الأبحاث والدراساتالإصداراتالوجود السوري في تركياالوحدة المجتمعية

مهددات الانسجام الاجتماعي بين السوريين والمجتمع التركي

تقرير خاص نفذ بالشراكة بين مركز الدراسات الإنسانية والاجتماعية İNSAMER و مركز الحوار السوري و الرابطة الدولية لحقوق اللاجئين.

مقدمة :

بدأت موجة لجوء السوريين إلى تركيا في 29 نيسان عام 2011، عندما دخلت أول مجموعة مكونة من 253شخصاً عبر معبر يايلاداغ في هاتاي، وتوالت موجات اللاجئين السوريين مع تدهور الأوضاع داخل سوريا، خاصة في الأعوام 2013، 2014، 2015؛ ليصل إجمالي عدد السوريين عام 2020 إلى ما يقارب 4 مليون سوري، منهم 3.583 مليون لاجئ سوري من حاملي بطاقة الإقامة المؤقتة، و117 ألفاً يحملون تصاريح إقامة، وقرابة 100 ألف من المهاجرين غير النظاميين الذين لم يقيدوا بياناتهم بعد[1].

وقد تسبب وجود أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين بأعباء إضافية تفاعلت معها الحكومة التركية؛ من خلال توفير الخدمات الصحية والتعليمية، وتنظيم وجودهم القانوني، بالإضافة إلى جهودها في عملية تعزيز الانسجام الاجتماعي[2] بين اللاجئين والمجتمع المضيف.

وتأتي أهمية هذه الورقة من محاولتها تتبُّع نمط العلاقة بين اللاجئين السوريين والمجتمع التركي، وتسليط الضوء على بعض التغيرات الاجتماعية الطارئة التي حدثت خلال السنوات السابقة، والتنبيه على بعض المؤشرات التي يمكن أن تُنبئ بوجود خلل في شكل هذه العلاقة، واقتراح حلول وتوصيات لتصحيح الخلل وتعزيز جهود الانسجام والاندماج التي تتبناها الحكومة التركية.

وقد اعتمدت هذه الورقة المنهج الوصفي التحليلي الذي يحاول أن يصف ويحلّل الظاهرة من مختلف الجوانب، بالاعتماد على المصادر الثانوية من أبحاث ومقالات ودراسات متعلقة بالموضوع، بالإضافة إلى بعض المصادر الأولية من خلال مجموعة مقابلات[3] مع عدد من الشخصيات السورية الفاعلة والمتابعة لأوضاع السوريين ولها تواصل مع المؤسسات الحكومية التركية.

استعرضت الورقة بداية الإطار القانوني والحقوقي الناظم لوجود السوريين في تركيا، ثم ناقشت في قسمها الأول تأثير بعض العوامل المشتركة على تعزيز جهود الانسجام الاجتماعي، وسعت الورقة في القسم الثاني لتسليط الضوء على بعض التغيرات التي طرأت وأثّرت في شكل العلاقة بين المجتمع التركي والسوريين، فيما عرَّفَ القسم الثالث بالأسباب التي كانت وراء هذه التغيرات، وركّز القسم الرابع على الآثار والتداعيات المتوقعة جرّاء تلك التغيرات؛ وقد قدمت الورقة في قسمها الخامس والأخير مجموعة من الحلول والتوصيات التي تهدف إلى تصحيح الخلل وتعزيز حالة الانسجام بين الطرفين.

الإطار القانوني والحقوقي لوجود السوريين في تركيا[4]

اندلعت موجة عارمة من الاحتجاجات الشعبية عام 2011؛ انطلقت من تونس، واجتاحت العديد من الدول العربية فيما عُرف باسم “الربيع العربي”، وانطلقت موجة من الاحتجاج الشعبي السلمي في سوريا في آذار من العام نفسه، واجهها نظام الأسد بالقبضة الأمنية، ومع مرور الوقت وتزايد العمليات العسكرية بحق الشعب عمَّت حالة انعدام السلم والأمن في مختلف أنحاء المحافظات السورية، وتسببت بموجات نزوح دفعت آلاف السوريين إلى النزوح الداخلي أو اللجوء إلى الدول المجاورة بحثاً عن الأمان بشكل جماعي.

واستقبلت تركيا التي تملك حدوداً برية تبلغ قرابة 911 كيلومتراً مع سوريا مجموعات متتالية من اللاجئين، وصل عددهم في نهاية عام 2011 إلى ما يقارب 10 آلاف شخص، وقد قدمت تركيا للاجئين السوريين كافة التسهيلات ضمن سياسة “الباب المفتوح” على اعتبار أنهم سيعودون إلى بلادهم بعد انتهاء الاضطرابات، وقامت بتأمين “الحماية المؤقتة ” لهم، إذ اعتبرتهم بحكم الضيوف، فاستضافتهم دون مقابل، وذلك وفقاً لأدبيات القانون الدولي[5].

فقد انضمت تركيا إلى اتفاقية جنيف للأمم المتحدة عام 1961 التي حددت الأسس القانونية لوضع اللاجئين في تركيا، إلا أن هذه الاتفاقية وضعت ملحقاً يشير إلى وجود قيود جغرافية للمعاهدة تم المحافظة عليها حتى يومنا هذا؛ فقد نصَّت الاتفاقية على أن تركيا ملتزمة بإعطاء حق اللجوء للقادمين من أوربا فقط وتسميتهم بـ” لاجئين”، بينما تقدم صفة “الحماية المؤقتة” للاجئين القادمين من خارج أوربا، وتسميتهم بـ” اللاجئين المشروطين”، حيث تقوم تركيا بتأمين حماية مؤقتة حتى تتم إعادة توطينهم في بلد ثالث آمن.

في ظل استمرار الاضطرابات الداخلية بشكل متزايد في سوريا وبسبب عدم وجود تشريعات تخصّ الهجرة في القانون المحلي التركي لم تستطع اللوائح القانونية الموجودة تلبية الاحتياجات المتزايدة، وهو ما دفع تركيا لتفعيل العمل بالقانون رقم 6458، والمعروف باسم “قانون الأجانب والحماية الدولية” والصادر بتاريخ 11.02.2013.

وقد اعتبر قانون الأجانب والحماية الدولية ما يلي:

  • أطلق القانون صفة “اللاجئ” على الشخص المعرَّف في معاهدة جنيف وفق الشرط المتعلق بالحدود الجغرافية، أي القادم من أوروبا.
  • أعطى هذا القانون الأشخاص القادمين من خارج الدول الأوربية، والراغبين بترك بلادهم بسبب الأحداث الطارئة صفة “لاجئ شرطي”.
  • أطلق القانون صفة “الحماية الثانوية” على الأشخاص الذين لا يدخلون تحت صفتَي “اللاجئ” أو “اللاجئ المشروط”، لكنهم قد يتعرضون لخطر محدق في بلدهم الأصلي أو البلد الذي كانوا يقيمون فيه، كأن يحكم عليهم بالموت أو الإعدام، أو أنهم سيتعرضون إلى التعذيب أو لعقوبات أو معاملات غير إنسانية أو مهينة، أو سيواجهون تهديدات حقيقية تستهدف أشخاصهم بسبب أعمال عنف أو اشتباكات محلية أو دولية تحدث في بلادهم.

ومن الجدير بالذكر أن تركيا وبحكم موقعها الجيوسياسي الرابط بين آسيا وأوروبا استقبلت الكثير من الهجرات الفردية والهجرات الجماعية، التي حدثت نتيجة أسباب متنوعة، أهمها الاضطرابات الداخلية في دول الجوار؛ حيث تم إقرار القانون رقم 6458 لتنظيم الوجود القانوني لهؤلاء المهاجرين.

ونتيجة لتزايد أعداد السوريين القادمين بعد عام 2011 خضع السوريون لوضع “الحماية المؤقتة” استناداً إلى القانون السابق[6]؛ وذلك لاستحالة إعطائهم إحدى الصفات القانونية المذكورة بالقانون السابق لكثرة أعداد السوريين الذين لجؤوا إلى تركيا، حيث ينص القانون على منحهم الحماية بشكل مؤقت في تركيا ويمنع عمليات إعادتهم بشكل قسري، واستقبالهم ريثما يتم تأمين المناخ الآمن في بلدهم الأصلي.

وقد جاء اعتماد وضع الحماية المؤقتة كحل مؤقت لأنه من غير الممكن عمليًا تطبيق إجراءات الحماية الدولية، والتي تتطلب  إجراءات تمنح بحسب وضع كل فرد، وهو أمر يصعب تطبيقه مع الأفراد القادمين عن طريق الهجرة الجماعية، وبالتالي أصبح السوريون يخضعون لتوصيف قانوني مختلف عن أولئك الذين يتمتعون بالحماية الدولية، وخاصة فيما يتعلق بشكل الإقامة وإذن العمل وحق السفر الداخلي واكتساب الجنسية؛ حيث إن هذه الصفة – الحماية المؤقتة- رغم أنها لا تمنحهم صفة “اللاجئ”، إلا أنها تضمن عدم إعادتهم بشكل قسري، وتسمح لهم بالبقاء في تركيا وفقاً لمبادئ حقوق الإنسان و اللوائح القانونية اللازمة.

وينصّ القانون على إدخال المشمولين بنظام الحماية المؤقتة إلى تركيا بعد نزع السلاح وإيصالهم إلى مراكز الإيواء، وتقديم الفحوصات الصحية وتسجيل بياناتهم واستصدار وثيقة الحماية المؤقتة، ثم توزيعهم إلى مراكز الإيواء – المخيمات – أو السماح لهم بالإقامة خارج تلك المراكز، وسيتمتع الخاضعون تحت هذا الوضع بخدمات الصحة والتعليم والوصول إلى سوق العمل والخدمات الاجتماعية والمساعدة والترجمة والخدمات المماثلة للأجانب في نطاق الحماية المؤقتة.

ومع مرور الوقت وغياب أي حل واضح للقضية السورية، وازدياد أعداد السوريين الموجودين في تركيا؛ ظهرت الحاجة إلى تعزيز جهود التوافق والانسجام المجتمعي بين اللاجئين السوريين والمجتمع التركي، سواء داخل المخيمات أو خارجها، وقد عملت تركيا على تأمين العديد من احتياجات اللاجئين؛ وذلك بإنشاء دور للعبادة ومراكز للتسوق داخل مخيمات الإيواء، وإنشاء مراكز تعليمية تنتشر في العديد من المحافظات تعمل على تعليم اللغة التركية وبعض المهن، وتقديم خدمات التعليم لكل الأطفال في سنّ المدرسة، بما في ذلك تعليم اللغة ما قبل المدرسة والخدمات الصحية وفقاً للمعايير المقدمة للمواطنين الأتراك .

وعلى الرغم من كافة الجهود المبذولة، سواء على المستوى القانوني والتشريعات الناظمة أو جهود الحكومة ومنظمات المجتمع المدني التركي وحتى الأفراد في تعزيز عملية الاندماج؛ فإنه ما يزال السوريون يواجهون العديد من المشاكل، حيث يبدو أن وضع الحماية المؤقتة الذي مُنح لأعداد كبيرة منهم تبلغ قرابة 3.5 مليون شخص يُعد وضعاً غير ملائم، لاسيما فيما يتعلق بحقوق المواطنة والاندماج المحلي؛ لأنه لا يؤمّن – كما هو وضع الحماية الدولية – تغيراً في الوضع القانوني، وبالتالي لن يتيح وضع الحماية المؤقتة للسوريين التخلص من قلق النزوح المستمر، ولن يسمح لهم بالانخراط في الحياة الطبيعية بفعالية.

أولاً: الانسجام الاجتماعي[7]: أثر العوامل الثقافية والدينية

تُعدّ تجربة اللجوء تجربة صعبة على اللاجئين بشكل خاص وعلى المجتمع المضيف بشكل عام؛ لأنها تحمل تحديات كبيرة، خاصة فيما يتعلق بالتكيف والتأقلم مع البيئة الجديدة والاندماج والانسجام مع المجتمع المضيف، إلا أن تجربة انسجام اللاجئين السوريين في تركيا كانت أسهل – إلى حدّ ما وفي بعض الجوانب- منها في الدول الأوربية، ويرجع ذلك بالدرجة الأولى إلى وجود تقارب عام بين الشعبين السوري والتركي في العديد من النواحي الثقافية والدينية، خاصة في المناطق الحدودية، بالإضافة إلى عامل الجغرافيا وقرون من التاريخ  المشترك، خاصة في فترة الخلافة العثمانية التي امتدت قرابة 400عام في بلاد الشام.

ويمكن تحديد أبرز مظاهر التقارب بين الشعبَين بالآتي:

  • التقارب الديني: الذي فرضته تعاليم الإسلام وقيمه، كالحلال والحرام والأعياد الدينية وتعظيم الشعائر والمقدسات والحجاب وغيرها.
  • التقارب الفكري والثقافي: الذي يظهر في النظرة القيمية للأسرة والزواج والعلاقات بين أفراد العائلة، واحترام المسنين، ومفهوم الشرف والحميّة، ومساعدة الضعيف.
  • التقارب اللغوي: على الرغم من اختلاف اللغة بين الشعبين؛ إلا أن الشعوب العربية – خاصة في لغتها العامية – تستخدم العديد من المفردات ذات الأصول التركية، فيما تضم اللغة التركية العديد من الكلمات ذات الأصل العربي، بالإضافة إلى التشابه في مواضيع الأمثال الشعبية المتداولة بين الناس، وإن اختلفت طريقة التعبير.
  • التقارب في العادات والتقاليد: لاسيما في المناسبات كالزواج والأعياد[8] وبعض أنواع الأطعمة التقليدية.
  • التقارب في نمط الفنون، وخاصة التقليدية منها؛ سواء في الألحان الموسيقية أو بعض الرقصات التقليدية.
  • التنوع العِرقي: يُعد كلا المجتمعين السوري والتركي من المجتمعات المتنوعة عرقياً، والتي تضمّ فيها مجموعات عرقية مشتركة كالمجموعات من أصول عربية أو تركمانية أو كردية[9].

ومن جهة أخرى عند العودة إلى التفاصيل نجد أن هذا التنوع العرقي جعل كلا البلدَين متميزاً، تختلف فيهما العادات والتقاليد بين منطقة وأخرى بدرجات متفاوتة، وبالتالي يمكن القول: إن الشعبين التركي والسوري يتقاربان في عدد من النواحي ويختلفان في نواحي أخرى[10].

وعلى الرغم من وجود اختلافات جزئية بين الشعبين في بعض النواحي؛ إلا أنه من المفترض أن تكون الغلبة للعوامل المشتركة على تنوعها، نظراً لأنها الأصل وذات بعد هوياتي عميق، ولأن لها تأثيرا قوياً في تعزيز الانسجام والاندماج بين الطرفين.

وقد عملت الحكومة التركية على الاستفادة من هذا التقارب بين الشعبين السوري والتركي لتعزيز جهود الاندماج والانسجام فيما بينهما، وذلك من خلال إطلاق مجموعة من الأوصاف المقبولة لدى الطرفين التي تحمل بُعداً دينياً مثل “المهاجرين والأنصار”، وبُعداً ثقافياً مشتركاً “الضيوف”، والتي أعطت نتائج جيدة في البدايات وفقاً لما رآه الخبراء الذين التقيناهم.

وقد شكَّل التقارب الثقافي عاملاً مهماً في تحقيق مستوى عالٍ للقبول الاجتماعي في بداية الأمر، إلا أن طول المدة وتزايد أعداد اللاجئين السوريين، وتغير الظروف السياسية والاقتصادية في تركيا؛ أسهم في تغير شكل العلاقة بين الطرفين، حيث لم تصل سياسات الاندماج والانسجام إلى الهدف المتوقع، وإنما بدأ كلا الطرفين يشعر بحالةٍ من عدم الارتياح تجاه الطرف الآخر، وبدأ الشكل الاجتماعي يتجه نحو مجتمعات منغلقة أمام الآخر لم يفلح معها التقارب الثقافي في تعزيز عملية الدمج والانسجام التي واجهت الكثير من التحديات على نطاق الإدارة والتحكم[11].

ثانياً: من التعاطف إلى الاستهداف؛ تغيرات طارئة في شكل العلاقة بين المجتمع التركي والسوريين

بدأت العديد من الجهات التركية والسورية تلحظ التغير الاجتماعي الذي بدأ يأخذ ملامح واضحة في العامَين الأخيرَين، وعملت بعض مراكز الأبحاث التركية على إنشاء استطلاعات دورية للرأي في محاولة لقياس تلك التغيرات عاماً بعد عام، وبالنظر إلى شكل العلاقة التي تكوّنت بين المجتمع التركي والسورين يمكن أن نلاحظ أنها مرت حتى الآن بخمس مراحل[12]، هي:

2-1- الاحتواء والترحيب

لاقَى اللاجئون السوريون في السنوات الأولى الكثير من الترحيب والتعاطف والاهتمام من شرائح واسعة من الشعب التركي، وقدّم العديد من الأتراك مساعدات مادية ومعنوية لكثير من العائلات السورية[13]، كما أسهمت الكثير من الجمعيات المحلية التركية بتقديم مساعدات مادية وعينية للأسر المتضررة، وزار كثير من الممثلين والسياسيين والناشطين الأتراك المخيمات الحدودية[14] ومخيمات الشمال السوري، وقدموا الدعم المادي والمعنوي، ونقلوا بعضاً من المعاناة إلى الإعلام التركي.

2-2- الانزعاج الداخلي أو اللفظي[15]

بدأت حالة الانزعاج تُلاحَظ عند المجتمع التركي عام 2014 بعد تزايد عدد السوريين في تركيا بشكل لم يكن متوقعاً، ولا تبدو معه ملامح عودة قريبة، وتبعات هذا الوجود التي بدت على شكل زيادة أسعار الإيجارات نتيجة ارتفاع  الطلب على المنازل المستأجرة، والتنافس في سوق العمل، بالإضافة إلى ظهور بعض التصرفات المزعجة من قبل بعض الفئات التي لم تراعِ الخصوصية الثقافية للمجتمع التركي، ومن أبرز هذه التصرفات المسيئة التي أزعجت الشارع التركي في ذلك الوقت: تزايد مظاهر التسول، خاصة من قبل الأطفال السوريين[16]، وبعض حوادث التحرُّش اللفظي التي قام بها بعض الشباب السوريين في الشوارع والمواصلات العامة، إضافة إلى تزايد الإزعاجات نتيجة سهر بعض العائلات السورية إلى وقت متأخر، والحديث بصوت مرتفع أو استخدام الموسيقا، وعدم الاهتمام بالنظافة وقواعد اللباقة العامة في المتنزهات أو التورط بمشاكل[17].

2-3- التحريض السياسي

أدركت بعض الجهات التي تعارض سياسة الحكومة في الملف السوري تنامي حالة الانزعاج الداخلي لدى المجتمع التركي، ووجدت في هذا الانزعاج فرصة لمضايقة الحكومة التركية، لاسيما مع ظهور استحقاقات انتخابية؛ فعملت على إشاعة أن السياسة الحكومية التركية تجاه ملف اللاجئين السوريين غير ناجحة أضرّت بالمواطن التركي، وذلك بهدف كسب شرائح جديدة من الناخبين وتقديم نفسها كجهة تتابع الشارع التركي وتهتم بمشاكله.

وقد اتخذت عملية التحريض التي بدأت تلاحظ بشكل واضح عام 2017 منحيَين واضحَين:

  • التحريض على وسائل التواصل: الذي ظهر على شكل حملات منظمة تحت هاشتاغات متكررة، استخدمها أنصار بعض الأحزاب السياسية المعارضة بشكل واضح، دعَوا فيها إلى طرد السوريين وإعادتهم إلى بلادهم[18].
  • التحريض ضمن الخطاب السياسي: الذي بدأ يتنامى بشكل واضح خاصة قبيل الاستحقاقات الانتخابية؛ إذ أصبح الوجود السوري في تركيا أحد بنود البرامج السياسية للأحزاب المعارضة[19]، استثمر في مخاوف المجتمع التركي الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، وعمل على تضخيمها من خلال بثّ العديد من المعلومات المضللة أو التهويل في شأن حجم ومصدر المساعدات التي يتلقاها السوريون[20].

ومن الجدير بالذكر أن حملات التحريض -خاصة السياسية منها- قد لقيت تجاوباً في الشارع التركي؛ فقد استطاعت التأثير في الصورة الذهنية للسوريين في وعي الجمهور التركي، وأثّرت بشكل ما في موقفه من وجودهم، وقد أسهم هذا التصعيد الانتخابي بظهور موجات عنف بحق اللاجئين السوريين، وقيام مجموعات من الأتراك بتكسير المحلات والسيارات التابعة للسوريين عند حدوث أي مشكلة أو انتشار أي إشاعة تتعلق بالسوريين[21].

2-4-التمييز  والرفض الاجتماعي:

بدأ شكل العلاقة بين المجتمعين يأخذ مساراً أقرب إلى التقوقع والانغلاق، لاسيما وأن العديد من السوريين تجمعوا في أحياء ومدن محددة أدت إلى تغيير في هوية المكان؛ فانتشرت اللافتات المكتوبة بالعربية، وتزايدت المحلات والمطاعم السورية، وهو ما عزّز مخاوف الأتراك بخصوص الوجود السوري وآثاره المستقبلية على هوية تركيا وتركيبتها الديمغرافية.

ويشير مؤشر الضغط الاجتماعي للسوريين 2019[22] إلى أن المجتمع التركي وضع مسافة اجتماعية صُنفت بأنها بعيدة بينه وبين السوريين؛ حيث أظهر المؤشر ابتعاداً متزايداً مقارنة بنتائج المؤشر ذاته لعامَي 2017 و2014، وهو ما يؤكد فرضية تغير نمط العلاقة ودرجة القبول بين اللاجئين والمجتمع التركي مع تقادم الزمن[23].

وعلى أرض الواقع بدأت تزداد ملامح تجنُّب تعامل الأتراك مع السوريين إلا في حدود الحاجة والعمل[24]؛ فقد بدأت حالات التمييز والرفض الاجتماعي[25] تلاحظ بشكل واضح عام 2018، لاسيما في المدارس من خلال تبدل مزاج الأطفال وتحولهم إلى رفض اللعب أو الحديث مع أقرانهم السوريين[26]، كما بدأت بعض المدارس بفصل الطلاب السوريين عن الطلاب الأتراك[27]، أو رفض تسجيلهم في المدارس بحجج شتى[28]، كما تعرض العديد من طلاب الجامعات التركية إلى إزعاجات من قبل الأكاديميين نتيجة أصولهم السورية[29].

ولم تعد حالة التمييز تطال السوريين تحت صفة الحماية المؤقتة فحسب، وإنما تعدّت إلى السوريين المجنَّسين؛ حيث إن هناك شريحة واسعة من المجتمع التركي لم تعترف بهذه الفئة كأتراك متساوين معهم بالحقوق والواجبات، رغم أن العديد من هؤلاء المجنسين من طلبة الجامعات ويتقون اللغة التركية، مما دفع بعضهم إلى إنكار أصوله السورية والادعاء بأن أصولهم من مكان آخر تحسباً للتعرض للمضايقات أو المشاكل[30].

2-5-الاستهداف المباشر:

بدأت حالات الاستهداف المباشر تلاحظ بتواتر متزايد في أواخر عام 2019، حيث تزايدت أعداد الحوادث التي غطتها بعض وسائل الإعلام التركية أو تلك التي انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويؤكد بعض الخبراء الذين التقيناهم تزايد حالات استهداف السوريين بالضرب أو الاعتداء عام2020 مقارنة بالأعوام السابقة،  في حين يرى خبراء آخرون أن استهداف السوريين ليس بالأمر الجديد، بل كان ملاحظاً بشكل واضح منذ عام 2017؛ إلا أن الجديد هو لجوء العديد من المتضررين إلى وسائل التواصل الاجتماعي، والإعلان عما تعرضوا له، لأنهم وجدوا أن هذه الطريقة قد تكون أجدى لتحصيل حقوقهم.

كما يرى بعض الخبراء أن ما يحدث للسوريين يمكن أن يندرج ضمن جملة من الأحداث والاعتداءات العادية التي تشاهد في أغلبية المجتمعات، وقد تكون نتيجة شجارات أو مشاكل ضمن العمل أو حوادث سرقة، وقد يحمل جزءٌ منها دافعاً عنصرياً. بينما يرى آخرون أن هذه الحوادث وإن كانت تندرج ضمن سياق اجتماعي عام إلا أنها استهدفت السوريين لكونهم الحلقة الأضعف في المجتمع، لاسيما وأن هذه الفئة لا تجد تفاعلاً حازماً من الناحية القانونية للتعاطي مع المشاكل التي تتعرض لها[31].

وفي محاولة لتتبع الحوادث التي استهدفت سوريين وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي منذ بداية عام 2020 وحتى نهاية تشرين الأول[32] نجد عدداً من الملاحظات، منها:

  • انتشرت الحوادث التي استهدفت لاجئين سوريين في عدد من الولايات التركية (15 ولاية من أصل 81)؛ إلا أنها تركزت بشكل واضح في إسطنبول بالدرجة الأولى، ثم غازي عنتاب وأضنة وهاتاي (الشكل 1).

الشكل 1: توزع المشاكل المرصودة بين المحافظات التركية

بالنظر إلى نتائج الرصد (الجدول 1) تتصدر إسطنبول عدد المشاكل المرصودة بـ 15 مشكلة، تليها غازي عنتاب ثم أضنة، ثم هاتاي؛ إلا أنه لابد من الأخذ بعين النظر عوامل أخرى كنسبة عدد السوريين إلى عدد السكان في الولاية، ونسبة عدد المشاكل إلى إجمالي عدد السوريين؛ حيث يبدو أن وضع كل من إسطنبول وأضنة يستدعي الانتباه مقارنة بغازي عنتاب وهاتاي، لارتفاع وتيرة المشاكل مقارنة بعدد السوريين ونسبته إلى عدد سكان الولاية.

الولاية عدد سكان الولاية[33] عدد السوريين في الولاية[34] نسبة السوريين إلى عدد السكان عدد المشاكل التي تم رصدها نسبة المشاكل إلى عدد السوريين
اسطنبول 15.519.267 496483 3.3% 15 0.003%
غازي عنتاب 2.069.364 450031 22.2% 9 0.002%
أضنة 2.237.940 246462 11.1% 8 0.003%
هاتاي 1.628.894 438741 27.25% 5 0.001%

جدول 1: معلومات عن الولايات التي سجلت أكبر نسب من المشاكل.

  • بالنظر إلى مخطط الحوادث الزمني: من الملاحظ أن ثمّة تزايداً في أعداد الاعتداءات بشكل واضح بدءاً من شهر حزيران، أي بعد انتهاء حالة الحجر الصحي نتيجة ظروف كورونا، وعودة الناس إلى أعمالهم (الشكل 2)[35].

الشكل 2 :المخطط الزمني للاعتداءات الشهرية

  • بالنظر إلى الجهة التي قامت بالاعتداء: يغلب على المعتدين أنهم من فئة الشباب من الشريحة العمرية بين 18-30 سنة؛ حيث إن غالبية هذه الاعتداءات تمّت من قبل مجموعات، واستهدفت الذكور بشكل أساسي، ويمكن تصنيف أسباب هذه الاعتداءات بأن ثلث هذه الاعتداءات كانت بدافع عنصري، بينما كانت 26% منها نتيجة دوافع جرمية كالسرقة والاعتداء الجنسي؛ 15% منها نتيجة شجارات اعتيادية، 9% نتيجة محاولات السوريين الدخول إلى تركيا بطرق غير قانونية[36]،17% غير معروفة الأسباب (الشكل 3).

ومن جهة أخرى تظهر في 23% من هذه الاعتداءات المرصودة أن الشرطة أو الجندرما كانت من المعتدين، أو أنها تحولت لأحد أطراف المشكلة من خلال التعاطي مع هذه المشاكل بإهمال أو تجاهل أو محاولة تهديد الضحية أو الإساءة له لفظياً أو جسدياً[37].

الشكل 3 : أسباب الاعتداءات ومواصفات الشريحة المعتدية

  • بالنظر إلى الأماكن التي تمت فيها هذه الحوادث: نجد أن معظم هذه الحوادث تمت في الأزقة، أو شوارع مناطق سكانية لفئات اجتماعية دون الطبقة الوسطى أو القريبة من المناطق الصناعية.
  • بالنظر إلى صفات الضحية: نلاحظ أن الاعتداء استهدف أفراداً بنسبة 62%، بينهم 29% من الحوادث استهدفت قُصّراً دون الثامنة عشر، واستهدفت الذكور بشكل أساسي. كما أن 36% من الاعتداءات تمت بسلاح أبيض كالسكاكين والأدوات الحادة، و29% بأعيرة نارية، و18% بالضرب والركل بالأيدي والأرجل. وقد تسببت 25% من هذه الحوادث بحالات وفاة، و29% بحالات إصابات متوسطة أو حادة استدعت المكوث في المستشفى فترات طويلة (الشكل 4).

الشكل 4 : شرائح الضحايا، أدوات ونتائج الاعتداء

  • ترافقت بعض هذه الاعتداءات مع حراك إيجابي تمثّل بحملات إعلامية تركية على مواقع التواصل الاجتماعي[38]، وزيارات لأسر الضحايا من قبل شخصيات تركية[39]، فيما لم يركز الإعلام التركي بشكل واضح على التعاطي القانوني مع هذه الحوادث ونتائج التحقيقات.
  • من الملاحظ أن تركيا تشهد حالة من التزايد في معدلات الجريمة خلال الأعوام الماضية؛ إذ تشير إحدى الإحصائيات إلى ارتفاع معدل الجريمة بين عامي 2014-2018 بمعدل 52% لجرائم السرقة، و91% لجرائم النهب، وارتفاع نسب التورط بالجرائم من قبل القُصّر[40]؛ وهو ما يشير إلى سياق عام ضمن المجتمع التركي من الطبيعي أن تظهر انعكاساته على السوريين وهم يشكلون جزءاً من المجتمع.

ثالثاً: أسباب التغيرات في شكل العلاقة بين السوريين والأتراك:

يشير خبراء سوريون إلى وجود عدد من الأسباب التي أدت إلى تغيير نمط العلاقة بين السوريين والمجتمع التركي، رغم الجهود التي بذلتها الحكومة لتعزيز الاندماج والانسجام الاجتماعي، ويمكن إجمالها بما يلي:

3-1-الأزمة الاقتصادية ومشاكل العمل:

يرى جميع الخبراء الذين التقيناهم أن الأزمة الاقتصادية في تركيا التي ظهرت بوادرها بوضوح عام 2018[41] هي السبب الرئيسي لهذه التغيرات؛ لأنها هددت استقرار العديد من العائلات التركية، فقد تراجع سعر صرف الليرة التركية أمام العملات الأجنبية ليصل إلى مستويات قياسية، خاصة بعد أزمة كورونا[42]، وهو ما يمكن أن يكون السبب في ارتفاع معدل الجريمة والاعتداءات في أي مجتمع يتعرض لمثل هذه الظروف، وقد يدفع البعض لممارسة سلوكيات منحرفة يستهدف بها الحلقة الأضعف في المجتمع.

وتنتشر في أوساط من المجتمع التركي قناعة مفادها أن الأزمة الاقتصادية الحالية التي تشهدها البلاد تتحمل مسؤوليتَها بشكل أساسي أعداد السوريين الكبيرة المقيمة في البلاد؛ إذ تشكّلت هذه القناعة نتيجة التصريحات المتكررة حول حجم الإنفاق على اللاجئين السوريين في تركيا[43].

ومن جهة أخرى أسهمت الأزمة الاقتصادية برفع معدلات البطالة في تركيا، وبالتالي حمّل كثير من الأتراك السوريين المسؤولية في ذلك؛ بسبب منافستهم في سوق العمل، وتفضيل أصحاب العمل تشغيل العمّال السوريين على الأتراك، وذلك لتدني رواتيهم، وإمكانية تشغيلهم بشكل غير نظامي ولساعات طويلة في ظروف عمل قد لا يقبل بها العامل التركي، لاسيما فيما يُعرف بمجالات الاقتصاد غير الرسمي[44].

وقد عملت الحكومة التركية منذ منتصف عام 2019 على تشديد الرقابة حول ظروف عمل السوريين وإرغام أرباب العمل على استصدار أذونات عمل رسمية لجميع العمال السوريين لديهم، وملاحقة المخالفين منهم، وقد قدمت الحكومة بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي التسهيلات من أجل تشجيع أرباب العمل على تسجيل هؤلاء العاملين في وزارة العمل بشكل رسمي[45].

3-2-السياسات الحكومية

أثّرت بعض السياسات الحكومية فيما يتعلق بإدارة ملف اللاجئين السوريين في تركيا في العلاقة بين السوريين والأتراك، ويمكن إجمال هذا التأثير بمجموعة من النقاط، منها:

  • استطاعت المؤسسات العامة التركية بالتعاون مع بعض المنظمات الدولية إدارة العديد من التحديات التي فرضها وجود السوريين في تركيا؛ إلا أن الحكومة التركية تعاملت مع هذا الملف باستراتيجية التخطيط للمشاريع قصيرة المدى بغرض حل المشاكل، ولم تتعامل مع هذا الوجود السوري وفق احتمالية استمراره لفترة طويلة، وبالتالي لم تطور الحكومة سياسات الانسجام التي استخدمتها في بداية الأزمة[46].
  • وضعت الحكومة التركية جميع اللاجئين السوريين تحت وضع الحماية المؤقتة، وهو وضع قانوني يعطي اللاجئ السوري مجموعة من الحقوق والواجبات[47]، يختلف إلى حد ما عما تعطيه الدول الأوربية للاجئين في عدد من الجوانب؛ إلا أنه رغم وجود هذه الصفة القانونية استخدمت الحكومة في خطابها الرسمي الداخلي في الكثير من المواقف صفة “الضيوف”، ولم تبيّن للمجتمع التركي الحقوق التي يتمتع بها السوريون في تركيا، كما لم تبيّن لهم الالتزامات التي فرضتها الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها تركيا بخصوص وجودهم[48].
  • ركز الخطاب الإعلامي الرسمي على حجم الإنفاق على اللاجئين السوريين في تركيا، ورغم أن هذا الخطاب هو خطاب خارجي موجه للدول المعنية لمطالبتها بالوفاء بالتزاماتها؛ إلا أن هذا الخطاب انعكس بشكل سيئ على الداخل التركي، فقد ركز الخطاب بشكل دوري ومتكرر على حجم الإنفاق دون الإشارة إلى مصدر هذه النفقات، ودون الإشارة إلى الجهات التي صرفت فيه؛ وهو ما ولّد قناعة لدى جمهور كبير من الأتراك أن المبلغ المنفق قد صُرف من خزينة الدولة وجّهته الحكومة للإنفاق على السوريين، بدلاً من صرفه على مشاريع تحسّن من ظروف الحياة[49].
  • أسهمت سياسة تجنيس بعض الكفاءات السورية في خلق حالة من الغضب والرفض لدى شرائح واسعة من المجتمع التركي لم تكن مهيأة لتقبل هذه الخطوة، على الرغم من أن أعداد المجنسين لم تتجاوز 3% من إجمالي نسبة السوريين[50].
  • أسهمت بعض القرارات المتعلقة بالسوريين – مثل الإلزام باستخراج إذن السفر[51]– بتعزيز صورة ذهنية توهم بأن السوريين قد يكونون مصدراً للخطر وتهديداً متوقعاً للأمن[52]، أو أنهم يتمتعون بدرجة أقل من الحقوق، كما أن توقيت صدور بعض القوانين المتعلقة بتنظيم وجود السوريين -كالذي جاء عقب تراجع الحزب الحاكم في الانتخابات البلدية للعام 2019 في بعض المحافظات- أوهم أن السوريين قد يكونون السبب وراء تلك الخسارة[53].
  • أسهم التدخل العسكري في سوريا بخلق حالة واضحة من الانزعاج لدى الشارع التركي، الذي لم يدرك بشكل واضح أن هذا التدخل جاء لمصالح أمنية وإقليمية وسياسية تركية في الدرجة الأولى، وبالتالي ترافقت أي خسائر بشرية للجنود الأتراك في سوريا بموجة غضب كبيرة ومحاولات انتقام من السوريين في تركيا واتهامهم بالتقاعس عن حماية بلادهم[54].
  • تسببت بعض سياسات الدمج بتراجع جودة الخدمات التي تقدمها الدولة لمواطنيها؛ لأن المرافق الخدمية لم تكن مهيأة لاستيعاب هذه الأعداد الكبيرة، فعلى سبيل المثال: لم تتوفر في بعض الولايات البنية التحتية الكافية لاستيعاب الطلاب السوريين في المدارس التركية[55]، كما أن الزحام ازداد في المشافي الحكومية في بعض الولايات، نتيجة وجود العديد من السوريين الذين يحتاجون الرعاية الطبية.

3-3 الاستقطاب الداخلي السياسي

تحول ملف الوجود السوري إلى ملف أساسي لدى الأحزاب السياسية التركية، خاصة الأحزاب المعارضة، والتي بنت عليه معظم مشروعها الانتخابي، مستغلةً حالة الانزعاج والمخاوف الموجودة لدى الشارع التركي؛ فقد حاولت من خلال هذا الملف مضايقة الحزب الحاكم، والإيحاء بأن سياساته بخصوص السوريين لم تكن سياسات ناجحة، وأنها تسببت في الكثير من المشاكل الداخلية والاقتصادية والسياسية التي يدفع الأتراك ثمنها، وهو ما جعل الحزب الحاكم لاحقاً يدخل ملف السوريين ضمن برنامجه الانتخابي، الأمر الذي فهمه الشارع التركي بأنه اعتراف ضمني بصحة ادعاءات الأحزاب المعارضة[56].

وقد ركز الخطاب السياسي المعارض على مخاوف الشارع التركي، سواء المخاوف الاقتصادية أو الأمنية أو الثقافية أو المستقبلية، وعمل على صياغة مجموعة من الوعود يوحي من خلالها أن العديد من مشاكل تركيا سوف تُحلّ مع خروج السوريين منها.

3-4 التحريض الإعلامي

بدأت عام 2017 تظهر حملات منظَّمة على منصات التواصل الاجتماعي تتبنى وسم (هاشتاغ) يدعو لطرد السوريين وإعادتهم إلى بلادهم، حيث استغلت مجموعة من الأخطاء التي قام بها بعض السوريين، فقاموا بتداول العديد من الصور تظهر تصرفات قام بها اللاجئون تتعلق بنظافة الحدائق العامة والسباحة على السواحل التركية بما يخالف العادات، وتطورت لاتهام لاجئين بتصوير سيدات تركيات على شاطئ البحر.

ويرى بعض الخبراء السوريين أن هناك جهات سورية أسهمت بشكل مقصود أو غير مقصود في تلك الحملات التي لم تكن عشوائية، وأرادت استغلال الذكرى الأولى لفشل الانقلاب في 15 تموز 2016، والتحضير لمظاهرة ضخمة تعمل على استثمار الحشود من أجل خلق ضغط سياسي على الحكومة[57].

ومن جهة أخرى أسهمت وسائل الإعلام التقليدية كالصحف والقنوات التلفزيونية في عملية التحريض عبر ترويجها لخطاب يدعو لكراهية اللاجئين السوريين؛ إذ حمل المحتوى الإعلامي الذي تحدث عن اللاجئين السوريين الكثير من المفردات التي تصف هذه الفئة بأنهم مجرمون محتملون يتورطون بالمشاكل الأمنية والإرهاب، ومسؤولون عن العديد من جرائم القتل والسرقة والتحرش، كما تم تحميلهم المسؤولية تجاه الوضع الاقتصادي المتردي والبطالة في تركيا، واعتبار وجودهم أمراً غير مريح يسبب التوتر، ويؤثر على البنية الديمغرافية لتركيا[58].

وقد ركّز هذا الخطاب الإعلامي التحريضي بمجمله على إبراز الظواهر السلبية[59] وتجاهل الظواهر الإيجابية، بل قام أحياناً بتغييبها، والعمل على تعميق المخاوف الاجتماعية في المجتمع التركي من وجود السوريين وترسيخ صورة ذهنية سلبية عنهم[60]، ونشر معلومات مضللة أو منقوصة أو كاذبة في بعض الأحيان الهدف منها إثارة الحنق والغضب ضد السوريين، ونجحت في ذلك إلى حد ما[61].

وقد اعتبر معظم الخبراء الذين التقيناهم أن الخطاب الإعلامي الرسمي مكَّن المعارضة من استثمار تلك التصريحات لاتهام الحكومة بتفضيل السوريين على الشعب التركي، وتبديد خزينة الدولة عليهم بدلاً من إنفاقها في التنمية الاقتصادية وتحسين مستوى الحياة[62]، مستغلةً غياب التقارير حول مصدر هذه المبالغ ومجالات صرفها.

ومن جهة أخرى حاول بعض الصحفيين الأتراك والسوريين المجنسين استغلال الإعلام للتنبيه لخطورة انتشار خطاب الكراهية الذي يستهدف السوريين، إلا أن مقالات الصحفيين المجنسين لاقت استنكاراً وهجوماً كبيراً، وتعرض بعضهم للتهديد من بعض شخصيات سياسية[63].

3-5- تنامي المخاوف الاجتماعية عند الشعب التركي:

تسببت أعداد السوريين الكبيرة بتنامي المخاوف عند الأتراك يوماً بعد يوم، وتتركز هذه المخاوف في مستويين[64]:

  • مخاوف جادّة تتمحور حول اعتبار أن وجود السوريين سوف يضرّ باقتصاد البلاد، وكذلك بأمنه وسلامته نتيجة تورطهم بجرائم عنف وسرقة وتهريب، كما أن أعدادهم الكبيرة سوف تؤدي إلى انخفاض أو ضعف جودة الخدمات العامة، إلى جانب كونهم سيضرّون بالبنية الاجتماعية والثقافية.
  • مخاوف متوسطة تتعلق بأن تجنيسهم سيكون له تأثير في تحديد مصير تركيا المستقبلي، كما أن أعداد السوريين الكبيرة تفسد الهوية الثقافية التركية، وتخلق تنافساً على فرص العمل المتوفرة.

3-6- ضعف التعاطي القانوني مع شكاوى السوريين:

أجمع الخبراء الذين التقيناهم على ضعف التعاطي القانوني مع ما يتعلق بمشاكل السوريين؛ وقد أشاروا إلى وجود حالة تجاهل واضحة عند شريحة واسعة من عناصر الشرطة، وعدم اهتمام في الشكاوى التي يتقدم بها السوريون عند تعرضهم لاعتداءات أو سرقة أو استهداف[65]؛ حتى انتشرت قناعة بين شريحة واسعة من السوريين أنه لا جدوى من اللجوء إلى الشرطة والقضاء.

ومن جهة أخرى أفاد عدد من الخبراء الذين التقيناهم أنهم صادفوا العديد من الحالات التي انقلبت فيها الشكوى ضد الضحية نتيجة موقف اتخذه عناصر الشرطة[66]، حيث رفض بعض عناصر الشرطة تسجيل ضبط بالواقعة بحجج شتى[67]، أو تراخَوا في اتخاذ إجراءات رادعة[68]، أو أنهم قاموا بتهديد الضحية وإجباره على سحب شكواه أو التعرض له بالضرب غير المبرر[69]، أو استغلال وضعه تحت الإقامة المؤقتة وتحويله إلى مراكز الترحيل دون سبب قانوني يستدعي ذلك[70]، بينما تتعامل عناصر الشرطة بشكل مغاير في الوقت الذي يكون فيه المعتدي هو الطرف السوري، حيث لا تتهاون أبداً في القيام بواجباتها، وكتابة الضبوط ومتابعة المشكلة على النحو المطلوب.

ويرى بعض الخبراء الذين التقيناهم أنه من الطبيعي تأثُّر بعض عناصر الشرطة بالدعاية الإعلامية والتجييش ضد السوريين كونهم من أفراد هذا المجتمع؛ إلا أنه من غير المنطقي أن تؤثر هذه المواقف الشخصية في أداء بعضهم خلال عمله، وأن يخلط مواقفه الشخصية بواجباته، في حين يرى خبراء آخرون أن مخفر الشرطة هو الدائرة الأولى لتنفيذ القوانين، فهو يمثل -عملياً- السلطة القانونية في البلاد، وبالتالي قد يدفع ذلك بعض عناصر الشرطة للاستقواء بهذه السلطة الممنوحة ضد وجود السوريين الذي قد يعتبره خطأ وأمراً غير مرغوب به.

ومن جهة أخرى وعلى الرغم من وجود قانون يجرّم العنصرية في تركيا[71]؛ إلا أن هذا القانون لم يتضح تطبيقه مسبقاً على النحو المطلوب، فلم يصدر بحق دعاوى ضد جرائم التحريض العنصري قرارات رادعة[72]، ولم يتم الاهتمام أو تسليط الضوء على الجرائم التي حدثت بدافع عنصري.

3-7- التصرفات السلبية من قبل بعض السوريين

يتحمل السوريون جزءاً من المسؤولية في هذا التغير في شكل العلاقات؛ ذلك أن ثمة العديد من الأخطاء التي ارتكبت بقصد أو بغير قصد كانت السبب في حدوث هذا التغيير، حيث لم يراعِ بعض السوريين الخصوصية الثقافية للبلاد وعادات أهلها[73]، وتجاوز آخرون بعض القوانين[74] بحجج مختلفة.

كما أن السوريين تجمعوا في مناطق وأحياء محددة ومدن مكتظة، وخلقوا مجتمعات بديلة أسهمت في تخفيف وطأة الغربة، حاولوا معها الحفاظ على هويتهم الثقافية في الطعام واللباس والعادات، وهو ما أقلق المجتمع التركي الذي أحسَّ بالتهديد من هذه التجمعات الجديدة التي بدأت تغزو بثقافتها الأحياء والشوارع[75].

كما أن مشكلة التمكن من اللغة التركية التي لم يستطع الكثير من السوريين[76] تجاوزها كانت سبباً أساسياً في ضعف الاحتكاك الإيجابي بين الطرفين، وفي سوء الفهم في بعض الأحيان.

ويرى بعض الخبراء الذين التقيناهم أن اللغة هي من أهم أسباب تصاعد حدة المشاكل بين السوريين، في حين يرى آخرون أنها عامل مهم، ولكنه غير أساسي[77].

ومن جهة أخرى برزت شريحة من السوريين الموسرين الذين لم يتبنّوا أي موقف أو رأي سياسي، والتي عاشت حياتها في تركيا بحالة بذخ ورفاهية، دون أي احترام للظروف الإنسانية أو العمليات العسكرية التي لم تتوقف في سوريا خلال الأعوام الماضية؛ فأقاموا الاحتفالات والسهرات في المطاعم لأوقات متأخرة واستضافوا الفنانين، وهو ما انعكس سلباً على المجتمع التركي الذي شكك في رواية السوريين حول الحرب الدائرة في بلادهم، وأضعف من احترامهم؛ إذ توقع الأتراك أن يكون السوريون أكثر تضامناً فيما بينهم.

كما أن هناك العديد من المراهقين الذين قدموا إلى تركيا دون عائلاتهم، واضطروا إلى ترك مقاعد الدراسة والتحقوا بسوق العمل ليؤمنوا قوت يومهم، فشبّوا دون رقيب أو معيل، وعاشوا في بيوت مشتركة في ظروف غير طبيعية تفتقر للاستقرار، ولم تتوفر لهم جهة ترعاهم أو توجههم أو تساعدهم على تحسين أوضاعهم، فظهرت لديهم بعض السلوكيات غير المقبولة كاللجوء إلى العنف والميل لافتعال المشاكل، بالإضافة إلى تراجع الإحساس بالمسؤولية واحترام الآخرين، وعدم امتلاك مهارات التواصل المطلوبة مع الآخرين؛ وهو ما جعل هذه الفئات من أكثر الفئات تورطاً بالمشاكل كونها الأكثر احتكاكاً مع المجتمع التركي، لاسيما في ميدان العمل.

رابعاً: الآثار والتداعيات المتوقعة جرّاء هذه التغيرات

تأخذ التغيرات في العلاقة بين المجتمع المضيف – المجتمع التركي – واللاجئين السوريين منحىً واضحاً[78]، يتجه نحو سياق أكثر توتراً، وقد لا تشكل ظاهرة الاستهداف التي بدأت تتزايد مؤخراً مشكلة حرجة؛ إلا أنها تقرع جرس الإنذار وتنبه إلى إمكانية تزايد التوتر في المستقبل القريب، والذي يُخشى معه الوصول إلى حالة انفجار مجتمعي بين الطرفين، ما لم يتم احتواء الاحتقان الحاصل بين الطرفين.

ومن جهة أخرى لابد من الاعتراف أن هناك فئات في جميع المجتمعات تحمل نفساً عنصرياً أو تمييزياً، وترى نفسها أفضل وتنظر إلى غيرها على أنه أدنى مكانة، وأن مثل هذه الفئات يمكن أن تخلق الكثير من المشاكل ما لم تكن ثمة ضوابط قانونية رادعة تردع تصرفاتها، وتمنعها من أن تتجاوز حدها وتعتدي على غيرها[79].

وبالتالي لابد من النظر إلى هذا التغيرات في شكل العلاقة بجدية أكبر، لاسيما وأنها لن تؤثّر في اللاجئين السوريين فحسب، وإنما ستؤثر بشكل مباشر في المجتمع التركي على المدى المنظور وعلى المدى البعيد، حيث يمكن إجمال هذه الآثار المتوقعة فيما يلي:

4-1- آثار تزايد حالة التحريض ذات الطابع العنصري على السوريين:

عند دراسة الآثار المتوقعة على اللاجئين السوريين نتيجة تغير نمط العلاقة مع المجتمع التركي وتزايد حالات الاستهداف لابد أن نأخذ بالحسبان في البداية أن اللاجئين عموماً هم الحلقة الأضعف في أي مجتمع، وأنهم يتأثرون بشكل أكبر من غيرهم نظراً للتجارب السابقة التي مروا بها، ولحالة عدم الاستقرار النفسي التي يعانون منها، وبالتالي قد تختلف ردود فعلهم عن المجتمعات المستقرة، وقد تظهر بين شرائح منهم بعض السلوكيات الشاذة التي يجب فهم دوافعها وأسبابها بداية قبل البحث عن طرق لمعالجتها.

وتتجلى آثار تغير العلاقة وتزايد التحريض على السوريين بما يلي:

  • أدت حالة التحريض الإعلامي والسياسي والتغيرات في القبول الاجتماعي إلى حالة تشويش عند السوريين، حيث غالباً ما تفسر أسباب جميع الحوادث التي يتعرض لها السوريون على أنها شكل من أشكال العنصرية أو الكراهية، في حين قد تقع هذه الحوادث ضمن سياق الحوادث العامة التي تحصل في كافة المجتمعات.
  • ارتفاع وتيرة الاحتقان الداخلي، والإحساس بعدم الاستقرار وعدم الأمان نتيجة وجود جو عام يشعر اللاجئين بأنهم غير مرحب بهم وأن عليهم أن يعودوا لبلادهم ولو كانت الظروف فيها غير مهيأة للعودة، وهو ما قد يزيد من حالة العزلة، ويشكل لديهم مقاومة داخلية لجهود الانسجام أو الاندماج مع المجتمع التركي.
  • ضعف ثقة اللاجئين السوريين بجدوى الإجراءات القانونية التي يمكن أن تحميهم في حال تعرضوا لأي مشكلة، خاصة مع قلة تفاعل دوائر الشرطة مع مشاكلهم وهو ما قد يدفع بعضهم لمحاولة تحصيل حقوقه بنفسه، وعدم اللجوء إلى الطرق القانونية.
  • تسببت حوادث الاعتداءات على اللاجئين السوريين والتي حدثت من منطلق عنصري واتخذت منحىً جرمياً[80] بتعميق الشعور بالمظلومية والاستهداف، وقد خلقت هذه الحوادث حالة متصاعدة من الضغوط خاصة مع عدم وضوح التعاطي القانوني مع المعتدي[81]، وهو ما قد يشعرهم بأن حياتهم قد تكون مهددة في أي لحظة، ويجعلهم يتعاطون مع الحوادث العادية بردود أفعال مبالغ بها.
  • من الملاحظ ارتفاع مشاعر الكراهية بين السوريين وتحميل فئات منهم المسؤولية عن تراجع القبول الاجتماعي في تركيا، وقد بدأ ذلك يظهر من خلال تزايد وتيرة الاعتداء بين السوريين تجاه بعضهم البعض[82]، وهو ما يفسره البعض بأنها محاولة لتفريغ مشاعر الاحتقان والكراهية التي يحسّون بها عبر استهداف الفئة الأضعف التي قد لا يكون لاستهدافهم تبعات قانونية حسب اعتقادهم.
  • يتخوّف بعض الخبراء السوريين من الوصول إلى حالة انفجار مجتمعي لا يمكن احتواؤها مستقبلاً، خاصة مع وجود جهات تحرّض كلا الطرفين على الآخر، وتشيطنه وتشجّعه على الانتقام منه.
  • خسارة رأس المال السوري الاجتماعي، وهجرة الكفاءات التي قد تشكل حجر زاوية مستقبلية لجسر من العلاقات الاقتصادية بين تركيا والمشرق العربي والخليجي تحديداً، لاسيما وأن التصرفات والسلوكيات الحالية ستدفع السوريين إلى التفكير بالهجرة بحثاً عن مستقبل أكثر أمناً واستقراراً.

4-2- آثار تزايد حالة التحريض ذات الطابع العنصري على المجتمع التركي:

تعتقد شريحة من الأتراك -خاصة الغاضبين من الوجود السوري في تركيا- أن غضبهم مبرر، وأنهم محقّون في تصرفاتهم، خاصة وأن الحكومة تتحرك في هذا الملف خلافاً لمصالحهم من وجهة نظرهم، كما قد يعتبر السياسيون -خاصة في الأحزاب المعارضة- أن استخدام ورقة الوجود السوري في المعارك الانتخابية وما يرافقها من خطاب كراهية وخطاب تحريضي أمر مقبول ومبرر في عالم السياسية، والتي يحاول فيها كل خصم توجيه ضربة لخصمه في بعض نقاط ضعفه.

إلا أنه لا يخفى على أحد أن ارتفاع حالة التحريض واستخدام خطاب الكراهية قد يكون له العديد من الآثار الاجتماعية الآنيّة أو على المدى المنظور، ومنها:

  • إضعاف جهود الاندماج والانسجام الاجتماعي التي تقوم بها الحكومة، والتخفيف من فاعليتها وقدرتها على تحقيق الأهداف التي كانت تسعى للوصول إليها.
  • التلاعب بالسِّلم الأهلي، وإضعاف بنية المجتمع الداخلي التركي وتماسكه، والذي يعاني أساساً من حالة هشاشة اجتماعية يمكن أن تؤثر مستقبلاً في سياسات الدولة[83]، خاصة مع التحديات الإقليمية والخارجية التي تواجهها تركيا كبلد يحاول التحرر من تبعات تكبيل المعاهدات والاتفاقيات الدولية السابقة.
  • ارتفاع وتيرة الخطاب الشعبوي الذي يرفض الآخر، أو الذي يحمل خطاب كراهية تجاه المختلف، سواء بين بعض الأكاديميين والمفكرين أو قيادات الرأي والسياسيين، وهو ما جعل هذا الخطاب غير مستهجن اجتماعياً، وانتقل ليصبح خطاباً شعبياً منتشراً بين مختلف الفئات، حتى بين الأطفال، وإذا كان قد بدأ بالسوريين فلن ينتهي بهم، بل قد يقود إلى توجيهه مستقبلاً إلى فئات تركية داخلية.
  • استسهال تجاوز القانون وارتكاب المخالفات أو الجنح أو الجنايات، واستهداف بعض المكونات الاجتماعية خاصة الفئات الهشّة والضعيفة؛ حيث إن هذه التجاوزات ستكون مبررة بين شرائح واسعة، بل وقد تلقى احتراماً بسبب بُعد قومي، وهو ما يعني إضعاف سلطة القانون وزيادة معدل الجرائم.
  • تغير الصورة الذهنية لتركيا وشعبها في أذهان العامة من الشعوب العربية، خاصة مع وجود جهات يمكن أن تستثمر مثل هذه الحوادث وتسلط الضوء عليها للإيحاء بأن الشعب التركي شعب عنصري وأنه يرفض أو يستهدف الغرباء، وخاصة العرب؛ الأمر الذي من شأنه التأثير في قطاع السياحة بشكل واضح، وهو الذي يُعد قطاعاً مهماً في الاقتصاد التركي.
  • التأسيس لقيم اجتماعية جديدة ترتكز على التمييز وكراهية الآخر أو المختلف، وعدم احترام الثقافات المتنوعة، وظلم الأقليات والفئات المستضعفة، وعدم احترام القانون؛ وهو ما يعني أن العديد من القيم الاجتماعية التي حاولت الحكومة التركية التركيز عليها قد تصبح مهددة بالفشل، وأن شكل تركيا المستقبلي قد يُصاغ وفق منظومة قيمية أخرى تختلف عن القيم التاريخية التي تربّى عليها الشعب التركي.
  • تزايد الضغوط الحقوقية والقانونية على الحكومة التركية مستقبلاً من قبل بعض الجهات الغربية، وذلك باستخدام بعض الملفات الحقوقية وملفات انتهاكات حقوق الإنسان.
  • إضعاف ولاء المجنَّسين السوريين لتركيا؛ لإحساسهم بالاستهداف والتمييز وعدم الاحترام لأصوله وعدم قبوله اجتماعياً، وهو ما قد يضعف إحساسه بالانتماء للوطن الجديد وحبه له، أو يعيقه عن الاندماج.

خامساً: التوصيات

لا يمكن لأحد أن يتوقع أن تختفي هذه المظاهر السلبية من تلقاء نفسها، وترجع العلاقة بين السوريين والأتراك لتنتظم في مسارها المفروض، دون وجود جهود حثيثة يقودها الفاعلون في هذا المجال؛ لاسيما وأن كلا الطرفين اتجه نحو حالة من الانغلاق والعزلة وفقاً لنتائج دراسة مؤشر الضغط للسوريين 2019، وهو ما يعني أن الاندماج بين الطرفين يصبح يوماً بعد يوم أمراً صعباً، لكنه لا يزال ممكناً على صعوبته.

وفي محاولة لاحتواء المشكلة ومنعها من التصاعد وأن تتحول لمادة للاستثمار من قبل بعض الجهات نقدم التوصيات الآتية:

توصيات إلى الحكومة التركية ودوائر صناعة القرار:

  • التوجيه لتفعيل القانون الذي يجرّم خطاب العنصرية في الدستور التركي، والعمل على ملاحقة أصحاب هذا الخطاب وتغريمهم أو معاقبتهم، وتسليط الضوء إعلامياً على هذه الحالات وعلى تبعاتها القانونية.
  • إعادة النظر في شكل الوجود القانوني للسوريين في تركيا، وتقييم المرحلة السابقة، والعمل على تدارك بعض الأخطاء والثغرات في هذا القانون.
  • التعريف الواضح لكل من السوريين والأتراك بالحقوق والواجبات المترتبة على حاملي بطاقة الحماية المؤقتة باللغتين التركية والعربية، وتسليط الضوء على الاتفاقيات التي وقّعتها تركيا في هذا المجال والالتزامات المترتبة عليها في هذا الخصوص.
  • إعادة النظر في الخطاب الرسمي المتعلق بملف اللاجئين السوريين، سواء الخطاب الموجه للداخل التركي أو للدول الخارجية، والعمل على تقديم خطاب شفاف يوضح للداخل الأموال التي دُفعت من الدول الأوروبية للاجئين السوريين والجهات التي صُرفت فيها تلك الأموال.
  • التعامل بحزم مع أي جهة أو موظف ينتقص من أي تركي أصلي أو مجنس نتيجة أصوله العرقية.

توصيات إلى منظمات المجتمع المدني السورية والتركية

  • التخطيط لمشاريع هدفها خلق حالة من الاحتكاك الإيجابي المشترك بين بعض الفئات المتشابهة من السوريين والأتراك (المعلمين، الصحفيين، المهندسين، الأطباء، الطلاب، الأكاديميين …إلخ)، وعمل لقاءات دورية بين هذه الأطراف.
  • إقامة مشاريع هدفها التركيز على حالة التشابه الثقافي بين المجتمعين، كالمعارض والمطابخ والمنتجات التقليدية والفنية.
  • التوجه نحو إنشاء مشاريع تنموية خارج المدن الكبيرة تستقطب اليد العاملة السورية والتركية، وتقدم تسهيلات في الانتقال وتصحيح الوضع القانوني لبعض المخالفين.
  • تفعيل نشاط المنظمات الحقوقية التركية للتصدي والدفاع عن بعض الانتهاكات التي يتعرض لها السوريون، وتغطية هذه النشاطات إعلامياً ولفترات طويلة.
  • إنشاء مكاتب أو جهات استشارية قانونية من شأنها تقديم المساعدة للسوريين في مواجهة المشاكل التي يتعرضون لها.
  • الترتيب لحملات تقودها بعض الجهات التركية الاعتبارية، تتوجه فيها إلى الأحزاب المعارضة التي تتبنى خطاب كراهية تجاه السوريين، بغية تعريفهم ببعض الشخصيات السورية المؤثرة، والتأثير عليهم لإعادة صياغة خطابهم السياسي بما يخدم مصالح البلاد، ولا يضعف بنيتها الداخلية.
  • إطلاق بعض المسابقات حول مشاريع من شأنها اكتشاف المواهب والخبرات في بعض المجالات، والتي من شأنها تقديم حلول لبعض المشاكل في تركيا، وتسليط الضوء على هذه المشاريع والمسابقات إعلامياً.
  • إطلاق حملة مناصرة داخلية بالتعاون مع جهات حكومية تستهدف أجهزة الشرطة والعناصر الحدودية، والعاملين في المشافي والمدارس والموظفين في الدوائر الرسمية التي يتردد إليها السوريون من أجل التعامل بشكل منصف مع مشاكل السوريين والالتزام بالقوانين، وتأمين مترجمين معتمدين لمساعدة الأجانب على حل مشاكلهم، أو التقدم بشكوى.
  • تعاون مشترك بين مراكز الدراسات والأبحاث السورية والتركية لتقديم استطلاعات دورية للرأي في عدد من المواضيع الحساسة بشكل استباقي، والعمل على اقتراح مشاريع وحلول للتخفيف من مخاوف المجتمع التركي والسوري.
  • التشبيك مع رجال الأعمال السوريين، وإقناعهم بضرورة تبنّي بعض المشاريع التي تخدم المشاركة المجتمعية وفقاً للمعايير التركية.
  • إقامة مشاريع تستهدف شريحة الشباب والعاملين في المصانع والمعامل التركية، وذلك بهدف التأثير والتوجيه، والمساعدة على تغيير بعض السلوكيات السلبية، ولاسيما بين أولئك الذين يقيمون دون عائلاتهم.

توصيات إلى الإعلاميين والمؤثرين:

  • توجُّه منظمات المجتمع المدني لإنشاء منصات إعلامية ناطقة باللغة التركية تهدف إلى تعريف المجتمع التركي بآخر تطورات الوضع في سوريا بطريقة مبسطة ومختصرة، والإشارة إلى بعض الجوانب الإيجابية والنماذج الناجحة.
  • تجهيز عدد من الخبراء السوريين الذين يتحدثون باللغة التركية وتقديمهم للإعلام التركي، لتقديم وجهة نظر السوريين وتوضيح بعض المعلومات المغلوطة التي انتشرت بحقهم.
  • إقناع إعلاميين أتراك محايدين بضرورة المشاركة في الإعلام المجتمعي، سواء التقليدي أو الجديد، من أجل نقل وتصحيح الصورة الذهنية عن السوريين.
  • توجيه بعض شركات الإنتاج والمعنيين بالإنتاج الفني والمسلسلات التركية لتسليط الضوء على بعض قصص السوريين ونجاحاتهم.

لتحميل التقرير:

” مهددات الانسجام الاجتماعي بين السوريين والمجتمع التركي ” تقرير خاص

لتحميل التقرير باللغة التركية:

Suriyeli Mülteciler ve Türk Toplumu Arasındaki Uyum: Fırsatlar ve Tehditler

لمشاركة الصفحة:

https://sydialogue.org/13ah


[1] ملخص السنوات التسع على  قدوم السوريين إلى  تركيا بين 29/4/2011 وحتى 29/4/2020
TÜRKİYE’DEKİ SURİYELİLER İLE 9 YILIN ÖZETİ 29 Nisan 2011 – 29 Nisan 2020, Prof. Dr. M. Murat Erdoğan, https://bit.ly/3kK65yB
[2] تشير إحدى الدراسات التركية إلى أن الحكومة اعتمدت مفهوم الانسجام الاجتماعي كمحدد لسياساتها مع اللاجئين، ويُقصد بالانسجام الاجتماعي: الانسجام والشعور ونمط الحياة الذي يمكن أن تتعايش به المجتمعات بشكل عفوي أو طوعي أو قسري، في إطار القبول والاحترام المتبادلين على أساس الانتماء المتبادل الذي يتم تقبل التعددية فيه، وهي عملية معقدة وعاطفية وتسبب بعض الصراعات في وقت معين.
مؤشر الضغط للسوريين 2019، إطار العيش المشترك في انسجام مع السوريين، بحث مشترك لصالح مركز أبحاث الهجرة والتكامل TAGU و UNHCRـ  تاريخ النشر: تموز 2020، رابط الدراسة باللغة العربية https://bit.ly/3kLn2ce  
2019 – BAROMETRESİ SURİYELİLER , Prof. Dr. M. Murat Erdoğan, TAGU ve UNHCR, Temmuz, https://bit.ly/3oEMtyB
[3] قام فريق البحث بإجراء 8 مقابلات؛ اثنان من الناشطين الحقوقيين، وإداريان في منظمات المجتمع المدني السورية، وصحفيان، وطالب جامعي، وصاحب عمل خاص.
[4] قامت المنظمة المتخصصة “منظمة حقوق اللاجئين الدوليين Uluslararası Mülteci Hakları Derneği” بصياغة وتدقيق هذه الفقرة من الناحية القانونية.
[5] عُرف اللاجئون السوريون في المجتمع التركي بمسمى “ضيوف”، وإن كان الوضع القانوني الممنوح للسوريين يحمل مفاهيم قانونية مختلفة بشكل واضح.
[6] تنص المادة 91 من القانون رقم 6458، التي تحدد وضع الحماية المؤقتة على: “يمكن منح الحماية المؤقتة للأجانب الذين أُجبروا على مغادرة بلادهم، والذين لا يستطيعون العودة إلى البلد الذي غادروه، والذين يأتون إلى حدودنا من أجل العثور على حماية عاجلة ومؤقتة، أو من يعبر حدودنا في حالة التدفق الجماعي”.
[7] يمكن التفريق بين ثلاثة مستويات ناظمة لعلاقة اللاجئين بالمجتمعات المضيفة وفقاً لتعريفات مُنظَّمة الهجرة الدَّوليَّة:
  • الاندماج: يعني العملية التي يُعَدّ فيها المُهاجِرون جزءاً من المجتمع أفراداً وجماعاتٍ. ولكي تتقبَّل المجتمعاتُ المُهاجِرين هناك مُتطلَّباتٌ تختلف من بلدٍ لآخر، ويعتبر مسؤولية مشتركة بين المُهاجِرينَ والبلدانِ والمجتمعاتِ المُستضيفة ومؤسَّساتِها.
  • الانسجام الثَّقافيُّ: يعني أن يتبنَّى الأشخاصُ أو المجموعاتُ القادمة من ثقافةٍ معيَّنةٍ عناصرَ ثقافةٍ أجنبيَّةٍ (من حيثِ الخطاب والأفكار والأقوال والأفعال والقِيَم والضَّوابِط) على مراحلَ، وهو ينتج عن عملية التَّفاعل والتَّماس بين الثَّقافاتِ المتباينة عن طريق الهجرة والعلاقاتِ التّجاريَّة، وينتج عنه حالة اندماج وتفاعل مع المجتمع الجديد دون الانسلاخ عن الثقافة الأم؛ وهي السياسة التي تبنتها الحكومة التركية.
  • الاستيعابُ والاحتواء: يعني أنْ تتكيَّف مجموعةٌ إثنيَّةٌ أو اجتماعيَّةٌ -في الغالب تكون أَقلية- مع مجموعةٍ أخرى. ويأتي بمعنى أن يطرأ على المجموعات المهاجرة تغيُّر في اللُّغات والتَّقاليد والقِيَمِ والأفعالِ، أو حتى المصالح الحياتيَّة الأساسيَّة ومشاعر الانتماء؛ وهي حالة أبعد من الانسجام الثَّقافي.
المهاجرون قسرًا والانسجام الاجتماعي في تركيا، مركز سيتا، 5/3/2019، https://bit.ly/32QGwVV
[8] يلاحظ تشابه واضح في عادات الاحتفالات الاجتماعية عند كلا الطرفين بمناسبات الخطبة والزواج واستقبال المولود والوفاة، وفي فعاليات الأعياد كتوزيع العيدية وزيارة الأقارب وكبار السنّ.
[9] يُقدر عدد التركمان السوريون ما بين التركمان السوريون (0.75-1.5 مليون)، أي ما يشكل قرابة 7% من مجموع السكان، بينما يُقدر عدد الأكراد بـ2 مليون، أي ما يقارب 9%. يُنظر: موقع مراجعة سكان العالم، https://bit.ly/2UsFc6Y
[10] يعتبر الأتراك أن ثمة 4 نقاط أساسية تظهر جوهر الخلاف الثقافي بين الشعبين، وهي:
  • مكانة المرأة في المجتمع: حيث يعتبرون أن المجتمع التركي أعلى من قيمة المرأة، مقارنة بالمجتمع السوري الذي قيّد حريتها وحصر عملها داخل المنزل في أغلب الأوقات.
  • ثقافة العمل: حيث ينتقد الأتراك أسلوب السوريين في العمل الذي يبدأ في وقت متأخر من النهار ويستمر إلى وقت متأخر ليلاً.
  • عادة السهر عند السوريين والاستماع للموسيقا والصخب حتى وقت متأخر من الليل، وتصرفهم بشكل مرتاح رغم أن بلادهم في حالة حرب.
  • اختلاف الفهم والتطبيق الديني.
مؤشر الضغط للسوريين 2019، إطار العيش المشترك في انسجام مع السوريين، بحث مشترك لصالح TAGU و UNHCRـ تاريخ النشر: تموز 2020، رابط الدراسة باللغة العربية، الرابط:  https://bit.ly/3oEMtyB
[11] يمكن أن يكون للتقارب الثقافي دور كبير في تسريع عملية الانسجام، خاصة إن كانت أعداد الوافدين مقبولة؛ ولكن مع الأرقام المرتفعة تصبح إدارة عملية الانسجام غير سهلة، إذ يصعب معها احتواء حالة عدم ارتياح المجتمع المضيف، وهو ما يجعل اللاجئين أو المهاجرين ينغلقون على أنفسهم، معتمدين على أعدادهم الكبيرة التي تسهّل لهم تطوير مساحة عيش خاصة دون الحاجة للتواصل مع المجتمع المحلي؛ الأمر الذي يزيد من مخاوف المجتمع المحلي؛ لأنه يشعر بتوتر أكبر وتهديد يتعلق بهويته الاجتماعية من مجموعة كبيرة تكتلت على نفسها تتكاثر باستمرار ولا يمكن السيطرة عليها.
ومن جهة أخرى لا تنظر معظم المجتمعات للهجرات القسرية -ولا سيما موجات اللجوء- بمستوى تقبُّلها للهجرة الطوعية؛ حيث غالباً ما ينظر للمهاجرين بأنهم أداة للتنمية، بينما ينظر للاجئين على أنهم عبء وخطر، خاصة إن كانت أعدادهم كبيرة.
مؤشر الضغط للسوريين 2019، مرجع سابق.
[12] تم تصنيف هذه المراحل بالاعتماد على آراء الخبراء السوريين الذين التقيناهم، وقد توافقت مع عموم ما ذُكر في المرجع المذكور سابقاً “مؤشر الضغط للسوريين 2019”.
[13] عروسان أتراك يتبرعان بنفقات زواجهما للاجئين السوريين، موقع عنب بلدي، تاريخ النشر 4/8/2015،ـ https://bit.ly/3lfPjrz
بمناسبة زواجه.. أوزيل يقيم ولائم غداء لآلاف السوريين والأتراك، تلفزيون سوريا ، تاريخ النشر 8/6/2019 ،  https://bit.ly/38xDcCw
[14] من أبرز الناشطات التركيات اللواتي يقمن بزيارات دورية للداخل السوري المحامية زينب تولين، التي نظّمت حتى الآن دخول أكثر من 25 شاحنة مساعدات إلى الداخل السوري.
[15] يُقصد بها بداية ظهور حالة انزعاج ظهرت على شكل سلوكيات أو بعض التصريحات اللفظية الخفيفة، التي تشير إلى حالة تبرُّم عند صاحبها.
[16] أشار أحد ناشطي المجتمع المدني إلى أن الحكومة التركية تمكنت عام 2017 من إلقاء القبض على شبكة كبيرة من المتسولين الذين كانوا يستغلون الأطفال والنساء في عملهم؛ إذ اتضح أن لبعضهم تواصلاً مع بعض الشخصيات التابعة لنظام الأسد، وكان أفراد هذه الشبكة يقومون بتشغيل أطفالهم أو استئجار أطفال من عائلات أخرى. وقد قامت بعض الجمعيات السورية في ذلك الوقت بإعادة تأهيل هؤلاء الأطفال وتقديم المساعدة لهم، كما تمكنت قوات الشرطة التركية في أيلول 2020 من القبض على شبكة كبيرة تدير عمليات تسول منظمة مستخدمة أطفالاً سوريين بينهم أطفال قد تم استئجارهم من عائلاتهم. للمزيد :
Son dakika: İstanbul’da Suriyeli çocukları dilendiren çete çökertildi, sabah, 28/9/2020 https://bit.ly/36FTuXp
[17] أشار أحد الاكاديميين السوريين المقيمين في الريحانية إلى أن التفجير الذي حدث في البلدة في نهاية 2013 ، كان حادثاً تم استثماره من أجل رفع وتيرة الانزعاج والتحريض ضد السوريين ، حيث حمّل بعض الاتراك  مسؤولية الحادث للسوريين دون دليل ، واندلعت موجات شغب استهدفت المحال والسيارات السورية، وشهدت البلدة قدوم العديد من الشخصيات التي تملك موقفاً ضد السوريين، حيث اضطرت العائلات السورية لالتزام منازلها قرابة أسبوعين ريثما تم احتواء المشكلة، وخرجت نتائج التحقيقات التي أشارت إلى هوية المنفّذين المنتمين إلى جماعة “تحرير لواء اسكندرون”.
[18] سنتحدث عن هذه الحملات بشكل موسع في فقرات لاحقة.
[19] نقل الإعلام التركي تصريحات لقيادات في الحزبين ضمن “تحالف الأمة” تتوعد السوريين، حيث تحدث موقع “كوجالي ذروة” عن اتفاق بين رئيسي “الحزب الجيد” والحزب “الجمهوري”على تنفيذ عدة نقاط تتعلق بالسوريين في حال فوزهم في الانتخابات، من أبرزها: إعادة السوريين في المناطق التي يفوزون فيها إلى سوريا، وكذلك العمل على إزالة جميع اللوحات وعلامات المحلات التجارية المكتوبة بالعربية، حيث أعلن قليجدار أوغلو عن عزم حزبه إعادة  جميع “الإخوة السوريين” إلى وطنهم، بينما قطعت زعيمة حزب “الجيد” وعداً أمام تجمع جماهيري في ولاية مرسين بأن تعيد 200 ألف لاجئ سوري إلى بلادهم قبل نهاية عام 2019، وتعهدت بأن “يتناول السوريون إفطارهم في شهر رمضان قرب إخوانهم في سوريا”.
وقد أشار أحد أعضاء البرلمان عن حزب الحركة القومية على حسابه في تويتر إلى أن “500,000 لاجئ سوري سيرحلون، وسيأتي بدلاً منهم 500,000 سائح إلى غازي عنتاب”. بينما قال في وقت سابق في مقابلة تلفزيونية: إن “السوريين يسرقون فرص عملنا ويتسببون في ارتفاع الإيجارات”
تأثيرات نتائج الانتخابات التركية على اللاجئين السوريين، مركز توثيق الانتهاكات، تاريخ النشر 2/3/2019، https://bit.ly/38v7h5J
[20] من أبرز المخاوف التي ركز عليها الخطاب السياسي للمعارضة حصول السوريين على فرص العمل، وتزايد أعداد السوريين نتيجة ارتفاع نسبة الولادات؛ وهو ما سوف يتسبب بتغيير ديمغرافي، خاصة في المحافظات الحدودية، إضافة إلى أن أعداد السوريين المجنسين ستؤثر في مستقبل تركيا السياسي كونهم سيصوتون لصالح الحزب الحاكم، ومن أبرز المعلومات المضللة التي انتشرت بين عموم المجتمع التركي هو أن السوريين يتلقون رواتب من الحكومة، وأنهم معفون من دفع الضرائب لمشاريعهم، وأن جميع الطلاب السوريين يحصلون على منح و يدخلون الجامعات دون امتحانات قبول، وأن السوريين معفون من فواتير المياه والكهرباء. يُنظر: 
Ülkemizdeki Suriyelilerle ilgili Doğru Bilinen Yanlışlar”, İNGEV TAM – İstanbul Bilgi Üniversitesi İletişim Fakültesi, 19/6/2020, https://lnkd.in/g8Q_Prh
[21] شجار وتكسير لمحلات وأملاك السوريين في اسطنبول أسنيورت، مدونة هادي العبد الله، تاريخ النشر 10/2/2019، https://bit.ly/3nt5RNv 
هجوم على سوريين وأملاكهم في اسطنبول بذريعة “تحرش” مزعوم، حرية برس، تاريخ النشر 30/6/2019،https://bit.ly/36IKlh7
[22] اعتمدت الدراسة الصادرة عن مركز أبحاث الهجرة والتكامل TAGU وUNHCR عام 2019على استطلاع رأي عينة عشوائية بلغت 2271 شخصاً تركياً في 26 مدينة، تم اختيارها من خلال مراعاة التعداد السكاني للمدينة، كما استطلعت آراء 6527 شخصاً سورياً يتوزعون ضمن 1418 أسرة سورية في 15 مدينة، بالإضافة إلى عقد 12 مجموعة نقاش مركزة مع الأتراك، و8 مجموعات نقاش مع السوريين من حملة بطاقة الحماية المؤقتة. يُنظر: مؤشر الضغط الاجتماعي للسوريين 2019.
[23] تشير الدراسة إلى أن المجتمع التركي يدرك وجود السوريين ويعيش معهم في المحيط ذاته؛ إلا أن العلاقات فيما بينهم تتخللها مسافات متباعدة، على عكس ما كان متوقعاً، وهو ما يعد مؤشراً خطيراً يتجه باتجاه “الانغلاق على الذات والتقوقع”، بمعنى آخر: تزداد  احتمالية استبعاد السوريين من المجتمع وانغلاقهم على أنفسهم في المكان نفسه على شكل هياكل اجتماعية متوازية لا تفاعل فيما بينها، فعلى سبيل المثال: كانت إجابات الشريحة المستطلع رأيها حول شكل  العلاقة التي كوّنتها مع السوريين تتراوح بين الدردشة بنسبة 38% ، والعمل بنسبة 12%، والصداقة بنسبة 12%، والعراك والمشاكل بالنسبة ذاته. المرجع السابق.
[24] تغير تعريف الأتراك وتوصيفهم للسوريين من “الضحايا الهاربين من الحرب” عام 2017 إلى توصيفهم بأنهم “أشخاص خطرون” سيسببون لنا الكثير من المتاعب في المستقبل وفقاً لنتائج عام 2019. المرجع السابق.
[25] أشارت دراسة صادرة عن مركز الحوار السوري إلى أن 68% من الطلاب السوريين تعرضوا لحالة رفض اجتماعي – يُقصد بها رفض اللعب أو المشاركة في أي نشاط اجتماعي- مرّة أو مرتين على الأقل من الطلاب الأتراك، بينما عانى 42% من حالة رفض متوسطة أو حادة، في حين كانت نسبة الطلاب العرب الذين تعرضوا لهذا الأمر أقل وبلغت 38%. يُنظر: “الورقة الاستكشافية: الطالب والأسرة، آثار العوامل الذاتية والأسرية في إنجاح جهود الاندماج”، مركز الحوار السوري، تاريخ النشر 27/7/2020، https://bit.ly/36z0JAu
[26] أشار أحد الناشطين الذين التقيناهم وهو يعمل في مديرية التربية إلى أنهم التقوا طلاب أحد الصفوف – طلاب صف أول – في إحدى المدارس عام 2017، وسألوا الطلاب الأتراك حول قبولهم للعب مع الأطفال السوريين؛ فأجاب 2 من أصل 40 طالباً بأنهم يرفضون أن يلعبوا مع طلاب سوريين، وقد عاد الناشط مع مسؤولين أتراك عام  2019 خلال إحدى الزيارات الدورية وسأل نفس الطلاب الذين أصبحوا في الصف الثالث وعاشروا أقرانهم السوريين  لأكثر من عامين  السؤال نفسه؛ فكانت الإجابات تشير إلى رفض 27 طالب من أصل 40 اللعب مع أقرانهم السوريين، وقد أشار الحديث مع الطلاب إلى تأثرهم بالأحاديث التي يسمعونها من عائلاتهم.
[27] أشارت إحدى السيدات التركيات إلى أنها لاحظت في مدرسة ولدها أن جرس الفسحة لدى الطلاب السوريين مختلف عن جرس الطلاب الأتراك؛ فعندما يخرج الأطفال السوريون يقوم المعلمون بإدخال الأطفال الأتراك حتى لا يتأثروا بالسوريين. مؤشر الضغط الاجتماعي، مرجع سابق.
[28] أكد عدد من أولياء الأمور في منطقة أسنيورت في إسطنبول إلى أن العديد من المدراس الحكومية رفضت تسجيل أبنائهم بجحة ظروف كورونا وحولتهم إلى مدرسة بعيدة،  في وقت كانت تقبل فيه بتسجيل الطلاب الأتراك.
[29] ذكر أحد الخبراء الذين التقيناهم أنه حضر ورشة عمل ضمت ما يزيد عن 30 طالباً جامعياً – معظمهم من الطلاب المتفوقين – الذين يدرسون في الجامعات التركية، وقد   أشار معظمهم إلى أنهم يتعرضون بشكل دائم لتعليقات وإزعاجات بعضها من قبل أساتذة أو موظفين في الجامعات؛ حيث تُوجَّه لهم التهم بالحصول على المقاعد الجامعية دون امتحانات قبول، أو يتم وصفهم بأنهم جبناء تركوا الدفاع عن بلادهم.
[30] أشار أحد الخبراء الذين التقيناهم وهو سوري مجنس يتقن اللغة التركية بشكل كبير إلى أنه اضطر أكثر من مرة إلى إخفاء أصوله السورية والادعاء بأنه من عرب أورفا؛ وذلك تجنباً لتعرضه لأية حالة تمييز عنصري، بينما أشار أحد السوريين المجنسين إلى أنه لم يستطع فتح حساب في بعض البنوك رغم إبرازه الهوية التركية، بسبب رفض الموظف لذلك وادعائه أن أصوله سورية ولن يكون قادراً على التفاهم معه.
[31] ذكر أحد الخبراء الذين التقيناهم أنه يقطن في حي فيه أعداد كبيرة من الجنسيات العربية غير السورية، إلا أن أحداً من هذه الجاليات لم يتعرض لحالات اعتداء أو إزعاج أو استهداف مباشر كما تعرض له السوريون في الحي عام 2020.
[32] بالنظر إلى حساسية هذه الحوادث وأثرها الكبير في تعزيز الاحتقان عند السوريين، ونظراً لكونها تشكل إنذاراً أولياً يتخوف من تحولها إلى حالة انفجار مجتمعي؛ فقد قام فريق البحث برصد الحوادث التي استهدفت اللاجئين السوريين وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي وغطتها عدد من الصحف التركية، في محاولة لدراسة شكل وتوزع  ونمط هذه المشاكل، مع الإشارة إلى أن هذا الرصد قد لا يشير إلى الحجم الحقيقي للمشاكل التي حدثت في الولايات؛ لأنه ركز على المشاكل التي سلّط الإعلام الضوء عليها، وبالتالي فإن هذا الرصد محاولة لفهم الواقع وفقاً للمعطيات المتوفرة لدينا.
[33] مديرية النفوس التركية:
Türkiye nüfusu 2019 yılına , https://www.nufusu.com/
[34] إحصائية جديدة تكشف أعداد السوريين في تركيا وتوزعهم على الولايات، صحيفة جسر، تاريخ النشر 7/5/2020، https://bit.ly/3eYL7u8
[35] من الملاحظ أن جميع هذه الاعتداءات التي تم رصدها لم يصدر فيها حكم قانوني نهائي، خاصة ما يتعلق بالحوادث التي تسببت بحالات وفاة، كما أن حوادث أخرى لم تُتخذ فيها إجراءات قانونية حتى الآن، وهو ما يجعل هذه الحوادث تتراكم بين جمهور السوريين كونها ما تزال مفتوحة، وتعمّق لديهم الإجساس بالاستهداف أو بعدم فاعلية القانون تجاه مشاكلهم.
[36] تعرض بعض السوريين ( أفراداً و عائلات ) إلى عدد من الانتهاكات نتيجة محاولتهم الدخول إلى تركيا بشكل غير شرعي، كإطلاق الرصاص أو التعذيب أو التحرش قبل أن تتم إعادة بعضهم إلى سوريا.
[37] سيتم التفصيل في هذه الفكرة ضمن الفقرات اللاحقة.
[38] من أبرز هذه الحملات الحملة تحت هاشتاغ بعنوان: “أين قتلة علي” (#AliyiOElduerenlerNerede) على موقع “تويتر” الذي استنكر فيها العديد من الأتراك مقتل الشاب السوري علي الغساني على يد أحد عناصر الشرطة لعدم التزامه بالحجر الصحي خلال فترة كورونا؛ حيث طالبوا وزارة العدل ووزارة الداخلية ومديرية الأمن بإيجاد المسؤولين ومحاسبتهم، وخاصة بعد محاولة بعض وسائل الإعلام تحريف الخبر وتقديمه على أنه قتل بالخطأ تم بحق شاب هرب من نقطة تفتيش للشرطة في أضنة، بعد إصابته في قدمه”.
“أين قتلة علي”.. ولاية أضنة توضح تفاصيل مقتل شاب سوري في تركيا، موقع عنب يلدي، تاريخ النشر 28/4/2020، https://bit.ly/2Is8xMC .
[39] وزير الداخلية التركي يعزّي عائلة الشاب السوري “أيمن حمامي”، تلفزيون سوريا، تاريخ النشر 17/9/2020، https://bit.ly/3krK7PZ
[40] لماذا ترتفع الجريمة في بلادنا؟
ulkemizde suc oranlari neden artiyor? , tokathaber, 18/8/2020, https://bit.ly/3pCUjcl
[41] رأى أحد الخبراء الذين التقيناهم أن الأزمة الاقتصادية كانت متوقعة؛ إلا أن الأوضاع في سوريا أدت إلى تأخيرها لفترة قصيرة، وذلك نتيجة ضخ العملة الصعبة الخارجية، التي قُدمت إلى تركيا كمساعدات للاجئين السوريين في تركيا أو كمساعدات للداخل السوري عبر تركيا، والتي تم شراؤها من الأسواق التركية، وبالتالي أسهمت بتحريك الاقتصاد إلى حد ما، كما أن نسبة جيدة من السوريين نقلوا مدخراتهم وأموالهم واستثماراتهم إلى تركيا، أي أنهم جلبوا قطعاً أجنبياً إلى تركيا بطريقة ما أسهمت كذلك بتحريك الاقتصاد من خلال زيادة الطلب على الإيجارات، وإنشاء مشاريع متوسطة وصغيرة في تركيا.
[42] ارتفع سعر الدولار مقابل الليرة التركية وفق بيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD  وفق ما هو موضح في موقعهم على الانترنت ، https://bit.ly/32HUkSD :
2012 2013 2014 2015 2016 2017 2018 2019 2020
1.796 1.904 2.189 2.720 3.020 3.648 4.828 5.674 تخطى حاجز ال8
[43]  أردوغان: أنفقنا 40 مليار دولار على السوريين:
Erdoğan: Suriyelilere 40 milyar dolar harcadık, evelallah bir 40 daha harcarız!, veryansintv ,4/3/2020, https://bit.ly/3pC26Hg
[44]  يُقصد بالاقتصاد غير الرسمي: الاقتصاد غير المسجل بشكل قانوني ونظامي، وقد شكل مايقارب 36% من حجم الاقتصاد التركي العام، وكان موجوداً قبل وصول السوريين بقترة طويلة.  يُنظر: مؤشر الضغط للسوريين 2019، مرجع سابق.
[45] بلغت تصاريح العمل الممنوحة للسوريين في تركيا 31526 وفقاً لبيانات وزارة العمل والخدمات الاجتماعية التركية عام 2018، في حين أشارت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين إلى أن عدد تصاريح العمل التي أعطيت للسوريين عام 2020 بلغ 132497 إذن عمل (3.5% من إجمالي عدد السوريين في تركيا)، في مقابل 85840 تصريح أعطي لبقية الأجانب البالغ عددهم 1.082 مليون أجنبي من غير السوريين (8% من إجمالي عدد الأجانب)، وفقاً لما ورد في دراسة “مؤشر الضغط الاجتماعي”.
وقدّرت الدراسة وجود بين (630 ألف – مليون) سوري يعملون في تركيا على الأقل، معظهم يعمل ضمن الاقتصاد غير الرسمي الذي يستوعب قرابة 10 مليون مواطن تركي في الوقت نفسه، مشيرة إلى أن ارتفاع نسبة البطالة بين الأتراك خلال السنوات الأخيرة وفقاً للأرقام الرسمية ليس نتيجة وجود السوريين كون معظمهم يعمل في الاقتصاد غير الرسمي.
[46] مؤشر الضغط للسوريين 2019، مرجع سابق.
[47] يشير بعض الخبراء السوريين إلى أن الحقوق الممنوحة للاجئين السوريين غير معروفة بشكل واضح لهم ولا للمجتمع التركي؛ إذ لا توجد وثيقة منشورة أو موقع رسمي تركي يشرح للاجئ حقوقه بشكل تفصيلي وباللغتين العربية والتركية، أو حتى واجباته أو الحالات التي تسمح للحكومة التركية بترحيله، وبالتالي قد يرتكب اللاجئ بعض الأمور دون أن يدرك أنها مخالفات يعاقب عليها القانون، كما أنه قد يُحرم من بعض حقوقه التي تتيحها له الصفة القانونية، دون أن يدرك ذلك أو يفكر بالاعتراض لعدم اطلاعه عليها، ومن جهة أخرى لم يطرأ أي تغيير أو مراجعات على نظام الحماية المؤقتة الصادر في أواخر عام 2014 حتى الآن، ولم يتم تقييم بعض جوانبه التي تحتاج إلى مراجعات.
[48] يطالب العديد من الأحزاب المعارضة وكثير من الأتراك الحكومة التركية بطرد السوريين وإعادتهم إلى بلادهم، دون أن يتحدثوا عن الالتزامات التي تقع على عاتق الدول التي سبق ووقعت اتفاقيات عالمية بخصوص اللاجئين أو حتى الالتزامات التي فرضتها الاتفاقيات الجديدة.
[49] أشارت وزيرة الأسرة والخدمات الاجتماعية السيدة زهرة زمردة سلجوق إلى  “أن المساعدات التي صُرفت على السوريين  تم تمويلها من الاتحاد الأوروبي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) وبرنامج الغذاء العالمي، خاصة برامج مساعدة التماسك الاجتماعي (SUY) ومساعدة التعليم المشروط للأجانب (YŞEY) للأجانب في بلدنا.” موضحة أنه لا يمكن استخدام الموارد المالية التي نخصصها لمواطنينا.  ويأتي ذلك بعد تصريح لرئيس الجمهورية موجه للولايات المتحدة الأمريكية يشير إلى أن تركيا صرفت على اللاجئين السوريين 40 مليار دولار، وأنها على استعداد لأن تنفق مثلها إن لزم الأمر إذا لم يفِ الاتحاد الأوروبي بالتزاماته ولم يقدم لدعم اللاجئين ما يكفي.
 Bakan Selçuk, “Mültecilere 40 milyar dolar harcadık” diyen Erdoğan’ı yalanladı, gazetekritik,  9/8/2020 , https://bit.ly/35F3npm
[50] يظهر مؤشر الضغط الاجتماعي 2019 انزعاجاً واضحاً لدى الأتراك من إعطاء السوريين حقوقاً سياسية، خاصة التجنيس؛ فقد اعتبر 77% منهم أنه لا يجب منح السوريين الجنسية، بينما كانت النسبة الرافضة لمنحهم الجنسية تصل إلى 75% في المؤشر الصادر عام 2017.
[51] يرى عدد من الخبراء الذين التقيناهم أن إصدار قانون يلزم السوريين من حاملي بطاقة الإقامة المؤقتة باستصدار إذن للسفر الداخلي لا يراعي حقهم في حرية التنقل، لاسيما وأن أغلب طلبات أذونات السفر تأتي بالرفض دون توضيح الأسباب، وقد كان متفهماً إصدار القانون في بعض الأوقات الحساسة عند العمليات العسكرية في سوريا؛ إلا أن استمراره لسنوات منذ عام 2016 يجعل الأمر غير ملائم لاستمرار العمل به، خاصة مع صعوبة الحصول عليه.
ومن جهة أخرى يشير طلب التقديم على إذن للسفر إلى أن إقامة حامل بطاقة الحماية المؤقتة في الولاية التي استخرجه منها هي إقامة إجبارية، وأن قيامه بالسفر دون الحصول على إذن من شأنه حرمانه من حالة الحماية المؤقتة التي تشمله.
يُنظر: ما عواقب عدم استخراج إذن سفر للسوريين المشمولين بالحماية المؤقتة بتركيا؟ حرية برس، تاريخ النشر 17/9/2018، https://horrya.net/archives/75473
[52] مثل إجبار بعض دوائر الهجرة عدداً من السوريين الذين حصلوا على بطاقات جماية مؤقتة العام الماضي على التوقيع بشكل أسبوعي ضمن مخافر الشرطة.
[53] اعتبرت شريحة من السوريين أن الحكومة التركية استجابت لضغوط المعارضة بعد خسارتها الانتخابات البلدية، وبدأت بالتضييق على السوريين في محاولة لإعادة كسب الشارع التركي؛ وهو ما خلق حالة من الاحتقان بين السوريين.
[54] شهدت العديد من المحافظات التركية الجنوبية موجات اعتداء على عائلات ومحلات سورية عقب سقوط عدد من الجنود الأتراك بقصف جوي استهدفهم في سوريا في 28 شباط 2019.
للمزيد: تصاعد موجة الكراهية ضد اللاجئين السوريين بعد مقتل جنود أتراك في إدلب، وكالة نورث برس، تاريخ النشر 1/3/2020، https://bit.ly/38J8nuS
[55] تحتاج الحكومة التركية لإدراج 860 ألف طالب سوري في المدارس التركية إلى 1189 مدرسة جديدة، حيث تكفلت مشاريع الاتحاد الأوروبي بإنشاء 183 مدرسة فقط، أي ما يقارب 15.3%.
[56]  استخدمت الأحزاب المعارضة في الانتخابات البلدية 2019 ملف السوريين في تركيا بشكل واضح، فعلى سبيل المثال: أقامت مرشحة الحزب الجيد ـ القومي المتحالف مع الشعب الجمهوري ـ لمنطقة الفاتح في إسطنبول دعايتها الانتخابية على شعار “لن أسلّم الفاتح للسوريين”. والأهم والأخطر أن العدالة والتنمية استُدرج جزئياً لهذه المساحة عبر بعض التغريدات والمواقف لمرشحه في إسطنبول “بن علي يلدرم” تُحيل إلى عدم التهاون مع السوريين “إن أخطؤوا أو تجاوزوا”. لم يتناغم العدالة والتنمية مع المعارضة في خطابها، لكنه تجاوب معها في جعل السوريين مادة انتخابية إلى جانب المواد الرئيسة، وهو ما يشير إلى مستوى الانزعاج من الوجود السوري في الشارع التركي، في بعض المناطق وبين التجار على وجه الخصوص.
يُنظر: ماذا خسر السوريون في الانتخابات البلدية التركية؟ موقع ترك برس، تاريخ النشر 17/4/2020، https://bit.ly/330F97h
[57] أشار أحد القياديين في منظمات المجتمع المدني الذين التقيناهم، والذي له تواصل مستمر مع الجهات الحكومية التركية، إلى أنه تلقى معلومات مؤكدة تشير إلى أن نظام الأسد قام بإدخال مجموعة من عناصر الأمن بشكل غير نظامي عبر الحدود بالتعاون مع بعض جهات المعارضة التركية؛ حيث إن مهمة هذه المجموعة  تتمثل في القيام بأعمال  شغب وشجارات واستفزاز المجتمع التركي، وسيتم استغلال هذه الحوادث وتسليط الضوء عليها بهدف الحشد للمظاهرات التي كانت بعض أطراف المعارضة التركية تعمل على تحضيرها، وقد قام بنقل هذه المعلومات إلى الجهات المعنية التركية التي استطاعت إلقاء القبض على بعض هؤلاء العناصر.
[58]  أشار تقرير صادر عن عدد من المؤسسات التركية يحاول مراقبة خطاب الكراهية في وسائل الإعلام عام 2019إلى أن السوريين حلّوا في المركز الثاني بعد الأرمن من بين المجموعات المستهدفة بخطاب الكراهية،  بمعدل 790 مادة إعلامية تناولتهم بخطاب الكراهية هذا العام، رصد التقرير  4364 عمودًا ونصًا إخباريًا يستهدف المجموعات القومية والعرقية والدينية في الصحف الوطنية والمحلية؛ 18% من هذه المواد – أي قرابة  790 مادة إعلامية -تحدثت عن السوريين ، وقد كانت صحيفة yeniçağ  المحسوبة على التيار القومي الكمالي أكثر الصحف استهدافاً للسوريين.
 يُنظر: تقرير حول خطاب الكراهية والخطاب التمييزي في الإعلام لعام 2019
Medyada Nefret Söylemi ve Ayrımcı Soylem 2019 Raporu, https://bit.ly/3oOXFJ1
[59] اتهمت صحيفة gazete: Korkusuz في 24/07/2019 السوريين بالجحود؛ وذلك نتيجة رسم كاريكتوري رسمه فنان سوري يقيم في الولايات المتحدة الأمريكية، فقد استغلت الصحيفة ذلك الرسم لإثارة الغضب والنقمة وإظهار أن المدن أصبحت غير صالحة للسكن بسبب السوريين، وأن وجودهم بات يشكل مشكلة. المرجع السابق.
ومن الجدير بالذكر أن الرسام المذكور قد لاقى استنكارا شعبياً من قبل السوريين الذين رفضوا هذا الرسم واعتبروه مسيئاً.
[60] نشرت صحيفة gazete: Antalya Gazipaşa مقالاً حول أطفال سوريين يحمل خطابا فيه مبالغة وتحامل وتشوية، ويتهم أطفالاً تتراوح أعمارهم بين 7 و10 سنوات بالتجول في شوارع غازي باشا مثل العصابة، ومهاجمة المارّة وسرقة الأموال والسيارات وخدشها، حيث رسم المقال صورة سلبية عن الأطفال السوريين يمكن لها أن تكون سبباً لاستبعادهم من المجتمع أو محاولة تجنبهم. المرجع السابق.
[61] يرى 85% من الأتراك أن السوريين يؤمّنون دخلهم عن طريق المساعدات المقدمة من الدولة التركية، في حين يرى 54% أنهم يؤمّنون دخلهم عن طريق التسول، و51% يرى أنهم يؤمّنونه عن طريق العمل، و8% ترى أن ذلك يتم بمساعدة المنظمات والدول الأجنبية. مؤشر الضغط الاجتماعي 2019، مرجع سابق.
[62] نشرت صحيفة Yeniçağ بتاريخ 12.07.2019 مقالاً اعتبرت فيه أن السوريين تتم إعالتهم على حساب المتقاعدين، معتبرة أن ما تم إنفاقه على السوريين وفقاً لتصريحات رئيس الجمهورية يكفي لإعالة 12 مليون متقاعد لمدة عامين، حيث وجهت الصحيفة الاتهام للسوريين بأنهم يشكّلون تهديداً اقتصادياً، دون أن تقدم أي معلومات تؤكد هذه الفرضية، المرجع السابق.
[63] نشر الصحفي السوري المجنس حمزة خضر تقريراً صحفياً في صحيفة yeni safak يتحدث عن طفلين سوريين تعرضا للاعتداء والضرب من قبل بعض الشباب الأتراك لكونهم سوريين، مما أدى إلى دخول أحدهما المشفى وقضاء ٣ أيام في العناية المشددة، بسبب حدوث كسر في الجمجمة ونزيف وارتجاج في الدماغ، وقد أشار المقال إلى أن هذه الحوادث ماهي إلا نتيجة لخطاب العنصرية الذي يتبناه بعض السياسيين، خاصة على تويتر. وقد تعرض الصحفي والجريدة لهجوم من بعض السياسيين المشار إليهم في المقال، وتعرض الصحفي للكثير من التهديدات والرسائل على حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، مما دفعه لرفع دعوة قضائية، حيث يتوقع أن تأخذ المحكمة وقتاً بين 6 أشهر حتى سنتين لإصدار الحكم. رابط المقال:
Suç ortakları sizsiniz!, yeni safak    ,31/7/2020, https://bit.ly/3oRLdbn
[64] مؤشر الضغط الاجتماعي 2019، مرجع سابق.
[65] أفاد أحد الناشطين الحقوقيين الذين يتابعون بعضاً من الحوادث التي تعرض لها السوريون أن معظم الحوادث التي تابعوها لم يكن جهاز الشرطة يتعاطى معها على النحو المتوقع، وإنما قُوبلت بالتجاهل والإهمال والرفض في بعض الأحيان، ولم تأخذ فيها الشرطة إجراءً رسمياً إلا بعد إيصال الشكوى إلى جهات تركية متنفذة، ولم يطل ذلك حملة البطاقة المؤقتة فحسب، بل حملة الجنسية الاستثنائية أيضاً، فعلى سبيل المثال: تعرض أحد الشباب السوريين المجنسين مؤخراً لحادثة طعن عقب نزوله من “حافلة دلمش” في منطقة ايكتلي إسطنبول، إذ لحق به مجموعة من الشباب الذين كانوا يركبون معه وقاموا باستهدافه بسلاح أبيض تسبب في إصابته بفخذه، وعاودوا للركوب في “الدلمش” الذي كان بانتظارهم بعد انتهاء اعتدائهم، دون أن يستنكر فعلتهم أحد، وعندما توجه المصاب إلى مركز الشرطة لفتح ضبط بالحادثة قال الشرطي للمجني عليه: “عندما تشاهد الجناة أمسكهم وأخبرنا”، في تلميح واضح إلى أنه لن يقوم بأي إجراء للبحث عن الفاعلين، وبعد تدخل بعض الجهات الحقوقية اضطر الشرطي لإعادة كتابة الضبط وأخذ أوصاف الجناة وتعميمها.
من مقابلة مع أحد الناشطين الحقوقيين الذين تابعوا الحادثة.
[66] أشار أحد الإداريين في  إحدى التجمعات المدنية التي تقوم بالتواصل بشكل دوري مع دائرة الهجرة  إلى حادثة حصلت مع أحد السوريين المقربين له مؤخراً، والذي تعرض لهجوم من قبل بعض الأتراك نتيجة لقيامه بركن سيارته في إحدى الأماكن بالشارع؛ حيث اتصل بالشرطة بعد تعرضه للضرب الشخصي ولتكسير زجاج سيارته ومحاولات إتلافها، إلا أن رجل الشرطة لم  يقم بفتح تحقيق في الواقعة، وإنما طلب من أحد المهاجمين الاعتذار له، فما كان من المهاجم إلا أن ضربه مرة أخرى أمام رجل الشرطة الذي لم يتدخل، بل على العكس قام باحتجاز السوري بعد أن تقدم المعتدون بشكوى، ولم تحل المشكلة إلا بعد أن دفع السوري 3000 دولار للمعتدين من أجل إسقاط شكواهم.
[67] أشار ناشط حقوقي إلى أن والدة الطفلة التي تعرضت لاعتداء جنسي في مدرستها في منطقة أسنيورت في إسطنبول قد ذهبت فوراً إلى مخفر الشرطة الذي رفض فتح ضبط بالواقعة بحجة أنها لا تملك بطاقة كيملك، وإنما تملك فقط جواز سفر، رغم أن القانون التركي لا يحوي أي نص يشير إلى ذلك، وهو ما دفع بعض المنظمات الحقوقية إلى التواصل مع بعض الجهات الرسمية التي طلبت من المخفر ذاته فتح تحقيق بالواقعة قام عليه الشرطي ذاته الذي رفض ذلك الأمر بداية.
للاطلاع على تفاصيل القصة: الشرطة التركية تعتقل موظفاً اعتدى جنسياً على طالبة سورية في إسطنبول، قناة حلب اليوم، تاريخ النشر 13/2/2020، https://bit.ly/3mKBVMj
[68] قامت إحدى السيدات التركيات نتيجة خلاف مع أحد الأتراك باقتحام منزل يملكه قام بتأجيره لعائلة من السوريين، فقامت برمي أثاث العائلة السورية من شرفة المنزل، وقد اتصلت العائلة المتضررة بالشرطة التي حضرت، لكن لم يتم تعويض العائلة المتضررة؛ رغم أن الحادثة تمت تغطيتها إعلامياً.
من أحد الخبراء الذين التقيناهم والذي يقطن في الحي نفسه الذي وقعت فيه الحادثة، وهو على تواصل مع العائلة المتضررة.
لمعرفة المزيد عن الحادثة : https://bit.ly/326Sdr7
[69] أشار أحد الناشطين الحقوقيين الذين التقيناهم إلى أن مجموعة من الشباب كانوا شهوداً على حادثة قتل استهدفت أحد أصدقائهم في منطقة زيتن بورنو في إسطنبول، وعندما ذهب هؤلاء الشباب للإدلاء بشهادتهم تعرضوا للضرب والإهانة من قبل رجال الشرطة متذرعين بأنهم جبناء هربوا من أوطانهم ولم يدافعوا عنها، ولا يحق لهم أن يتقدموا بشكوى.
[70]  ترحيل شاب سوري إلى ادلب لأنه لم يحمل الكيملك الخاص به، 20/7/2019 ، https://bit.ly/3rRlzof
[71] التحريض على الكراهية والعداء أو إذلال الأشخاص:
  المادة 216- (1) الشخص الذي يحرض علانية قسمًا من الناس ذوي الخصائص المختلفة من حيث الطبقة الاجتماعية أو العرق أو الدين أو المذهب أو المنطقة على الكراهية والعداء ضد مجموعة أخرى، في حالة وجود خطر واضح ووشيك على الأمن العام؛ يُحكم عليه بالسجن من سنة إلى ثلاث سنوات.  (2) يُعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى سنة كل مَن أهان علانية شريحة من الناس على أساس الطبقة الاجتماعية أو العرق أو الدين أو المذهب أو الجنس أو المنطقة “.
[72] بدأت بعض المنظمات التركية مؤخراً بالتحرك لتجريم خطاب الكراهية، حيث رفعت مجموعة من المنظمات الحقوقية شكوى ضد ilay Aksoy عضو حزب الجيد، والبدء بإجراءات مساءلتها قانونياً وفق المادة 122 والمادة 216 من قانون العقوبات التركي TCK، والذي يحظر تداول عبارات الكراهية والتمييز العنصري في المجتمع التركي.
Suriyeli muhacir düşmanı İlay Aksoy’a suç duyurusu!, haksoz haber, 20/10/2020, https://bit.ly/2TQci0q
[73] من أبرز الأخطاء التي ارتكبها السوريون وأزعحت الأتراك: السهر لوقت متأخر، ورفع الصوت والتسكع في الشوارع والمقاهي، والقيام بتعنيف الأطفال، وعدم الاهتمام بنظافتهم وتربيتهم.
[74]  من أهم القوانين التي لم يلتزم بها السوريون: القوانين التي تمنع من الزواج بقاصرات أو قوانين تعدد الزوجات، كون هذه القوانين غير مطبقة في سوريا، وهو ما أثار الكثير من الانزعاج، وتسبب بمشاكل خاصة فيما يتعلق بقبول النساء السوريات بالزواج من أتراك بشكل غير نظامي وغير معلن.
[75] مؤشر الضغط للسوريين 2019، مرجع سابق.
[76] يعتبر الكثير من السوريين أن مشكلة تعلم اللغة التركية هي مشكلة جدّية بالنسبة لهم لعدة أسباب، منها: تقدم العمر، أو الانشغال الطويل بالعمل الذي لا يتيح فرصة لتعلم اللغة، خاصة إن كان العمل مع سوريين أو عرب، إضافة إلى اختلاف القدرات اللغوية بين الأشخاص.
[77] أشار أحد الخبراء الذين التقيناهم إلى أن أنه دائماً يتم التذرع بأن عدم إتقان اللغة هو أحد أسباب تزايد التصرفات المسيئة تجاه السوريين، وهو سبب ليس جوهرياً من وجهة نظره؛ فهناك نسبة كبيرة من الموظفين في دائرة الهجرة الذين يتقنون اللغة العربية يمارسون تصرفات مسيئة بشكل كبير مع السوريين، ومن جهة أخرى يواجه الكثير من طلاب الجامعات إزعاجات لفظية من قبل أقرانهم أو أساتذتهم وهم يتقنون اللغة التركية بشكل جيد جداً.
[78] يشير عالم الاجتماع الأمريكي بارك في نظريته حول مفهوم الانسجام الاجتماعي ودورة العلاقات الاجتماعية إلى أن عملية الانسجام تمرّ بأربع مراحل مختلفة، وهي إقامة العلاقة ثم المنافسة على الموارد المحدودة، ثم جهود الدولة لإشراك الوافدين الجدد في الساحة العامة وصولاً إلى حالة التكيف الطوعي، أو العزلة التي تظهر عندما يفشل الوافدون في الشعور بالانتماء إلى نفس المجتمع ومشاركة القيم ذاتها. يُنظر: مؤشر الضغط الاجتماعي 2019، مرجع سابق.
[79] رأى أحد الخبراء الذين التقيناهم أن هذه المجموعات العنصرية موجودة في جميع المجتمعات؛ فقد بدت واضحة عند بعض القبائل العربية، كما في حالة التفاخر بالأنساب والذم والهجاء، وهي تُلاحظ أيضاً في بعض المجتمعات ذات الطابع العشائري، وهي موجودة أيضاً في أوروبا بين شريحة واسعة ممن لديهم كراهية للاجئين أو للمسلمين، ويبقى الاختلاف بين هذه المجتمعات في قدرتها على ضبط مشاعرها والحيلولة دون أن تتحول إلى تصرفات تؤذي الآخرين، إما لدوافع شخصية أو خوفاً من التبعات القانونية.
[80]  كبعض حوادث الاعتداء او الطعن التي تسببت بوفاة الضحية.
[81] يشير أحد النشطاء الحقوقيين إلى أن عدداً من القضايا الجنائية تعرض أصحابها لضغوط للتنازل أو التراجع عن شكايتهم، فعلى سبيل المثال: في حادثة مقتل أحد الشباب في ولاية أضنة على يد شرطي خلال فترة الحجر الصحي نتيجة ظروف كورونا، كشفت هيئة الادعاء العام المعنية ضلوع مديرية مختبرات الشرطة الجنائية في الولاية بتلفيق تقرير حاولت من خلاله إبعاد الشرطي عن دائرة الاتهام، وتم فيه تغيير أقوال الشهود، وتعرضت فيه أسرة الضحية للضغوط من بعض الجهات، مما دفعها لعدم حضور جلسات المحاكمة.
Polisin vurduğu Suriyeli Mülteci Ali el Hemdan davasında müşteki koltuğu boş kaldı, evrensel , 13/11/2020, https://bit.ly/2UAWbnv
[82] خلال عملية الرصد السابق لاحظ فريق البحث وجود عدد من حالات الاعتداء التي قام بها سوريون بحق سوريين آخرين، والتي اتخذت منحى جرمياً، وهو أمر لم يكن ملاحظاً في وقت سابق، وأكد ذلك أحد الناشطين الحقوقيين الذين التقيناهم حيث أشار إلى الملاحظة ذاتها.
[83] تحتل تركيا المرتبة 120 من أصل 150 دولة على مؤشر الانسجام الاجتماعي وفقاً لمؤشر منظمة التعاون والتنمية OECD، وذلك نتيجة وجود نزاعات داخلية وإمكانات مفتوحة للصراع من شأنها إضعاف رأس المال الاجتماعي، وقد أصبحت هذه الهشاشة أكثر وضوحاً، خاصة مع تزايد موجات الغضب الداخلي تجاه الكثير من الملفات.
يُنظر: مؤشر الضغط الاجتماعي 2019، مرجع سابق.

مديرة الوحدة المجتعية في مركز الحوار السوري، بكالوريوس في الهندسة من جامعة دمشق، دبلوم في التخطيط العمراني وإعادة الإعمار المستدام، عملت في مجال الإعلام المكتوب والمسموع لعدة سنوات، نشرت العديد من الأوراق والتقارير البحثية في مواضيع سياسية واجتماعية، وخاصة ما يتعلق بأوضاع اللاجئين وقضايا المرأة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى