الأبحاث والدراساتالإصداراتالسوريون في الداخل السوريالوحدة المجتمعية

الأمن المائي: أزمة تهدِّد الاستقرار في الشمال السوري

تقرير تحليلي من إعداد الوحدة المجتمعية في مركز الحوار السوري

ملخص تنفيذي

يُعرّف الأمن المائي بأنه “الكمية المتوفرة من الماء الجيد والكافي للصحة والإنتاج ومتطلبات الحياة، مقارنة بالمستوى الأدنى الذي يشكل عدم توفره خطراً على الإنسان ومتطلبات الحياة”. والماءُ من الأساسيات المطلوبة عند الحديث عن إعادة استقرار المجتمعات وتعافيها؛ لارتباطه بشكل أساسي بمقومات الحياة ومقومات الاقتصاد كالزراعة والصناعة والتنمية.

تُعد مشكلة المياه في سوريا إحدى المشاكل الحاضرة قبل عام 2011؛ فقد صُنفت سوريا في عداد الدول التي تعاني من العجز والندرة المائية، فضلاً عن ارتفاع نسب الهدر في المياه وتلوثها نتيجة مشاكل في نظام الصرف الصحي المتهالك، وهو ما أدى إلى تلوث المياه وأضرّ بأشكال الحياة النباتية والحيوانية.

وتؤكد عدد من المؤشرات وجود مشاكل جادّة تهدّد الأمن المائي في سوريا عامة وفي مناطق الشمال السوري الخارجة عن سيطرة نظام الأسد خاصة، بعد أن استعمل نظام الأسد الماء سلاحاً في حربه، وعمل على استهداف البنية التحتية. ومن أبرز هذه المؤشرات التزايد الطارئ بالكثافة السكانية في السنوات الماضية نتيجة موجات النزوح والتهجير القسري؛ حيث ارتفعت الكثافة السكانية بنسبة 272% في منطقة إدلب، و324% في ريف حلب، ترافق ذلك مع دمارٍ ممنهجٍ للبنية التحتية ومحدوديةٍ في الموارد الطبيعية.

كما تزايدت عملية الحفر الجائر للآبار بشكل غير منضبط وعشوائي استجابة للاحتياجات الجديدة البشرية والزراعية والصناعية، وهو ما أدى إلى استنزاف طبقة المياه الجوفية السطحية، وانخفاض مستوى سطح الماء داخل البئر عن المستوى المعهود؛ مما أدى إلى ضرورة حفر بعض الآبار مجدداً إلى أعماق أكبر، وارتفاع تكلفة استخراج المياه.

وقد تسبب غياب البنية التحتية المطلوبة للصرف الصحي أو دمارها -بالإضافة إلى غياب محطات المعالجة- بتلويث بعض المسطحات المائية وزيادة التلوث البيئي، كما أدى البناء العشوائي والاعتماد على الحفر الفنية في بعض المخيمات أو التجمعات السكنية التي لم تطابق المواصفات القياسية إلى رفع إمكانية تلوث المياه الجوفية بمياه الصرف الصحي، فضلاً عن كون هذه المياه غير المعالجة تُستخدم في بعض الأحيان لريّ المزروعات.

وقد أثّرت موجة الجفاف التي ضربت المنطقة خلال العامين الماضيين بشكل واضح في الأمن المائي للمنطقة، وظهرت آثارها على شكل أزمة في مياه الشرب -لاسيما في ريف حلب الشمالي- وجفاف عدد من الآبار التي تغذي عدداً من المجتمعات المحلية، فانخفضت حصة الفرد من المياه إلى ما دون الحد الأدنى المطلوب الذي يحفظ صحة الفرد وكرامته، وارتفعت أسعار صهاريج الماء نتيجة أزمة الوقود وارتفاع الطلب.

كما أثّرت موجة الجفاف في القطاع الزراعي؛ حيث إن تأخُّر موسم الأمطار وعدم انتظامها من حيث الكمية والتوزيع ومدة الهطول وتوقيته تسبب بضرر كبير في المحاصيل الزراعية البعلية والمروية، وكان سبباً في ضعف إنتاجيتها وتدنّي نوعية الغلّات نتيجة هذه العوامل المناخية الجديدة في وقت تكوين الثمار.

وقد انعكست آثار موجة الجفاف بشكل واضح على محصولَي القمح والشعير، فانخفض حجم المحصول الذي تمّ حصاده ولم يتجاوز نصف حجم المحصول المنتج العام الماضي، وتأثرت المساحات الزراعية التي تعتمد على الريّ فانخفضت إنتاجيتها وارتفعت تكلفتها.

أما بالنسبة إلى الثروة الحيوانية فقد أثّرت حالة الجفاف في المراعي الطبيعية التي كانت شحيحة نتيجة عدم انتظام هطول الأمطار، كما أن ارتفاع درجات الحرارة عن المعدل حرم هذه الحيوانات من الحصول على الغذاء اللازم والمياه الضرورية، الأمر الذي انعكس على شكل حالات هزال وضعف وانتشار للعديد من الأمراض، لاسيما وأن العديد من مربّي الماشية لم يتمكنوا من تأمين المياه اللازمة لمواشيهم لارتفاع ثمنها.

وأدّت المعالجة الطارئة والحلول غير المستدامة في إدارة هذه المشكلة إلى تفاقمها، كما لم يعد التعامل معها بالحلول الإسعافية ممكناً؛ وإنما يحتاج إلى مشاريع نابعة من خطة استراتيجية تسعى إلى إدارة الموارد المائية وتخفيف الهدر، والتفكير بحلول جديدة من شأنها الاستفادة من تلك الموارد المحدودة في سدّ الاحتياجات المتزايدة بأفضل طريقة ممكنة، وبما يضمن تعزيز الاستقرار ودعم الاقتصاد، ويمنع تحوُّل أزمة المياه إلى سبب محتمل لاندلاع صراع جديد أو تجدُّد موجات اللجوء أو النزوح الداخلي.

ويقدم التقرير مجموعة من التوصيات تركز على ضرورة وجود هيئة مائية بيئية مختصة تقوم بدراسة واقع المنطقة بشكل دوري، واقتراح الحلول والمشاريع المستدامة، والعمل على تطوير منظومة الصرف الصحي ومعالجة مياهها، بالإضافة إلى إقامة مشاريع تهدف إلى الحد من هدر المياه لاسيما المستخدمة في الزراعة.

مقدمة

يُعرّف الأمن المائي بأنه “الكمية المتوفرة من الماء الجيد والكافي للصحة والإنتاج ومتطلبات الحياة، مقارنة بالمستوى الأدنى الذي يشكل عدم توفره خطراً على الإنسان ومتطلبات الحياة”. والماءُ من الأساسيات المطلوبة عند الحديث عن إعادة استقرار المجتمعات وتعافيها؛ لارتباطه بشكل أساسي بمقومات الحياة ومقومات الاقتصاد كالزراعة والصناعة والتنمية[1].

وفي مناطق الصراعات والحروب يتضاعف دور الماء ويصبح أحد أسلحة النزاع وأداة لفرض السيطرة والنفوذ؛ فقد يتم استهداف البنية التحتية للمياه بشكل متعمد وسيلةً لتركيع أطراف النزاع، وقد تُستخدم المياه أداةً لممارسة العنف والاستغلال وتخريب الاقتصاد وتهديد الاستقرار، بما يضاعف الآثار السلبية للنزاع على المناطق والسكان[2].

والعلاقة بين الأمن المائي والصراعات علاقة باتجاهين؛ فالصراعات تؤثّر في الأمن المائي،  كما أن غياب الأمن المائي وعدم استقراره قد يكون سبباً لانتشار الحرب والنزاعات، إضافة إلى كونه يترافق مع مظاهر أخرى كالفقر وضعف التنمية والتدهور البيئي[3]؛ لذا يجب أن يوضع الأمن المائي ضمن أولويات أي سلطة أو حكومة، وفي قائمة خططها المستقبلية[4].

ومع تزايد الحديث عن مناطق الشمال السوري الخارجة عن سيطرة نظام الأسد، والتي يقع جزء منها تحت الإشراف التركي، وازدياد الاهتمام بمشاريع التعافي المبكر ومشاريع عودة اللاجئين الطوعية؛ فإن هذا التقرير يحاول دراسة مدى توفر أحد مقومات الاستقرار المطلوبة في هذه المنطقة، والإجابة عن الأسئلة حول واقع الأمن المائي والمشاكل التي يفترض إيجاد حلول لها.

وقد اعتمد التقرير المنهج الوصفي التحليلي، من خلال دراسة ما كُتب ونُشر من مقالات وتحقيقات وتقارير صحفية تتابع واقع هذه المناطق بيانات ثانوية، ومن خلال عملية تحليل للبيانات الواردة في عدد من التقارير التفاعلية والدورية الصادرة عن الجهات والهيئات الإنسانية العاملة داخل سوريا بيانات أولية.

ويستعرض هذا التقرير لمحة سريعة عن واقع المياه في سوريا قبل عام 2011، خاصة في المناطق الواقعة حالياً خارج سيطرة نظام الأسد، كما يناقش في قسمه الثاني مجموعة من المشاكل الجادّة التي تهدد الأمن المائي، كتغيُّر الكثافة السكانية والحفر الجائر للآبار، بالإضافة إلى موجة الجفاف التي ظهرت آثارها من خلال أ زمة في تأمين مياه الشرب، ومن خلال آثارها في القطاعَين الزراعي والحيواني، واختُتم التقرير في قسمه الثالث بمجموعة من النتائج والتوصيات.

أولاً: واقع المياه في سوريا قبل عام 2011

عانت سوريا من ارتفاع معدلات الإجهاد المائي[5] قبل عام 2011، وتراوحت معدلات استهلاك المياه المنزلي الوسطية 163 لتراً للفرد في اليوم -تتضمن الفاقد من المياه- وفقاً لإحصائيات عام 2009، حيث كان متوقعاً أن ينخفض معدل الاستهلاك اليومي للفرد من المياه إلى 125 لتراً عام 2050 نتيجة ازدياد عدد السكان، لاسيما وأن الزراعة المروية تستهلك 88.4% من إجمالي المياه المستخدمة، في حين شكلت المياه المستهلكة في الشرب 8.5%، والمياه المستخدمة في الصناعة 3% وفقاً لإحصائيات عام 2011 (الشكل1)[6].

الشكل 1: واقع المياه في سوريا قبل عام 2011

وقد تحسنت نسبة التغطية بخدمات مياه الشرب في إجمالي مناطق سوريا بداية عام 2011، ووصلت إلى حوالي 95% في عموم البلاد مع اختلافات طفيفة بين المحافظات، بوسطي عام بلغ 6 ساعات ضخ يومياً؛ إلا أن نسبة التغطية لم تكن تعني أن هذه المياه صالحة للشرب تماماً، فالمياه لم تكن محمية بالكامل من التلوث الناتج عن مخلفات الصرف الصحي غير المعالجة، والتي تصل إلى الشبكة نتيجة الاستعمال البشري أو الصناعي أو الحرفي أو السياحي أو التجاري، وتحمل مواد كيميائية تستخدم في الزراعة أو الصناعة، وهو ما كان يتسبب في زيادة تلوث هذه المياه وزيادة مستوى الأملاح الذائبة فيها، وتضرر أشكال الحياة البرية النباتية والحيوانية والبيئية[7].

وقد أشارت دراسات سابقة إلى ضرورة تطوير نظام الصرف الصحي الحالي للتخفيف من تلوث المياه، وحذّرت من أن بقاء نظام الصرف الصحي على وضعه سيكون سبباً لتدهور نوعية المياه العامة في عام 2025، حيث ستسوء نوعية مياه بعض الأنهار بمقدار 4.1 مرة عن مستواها في العام 2008، بينما سيتضاعف السوء في المياه السطحية والجوفية في عدد من الأحواض المائية تبعاً للنمو السكاني السريع والتقدم الاقتصادي والنشاطات الصناعية في المستقبل[8].

واقع المياه في شمال غرب سوريا (في كل من إدلب وريف حلب)

تنقسم الجمهورية العربية السورية إلى خمس مناطق زراعية بيئية (AEZs) على أساس المستوى للهطول السنوي، تمتد مناطق خارجة عن سيطرة نظام الأسد تتركز ضمن محافظتَي إدلب وريف حلب الشمالي والغربي ضمن منطقتين زراعيتين[9]:

  • المنطقة الأولى: يتراوح فيها متوسط هطول الأمطار فيها سنوياً بين 350 إلى 600 ملم، وتشمل مناطق إدلب وريف حلب الغربي، وتُعد مناسبة لزراعة القمح وبعض المواسم الصيفية.
  • المنطقة الثانية: يتراوح فيها متوسط هطول الأمطار السنوي بين 250 إلى 350 ملم، وتشمل ريف حلب الشمالي، وتُعد مناسبة لزراعة الشعير بالإضافة إلى القمح والبقوليات والمواسم الصيفية.

الشكل 2: المناطق الزراعية البيئية في سوريا وفقاً لحجم الهطول المطري السنوي

ففي محافظة إدلب على سبيل المثال: أشارت التقارير الحكومية نقلاً عن المؤسسة العامة لمياه الشرب والصرف الصحي في إدلب لعام 2011إلى أن إجمالي عدد الآبار في المحافظة يقارب 13 ألف بئر، 24% منها فقط مرخصة من قبل المديرية العامة لحوض العاصي، تستخدم 87% من المياه التي تضخها في الإنتاج الزراعي.

بينما افتقرت محافظة حلب لمصادر المياه الخاصة بها؛ حيث كان يتم تزويدها بالمياه من نهر الفرات الواقع على بعد 120 كيلومتراً، وقد أشار الخبراء في وقت سابق إلى أن الأنابيب الناقلة للمياه التي مُدت عام 2004 ستكون غير كافية لسد حاجة الملايين من سكان المدينة من المياه بدخول عام 2009، الأمر الذي يتطلب تخفيض الاستهلاك اليومي من الماء من 130 لتراً إلى 80 لتراً للشخص الواحد[10]، بالإضافة إلى أن غالبية المسطحات المائية والأنهار في المنطقة ملوثة بمياه الصرف الصحي التي تصبّ فيها دون معالجة، وتعاني من معدلات مرتفعة من النترات والأمونيا والزرنيخ[11].

ثانياً: مشاكل جادّة تهدد الأمن المائي في الشمال السوري

لم يكن وضع المياه في سوريا جيداً قبل عام 2011، لاسيما مع غياب السياسات الحكومية الناظمة للتعامل مع هذه الأزمة وإيجاد حلول لها، وقد تفاقمت مشاكل المياه بشكل واضح بعد اندلاع الثورة السورية عام 2011؛ إذ استخدم نظام الأسد المياه أداةً ضمن الحرب على الشعب من معارضيه، فقطع إمدادات المياه الرئيسة عن المناطق التي خرجت عن سيطرته[12]، وقام بقصف منابع المياه في بعض الأحيان[13]، وبإغراق مناطق في أحيان أخرى[14]. كما أسهمت عمليات التهجير القسري المكثفة بين عامي 2016-2018 -ونقلت مئات الآلاف من المقيمين في المناطق المحاصرة إلى مناطق إدلب وريف حلب- في عملية تغيير ديمغرافي وإعادة توزيع سكاني لا تتناسب مع الموارد الطبيعية لبعض المناطق وقدرتها على تأمين الاكتفاء الذاتي للسكان من الغذاء والماء.

ويمكن تقسيم أبرز المشاكل الجادّة التي تهدّد الأمن المائي في هذه المناطق وتتداخل تأثيراتها فيما بينها إلى ثلاث مشاكل رئيسية:

الشكل 3: المشاكل التي تهدّد الأمن المائي في الشمال السوري

1- الكثافة السكانية المتزايدة

يُقدَّر عدد سكان محافظة إدلب وفق إحصائيات عام 2011 بـ 1.5 مليون نسمة[15]، يتوزعون على مساحة تبلغ قرابة 6100 كم2، بينما وصل عدد سكان محافظة حلب وريفها إلى 4.9 مليون، بينهم 3.1 مليون يقيمون في مدينة حلب، و1.8 مليون يقيمون في ريف حلب، يتوزعون على مساحة تصل إلى 18500 كم2 تشمل محافظة حلب وريفها كاملة،  في حين قُدر عدد سكان محافظة الرقة بقرابة 950 ألف نسمة يتوزعون على مساحة 19600 كم2 [16].

ونتيجة لعمليات النزوح الداخلي والتهجير ارتفع عدد السكان بشكل ملحوظ في تلك المناطق الخارجة عن سيطرة نظام الأسد؛ حيث يُقدر عدد السكان في محافظة إدلب (مناطق سيطرة “هيئة تحرير الشام-هتش”) وسطياً بـ 3.2 مليون نسمة، بينما يُقدر عدد السكان المقيمين في مناطق ريف حلب الغربي والشمالي الخاضعة للإشراف التركي بما يقارب 1.8 مليون نسمة[17]، وتمتد هذه المناطق على مساحة تقدر بـ 3500 كم2 ضمن الحدود الإدارية لمحافظة إدلب، و4300كم2 ضمن الحدود الإدارية لمحافظة حلب[18](الجدول1).

  إحصائيات عام 2011 إحصائيات عام 2022
محافظة إدلب كاملة منطقة ريف حلب كاملة[19] محافظة الرقة كاملة المناطق الواقعة تحت سيطرة “هتش” -محافظة إدلب المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة

ريف حلب

المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة

( نبع السلام)

عدد السكان 1.5 مليون نسمة 1.8 مليون نسمة 944 ألف نسمة 3.2 مليون نسمة 1.8 مليون نسمة 185 ألف نسمة
المساحة 6097 كم2 18282 كم2 19616 كم2 3492 كم2 4292 كم2 4095 كم2
الكثافة السكانية 246

نسمة / كم2

[20]99

نسمة / كم2

48

نسمة /كم2

916

نسمة / كم2

420

نسمة/ كم2

45

نسمة / كم2

جدول 1: تغير الكثافة السكانية بين عامي 2011-2022

وتشير الأرقام السابقة إلى أن المناطق الواقعة ضمن الحدود الإدارية لمحافظة إدلب (المناطق الواقعة تحت سيطرة “هتش”) قد ارتفعت فيها الكثافة السكانية بين عامي 2011-2022 بنسبة 272%، بينما ارتفعت الكثافة السكانية في المناطق الواقعة في ريف حلب بنسبة 324% ـ أما في ريف محافظة الرقة (منطقة نبع السلام) فقد انخفضت الكثافة السكانية بنسبة 6% (الشكل 4).

الشكل 4: التغيُّر في الكثافة السكانية بين عامي 2011-2022[21]

وقد ترافقت هذه الزيادة الكبيرة في الكثافة السكانية بتدمير ممنهج للبنية التحتية نتيجة استمرار الاستهداف والعمليات العسكرية، أو للسرقات التي تعرضت لها محطات ضخ المياه، وعلى الرغم من قيام العديد من المنظمات السورية بترميم الشبكات وإعادة تأهيل محطات المياه[22] فلا تزال العمليات العسكرية -خاصة الروسية- تستهدف هذه المحطات بهدف حرمان السكان في هذه المنطقة من المياه[23].

ومن التحديات الإضافية التي خلّفتها هذه الكثافة السكانية وجود نسبة كبيرة من السكان تعيش في المخيمات[24] التي تفتقر للبنية التحتية المطلوبة لتأمين المياه والصرف الصحي، ويُقدر عدد سكان هذه المخيمات بـ 1.5 مليون نسمة، يتوزعون على 1489 مخيماً، حيث يشير أحد التقارير إلى أن 40% من هذه المخيمات منها تعاني من انعدام كامل من المياه، ويتوجب على سكانها تأمين المياه على نفقتهم الشخصية، فيما تعاني 18% منها من عدم كفاية المياه الموردة لها، فيما لا يزال 41% من تلك المخيمات تعاني من غياب الصرف الصحي اللازم[25].

ويقدر ميثاق “اسفير” الحدود الدنيا اللازم توافرها للفرد للبقاء على قيد الحياة بـ 15 لتر للشخص في المخيمات، وتشمل مياه الشرب والطبخ والنظافة، فيما يقدر الاحتياج الفردي المقبول للحفاظ على الصحة والكرامة بـ 50 لتر للفرد؛ وبالتالي فإن هذا الحجم من الكثافة السكانية والمقدر بـ5.185 مليون نسمة يحتاج يومياً ما بين 77.8 مليون – 260 مليون لتر من الماء يومياً، وهي الحدود الدنيا من الاحتياج المائي الذي يسمح للسكان بالحفاظ على صحتهم وحياتهم وتأمين متطلباتهم من النظافة (جدول 2)[26].

  للبقاء على قيد الحياة للحفاظ على الكرامة والصحة
حصة الفرد اليومية من المياه وفقاً لتقديرات عام 2009 163 لتر
حصة الفرد اليومية الدنيا من المياه وفقاً لميثاق اسفير 15 لتر 50 لتر
الاحتياج اليومي من المياه في مناطق الشمال السوري 77.8 مليون لتر 260 مليون لتر

جدول 2: تقديرات الحصص اليومية المطلوبة من الماء في مناطق الشمال السوري

2- الاستنزاف الجائر للمياه الجوفية نتيجة الحفر العشوائي غير المنضبط للآبار

تسببت الكثافة السكانية المتزايدة نتيجة عمليات النزوح والتهجير وما رافقها من دمار كبير في البنية التحتية بتفاقم الحاجة لتأمين مياه الشرب للكتلة السكانية المتزايدة التي تعيش في المنطقة، ولتأمين المياه اللازمة للزراعة التي تُعد عصب الحياة فيها، وقد تسارعت وتيرة حفر الآبار غير المصرح بها بين أعوام 2011-2013 استجابة للدمار الواسع في شبكة الريّ، ولتأمين المياه المطلوبة للسكان ولريّ الأراضي التي يعتمد جزء كبير منها على الريّ بواسطة المياه الجوفية المستخرجة من الآبار[27].

وقد عملت بعض منظمات المجتمع المدني السورية على ترميم بعض البنى التحتية المدمرة، حيث أصبح تأمين المياه يتم بعدة طرق، منها:

  • ضخّ المياه من الآبار عبر المحطات إلى شبكة المياه النظامية، وذلك خلال ساعات محددة في الأسبوع مقابل مبلغ مالي يتم جبايته من قبل المجلس المحلي المشرف على العملية.
  • ضخّ المياه من الآبار إلى صهاريج تقوم بتعبئة خزانات مركزية تتبع للمجالس المحلية، وتقوم بنقل وبيع المياه إلى السكان عبر صهاريج أخرى يتم تعبئتها من تلك الخزانات وبيعها للسكان.
  • بيع المياه عبر صهاريج خاصة تقوم بتعبئة المياه من الآبار الموجودة في المنطقة، حيث لا تخضع هذه المياه للإشراف، وقد تكون ملوثة أو غير صالحة للشرب.

وفيما يتعلق بمراقبة عملية ضخ المياه وجودتها وتوزيعها للمجتمعات المحلية تخصصت بعض المنظمات بتنظيم ومتابعة واقع المياه والمصادر المائية، والعمل على التأكد من مطابقتها للشروط الصحية، والقيام بعمليات التعقيم الدوري، والتحقق من سلامتها بشكل شهري، بالإضافة إلى متابعة واقع التجمعات السكانية التي تغطيها والوضع التشغيلي للمحطات المائية، وإنشاء تقارير بعدد عدد المحطات العاملة والمتوقفة، وأسباب التوقف، وفعالية نظام الجباية[28].

أما ما يتعلق بتغذية المخيمات بالمياه فتتولى هذه العملية منظمات إنسانية أخرى تقوم بشراء صهاريج من المياه من بعض المحطات أو الآبار، وتوزيعها على المخيمات بشكل دوري ومجاني بما يتناسب مع حجم المخيم وعدد السكان، حيث يشترط أن تخضع هذه المياه لتحاليل كيميائية وجرثومية للتأكد من صلاحية استخدامها للشرب؛ إلا أن المياه الموزعة قد لا تكفي كامل احتياجات المخيم المطلوبة، أو أن هذه المنظمات غير قادرة على تغطية كل المخيمات.

وبالنظر إلى محدودية حجم المياه الموزعة على المنازل من قبل المجالس المحلية أو الموزعة على المخيمات من قبل المنظمات تضطر بعض العائلات إلى شراء المياه على نفقتها الخاصة، وتشير بعض التقارير إلى أن الأسر تنفق 25% من دخلها لتلبية احتياجاتها اليومية من المياه[29].

ومع تراجع حجم الدعم المقدم للاستجابة الإنسانية عامة واستجابة قطاع المياه والإصحاح ازدادت أزمة المياه حدة، وازداد عدد المحطات الخارجة عن العمل نتيجة غياب الكلفة التشغيلية أو كلفة الصيانة، فعلى سبيل المثال: تشير التقارير إلى أن منطقة نبع السلام (تل أبيض وراس العين) رغم قلة عدد السكان المقيمين لا يعمل فيها حالياً سوى 21% من المحطات الموجودة، فنسبة المحطات العاملة في مناطق الإشراف التركي تتراوح بين 37% – 88%، بينما تتراوح نسبة المحطات العاملة في منطقة إدلب بين 29-80% (الجدول 3)[30].

  عدد المحطات الكلي عدد المجتمعات المحلية الكلية التي يفترض أن تتم تغذيتها نسبة المحطات التي تعمل نسبة المحطات التي يتم تعقيمها من عدد المحطات العاملة نسبة محطات المياه العاملة وتطبق نظام استرداد التكلفة عدد المجتمعات المحلية التي يتم تؤمّن حاجتها بالصهاريج نتيجة توقف المحطات
عفرين 101 74 37% 88% 73% 41
اعزاز 52 43 88% 76%
الباب 17 31 82% 78% 93%
جرابلس 8 7 62% 100%
تل أبيض 53 42 21%
جبل سمعان 64 22 41% 78% 74%
جسر الشغور 94 47 75% 58% 18% 23
أريحا 35 23 29% 30% 20%
إدلب 85 38 57% 85% 35% 22
حارم 72 58 80% 90% 70%

جدول 3 : واقع محطات المياه الخاضعة للإشراف في الشمال السوري الواقع خارج سيطرة نظام الأسد

وتختلف حصة الفرد من المياه باختلاف غزارة المحطة والشهر وعدد المجتمعات التي تخدمها؛ فقد سجّلت منطقة الباب أدنى مستوى من نصيب الفرد من المياه خلال الربع الأول من عام 2022، فيما ضمّت منطقة جرابلس أعلى معدلات الإصابة بالأمراض المنقولة عن طريق المياه.

وبالعودة إلى وضع الآبار في المنطقة فإن إحدى الدراسات الدورية التي شملت الآبار التابعة للمحطات التي تخضع للإشراف والمراقبة الدورية تشير إلى أن 42% من إجمالي عدد الآبار التي تغطي المحطات في ريف حلب قيد العمل حالياً، وأن 23% من هذه الآبار العاملة لا يتجاوز عمقها 200م؛ 61% يتراوح عمقها بين 200-400م، و16% يزيد عمقها عن400م، حيث يمكن أن يصل عمق الآبار في هذه المنطقة حتى 750م ( الشكل 5)[31].

الشكل 5: وضع الآبار التي تغذّي المحطات الخاضعة للمتابعة والإشراف في ريف حلب

ومن المعروف أن عمق الآبار سابقاً كان يتراوح ما بين 50-150 متر، وتتغذى على المياه الجوفية السطحية[32]؛ إلا أن الحفاظ على عمل البئر حالياً وضمان استمرار تزويده بالمياه يعني ضرورة الحفر إلى أعماق أكبر من السابق حتى تصل إلى حامل مائي جديد، حيث تشير الدراسة إلى أن 40% من هذه الآبار انخفض فيها سطح المياه الساكن تحت مستوى 150م، وهذا يشير إلى قرب استنفاذ مخزون المياه الجوفية السطحية في هذه المنطقة[33].

أما ما يتعلق بمنطقة إدلب فتشير نتائج الدراسة السابقة إلى أن 64% من إجمالي عدد الآبار التي تغطي المحطات في منطقة إدلب قيد العمل حالياً، وأن 27% من هذه الآبار العاملة لا يتجاوز عمقها 200م؛ 47% يتراوح عمقها بين 200-400م، و26% يزيد عمقها عن400م، حيث يمكن أن يصل عمق بعض الآبار في هذه المنطقة حتى 630م، وقد انخفض سطح المياه الساكن وتجاوز عمق يزيد عن 150م في نصف هذه الآبار تقريباً؛ وهو ما يشير إلى قرب استنفاذ مخزون المياه الجوفية السطحية في المنطقة أيضاً ( الشكل 6)[34].

الشكل 6: وضع الآبار التي تغذّي المحطات الخاضعة للمتابعة والإشراف في منطقة إدلب

أما ما يتعلق بمنطقة نبع السلام (تل أبيض وراس العين) فيبدو عدد الآبار التي تغذي المنطقة محدوداً، وهو ما يتوافق مع الكثافة السكانية المنخفضة؛ إلا أن 76% من إجمالي عدد الآبار التي تغطي المحطات في المنطقة قيد العمل حالياً، وأن 35% من هذه الآبار العاملة لا يتجاوز عمقها 200م ، و65% يتراوح عمقها بين 200-400، حيث يمكن أن يصل عمق بعض الآبار في هذه المنطقة حتى 300م، بينما لا يزيد عمق سطح المياه الساكن في جميع الآبار عن 60م؛ وهو ما يشير إلى أن طبقة المياه الجوفية السطحية ما زالت في وضع جيد نسبياً مقارنة مع بقية المناطق (الشكل 7)[35].

الشكل 7: وضع الآبار التي تغذّي المحطات الخاضعة للمتابعة والإشراف في منطقة نبع السلام (تل أبيض وراس العين)

مما سبق: يمكن أن نلاحظ أن وضع ريف حلب هو الأسوأ من حيث تأمين المياه وحالة الآبار ومستويات المياه الجوفية، مع أن المنطقة ليست الأعلى كثافة سكانية، تليها منطقة إدلب التي تضم الكثافة السكانية الأكبر، إلا أن مستويات المياه الجوفية قد تبدو أفضل نسبياً مقارنة مع ريف حلب، أما منطقة نبع السلام (تل أبيض وراس العين) فوضعها الأفضل، وقد يعود ذلك إلى انخفاض الكثافة السكانية الذي أدى إلى انخفاض الطلب على المياه الجوفية (الجدول4).

  ريف حلب

( درع الفرات وغصن الزيتون)

إدلب نبع السلام
نسبة الآبار العاملة من إجمالي عدد الآبار التي تغذي المحطات 42% 64% 76%
نسبة الآبار السطحية العاملة التي لا يتجاوز عمقها 200م 23% 27% 35%
نسبة الآبار الارتوازية العاملة التي يتراوح عمقها بين 200 -400م 61% 47% 65%
نسبة الآبار الارتوازية العاملة التي يزيد عمقها عن 400م 16% 26%
نسبة الآبار التي انخفض فيها سطح المياه الساكن لعمق أكبر من 150م 40% 50%

جدول 4: مقارنة بين واقع الآبار في مناطق الشمال السوري

هذا وقد وصلت كلفة حفر بئر لعمق 100م في بعض مناطق ريف الباب إلى قرابة 6000 دولار، يشمل كلفة الحفر والدحر والغطاس، ويتراوح بين 2000دولار في المناطق السهلية ويصل إلى ما يزيد عن 10 آلاف دولار في بعض المناطق الجبلية في ادلب[36].

ومن الجدير بالذكر أن مخزون المياه الجوفية في المنطقة مهدَّد بالتلوث نتيجة مشاكل الصرف الصحي وغياب البنية التحتية؛ حيث يتم تخزين مياه الصرف الصحي في بعض المخيمات ضمن حفر فنية غير نظامية، كما يصبّ الصرف الصحي في بعض المناطق في مجارٍ مكشوفة وعلى امتدادات طويلة؛ مما يهدد المياه الجوفية والزراعة بالتلوث، فعلى سبيل المثال: ثمّة نهر مكشوف يصبّ فيه الصرف الصحي يبدأ من جنوب بلدة سرمدا في إدلب حتى يصل إلى مصبّه الأول قرب كفر نوران التابعة للأتارب بريف حلب الغربي، وهناك تتجمع مياهه مع مخلفات الصرف الصحي في خط باتبو- كفرنوران، فيتوجه الصرف شرقاً ليلتقي بمجرور مدينة حلب قرب الحاضر بريف حلب الجنوبي، وصولاً إلى مصبه الأخير في منطقة السيحة[37].

3- موجة الجفاف

تشير دراسة صادرة عن معهد الشرق الأوسط إلى أن سوريا تشهد موجة جفاف كبيرة تُعد الأسوأ منذ عقود، وتشير إلى احتمالية حدوث مجاعة وشيكة ستتعرض لها؛ حيث إن موجة الجفاف تضرب مناطق شمال شرق سوريا بدرجة أولى وشمال غربها بدرجة ثانية[38].

 وتُظهر بيانات مؤشر الهطول الموحد (SPI) في الفترة ما بين شهر أيلول 2020 إلى آذار2021 -أي: في موسم الأمطار (الشكل8)- أن جميع أنحاء سوريا عانت أساساً من ظروف أكثر جفافاً من المعتاد، وقد شهدت المناطق الزراعية الرئيسة في سوريا هطول أمطار أقل بكثير من المعتاد في الأشهر التي تتلقى فيها عادةً كل الأمطار تقريباً؛ حيث إن مناطق شمال غرب سوريا التي تُعد من المناطق الزراعية الرئيسة تعاني أيضاً من آثار سلبية على صحة الغطاء النباتي[39].

الشكل 8: بيانات مؤشر الهطول الموحد (SPI) في الفترة ما بين شهر أيلول 2020 إلى  آذار 2021[40]

كما شهد العام الماضي حالة انحسار واضحة في منسوب نهر الفرات الذي يمرّ قرب مدينة جرابلس؛ حيث انخفض منسوب النهر في شهر أيار 2021 –أي قبل حلول موسم الصيف- بمعدل خمسة أمتار لأول بشكل غير مسبوق، وذلك لأن حجم مياه النهر المتدفقة من الجانب التركي لم تتجاوز 200 متر مكعب في الثانية، وهي حصة كل من سوريا والعراق[41]، في وقت تشير الاتفاقية الموقعة بين سوريا وتركيا عام 1987 إلى تعهُّد تركيا بإطلاق 500 متر مكعب في الثانية على الأقل تتقاسمها كلا الدولتَين[42].

وقد ظهرت آثار موجة الجفاف بشكل واضح في عدة نواحٍ، منها:

أزمة مياه الشرب والاستخدام

أثّرت موجة الجفاف على المنطقة بأكملها؛ إلا أن آثارها كانت أوضح في ريف حلب، أي: في المناطق الخاضعة للإشراف التركي إدارياً، حيث ظهرت أزمة حقيقية الصيف الماضي وانخفضت ساعات توريد المياه عبر الشبكات النظامية تراوحت بين 1.5-2 ساعة أسبوعياً، فيما انقطع هذا الإمداد عن مناطق أخرى[43].

 بدأت مؤشرات موجة الجفاف بشكل واضح في صيف عام 2019، خاصة في منطقتي الباب واعزاز، حيث تسببت هذه الموجة في هبوط حاد لمناسيب الآبار أدى لخروج بعضها عن الخدمة، وزيادة الطلب على الآبار المتبقية نتيجة زيادة عدد السكان، مع غياب المشاريع الاستراتيجية التي تسعى لتزويد المنطقة بالمياه وفق بنية تحتية مستدامة تمنع نظام الأسد من التحكم بإمدادات المياه[44]؛ إذ اقتصرت الحلول على حفر آبار جديدة، وبناء خزانات مياه داخل المدينة تحت إشراف المجلس المحلي.

إلا أن هذه الحلول لم تمنع من تجدُّد المشكلة وتكرار المعاناة في الأعوام اللاحقة، وهو ما دفع بعض المنظمات لحفر 11 بئر جديد، إلا أن هذا المشروع كان استجابة طارئة لم يقدم حلاً جذرياً للمشكلة، ولم يؤمن إلا 10% من حاجة المدينة وبتكلفة مرتفعة[45]، كما أن موسم الجفاف الذي ضرب المنطقة لاحقاً تسبب في خروج 4 آبار رئيسية عن الخدمة عام 2021، وانخفضت غزارة المياه في الآبار المتبقية إلى النصف. وقد قدّم المعنيون بموضوع المياه من كوادر المجلس المحلي والعاملين في المنظمات مجموعة تصورات لحل المشكلة للجهات التركية والمنظمات الدولية؛ إلا أن أياً من هذه المقترحات لم يدخل حيز التنفيذ[46].

ويؤكد تقرير مكتب الاستجابة الإنسانية وجود مشكلة جادّة تتعلق بتأمين المياه، خاصة في منطقة الباب التي يوجد فيها 20 بئراً و18 محطة ضخ مياه بالشبكة، حيث تُقدر حصة الفرد اليومية من المياه في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2022( الموسم المطري) بـ 40 لتراً من المياه للفرد، وهي أقل من الكمية الدنيا المطلوبة التي تُقدر بـ 50 لتراً وهي الكمية اللازمة لضمان صحة الإنسان وكرامته وفق ميثاق “اسفير”، ويُتوقع أن تنخفض هذه الحصة في فصل الصيف.

كما يعدّ التقرير أن تراجع الهطول المطري منذ عام 2020، والاستخدام المفرط للمياه للأغراض الزراعية، وانخفاض مستوى المخزون الجوفي قد أثّر في عمل الآبار وجعل التكلفة التشغيلية وتكلفة الصيانة الخاصة بها مرتفعة[47].

وقد أطلق ناشطون حملتَين عامي 2020[48] و2021 تحت عنوان #الباب_عطشى في محاولة للفت النظر إلى أزمة المياه المقطوعة عن المدينة منذ بداية 2017، والضغط من أجل إيجاد حل جذري لها؛ لاسيما وأن ضعف الهطول المطري وتكرر موجة الجفاف فاقمت من أسعار صهاريج المياه، وتسببت في استخدام مصادر مياه غير صالحة في عمليات الري كمياه المسابح والصرف الصحي[49].

الجفاف وتأثيره على القطاع الزراعي

وُجهت العديد من الاتهامات في وقت سابق إلى سياسات حكومة نظام الأسد كونها كانت سبباً في تفاقم أزمة المياه في سوريا وتسارعها نتيجة سوء إدارة قطاع المياه وضعف السياسات المائية السورية؛ فعلى الرغم من أن 88% من حصة المياه المستهلكة في سوريا تذهب لقطاع الزراعة إلا أن نسبة كفاءة استخدام هذه المياه في قطاع الزراعة تراوحت 40-45 % بحسب تقديرات البنك الدولي، إذ لم تستخدم التقنيات الحديثة الموفرة للمياه (الريّ بالتنقيط، الرشّ، الريّ بالرذاذ، سطحي مطور،…الخ) سوى في 20% من مساحة الأراضي المخطط ريّها وفق أرقام العام 2013[50]، كما عانت أغلب المناطق السورية من تراجع في الغطاء النباتي ومشاكل في التصحُّر، حتى قبل وصول موجة الجفاف الأخيرة (الشكل 9).

الشكل 9: خريطة تبيّن التغيُّر في حجم الغطاء النباتي في منطقة الباب بين عامي 2010-2020. المصدر: قناة حلب اليوم

وبالعودة إلى تأثير موجة الجفاف التي بدأت منذ نهاية عام 2019 على المحاصيل الزراعي فقد كان هطول الأمطار خلال موسم المحاصيل 2020/2021 أسوأ بشكل ملحوظ مما كان عليه في السنوات الأخيرة من حيث القيمة والكمية والتوزيع؛ إذ تأخر أول هطول كبير للأمطار في الموسم الزراعي 2020/2021  لمدة شهرين تقريباً، وتوقف في أوائل نيسان قبل ستة أسابيع من انتهاء الموسم المطري، الأمر الذي أثّر في محصول  الحبوب في جميع المحافظات، وكانت كميات الأمطار غير منتظمة وأقل مما كانت عليه في السابق، وقد بلغ معدل الهطول المطري للعام 2020/2021 ما يقارب 308 ملم في إدلب و265 ملم في حلب[51]، وإلى جانب ذلك كانت درجات الحرارة الإجمالية في فصل الشتاء أعلى من المتوسط بما يقارب  2.2-4.5 درجة؛ وهو ما أضرّ بالمحاصيل الزراعية وأضعف إنتاجيتها ونوعية الغلّات نتيجة هذه العوامل المناخية الجديدة في وقت تكوين الثمار[52].

وقد انعكست آثار موجة الجفاف بشكل واضح على محصولي القمح والشعير؛ حيث إن ضعف الهطول المطري إلى جانب عدم انتظام الطقس أثّر في إنتاج الحبوب بشكل كامل، خاصة الشعير الذي تأخّر نموه نتيجة قلة هطول الأمطار، مما أدى إلى جفاف الشتلات[53].

وتشير الأشكال التالية (10، 11 ،13،12)[54] إلى أن موجة الجفاف أثّرت بشكل كبير في محصول الشعير الذي يعتمد كلياً على الزراعة البعلية، مقارنة بمحصول القمح الذي تتم زراعته بالريّ وبالاعتماد على مياه الأمطار، وقد كان تأثير هذا الجفاف متقارباً بين محافظتَي حلب وإدلب، حيث انخفضت المساحة التي تم حصادها لتشكل نصف المساحة التي تم حصادها العام الذي سبقه فيما بلغت نسبة الشعير المحصود 25% من المساحة المزروعة[55].

الشكل 10: واقع محصول القمح في محافظة إدلب خلال الموسمَين الزراعيين 2019/2020-2020/2021

الشكل 11: واقع محصول القمح في محافظة حلب خلال الموسمَين الزراعيين 2019/2020-2020/2021

كما أثّرت موجة الجفاف على المساحات التي تعتمد على الريّ؛ حيث تراجعت المساحات المزروعة بالقمح التي تم حصادها واستخدمت الريّ بنسية 16% مقارنة بالعام السابق، واضطر الكثير من المزارعين إلى ريّ محاصيلهم وشراء الوقود الإضافي؛ إلا أن أزمة الوقود وارتفاع سعره منع المزارعين من ضخّ كميات كافية من الماء، مما أدى إلى تدنّي جودة المحصول، إضافة إلى وجود معلومات تشير إلى لجوء البعض إلى استخدام مياه الصرف الصحي غير المعالجة لريّ المحاصيل؛ نظراً لعدم وجود مصادر أخرى، بما يتسبب بمخاطر على صحة الإنسان[56].

الشكل 12: واقع محصول الشعير في محافظة إدلب خلال الموسمَين الزراعيين 2019/2020-2020/2021

الشكل 13: واقع محصول الشعير في محافظة حلب خلال الموسمَين الزراعيين 2019/2020-2020/2021

وقد كان تأثير الجفاف على المحاصيل البعلية أوضح؛ حيث لم يُثمر محصول القمح البعلي إلا في 30% من إجمالي المساحات المزروعة في إدلب، وفي 54% من إجمالي المساحات المزروعة في حلب في العام الزراعي 2020/2021، وانخفض المحصول البعلي بنسبة 50% عن العام السابق، بينما كانت الخسائر أوضح في محصول الشعير الذي يعتمد بكامله على زراعة الأمطار، وكانت الخسارة أوضح في إدلب منها في حلب (الجدول3).

  نسبة المساحة المحصودة من إجمالي المساحة المزروعة
محافظة إدلب محافظة حلب
2019/2020 2020/2021 2019/2020 2020/2021
قمح مروي 93% 92% 100% 84%
قمح بعلي 80% 30% 100% 54%
الإجمالي 84% 34% 100% 67%
شعير مروي 0 0 0 0
شعير بعلي 75% 25% 96% 54%
إجمالي 75% 25% 96% 54%

جدول 5: نسبة المساحة المحصودة إلى إجمالي المساحة المزروعة في العامَين الزراعيين 2019/2020-2020/2021

ويشير تقرير صادرة عن مكتب الاستجابة الإنسانية “OCHA” إلى وجود إشكالية في تأمين التمويل المخصص للمياه؛ حيث بلغت الفجوة  الموجودة في التمويل المخصص للمياه بين شهري أيلول2021- شباط 2022 ما قيمته 200 مليون أمريكي، ليؤكد التقرير أن المنطقة تعيش تحت حالة من ندرة المياه متعدد الأوجه، وأدت إلى صدمة الإنتاج الزراعي وارتفاع تكاليف الزراعة والحصاد ومحدودية الوصول للبذور الجيدة، مما يشير إلى تراجع مخزون الغذاء المتاح وزيادة أسعاره، كما أن قسماً من المياه المتاحة حالياً ملوثة وتنقل الأمراض كالليشمانيا والتيفوئيد والإسهال النشط[57].

موجة الجفاف وآثارها على الثروة الحيوانية

شكّلت الثروة الحيوانية ما بين 35-40% من إجمالي الإنتاج الزراعي في سوريا، ووفّرت فرص العمل لحوالي 20% من القوى العاملة في المناطق الريفية، وقد تراجعت الثروة الحيوانية خلال السنوات الماضية نتيجة الأعمال العسكرية وموجات النزوح، وتراوحت خسائره بين 30-55% من إجمالي حجم الثروة الحيوانية (الجدول 5)؛ إذ لحقَ قطاعَ الدواجن الحجمُ الأكبرُ من الخسائر، وأغلقت 60% من إجمالي المنشآت العاملة فيه[58].

أعداد المواشي مقدرة بالرأس 2010 2016 نسبة الخسارة
غنم 18 مليون 9.9 مليون 45%
ماعز 2.3 مليون 1.61 مليون 30%
جاموس 7000 رأس 4200 رأس 40%
طائر 26.2 مليون 11.79 مليون 55%

جدول 6: حجم الثروة الحيوانية في سوريا بين عامَي 2010-2016

وقد تأثرت الثروة الحيوانية بحالة الجفاف التي ضربت المنطقة 2020/2021؛ فكانت المراعي الطبيعية شحيحة نتيجة عدم انتظام هطول الأمطار، كما أن ارتفاع درجات الحرارة عن المعدل حرم هذه الحيوانات من الحصول على الغذاء اللازم والمياه الضرورية، الأمر الذي انعكس على شكل حالات هزال وضعف وانتشار للعديد من الأمراض، لاسيما وأن العديد من مربّي الماشية لم يتمكنوا من تأمين المياه اللازمة لمواشيهم لارتفاع ثمنها.

ثالثاً: نتائج وتوصيات

من الصعب تجاهل الحديث عن مشكلة المياه التي تعاني منها المناطق الخارجة عن سيطرة نظام الأسد في الشمال السوري، وإن كانت امتداداً لمشكلة قديمة ترجع لما قبل انطلاقة الثورة السورية، بسبب سوء الإدارة الحكومية وغياب السياسات، فقد تفاقمت هذه المشكلة خلال السنوات السابقة التي استخدم فيها نظام الأسد الحل العسكري لقمع الاحتجاجات الشعبية، واستخدم الماء واحداً من أسلحة شتى لتركيع المناطق الخارجة عن سيطرته.

وقد تسبب تدمير البنية التحتية وعمليات النزوح الداخلي والتهجير القسري بتغيير التوزع السكاني في البلاد وزيادة الضغط على الموارد المائية المحدودة؛ حيث عُولجت هذه المشكلة بحلول إسعافية طارئة غير مستدامة، فتسببت عمليات الحفر العشوائي للآبار باستنزاف مخزون المياه الجوفية، لاسيما مع قدوم موجات جفاف ضربت المنطقة منذ أواخر عام 2019، حيث بدأت أزمة المياه تضرب ناقوس الخطر في مناطق ريف حلب الشمالي لتنذر بمشكلة كبيرة تستدعي النظر ورسم الخطط وإيجاد الحلول لها.

ومن جهة أخرى لم تؤثّر مشكلة شحّ المياه على متطلبات السكان بكثافتهم الكبيرة في المنطقة فحسب، بل أثّرت أيضاً في القطاع الزراعي والحيواني الذي يُفترض أن يؤمّن حاجة السكان المحليين من الغذاء، ويُعد أحد المحركات الاقتصادية للمنطقة، فتراجع إنتاج بعض المحاصيل الرئيسية وتراجعت جودتها، وارتفعت تكاليف الإنتاج نتيجة اضطرار المزارعين لريّ محاصيلهم في ظل أزمة وقود تضرب المنطقة، كما تراجعت أعداد المواشي في المنطقة وأصبحت فريسة للهزال والأمراض نتيجة عدم وجود المراعي والمياه الكافية.

ومن الواضح أن الحلول الإسعافية الترقيعية من خلال حفر المزيد من الآبار لم تعد مجدية، بل يمكن أن تفاقم من الأزمة الحالية نتيجة استهلاك مخزون المياه الجوفية، وهو ما يرفع احتمالية تعرض المنطقة لمجاعة، لاسيما مع تراجع المساعدات الخارجية المخصصة لقطاع المياه والإصحاح، وارتفاع أسعار النفط والغذاء عالمياً إثر أزمة أوكرانيا.

وقد أسهمت عمليات البناء العشوائي غير المنضبط، وإقامة المساكن الإسمنتية على الأراضي الزراعية بتفاقم هذه المشكلة بشكل غير مباشر، ففضلاً عن التوسع السكاني غير المدروس الذي لا يتوافق مع الموارد الطبيعية في المنطقة سيكون من الصعب مستقبلاً ربط هذه التجمعات الناشئة بشبكات الخدمات الرئيسية، خاصة شبكات المياه والصرف الصحي، بالإضافة إلى أن حفر الآبار بشكل غير منضبط وإقامة حُفر الصرف الصحي دون مراعاة الشروط والقيود المتعارف عليها من شأنه أن يتسبب بتلوث المياه الجوفية وحرمان السكان من الموارد المائية المتاحة.

إن وجود موارد المياه وحُسن إدارتها عامل مؤثر في عملية الاستقرار وإعادة التعافي في المجتمعات؛ إذ تُعد البنية التحتية للمياه جزءاً من الروابط المعقدة في الاقتصاد، فوجودُ الماء مؤثّر في كلٍّ من الكهرباء، والسياحة، والزراعة، والخدمات، والنقل، والجوانب الأخرى للاقتصاد القومي أو المحلي. وبالتالي فإن أي أزمة للمياه ستنعكس بشكل واضح على الاقتصاد، وستتسبب بخسائر زراعية وصناعية، وتؤدي إلى الدخول في حالة من الانكماش الاقتصادي يصعب عكسها[59].

كما يُعد غياب الأمن المائي سبباً في ارتفاع معدلات المشاكل الصحية، مع تداعياته على الأمن المجتمعي؛ إذ ترتفع احتمالية حدوث توترات اجتماعية قد تتطور لصراعات داخلية محلية، كما يمكن أن تُستخدم المياه في بعض الأحيان بطرق تمييزية لصالح عرق أو جماعة أو إثنية وحرمان آخرين، أو تجدُّد موجات النزوح واللجوء بسبب نقص المياه، فيما يُعرف باسم “لاجئي المياه”، والذي يؤثر على دول الجوار؛ مما يعني بداية حلقة جديدة من تداعيات الصراع، واحتمال تجدُّد النزاعات العنيفة التي قد تؤدي إلى المزيد من الضرر لمصادر المياه وتدهور جودتها وتلوثها وارتفاع معدلات التصحُّر، وقد يصعب تدارك هذه الآثار والتعافي منها، خاصة ما يتعلق بتعافي النظام البيئي[60].

وعلى الرغم من أن المنطقة لم تدخل في حالة استقرار عسكري أو سياسي بعد، وما زالت مناطق السيطرة غير مستقرة وقابلة للتغير، كما لم يتم البدء بعملية حل سياسي تسمح للنازحين والمهجرين قسرياً بالعودة إلى مناطقهم الأصلية؛ فإن هذا لا يعني تجاهل الواقع الإنساني لملايين السوريين الذين فرضت الظروف السياسية والعسكرية عليهم التجمع في هذه المنطقة لسنوات وتحسين أوضاعهم. ولعل توليد حلول لمشاكلهم والتحضير لبنية تحتية ولمشاريع إنمائية أمر ضروري حتى عودة المهجَّرين إلى مناطقهم؛ فالنجاح في إدارة الأزمة المائية وفق الموارد المحدودة من شأنه تعزيز التجربة واستنساخها في بقية المناطق ونقل هذه الخبرات والاستفادة منها.

ولتدارُك آثار غياب الأمن المائي نقدّم عدداً من التوصيات موجهة للمؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني:

  • إقامة هيئة مائية بيئية مختصة يقوم عليها مجموعة من الجيولوجيين والجيوفيزيائيين، تقوم بدراسة واقع المنطقة بشكل دوري، وتقديم التقارير عن واقع المياه والمسطحات المائية والآبار، وتقديم الحلول والمشاريع، والمشاركة في صناعة القرار بكل ما يتعلق بالحفر والاستثمار للآبار أو الينابيع أو المسطحات المائية.
  • إقامة مشروع لاستجرار مياه نهر الفرات من أقرب منطقة من مجرى نهر الفرات يمكن التعامل معها وفقاً للظروف الحالية، ووضع قيود على حفر الآبار ريثما يتم إنجاز هذا المشروع.
  • صيانة شبكات ومحطات المياه الحالية، والتأكد من سلامتها، وتخفيض الفاقد في المياه المنقولة ضمن هذه الشبكات إلى حدوده الدنيا.
  • تطوير نظام الجباية الخاص بالمياه، وفرض نظام الشرائح على استهلاك المياه الذي يتجاوز الحد الأدنى الذي يحقق كرامة الفرد وصحته، لحثّ السكان على التوفير في حجم الاستهلاك.
  • إجراء تقييم شامل لمنظومة الصرف الصحي الحالية وتطويرها، بما يضمن عدم تلويثها للمياه الجوفية أو للمسطحات المائية أو للمزروعات.
  • إقامة مشاريع لمعالجة مياه الصرف الصحي والفضلات، لإعادة استخدامها والتأكد من مطابقتها للشروط والمعايير اللازمة في مجالات النظافة وبعض الاستخدامات الصناعية.
  • إنشاء هيئة هندسية مهمتها وضع خطة للتوسع العمراني المدروس، وتحضير البنية التحتية اللازمة له، ووضع قيود على عمليات البناء التي تتم على الأراضي الزراعية.
  • تمويل المشاريع التي تستخدم التقنيات الحديثة في الريّ، ومدّ شبكات الريّ بالتنقيط أو الرشّ والريّ بالرذاذ.. إلخ.

لمشاركة التقرير:

https://sydialogue.org/1962


[1] الأمن المائي للنمو والتنمية:
Water security for growth and development, The International Water Management Institute
[2] “المياه والعنف: أزمة البقاء في الشرق الأوسط”. مجموعة الاستشراف الاستراتيجي
Water and violence, crisis of survival in the middle east, Strategic Foresight Group With support from Swedish International Development Cooperation Agency (Sida) , 2014
[3] التدهور البيئي: هو تدهور البيئة من خلال استنزاف الموارد مثل الهواء والماء والتربة وتدمير النظم البيئية وانقراض الحياة البرية. ويتم تعريفه بأنه أي تغيير أو اضطراب في البيئة يعتبر ضاراً أو غير مرغوب فيه.  يُنظر:  environmental degradation ,ESCWA
[4] المياه والعنف: أزمة البقاء في الشرق الأوسط، مرجع السابق.
[5]  يُعرف الإجهاد المائي حسب منظمة الفاو بأنه: النسبة بين إجمالي المياه العذبة المسحوبة حسب القطاعات الاقتصادية الرئيسة ومجموع موارد المياه العذبة المتجددة، بعد مراعاة متطلبات المياه البيئية. وقد تجاوز معدل الإجهاد المائي 145.7% كما هو الحال في عام 2002، كما بلغت حصة الفرد سنوياً 809 متر مكعب في عام 2011، حيث كان من المتوقع أن حصة الفرد ستنخفض إلى 650 م3 عام 2015، وإلى 550 م3 عام 2025، وفقاً لتوقعات المنتدى العربي للبيئة والتنمية AFED
المصدر: مياه السوريين (2): الاستنزاف، موقع الجمهورية، تاريخ النشر 2/11/2021.
[6]  بلغت الخسائر في نظام مياه الشرب وسطياً حوالي 25% من إجمالي ما يتم ضخه في الشبكات؛ نظراً لاستخدام شبكات نقل مياه قديمة ومتهالكة لم تتم صيانتها.
المرجع السابق.
[7] مياه السوريين (1): الشرب والصرف الصحي، موقع الجمهورية، تاريخ النشر 23/8/2021
[8] المرجع السابق.
[9]  تقرير خاص: بعثة منظمة الأغذية والزراعة 2021 لتقييم المحاصيل والإمدادات الغذائية إلى الجمهورية العربية السورية
[11] الوضع البيئي في سورية، وزارة الإدارة المحلية والبيئة، تاريخ النشر 9/7/2006.
[15] التقييم السريع لمدينة حلب برنامج الموئل، تاريخ النشر عام 2014
[17] نظراً لغياب الإحصائيات الدقيقة فقد تم احتساب وسطي التقديرات للفرق الميدانية المختلفة العاملة في مجال التقدير السكاني.
[18] مساحات السيطرة العسكرية في نهاية 2021 وبداية 2022.
المصدر: مقابلة مع أحد الباحثين في مركز جسور.
[19]  تم احتساب المساحة بعد اقتطاع مساحة مدينة حلب التي تُقدر بـ 200 كم2 من إجمالي محافظة حلب.
[20] تُقدر الكثافة السكانية الوسطية في إجمالي محافظة حلب بـ 263.3 نسمة/كم2، إلا أن تركُّز الحجم الأكبر من السكان والمقدر بـ 3.2 مليون نسمة في مدينة حلب التي تقدر مساحتها بـ 200 كم2 جعل الكثافة السكانية غير متوازنة ومتركزة ضمن المدينة على حساب الريف.
[21] الخريطة الرئيسية مصدرها مركز موقع جسور للدراسات، وتم إضافة معلومات السكان من قبل فريق البحث.
[22] تقوم العديد من المنظمات الإنسانية العاملة في قطاع المياه والإصحاح بصيانة وإعادة تأهيل محطات المياه، بالإضافة إلى تقديم خدمات في قطاع الصرف الصحي.
[23]  استهدف الطيران الروسي محطة ضخ المياه المغذية لمدينة إدلب بعدة غارات جوية، ما تسبب بخروجها عن الخدمة وإصابة اثنين من العاملين فيها، علماً أن المحطة تخدم أكثر من 800 ألف نسمة بالمياه الصالحة للشرب في المنطقة.
يُنظر: طائرات روسيا تواصل حملة تدمير المنشآت الحيوية في إدلب، بلدي نيوز، تاريخ النشر 3/1/2022.
[24] يشكل سكان المخيمات 25-30% من إجمالي عدد السكان في المنطقة، وتُعد هذه الشريحة الأسوأ من حيث توافر الأمن المائي مقارنة بالسكان المقيمين في المساكن النظامية.
[26] ميثاق اسفير، الحد الأدنى من احتياجات المياه الأساسية للبقاء ، ص101.
[27] تقرير خاص: بعثة منظمة الأغذية والزراعة 2021 لتقييم المحاصيل والإمدادات الغذائية إلى الجمهورية العربية السورية، مرجع سابق.
[28] يُقصد بمحطة المياه: التجهيزات الميكانيكية والكهربائية التي تقوم بضخ وتوزيع المياه إلى مجتمع أو مخيمات، سواء عبر الشبكة النظامية بشكل مباشر أو من خلال ضخ المياه إلى خزانات عالية وتوزيعها حسب الحاجة وتحت إشراف المجلس المحلي،
المصدر: من مقابلة مع أحد المختصين في متابعة محطات المياه في وحدة تنسيق الدعم،  في أيار 2022.
[29] مياه السوريين (1): الشرب والصرف الصحي، موقع الجمهورية، مرجع سابق.
[30] إضاءة على واقع قطاع المياه والإصحاح، الربع الأول لعام 2022
Highlights on the reality of WASH sector, Syrian Water Resources Platform
[31] الدراسة التفاعلية لواقع محطات المياه ، قسم الآبار المغذية للمحطات، وحدة تنسيق الدعم ومنصة موارد المياه السورية.
[33] الدراسة التفاعلية لواقع محطات المياه، مرجع سابق.
[34] المرجع السابق.
[35] المرجع السابق.
[36] يقصد بالدحر، إنشاء فتحات في جوانب البئر لاستجلاب المياه من المناطق المحيطة، المصدر : إفادة مقابلة مع جهة قامت بالإشراف على حفر بئر في المنطقة في شهر حزيران 2022 .
[37] مياه السوريين(1): الشرب والصرف الصحي، موقع الجمهورية، مرجع سابق.
[38] ثلاث علامات على المجاعة الوشيكة في سوريا في غياب تحرك فوري:
[39] ثلاث علامات على المجاعة الوشيكة في سوريا في غياب تحرك فوري، مرجع سابق.
[40] المرجع السابق.
[41] نهر الفرات: انخفاض غير مسبوق في منسوب تدفقه، موقع بي بي سي بالعربي، تاريخ النشر 19/5/2021.
[42] ورد في النص الأساسي لبروتوكول عام ١٩٨٧: أ – خلال ملء حوض سد أتاتورك وحتى التوزيع النهائي لمياه نهر الفرات بين البلدان الثلاثة الواقعة على ضفتيه يتعهد الجانب التركي بأن يوفر معدلاً سنوياً يزيد عن خمسمئة متر مكعب في الثانية عند الحدود التركية السورية وفي الحالات التي يكون فيها الجريان الشهري تحت مستوى خمسمائة متر مكعب في الثانية؛ فإن الجانب التركي يوافق على أن يعوض الفرق أثناء الشهر التالي.
المصدر:  نص الاتفاقية، مكتبة الأمم المتحدة ، الصفحة .3
[44] كانت منطقة الباب التي تشمل كلاً من مدينة الباب وقباسين وبزاعة وعدداً من القرى تتلقى إمداداتها من المياه من نهر الفرات، والتي تمر عبر محطة عين البيضا التي تبعد قرابة 13 كم عن المدينة قبل وصولها إلى الباب، إلا أن نظام الأسد قام بقطع المياه عن محطة البيضا الخاضعة لسيطرته بعد عملية درع الفرات، وحرم المنطقة من المياه.
[45] يحتاج الخزان إلى ٤٠ ساعة ضخ لكامل المضخات كي يمتلئ، وتكلف ٦٣٩٦ ليتر من المازوت، وهذه تكلفة كبيرة جداً طبعاً لتوفير 10% من احتياجات المدينة، وتصل تكلفة الوقود الشهرية لتشغيل المضخات ما يزيد عن الـ 100 ألف دولار شهرياً. المصدر صفحة أسامة ونوس المسؤول عن المشروع على الفيس بوك ، تاريخ النشر 29/6/2021.
[46] من المقترحات المقدمة لحل أزمة المياه في المنطقة وفي الباب بشكل خصوصي: إنشاء خط استجرار للمياه من نهر الفرات بجرابلس، أو استجرار المياه من بحيرة الغندوة أو من بحيرات السدود التركية التي تبعد حوالي 10 كم من الحدود السورية التركية، وربطها بالشبكة الرئيسية، أو تعبئة الخزانات الرئيسية عبر الصهاريج بشكل دوري رغم ارتفاع الكلفة المادية المطلوبة لذلك.
يُنظر: صفحة الباب نيوز على الفيس بوك ، تاريخ النشر 1/7/2021.
قضايا – الباب عطشى.. هل سترتوي المدينة من الفرات؟ قناة حلب اليوم ، تاريخ النشر 11/7/2021.
[47] أزمة المياه في شمال وشمال شرق سوريا، تقرير الاستجابة العاجلة ومتطلبات الدعم المالي -أيلول 2021.
[48] أشارت الحملة إلى أن احتياج مدينة الباب وحدها دون ريفها تزيد عن عن 25 ألف متر مكعب من المياه الصالحة للشرب، ولا يمكن تأمينها إلا عن طريق نهر الفرات، فيما تقدر احتياجات الفرد البالغ من المياه – سواء المخصصة للشرب أو لاستعمالات أخرى- بـ 50 لتراً باليوم الواحد على أقل تقدير.
فعالية لتوقيع عريضة احتجاجية لحملة #الباب_عطشى، صفحة مدينة الباب على فيس بوك، تاريخ النشر9/9/2020.
[49] من الموقعين على البيان: نقابة المهندسين ونقابة الأطباء والصيادلة واتحاد طلبة سوريا الأحرار وتجمع المعلمين في الباب ومجلس وجهاء مدينة الباب ومجلس وجهاء مدينة قباسين ومجلس ثوار الباب، وغيرهم. وقد قاموا بتوجيه عريضة للحكومة التركية والأمم المتحدة والمنظمات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان لدعوتها للتحرك وإيجاد حل للمشكلة.
يُنظر: بيان حول حملة “الباب عطشى”،  صفحة مدينة الباب على الفيس بوك،  تاريخ النشر 5/7/2021,
[50] : مياه السوريين (2): الاستنزاف، موقع الجمهورية، مرجع سابق.
[51] تقع محافظة إدلب وجزء من محافظة ريف حلب الغربي ضمن المنطقة الزراعية الأولى التي تتلقى هطولاً مطرياً يتراوح بين 350-600ملم سنوياً، بينما تقع مناطق ريف حلب الشمالي في منطقة تتلقى هطولاً مطرياً يتراوح بين 250-350 ملم سنوياً.
يُنظر: تقرير خاص: بعثة منظمة الأغذية والزراعة 2021 لتقييم المحاصيل والإمدادات الغذائية إلى الجمهورية العربية السورية، مرجع سابق.
[52] تقرير خاص: بعثة منظمة الأغذية والزراعة 2021 لتقييم المحاصيل والإمدادات الغذائية إلى الجمهورية العربية السورية، مرجع سابق.
[53] تتم زراعة محصول القمح بالاعتماد على أنظمة الزراعة البعلية (أي: المعتمدة على مياه المطر فقط) والزراعة المروية (المعتمدة على الري عبر المياه المستخرجة من الآبار)، فيما يعتمد محصول الشعير على الزراعة البعلية، ويتم ريّه عن طريق الأمطار. المرجع السابق.
[54] المرجع السابق.
[55] المرجع السابق.
[56] المرجع السابق.
[57]  أزمة المياه في شمال وشمال شرق سوريا، متطلبات الاستجابة العاجلة:
[58] تقرير خاص: بعثة منظمة الأغذية والزراعة 2021 لتقييم المحاصيل والإمدادات الغذائية إلى الجمهورية العربية السورية، مرجع سابق.
[59] المياه والعنف: أزمة البقاء في الشرق الأوسط، مرجع سابق.
[60] المرجع السابق.

مؤسسة بحثية سورية تسعى إلى الإسهام في بناء الرؤى والمعارف بما يساعد السوريين على إنضاج حلول عملية لمواجهة التحديات الوطنية المشتركة وتحقيق التنمية المستدامة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى