الأبحاث والدراساتالإصداراتالتوافق الوطنيوحدة الهوية المشتركة والتوافق

إضاءات على مواقف قوى الثورة والمعارضة تجاه سياسات الدول الإقليمية في التعامل مع ملف اللاجئين

مقدمة:

مع اعتماد نظام الأسد الخيار الأمني والعسكري في مواجهة الاحتجاجات الشعبية شهدت معظم المناطق السورية خلال سنوات الثورة موجات لجوء باتجاه دول الطوق، واستقرّ معظمها في تركيا ولبنان والأردن[1]، إضافة إلى توجُّه آلاف السوريين إلى بعض الدول العربية والغربية. ونتيجة تزايد أعداد اللاجئين -خاصة في الدول المجاورة لسوريا- وما نتج عنه من تداعيات اقتصادية وسياسية وأمنية بات ملف اللاجئين من الملفات الرئيسة لدى تلك الدول، وبدأ يأخذ حيزاً مهماً في فضائها السياسي[2].

في عام 2022م عاد ملف اللاجئين السوريين إلى الواجهة ليكون من الملفات البارزة، مدفوعاً بسلسلة من الإجراءات والتحولات التي عمدت بعض الدول المستضيفة للمضيّ بها تحت ذرائع عدة، تختلف باختلاف السبب من دولة لأخرى.

فعلى سبيل المثال: أعلنت بريطانيا عن رغبتها في نقل طالبي اللجوء -ومنهم سوريون- إلى روندا لمعالجة طلباتهم أثناء وجودهم هناك، ومن قبلها حوّلت الدنمارك عدداً من اللاجئين السوريين إلى مراكز الترحيل تمهيداً لنقلهم إلى سوريا بدعوى وجود مناطق “آمنة”، ومنها دمشق؛ مما دفع المئات منهم للفرار منها بحثاً عن موطن لجوء جديد.

في السياق ذاته زادت وتيرة المواقف الإقليمية المتحفّظة تجاه اللاجئين، خصوصاً في دول الطوق “تركيا ولبنان والأردن” التي تستضيف أعداداً كبيرة من اللاجئين السوريين؛ حيث أسهمت عدة عوامل في هذه التغييرات، يأتي في مقدمتها: طول مدة اللجوء، والظروف الاقتصادية الصعبة التي تمرّ بها تلك الدول، إلى جانب عوامل أخرى دفعت الحكومات المستضيفة لتغيير سياساتها تجاه اللاجئين بشكل جزئي أو كامل، وفرض قيود عليهم تختلف حدتها من دولة إلى أخرى[3].

مع الأخذ بالحسبان ما يمثّله ملف اللاجئين من أهمية للقضية السورية عموماً ولقوى الثورة والمعارضة خصوصاً؛ إذ إنه من المفترض أن ينعكس ذلك على تفاعل هذه القوى مع قضايا اللاجئين، وسعيهم لتأكيد حقوقهم بصورة مضطردة.

في ضوء ما تقدم تُطرح الأسئلة الآتية: هل تختلف مواقف قوى الثورة والمعارضة تجاه سياسات الدول الإقليمية بخصوص ملف اللاجئين من دولة إلى أخرى؟ وما هي العوامل التي يُتوقع أنها تؤثّر في هذه المواقف؟ وهل من سمات مشتركة تجمع مواقف قوى الثورة والمعارضة تجاه سياسات الدول الإقليمية الخاصة بملف اللاجئين؟

منهجية الورقة:

  • الإطار الموضوعي: تشمل قائمة قوى الثورة والمعارضة المستهدفة بالتحليل عينة من القوى “السياسية التقليدية، والناشئة، والاعتبارية، والعسكرية[4]. كما تمثل البيانات الرسمية الصادرة عنها مادة ظاهرة للوقوف على هذه المواقف وتحليلها للتأكد من فرضيات سابقة؛ وذلك من خلال الاستعانة بالأعداد الستة السابقة لمؤشر التوافق الوطني التي غطّت الفترة بين 2018-2021[5].
  • الإطار الزمني: البيانات الصادرة عن القوى المستهدفة في الفترة بين 2018-2021.
  • تعتمد الورقة منهجَي تحليل الخطاب بسبب مناسبته للتعامل مع تحليل البيانات الرسمية الصادرة عن القوى المستهدفة بالورقة، والتحليلي الموضوعي من أجل الوقوف على السمات المشتركة والنقاط الخلافية بين هذه المواقف.

تتضمن الورقة أربع فقرات رئيسة؛ نتحدث في الأولى عن صمت القوى كموقف رئيس للقوى تجاه سياسات الدول الإقليمية المتعلقة باللاجئين، ونتناول في الثانية نوعية القوى المتفاعلة تصريحاً مع هذا الملف، في حين نفرد الثالثة لبيان الرسائل التي وجهتها القوى في بياناتها، ولنقف في الرابعة على أوجه الاخلاف بينها.

الالتزام بالقاعدة: الصمت[6]

حاولت بعض قوى الثورة والمعارضة التفاعل عبر بياناتها الرسمية مع ملف اللاجئين بحكم أهميته وارتباطه بمسار الحل في سوريا[7]، فيما التزمت الغالبية الصمت.

تشير عينة من ثلاثة أحداث متعلقة باللاجئين السوريين في تركيا خلال السنوات الثلاث الماضية[8] إلى ارتفاع نسبة صمت القوى تجاهها؛ فقد بلغ متوسط الصمت فيها 89%.

كذلك الأمر بالنسبة إلى ملف اللاجئين في لبنان؛ إذ يتضح من استعراض مواقف قوى الثورة والمعارضة تجاه عينة من 4 أحداث وقعت في الفترة الممتدة بين عامي 2018 و2020[9] ارتفاع نسب الصمت التي تراوحت بين 80-90%، مع وجود بعض الاستثناءات.

ولا يختلف الأمر حتى بالنسبة إلى الموقف من الإجراءات الروسية تجاه ملف اللاجئين[10]؛ فمجمل مواقف القوى من هذه الإجراءات تشير إلى أن نسبة الصمت (بين 68% و97%) كانت قريبة من مواقف القوى ذاتها تجاه قضايا اللاجئين في دول الجوار.

من خلال استعراض مجمل المواقف تجاه ملف اللاجئين في تركيا ولبنان نلاحظ أن ثمّة تقارباً في نسب الصمت بينها؛ سواءٌ تعلق الأمر باللاجئين في تركيا أو في لبنان، وأنها متقاربة مع النسبة العامة لمواقف قوى الثورة والمعارضة تجاه أحداث أخرى، كالحل السياسي أو التطورات العسكرية والميدانية المرتبطة بسوريا[11]؛ الأمر الذي يعطي مؤشراً إلى ارتباط “ظاهرة الصمت” بالعوامل الداخلية للقوى ذاتها أكثر من ارتباطه بطبيعة الحدث أو طبيعة الدولة التي حدث فيها، لاسيما وأن ملف اللاجئين هو من الملفات التي تتوافق فيها مواقف القوى.

هذا السياق العام لصمت القوى تجاه قضايا اللاجئين تتخلله بعض الاستثناءات؛ ففي قضية إزالة ملفات آلاف السوريين المرشحين للجنسية الاستثنائية التركية كانت نسبة الصمت 100%، ولعل ذلك عائد إلى نظرة هذه القوى إلى أن منح الجنسية هو من الحقوق السيادية للدولة؛ فلا يُفترض بالقوى السورية التدخل فيه. في المقابل نرى زيادة في نسبة تصريح هذه القوى تجاه قضية الانتهاكات التي حدثت بحق اللاجئين السوريين في لبنان عام 2019؛ ولعل ذلك مرده إلى تغول “حزب الله” على الدولة اللبنانية ومؤسساتها، وأخذ هذا الحدث مكانه ضمن الفضاء العام نتيجة مشاركة بعض مؤسسات الدولة اللبنانية في هذه الانتهاكات[12]، وظهور تحركات سياسية لبنانية للتطبيع مع نظام الأسد آنذاك، وإطلاق بعض السياسيين اللبنانيين تصريحات تدعو لإعادة السوريين إلى بلادهم، وبالتالي يمكن قراءة موقف قوى الثورة على أنها محاولة لمواجهة هذه التحركات والتعبير عن رفضهم إياها، وإدانة “حزب الله” -حليف نظام الأسد- ضمنياً، والدوافع ذاتها تقريباً تنطبق على الموقف من مؤتمر روسيا لإعادة اللاجئين عام 2020.

يشير ما تقدم إلى أن السمة العامة لمواقف قوى الثورة والمعارضة تجاه قضايا اللاجئين هي الصمت، وتلعب عوامل متعددة في دفعها للتصريح، يأتي في مقدمتها: سلبية موقف الدولة المستضيفة من اللاجئين السوريين، وجسامة الانتهاكات المرتكبة بحقهم، وزيادة حضورها في الرأي العام؛ إلا أن كل هذه العوامل المرتبطة بطبيعة الموقف ذاته تبقى هامشية في ظل ارتباط الأمر أكثر بطبيعة القوى ذاتها، وميلها للصمت تجاه غالبية الأحداث بغض النظر عن طبيعتها، وفق الأرقام التي تظهرها الأعداد الستة لمؤشر التوافق الوطني على مدى السنوات الثلاث الماضية[13].

القوى السياسية التقليدية في المقدمة تصريحاً:

يُلاحظ أن القوى السياسية التقليدية هي الأكثر تفاعلاً مع ملف اللاجئين؛ إذ بلغت نسبة تصريحها تجاه ملف اللاجئين في تركيا 57% من إجمالي البيانات الصادرة عن القوى محل الرصد (4 بيانات من أصل 7)، وهو الأمر نفسه في لبنان؛ مع فارق النسبة التي بلغت 74% (17 بياناً من أصل 23)، فيما كانت نسبة التصريح من قبل القوى الناشئة ذات النشاط السياسي 28% (بيانان اثنان من أصل 7) تجاه قضايا اللاجئين في تركيا، و21% في لبنان (5 بيانات من أصل 23)، وتراوحت نسبة تصريح القوى العسكرية المصرحة بين 5% و14%.

تبين الأرقام السابقة أعلاه مدى تأثير طبيعة الجهة على دفعها للتصريح بموقفها تجاه قضايا اللاجئين من عدمه؛ إذ تبقى القوى السياسية التقليدية الأكثر تصريحاً عبر بياناتها تجاه قضايا اللاجئين السوريين، ولعل أحد أهم العوامل التي أسهمت في ذلك هو طبيعة تشكيلها وإحدى وظائفها الرئيسة في بيان الموقف السياسي، وموقعها في الخريطة السورية، ووظيفتها التمثيلية المفترضة بحكم وجود قسم منها ضمن الائتلاف الوطني الواجهة السياسية للمعارضة[14]؛ لذا فإن التفاعل مع هذه القضايا يبدو لتأكيد دورها في السياق السوري، ولإنشاء هامش للتأثير في سياسات الدول المعنية بملف اللاجئين.

أما بالنسبة إلى القوى الناشئة فلعل ندرة تصريحاتها تجاه قضايا اللاجئين سببه تركيزها على الملفات الداخلية، وعلى وظيفتها في التنظيم والحشد في المناطق المحررة، وتقوية هيكلها الداخلي أكثر من بيان المواقف السياسية، فضلاً عن حداثة تجربتها السياسية التي قد تدفعها للتريث في إبداء المواقف تجاه قضايا خارجية، خصوصاً إذا تطلب الأمر إبداء مواقف تجاه سياسات دول إقليمية في التعامل مع هذا الملف؛ مع ملاحظة أن تصريحاتها كانت تبرز في الأحداث القاسية التي يتعرض لها اللاجئون، كالاعتداءات على السوريين في أنقرة وإحراق مخيمات اللاجئين في لبنان.

وأما القوى العسكرية فهي بالأصل ليست مكلفة بإصدار بيانات سياسية بحكم طبيعة تشكيلها ووظيفتها، فضلاً عن أنها نادرة التصريح مؤخراً مع التكتلات الأخيرة وتبعية جميع فصائل الثورة -ولو شكلياً- لوزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة التي تُعد الذراع التنفيذي للائتلاف الوطني، وبالتالي تصبح التصريحات تجاه القضايا السياسية والإنسانية خارج اختصاصها[15].

الرسائل الموجهة من القوى: التأكيد على الحل السياسي

على الرغم من التباعد الزمني بين مواقف قوى الثورة والمعارضة تجاه قضية اللاجئين وتعدد الأحداث الخاصة بهم؛ إلا أن بياناتها حملت مضامين مشتركة، من أبرزها: البُعد السياسي؛ حيث أكدت ارتباط قضية اللاجئين وعودتهم بتحقق الحل السياسي في سوريا وفق القرارات الأممية التي تتضمن انتقالاً سياسياً يسهم في وجود سلطة -غير سلطة بشار الأسد- يأمنها السوريون على حياتهم وأمنهم وأموالهم[16]، والبُعد الإنساني: ويركّز على خطورة الخطاب العنصري بحق اللاجئين الذي قد يدفع بعضهم للعودة إلى سوريا والتعرض للانتهاكات هناك[17]، وضرورة الاحتفاظ بالصفة الإنسانية لهذا الملف وإبعاده عن المناكفات السياسية بين الأحزاب والتيارات السياسية، والبُعد القانوني: الذي يؤكّد أهمية المركز القانوني للاجئين السوريين في بلاد اللجوء، وضرورة تمتعهم بالحماية والحقوق وفق ما كفلته لهم القوانين والمواثيق الدولية والقوانين الداخلية للدول المعنية.

أما في مواقف القوى تجاه السياسات الروسية المرتبطة باللاجئين السوريين فقد أكدت بياناتها على عدة رسائل، من أبرزها: أن نظام الأسد والروس هما المتسببان الرئيسان بموجات اللجوء السوري، وبالتالي بقاء المسبب -وهو النظام- في السلطة ومن خلفه روسيا يمنع عملياً أية عودة للاجئين، خصوصاً في ظل انتهاج نظام الأسد سياسة الاعتقال والتصفية والتغييب القسري بحق مَن غُرَر به وعاد إلى مناطق سيطرته، وأن هذه العودة لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال تحقيق الانتقال السياسي وفق قرار مجلس الأمن 2254 لعام 2015، لاسيما من جهة إشراف الأمم المتحدة بعد ذلك على عودة اللاجئين، والتأكد من أنها “طوعية وآمنة”، وأن كل ذلك غير متحقق في ظل استمرار نظام الأسد.

تبايُن في حِدّة الخطاب: تأثير المكان وسياسات الجهات الحاكمة

تُظهر بيانات قوى الثورة والمعارضة أن الخطاب المعتمد في بيانات القوى تجاه تركيا أقل حدّية وأكثر ليونة مقارنة بالموجه إلى لبنان؛ فعلى سبيل المثال: استخدمت معظم القوى محل الرصد عبارات كـ” تركيا الشقيقة – الشعب التركي الشقيق – الدول المستضيفة”، ولم تستخدم مثلها مع لبنان؛ مع أن الأخيرة تُعد من الدول العربية وتجمعها مع سوريا علاقات تاريخية ممتدة، كذلك حاولت بعض القوى عبر بياناتها تقديم النصح للحكومة التركية لقوننة وجود السوريين ودعوة الأتراك والسوريين لعدم الانسياق خلف الفتن، مع تأكيد ضرورة التزام السوريين بآداب الضيافة واحترام عادات المجتمع المضيف وتقاليده، إلى جانب غياب مفردات الإدانة والاستنكار في بيانات القوى؛ عدا موقف واحد صادر عن إحدى الجهات السياسية التي ليس لها مقرّ ضمن الأراضي التركية[18].

في المقابل تضمنت بيانات بعض قوى الثورة والمعارضة محل الرصد عبارات الإدانة والشجب تجاه سياسات لبنان بخصوص اللاجئين السوريين؛ فقد حمّلت معظم القوى السلطات اللبنانية مسؤولية استمرار الانتهاكات بحق السوريين في لبنان[19]، واعتبرت أن أي سلوك ضد وجود السوريين ناتج عن الفشل الحكومي في إدارة البلاد، داعية السلطات لاتخاذ دور أكثر فاعلية في مواجهة العنصرية، ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات، ومن بينهم عناصر الجيش الذين اقتحموا أحد مخيمات اللاجئين، داعية المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته تجاه اللاجئين في لبنان؛ بما يشبه المطالبة بتدويل هذا الملف[20].

يعود هذا الاختلاف في حدة الخطاب لعدة عوامل موضوعية؛ فعدم وجود تواصل مباشر بين القوى السورية والقيادة اللبنانية التي يسيطر عليها “حزب الله” حليف نظام الأسد، وغياب الحدود الجغرافية التي تربط المناطق المحررة بالأراضي اللبنانية، وعدم تلقي المعارضة السورية دعماً سياسياً أو عسكرياً أو لوجستياً منها تمثّل جميعها عوامل منحت قوى الثورة والمعارضة هامشاً أكبر لمهاجمة السياسات اللبنانية، مع الإشارة إلى أن بعض الأحداث التي وقعت ضمن الأراضي اللبنانية بحق السوريين كانت أكثر قسوة. أما الوضع في تركيا فهو على العكس؛ إذ يُنظر إلى أن الحكومة التركية هي من أبرز حلفاء المعارضة السورية وداعميها، إلى جانب كونها المقر الرئيس لأبرز قوى الثورة والمعارضة، وعلى رأسها الائتلاف الوطني، كما أن غالبية التحريض الإعلامي وخطاب الكراهية والعنصرية كان بتحريك من أحزاب المعارضة التركية، على عكس الحزب الحاكم الذي كان يؤكد في أكثر من مناسبة -ولو نظرياً- دعمه للاجئين السوريين؛ الأمر الذي يفسر ابتعاد قوى الثورة والمعارضة عن التصعيد تجاه تركيا[21].

خاتمة:

على الرغم من أهمية ملف اللاجئين، وارتباطه بصورة مباشرة بملف الحل السياسي في سوريا؛ فإن تفاعل قوى الثورة والمعارضة من جهة التصريح بقي في حدوده الدنيا؛ فقد بدا واضحاً ارتباط ذلك بطبيعة القوى ذاتها التي يغلب الصمت على مواقفها، بغض النظر عن طبيعة الموقف ذاته.

في حال التصريح جاءت القوى السياسية التقليدية في مقدمة القوى المصرِّحة بحكم موقعها في الخريطة السورية ووظيفتها التمثيلية بحكم وجود قسم منها ضمن الائتلاف الوطني الواجهة السياسية للمعارضة، وانخراط معظمها في مسار الحل السياسي.

ولعل النقطة الإيجابية الأبرز في بيانات قوى الثورة والمعارضة هو ربطها ملف اللاجئين بتحقيق الانتقال السياسي وفق قرار مجلس الأمن 2254، والتأكيد على الأبعاد القانونية المرتبطة بهذا الملف، لاسيما من جهة أن تكون عودة اللاجئين آمنة وطوعية وتحت إشراف الأمم المتحدة.

في ضوء ما تقدم، ومن أجل تقوية ملف اللاجئين السوريين في وجه محاولات إضعافه من قبل سياسات بعض الدول الإقليمية وروسيا التي تحاول تجاوز قواعد الأمم المتحدة وإعادة اللاجئين في ظل استمرار نظام الأسد؛ فإنه يمكن التقدم بالتوصيات الآتية:

  • وضع ملف اللاجئين على رأس الأولويات لدى قوى الثورة والمعارضة، خصوصاً الناشئة منها؛ بحيث تعطي ورقة تساعد على الحشد والمناصرة ضد السياسات الالتفافية التي تتبعها بعض الدول لتجاوز مفهوم “العودة الآمنة والطوعية” للاجئين.
  • أهمية تقديم رؤية شاملة من قبل قوى الثورة والمعارضة لملف اللاجئين؛ بوصفها إحدى الأدوات التي يمكن أن تشجّع على تحقيق الانتقال السياسي وفق بيان جنيف1 وقرار مجلس الأمن 2254.
  • زيادة التنسيق بين قوى الثورة والمعارضة للاستمرار في إصدار بيانات مشتركة تؤكد رؤيتها الثابتة للتعامل مع ملف اللاجئين وفق القواعد المستقرة لدى الأمم المتحدة.

ملحق يتضمن قائمة بقوى الثورة والمعارضة التي رُصدت مواقفها تجاه ملف اللاجئين السوريين:

القوى السياسية التقليدية[22]
1-    الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية 2-    اتحاد الديمقراطيين السوريين

 

3-    الإخوان المسلمون

 

4-    التجمع الديمقراطي السوري 5-    التجمع الوطني السوري الموحد 6-    التجمع الوطني لتركمان سورية
7-    التحالف العربي الديمقراطي في الجزيرة والفرات 8-    تكتل السوريين 9-    تيار الغد السوري
10- تيار المواطنة 11- جبهة السلام والحرية 12- حركة العمل الوطني من أجل سوريا
13- حزب أحرار – الحزب الليبرالي السوري 14- حزب الشعب الديمقراطي 15- الحزب الوطني للعدالة والدستور – وعد
16- حزب الوئام السوري 17- حزب اليسار الديمقراطي 18- الرابطة السورية لكرامة المواطن
19- رابطة المستقلين الكرد السوريين 20- الكتلة الوطنية الجامعة في سورية 21- المجلس السوري للتغيير
22- المجلس الوطني التركماني 23- المجلس الوطني الكردي 24- ميثاق دمشق الوطني
25- هيئة التفاوض السورية 26- هيئة التنسيق الوطنية
قوى ناشئة لها نشاط سياسي
1-    اتحاد ثوار حلب 2-    اتحاد تنسيقيات الثورة السورية حول العالم 3-    تجمع سورية الثورة
4-    رابطة الشباب السوري الثائر 5-    الحركة النسوية 6-    سوريون مسيحيون من أجل السلام
7-    اللقاء الثوري 8-    المجلس العربي في الجزيرة و الفرات 9-    مجلس القبائل والعشائر السورية
10- الهيئة السياسية في ادلب 11- هيئة القانونيين السوريين
هيئات اعتبارية
1-    المجلس الإسلامي السوري
القوى العسكرية
1-    الجيش الوطني (التوجيه المعنوي) 2-    الجبهة الوطنية للتحرير 3-    وفد قوى الثورة والمعارضة إلى مؤتمر أستانا

لمشاركة الورقة:

https://sydialogue.org/4xg2


[1] اعتمدت هذه الورقة على دراسة ملف اللاجئين في تركيا ولبنان؛ نظراً لتعدد الأحداث المرتبطة بالسوريين هناك، فيما استبعد ملف اللاجئين في الأردن لعدم توفر بيانات لقوى الثورة تجاه هذا الملف ضمن مؤشرات التوافق الوطني التي اعتمدت عليه الورقة في رصدها وتحليلها للأحداث.
[2] اصطلح على إطلاق تسمية “اللاجئين” بغض النظر عن الوضع القانوني للسوريين الذي يختلف من دولة إلى أخرى.
[3] على الرغم من المعاناة التي تزداد يوماً بعد آخر على اللاجئين السوريين في مختلف الدول المستضيفة؛ ولكن تبقى هناك بعض الاختلافات في تفاصيل تلك المعاناة تختلف من دولة إلى أخرى، والتي تشمل: ازدياد موجة العنصرية، وسوء الأوضاع الاقتصادية، والتضييق القانوني ..إلخ.
للاطلاع على بعض صور هذه الصعوبات يُنظر: إليف نور جوفينتشر، كنده حواصلي، الانسجام الاجتماعي بين السوريين والمجتمع التركيالفرص والتحديات، مركز الحوار السوري ومركز الدراسات الإنسانية والاجتماعية والرابطة الدولية لحقوق اللاجئين، 18/3/2021، شوهد: 17/7/2022، واللاجئون السوريون يواجهون قيوداً متزايدة في لبنان، منظمة العفو الدولية، 15/6/2015، شوهد: 17/7/2022.
[4] شمل الرصد /41/ قوة سورية من قوى الثورة والمعارضة، كان توزيعها وفق الآتي:
  • (26) قوة سياسية تقليدية: نقصد بها الأحزاب السياسية والتكتلات والتيارات والهيئات والتجمعات التي تعرّف نفسها ككيانات سياسية، بما فيها تلك التي تأسست أثناء الثورة.
  • (11) قوة ناشئة ذات نشاط سياسي: نقصد بها تلك القوى التي ظهرت خلال السنوات الماضية (في الفترة بين عام 2011، و2022)، ويغلب عليها الطابع الشبابي أو المحلي، إلى جانب اهتمامها بالقضايا السياسية، وتتميز بأن معظمها يعمل داخل الأراضي السورية أو لديه مكتب هناك كالهيئات السياسية للمحافظات السورية والتجمعات التي بنيت على التنسيقيات الثورية.
  • (3) قوى عسكرية.
  • (1) هيئة اعتبارية: نقصد بها الجهات التي تعرّف نفسها كهيئة مرجعية للسوريين، مع ممارسة بعض أوجه النشاط السياسي كإصدار البيانات والمواقف السياسية.
[5] مؤشر التوافق الوطني: هو مؤشر سنوي يصدر عن مركز الحوار السوري، يهدف إلى قياس درجة التوافق في المواقف لمختلف قوى الثورة والمعارضة السياسية والعسكرية -وأُضيف مؤخراً إليها مواقف الحاضنة الشعبية- تجاه جملة من القضايا والأحداث المتعلقة بالملف السوري.
يُنظر: إصدارات مؤشر التوافق الوطني، مركز الحوار السوري.
[6] أظهرت أعداد مؤشر التوافق الوطني الستة ارتفاعاً في نسب الصمت تجاه مختلف الأحداث المرتبطة بالملف السوري؛ حيث كانت النسبة 62% في العددين الأول الثاني (2018)، و66% و69% في العددين الثالث والرابع على التوالي (2019)، و90% في العدد الخامس (2020)، و86% في العدد السادس (2021).
يُنظر: إصدارات مؤشر التوافق الوطني، مركز الحوار السوري.
[7] د. أحمد قربي، قطار الحل السياسي في سوريا: خطة مسير متغيرة ومسار بلا وجهة، مركز الحوار السوري، 2022: ص146 وما بعدها.
[8] تشمل العينة الأحداث التالية:
  • إجراءات تركيا لتصحيح أوضاع السوريين وترحيل المخالفين منهم عام 2019: بدأت السلطات التركية منتصف عام 2019 بسلسلة إجراءات تتعلق بحاملي البطاقة المؤقتة، عبر تسوية أوضاعهم، خاصة القاطنين في ولاية إسطنبول ولا يحملون “الكيملك” الخاص بها، وترحيلهم إلى ولاياتهم.
  • يُنظر: اللاجئون السوريون في تركيا الحملة الأخيرة وتداعياتها، مركز جسور للدارسات، 29/7/2019، شوهد في: 18/7/2022.
  • إزالة ملفات السوريين المرشحين للجنسية الاستثنائية عام 2020: أزالت السلطات التركية ملفات مئات السوريين المرشحين للحصول على الجنسية التركية، في خطوة اعتبرت مفاجئة وغير مفهومة، لاسيما وأن الإزالة جاءت بعد انتظار دام بين العام الواحد والـ 5 أعوام.
  • يُنظر: تركيا.. حذف ملفات التجنيس لسوريين لأسباب مجهولة، صحيفة عنب بلدي، 22/8/2020.
  • أعمال الشغب ضد اللاجئين السوريين في العاصمة أنقرة 2021: شهدت العاصمة التركية في شهر آب من عام 2021 أعمال شغب واعتداء بحق لاجئين سوريين، نفذها شبان أتراك في حي ألتنداغ، وذلك على خلفية مقتل شاب تركي على يد سوري في مشاجرة.
  • يُنظر: تحطيم محال وبيوت لاجئين سوريين في أحداث شغب بأنقرة، الجزيرة نت، 12/8/2021، شوهد في: 18/7/2022.
[9] تشمل الأحداث ما يلي:
[10] تشمل العينة الأحداث التالية:
[11] يُنظر: مؤشر التوافق الوطني “الإصدار الرابع”، 11-4-2020، مركز الحوار السوري: ص31، ومؤشر التوافق الوطني لعام 2020 “الإصدار الخامس”، مركز الحوار السوري، تموز/2021: ص70، ومؤشر التوافق الوطني لعام 2021 “الإصدار السادس”، مركز الحوار السوري، 9-5-2022: ص43.
[13] يُنظر: الحاشية رقم /6/ من هذه الورقة.
[14] يُنظر: د. أحمد قربي، مرجع سابق: ص 146 وما بعدها.
[15] ينطبق الأمر ذاته على طبيعة القوى المصرحة من قضايا اللاجئين المرتبطة بالسياسة الروسية؛ فمن خلال رصد الأحداث الثلاثة المشار إليها في الحاشية رقم /10/ نجد أن /14/ بياناً؛ /11/ منها صادرة عن قوى سياسية تقليدية، والبقية /3/ بيانات صادرة عن قوى سياسية ناشئة، فيما غابت تصريحات القوى العسكرية عن الحدث.
[16] إلى جانب هذا البُعد المتوافق عليه فيما يتعلق بملف اللاجئين في دول الجوار لم تخلُ بيانات بعض القوى من بعض الرسائل السياسية الخاصة بدول محددة؛ على سبيل المثال: كرّست بعض القوى ومنها العسكرية بياناتها للتأكيد على أخوة الشعبين السوري واللبناني، وضرب حلفاء النظام من خلال اتهام حزب الله اللبناني بإحراق مخيمات اللاجئين، وتوجيه الاتهام لإيران وأذرعها بارتكاب الانتهاكات بحق السوريين في لبنان وسوريا.
[17] بيان صحفي حول الترحيل القسري للاجئين السوريين من لبنان، الرابطة السورية لكرامة المواطن، 6-7-2019، شوهد في: 1-9-2022.
[18] وصفت هذه الجهة القرارات التركية بترحيل السوريين عام 2019 بـ “الترحيل القسري”، داعية الحكومة التركية إلى احترام المعايير الدولية تجاه اللاجئين أو القادمين إلى تركيا هرباً من سوريا.
[19] يُنظر على سبيل المثال: بيان صحفي: حول الاعتداء على طفل سوري لاجئ في لبنان، الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، 30-6-2020، شوهد في: 1-9-2022.
[20] يُنظر على سبيل المثال: بيان صحفي: حول جريمة حرق خيام اللاجئين بالمنية شمال لبنان، الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، 27-12-2020، شوهد في: 1-9-2022، وبيان حزب اليسار الديمقراطي السوري حول إحراق مخيم المنية في لبنان عام 2020، 30-12-2020، شوهد في 31-8-2022، وتعليق اتحاد تنسيقيات السوريين حول العالم على حادثة الاعتداء على مخيم المنية للاجئين السوريين، 28-12-2020، شوهد في: 31-8-2022.
[21] نود الإشارة هنا إلى أن موقف قوى الثورة والمعارضة التي أصدرت بيانات بخصوص السياسات الروسية تجاه ملف اللاجئين، كان واضحاً من حيث إدانته، وتوجيه الاتهامات لها بتوظيف هذا الملف من أجل تعويم نظام الأسد. فقد كان موقف القوى المصرحة واضحاً من السياسات الروسية بشكل عام وملف اللاجئين بشكل خاص؛ إذ أكدت رفضها لأي حراك يهدف لإعادة اللاجئين إلى مناطق النظام، ورأت في ذلك محاولة لتعويم الأسد وإعادة تصديره دولياً. مع التنويه إن كل ذلك لا ينفي الطابع العام لموقف القوى المرصودة، وهو: الصمت تجاه هذه السياسات.
[22] نود التنويه إلى أن معرفات بعض القوى متوقفة عن النشاط حالياً.

مدير وحدة التوافق والهوية المشتركة في مركز الحوار السوري، يحمل شهادة الدكتوراه في القانون العام من جامعة حلب، وحائز على اعتمادية المعهد العالي للحقوق في الشرق الأوسط، وعمل سابقاً مدرساً في كلية الحقوق في جامعة حلب الحرة. يركز في أبحاثه الحالية على دراسة ديناميكيات العلاقة بين المجتمع السوري والنصوص القانونية والدستورية منها على وجه التحديد.

صحفي سوري ومساعد باحث في وحدة التوافق والهوية المشتركة، تتركز اهتماماته البحثية على سياسات القوى المحلية والفاعلة في الملف السوري، شارك بإنجاز العديد من الأوراق البحثية المتعلقة بالحراك السوري وكتب العديد من التقارير التحليلية.
عمل في مجال كتابة تقارير المعلومات في الصحافة الالكترونية وإعداد النشرات التلفزيونية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى