الأبحاث والدراساتالإصداراتاللجنة الدستورية وأفق الحل السياسيوحدة الهوية المشتركة والتوافق

الورقة البحثية ” العوامل المؤثرة في العلاقات الخارجية للكيانات المسلحة: نظرة بانورامية مقارنة “

بين يدي سلسلة موقف قوى الثورة والمعارضة من العلاقات الخارجية مع الدول “المؤيدة للثورة السورية”:

بعد انطلاق الثورة السورية، وفي كل واقعة أو حادثة على المستوى الإقليمي والدولي تُطرح فكرة ضرورة استقلالية قرار الثورة عن الدول الإقليمية والفاعلة “المؤيدة للثورة”، وينقسم السوريون بين مَن يفترض ضرورة تعامُل قوى الثورة والمعارضة بندّية مع الدول الفاعلة بما فيها الإقليمية، ومَن يرى استحالة ذلك ويدعو إلى “الواقعية”؛ بغضّ النظر عن التعريفات الدقيقة لهذه المصطلحات. الأمر الذي يجعل من موضوع “طريقة إدارة العلاقات الخارجية لقوى الثورة والمعارضة” محل تجاذب بين السوريين بمختلف شرائحهم.

انطلاقاً من رسالة وحدة التوافق والهوية المشتركة في بحث النقاط الخلافية -الاستراتيجية منها والتكتيكية- بين قوى الثورة والمعارضة، وسعياً لإيجاد مقاربات متعددة لتحقيق التوافق، أو على الأقل فهم كل طرف دوافع ومبررات الطرف الآخر؛ فقد عمدت الوحدة إلى دراسة الموضوع المشار ومقاربته بحثياً، بما قد يسهم -ولو جزئياً- في تحقيق الهدف المنشود.

ما هو نطاق السلسلة؟

يهدف البحث بفكرته الأساسية إلى تسليط الضوء على مواقف قوى الثورة والمعارضة تجاه هذا الموضوع، وتحليله بهدف تحديد العوامل المؤثرة في تلك المواقف، والمنطلقات المشتركة والمختلف عليها في التعامل مع هذه الدول؛ بعيداً عن وضع أحكام تقييمية لهذه المواقف. بمعنى آخر: ليس من أهداف البحث دراسة هذه المواقف وتقييمها، بقدر الوقوف عليها وفهم دوافع قوى الثورة والمعارضة بمختلف تياراتها تجاه العلاقات الخارجية المتعلقة بالدول “المؤيدة للثورة السورية”.

ما هي الصعوبات التي واجهتنا في أثناء البحث؟

حينما بدأنا بسبر الأدبيات المتعلقة بهذا الموضوع كان التحدّي الأبرز أمامنا في القسم النظري التمهيدي هو تحديد الجهات السورية التي يمكن أن تمثل حالة تطبيقية لمفاهيم أو تعريفات نظرية؛ إذ كان أمامنا الخيارات الآتية: إما اختيار الفصائل العسكرية، مع أن هذا المسمى نفسه غير منضبط نظراً لتعدُّد الفصائل، وإما اختيار الجهات السياسية التي يُفترض أنها ممثلة للشعب السوري “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، وهيئة التفاوض السورية”؛ بصرف النظر عن مدى شرعية تمثيلها، وإما اختيار الجهتَين معاً.

فوجدنا من الناحية المنهجية صعوبة دمج الجهات السياسية والعسكرية، واعتبار موقفهما من العلاقات الخارجية واحداً؛ نظراً لاختلاف طبيعة كل منهما، واختلاف واقعهما، وبالتالي فإن التعامل معهما بحثياً على أنهما شيء واحد سيكون غير دقيق. وبقي أمامنا خياران اثنان؛ فآثرْنا اختيار الفصائل العسكرية كوحدة تحليل من جهة الثورة السورية لسبب أساسي، وهو: أن هذه الفصائل تمتلك بواقعها السابق والحالي عوامل قوة أكبر من القوى السياسية؛ وكذلك بغضّ النظر عن حجمها ومدى توظيفها، وبالتالي فإن ما سنبرزه ونبيّنه بخصوص العوامل المؤثرة في العلاقات الخارجية للفصائل – كما في ملحق هذه الورقة – سينطبق من باب أولى على القوى السياسية.

ما هي المنهجية التي سنتبعها في هذه السلسلة؟

تعتمد هذه السلسلة على نوعين من المصادر: المصادر الأساسية المستقاة من المقابلات الفردية أو مجموعات النقاش المركَّز، سواء مع بعض أصحاب المصلحة أو مع الخبراء. إلى جانب المصادر الثانوية من الأدبيات والمقالات والأبحاث المنشورة التي تركز على العوامل المؤثرة في العلاقات الخارجية للكيانات المسلحة.

كما سنتبع في السلسة المنهج الوصفي بأنواعه المختلفة: التحليلي، والمقارن، ودراسة الحالة؛ بحسب نوع الإصدار.

إصدارات السلسلة:

تتضمن السلسلة أربعة إصدارات؛ يتناول الأول منها إطاراً مقارناً للعوامل المؤثرة في العلاقات الخارجية للكيانات المسلحة بنظرة بانورامية مقارنة، في حين يركز الإصدار الثاني على العوامل المؤثرة في علاقات فصائل الثورة السورية الخارجية، ويبحث الثالث العوامل المؤثرة في علاقات الجهات السياسية “الممثلة للثورة”؛ وستشكل الإصدارات الثلاثة أرضية نظرية معرفية نعتقد أنها ضرورية لفهم المحددات والعوامل التي تؤثر بشكل عام في جزء أساسي من مكونات قوى الثورة والمعارضة.

 لننتقل بعدها إلى تقرير يوضح وجهات نظر بعض الخبراء، إلى جانب عدد من قوى الثورة والمعارضة في علاقاتها الخارجية مع الدول “المؤيدة للثورة” من جهة عوامل القوة والضعف.

 مقدمة:

تؤثِّر عوامل كثيرة ومتنوعة في العلاقات الدولية؛ سلباً أو إيجاباً، وضعفاً أو قوةً، وتطوراً أو تخلُّفاً. وهذه العوامل تتطور وتتغير مع مرور الزمن؛ فالعوامل التي كانت مؤثرة في الماضي لم تعد كذلك في الحاضر، بل تقلص دورها وتراجع في التأثير. ومن أبرز العوامل التي كانت مؤثرة في الماضي وتراجع دورها الآن: الموقع الجغرافي؛ إذ كان يلعب دوراً تقليدياً في التأثير، واستمر كذلك لفترات طويلة من الزمن، وما زال ولكن بنسبة أقل، وفي المقابل تقدَّم العامل الاقتصادي واحتل موقعاً متقدماً في التأثير على العلاقات الدولية[1].

وإذا كانت غالبية المراجع العامة التي تناولت العلاقات الدولية والعوامل المؤثرة فيها قد ركزت على الدولة كعنصر أساسي لهذه العلاقات، وإذا كانت بعض المراجع والأبحاث الأخرى تناولت أثر الثورات في العلاقات الدولية من زاوية وصول هيئة أو أيديولوجيا معينة إلى الحكم عبر الثورة، كما هو حال “الثورة الإيرانية” وغيرها[2]؛ فإن قليلاً من الأبحاث والمقالات بحثت هذه العوامل من زاوية الحركات والتنظيمات والكيانات باعتبارها فواعل ما دون الدولة؛ أي باعتبارها: “بُنى وهياكل تنظيمية مسلحة غير رسمية لم تصل إلى الحكم، وما تزال في مرحلة الصراع أو السعي للوصول إلى الحكم عبر إزاحة السلطة القائمة”، وهو ما ينطبق على حال قوى الثورة والمعارضة السورية بدرجة كبيرة؛ وهذا المفهوم الذي ستعتمده الدراسة في إطار حديثها عن “فواعل ما دون الدولة”، وسنطلق عليها اصطلاحاً اسم “الكيانات المسلحة” في إطار هذه الدراسة[3]. أو هي مشاركة في السلطة بصورة أو بأخرى مع احتفاظها بهياكلها المستقلة، دون النظر إلى شرعيتها الداخلية والخارجية، كما هو حال حركة حماس وميليشيا حزب الله اللبناني وميليشيات الحوثي وميليشيات الحشد الشعبي.

تسعى الورقة لتحليل العوامل المؤثرة في العلاقات الخارجية للكيانات المسلحة؛ دون النظر إلى شرعيتها الداخلية والخارجية، وإنما من خلال النظر إلى “شكل وجودها” فقط؛ إذ يدخل فيها بعض حركات المقاومة وحركات التحرر الوطنية مثل فصائل الثورة العسكرية، وحركة حماس وجبهة التحرير الجزائرية.. إلخ. إلى جانب تشكيلات تأسست وفق عوامل مذهبية وطائفية لتمزيق الدولة وتحقيق مصالح دول خارجية، مثل ميليشيات حزب الله اللبناني وميليشيات الحشد الشعبي وميليشيات الحوثي.

بناءً على ذلك تهدف هذه الورقة للإجابة عن السؤال الآتي: هل ينطبق على الكيانات المسلحة العوامل ذاتها التي تنطبق على الدول في إطار العلاقات الدولية؟ وهل هنالك عوامل أخرى تؤثر في العلاقات غير تلك المعروفة في نطاق الدول؟

تبرز أهمية هذا البحث في أنه يحاول إيجاد أرضية نظرية معرفية توضح العوامل المؤثرة في العلاقات الخارجية لجزء من فواعل ما دون الدولة “الكيانات المسلحة”[4]؛ بما يساعد على فهم أوسع لتأثير هذه الفواعل على المستوى الدولي، ويتيح للمتابعين والمهتمين استشرافاً أولياً لفهم آلية التأثُّر بها والتأثير فيها[5].

اعتمدت هذه الورقة المنهج الوصفي التحليلي الذي يهتم بدراسة الظاهرة وتحليلها والعوامل المؤثرة بها، إلى جانب المنهج المقارن الذي يهتم بدراسة الظاهرة في أكثر من نطاق جغرافي وتاريخي؛ لتلمُّس أوجه التشابه والاختلاف بين الحالات محل المقارنة.

تنقسم الورقة قسمَين: نستعرض في الأول العوامل المؤثرة في العلاقات الخارجية المشتركة بين الدول والكيانات المسلحة، وهي التي تُدرس عادة في مقررات العلاقات الدولية الأكاديمية، ثم نبحث في الثاني بعض العوامل الخاصة بتلك الكيانات، والتي نعتقد أنها تؤثر في تلك العلاقات.

أولاً- العوامل المؤثرة في العلاقات الدولية المشتركة بين الدول والكيانات المسلحة:

تشير مراجع العلاقات الدولية الأساسية إلى شبه اتفاق بين الباحثين على أن العوامل المؤثرة في العلاقات الدولية -إذا أخذنا الدولة كوحدة تحليل في هذه العلاقات- هي: العامل الجغرافي، والسكان، والعامل الاقتصادي، والقوة العسكرية، والعامل الثقافي، والعامل التقني (التكنولوجيا)، والعامل الفكري[6].

سنستعرض هذه العوامل نفسها لنرى مدى تأثيرها في علاقات الكيانات المسلحة المستهدفة في هذه الورقة، من جهة محاولة التعرف على مدى تأثيرها في علاقات هذه الكيانات.

1- 1- العامل الجغرافي: “جيوبولتيك” الكيانات المسلحة:

يندرج الحيّز الجغرافي ضمن العوامل المؤثرة والمهمة في العلاقات الدولية؛ إذ يُعدّ من أهم الركائز في تكوين الدول، ولقد اهتم مفكرون استراتيجيون بموضوع الجغرافيا السياسية الذي يركز -ولو بصفة افتراضية- على فكرة مفادها: “إن هناك علاقة بين قوة الدولة وجغرافيتها[7]، وتتمثل هذه الجغرافيا بعدة معطيات توثر سلباً أو إيجاباً في قوتها وثرواتها، وهي: الموقع الجغرافي، والرقعة الجغرافية، والمساحة والحدود”[8].

تترابط هذه المكونات فيما بينها ترابطا تكاملياً؛ فاختلاف هذه المكونات أو إحداها ينعكس سلباً أو إيجاباً على قوة الدولة ومعالم حياتها السياسية الداخلية والخارجية، وقدرتها على وضع الخطط الأمنية والعسكرية والتنموية وتنفيذها، لكن هذا العامل (الجغرافي) لا يسهم في رسم قوة الدولة بصفة مطلقة، ما دامت مكونات الجغرافيا مرتبطة فيما بينها[9].

ونظراً لما لهذا العامل من تأثير على الدول[10] فإن تأثيراته أيضاً تنطبق بشكل أو بآخر -سلباً أو إيجاباً- على الحركات والتنظيمات ما دون الدولة.

على سبيل المثال: أضحت “ميليشيا الحوثي” من أهم الفواعل في اليمن مستفيدة بشكل كبير من المواقع الجغرافية التي تنتشر فيها[11]؛ فاستطاعت من خلال الموانئ المسيطرة عليها والمطلّة على البحر الأحمر إدخال الأسلحة القادمة من إيران[12]، بالإضافة لاستهداف سفن وبوارج في البحر الأحمر، فضلاً عن التهديد المتكرر بتعطيل حركة الملاحة البحرية عبر مضيق باب المندب[13]، كما استفادت من التضاريس الوعرة التي منحتها تحصيناً طبيعياً وحماية أمنية في مواجهة هجمات قوات التحالف العربي والجيش اليمني[14].

وفي الحالة الفلسطينية عادت إطلالة قطاع غزة على البحر بالفائدة على حركة حماس سياسياً ومعنوياً، لاسيما في المدة التي نشطت فيها حملات سفن الحرية لكسر الحصار الإسرائيلي عن القطاع؛ فالاعتداءات الإسرائيلية على السفن كانت أحد الأسباب التي دفعت بالملف الفلسطيني إلى صدارة المشهد الدولي، وولادة حركة عالمية داعمة للشعب الفلسطيني ومطالبة بفكّ الحصار عنه[15]، وهذه التفاعلات الدولية استفادت منها حركة حماس بصورة غير مباشرة؛ حيث طالبت بعض الأصوات بإزالتها من قوائم الإرهاب الأوروبية والأمريكية[16]، والاعتراف بها مكوّناً أساسياً في النسيج الاجتماعي الفلسطيني[17].

كما استفادت ميليشيات تسيطر على أجزاء من ليبيا من قطاع النفط؛ إذ عمدت إلى بيع شحنات من النفط بطريقة غير شرعية[18]، إلا أنه صار أيضاً مصدراً لنشوب صراعات داخلية بين القوى المسيطرة في المنطقة[19].

كما أن للحدود ومساحة الإقليم تأثيراً في قوة الدولة فإنه يؤثر في التنظيمات والحركات؛ فقد استطاعت جبهة التحرير الوطني الجزائرية في سنة 1954 الاستفادة من المساحات الكبيرة التي تسيطر عليها، وقسمتها لمناطق عسكرية ساعدتها في التصدي للقوات الفرنسية، كما أسهم وجود حدود طويلة مع دول الجوار “تونس وليبيا” مترافقة مع علاقات وطيدة معها في الاستفادة منها، وإنشاء مراكز تدريب ومخازن للتسليح[20].

بالمقابل قد يكون للعامل الجغرافي آثار سلبية؛ فمثلاً كان لوجود حركة طالبان في أفغانستان ضمن منطقة جغرافية حبيسة جعل من باكستان الرئة الوحيدة لها -رغم إغلاق الحدود بشكل رسمي-، هذا الأمر أثر سلباً على الحركة، وأضعف إمكانياتها على المناورة السياسية في مواجهة باكستان عندما انضمت للحلف الغربي بقيادة الولايات المتحدة لضربها، واعتقلت عدداً من قادتها البارزين[21].

إذاً: على الرغم من أهمية العامل الجغرافي للدول والكيانات المسلحة على حد سواء، واشتراكهما في الإيجابيات والسلبيات تجاه هذا العامل؛ إلا أن أهميته تزداد بالنسبة لهذه الكيانات التي في الغالب تفتقد للشرعية التي تؤهلها لتعويض “عنصر الموقع والحيّز الجغرافي” عبر اتفاقيات ومعاهدات مع الدول المجاورة، كالاتفاقيات التجارية والاقتصادية. لذلك وفي ظل هذا الواقع يمنح الحيّز الجغرافي ضمن منطقة غنية بالثروات الباطنية، أو مطلّة على منافذ بحرية مؤثرة، أو في عقدة ربط بين مجموعة من الدول والأقاليم التنظيمات والحركات هامشاً للمناورة، ولاستخدام وسائل متعددة لتوفير الدعم الذاتي لها، أو لتقديم نفسها كسلطة أمر واقع أمام الفواعل الإقليميين والدوليين، بعيداً عن الأدوات القانونية التي لا تستطيع هذه الكيانات غالباً اللجوء إليها[22].

غير أنه كما لقوة العامل الجغرافي آثار إيجابية على الكيانات المسلحة كما أوضحنا فقد يكون له جوانب سلبية؛ فالحيّز الجغرافي وما يحتوي من ثروات أو موقع جيوسياسي مهم قد يكون سبباً للتدخل الخارجي لبعض الدول بشكل معلن أو خفي للحد من نشاطها والتأثير في قرارتها أو نشاطاتها، وقد يصل الأمر لحد التدخل المباشر لحماية مصالحها[23]. حيث يظهر التدخل غالباً بصورة أكبر مما هو عليه في حالة الدول؛ فعدم تمتعها بالشخصية القانونية على المستوى الدولي يُفقدها -ولو نظرياً- القدرة على التمسك بالوسائل القانونية التي يمكن أن تدعم وجودها، خصوصاً فيما يتعلق بمبدأ السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول[24].

في المقابل يُضعف فقدان نقاط قوة العامل الجغرافي من هوامش الكيانات المسلحة؛ إذ غالباً ما يجعلها أسيرة للدول المحيطة بها، والتي تستطيع تقويتها عبر فتح مصادر الدعم لها، أو إضعافها في الحالة المعاكسة لدرجة الحصار شبه الكامل[25].

1- 2- السكان: عبء على الكيانات المسلحة أم فرصة لحفظ المكاسب؟

للعامل السكاني دور مهم في قوة الدولة على المستوى الوطني والقومي كقاعدة عامة؛ إلا أنه من الضروري مراعاة عنصرَين في هذا العامل:

أ – العنصر الكمّيّ: ويُقصد به عدد السكان الذي يسهم بشكل أو بأخر في قوة الدولة، إلا أن هذا العدد يجب أن يكون متناسباً مع الموارد المتاحة كي لا يتحول إلى عنصر ضاغط على الدولة[26].

ب– العنصر الكيفيّ: ويحدد به قيمة الكمّ السكاني؛ إن كان مثقفاً ومتقدماً تكنولوجياً، ودرجة التجانس الاجتماعي فيما بينه، ونسبة الإناث مقارنة بالذكور وأعمار السكان الكلي[27].

في الكيانات المسلحة -كما هو الحال لدى الدول- يُعد عامل السكان سلاحاً ذا حدَّين؛ فهو يمكن أن يكون عامل قوة إن تم استثماره إيجابياً إن كان مؤيداً لها، والعكس بالعكس.

في الحالة اليمنية ومع عدم قدرة الأطراف المتصارعة (الحوثيين – الحكومة الشرعية) على تحريك عجلة الاقتصاد وتحسين أوضاع السكان، كان ثمّة سخط من السكان تجاه الطرفين؛ فخرجت مظاهرات تطالب بإسقاط الحكومة، وأخرى داعية لإنهاء حكم ميليشيا الحوثيين[28]، فشكّل السكان بذلك عامل ضغط داخلي.

في المقابل ثمّة مَن يرى أن من شروط نجاح هذه الكيانات حشد أكبر عدد ممكن من الحاضنة الشعبية لأهداف الدعم والتجنيد؛ لأن الكتلة السكانية الصغيرة قد تؤدي إلى ضعف المورد البشري للتنظيم، وبالتالي تعرضها للاستنزاف والحصار، كما جرى في ثورة عبد الكريم الخطابي في المغرب سنة 1920 ضد الاستعمار الإسباني، حيث كانت الكتلة السكانية الداعمة للحراك صغيرة، وبالتالي لم يعد للثورة القدرة على الحشد البشري في صفوفها بعد 5 سنوات من الحرب؛ ما دفع السكان للانفضاض عنها، وللاتجاه نحو عقد المصالحات والتسويات مع الإسبان[29].

لذلك نعتقد أن العامل السكاني بالنسبة للكيانات المسلحة هو عامل إيجابي من حيث الأصل؛ إذا توفرت عدة مقومات تجعل منها نموذجاً جاذباً، من أهمها:

  • الاستفادة من هذا العامل في إيجاد “حاضنة شعبية”[30]، بما يساعد في إطالة عمر التنظيم ودعمه داخلياً وخارجياً.
  • فرض حالة الأمن والاستقرار للمحافظة على زخم الكتلة السكانية.
  • الانتقال من حالة الاستهلاك إلى حالة الإنتاج؛ بحيث يُنشئ التنظيم نموذجاً جاذباً لافتتاح مشاريع اقتصادية، واستثمار ما يوجد في المنطقة من موارد (ثروات باطنية – زراعة – صيد) لصالح تحسين الوضع الاقتصادي.
  • إتاحة البيئة المناسبة للجهات والمنظمات الداخلية والخارجية لتأمين الاحتياجات الرئيسية للسكان من صحة وتعليم.

إذا لم تتوفر هذه المقومات يتحول العامل السكاني غالباً إلى عامل ضغط على هذه الكيانات، خصوصاً إذا ترافق ذلك مع حصار للمدنيين وقصف للأعيان المدنية[31]، كما حدث مع حالة الفصائل السورية التي تعرضت شرائح واسعة من حاضنتها لحصارات متعددة من قبل النظام وحلفائه[32].

1- 3- العامل الاقتصادي لدى الكيانات المسلحة: بين التبعية واستقلالية القرار

يُعدّ العامل الاقتصادي أحد العناصر الرئيسة الأكثر فاعلية في قوة الدول؛ فامتلاك الدولة اقتصاداً قوياً (موارد طبيعية، أو إنتاج صناعي وزارعي، أو تكنولوجي)[33] يجعل منها قوة مؤثرة إقليمياً ودولياً. في حين أن وجود الاقتصاد الضعيف والمتردّي، وسوء استغلال الموارد قد يجعل الدولة مسلوبة الإرادة، وفي حال من التبعية والتأثير السلبي في قرارها السياسي[34].

ولا شك أن الأهمية التي يحظى بها هذا العامل تنطبق على الكيانات المسلحة، وبدرجة أكبر غالباً؛ فتلك التي تمتلك اقتصاداً غنياً إلى حد ما، من كتلة مالية ضخمة وثروات وموارد تمتلك عاملاً مهماً يسهم في المحافظة على استقلالية قرارها وبقائها  واستمراريتها، فضلاً عن أن هذه الكيانات -ونظراً لعدم امتلاكها غالباً الشرعية القانونية دولياً- لا تستطيع توسيع نشاطها على الصعيد الدولي، كعقد صفقات تجارية خارجية أو الاستفادة من الموارد الطبيعية بالطريقة المثلى، إضافة إلى عدم قدرتها على إطلاق مشاريع صناعية كالدول كونها تعيش حالة عدم استقرار، وهذا ما يجعلها محكومة إلى حد ما للدعم الخارجي المقدم لها، ولاسيما أن الحركات في حاجة مستمرة للموارد المالية لتأمين احتياجاتها وإدارة شؤون حاضنتها.

ويمكن تقسيم الكيانات المسلحة بحسب العامل الاقتصادي قسمَين[35]:

الأول: كيانات مسلحة تعتمد في استمراريتها والمحافظة على نشاطها العسكري والسياسي على الدعم الخارجي، وبالتالي قد تبقى حبيسة ذلك ومرتهنة إلى حد ما للجهة الداعمة لها، وفي حال شح الدعم أو انخفاضه قد يؤدي ذلك إلى تراجع دورها في حال لم تجد بدائل أو موارد تستفيد منها، فعلى سبيل المثال: تراجع الدور الحوثي في اليمن خلال الفترة الماضية نتيجة الأزمة الاقتصادية التي ضربت إيران أبرز مموّليه، خصوصاً بعد تعرضها لسلسلة عقوبات اقتصادية فرضتها الإدارة الأمريكية، ما دفع قيادة الحوثي لتأمين بدائل لتغطية جزء من نفقاته، كفرض ضرائب على التجار والاتجار بالمخدرات[36]. وفي الحالة الفلسطينية اتجهت حركة حماس في ظل افتقارها للموارد، ومع ضعف اقتصادها والتضييق العربي والإقليمي والدولي عليها نحو إيران لدعمها مالياً وعسكرياً ولوجستياً، ومع أن هذا الدعم ساعد في استمرار نشاطها إلا أنه أثّر بشكل أو بآخر في مواقفها الخارجية من بعض القضايا، كما دفع بها للتودد والتملق لطهران لضمان ديمومة الدعم[37].

الثاني: كيانات تعتمد على التمويل الداخلي للمحافظة على استمراريتها وبقائها[38]، ويكون ذلك أحياناً عبر استغلال الثروات الباطنية في المناطق التي تسيطر عليها، كحالة تنظيم داعش سابقاً الذي استولى على الموارد والثروات[39]، ما منحه هامشاً للتحرك، وأتاح له فرض نفسه في المنطقة كأمر واقع قبل الحملة العالمية ضده التي انتهت بإعلان القضاء عليه[40]. أو من خلال بناء سلسلة شركات أعمال وغسيل أموال في دول العالم، كحالة حزب الله اللبناني، الذي يعتمد إلى جانب تمويله من إيران على مجموعة من المصادر الأخرى[41].

إذاً: يحوز العامل الاقتصادي أهمية في حياة الكيانات المسلحة؛ حيث يعطيها هامشاً، سواء على مستوى اتخاذ القرار أم على مستوى الاعتماد على الذات، كما يمنحها القدرة على المناورة أمام الضغوط. وفي المقابل قد يدفعها ضعفها الاقتصادي إلى طلب العون من الجهات الداعمة لها كالدول وغيرها، أو حتى التودد والتملق لها لدرجة التبعية أحياناً.

1- 4- القوة العسكرية: وسيلة أساسية لتعزيز نفوذ الكيانات المسلحة

تُصنَّف القوة العسكرية كأحد أهم عناصر القوة في الدولة، وأبرز العوامل المؤثرة في السياسية الخارجية؛ فالدول الضعيفة عسكرياً تتبع غالباً سياسات خارجية ضعيفة، والعكس لمن يمتلك جيوشاً قوية، وهذه القوة ترتبط بعدة عوامل، أهمها:

  • قدرة الدولة على تصنيع الأسلحة ومدى تقدمها تكنولوجياً، والسرعة في عملية التعبئة، والقدرة في حشد الطاقات البشرية والمالية.
  • مدى كفاءة التدريب للعناصر ومستوى القدرة القتالية لديهم، والخبرات التي يمتلكها القادة في التخطيط الاستراتيجي وإدارة المعارك[42].

لهذا العامل أهمية في حالة الكيانات المسلحة كما هو الحال لدى الدول، وقد يكون تأثيره في الأولى أكبر؛ لأن الحالة الطبيعية للتنظيمات بشكل عام هي “الحرب” أو “النزاع المسلح”[43]، على عكس الواقع الحالي القائم بين الدول الذي يتسم بنوع من السلام[44] مع وجود المنظمات الدولية كالأمم المتحدة، والمعاهدات الجماعية كمعاهدات الحد من انتشار السلاح وحفظ السلام وغيرها، والتي يُفترض إسهامها بنوع من الاستقرار[45].

وبالتالي إذا استطاعت هذه الكيانات تطوير قدراتها في المجال العسكري عبر التدريب والتصنيع مثلاً فسيزداد تأثيرها وقدرتها على المناورة داخلياً وخارجياً. فعلى على سبيل المثال: تمكنت حركة حماس بعد سنوات طويلة من بناء منظومة أسلحة خاصة من صواريخ وقذائف مدفعية وطائرات مسيرة، وهي ضعيفة مقارنة بالأسلحة الإسرائيلية؛ لكنها فرضت من خلالها واقعاً جديدا[46]. كذلك لا تنحصر أهمية العامل العسكري في الميدان فقط، بل يشكل عامل ضغط خلال عمليات التفاوض[47]؛ فعلى سبيل المثال: استطاعت حركة طالبان الأفغانية عبر نشاطها العسكري دفع الولايات المتحدة للتفاوض معها[48].

وفي المقابل قد يتحول هذا العامل المهم إلى قوة ضغط سلبية على الكيانات المسلحة التي في المجمل تكون غير قادرة على استيراد الأسلحة النوعية وعقد صفقات قانونية مع الدول المصنعة، فتعيش حالة محدودية في الكمية والنوعية؛ ما يؤثّر سلباً في قدراتها الهجومية والدفاعية، إضافة إلى أن السلاح المقدم لها قد يقلل من استقلالية قرارها، وقد يضعف من تأثيرها، أو قد يؤدي إلى حرف مسارها.

لذلك نعتقد أن العامل العسكري له أهمية بالنسبة للكيانات المسلحة أكثر من حالة الدول؛ نظراً لأهميته في المساهمة بشكل مباشر في تحديد قدرتها على المناورة، وفرض نفسها عسكرياً وسياسياً، حيث إنه في حال فقدان هذا العامل قد تُمنى هذه الكيانات بالهزيمة، حتى وإن امتلكت عوامل قوة أخرى؛ فهذه الكيانات غالباً ما تكون ضمن معادلة عسكرية[49].

1- 5- العامل الثقافي: أولوية الانتماء الوطني

العامل الثقافي من العوامل التي اختلف الباحثون في تعريف ماهيته وطبيعته ومكوناته؛ فمنهم مَن استخدمه لوصف سلوك يتعلق بطبقة اجتماعية معينة، واستخدمه غيرهم للتعبير عن تطور أحد المجتمعات وتقدّمه على مجتمعات أخرى، فيما عرّفه آخرون بأنه: جماع السمات الروحية والمادية والفكرية التي تميز المجتمعات عن بعضها[50].

يُعدّ التنوع الثقافي عنصر قوة في الدول وسبباً في التطور الاقتصادي والارتقاء العلمي إذا أحسنت إدارته[51]، مع وجود مجموعة من المعايير، من بينها التجانس بين الأعراق والأديان …إلخ، ودرجة التعليم في المجتمع، وكونه بيئة حرة تكفل حرية الرأي والتعبير[52]؛ فوجود التنوع وحسن إدارته يتيح للدولة توسيع دائرة تحالفاتها، ويعزّز قدرتها على نسج علاقات خارجية من خلال توظيف كل مكون لخصائصه اللغوية والثقافية[53].

وينطبق الأمر ذاته على الكيانات المسلحة؛ فعلى سبيل المثال: كان للعامل الثقافي دور إيجابي على حركة طالبان، فقد أسهم انتماء الحركة إلى الغالبية القومية البشتونية[54]، واعتمادها المدرسة الديوبندية الحنفية[55] مرجعاً دينياً وفكرياً في بقائها وصمودها، عبر حشد الشباب المقاتل وتلقّي الدعم من القبائل البشتونية، وخارجياً كان لهذا العامل دور في غاية الأهمية؛ فتلقت الدعم من قبل قبائل البشتون في باكستان[56]، وتحولت مناطق هذه القبائل في غرب باكستان عمقاً استراتيجياً للحركة ومكانا لتخزين السلاح، بالمقابل استمرت حكومة باكستان بدعم الحركة تارة علناً وتارة أخرى سراً[57].

وفي المقابل قد يكون لهذا العامل دور سلبي على الكيانات المسلحة؛ فبعد انطلاق الثورة اليمنية في 2011 أسهم التعدد القَبَلي والطائفي في البلاد إلى التفكك وتغذية الصراعات الداخلية[58]، حيث اتجهت ميليشيا الحوثي بعد عامين من انطلاق الثورة إلى تغذية أبناء مناطقها بالمناطقية والمذهبية، وتصوير ما يجري في اليمن على أنه صراع مذهبي بين الزيدية والشافعية، ما أدى إلى حدوث نوع من التمزق في النسيج الوطني والاجتماعي[59].

على الرغم من كل ذلك، ومع وجود تشابه نسبي بين الدول والكيانات المسلحة في تأثير العامل الثقافي في العلاقات الخارجية لكل منهما؛ إلا أن حضور هذا العامل يبقى أقوى في حالة الدول منه في حالة هذه الكيانات، لأن هذا العامل عادة ما يرتبط بالدول التي تملك حضوراً قوياً ثقافياً وعسكرياً وسياسياً[60] يدفعها للسعي لتصدير ثقافتها وفرض مصطلحاتها، الأمر الذي لا نجده لدى الكيانات المسلحة باعتبار أن المحرك الأساسي لها خارجياً غالباً ما يكون المحافظة على وجودها “الدفاع عن وجودها”، أكثر من فكرة السعي لتصدير نموذجها والوصول إلى حكم مؤسسات الدولة، وبالتالي قد يكون هذا البُعد حاضراً لديها بعد تحقيق هذا الهدف، وفي  هذه الحالة تكون دخلت في مرحلة “الدولة”.

 إذاً: يؤثر العامل الثقافي في قوة هذه الكيانات وعلاقاتها الخارجية، وقد يأخذ هذا التأثير شكلاً إيجابياً فيزيد من قوة الحركات ويمنحها أوراق ضغط، ويجعل منها حركة وطنية مقبولة عندما تتبنى أهدافاً وتعتمد خطاباً وطنياً، أو قد تتحول إلى تنظيمات مجزِّئة عندما تُظهر الولاءات الطائفية والعرقية، فتؤول هذه التنظيمات إلى حواضن مذهبية أو طائفية أو عرقية تبني علاقاتها وفقاً لهذه الولاءات الأضيق.

1- 6- التكنولوجيا: وسائل وتقنيات مؤثرة في قوة الكيانات المسلحة

للعامل التكنولوجي العديد من المعاني والتعاريف؛ منها ما جاء في المعجم البريطاني: “تطبيق المعرفة العلمية على الأهداف العملية لحياة الإنسان، أو كما يُصاغ في بعض الأحيان: لتغيير البيئة البشرية والتلاعب بها”[61]، ولهذا العامل تأثير في عوامل أخرى كالعامل الاقتصادي، والقوة العسكرية، والاتصالات، والمعلومات وغيرها[62].

يشغل العامل التقني “التكنولوجي” أهمية بالغة في حياة الدول خصوصاً في الوقت الحالي، سواء تلك التي تسعى بشكل مستمر لتطويره واختراع وسائل جديدة في كافة المستويات “المعلومات، الاتصالات، التكنولوجيا المالية، والعسكرية”، أو التي تستخدمه وتعتمد عليه في خدمة مشاريعها، ويُعد العامل التكنولوجي بشكلَيه “التصنيع والاستخدام” من أهم الموازين في العلاقات بين الدول، وفرزها بين دول متقدمة وأخرى متخلفة[63] .

هذا العامل الذي يُستعمل من الدول في مجالات متعددة من أهمها: “العسكري، والاقتصادي، والقوة الناعمة”[64] يشغل حيّزاً مهماً لدى الكيانات المسلحة في مجالين اثنين: الأول هو استخدام جانب من التكنولوجيا، خصوصاً وسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات الحديثة “القوة الناعمة” للترويج لأفكارها ودعم سلوكياتها وتصرفاتها، كما هو حال حزب الله الذي أنشأ “جيشاً إلكترونياً” لدعم مواقفه الداخلية والخارجية[65]، والثاني: استخدامها في المجال العسكري والاستفادة من التكنولوجيا المتوفرة وتطويرها بما يتناسب مع واقعها، ويفيد في بقائها واستمرارها. فعلى سبيل المثال: اهتمت حركة حماس الفلسطينية بتطوير ترسانتها العسكرية فعملت على زيادة مدى صواريخها[66]، وحسّنت من أداء شبكاتها السلكية السرية التي كان له أثر بارز في المعارك التي خاضتها ضد الاحتلال الإسرائيلي[67].

أما بالنسبة لاستخدام التكنولوجيا في المجال الاقتصادي فغالباً ما يكون هذا الاستخدام غائباً لدى هذه الكيانات؛ لعدم وجود بيئة مستقرة تسمح بذلك كالتي تتوفر عادة لدى الدول، إلى جانب وسط يوفر بيئة علمية تحفيزية لذلك.

1- 7- العامل الفكري: موقع أيديولوجيا الكيانات المسلحة في العلاقات الدولية

عرّف العديد من الباحثين مفهوم الأيديولوجيا السياسية بمجموعة من القيم والعقائد والاتجاهات، وبخليط من المدركات التخيلية والواقعية، وأن لها تأثيراً في تحديد مواقف سياسية للدول، فضلاً عن أنها وسيلة لتسهيل اتخاذ القرار وهدف لتبرير سلوك معين[68].

يلعب العامل الفكري “الأيديولوجي” دوراً لا يقل أهمية في بعض الحالات عن العوامل الأخرى في العلاقات الدولية؛ فمن الممكن أن يحدد من خلاله أنماط العلاقات بين الدول، تحالفية تعاونية أو صراعية عدائية. ويرى باحثون أن لهذا العامل تأثيراً لا يقتصر على العلاقات بين الدول، بل يتجاوز ذلك ليحدد أنماط السلوك السياسي لدولة ما وشكل نظام الحكم فيها، كما هو حال إيران بعد الإطاحة بنظام الشاه وتبنّي أيديولوجية “ولاية الفقيه” وفكرة تصدير الثورة[69].

في حالة الكيانات المسلحة قد تلعب أيديولوجيتها دوراً مهماً في علاقاتها الخارجية عندما تكون تلك الأيديولوجية متوافقة مع الإطار الإقليمي والدولي، وعلى العكس قد تتحلى بالبراغماتية؛ مما يُضعف تأثير العامل الأيديولوجي عندما تجد نفسها في محيط محارب لأيديولوجيتها. ففي هذه الحالة قد يؤدي تمسكها بالعامل الأيديولوجي خارجياً إلى حصارها والعمل على إنهائها، هذا الأمر ينطبق على الدول كذلك؛ إلا أن الأخيرة تمتلك هامشاً أكبر للمناورة وتجاوز الآثار السلبية أو تعظيم تلك الإيجابية باعتبارها عضواً يمتلك أدوات قانونية أكثر على الصعيد الدولي، بينما في حالة الحركات والتنظيمات يزداد التأثير السلبي للعامل الأيديولوجي في حال فقدان “المحيط الداعم” أو المحايد؛ لافتقادها الشرعية القانونية غالباً، وبالتالي تستطيع الدول الرافضة لها توظيف حملها أيديولوجية مخالفة في حربها ومحاصرتها.

كذلك تؤثر قوة الكيان المسلح الاقتصادية والجغرافية والعسكرية في مدى اعتماده على العامل الأيديولوجي خارجياً؛ فقد يدفعه الضعف إلى التخلي عن الأيديولوجية والتحلي بالبراغماتية في علاقاته الخارجية، فيسعى للتقرب أو التودد لدولة ما حتى وإن اختلف معها أيديولوجياً مقابل حصوله على دعم سياسي أو عسكري أو حتى تحييدها، كحال حركة حماس في علاقتها مع إيران، ومع بعض الدول الإقليمية المحيطة بها.

كما نلحظ حضوراً للعامل الأيديولوجي لدى هذه الكيانات في حالة ارتباطها بإحدى الدول عضوياً ومالياً وعسكرياً، كما هي حالة الميليشيات التي أنشأتها أو دعمتها إيران، كحزب الله اللبناني وجماعة الحوثي في اليمن والحشد الشعبي في العراق؛ ففي هذه الحالات نلحظ تكريساً للعامل الأيديولوجي خارجياً لأنه أحد أهم أسباب وجودها واستمرارها.

وفي المقابل نرى في بعض الحالات امتناعاً من الكيانات المسلحة عن استخدام العامل الأيديولوجي خارجياً بقصد كسب الأصدقاء، كما هو حال جبهة التحرير الجزائرية التي امتنعت عن توظيف أية أيديولوجية سياسية خارجياً رغم حالة الانقسام العالمي في حقبة الحرب الباردة، بقصد تدويل القضية الجزائرية والحصول على التأييد العالمي[70]؛ حيث اتجه قادة الثورة في مؤتمر الصومام[71] لتأكيد ضرورة الوقوف على الحياد والبحث عن التأييد من جميع الدول، والاستفادة من صراع المعسكرين بما يخدم الثورة، كما أن مشاركتها في مؤتمر عدم الانحياز “مؤتمر باندونغ” كان فرصة مهمة للثورة الجزائرية من أجل طرح قضيتها عالمياً، والتأكيد على عدم الارتباط بأيّ من المعسكرين، كما بذلت جبهة التحرير الوطنية جهداً كبيراً لإنكار أي تأثير شيوعي لها، خاصة كونها تلقت دعماً “متأخراً” ضد الفرنسيين من الاتحاد السوفيتي[72].

بناءً على ما سبق نلحظ أن الكيانات المسلحة غالباً ما تتمسك بالعامل الأيديولوجي خارجياً إذا كان المحيط الإقليمي والسياق الدولي داعماً لهذه الأيديولوجية، وإذا كانت تمتلك من عوامل القوة ما يجعلها قادرة على التمسك بهذه الأيديولوجية دون أن تستطيع دول خارجية محاصرتها أو إضعاف تأثيرها، أو كانت ناشئة ومرتبطة أيديولوجياً بإحدى الدول.

ثانياً- العوامل المؤثرة في العلاقات الدولية المتعلقة بالكيانات المسلحة:

تفرض طبيعة فواعل ما دون الدول عوامل خاصة بها تُضاف إلى العوامل المشتركة التي استعرضناها في القسم الأول من هذه الورقة، ويمكن تحديد هذه العوامل بثلاثة عوامل أساسية، هي: الشرعية، والمؤسساتية، وطبيعة فاعل ما دون الدولة. وسنبحث هذه العوامل تباعاً.

2- 1- شرعية الكيانات المسلحة: مركزية الابتعاد عن التصنيف بـ “الإرهاب”

للشرعية من حيث الأصل جانبان: داخلي وآخر خارجي؛ ففي الشرعية الداخلية يرتبط الأمر بقبول المواطنين بالسلطة، فتوفر الشرعية يعني خضوع الأفراد للسلطة من خلال الامتثال الطوعي أو شبه الطوعي؛ والامتثال شبه الطوعي هو الامتثال بدافع الرغبة مدعوماً بالإكراه، لاسيما الإكراه الذي يضمن أن يلتزم الناس بالقانون[73]، وهذا ينطبق على كلٍّ من السلطة التي تمارسها الدولة والجماعات المسلحة غير الحكومية. وبالتالي يمكن فهم الشرعية على أنها قَبول للسلطة من الجميع، على الرغم من عدم قدرة جميع المواطنين على إضفاء الشرعية بالتساوي[74].

على الصعيد الخارجي أضحت شرعية الدولة – كشخصية اعتبارية حاضرة في المجتمع الدولي- أمراً مسلّماً به، بصرف النظر عن قضية “الاعتراف” التي ترتبط عادة بالنظام الذي يمثل هذه الدولة أو تلك[75]. غير أن ذلك لا ينطبق على الكيانات المسلحة التي لا تدخل حتى الآن ضمن أشخاص القانون الدولي العام[76]؛ بمعنى أنه ليس من حقها على سبيل المثال إبرام معاهدات دولية، ولا يمكن مخاطبتها بأحكام القانون الدولي من حيث الأصل[77].

هذا المعنى الإيجابي للشرعية الذي تفتقده هذه الكيانات هو فارق أساسي بينها وبين الدول، يُضاف إلى ذلك بُعد مهم في قضية الشرعية يحمل معنى “النفي” -إن صح التعبير- ويؤثّر بشكل مباشر فيها، وهو: “التصنيف على قوائم الإرهاب”، بمعنى أن شرعية الكيانات المسلحة، وإن كانت لا تتضمن معنى إيجابياً[78] يتمثل بتمتعها بالشخصية القانونية الدولية التي تؤهلها للتمتع بالحقوق وتحمل الواجبات، فإنها تأخذ معنى سلبياً[79] يتمثل في عدم تصنيفها على قوائم الإرهاب الدولية[80].

بناءً على ذلك يمكن تعريف شرعية فواعل ما دون الدولة “المسلحة وغير المسلحة”: “قبول سلطتها في حال كانت جماعات مسلحة غير حكومية، أو مجرد تأييدها وقبولها في حال كانت مجرد جماعات سياسية على الصعيد الداخلي، وعدم تصنيفها “جماعات إرهابية” على الصعيد الخارجي”.

لقد كان لهذا العامل تأثير مباشر في طبيعة العلاقات الخارجية للجماعات المسلحة غير الحكومية سلباً وإيجاباً؛ فوجود التأييد الشعبي لهذه الجماعات مترافقاً مع عدم تصنيفها كـ “جماعات إرهابية” يزيد من فعاليتها الخارجية، والعكس بالعكس. ومثال ذلك: جبهة التحرير الوطني في الجزائر ضد الاستعمار الفرنسي؛ فإن حيازتها على تأييد شعبي واسع[81] أسهم إلى جانب عوامل أخرى في لعب دور سياسي في الجزائر وفي المشاركة بالعديد من المؤتمرات الدولية، مما زاد من فعاليتها الخارجية ومنحها زخماً إقليمياً ودولياً[82]. وفي المقابل فإن تنظيم حزب الله اللبناني ورغم حصوله على تأييد شريحة من اللبنانيين؛ إلا أن تصنيفه من دول كثيرة، على رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وحتى جامعة الدول العربية، على قوائم الإرهاب قيَّد بشكل كبير من علاقات الحزب الخارجية[83].

إذا كان للتأييد الشعبي للكيانات المسلحة أثرٌ مباشرٌ في قدراتها البشرية فإن عامل التصنيف على قوائم الإرهاب من مجلس الأمن بالدرجة الأولى، ومن الدول الغربية بالدرجة الثانية (الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا تحديداً)[84]، هو أحد أهم العوامل المؤثرة في قدرتها على إقامة العلاقات الخارجية والتفاعل مع المحيط، ولذلك نجد أن معظمها تحرص على الابتعاد عن التصنيف[85]، أو العمل على رفع التصنيف في حال حدوثه[86].

يترتب على قرار التصنيف آثار سياسية وقانونية، من أهمها: المنع من السفر والملاحقة القضائية وعدم القدرة على ممارسة نشاط سياسي معترف به على مستوى الأمم المتحدة أو على مستوى العلاقات الخارجية[87]، وأخرى اقتصادية كتجميد الأرصدة وحظر التعامل مع المؤسسات أو الشركات التابعة لهذه التنظيمات[88].

2- 2- المؤسساتية: حضور العامل الهيكلي

تلعب مؤسسة الدولة -بحسب المدرسة المؤسساتية الجديدة- دوراً مهماً في رسم سياسة الدولة الداخلية والخارجية، والجهة الأساسية التي تحدد المصلحة العامة؛ إذ تتضمن مؤسساتها -باعتبارها ميداناً للتفاعل بين السياسيين- أطراً وقيماً تؤثر في الفاعلين المنتمين لها خاصة، وفي المجتمع بشكل عام[89].

في حالة التنظيمات والحركات نرى أن لهذا العامل تأثيراً مباشراً في علاقاتها الخارجية؛ فكلما امتلكت جهازاً مؤسساتياً منظماً كانت قدرة تأثيرها في العلاقات الخارجية أكبر.

في حالة الثورة الجزائرية: نجد أن من أهم العوامل التي أسهمت في قدرة جبهة التحرير الوطني على توسيع علاقاتها الخارجية نجاح مؤتمر الصومام[90]؛ إذ نتج عنه تأسيس وحدات ولجان ومؤسسات قيادية للثورة، كالمجلس الوطني للثورة التحريرية الذي اعتُبر حينها أعلى سلطة في التنظيم السياسي والإداري للثورة وبمثابة برلمان للثورة وهيئة تشريعية عليا لها، إلى جانب تأسيس لجنة التنسيق والتنفيذ، وهي جهة أوكلت إليها المهام التنفيذية لقرارات مؤتمر الصومام، بالإضافة لتأسيس لجان اقتصادية وسياسية وإعلامية ونقابية[91]، وكذلك اختيار المؤتمر قيادة فعلية لجبهة التحرير الوطني[92].

خاتمة:

مما تقدم: نلحظ أن العوامل السابقة تؤثر بطريقة أو بأخرى في العلاقات الخارجية للكيانات المسلحة، وبنِسب متفاوتة بحسب السياق الزمني والمكاني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي والذاتي المتعلق بالفاعل نفسه أو بالسياق المحيط به إقليمياً ودولياً. وهذا الأمر يُضفي حالة عامة من النسبية لهذه العوامل وتأثيراتها. وفي هذه النقطة يبدو أن ثمّة تشابهاً بين الكيانات المسلحة والدول في نسبية تأثير هذه العوامل كقاعدة عامة، وإن كان ذلك لا ينفي وجود عوامل أساسية ومؤثرة خاصة بالحركات والتنظيمات يمكن ملاحظتها من خلال الاستقراء والتجارب المقارنة، كالعوامل الجغرافية والاقتصادية والعسكرية، إلى جانب العوامل الخاصة بها “الشرعية والمؤسساتية”.

ولعل النقطة الأبرز في الاختلاف بين الدول وتلك الكيانات هي قضية “الشرعية”؛ حيث إن افتقاد الأخيرة للأدوات القانونية كالمعاهدات والاتفاقيات بصورة قانونية معترف بها يحدُّ من قدرتها على التحرك وعلى توظيف عوامل كثيرة تستفيد منها الدولة عادة، كالعوامل الاقتصادية والتكنولوجية.

والأمر ذاته ينطبق على العامل العسكري؛ فاختلاف حالة الدول عن الكيانات المسلحة من حيث الوضع الطبيعي “حالة الحرب أو السلم”، ووجود الكيانات المسلحة عادة في بيئة الحرب يدفع هذا العامل إلى مقدمة العوامل المؤثرة في علاقاتها الخارجية، خصوصاً وأن قوة هذا العامل تتحكم بدرجة كبيرة باستمرارها من عدمه.

بهذا نكون قد استعرضنا أبرز العوامل المؤثرة في العلاقات الخارجية للكيانات المسلحة عبر نظرة مقارنة، وهذا ما يطرح التساؤل الأهم في إطار حالتنا السورية: ما هو مدى تأثير هذه العوامل في العلاقات الخارجية لفصائل الثورة مع “الدول المؤيدة للثورة السورية”؟ وما هي نقاط القوة التي امتلكتها الفصائل من هذه العوامل كي يكون لها حضور على مستوى هذه العلاقات؟

وهذا ما سنحاول الإجابة عنه في الإصدار الثاني من هذه السلسلة.

لتحميل الورقة:

الورقة البحثية “العوامل المؤثرة في العلاقات الخارجية للكيانات المسلحة: نظرة بانورامية مقارنة”

لمشاركة الصفحة: https://sydialogue.org/mfa9

ملحق يوضح مدى توفر العوامل المؤثرة في العلاقات الخارجية لفواعل ما دون الدولة بالمقارنة بين تلك المسلحة وغير المسلحة:

العوامل المؤثرة في العلاقات الخارجية لفواعل ما دون الدولة الفواعل المسلحة غير الفواعل المسلحة
1. العامل الجغرافي P ×
2. العامل العسكري P ×
3. العامل الاقتصادي P ×
4. العامل السكاني P ×
5. العامل التكنولوجي P P
6. العامل الأيديولوجي P P
7. عامل الشرعية P P
8. عامل المؤسساتية P P

[1]–  هادي عبد المولى طشطوش، مقدمة في العلاقات الدولية، دون ناشر، 2010، ص17.
[2] – Fred Halliday:
  • Revolution and World Politics “The Rise and Fall of the Sixth Great Power”, DUKE University Press. 1999.
  • Fred Halliday, Iranian foreign policy since 1979: internationalism and nationalism in the Islamic Revolution, Yale University Press, New Haven, pp. 88-107.
  • ‘The Sixth Great Power’: On the Study of Revolution and International Relations, Review of International Studies, Jul., 1990, Vol. 16, No. 3 (Jul., 1990), pp. 207-221.
[3] تشمل “فواعل ما دون الدولة” نوعين اثنين:
الأول: الفواعل العنفية: وتشمل فواعل متعددة مثل أمراء الحرب والميليشيات والمنظمات الإرهابية وشبكات المرتزقة.
الثاني: الفواعل غير العنفية: وتشمل على سبيل المثال الأحزاب والشركات متعددة الجنسيات.
للتوسع حول تعريف هذه الفواعل يُنظر: شهرزاد أدمام، الفواعل العنفية من غير الدول: دراسة في الأطر المفاهيمية والنظرية، مجلة سياسات عربية، العدد /8/، 2014، ص69 وما بعدها.
[4] ثمة خلاف بين الباحثين حول مدى شمول مصطلح “العلاقات الدولية” للعلاقات بين فواعل ما دون الدولة كالشركات متعددة الجنسية والأحزاب والتنظيمات المسلحة، وإن كان الرأي الغالب أنه على الرغم من التغييرات التي طرأت على إطار العلاقات الدولية؛ إلا أن الدولة “بوصفها وحدة التحليل الأساسية في هذه العلاقات” ما تزال الفاعل الرئيس، وليس الفاعل الوحيد.
يُنظر: د. عصام عبد الشافي،  مفهوم العلاقات الدولية: إشكاليات التعريف، المعهد المصري للدراسات، 15-2-2015، شوهد في: 17-1-2021.
[5] وجدنا أنه من المهم وضع هذا الإطار المعرفي قبل الحديث عن حالة قوى الثورة والمعارضة السياسية منها والعسكرية على حد سواء، والتي سنخصص لها إصدارين لاحقين في إطار هذه السلسلة.
[6] يُنظر على سبيل المثال: هادي عبد المولى طشطوش، مرجع سابق، ص17 وما بعدها، وعوامل قوة الدولة في المجال الدولي، الموسوعة السياسية، شوهد في: 1-1-2021، وعبد السلام جمعة زاقود، العلاقات الدولية في ظل النظام العالمي الجديد، شوهد في: 1-1-2021.
[7] يُنظر: د. نبيل أحمد الأمير، الجغرافيا السياسية: الأسس والمفاهيم، صحيفة المثقف، شوهد في: 5 – 1- 2020.
[8] أ- الموقع الجغرافي: فيما إذا كانت الدولة تطل على بحار أو أنهار أو مضائق.
ب- الرقعة الجغرافية وهي المكان الذي تشغله الدولة، وهل يتضمن موارد وثروات طبيعية ونوعها ومدى اهتمام العالم بها، وهذا العنصر يؤثر بشكل مباشر في قوة الدولة؛ حيث يعطي وجود دولة ضمن منطقة مليئة بالثروات والباطنية والموارد الدولة أهمية إقليمية ودولية.
ج- مثال: ليس من المصادفات أن بعضاً من أقوى دول العالم (أمريكا – روسيا) هما من أكبر الدول من حيث الحجم، لكن هذا العامل يُنظر إليه بشكل نسبي، فدول صغيرة في الخليج كالإمارات وقطر اكتسبت مكانة دولية لتوفر الثروات الباطنية فيهم، كما أن للحدود تأثيراً على الدولة؛ فكلما طالت الحدود بين دولتين وكانت العلاقة قوية أسهم ذلك في فتح باب الاستيراد وانسياب البضائع.. إلخ، وبالتالي انعكس إيجاباً على الاقتصاد، وينعكس سلباً إذا كانت العلاقات متوترة.
يُنظر: ممدوح الوالي، النفط عماد الاقتصاد الليبي، موقع الجزيرة، 16-3-2011، شوهد في: 8-11-2020، وبيير فرانسوا بيسّـون، استمرار الاضطرابات في ليبيا يُـربـك الأسواق النفطية العالمية، إذاعة سويسرا العالمية، 25 – 2 – 2010، شوهد في: 8-11-2020، وزكرياء أزم، وعبد الفتاح ولد حجاج، العلاقات الدولية والأطراف الفاعلة، جامعة الحسن الأول، 2013-2014، شوهد في: 8-11-2020.
[9] يضيف الباحثون أنه لا يمكن الحديث عن دولة قوية في الوقت الذي تعاني فيه من نقص في مواردها الطبيعية، أو أن موقعها الجغرافي غير منفتح على منافذ بحرية، أو لا يسمح لها بتصميم خطط عسكرية للدفاع ومواجهة أي هجوم ضد قوى مجاورة لها.
يُنظر: شكاكطة عبد الكريم، محاضرات حول الجغرافيا السیاسیة، مفهوم الجغرافيا السياسية، 2 – 1 – 2016، شوهد في: 5-11-2020.
[10] على سبيل المثال: تتمتع تركيا بموقع متميز كونها تقع على مفترق الدول بين قارات العالم، يمكنها من لعب دور كبير ومتنام في منظومة الاقتصاد والتجارة العالميين.
بالمقابل فإن دولة مثل أفغانستان لم تحظى بذات الأهمية لعدم إطلالها على أي منافذ بحرية، لكن موقعها في وسط المناطق الآسيوية منحها أهمية جيو-استراتيجية، يُنظر: أحمد دياب، مستقبل الصراع الإقليمي على أفغانستان بعد الانسحاب الأمريكي، مركز الإمارات للسياسات، 27-7-2020 ، شوهد في: 8-11-2020.
[11] يُنظر: جماعة الحوثي، النشأة والتأسيس والتوجه الإيديولوجي، موقع الجزيرة، 7 – 12 – 2014، شوهد في: 7 -11-2020.
[12] – يُنظر: إيران تزود الحوثيين بدفعة جديدة من الأسلحة عبر ميناء الحديدة، ميدل ايست أونلاين، 27-1-2020، شوهد في: 7 – 11 – 2020.
[13] يُعدّ “باب المندب”  رابع أكبر الممرات من حيث عدد براميل النفط التي تمرّ فيه يومياً، وقد مرّ عبر المضيق نحو 3.8 ملايين برميل في اليوم عام 2013، أي نحو 6.7 في المئة من تجارة النفط العالمية، وتدفق نحو 4.8 ملايين برميل يومياً من النفط الخام والمنتجات النفطية المكررة عبر باب المندب عام 2016 في اتجاه أوروبا والولايات المتحدة وآسيا وفقا للإدارة الأميركية لمعلومات الطاقة.
يُنظر: باب المندب بالوقائع والأرقام، الشرق الأوسط، 26-7-2018، شوهد في: 27-1-2021.
[14] يُنظر: د. فؤاد البنا، لماذا تأخر الحسم في اليمن؟ (دور الحوثيين والطبيعة اليمنية في عرقلة الحسم)، مركز أمية للدراسات الاستراتيجية، 15- 3-2020، شوهد في: 8-11-2020.
[15] قد يرى البعض أنه في المقابل لم تستفد حماس من إطلالة قطاع غزة على البحر بسبب الحصار الإسرائيلي الخانق، ليتحول الموقع وسيلة إسرائيلية للضغط والتضييق على القطاع، وعرقلة وصول سفن المساعدات.
يُنظر: سفن كسر حصار غزة.. من الحرية إلى الزيتونة، موقع الجزيرة، 22- 9-2016، شوهد في: 8-11-2020.
[16] يُنظر: حماس ترحب برفع اسمها من قائمة الإرهاب الأوروبية، موقع الجزيرة، 17-12-2014، شوهد في 29-11-2020.
[17] يُنظر: علي بدوان، العالم ما بعد موجات سفن الحرية، موقع الجزيرة، 8-6-2010، شوهد في 29-11-2020.
[18] موسى مهدي، مطامع روسية للهيمنة على النفط الليبي، العربي الجديد، 9-4-2019، شوهد في: 28-1-2021، وبين فيشمان، لعبة حفتر سعياً وراء النفط الليبي، موقع الحرة، 10-7-2018، شوهد في: 28-1-2021.
[19]–  يُنظر: علاء فاروق، من وراء ظاهرة إغلاق الحقول النفطية في ليبيا.. وما أهدافه؟، موقع عربي21،  21-7-2020، شوهد في: 8-11-2020.
[20] يُنظر: علي الصلابي، كيف دعمت ليبيا الجزائر في معركتها المقدسة ضد فرنسا؟، موقع الجزيرة، 11-3-2018، شوهد في: 28-1-2021.
[21] يُنظر: أحمد زيدان، لماذا نجحت طالبان وأخفقت القاعدة (2)، مدونات الجزيرة، 12-1-2018،  شوهد في: 28-1-2021.
[22] سنتحدث عن هذا العامل تفصيلاً في فقرة “عامل الشرعية” ضمن هذه الورقة.
[23] في الحالة اليمنية: كان من الأسباب التي دعت التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية للتدخل في اليمن ودعم الحكومة اليمنية ضد ميليشيات الحوثي: هو خطورة سيطرة الأخير على اليمن، مع ما يشكله ذلك من خطورة على التجارة المارة من معبر باب المندب، وعلى الخليج العربي بشكل عام، وعلى المملكة العربية السعودية بشل خاص؛ لاسيما وأن اليمن يشكل الخاصرة الجنوبية الغربية للمملكة، مع منطقة جغرافية جبلية وعرة يصعب التحكم بها والتسلل إليها.
يُنظر: فاروق الكمالي، الحوثيون يهددون بتعطيل التجارة العالمية بعد السيطرة على باب المندب، 4-9-2015، شوهد في 21-1-2021، وإبراهيم منشاوي، سيناريوهات مستقبلية: الأزمة اليمنية وتداعياتها المحتملة، المركز العربي للبحوث والدراسات، 3-2-2015، شوهد في: 21-1-2021.
[24] العثماني أسعيدة، القانون الدولي العام.. دراسة تطبيقية في دور المصادر، بدون ناشر، 2018، ص19.
[25] يُنظر: توتر علاقة حماس ومصر إلى الواجهة، الجزيرة نت، 14-10-2009، شوهد في: 28-1-2021.
[26] يُنظر: ضياء عبد المحسن محمد، الجغرافيا البوليتيكية، دار غيداء للنشر، 2016، ص93، والعوامل المؤثرة في العلاقات الدولية.
[27] يُنظر: ضياء عبد المحسن محمد، الجغرافيا البوليتيكية، مرجع سابق، ص91.
[28] يُنظر: مراد العريفي، اليمن.. تظاهرات بتعز وإضراب بصنعاء احتجاجا على انهيار العملة، الأناضول 2-10-2018، شوهد في: 12-11-2020، وصالح البيضاني،  “ثورة جياع” ضد الحوثيين في صنعاء، صحيفة العرب اللندنية، 10-7-2018، شوهد في: 28-1-2021.
[29] بعد مقتل قرابة عشرين ألف مقاتل من الثوار في المغرب أُصيبت القبائل بالإرهاق، وبدأت تنأى بنفسها عن الصراع.
يُنظر: الخطابي ملهم الثورات المسلحة “السياق التاريخي والأبعاد السياسية والعسكرية والاجتماعية لثورة الريف الثالثة”، مركز الخطابي لدراسة الحروب الثورية، 2019-2020، ص168، شوهد في: 28-1-2021.
[30] للتوسع حول أهمية الحاضنة الشعبية يُنظر: الثقة السياسية أم الحاضنة الشعبية؟ محاولة لتفسير تراجع حاضنة الثورة، مركز الحوار السوري، 24-11-2020، شوهد في: 3-12-2020.
[31] وفقا لما حددته الفقرة الثانية للمادة (52) من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977، يُقصد بالأعيان المدنية: “كافة الأعيان التي ليست أهدفا عسكرية”، وذلك يشمل كلّاً من المنازل والمدارس والجامعات والمستشفيات ودور العبادة والكباري والجسور والمزارع والمنشآت الهندسية والمصانع وموارد مياه الشرب ومنشآت الري ومحطات توليد الطاقة الكهربائية، وبصفة عامة كل ما يهدف لخدمة الأغراض المدنية. ويشكل الاعتداء على هذه المنشآت خطراً شديداً على السكان المدنيين. وقد ذكرت هذه الأعيان على سبيل المثال لا الحصر، حتى لا يتم تضييق نطاق الحماية الخاصة بتلك المنشآت والأعيان. كما حظر نص المادة (52) كافة صور الاعتداء المتوقع ضد هذه الأعيان، سواء تمثل ذلك في المهاجمة أو التدمير أو النقل أو التعطيل لتلك الأعيان.
يُنظر: القاعدة 9. تعريف الأعيان المدنية، قاعدة بيانات القانون الدولي الإنساني، موقع الصليب الأحمر الدولي، شوهد في: 3-12-2020،
[32] سنبحث هذا الأمر بشكل مفصل في الإصدار القادم.
[33] يُنظر: زكرياء أزم، العلاقات الدولية والأطراف الفاعلة في المجتمع الدولي، مرجع سابق.
[34] يُنظر: عمر بن فيحان المرزوقي، التبعية الاقتصادية في الدول العربية وعلاجها في الاقتصاد الإسلامي، مكتبة الرشد “ناشرون”، المملكة العربية السعودية، الطبعة الأولى، 2006، ص5.
[35] هذا التقسيم هو نسبي ويتغير من حالة إلى أخرى؛ إذ يمكن للكيانات المسلحة أن تجمع بين الدعم الخارجي والتمويل الذاتي في آن واحد، لكن بصورة عامة فإن لكل تنظيم مصدراً رئيسياً للدعم يكون إما خارجياً أو ذاتياً عبر عدة وسائل، لعل أبرزها:
  • الاستفادة من الموارد الزراعية في مناطق سيطرتها، واستثمار الثروات الباطنية المتوفرة (النفط، الغاز).
  • تفعيل المنشآت الصناعية، والتصنيع العسكري الذاتي يخفف من الكتلة المالية المخصصة لشرائها.
  • عوائد الاستثمارات التي يقوم بها رجال الأعمال في الداخل والخارج.
  • فرض ضرائب على الحركة التجارية في المعابر البرية – البحرية.
 يُنظر: الخطابي ملهم الثورات المسلحة، مرجع سابق، ص173.
[36] نبيل عبد الله التميمي، الحوثيون يتحولون إلى تهريب المخدرات جراء العقوبات على إيران، المشارق، 26-11-2020، شوهد في: 30-11-2020.
[37] يُنظر: محمد حسين أبو حديد، ماذا تستفيد إيران من دعمها لحماس؟، مدونة الجزيرة،19-1-2020، شوهد في: 30-11-2020، وكفاح زبون، انتقادات لهنية بعد وصفه سليماني بـ«شهيد القدس»، الشرق الأوسط، 7-1-2020، شوهد في 30-11-2020
[38] لابد من الإشارة هنا إلى أن مصطلح “التمويل الداخلي” لا يعني أن هذه التنظيمات بسيطرتها على الموارد الطبيعية امتلكت مشروعية التصرف بوارداتها؛ فالأصل أن هذه الموارد هي ملك للشعب، وسيطرة أي تنظيم عليها لا يعني أكثر من امتلاكه لحق إدارتها بوصفه سلطة أمر واقع. وهنا تأتي قضية مشروعية التنظيم الداخلية، فإذا أدار هذه الموارد ووظّفها لمصلحة السكان حازَ مشروعية أكبر، والعكس بالعكس.
[39] KEITH JOHNSON, The Islamic State Is the Newest Petrostate, Foreign Policy, 7-28-2014.
يُنظر: التحالف الدولي يكشف عن واردات “داعش”، كردستان 24، 7-7-2015، شوهد في: 28-1-2021. مع التنبيه هنا إلى أن ذلك لا يشمل ما سيطر عليه التنظيم من خلال دخوله المشبوه إلى الموصل.
[41]  Ali Bakeer, Hezbollah’s Finances are Its Achilles’ Heel, The National Interest, 29-1-2019.
[42] يُنظر: زكرياء أزم، العلاقات الدولية والأطراف الفاعلة، مرجع سابق.
[43] تكون التنظيمات -باعتبارها كيانات “غير شرعية” على الصعيد الدولي- قائمة أساساً على فرض حالة أمر واقع بقوة السلاح، بغضّ النظر عن حالتها مع الشرعية الشعبية والأخلاقية؛ فتارة تكون هذه التنظيمات في حالة حرب مع نظام دكتاتوري أو مع احتلال خارجي، وتارة أخرى تكون خارجة على سلطة شرعية ومدعومة خارجياً أو تكون تنظيماً انفصالياً أو إرهابياً.
[44] يُنظر: السلام والأمن، موقع الأمم المتحدة، شوهد في: 12-12-2020.
[45] من الناحية التنظيرية هناك اختلاف واضح في تفسير العلاقات الدولية بين الدول،  فيرى منظّرو الواقعية الجديدة أن العلاقات بين الدول قائمة على الحرب، فيما يؤكد روّاد النظرية الليبرالية أهمية السلام والتفاوض والتفاهم بين الدول.
يُنظر: عبد العالي عبد القادر، محاضرات نظريات العلاقات الدولية، 2009، دون ناشر، شوهد في: 12-12-2020.
[46] يُنظر: داود سليمان داود، المقاومة الفلسطينية.. تخطي الصعاب وخلق واقع جديد، الجزيرة نت، 3-10-2004، شوهد في: 28-1-2021.
[47] تُعد القوة العسكرية في الدولة وسيلة لتنفيذ السياسات الخارجية، إلا أنها في الوقت نفسه الوسيلة الأهم في دعم وتعزيز القدرة التفاوضية للدولة.
يُنظر: د. عرفات علي جرغون، العلاقات الإيرانية الخليجية: الصراع، الانفراج، التوتر، العربي للنشر والتوزيع، مصر، 2016، ص31.
[49] لعل الفرق يتضح بين الدول وبين الكيانات المسلحة في حال التعرض للهزيمة العسكرية الكاملة؛ حيث إن الدول غالباً ما تلجأ إلى الاستسلام، ولكن تحافظ على بقائها وكينونتها، على عكس هذه الكيانات التي غالباً ما تختفي أو تتحول إلى أشكال أخرى من التنظيم.
[50] يُنظر: إكرام بركان، تحليل النزاعات المعاصرة في ضوء مكونات البعد الثقافي في العلاقات الدولية، رسالة ماجستير، جامعة الحاج لخضر باتنة، 2009-2010، ص66.
[51] على سبيل المثال: استطاعت ماليزيا إدارة التنوع العرقي والديني لديها وتحقيق قفزة اقتصادية كبيرة واستقرار سياسي. بينما كان الوضع مختلفاً في جنوب السودان؛ حيث تحول التنوع الثقافي فيها إلى أحد الأسباب المحركة للعنف وتفكك المجتمع، وتدهور الأوضاع وانتشار المجاعة.
حول الحالة الماليزية يُنظر: بلقاسم مربعي، آليات إدارة التعددية الإثنية ودورها في بناء الدولة (دراسة النموذج الماليزي)، رسالة ماجستير، جامعة محمد خيضر بسكرة، الجزائر، 2014/2015، ص169 وما بعدها. ورقية كريم جار الله ياسر، إدارة الاختلاف والتعدد العرقي وتوجيهه لتحقيق الاستقرار السياسي في ماليزيا، مجلة تكريت للعلوم السياسية، العدد 17، 2019، ص282.
وحول الحالة السودانية يُنظر: سومية محمد علي، جنوب السودان.. آليات إدارة التعددية الاثنية وأزمة تحقيق المواطنة (2005-2017)، المركز العربي للبحوث والدراسات، 19-11-2017، شوهد في: 30-1-2021.
[52] يُنظر: خلايلية سومية، دور العامل الثقافي في السياسة الخارجية الصينية (2001-2017)، رسالة ماجستير، جامعة جيلالي بونعامة خميس مليانة، الجزائر، 2017-2018، ص13.
[53] عندما يكون لدينا مكونات متعددة وكلها منتمية لدولة ما فإنه يُختار عادةً من المكوّن الذي لديه تواصل ثقافي عرقي أو إثني أو ديني …إلخ مع إحدى الدول شخصٌ للتواصل مع هذه الدول؛ فمثلاً: نجد أنه في حالات متعددة يحرص الأوروبيون على إرسال سفير مسلم إلى الدول الإسلامية، وكذلك نجد بعض الدول غير العربية التي تحتوي مكوناً عربياً ترسل سفيراً من هذا المكون إلى الدول العربية. 
[54] ثمة تقارب بين العامل الثقافي والعامل الأيديولوجي، مع الإشارة إلى أن العامل الثقافي يركز على الثقافات التي تحملها المكونات السكانية العرقية والدينية، على خلاف العامل الأيديولوجي الذي يركز على الأفكار التي تؤمن بها الكيانات التنظيمية، مع التنبيه إلى أن هذه الأخيرة قد تكون جزءاً من مكون عرقي أو ديني أو طائفي.
[55] ينتمي الديوبندية إلى مدرسة ديوبند التي أسست في 15 محرم سنة 1283 هـ في ديوبند بلدة من بلاد الهند وعني بتأسيسها الشيخ محمد قاسم النانوتوي وتحمل مسئولية تربية طلابها وتزكية نفوسهم وتصفية باطنهم زميله وخليله الشيخ رشيد أحمد الكنكوهي وهكذا تم على أيدي هذين الشيخين تأسيس هذه المدرسة وعلماء ديوبند مسلمون من أهل السنة وأحناف مذهبا وصوفية مسلكا وماتريدية عقيدة.
ينظر: موسوعة الفرق، الدرر السنية، بدون تاريخ.
[56] من أهم الاعتبارات التي دفعت باكستان لدعم طالبان المحافظة على عرق البشتون كقوة ضاربة في أفغانستان، وبالتالي القدرة على مواجهة أي تمدد هندي مستقبلي في المنطقة. يُنظر: أحمد زيدان، لماذا نجحت طالبان وأخفقت القاعدة، مصدر سابق.
[57] يُنظر: أحمد زيدان، كيف لعبت باكستان دوراً خفياً ومؤثراً في معركة طالبان؟!، مدونة الجزيرة، 8-9-2019، شوهد في: 1-12-2020.
[58] يُنظر: بدر قاسم محمد، أبعاد الصراع الطائفي والسياسي في اليمن.. شمال موحّد وجنوب موحّد، مركز سوث للدارسات، 23-3-202، شوهد في: 30-1-2021.
[59] يُنظر: نبيل البكيري، عن جدلية السياسي والطائفي في اليمن، مدونة الجزيرة، 28-11-2016، شوهد في: 1-12-2020.
[60] – نرى حضور هذا العامل مثلاً لدى الولايات المتحدة الأمريكية ولدى الصين.
يُنظر: خلايلية سومية، دور العامل الثقافي في السياسة الخارجية الصينية، مرجع سابق، ص57 وما بعدها، ود. سليم كاطع علي، أثر البُعد الثقافي في السياسة الخارجية الأمريكية، مركز المستقبل للدراسات الاستراتيجية، 25-9-2017، شوهد في: 30-1-2021.
[61] Technology, Encyclopedia Britannica. Seen at; 31-1-2021.
[62] يُنظر: بن صفية وداد، تأثير المتغير التكنولوجي على الفواعل الدولية الجديدة “الإرهاب الإلكتروني نموذجاً”، رسالة ماجستير، جامعة محمد بوضياف، الجزائر، 2017-2018، ص ب.
[63] على سبيل المثال: استطاعت الصين والولايات المتحدة بتطورهما التكنولوجي فرض نفسيهما على العالم؛ فتأثيرهما الدولي ليس كدول جنوب إفريقيا، أو حتى دول العالم الثالث.
 يُنظر: ضياء عبد المحسن محمد، الجغرافيا البوليتيكية، مرجع سابق، ص91، شوهد في: 11-11-2020، وزين العابدين البخاري، 8 أرقام تشرح سر سيطرة الصين على العالم تكنولوجياً، الرؤية، 5-11-2019، شوهد في: 1-12-2020.
[64] عبد الوهاب برحايل، دور المتغير التكنولوجي في توجيه العلاقات الدولية، رسالة ماجستير، جامعة محمد خيضر بسكرة، الجزائر، 2017-2018، ص و.
[66] يُنظر: وكالة أمريكية: “حماس” طوّرت ترسانة ضخمة من الأسلحة رغم الحصار، الخليج أونلاين، 26-3-2019، شوهد في: 1-2-2021.
[67] يُنظر: علاء عطا الله، حماس تدير معركتها مع إسرائيل من تحت “الأرض بـشبكة اتصالات سريّة، وكالة الأناضول، 15،7،2015، شوهد في: 11-12-2020.
[68] يُنظر: خليل العناني، مأزق علم السياسية بين الأيديولوجي والمعرفي، مجلة سياسات عربية، الدوحة، العدد 41، تشرين الثاني/2019، ص 24، شوهد في: 1-2-2021.
[69] يُنظر: العميد محمد ناجي ملاعب، السياسية الخارجية الإيرانية والجيوبولتيك الإيراني(1)، مركز سيتا، 16-1-2020، شوهد في: 1-2-2021، ونجيب غلاب، الإيديولوجية الدينية ومصالح إيران الوطنية، مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي، 24-11-2008، شوهد في: 1-2-2021.
وهنا يمكن الإشارة إلى أن بعض الدراسات تذكر أن إيران وعلى الرغم من تأثرها بالعامل الأيديولوجي تحركت نحو الواقعية السياسية في علاقاتها الإقليمية والدولية لاحقاً، خصوصاً خلال حكم “الإصلاحيين”.
يُنظر على سبيل المثال: التقرير التحليلي “تصدير الثورة والتحولات في السياسة الإيرانية”، مركز الحوار السوري، 10-1-2021، شوهد في: 19-1-2021، ونبيل برغال، الواقعية الإيرانية والاتفاق النووي بحث في الدوافع والمسارات، مجلة رؤية التركية، السنة 4 العدد 3، 2015.
[70] خلال الحرب الباردة حين كان العالم منقسماً إلى: شيوعي اشتراكي يتزعمه الاتحاد السوفيتي، وليبرالي رأسمالي تتزعمه الولايات المتحدة؛ كانت الثورة الجزائرية تناضل من أجل الاستقلال من الاحتلال الفرنسي، وفي تلك الحقبة لم تعلن تبنّيها أي أيديولوجية للمعسكرَين المتحاربين رغم تلقيها الدعم من الاتحاد السوفييتي، بل شهدت تلك الفترة حالة من التعايش السلمي والانفراج الدولي، حيث كان قادة الثورة مدركين طبيعة الظروف الدولية وما يمكن أن تحمله من تأثيرات ومضاعفات سلبية وإيجابية، بل ركزت على تحقيق أهدافها في الاستقلال وتبنت استراتيجية وطنية تحررية ثورية، تهدف لبناء دولة محايدة وبعيدة عن صراعات المعسكرين.
[71] عُقد مؤتمر الصومام في 13 آب 1956، أي بعد قرابة عامَين من اندلاع الثورة الجزائرية في تشرين الثاني 1954 ضد الاستعمار الفرنسي، وكانت الغاية الرئيسة منه وضع استراتيجية تنظيمية موحدة وشاملة للعمل الثوري في مختلف المجالات السياسية والعسكرية والاجتماعية، وتوحيد المواقف تجاه مختلف القضايا الداخلية والخارجية من قبل كافة القوى الثورية آنذاك.
يُنظر: صبيعات كلثومة، مؤتمر الصومام (الخلفيات والاستراتيجيات)، جامعة الدكتور مولاي الطاهر، الجزائر، 2016، شوهد في: 1-2-2021.
[72] يُنظر: مريم غرابي وآخرون، الحرب الباردة وانعكاساتها على الثورة الجزائرية (1954-1962)، رسالة ماجستير، جامعة محمد بوضياف، الجزائر، 2015، ص20، 60.
[73] Levi, M., & Sacks, A. (2009). Legitimating beliefs: Sources and indicators. Regulation & Governance, 3(4), 311–33.
[74] – McCullough, A. (2015). The legitimacy of states and armed non-state actors: Topic guide. Birmingham, UK: GSDRC, University of Birmingham, p. 3.
[75] يُنظر على سبيل المثال: د. ماهر ملندي ود. ماجد الحموي، القانون الدولي العام، الجامعة الافتراضية السورية، 2018، ص78.
[76] يُقصد بأشخاص القانون الدولي العام: المؤسسات أو الأشخاص الذين تخاطبهم القاعدة التي تنتمي إلى هذا الفرع من القانون، وتأتي في مقدمتهم الدول والمنظمات الدولية، وثمّة خلاف فقهي يتعلق بالأفراد وفواعل ما دون الدولة بمختلف أنواعهم، كالشركات متعددة الجنسيات والتنظيمات والحركات المسلحة والأحزاب …إلخ.
للتوسع يُنظر: المرجع السابق، ص69 وما بعدها.
[77] جاء في المادة الأولى من اتفاقية فيينا للمعاهدات الدولية لعام 1969 ما يلي: “يُقصد بـ “المعاهدة”  الاتفاق الدولي المعقود بين الدول في صيغة مكتوبة والذي ينظمه القانون الدولي”، حيث كانت الاتفاقية واضحة في أن المعاهدة الدولية تقتصر عضويتها على الدول.
وبحسب اجتهاد محكمة العدل الدولية فإن المعاهدات الدولية تُبرم من قبل أشخاص القانون الدولي العام، والتي هي “الدول، والمنظمات، والأفراد”.
مع التنبيه هنا على أن قضية “أشخاص القانون الدولي العام” هي قضية جدلية بين الباحثين؛ فما زال هناك نقاش وخلاف بينهم حول أهلية أشخاص القانون الدولي العام، وإن كان التوجه الغالب أن الدول والمنظمات الدولية هي الأشخاص الوحيدة المؤهلة لإبرام المعاهدات، بينما الأفراد يمكن أن تكون محل حماية في القانون الدولي العام، من دون أن تمتلك أهلية إبرام المعاهدات.
للتوسع في كل ذلك يُنظر: المرجع السابق، ص37، 68، ود. عصام عبد الشافي، مفهوم العلاقات الدولية، مرجع سابق.
[78] لا نقصد بمفردة “إيجابي” جانب التقييم، وإنما جانب وجود الصفة.
[79] لا نقصد بمفردة “سلبي” جانب التقييم، وإنما عدم الوجود أو الانتفاء.
[80] قد يكون مقبولاً من الناحية النظرية تصنيف الدولة أو نظامها السياسي بـ “الإرهاب”، ولكن حتى الآن لم يصدر قرار من مجلس الأمن بتصنيف دولة بأنها “إرهابية”، وإن كانت الولايات المتحدة درجت على تصنيف بعض الدول على أنها “راعية للإرهاب”.
[81] يُنظر: مريم توامي، تطور جيش التحرير الوطني الجزائري من 1954-1956، مجلة تاريخ المغرب العربي، العدد7، المجلد3، جامعة الجزائر2،  ص357.
[82] يُنظر: إيمان بوعروج، مؤسسات الثورة الجزائرية ودورها في تطور أحداثها 1956 – 1962، مرجع سابق. ص  24.
[84] نعتقد أن تصنيف بعض التنظيمات من قوى غير فاعلة على الساحة الدولية ليس بذلك الأثر في حال التصنيف من قبل مجلس الأمن أو من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، فمثلاً: تصنيف أية حركة من قبل روسيا أو الصين -ومن باب أولى بقية الدول- ليس له ذلك التأثير عليها.
[85] McCullough, op. cit, p.3.
[86] على سبيل المثال: حرصت حركة طالبان في مفاوضاتها مع الولايات المتحدة والاتفاق الذي وقعته معها على إدراج بند يقضي برفع اسمها من قائمة التنظيمات الإرهابية.
يُنظر: نص اتفاق السلام بين الولايات المتحدة وطالبان في الدوحة، وكالة الأناضول، 29-2-2020، شوهد في: 26-12-2020.
[87] إذا كان يمكن للتنظيم المصنف على قوائم الإرهاب الدخول في مفاوضات فذلك يأخذ في غالب الأحوال الطابع الأمني وليس الطابع السياسي، كالمفاوضات التي تجريها بعض الدول لإطلاق سراح المختطفين لدى مثل هذه التنظيمات وما شابهها من مفاوضات، ولكن قلما نشهد حالة فصيل مصنف على قوائم الإرهاب دخل في مفاوضات سياسية تتعلق بالاعتراف به كجزء من عملية سياسية ما.
[88]  يُنظر على سبيل المثال: كنعان الحميري، ماذا يعني وضع جماعة الحوثي على قوائم الإرهاب الأميركية؟، اندبندنت عربية، 6-12-2020، شوهد في: 27-12-2020.
[89] تضمنت المدرسة المؤسساتية ثلاثة اتجاهات: الأول يركز على فكرة “المؤسساتية العقلانية” التي تدرس مفهوم السلوك العقلاني الذي تضفيه المؤسسات على الفاعلين بداخلها، والثاني يتناول “المؤسساتية التاريخية” الذي يرى أن إرث المؤسسة وماضيها يؤثر في خياراتها المستقبلية، والثالث “المؤسساتية الاجتماعية” التي ترى أن التطورات الحاصلة في المجتمع التي تؤدي إلى الانسجام والتماثل الهيكلي بين المنظمات تسهم في كفاءة المؤسسات وقوتها وشرعيتها.  للتوسع في دراسة هذه النظرية يُنظر: نعيم شلغوم، الاتجاهات النظرية الجديدة في تحليل مفهوم الدولة “النظرية المؤسساتية الجديدة نموذجاً”، المجلة الجزائرية للأمن الإنساني، العدد السادس، 2018.
[90] بعد عامَين على انطلاق الثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي سعت القوى لوضع منهج لمسارها الداخلي والخارجي المقبل، وللخروج من حالة الاستعمار إلى حالة التحرر، وتنظيم الثورة وهيكلتها، فقررت مجتمعة عقد مؤتمر الصومام 1956.
يُنظر: إيمان بوعروج وسام بولمخ، مؤسسات الثورة الجزائرية ودورها في تطور أحداثها (المجلس الوطني والحكومة المؤقتة أنموذجاً) 1956-1962، رسالة ماجستير، جامعة ماي، الجزائر، 2016-2017، ص25.
[91] المرجع السابق، ص36،37.
[92] سعت جبهة التحرير الوطني ومنذ تشكيلها إلى إقامة مكاتب خارجية في العديد من الدول العربية والإفريقية وفي أوروبا الشرقية، في مسعى لتدويل القضية الجزائرية، كما شاركت في العديد من المؤتمرات، وأبرزها: مؤتمر باندونغ 1955 بحضور 29 دولة أفريقية وآسيوية، حيث حصل مندوب جبهة التحرير الوطني على صفة ملاحظ في المؤتمر، ومؤتمر طنجة 1958، ومؤتمر المهدية 1958، ومؤتمر منروفيا الإفريقي 1959، ومؤتمر كوناكري 1960، كما حصلت جبهة التحرير الوطني على دعم علني خلال مؤتمرَي أكرا الأول والثاني اللذين عُقدا في غانا الأفريقية.
يُنظر: أسامة هامل ورضوان كرومي، دور النشاط السياسي لجبهة التحرير الوطني في انتشار الثورة الجزائرية وإنجاحها، رسالة ماجستير، جامعة أحمد دراية، الجزائر، 2017-2018، ص26.

مدير وحدة التوافق والهوية المشتركة في مركز الحوار السوري، يحمل شهادة الدكتوراه في القانون العام من جامعة حلب، وحائز على اعتمادية المعهد العالي للحقوق في الشرق الأوسط، وعمل سابقاً مدرساً في كلية الحقوق في جامعة حلب الحرة. يركز في أبحاثه الحالية على دراسة ديناميكيات العلاقة بين المجتمع السوري والنصوص القانونية والدستورية منها على وجه التحديد.

صحفي سوري ومساعد باحث في وحدة التوافق والهوية المشتركة، تتركز اهتماماته البحثية على سياسات القوى المحلية والفاعلة في الملف السوري، شارك بإنجاز العديد من الأوراق البحثية المتعلقة بالحراك السوري وكتب العديد من التقارير التحليلية.
عمل في مجال كتابة تقارير المعلومات في الصحافة الالكترونية وإعداد النشرات التلفزيونية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى