الإصداراتالتقارير الموضوعيةوحدة الهوية المشتركة والتوافق

بين اللون الواحد والمشاركة: قراءة في سيناريوهات الحكومة الانتقالية السورية في ضوء التجارب الدولية

تقرير صادر عن وحدة التوافق والهوية المشتركة في مركز الحوار السوري

الملخص:

تسعى ورقة السياسات لاستعراض سيناريوهات تشكيل الحكومة الانتقالية في سوريا من خلال استعراض أشكال الحكومات الانتقالية في الأدبيات والتجارب المقارنة.

أوضحت الورقة أن هنالك نموذجين رئيسين لتشكيل الحكومات الانتقالية في التجارب المقارنة، الأول: نموذج حكومة اللون الواحد التي يقتصر تشكيلها على جهة واحدة، كما في حالة رواند وكوريا الجنوبية في سبعينيات وثمانينات القرن الماضي، والحكومات التشاركية أو الائتلافية، سواء تلك التي يكون فيها التشارك ببعده السياسي أو ببعده التقني “تكنوقراط”، كما في حالتي ليبيا وتونس.

افترضت الورقة أن الأهداف ذات الأولوية في المرحلة الانتقالية في سوريا تتمثل في: استعادة الأمن والاستقرار عبر حصر السلاح في مؤسسات الدولة وتقويتها، وكذلك استعادة الخدمات الأساسية، ثم فتح الفضاء العام وتنظيمه. وبناء على ذلك استعرضت ثلاثة سيناريوهات للحكومة الانتقالية هي: سيناريو الوضع الراهن بحيث تبقى الحكومة الانتقالية بلون واحد، وسيناريو الائتلاف المركزي الذي يشمل تشاركية مع قوى وتيارات سياسية، وسيناريو حكومة التكنوقراط الذي يفترض أن يقوم على الكفاءة والخبرة بعيداً عن التوجُّهات السياسية.

رجحت الورقة نموذج “التحالف الصلب” الذي يقصد به وجود نواة صلبة للحكومة الانتقالية في المناصب السيادية مع مشاركة فعلية وحقيقية مع بقية القوى السياسية والوطنية في بقية القطاعات. لعل هذا النموذج هو أقرب إلى “القيادة الرشيدة المتوازنة” الذي يمثل خليطًا مُدروساً من عناصر: الاستقرار، والمشاركة، والكفاءة، ويهدف إلى تحقيق التوازن بين مختلف المصالح والقوى الفاعلة على الأرض، مع التركيز على تحقيق أهداف رئيسية مثل الأمن، واستعادة الخدمات، وفتح الفضاء العام، وتحقيق العدالة الانتقالية.

مقدمة:

بعد سقوط نظام الأسد البائد، وتشكيل حكومة تصريف الأعمال بشكل كامل من قبل هيئة تحرير الشام وذراعها المدنية حكومة الإنقاذ، التي كان يفترض أن تنتهي ولايتها في مطلع شهر آذار من عام 2025، تُثار تساؤلاتٌ مُلحّة حول إدارة سوريا في المرحلة الانتقالية بشكل يُحقّق الأمن واستعادة الخدمات وضمان الحقوق والحريات، ويطلق مسار إعادة الإعمار، خاصة مع وجود تحديات هائلة على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. فقد أُثيرت الكثير من التساؤلات حول شكل التشاركية المطلوبة لإدارة هذه المرحلة، بين من يذهب إلى ضرورة أن تكون المرحلة الانتقالية عبر حكومة تشاركية بالكامل من خلال تشكيل هيئة حكم انتقالية تضم مختلف المكونات السورية ومن مختلف المشارب السياسية، وبين من يرى بقاء المناصب التنفيذية السيادية بيد الإدارة الحالية مع مشاركة بقية الأطياف في بقية المناصب.

تسعى ورقة السياسات إلى مناقشة سيناريوهات شكل الحكومة السورية في الفترة الانتقالية التي من المفترض أنها تلي مرحلة “تصريف الأعمال”، من خلال دراسة التجارب الدولية المختلفة في تشكيل الحكومات الانتقالية، وتحليل الواقع السوري الحالي، وسيناريوهات الحكومة الانتقالية، وتقديم توصيات حول النموذج الأنسب للحكومة الانتقالية في سوريا.

اعتمدت الورقة على منهجية تحليلية مقارنة باعتبارها منهجية مناسبة بداية لتحليل الوضع القائم في سوريا ما بعد سقوط النظام البائد، وتحديد السيناريوهات الممكنة لشكل الحكومة في المرحلة الانتقالية، وكذلك الوقوف على أبرز التجارب المقارنة لتحليلها والاستفادة منها في السياق السوري.

تنقسم الورقة إلى خمسة أقسام: نستعرض في الأول بشكل سريع ومختصر أنواع الحكومات الانتقالية، لنشرح في الثاني التجارب الدولية والتطبيقات المقارنة، ثم في القسم الثالث نتطرق للواقع السوري ما بعد سقوط نظام الأسد، والأهداف الرئيسية التي يفترض السعي لتحقيقها في المرحلة الانتقالية، لننتقل بعدها في القسم الرابع إلى دراسة سيناريوهات الحكم الانتقالي في سوريا، لنختم في الخامس بتحديد السيناريو الأفضل الذي يمكن وفقه تشكيل هذا الحكم.

أولاً: أنواع الحكومات الانتقالية:

تتأثر طبيعة الحكومات الانتقالية بعوامل عديدة، منها: طبيعة النظام السابق وطريقة سقوطه أو تجاوزه، وميزان القوى بين التيارات السياسية وحضورها وقوتها، والضغوط الدولية والإقليمية. تؤثر هذه العوامل مجتمعة في طريقة تشكيل الحكومة الانتقالية بحيث تجعلها أقرب إلى اللون الواحد أو التعددية.

في أعقاب الثورات، قد تظهر حكومات مؤقتة ذات لون واحد، تكون المشاركة فيها من بقية الأطراف السياسية محدودة، حيث تسيطر فئة أو حزب واحد على السلطة، وتكون مهمتها الأساسية تسيير شؤون الدولة، وتهيئة الظروف لإجراء انتخابات. تتميز مثل هذه الأنواع من الحكومات بسرعة في اتخاذ القرار والتناغم بين أعضائها، ولكن من أبرز سلبياتها أنها تثير توترات سياسية نتيجة استبعاد الأطراف السياسية الأخرى. في المقابل، قد تظهر حكومات ائتلافية تتشكل من تحالفات سياسية مختلفة. تكون المشاركة السياسية في هذه الحكومات واسعة، مما يعزز فرص تحقيق المصالحة الوطنية وتجنُّب الانزلاق إلى النزاعات، ولكنها قد تواجه صعوبة في اتخاذ القرارات بسبب تعدُّد الآراء وتضارب المصالح.

النوع الثالث من الحكومات الانتقالية، يُطلق عليه “حكومات التكنوقراط”، وهذه الحكومات تكون إما ذات لون واحد أو متعددة، حسب الظروف. وقد تكون المشاركة السياسية في هذه الحكومات محدودة، حيث يقتصر دور السياسيين على دعم عمل الخبراء، أو قد تكون مستقلة تماماً عن أي قوى سياسية، وتتميز هذه الحكومات بكفاءتها في إدارة الدولة، واتخاذ قرارات مستندة إلى الخبرة والمعرفة، وتقليل فرص الفساد. ومع ذلك، قد لا تُمثّل جميع مكوّنات المجتمع، ويمكن أن تفشل في الاستجابة لاحتياجات المواطنين، مما قد يؤدي إلى الابتعاد عن الواقع، وقد تفتقر إلى الشرعية الشعبية بسبب عدم انتخاب أعضائها[1].

ثانياً: التجارب الدولية: مُقارنة لأنظمة الحكم في المراحل الانتقالية

تُظهر مقارنة نماذج الحكم الانتقالي في عدة دول تبايناً في الحكومات الانتقالية وآثارها على مسار كل دولة. ففي رواندا، كانت هيمنة الجبهة الوطنية الرواندية على الحكم واضحة، حيث سيطرت على معظم مناصب السلطة. وعلى الرغم من وجود أحزاب أخرى في الحكومة، إلا أن مشاركتها كانت محدودة، وتم إقصاء بعض الأطراف السياسية من المشاركة، خاصة تلك المُتورطة في الإبادة، كما لم تكن المعارضة غائبة تماماً؛ فقد شهدت البلاد نشاط الحزب الديمقراطي الأخضر الذي قاد احتجاجات، وانتقد سياسات الحكومة بشكل علني. عموماً، كان نموذج الحكم في رواندا يميل إلى التركيز على الاستقرار الأمني وإعادة الإعمار. وعلى الرغم من نجاح هذا النموذج نسبياً في تحقيق الاستقرار الأمني والسياسي، وإعادة إعمار البلاد، وتحسين مستوى معيشة المواطنين، إلا أنه في الوقت نفسه، أُخذ عليه أنه لم يكن تشاركياً، وفرض حكماً عسكرياً بطريقة ما [2].

أما في ليبيا، فقد سعت ثورة 2011 إلى بناء نظام حكم تشاركي من خلال حكومة ائتلافية[3] ضمت مختلف الأطراف والتيارات السياسية، إلا أن هذا الائتلاف فشل في تحقيق الاستقرار، وأدى إلى صراع على السلطة بين مختلف الفصائل، وتفاقمت المشكلات بسبب انتشار السلاح، وتعدُّد الميليشيات، والتدخُّلات الأجنبية التي ساهمت في تأجيج الصراع وتعميق الانقسامات، مما أدى إلى تشكيل حكومتين متنافستين وانهيار مؤسسات الدولة، ودخلت البلاد في حالة من الفوضى وعدم الاستقرار الأمني أثرت سلباً على حياة المواطنين[4].

في المقابل، شهدت تونس ما بعد 2011 ائتلافاً بين الإسلاميين والعلمانيين بعد ثورة 2011، ورغم الانتقال الديمقراطي السلمي نسبياً، وإقرار دستور جديد، إلا أن تونس واجهت تحديات سياسية واقتصادية عميقة، كالانقسامات بين النخب، وضعف مؤسسات الدولة، وأزمات اقتصادية متكررة، وصعوبات في مكافحة الفساد، بالإضافة إلى تحديات أمنية، وقد أعاقت تلك التحديات التقدم الديمقراطي وأثارت استياء شعبياً وتوترات اجتماعية متزايدة[5].

وفي سياق التحول الديمقراطي لجنوب إفريقيا، لعبت الحكومة الانتقالية دوراً حاسماً في بناء ديمقراطية قوية. كانت هذه الحكومة ائتلافية، حيث تشكلت حكومة الوحدة الوطنية بعد انتخابات 1994، مما سمح بمشاركة جميع الكتل السياسية في إدارة الحكم من خلال بناء تحالفات موسَّعة. لم تكن هذه الحكومة تكنوقراطية بشكل رئيسي، بل كانت تعتمد على توافق سياسي بين مختلف الأطراف السياسية[6]. على الرغم من التقدم في مجال العدالة الاجتماعية والمساواة، واجهت جنوب إفريقيا تحديات كبيرة ناتجة عن إرث الفصل العنصري، مثل التفاوت والتمييز، بالإضافة إلى التحديات الاقتصادية مثل ارتفاع معدلات البطالة والفقر[7].

في تجربة كوريا الجنوبية، تميزت المرحلة الانتقالية بقيادة حكومية ذات طابع استبدادي في بداياتها، حيث اعتمدت على حكم من لون واحد بقيادة عسكرية خلال فترة الحكم العسكري لبارك تشونغ هي (1961-1979) وتشون دو هوان (1980-1988).[8] هذا الحكم لم يكن ائتلافياً، بل ركَّز على مركزية السلطة واتخاذ قرارات حازمة لتحقيق التنمية الاقتصادية. تمحورت السياسات حول التصنيع والتصدير، مع تعزيز العلاقة بين الدولة والشركات الكبرى (تشايبول).[9] حققت كوريا الجنوبية نجاحات اقتصادية مهمة، مثل التحوّل من اقتصاد زراعي فقير إلى دولة صناعية متقدمة، إلا أن هذه المرحلة الانتقالية لم تكن خالية من السلبيات، من قبيل: قمع الحريات السياسية والمدنية، وتفضيل الشركات الكبرى على حساب العدالة الاجتماعية، والاعتماد على سياسات استبدادية. يمكن اعتبار التجربة الكورية الجنوبية معياراً للمرحلة الانتقالية في سياقات مشابهة، حيث أظهرت أهمية القيادة القوية والسياسات المتسقة لتحقيق التحوّل الاقتصادي. ومع ذلك، فإن نجاح هذا النموذج يتطلب وقتاً وجهوداً طويلة الأمد، مما يؤكد أن التحوّلات العميقة لا تتحقق بشكل فوري وإنما عبر استراتيجيات مستدامة ومتواصلة.[10]( ينظر الجدول 1)

الدولة
التحديات التي واجهت الحكومة بعد سقوط النظام
شكل الحكومة بعد سقوط النظام
إيجابيات النموذج
سلبيات النموذج
رواندا
إعادة بناء دولة مُمزقة، إعادة بناء النسيج الاجتماعي، تحقيق العدالة للمتضررين من الإبادة، توحيد البلاد، تحقيق الاستقرار الأمني والسياسي، إعادة بناء الاقتصاد
لون واحد (هيمنة الجبهة الوطنية الرواندية)
استقرار أمني وسياسي، إعادة إعمار البلاد، توفير الخدمات الأساسية، تحسين مستوى المعيشة، تعزيز الوحدة الوطنية
قمع المعارضة السياسية، تقييد الحريات المدنية والسياسية، هيمنة حزب واحد على السلطة
ليبيا
بناء دولة جديدة، تحقيق المصالحة الوطنية، بسط الأمن، دمج الميليشيات، إعادة بناء الاقتصاد، مكافحة الفساد
تعددية فوضوية
(صراع على السلطة بين مختلف الفصائل)
انفتاح سياسي نسبي في البداية، محاولات لبناء مؤسسات ديمقراطية، نشاط مجتمع مدني
فوضى أمنية، صراع على السلطة، انهيار مؤسسات الدولة، تدخلات أجنبية
تونس
بناء مؤسسات ديمقراطية، تحقيق توافق وطني، تحقيق العدالة الانتقالية، معالجة الأزمات الاقتصادية
تعددية هشة
 (هيمنة نسبية لحزب النهضة مع وجود معارضة وانقسامات سياسية)
انتقال ديمقراطي سلمي نسبيًا، حرية تعبير وتكوين أحزاب سياسية، مجتمع مدني نشط
أزمات اقتصادية متكررة، صعوبات في مكافحة الفساد، استقطاب سياسي
جنوب أفريقيا
تحقيق العدالة الاجتماعية، معالجة آثار الفصل العنصري، مكافحة الفقر وعدم المساواة، تحقيق النمو الاقتصادي
تعددية محدودة
(هيمنة حزب المؤتمر الوطني الأفريقي مع وجود معارضة ومحدودية التنافسية السياسية)
نهاية نظام الفصل العنصري، تحسينات في البنية التحتية وخدمات الرعاية الصحية والتعليم
تباطؤ النمو الاقتصادي، تفشي الفساد، تزايد عدم المساواة، احتجاجات اجتماعية متكررة
كوريا الجنوبية
إعادة بناء الاقتصاد بعد الحرب الكورية. 
تحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي. 
تقليل الاعتماد على المساعدات الخارجية.
بناء مؤسسات قوية وفعالة.
حكومة لون واحد ذات طابع مؤسسي بقيادة الرئيس بارك تشونغ هي. 
قيادة قوية وحازمة. 
التخطيط المركزي.
دعم الشركات الكبيرة
نمو اقتصادي مذهل. 
تحسن كبير في مستويات المعيشة. 
تطور الصناعة والتكنولوجيا. 
استقرار سياسي واجتماعي.
يحتاج الكثير من الوقت، يحتاج إلى موارد مالية كبيرة، تفضيل الشركات الكبيرة على حساب الشركات الصغيرة والمتوسطة. 
اعتماد سياسات استبدادية.

الجدول 1 يوضح مقارنات لشكل الحكم في الحكومات الانتقالية

تظهر المقارنة أن نموذج كوريا الجنوبية كان الأكثر نجاحاً في تحقيق الاستقرار والتنمية، إلا أن هذا النجاح تطلَّب وقتاً طويلًا للوصول إليه مع اعتماد سياسات استبدادية. كذلك النموذج الرواندي -رغم طابعه الذي يميل إلى السلطوية- كان ناجحاً في تحقيق الاستقرار والتنمية، لكن على حساب الديمقراطية والحريات. في حين مثّل النموذج الليبي حالة فشل واضحة بسبب الفوضى والصراع. أما النموذجان التونسي والجنوب أفريقي فقد حقّقا نجاحات نسبية في الانتقال الديمقراطي، لكنهما واجها تحدّيات مستمرة في تحقيق التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، مما يثير تساؤلات حول استدامة هذه التجارب على المدى الطويل.

بناءً على ما سبق، يتضح جلياً أنّه لا يوجد نموذج واحد يُناسب جميع الدول في بناء حكوماتها الانتقالية، فلكل نموذج إيجابياته وسلبياته، كما أن اختيار الشكل الأمثل للحكومة يعتمد على عوامل متعددة، يأتي في مقدمتها الأهداف الرئيسية التي تريد الحكومة الانتقالية تحقيقها، وطبيعة الطريقة التي وصل بها الحكم الجديد إلى السلطة، والواقع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي للدولة.

بناء على ما تقدم، يُثار التساؤل حول الشكل الأنسب لتشكيل الحكومة الانتقالية في الحالة السورية، هل يفترض أن تكون حكومة من لون واحد أم حكومة ائتلافية أم حكومة تكنوقراط؟

ثالثاً: الواقع السوري الحالي في ضوء التجارب الدولية والأهداف المرجوة:

يكشف تحليل المشهد السوري الحالي ديناميات معقّدة، فبعد سقوط نظام الأسد البائد الذي أضعف جميع القوى السياسية في مناطق سيطرته لصالح حكم أمني- عسكري طائفي، أضحى المشهد العام وفق الآتي:

  • تولّت هيئة تحرير الشام وعبر ذراعها المدنية حكومة الإنقاذ الحكم في سوريا، وشكّلت حكومة ذات لون واحد لتصريف الأعمال خلال مدة ثلاثة أشهر لتعزيز قدرتها على اتخاذ القرارات، مستفيدة من الانسجام بين أعضاء الحكومة ووحدة رؤيتهم، مع الاحتفاظ بمرونة التفاوض واستقبال المطالب برحابة صدر من الجهات المؤيدة للحكم الجديد.
  • فصائل عسكرية وقوى سياسية تنتمي إلى قوى الثورة والمعارضة، أيّدت الإدارة الجديدة، وأضحت موجودة إلى جانبها، وتجنّبت أي عمل أو إجراء يمكن أن يشوّش أمنياً وعسكرياً وسياسياً على المرحلة الانتقالية، حيث كانت سياسياً وعسكرياً إلى جانب الإدارة الجديدة في جهودها لتحقيق الاستقرار وإرساء الأمن.

حظيت الحكومة الحالية “حكومة تصريف الأعمال” بشرعية ثورية تكرّست من خلال بيان النصر الصادر في 29 كانون الثاني 2025، الذي اعترف بأحمد الشرع رئيساً للجمهورية في المرحلة الانتقالية، ثم تعززت من خلال مخرجات مؤتمر الحوار الوطني في 25 شباط 2025، والتي أيّدت مخرجات مؤتمر النصر، ثم تحوّلت الشرعية الثورية إلى شرعية قانونية من خلال الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس في 12 آذار 2025. لقد حظيت الإدارة الجديدة نظرياً بدعم غالبية قوى الثورة والمعارضة-لنظام الأسد البائد-؛ يتجلّى حضور الجهات المؤيدة للحكم الجديد التي تتشكّل أساساً من فصائل الجبهة الوطنية للتحرير وفصائل الجيش الوطني، وقوى المعارضة السياسية ممثّلة بمكونات كلّ من: الائتلاف الوطني وهيئة التفاوض السورية، في أنها أيّدت بشكل أو بآخر الحكومة الجديدة، كما أن غالبية الفصائل العسكرية وافقت على حلّ نفسها والاندماج في مؤسسات الدولة، والأمر ينطبق على المؤسسات المدنية مثل المجالس المحلية في مناطق “درع الفرات” و”غصن الزيتون” و”نبع السلام”، وهو أمر يُحسب لها في تغليب المصلحة الوطنية في دعم مؤسسات الدولة ومركزتها في هذه المرحلة الدقيقة.

بالمقابل، لم تحظ الحكومة الجديدة حتى تاريخه بتأييد عدة قوى[11]، يأتي في مقدمتها: قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، وبعض الأطراف من المكون الدرزي في السويداء، وما تبقّى من فلول نظام الأسد البائد، فعلى الرغم من توقيع الأولى اتفاق مبادئ للتعاون مع الحكومة، إلا أن الاتفاق عملياً يحتاج إلى خطوات كثيرة لوضعه موضع التنفيذ[12]، وبالتالي من المبكّر الحكم على نجاحه واعتبار أن “قسد” أصبحت جزءاً من السلطة الجديدة[13]، فهي عملياً ما تزال في صف “المعارضة” وتمتلك هوامش للتأثير على قرارات الحكومة خصوصاً أنها ما تزال تسيطر على ما يقارب ربع الأراضي السورية. عموماً تتصف “المعارضة” بأطرافها الثلاثة بضعفها النسبي؛ نتيجة محدودية قدرتها على التأثير، وافتقارها للدعم الشعبي الواسع، وغياب البديل السياسي المقنع الذي تُقدّمه، فضلاً عن تشتت جهودها وغياب التنسيق الفعّال فيما بينها.

أما على مستوى الأهداف في المرحلة الانتقالية[14]، فيتصدّر الأمن والاستقرار قائمة الأولويات[15]، حيث لا يمكن لأي مشروع سياسي أو اقتصادي أن ينجح في بيئة يسودها العنف والفوضى. هنا تقع المسؤولية المباشرة على عاتق الحكومة الانتقالية، التي يجب أن تعمل على تقوية المؤسسات، وإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية والعسكرية والمؤسسات القضائية على أسس وطنية، تضمن سيادة القانون وحماية حقوق الإنسان، وتحقق العدالة الانتقالية[16].

وبالتوازي مع ذلك، تأتي استعادة الخدمات الأساسية مثل: الكهرباء والمياه، والتعليم والصحة والاتصالات ..إلخ، كضرورة ملحّة ومباشرة لتجنُّب انهيار الدولة وعدم الاستقرار، ويرجح سيناريوهات عودة العنف والتطرف. فالشعب الذي عانى طويلًا من ويلات حرب نظام الأسد البائد، يتطلّع إلى رؤية تحسّن ملموس في حياته اليومية. الأمر الذي يتطلب خططاً اقتصادية وبرامج تنموية فعّالة لاستعادة هذه الخدمات تستند إلى مبادئ الشفافية والمساءلة، وتضمن توزيع الموارد بشكل عادل[17].

ولا يقل عن ذلك البتة أهمية فتح الفضاء العام وتنظيمه باعتباره أحد أهم أهداف الثورة التي أزالت حكم نظام الأسد وسطوة حلفائه، فتحقيق هذا الهدف هو الكفيل بإتاحة الفرصة لجميع مكونات المجتمع السوري للتعبير عن آرائها والمشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية، بما يساعد على تقوية المجتمع وتنظيمه في كيانات وتجمّعات عبر ضمان حرية التعبير وتكوين الجمعيات والأحزاب. وهنا تتقاسم السلطة والمجتمع المسؤولية؛ فالسلطة تلتزم بضمان الحريات وتنظيم الحياة السياسية، والمجتمع يمارس حقوقه ويشارك بفعالية في بناء مستقبل البلاد[18].

فإذا كانت هذه هي الأهداف الرئيسية التي يكاد يُجمع السوريون على ضرورة تحقيقها في المرحلة الانتقالية تمهيداً للوصول بسوريا إلى بر الأمان، فما هو نموذج الحكم المناسب لتحقيق هذه الأهداف؟

رابعاً: سيناريوهات الحكومة الانتقالية في سوريا:

يمكن النظر إلى الوضع الراهن في سوريا باعتباره مرحلة انتقالية حسّاسة تتطلب إدارة حكيمة وحذرة للتحوّل نحو نموذج حكم أكثر استقراراً واستدامة. ويتوقف نجاح هذا التحوّل على قدرة الحكومة على تحويل التأييد العام والمشروط الذي تحظى به حالياً إلى آليات مؤسّسية راسخة، مع ضرورة الحفاظ على توازن دقيق بين مختلف المصالح والقوى الفاعلة على الأرض.

ثمة مؤشرات قوية على ضعف مؤسسات الدولة وتفشي الفساد، إضافة إلى وجود تحديات أمنية حقيقية مثل: انتشار جماعة مسلحة تتبع لفلول النظام البائد، وعدم اندماج “قسد” بشكل نهائي في مؤسسات الدولة، ورفض بعض المكوّنات العسكرية عملياً الانخراط في الجيش الجديد، فضلاً عن انتشار السلاح خارج مؤسسات الدولة، ومخاطر التدخّلات الخارجية، كل ذلك يجعل تقوية مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية وضبط الأمن والسلاح هو الأولوية الأولى، ولكن السؤالين اللذين يطرحان نفسيهما: هل التركيز على هذه الأولوية يتنافى مع الأهداف السابقة التي تمت الإشارة إليها، وهي: استعادة الخدمات وفتح الفضاء العام وتحقيق السلم الأهلي؟ بمعنى آخر: هل يمكن المضي بتحقيق هذه الأهداف بالتوازي؟، أم إن بعضها يمثل شرطاً للآخر؟ وما تأثير ذلك على سيناريوهات تشكيل الحكومة الانتقالية؟

تتطلب الإجابة على السؤالين السابقين، تحديد سيناريوهات الحكومة الانتقالية ومدى تحقيقها للأهداف والأولويات المشار إليها أعلاه.

سيناريو “الوضع الراهن “: فعالية آنية ومخاطر استراتيجية (حكومة اللون الواحد)

في هذا السيناريو، تستمر الإدارة الحالية في قيادة المشهد السياسي في سوريا خلال المرحلة الانتقالية. يمكن أن يكون ذلك عبر طريقتين: إما الاستئثار بالحقائب الوزارية كاملة، أو الاحتفاظ بالحقائب السيادية وترك الحقائب غير السيادية لأطراف محسوبة على الجهات المؤيدة للحكم الجديد، مثل الفصائل العسكرية، والمكونات الطائفية والعرقية، والقوى السياسية المعارضة (الائتلاف الوطني وهيئة التفاوض السورية). في كلا الحالتين، قد تتقلّص قوة الجهات المؤيدة للحكم الجديد، ولكن دون أن ينعكس ذلك بالضرورة على قوة الحكومة الحالية، التي قد تبقى في حالة ضعف نتيجة أسباب هيكلية وموضوعية مرتبطة بالمؤسسات القائمة ذاتها والتي يُراد إحياؤها من جديد، ووجود العقوبات الغربية، وإمكانية التشكيك في شرعية الحكومة الجديدة نتيجة إمكانية تسييس قضية التصنيف على قوائم الإرهاب.

أما بالنسبة للجهات المعارضة، والتي يمكن حصرها في فلول النظام البائد، وبعض القوى في السويداء التي وضعت شروطاً للتعاون مع الحكومة[19]، وأيضاً قوات سوريا الديمقراطية “قسد” التي لم تندمج ضمن مؤسسات الدولة على الرغم من توقيعها اتفاق المبادئ مع الحكومة الجديدة، فيمكن اعتبارهم من الجهات المعارضة. يأتي هذا الاستقرار النسبي على المدى القصير مع تكلفة عالية على المدى الطويل، حيث إن استمرار هيمنة اللون الواحد سيؤدي إلى تهميش مختلف الجهات والقوى بما فيها المؤيدة للحكومة الجديدة، مما يفتح الطريق أمام مخاطر تجمُّع المؤيدين المهمشين وتحوّلهم إلى المعارضة، مما يشكل خطراً على الاستقرار ويهدد جهود إعادة الإعمار.

من إيجابيات هذا السيناريو: المحافظة على حالة من “الاستقرار السياسي” النسبي، وبالتالي توفير أحد أهم شروط الأمن والاستقرار، وإتاحة الفرصة لتعزيز مؤسسات الدولة، بشكل عام سيوفر هذا السيناريو استقراراً نسبياً في المدى القصير، خاصة مع وجود توافق ظاهري بين مختلف المكونات. لكن تكمن التحديات في إمكانية شرعنة هذه الحكومة خارجياً خصوصاً في ظل وجود العقوبات الغربية التي يشترط لرفعها أو تعليقها وجود حكومة تشاركية شاملة، وفي قدرة الحكومة على الوفاء بشروط وتوقّعات كافة الأطراف المؤيدة خصوصاً فيما يتعلق بملفات العدالة الانتقالية وتعزيز الحقوق والحريات، حيث إن الفشل في تلبية هذه التوقّعات سيؤدي إلى سحب التأييد تدريجياً وإضعاف قدرة الحكومة على التنفيذ، وبالتالي انتقال هذه الأطراف بشكل أو آخر إلى طرف “المعارضة”.

سيناريو الائتلاف المركزي: المشاركة السياسية في مواجهة تحديات الكفاءة والاستدامة

في هذا السيناريو، تسعى الحكومة إلى تحقيق توازن بين الحفاظ على الاستقرار السياسي النسبي الذي تحقّق في “سيناريو اللون الواحد”، وبين توسيع قاعدة المشاركة السياسية لتشمل مختلف القوى والجهات الفاعلة في المجتمع السوري. بدلاً من التركيز على تعزيز السيطرة المركزية وتحويل التأييد المشروط إلى ولاء مطلق، تسعى الحكومة إلى بناء ائتلاف واسع يضم مختلف المكونات، مع الحفاظ على قدرتها على اتخاذ قرارات فعالة وتنفيذها.

في هذا الإطار، يتم تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم ممثلين عن الإدارة الحالية، والفصائل العسكرية التي أيدت الحكومة (مثل فصائل الجبهة الوطنية للتحرير والجيش الوطني)، والقوى السياسية المعارضة لنظام الأسد البائد (مثل الائتلاف الوطني وهيئة التفاوض السورية)، بالإضافة إلى ممثلين عن المجالس المحلية ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات المستقلة.

يتم توزيع الحقائب الوزارية بين مختلف المكونات المشاركة في الحكومة. قد تحتفظ الإدارة الحالية بالحقائب السيادية (مثل الدفاع والداخلية والخارجية …. )، ولكن يتم إشراك المكونات الأخرى في الوزارات الخدمية والاقتصادية والإدارات المحلية. يساهم هذا النموذج في الحفاظ على الاستقرار من خلال إبقاء الملفات الأمنية والعسكرية في يد القوى القادرة على ضبط الأمن ومكافحة فلول النظام ومن يسعى لنشر الفوضى من جهة أولى، وتعزيز الشرعية الشعبية للحكومة عبر إشراك مختلف القوى في إدارة الخدمات والاقتصاد من جهة ثانية، وتلبية مطالب الجهات المؤيدة: من خلال إعطاء الجهات التي أيدت الحكومة الجديدة (مثل الفصائل العسكرية والقوى السياسية المعارضة) دوراً في إدارة البلاد، مما يمنع تحوّلها إلى معارضة، من جهة ثالثة.

من إيجابيات هذا السيناريو أنه يعزز من شرعية الحكومة الانتقالية داخلياً عبر إشراك عدة مكونات فيها، في الوقت الذي تتم فيه المحافظة على قدرتها على اتخاذ القرارات وتنفيذها بفعالية بحكم وجود نواة صلبة داخلها. ومن خلال آليات واضحة للتنسيق والتشاور بين مختلف المكونات، وتحديد الأولويات المشتركة، وتأجيل الخلافات حول القضايا الخلافية إلى مراحل لاحقة.

ومع ذلك، يجب الاعتراف بأن هذا السيناريو لا يخلو من التحديات والمخاطر المحتملة، من أبرزها:

  • تسييس الكفاءات: قد يؤدي توزيع المناصب الحكومية على أساس المحاصصة السياسية إلى تهميش الكفاءات والخبرات الفنية. فبدلاً من اختيار الأفراد الأكثر تأهيلاً لإدارة الوزارات والمؤسسات الحكومية، قد يتم اختيارهم بناءً على انتمائهم السياسي أو ولائهم لقوى معيّنة. وهذا قد يؤثر سلباً على جودة الخدمات العامة، وكفاءة الإدارة، وقدرة الحكومة على تحقيق أهدافها.
  • صعوبة اتخاذ القرارات: على الرغم من الجهود المبذولة لتجنّب الشلل السياسي، قد تواجه الحكومة صعوبات في اتخاذ القرارات المهمة بسبب تضارب المصالح بين مختلف الأطراف المشاركة. فقد يستغرق التوصل إلى توافق في الآراء وقتًا طويلاً، مما يؤخر تنفيذ المشاريع والبرامج الضرورية لتحقيق الاستقرار والتنمية.
  • احتمالية الفساد: قد يزيد توزيع السلطة بين مختلف القوى السياسية من فرص الفساد وسوء استغلال الموارد العامة. فكل طرف مشارك في الحكومة قد يسعى إلى تحقيق مصالحه الخاصة أو مصالح قاعدته الشعبية، على حساب المصلحة العامة. وهذا قد يؤدي إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وزيادة الاستياء الشعبي.
  • صعوبة تحقيق المصالحة الوطنية: على الرغم من أن إشراك غالبية الأطراف في الحكومة يهدف إلى تعزيز المصالحة الوطنية، إلا أنه قد يؤدي في الواقع إلى تفاقم التوترات والانقسامات. فكل طرف قد يتمسك بمواقفه ومطالبه الخاصة، وقد يرفض التنازل أو التسوية. وهذا قد يُعيق جهود بناء الثقة والتفاهم بين المجتمعات المختلفة، ويؤخر عملية الانتقال إلى السلام الدائم.

سيناريو حكومة التكنوقراط: الكفاءة في مواجهة تحديات الشرعية والمشاركة

في هذا السيناريو، يتم تشكيل حكومة مؤقتة تتكون من خبراء مستقلين يتمتعون بالكفاءة والخبرة والنزاهة، بعيداً عن أي انتماءات سياسية أو أيديولوجية. يتم اختيار أعضاء هذه الحكومة بناءً على مؤهلاتهم وقدراتهم الفنية والإدارية، وليس بناءً على اعتبارات سياسية أو طائفية أو عرقية. هذا من الناحية النظرية، أما عملياً فلن تتخلى الإدارة الحالية عن الوزارات السيادية، وبالتالي سيكون بقية الوزراء التكنوقراط عملياً بدون أدنى وزن سياسي.

يتم تكليف هذه الحكومة بإدارة شؤون البلاد لفترة انتقالية محددة، والتركيز على تحقيق أهداف محددة وقابلة للقياس. تتميز هذه الحكومة بالتركيز على الكفاءة والخبرة الفنية في إدارة الدولة، واتخاذ قرارات مستنيرة تستند إلى الأدلة والبيانات، كما تتميز بالاستقلالية والنزاهة.

ومع ذلك، فإن هذا السيناريو يحمل أيضاً بعض التحديات والمخاطر المحتملة:

  • صعوبة التواصل مع الجمهور: قد يواجه التكنوقراط صعوبات في التواصل مع الجمهور وفهم احتياجاته وتطلعاته، فقد يركزون على الجوانب الفنية والإدارية للمشاكل، وإهمال الجوانب الاجتماعية والثقافية.
  • مقاومة القوى السياسية: قد تواجه الحكومة التكنوقراطية مقاومة من القوى السياسية التي تسعى للحفاظ على مصالحها الخاصة، فقد تحاول هذه القوى عرقلة عمل الحكومة، وتقويض سلطتها، والضغط عليها لتقديم تنازلات.
  • صعوبة تحقيق المصالحة الوطنية: قد لا تكون الحكومة التكنوقراطية قادرة على معالجة القضايا السياسية والاجتماعية المعقدة التي تواجه سوريا، مثل: المصالحة الوطنية، والعدالة الانتقالية. فقد تتطلب هذه القضايا حلولاً سياسية تتجاوز نطاق الخبرة الفنية والإدارية.

لتجنب هذه المخاطر، يجب أن تحظى الحكومة التكنوقراطية بدعم واسع من القوى السياسية والاجتماعية في سوريا، وأن تعمل على بناء الثقة مع الجمهور من خلال الشفافية والمساءلة والتواصل الفعال. كما يجب أن تركز على تحقيق أهداف محددة وقابلة للقياس، وأن تظهر نتائج ملموسة في تحسين حياة المواطنين.

خامساً: سيناريو “الائتلاف الصلب”: مزيج من الاستقرار والمرونة والمشاركة

استناداً إلى تحليل السيناريوهات السابقة والتجارب الدولية، وقياساً على الواقع السوري الراهن، يمكن القول إن السيناريو الأمثل للمرحلة الانتقالية في سوريا يكمن في تبني نموذج “التحالف الصلب” الذي نقصد به وجود نواة صلبة للحكومة الانتقالية في المناصب السيادية مع مشاركة فعلية وحقيقية مع بقية القوى السياسية والوطنية في بقية القطاعات. لعل هذا النموذج هو أقرب إلى “القيادة الرشيدة المتوازنة” الذي يمثل خليطاً مدروساً من عناصر الاستقرار، والمشاركة، والكفاءة، ويهدف إلى تحقيق التوازن بين مختلف المصالح والقوى الفاعلة على الأرض، مع التركيز على تحقيق أهداف رئيسية مثل الأمن، واستعادة الخدمات، وفتح الفضاء العام، وتحقيق العدالة الانتقالية.

في هذا السيناريو، يتم الحفاظ على نواة صلبة للاستقرار من خلال إسناد الوزارات السيادية (الدفاع، الداخلية، الخارجية) وتتمتع بالكفاءة والخبرة والنزاهة، وقادرة على الحفاظ على الأمن والاستقرار، وبناء مؤسسات الدولة بعيداً عن منطق المحاصصة، وتطبيق القانون، وحماية الحدود، وتوجيه السياسة الخارجية. هذه الشخصيات يمكن اختيارها من بين أعضاء الحكومة الحالية المنتمين أو المحسوبين بشكل مباشر على هيئة تحرير الشام، أو من شخصيات مستقلة تحظى بثقة مختلف الأطراف. في الوقت نفسه يتم تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم ممثلين عن مختلف القوى السياسية والاجتماعية في سوريا، بما في ذلك فصائل المعارضة، والمجالس المحلية، ومنظمات المجتمع المدني، والمكونات الطائفية والعرقية. يتم إشراك هذه القوى في المناصب غير السيادية[20]، مثل الوزارات الخدمية والمؤسسات الاقتصادية والإدارات المحلية، لضمان مشاركتها في عملية صنع القرار وتنفيذ السياسات والبرامج.

إلى جانب ذلك، يتم الاستعانة بالخبراء والفنيين المستقلين في إدارة المؤسسات الحكومية، ووضع السياسات والبرامج، وتنفيذ المشاريع التنموية، لضمان الكفاءة والجودة والابتكار. يتم تطبيق مبادئ الحوكمة الرشيدة، مثل الشفافية والمساءلة والمشاركة وسيادة القانون، لضمان المساءلة والرقابة ومنع الفساد. علاوة على ذلك، يتم فتح الفضاء العام، وضمان حرية التعبير وتكوين الجمعيات والإعلام والتظاهر السلمي، لتمكين المجتمع المدني من لعب دور فعّال في مراقبة أداء الحكومة والمشاركة في بناء مستقبل البلاد.

من خلال الجمع بين هذه العناصر، يمكن بناء مؤسسات قوية وفعّالة تتجاوز مخاطر التجزئة والمحاصصة، وتحقق الاستقرار والتنمية المستدامة، وتضمن مشاركة جميع السوريين في بناء مستقبل بلادهم، خصوصاً إذا ترافق هذا الجمع بوجود برنامج وطني واضح المعالم للحكومة الانتقالية الجديدة، يركّز على الأولويات بما يؤدي إلى تجنّب الخلافات ويسرع من وتيرة اتخاذ القرارات خصوصاً في ظل وجود نظام رئاسي مصحوب بنواة صلبة.

لعل من عوامل نجاح هذا السيناريو أنه يُحقّق المشاركة بما يخفف من مخاطر الاستئثار بالسلطة من قبل طرف واحد، ويعطي رسالة إيجابية لمختلف القوى بأن مرحلة البناء ستكون تشاركية بين مختلف الأطراف، وفي الوقت نفسه يحافظ على وجود نواة صلبة من الإدارة الحالية التي وصلت السلطة بعد إسقاط نظام الأسد البائد، قادرة على استعادة الأمن والاستقرار وبناء مؤسسات أمنية وعسكرية وطنية مبنية على أعلى معايير الكفاءة والاحترافية، وحصر السلاح بيد الدولة بعيداً عن منطق المحاصصة والمناطقية.

ومع ذلك، يجب أن ندرك أن هذا السيناريو ليس خالياً من التحديات والمخاطر المحتملة. قد تواجه الحكومة مقاومة من القوى المتطرفة التي تسعى لتقويض الاستقرار السياسي وعرقلة عملية الانتقال. وقد تتعرض لتدخُلات خارجية تسعى لفرض أجندات خاصة على سوريا. وقد تنشأ خلافات سياسية بين مختلف القوى الممثلة في الحكومة، وقد يظهر الفساد وسوء الإدارة، إلى جانب بطء اتخاذ القرار بحكم وجود شخصيات من مشارب متعددة، كذلك قد يكون هنالك نوع من الاستئثار بالحكم من قبل النواة الصلبة، وتسخير مقدرات الدولة لبناء المؤسسات الأمنية والعسكرية على معايير الولاء.

في نهاية المطاف، إن نجاح هذا السيناريو يتوقف على قدرة السوريين على العمل معاً من أجل مصلحة بلادهم، وتجاوز الانقسامات والخلافات، وبناء مستقبل أفضل لأجيالهم القادمة، ومن الأهمية بمكان أن نشير هنا إلى أن التشاركية يجب أن تكون أساسية في عملية التنفيذ، مع السعي إلى توسيع نطاقها لتشمل التخطيط حيثما كان ذلك متاحاً ومناسباً. على سبيل المثال، في القطاعات الخدمية كالصحة والتعليم والإغاثة، يمكن إشراك ممثلين عن المجتمع المدني والمنظمات المحلية في عملية التخطيط وتنفيذ البرامج والمشاريع، بما يضمن تلبية الاحتياجات الحقيقية للمواطنين وتحقيق أقصى قدر من الفعالية. أما في القطاعات التي تتطلب مركزية أكبر، كالدفاع والأمن، فقد يصعب تحقيق مشاركة واسعة في التخطيط، نظراً لطبيعة هذه القطاعات ومتطلبات السرية والتنسيق. ولكن حتى في هذه القطاعات، يمكن إشراك ممثلين عن المجتمع في عملية التنفيذ، من خلال دعم جهود المصالحة المحلية، والمساهمة في برامج إعادة التأهيل، والمشاركة في مراقبة أداء الأجهزة الأمنية والعسكرية.

خاتمة:

في ختام هذه الورقة، وبعد استعراض أنواع الحكومات الانتقالية والتجارب الدولية المختلفة، وتحليل الواقع السوري الراهن وسيناريوهات الحكومة الانتقالية، نخلص إلى أنه لا يوجد نموذج واحد يصلح للتطبيق في جميع السياقات. فلكل دولة خصوصياتها وتحدياتها التي تتطلب حلولاً مبتكرة ومصممة خصيصاً لتلبية احتياجاتها.

في الحالة السورية، يبدو أن نموذج “القيادة الرشيدة المتوازنة” هو الأنسب لإدارة المرحلة الانتقالية. هذا النموذج يجمع بين عناصر من السيناريوهات الأخرى، ويهدف إلى تحقيق توازن بين الاستقرار السياسي، والكفاءة الإدارية، والمشاركة المجتمعية. يقوم هذا النموذج على الحفاظ على نواة صلبة للاستقرار وتوسيع قاعدة المشاركة السياسية بالإضافة إلى الاستعانة بالخبرات الفنية والإدارية والتشاركية في التنفيذ والتخطيط لكل الممثلين عن قوى الثورة والمعارضة والمجتمع المدني والمنظمات المحلية. ومع ذلك، فإن تطبيق هذا النموذج يتطلب إرادة سياسية قوية، وتعاونًا وثيقًا بين جميع الأطراف المعنية، وتدابير وقائية للحد من المخاطر المحتملة.

وهنا نود الإشارة إلى أن هذا الحل هو حل تكاملي؛ بمعنى أن تجزئته والأخذ ببعضه دون البعض الآخر سيحيل الحكومة إما إلى حكومة اللون الواحد أو الحكومة الائتلافية؛ فاستئثار الإدارة الحالية عملياً بالحكومة بحكم أن الرئيس ووزراء الحقائب السيادية منها، وجعل بقية الوزراء مجرد “ديكور”، سيؤدي إلى مخاطر عدم الاستقرار وتراجع الشرعية على المدى المتوسط والقريب، إلى جانب إمكانية تصاعد موجة المعارضة للحكم القائم، بالمقابل، فإن جعل القرارات الخاصة بالوزارات السيادية رهينة توافق الوزراء، سيؤدي إلى مخاطر التأخير في اتخاذ القرارات، وتسلل المحاصصة عملياً إلى مؤسسات الدولة.

يجب على الحكومة أن تكون قوية وحازمة في مواجهة القوى المتطرفة، وأن تحافظ على استقلاليتها وسيادتها في مواجهة التدخلات الخارجية، وأن تعمل على إدارة الخلافات السياسية بحكمة ومرونة، وأن تكافح الفساد بجميع أشكاله. والأهم من ذلك، يجب على الحكومة أن تحظى بثقة الشعب، وأن تعمل على تلبية احتياجاته وتطلعاته، وأن تضمن مشاركته الفعالة في بناء مستقبل البلاد، وأن تمضي بخطوات واضحة لا رجعة فيها للقطيعة مع إرث الاستبداد والظلم، وبناء مؤسسات دولة حقيقية يكون ولاؤها للوطن والسوريين، والحارس الأمين لإرادة السوريين.  

ملحق يوضح سيناريوهات الحكومة الانتقالية في سوريا سلبيات وإيجابيات وعوامل نجاح

السيناريو إيجابيات سلبيات عوامل النجاح
سيناريو بقاء “الوضع الراهن” حكومة اللون الواحد ●      المحافظة على حالة من الاستقرار السياسي النسبي

●      توفير أهم شروط الأمن والاستقرار

●      إتاحة الفرصة لتعزيز مؤسسات الدولة، وتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين

●      تعزيز إمكانية التعاون مع القوى الإقليمية والدولية لإعادة إعمار سوريا

●      تهميش بعض مكونات الشعب السوري، مما قد يُؤجج الصراعات الطائفية والعرقية

●      عدم التوصل إلى اتفاق مع الجهات المعارضة للحكم الجديد

●      إمكانية تحول بعض الجهات المؤيدة للحكم الجديد إلى معارضة نتيجة عدم رضاها عن تفرد اللون الواحد في الحكومة

●      صعوبة تحقيق إصلاحات سياسية واقتصادية جذرية

●      احتمالية تزايد الفساد وتفاقم الأوضاع الاقتصادية

●      صعوبة الحصول على دعم دولي واسع النطاق

●      قدرة الحكومة على الوفاء بشروط وتوقعات كافة الأطراف المؤيدة

●      الحفاظ على التأييد مع قوة وقدرة الحكومة على التنفيذ

●      الحفاظ على التوازن بين الحاجة للاستقرار وإجراء إصلاحات ضرورية

●      التعامل مع الضغوط الخارجية

سيناريو الائتلاف المركزي (المشاركة السياسية) ●      توسيع قاعدة المشاركة السياسية

●      تحقيق التوافق الوطني

●      تجنب تهميش أي مكون من مكونات المجتمع السوري

●      الحفاظ على الاستقرار

●      تسييس الكفاءات

●      صعوبة اتخاذ القرارات

●      احتمالية الفساد

●      صعوبة تحقيق المصالحة الوطنية

●       وضع آليات واضحة للتنسيق والتشاور
●       تحديد الأولويات المشتركة
●       تأجيل الخلافات حول القضايا الخلافية إلى مراحل لاحقة
●      توزيع عادل للحقائب الوزارية
سيناريو حكومة التكنوقراط
●      التركيز على الكفاءة والخبرة الفنية
●      اتخاذ قرارات مستنيرة تستند إلى الأدلة والبيانات
●      الاستقلالية والنزاهة
●      القدرة على اتخاذ قرارات صعبة وغير شعبية
●      نقص الشرعية الشعبية
●       صعوبة التواصل مع الجمهور
●      مقاومة القوى السياسية
●      صعوبة تحقيق المصالحة الوطنية.
●      الحصول على دعم واسع من القوى السياسية والاجتماعية
●       بناء الثقة مع الجمهور من خلال الشفافية والمساءلة والتواصل الفعال
●      تحقيق أهداف محددة وقابلة للقياس
●      إظهار نتائج ملموسة في تحسين حياة المواطنين
السيناريو الواقعي الأقل سوءاً: مزيج متوازن
●      تحقيق التوازن بين الاستقرار والمشاركة والكفاءة
●       بناء مؤسسات دولة قوية وفعالة
●       تحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة
●      ضمان مشاركة جميع السوريين في بناء المستقبل
●       توسيع نطاق التشاركية في عملية التنفيذ والتخطيط
●       مقاومة القوى المتطرفة
●      التدخلات الخارجية
●      الخلافات السياسية الداخلية
●      الفساد وسوء الإدارة
●      الحفاظ على نواة صلبة للاستقرار
●       تشكيل حكومة وحدة وطنية شاملة
●      الاستعانة بالخبراء والفنيين المستقلين
●       تطبيق مبادئ الحوكمة الرشيدة
●       فتح الفضاء العام وضمان الحريات
●      الحصول على ثقة الشعب وتلبية احتياجاته
●      العمل على تجاوز الانقسامات والخلافات

[1] الحكومات المؤقتة: دروس مستفادة ومبادئ توجيهية، موجز ممارسات، معهد التحولات المتكاملة (IFIT)، 2020.
[2] Claudia Baez Camargo and Tharcisse Gatwa.  Informal Governance and Corruption –Transcending the Principal Agent and Collective Action Paradigms: Rwanda Country Report. Basel Institute on Governance, 2018, p.p 8-14.
[3] قناة الجزيرة،  الكيب قدم أسماء حكومته للانتقالي، 22/11/2011، شوهد في :27/12/2024
[4] عماد الدين بادي، استكشاف الجماعات المسلحة في ليبيا رؤى حول إصلاح القطاع الأمني في بيئة هجينة، ديكاف – مركز جنيف لحوكمة قطاع الأمن،2020
[5] أحمد عثمان، إدارة عملية التحول الديمقراطي في تونس في الفترة بين 2010-2016، المجلة العلمية لكلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية، جامعة الاسكندرية ،2022.
[7] العدالة الانتقالية كنموذج لبناء السلام دراسة حالة : جنوب أفريقيا، المركز الديمقراطي العربي، 2021، شوهد في: 12/2/2025.
[8] خلال فترة حكم بارك تشونغ هي (1963-1979)، تميزت كوريا الجنوبية بضعف الجهات المؤيدة للحكم الجديد والجهات المعارضة، وقد ساهم هذا في تحقيق النمو الاقتصادي السريع، لكنه جاء على حساب الحريات السياسية. حيث حكم بارك تشونغ هي لمدة 18 عامًا بشكل غير ديمقراطي من خلال تعديل الدستور عدة مرات.
[9] التشايبول هو نمط من التعاون بين الدولة والتكتلات العائلية الكبيرة. وهو نمط مؤسساتي نوعاً ما.
[10] Jaewon Hwang et al.  Korea’s next S-curve: A new economic growth model for 2040. McKinsey Korea Report 2023, 2023.
[11] للتنويه، المقصود أنها معارضة للحكم الجديد وليست من قوى الثورة والمعارضة. وبعضها معادٍ.
[13] لعل من المؤشرات على ذلك، أن “مسد” التي تعد الغطاء السياسي لـ “قسد” أصدرت بياناً رفضت فيه الإعلان الدستوري الذي أصدره رئيس الجمهورية أحمد الشرع، مما يوحي بأنه من المبكر الحديث عن نجاح الاتفاق.
ينظر: محمد أمين، الرفض الكردي للإعلان الدستوري يخيّم على اتفاققسدودمشق، العربي الجديد، 16/3/2025، شوهد في: 23/3/2025.
[14] ثمة أهداف كثيرة تندرج في هذه المرحلة مثل إعادة الإعمار وتعزيز البنية الاقتصادية والاستثمارية وتحقيق العدالة الانتقالية …إلخ، ولكن آثرنا الإشارة هنا إلى الأهداف ذات الأولوية.
[15]تحديات المرحلة الانتقالية في سورية وآفاقه، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 12/12/2024، شوهد في: 13/02/2025
وفي السياق ذاته، تؤكد التجربة الليبية ذلك، فبعد سقوط نظام القذافي، فشلت الحكومة الانتقالية في بناء مؤسسات أمنية قوية، مما أدى إلى انتشار الفوضى والعنف، والاقتتال الداخلي، ليصل الأمر بالدولة لأن أصبحت مقسمة وفي عداد الدول الفاشلة، عماد الدين بادي، مرجع سابق.
[17]لنتأمل التجربة العراقية بعد سقوط نظام صدام حسين. فعلى الرغم من الوعود الكثيرة، لم تتمكن الحكومة الانتقالية والتي كانت منظومة طائفية بيد الاحتلال من توفير الخدمات الأساسية للمواطنين، مما أدى إلى استياء شعبي واسع، ساهم في تغذية العنف والتطرف.
ينظر: أكثم سيف الدين ومحمد علي، الانفلات الأمني في البصرة: استياء شعبي وعجز رسمي ، العربي الجديد ، 5/5/2019، شوهد في: 13/02/2025
[18] عاصم سويد، منظمات المجتمع المدني السورية في الشتات ودورها في المرحلة الراهنة، تلفزيون سوريا ، 11/01/2025، شوهد في: 13/02/2025
[19] في مقابلة أجراها الباحث في الشؤون العسكرية النقيب رشيد الحوراني مع موقع “القدس العربي” قال فيها : إن كبرى فصائل السويداء (حركة رجال الكرامة، ولواء الجبل، وتجمع أحرار الجبل) أعلنت استعدادها للاندماج في الجيش السوري، لكن هناك فصائل أخرى في السويداء تفضل العمل وحدها.
[20] دون ذلك نحن عملياً نذهب باتجاه محاصصة أو نخاطر في عملية مركزة مؤسسات الدولة.

مدير وحدة التوافق والهوية المشتركة في مركز الحوار السوري، يحمل شهادة الدكتوراه في القانون العام من جامعة حلب، وحائز على اعتمادية المعهد العالي للحقوق في الشرق الأوسط، وعمل سابقاً مدرساً في كلية الحقوق في جامعة حلب الحرة. يركز في أبحاثه الحالية على دراسة ديناميكيات العلاقة بين المجتمع السوري والنصوص القانونية والدستورية منها على وجه التحديد.

Avatar photo
هنادي حجار

بكلوريوس علوم سياسية من الجامعة الأردنية
ماجستير حقوق إنسان وتنمية إنسانية من الجامعة الاردنية
دبلوم علاقات عامة
باحثة دكتوراة قانون عام
ناشطة في المجتمع المدني السوري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى