التقرير التحليلي “نموذج السيطرة الهشّة للنظام في الجنوب السوري: تجليات فقدان نموذج الدولة شكلاً ومضموناً، وتضارب أجندات الحلفاء والفاعلين”
يبدو المشهد العام في درعا مختلفاً عن الوضع السائد في مناطق “المصالحات” الأخرى التي سيطر عليها نظام الأسد بشكل تام عبر اتفاقات “التسوية” التي أشرفت عليها روسيا، ويبدو كذلك أنّ الأسلوب القمعي الدموي الذي انتهجه النظام بما يتفق مع العقلية السائدة لديه قد أسهم في زيادة تعكير مشهد سيطرته الهشّة على المحافظة؛ إذ إن النظام لم يقم بتهدئة حقيقية لدفع فصائل المعارضة المنخرطة في اتفاق “التسوية” للانضمام إلى صفوف ميليشياته، وتشجيع المناطق الأخرى على ذلك، من خلال المحافظة على حدّ أدنى من احترام اتفاقيات “المصالحة”، بل مضت ميليشياته بمحاولة الانتقام مِن كل مَن حمل السلاح في وقت سابق، وتجلى ذلك في عمليات الاعتقال والاغتيال والتصفية تحت التعذيب لمقاتلين سابقين في فصائل المعارضة الأمر الذي أدّى إلى مزيد من تقويض قدرات النظام العملية في فرض سيطرته، حيث دفعت سلوكيات نظام الأسد مقاتلي “التسوية” – المعارضة السابقين – للبحث عن طرق متنوعة لحماية أنفسهم، فضلاً عن عوامل أخرى عديدة أدت بالمجمل إلى حالة مستمرة من التوتر، تمثلت بمناوشات واشتباكات متقطعة، وبخروج احتجاجات ضد نظام الأسد، فضلاً عن تأثير محركات وعوامل عديدة محلية وإقليمية لإذكاء الصراع على الهيمنة في درعا والجنوب السوري عموماً، باعتبار موقعه الاستراتيجي القريب من الجولان المحتل وحدود “إسرائيل”، الأمر الذي أسهم بإيجاد نوع من التنافس بين روسيا وإيران على النفوذ، والذي انعكس بتنوع ولاءات مقاتلي “التسوية” لإيران وروسيا كفاعلين رئيسيين في درعا.
وتشكّل درعا التي تُعدُّ مهد الثورة السورية رمزية مهمة بالنسبة للسوريين من حاضنة قوى الثورة والمعارضة بشكل خاص؛ ففيها اندلعت شرارة الاحتجاجات ضد النظام السوري، وربما هذا كان من بين الأسباب التي جعلت النظام السوري يحسب لها حسابات تختلف عن غيرها من المناطق.
تأتي هذه الدراسة كمحاولة لتحليل وفهم محركات وعوامل الصراع المحلية والإقليمية والعلاقات بينها، وتأثيرها على الوضع في درعا بعد أكثر من عامين على “التسوية”. واعتمدت الدراسة على جمع المعلومات وتحليلها من خلال استقاء المعلومات من المصادر المحلية في درعا؛ سواء من خلال إجراء مقابلات مع الناشطين، أو رصد ما أصدرته الهيئات والتجمعات السورية المحلية، إضافة إلى مقابلات مع باحثين أو خبراء، والاستفادة مما كتب سابقاً حول الموضوع، مع التأكيد على التعقيد والتشابك في العديد من حالات الدراسة التي سيتم التعامل معها في هذا التقرير، مما يحدّ من إمكانية الإحاطة الكاملة بالمشهد.
ستحاول الدراسة تسليط الضوء على أهم العوامل والمحركات التي أدت إلى المشهد الحالي من التصعيد غير المتوقف في الجنوب السوري.
لتحميل التقرير التحليلي:
مؤسسة بحثية سورية تسعى إلى الإسهام في بناء الرؤى والمعارف بما يساعد السوريين على إنضاج حلول عملية لمواجهة التحديات الوطنية المشتركة وتحقيق التنمية المستدامة
5 تعليقات