فإنَّ الإرادة السياسية القوية للدول هي الأساس لتجاوز القرارات والقوانين عادةً؛ فعلى سبيل المثال: تجاوزت الولايات المتحدة القوانين الخاصة بـ “سيادة الدول” حينما أسقطت المساعدات والمعدات والسلاح للمناطق الخاضعة لسيطرة “قسد”؛ فيبدو أن تعزيز التنسيق الأمريكي التركي يشكل الخيار الأفضل للجم تعنّت الروس حيال موضوع المعابر الإنسانية إذا زادت الولايات المتحدة من انخراطها لتوازن الثقل الروسي.

خاتمة:

مع اقتراب موعد التصويت على قرار آلية تمرير المساعدات عبر الحدود في مجلس الأمن يزداد التخوف من استخدام روسيا حق النقض “الفيتو” لإنهاء العمل بالقرار، في ظل إصرارها على تحصيل مكاسب سياسية أو اقتصادية تخفف من وطأة العقوبات الاقتصادية المفروضة على حليفها الأسد، في وقتٍ باتت تبحث فيه عن نتائج سياسية لإنجازاتها العسكرية؛ التي ثبّتت حكم الأسد في السلطة، ومع وصول العملية السياسية إلى وضع شبه مجمّد تتمسّك مختلف القوى الدولية الفاعلة في الملف السوري بمواقفها في مختلف المناطق، وتدعّم حلفاءها بالقوة العسكرية المباشرة ميدانياً؛ مما يعزّز بدوره ضرورة الدفع باتجاه المسار التفاوضي للوصول إلى تفاهمات معينة بين تلك القوى تجنّبها التصادم المباشر، وهو الأمر الذي سيتم على الأرجح بالنسبة لقضية تمرير المساعدات عبر الحدود؛ حيث يشهد هذا الملف زخماً واهتماماً دولياً واسعاً، لما سيؤديه إغلاق معبر باب الهوى -آخر معبر حدودي للمساعدات- من نتائج سلبية خطيرة على الصعيد الإنساني في الشمال السوري، ويبدو أنَّ الانخراط الأمريكي الذي يبدو جادّاً في هذا الملف قد يشكل فرصة لمنع روسيا من إغلاق معبر باب الهوى، لاسيما بعد إرسال الإدارة الأمريكية العديد من الرسائل المحفّزة للجانب الروسي والبعيدة عن التهديد الذي يستفز الروس عادةً؛ إذ أكّد الرئيس الأمريكي جو بايدن بعد لقائه بوتين في جنيف على أهمية توسيع الممرات الإنسانية كشرط للتعاون المستقبلي في سوريا، وقبله تخلّي الولايات المتحدة عن قرار الإعفاء الوحيد من العقوبات بحق شركة أمريكية تستثمر في مجال النفط في مناطق شرقي سوريا، وأخيراً إصدار وزارة الخزانة الأمريكية قراراً يسمح بالتعامل مع نظام الأسد وإيران في المعاملات المرتبطة بمكافحة فيروس “كورونا”37، وهو ما يمكن أن يُفسّر على أنه رسائل إيجابية أمريكية في سبيل التوصل لتفاهمات مع روسيا في ملف المعابر والمساعدات عبر الحدود؛ وهو ما يبدو احتمالاً راجحاً.

تتمثّل الأهداف المرحلية الأكثر إلحاحاً وأهمية بالنسبة لقوى الثورة والمعارضة وتركيا في استمرار الهدوء النسبي في الشمال السوري، والعمل على تحويله إلى وقف دائم لإطلاق النار، مع العمل على فتح المعابر بشكل دائم لدخول المساعدات الإنسانية دون خضوع ذلك لابتزازات الروس.

لمشاركة التقرير: https://sydialogue.org/sl6g

لتحميل الإصدار:

الضغط الروسي لمنع دخول المساعدات الانسانية إلى الشمال السوري: المخاطر والخيارات والبدائل


1 يُنظر: سوريا: بعد أربع محاولات فاشلة، مجلس الأمن يتبنى قراراً يجدد آلية إيصال المساعدات عبر معبر حدودي واحد، موقع الأمم المتحدة، 11/7/2020، الرابط: https://cutt.ly/cbXhRDS.
2 يُنظر: فيتو روسي وصيني على تمديد تقديم مساعدات لسوريا عبر الحدود، موقع الحرة، 20/12/2019، الرابط: https://cutt.ly/UbOwLKE.
3 يُنظر: الوكالات الأممية ترحب بالقرار الدولي لإدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا وتدعو إلى إتمام هذه العمليات دون قيد أو شرط، موقع الأمم المتحدة، 16 / 7 / 2014، الرابط: https://cutt.ly/sbGlklm.
4 يُنظر: عشائر تدمر: ارتفاع حالات الوفيات بين أطفال لاجئي مخيم الركبان، موقع24، 19 / 2 / 2017، الرابط: https://cutt.ly/0bGx9gm.
5 يُنظر: مأساة منسية … 11 ألف نازح سوري يعانون الجوع والمرض في مخيم صحراوي محاصر، الحرة، 4/3/2021، الرابط: https://cutt.ly/GbGxDAZ.
6 تأتي أهمية تصريحات المسؤولين في الأمم المتحدة لافتراض كونها تمثّل آراء الأمم المتحدة التقنية والموضوعية، والمبنية على دراسة الخيارات والبدائل بشكل موضوعي، وهي بالتالي ليست تصريحات لمسؤولين غربيين يمكن لروسيا اتهامهم بمناكفتها لأسباب سياسية، ولم يصرّح الروس عملياً بما يعاكس تصريحات المسؤولين الأمميين الذين أكدوا الاحتياج الإنساني للمساعدات عبر الحدود. ورغم ذلك ضربت روسيا بهذه التقييمات الموضوعية عرض الحائط؛ الأمر الذي يبرر التخوف من المزيد من التعنّت الروسي في إساءة استخدام حق النقض الفيتو بما يشكّل انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني.
7 حذرت مساعدة الأمين العام للشؤون الإنسانية ونائبة منسق الإغاثة في حالات الطوارئ  “أورسولا مولر” مجلس الأمن في شباط  من العام 2020 (أي قبل التصويت على إغلاق معبر باب السلامة) من أن احتياجات السكان في سوريا لا تزال هائلة، بل وتستمر في الزيادة وسط تكشُّف كارثة إنسانية في شمال غربي البلاد، وقالت أورسولا مولر: إن “عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي قد ارتفع في عام 2019 بمقدار 1.3 مليون شخص، ليصل إلى 7.9 مليون شخص في عام 2020″، ووفقا لمولر: “إذا لم يتم العثور على بديل ناجع عن اليعربية لإدخال المواد الطبية فإن الفجوة بين الاستجابة الإنسانية والاحتياجات الإنسانية سوف تتسع أكثر”. يُنظر: سوريا: في مجلس الأمن تأكيد على أهمية إيصال المساعدات عبر الحدود في شمال غرب البلاد، موقع الأمم المتحدة، 27 / 2 / 2020 الرابط: https://cutt.ly/4bOeeTY .
8 يُنظر: دبلوماسيون غربيون ومنظمات إنسانية: المساعدات عبر الحدود شريان حياة لملايين السكان، السورية نت، 19/5/2021، الرابط: https://cutt.ly/xb3CP6g.
9 وهو ما يشير إليه تصريح نائب وزير الخارجية التركي (سادات أونال) خلال جلسة مؤتمر بروكسل لدعم سوريا بالقول: “هذه المرة نواجه خطراً جاداً بفقدان آلية الأمم المتحدة عبر الحدود بأكملها؛ حيث إنه من الأهمية بمكان أن يحاول المجتمع الدولي عدم حرمان ملايين السوريين من هذه المساعدة المنقذة للحياة”. يُنظر: إلى ماذا دعت دول الجوار في “مؤتمر بروكسل الخامس لدعم سوريا والمنطقة”؟ موقع الأمم المتحدة، 30/3/2021، الرابط: https://cutt.ly/FbXzSXA.
10 ضمن جهودها في تحقيق الاستقرار في مناطق الشمال تعمل أنقرة -على سبيل المثال- عبر وكالات الإغاثة التركية على بناء 55 ألف منزل للنازحين؛ بهدف توفير نوع من الاستقرار، والتقليل من مخاطر المعيشة في المخيمات العشوائية. يُنظر: تركيا: اكتمال إنشاء 35 ألف منزل وتأسيس البنية التحتية لـ 7500 آخر للنازحين بإدلب، الجسر، 13/ 5/2021م، الرابط: https://cutt.ly/tbXb5AU.
11 أصدر مركز الحوار السوري ورقة بحثية بهدف مناقشة عوامل صمود اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين تركيا وروسيا. يُنظر التقرير: عام من الصمود … كيف أتمّ اتفاق موسكو عامه الأول دون أن ينهار؟ الرابط: https://cutt.ly/ub3LbrR.
12 لوكوك: لا يمكن إيجاد طرق بديلة لمعبرَي باب الهوى وباب السلام لإيصال المساعدات إلى شمال غرب سوريا، موقع الأمم المتحدة، 19 / 5 / 2020، الرابط: https://cutt.ly/FbXlICa.
13 يُنظر التقرير: سوريا: مع تجمّد الأطفال حتى الموت، منظمات إنسانية تطالب بزيادة المساعدات عبر الحدود – أخبار الأمم المتحدة، الرابط: https://cutt.us/bACVd.
14 يُنظر التقرير: استعراض عمليات الأمم المتحدة الإنسانية عبر خطوط النزاع وعبر الحدود – تقرير الأمين العام، الرابط:  https://cutt.us/HshgZ.
15 يُنظر التقرير: تفاصيل جديدة حول الاقتراح الروسي لهدنة طويلة في سوريا، تلفزيون سوريا، 29 / 4 / 2021، الرابط: https://cutt.ly/Xb3M9R1.
16 ما بعد قيصر؛ مَن يتحمل المسؤولية عن تردّي الأوضاع الإنسانية والاقتصادية في سوريا؟ مركز الحوار السوري، الرابط: https://cutt.us/C4tSN.
17 ثمة الكثير من الأدلة التي تشير إلى استخدام المساعدات الإنسانية في الأعمال العسكرية وتسييس توزيع المساعدات، خاصة من قبل بعض المنظمات التي تتبع بشكل غير مباشر لنظام الأسد، كالهلال الأحمر السوري والأمانة العامة للتنمية، ويقوم النظام منذ سنوات بفرض استلام مبالغ الدعم الدولي الوارد للمنظمات من الخارج بالليرة السورية وبسعر المصرف المركزي الذي يصل إلى نصف السعر الحقيقي، وهو ما يعني أن نظام الأسد كان يستولي على نصف التبرعات بشكل غير مباشر. يُنظر: ما بعد قيصر؛ مَن يتحمل المسؤولية عن تردّي الأوضاع الإنسانية والاقتصادية في سوريا؟ مرجع سابق.
18 الروس يريدون رئة يتنفس منها النظام في ظل الركود الكبير الذي يعانيه، ويمكن للمعابر المقترحة أن تسهم في تبادل البضائع وتخفيف فقدان بعض السلع في مناطق النظام أو تخفيف كساد بعضها الآخر، وتصريف الليرة السورية مقابل العملات الأخرى، إضافة لذلك من المعروف أن لتأسيس المصالح الاقتصادية أثراً في التطبيع السياسي، لذا تدفع روسيا تركيا لإعادة فتح معابر في إدلب وحلب. يُنظر: روسيا تدفع تركيا لإعادة فتح معابر في إدلب وحلب، القدس العربي، الرابط: https://cutt.us/oBW3y.
19 يُنظر: هكذا ساهمت الأمم المتحدة في بقاء نظام الأسد وتقويته، ميدان، 27 / 9 / 2018، الرابط: https://cutt.ly/RbXhHCv ، نظام مغشوش
سياسات الحكومة السورية لاستغلال المساعدات الإنسانية وتمويل إعادة الإعمار، هيومن رايتس واتس، https://cutt.us/fmAxm، كيف يتحكم نظام الأسد في مساعدات الأمم المتحدة المخصصة لأطفال سوريا؟، الغارديان، https://cutt.us/HQ37w.
20 يُنظر التقرير: واشنطن تخفف وطأة عقوباتها في سوريا قبل لقاء بايدن- بوتين، عنب بلدي، 13/06/2021م، الرابط: https://bit.ly/2TohFH4.
21 يُنظر: بلينكن يطالب بفتح المعابر الحدودية مع بدء مؤتمر مانحي سوريا، DW، 29 / 3 / 2021، الرابط: https://cutt.ly/Mb3ZrN5. و”الكونغرس” الأمريكي يوجه رسالة إلى إدارة “بايدن” حول سوريا تحمل 4 طلبات، نداء بوست، 08/06/2021م، الرابط: https://bit.ly/3vgHnKQ.
22 يُنظر على سبيل المثال: اتهام النظام السوري ومليشيا حزب الله بنهب المساعدات، الجزيرة، 21/02/2017م، الرابط: https://bit.ly/2U8JnYV، وقوات النظام تسرق مساعدات إغاثة السوريين، العربي الجديد، 22 / 5 / 2015، الرابط: https://cutt.ly/4bNt3DK.
23 وهو الأمر الذي أشار إليه المتحدثون في الندوة التي أقامها مركز الحوار السوري لبحث آليات الحشد والمناصرة الممكنة إزاء قضية تمديد المساعدات عبر الحدود، ينظر: التقرير الإعلامي للندوة الحوارية” التداعيات المحتملة للتشدد الروسي في إغلاق المعابر: البدائل والآثار المحتملة “، https://cutt.us/GPXwv.
24 يُنظر: التقرير: مليون نازح من إدلب وحلب منذ ديسمبر، الشرق الأوسط، 16/ 2 /2020، الرابط: https://cutt.ly/DbNyayn.
25 تجادل روسيا بأن العقوبات الأمريكية والأوروبية هي السبب الرئيسي للمشاكل الاقتصادية التي تعاني منها سوريا؛ وتحاول جاهدة ربط ملف العقوبات بالنقاش حول تمديد آلية تمرير المساعدات عبر الحدود. يُنظر:
Jacob Kurtzer, and Will Todman, The Possible End of Cross-border Aid in Syria, CSIS, 6.7.2020. link: https://bit.ly/3iOHR8.
26 يتضح هذا من خلال تفحص السلوك الروسي إقليمياً؛ فعلى سبيل المثال: تعمدت روسيا التصعيد ضد مناطق النفوذ التركي وقصف المناطق التي تعتبرها تركيا آمنة في الشمال السوري خلال اشتباكات قره باغ والتدخل التركي العسكري في ليبيا، وهو ما يدل على تشابك الملفات ووضعها سوية على طاولة المفاوضات.
27 يُنظر التقرير: إدارة “بايدن” توقف إعفاء شركة النفط الأمريكية العاملة في شمال شرقي سوريا من العقوبات، موقع نداء بوست، 22/05/2021م، الرابط: https://bit.ly/3xoTW8n.
28   Mathew Petti, How the American deal for Syria’s oil died, Responsible Statecraft. link: https://cutt.us/VRItt.
29 يُنظر: بايدن يضع شرطاً على روسيا مقابل التعاون المستقبلي في سوريا، موقع نداء بوست، 17/06/2021م، الرابط: https://bit.ly/3q5HdEY.
30 يُنظر: الخارجية الأمريكية تحيي ذكرى شهداء الجنود الأتراك في إدلب، الأناضول، 2 / 3 / 2021، الرابط: https://cutt.ly/Cb4LFd3.
31 يُنظر: جيمس جيفري: العلاقات التركية الأمريكية ستتحسن في الفترة المقبلة، القدس العربي، 7 / 4 / 2021، الرابط: https://cutt.ly/pb4LNCk.
32 يُنظر نص القرار على الرابط: https://bit.ly/3vuOLT8.
33 يُنظر: برلمان تركيا يناقش مشروع قانون يزيد الرقابة على المنظمات غير الحكومية، Reuters، الرابط: https://reut.rs/2Ub3R37.
34 وهو ما دعا إليه عدد من المنظمات الإنسانية؛ ففي العام اقترح فريق “منسقو استجابة سوريا” أن تتم عودة المنظمات الإنسانية العاملة في المنطقة إلى العمل بما قبل القرار 2165 المُقر في 2014 من خلال توصيل المساعدات، دون أخذ الموافقة من القوى الفاعلة كروسيا والنظام،ودعا أيضاً إلى تحويل التمويل الخاص بوكالات الأمم المتحدة إلى منظمات دولية غير حكومية توزع الدعم المقدَّم إلى الجهات المحلية (منظمات المجتمع المدني، جمعيات،… إلخ)، كما دعا إلى إنشاء صندوق للتمويل الإنساني خاص بسوريا، بدلًا من صندوق التمويل الإنساني الخاص بالأمم المتحدة، وإنشاء كتل تنسيق رئيسية موزعة على مناطق سوريا الخارجة عن سيطرة النظام”. يُنظر: المساعدات عبر حدود سوريا.. خيارات متاحة وتحديات، عنب بلدي، 10/7/2020، الرابط: https://cutt.ly/3bNucsr.
35 وهو ما أشار إليه المتحدثون في الندوة التي عقدها مركز الحوار السوري وتناولت موضوع المعابر والمساعدات عبر الحدود؛ فالمنظمات الأممية التي تتبع للأمم المتحدة ملتزمة بمبدأ “سيادة الدول”، وإدخال المساعدات الإنسانية دون موافقة الدولة هو خرق لسيادتها، وهذا الخرق يمكن العمل به في حال وافق عليه مجلس الأمن.
36 تنصّ المادة الخامسة والعشرون من ميثاق الأمم المتحدة على أنَّ “جميع أعضاء الأمم المتحدة ملزمون على قبول قرارات مجلس الأمن وتنفيذها، بينما تقدم الأجهزة الأخرى في الأمم المتحدة توصيات غير ملزمة للدول الأعضاء”. يُنظر: قرارات الأمم المتحدة: دور كل من الجمعية العامة ومجلس الأمن، الرابط: https://cutt.us/07YDi، ويُنظر:
ROLE OF THE SECURITY COUNCIL, link: https://cutt.us/BvDYu.
37 يُنظر: الإدارة الأمريكية تتخذ أول قرار حول سوريا بعد لقاء “بايدن – بوتين”، نداء بوست، 17/06/2021م، الرابط: https://bit.ly/3vEWxK5.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى