المشاركات الإعلامية

حول وضع اللاجئين السوريين في تركيا في ظل التجاذبات السياسية والوضع الاقتصادي

خلال استضافتها على راديو “نسائم” للحديث عن وضع اللاجئين السوريين في تركيا في ظل التجاذبات السياسية وأثر الوضع الاقتصادي عليه؛ قالت الباحثة في مركز الحوار السوري: أ. كندة حواصلي، إنه وعند العودة إلى المراجع التي درست مفهوم الانسجام الاجتماعي للمجتمعات التي أصبح لديها مهاجرين نجد أن الموضوع  يمر بـ 4 مراحل.

ولفتت حواصلي إلى أن المرحلة الأولى هي إقامة العلاقات السطحية أو التعارف ما بين المجتمع المضيف والوافد، ثم يتم الانتقال بعد هذا إلى مرحلة أخرى وهي التنافس على الموارد المحدودة، وفي كثير من الأحيان يبدأ يشعر المجتمع المضيف أن اللاجئين أصبحوا عبئاً وأنهم من الممكن أن يشاركوا في الموارد.

وأضافت الباحثة: “وهنا نأتي للمرحلة الثالثة والتي تتدخّل فيها الدولة لإشراك وإدماج اللاجئين بشكلٍ صحي وعادل  ضمن هذا المجتمع وتضمن حقوق الطرفين بحيث يصبح هذا الانسجام أقوى”، مشيرة إلى أنه في حال نجحت أي دولة كانت في عملية إدارة هذه المنافسة فسيتمّ الانتقال إلى مرحلة التكيف الطوعي والانسجام ما بين المجتمعات، ولكن إذا فشلت فسننتقل إلى حالة من العزلة وزيادة الاحتقان.

وتابعت حواصلي أن هذا الأمر يقود إلى إشكالية تُشير إلى أنه عند الحديث عن وضع السوريين في تركيا فنحن الآن في حالة المنافسة على الموارد المحدودة، خاصة مع الظرف العالمي الذي يتجه كلُّه نحو  التضخم والمشاكل الاقتصادية، فكلُّ الدول خرجت من تداعيات أزمة كورونا وآثارها الاقتصادية المدمّرة، كما تأثرت بالحرب الروسية الأوكرانية والتي كان لها دورٌ في خربطة النظام الاقتصادي، وهذا كله انعكس على كل تلك الدول، وبدأ يحصل تراجعٌ في أسعار الصرف، وتغيّرٌ في أسعار الوقود، وهو ما انعكس بشكل طبيعي على تركيا وعلى كل المقيمين فيها.

وأوضحت الباحثة أن هنالك الكثير من الضخ والحديث عن الكلفة المادية لوجود اللاجئين السوريين وما الذي تتكلّفه الدولة، وهذا الخطاب تُقدّمه الحكومة وتستهدف فيه الدول المانحة والاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي حتى يلتزم بالالتزامات المالية، ولكن على نفس السياق فإن هناك جانباً اقتصادياً إضافياً لم يتم التطرق له إعلامياً على الساحة التركية بشكل مطلوب، فعلى سبيل المثال ذكر كثيرٌ من المسؤولين الأتراك أن الوجود السوري وبالذات اليد العاملة السورية ساهمت بشكل واضح في الاقتصاد التركي، لأنها كانت يد عاملة رخيصة الأجر ساعدت البضائع التركية أنْ تبقى في حدود المنافسة وتقدم أسعاراً منافسة في الأسواق العالمية.

وأشارت حواصلي إلى أن هناك حركةً ماليةً كبيرة جاءتْ إلى تركيا من خلال المساعدات القادمة إلى السوريين، سواء من الذين كانوا في الداخل السوري أو في تركيا، فهذه الأموال وإن كانت لا تُصرف فوراً في تركيا وإنما تدخل إلى الداخل السوري ولكنها تدخل وتشتري بضائع من السوق التركية وتوظّف وتحرك يداً عاملة، ولكن ما زالت الدراسات في هذا الخصوص متواضعة وقليلة ولم تسلط الضوء على هذا الأمر.

وفي سياق آخر.. تطرقت الباحثة لحالة الاستقطاب السياسي في ظل انتخابات مصيرية لكافة الأحزاب، مشيرة إلى أنّ هذا الاستقطاب السياسي ترافق مع أزمة اقتصادية عالمية ذات انعكاسات واضحة على تركيا التي تواجه تحديات، وكان لديها خطة تتعلق بعام 2023، وهنا بدأ التجاذب وبدأت بعض الأحزاب تستخدم الورقة السياسية وورقة اللاجئين وتحاول الربط بينهما لتُوهم الشارع التركي بأنّ سببَ الأزمة الاقتصادية هو وجود السوريين في تركيا، وتعتبر أن الحكومة والحزب الحاكم عاجزان عن الخروج من هذه الأزمة وأنها تملك الحلول بينما الخطاب الذي تُقدّمه بعض الأحزاب يشيرُ إلى أنها لا تملك برنامجاً انتخابياً أو تغامر فيه أو تدخل الانتخابات بقوة وأن تقنع الشارع بأنها تملك رؤية، ولذلك استغلت هذين الملفين الحسّاسَين وبدأت تلعبُ على الوتر العاطفي وتثير مخاوف الأتراك في الداخل من وجود جهة غريبة ربما تستهدف ثقافتهم ووجودهم الاقتصادي والأمني، فيما بدأ البعض يبث شائعات من أجل زيادة المخاوف، ثم بدأت بعض الأحزاب تقدم وعوداً سياسية لم تستطع تحقيقها تحاول من خلالها اللعب على وتر الناخب التركي.

ورأت حواصلي أن الأحزاب تُريد أن تتجه إلى الناخب الشاب والفئات الشابة الجديدة وتؤجج لديها هذا الغضب، وتستغل ربما عدم نضجها وافتقارها لبعض المعلومات، مشيرة إلى أن من الملاحظ وجود الكثير من الأخبار أن بعض هذه الأحزاب وبالذات الأحزاب ذات الخطاب شديد التطرف بدأت تستعمل وسائل التواصل بشكل كبير وربما تستعملها بشكل غير أخلاقي من خلال الاتفاق مع بعض الوكالات الإعلامية وعمل تعليقات وهمية واستخدام تويتر بوت من أجل نشر وتكرار بعض الأفكار وبعض المواضيع حتى تصبح مألوفة في المجتمع ويتقبّلها المجتمع وتُشعِر الجمهور على السوشل ميديا بأن لها شعبية كبيرة.

وأضافت الباحثة: “لذلك يجب علينا كسوريين أنْ ننتبه إلى أنّ وسائل التواصل لا تَعكس الحقيقة وحجم المشكلة على الأرض. حتى اللقاءات في الشارع والمقابلات التي تتم قد تكون مقابلات مفبركة وسبق أن كشفت بعض الوسائل الإعلامية التركية زيف بعض المقابلات وأنها لم تكن عفوية”، مشيرة إلى أنّ المطلوب منا كسوريين ألا ننجرّ إلى هذه الاستفزازات وما يُنشر على بعض القنوات التابعة لوسائل التواصل الاجتماعي، وأن يكون لدينا خطاب بديل للطرف التركي باللغة التركية مدعّمٌ بالأرقام والدراسات والإحصائيات التي تُظِهر الجانب الآخر والصوت الآخر المعتدل والطرف المؤيّد لوجود اللاجئين في تركيا وهو طرف ما يزال كبيراً.

للمزيد:

اضغط هنا

مؤسسة بحثية سورية تسعى إلى الإسهام في بناء الرؤى والمعارف بما يساعد السوريين على إنضاج حلول عملية لمواجهة التحديات الوطنية المشتركة وتحقيق التنمية المستدامة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى