الأبحاث والدراساتالإصداراتالقوى الدولية الفاعلة في الملف السوريوحدة تحليل السياسات

تفاعلات العلاقات الإيرانية الأمريكية وتأثيراتها على الملف السوري

تقرير تحليلي من إعداد وحدة تحليل السياسيات

مقدمة:

تناولت سلسلة “إضاءات على العلاقات الإيرانية مع  الولايات المتحدة و”إسرائيل” في أربعة إصدارات أبرز المحطات التي مرت بها تلك العلاقات؛ ابتداءً بفترة ما قبل الثورة الإيرانية وما تخللها من انجذاب إيراني نحو المعسكر الغربي، مروراً بانتصار الثورة الإيرانية وصعود نظام الخميني وما رافق ذلك من محاولات التصدير العنيف للثورة، إلى جانب ما شهدته العلاقة من عوامل جذب ودفع في ظل تقلبات السياسة الداخلية في كلٍّ من إيران (ثنائية الإصلاحيين والمحافظين) والولايات المتحدة (ثنائية الجمهوريين والديمقراطيين) سلباً أو إيجاباً، وانتهاءً باستشراف مستقبل العلاقة مع عودة المحافظين إلى الحكم في إيران بعد فوز المحافظ (إبراهيم رئيسي) في الانتخابات الرئاسية لعام 2021م. وتمّ ذلك بناءً على استقراءٍ وتحليلٍ للأحداث والمنعطفات المتعلقة بالعلاقات الإيرانية “الإسرائيلية” الأمريكية، من خلال الرجوع إلى ما توفر للفريق البحثي من الدراسات والتحليلات والوثائق التي كُتبت عن تلك الأحداث من مصادر عدة باعتبارها معلومات تحتاج تحققاً ومقارنةً ومعالجةً تحليليةً للخروج بنتائج، فكان لابدَّ بعد ذلك من الانتقال إلى دراسة انعكاس التغيرات في العلاقات بين الطرفين على الملف السوري؛ لـِمَا لتلك العلاقات من تأثير واضح في الساحة السورية، حيث تُعد الولايات المتحدة وإيران من أبرز الفاعلين والمؤثّرين في الملف السوري، فعلى سبيل المثال: رأى كثير من المحللين أن الاتفاق النووي مع إيران كان أسوء اتفاق أجرته إدارة أوباما الأمريكية من حيث انعكاساتُه على الملف السوري بعد الاتفاق على تسليم أسلحة النظام الكيماوية، وفي المقابل كان للانسحاب الأمريكي من الاتفاق أثره الواضح في التوتر بين البلدين، وما أدى إليه من مناوشات أمريكية إيرانية في منطقة الخليج والعراق، وصولاً إلى حادثة اغتيال (قاسم سليماني)، وتأثير سياسات “الضغط الأقصى” الأمريكية على لبنان ونظام الأسد، وما ترافق معه من تطبيق قانون قيصر في عهد الرئيس الأمريكي ترامب.

وسنحاول في هذه الورقة إبراز أهم محددات العلاقة الإيرانية الأمريكية “الإسرائيلية” في خلاصة إجمالية بانورامية للإصدارات الأربعة السابقة (سلسلة إضاءات على العلاقات الأمريكية ـــ الإسرائيلية ـــ الإيرانية)[1]؛ بهدف بناء صورة شاملة لديناميكية العلاقة، وفهم العوامل المحركة لها توافقاً واختلافاً؛ بما يساعد على التعامل الأمثل مع تفاعلات هذه العلاقة، وفهم التقاطعات والمصالح المشتركة التي يمكن البناء عليها لصالح الشعب السوري وقضيته في مواجهة المشروع الإيراني في سوريا، وذلك ضمن جهود مركز الحوار السوري في زيادة الوعي والمعرفة الواقعية بسلوكيات مختلف الفاعلين المحليين والإقليمين والدوليين المؤثّرين في القضية السورية، لاسيما بعد تعقد القضية السورية وكثرة الفاعلين والمؤثّرين فيها.

المبحث الأول. ملخص بانورامي شامل لفهم محرّكات العلاقة الإيرانية الأمريكية “الإسرائيلية”:

  تتنوع العوامل المؤثرة في العلاقات الإيرانية الأمريكية لدرجة تجعل من الصعب على الباحثين حصرها بشكل شامل، ولكن يمكن من خلال التأمل في تاريخ العلاقات بين الطرفين والمنعطفات المهمة فيها -مع الاستفادة من نظريات العلاقات الدولية- تصنيف أهم العوامل المؤثرة في العلاقات بينهما في قسمَين أساسيين، هما:

أولاً: العوامل المتعلقة بالسياسة الخارجية لكلا الدولتَين، وطبيعة النظام الدولي.

ثانياً: العوامل المتعلقة بالديناميكيات الداخلية للبلدَين.

أولاً. العوامل المتعلقة بالسياسة الخارجية لكلا الدولتَين:

يمكن أن نلاحظ تأثير عدد من العوامل المتعلقة بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة، كطبيعة النظام/النسق الدولي ((international order، والمصالح الجيواستراتيجية للولايات المتحدة في المنطقة، وما يترتب على ذلك من التزامات، إضافة إلى التغييرات الخاصة في سياسة الولايات المتحدة بعد هجمات 11 أيلول في العام 2001م وما تبعها من “حرب على الإرهاب”.

طبيعة النظام/النسق الدولي:

تركز النظرية الواقعية البنيوية على تأثير طبيعة النسق الدولي (أحادي أو ثنائي أو تعددي القطبية) على سلوك الدول في علاقاتها الدولية[2]، وهو الأمر الذي يمكن من خلاله تفسير سلوك الولايات المتحدة و”إسرائيل” وإيران تجاه بعضها البعض؛ فمن خلال تتبع أبرز المنعطفات التاريخية في ديناميكية العلاقة بين هذه الأطراف نجد أنها تأثرت بهذا العامل بشكل ملاحظ، خاصة من طرف الولايات المتحدة باعتبارها زعيمة أحد القطبين أثناء الحرب الباردة، ثم المتربعة على عرش العالم أحادي القطبية لاحقاً.

كان مناخ الحرب الباردة أحد أهم العوامل المؤثرة التي دعت الإدارات الأمريكية المتعاقبة إلى تمتين العلاقة مع الشاه في إيران[3]؛ إذ كان جلّ الاهتمام الأمريكي حول الطريقة المثلى التي يمكن أن تحول دون انتشار النفوذ السوفيتي في العالم، كما أن مناخ الحرب الباردة أيضاً وهيمنته على أجواء الصراعات والتحالفات الدولية، والتخوف الأمريكي من أن يؤدي قطع العلاقات مع إيران بعد انتصار الثورة الإيرانية إلى توجهها نحو الاتحاد السوفيتي كان أحد العوامل التي دفعت إدارة كارتر الأمريكية إلى تفضيل التوافق مع الخميني ودعمه ضمنياً، بدلاً من الوقوف إلى جانب الشاه (الحليف الأبرز للولايات المتحدة والغرب في المنطقة)[4].

ثم كان تربُّع الولايات المتحدة على عرش الأحادية القطبية بعد خروجها من الحرب الباردة في أوج قوتها أحد المؤثرات الرئيسة التي نقلت العلاقة الإيرانية مع الولايات المتحدة إلى مستوى جديد من التوتر وتناقض المصالح أحياناً، والتعاون والتقارب أحياناً أخرى؛ فقد كان امتناع الولايات المتحدة عن توجيه الدعوة لإيران لحضور مؤتمر مدريد عام 1990م ومن ثم استبعادها عن محادثات أوسلو عام 1993م عاملاً مهماً في توتر العلاقة بين الجانبين، إذ شعرت القيادة الإيرانية أنَّ الإيماءات البراغماتية التي أرسلتها للولايات المتحدة في سبيل الاعتراف بالدور الريادي الإقليمي لإيران في المنطقة لم تنل اعتراف واشنطن وتقديرها، بل زادت إيران عزلةً وتهميشاً دولياً. لكنّ الطرفَين عادا للتعاون والتنسيق في أفغانستان والعراق بعد ذلك على الرغم من الخلافات الحادة في العديد من القضايا العالقة بينهما[5]؛ فطهران لم تعد ترى روسيا تهديداً لحدودها الشمالية كما في السابق، وباتت تشعر في المقابل فعليّاً بالخطر الأمريكي، لاسيما بعد أن أسهمت حرب الخليج الثانية في تعزيز النفوذ الأمريكي في الخليج العربي؛ وهو ما دفعها نحو تعزيز علاقاتها بموسكو في تناسبٍ طرديٍّ كلما ازداد التوتر بينها وبين واشنطن.

دفعت المكانة القيادية العالمية التي حصلت عليها الولايات المتحدة بعد انتهاء الحرب الباردة إلى إعادة تشكيل السياسة الأمريكية تجاه التحركات الإيرانية الإقليمية، وهو ما بدا واضحاً في تحوُّل واشنطن عن سياسة “توازن القوى” التي اعتمدتها خلال عقد الثمانينيات، إلى اعتمادها دوراً منفرداً في إدارة شؤون الخليج، مع استبعاد كل من إيران والعراق عن أية ترتيبات سياسية وأمنية تخص المنطقة، ومحاولة عزلهما دولياً وإقليمياً.

 ومن ثم جاء تبنّي إدارة أوباما الأمريكية مساراً استراتيجياً يهدف إلى تخفيف الأعباء التي تتحملها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط بهدف التركيز على”محور آسيا”، أو “إعادة التوازن”بهدف احتواء العملاق الصيني؛ ليؤثّر بشكل كبير في العلاقة مع إيران، إذ آثرت إدارة أوباما في المسار الجديد الذي رسمته اعتماد الدبلوماسية والحوار والتفاوض المباشر مع إيران، بدلاً من التلويح بالخيار العسكري لإقناع إيران بالتخلي عن برنامجها النووي؛ لـِمَا يحمله الخيار العسكري من خطر دفع إيران نحو تحسين علاقتها بشكل أكبر مع  روسيا والصين، حسب رؤية إدارة أوباما[6].

وفي متابعة للديناميكية ذاتها تجادل إدارة بايدن الأمريكية بأنَّ الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني واتباع سياسة “الضغط الأقصى” قد دفع إيران نحو تحسين علاقاتها مع كل من الصين وروسيا، في عالمٍ بدأ يتجه إلى الثنائية القطبية مرة أخرى، لاسيما بعد قيام إيران بالتوقيع على اتفاقية تعاون استراتيجي شامل لمدة 25 عاماً مع الصين، في ظروفٍ ازدادت فيها التوترات بين الصين والولايات المتحدة وسط صعود الصين عالمياً. وعليه فإنَّ تفاعلات العلاقة الأمريكية الإيرانية تأثرت بشكل مباشر ببنية النظام الدولي وموقع الولايات المتحدة فيه؛ إذ إنها تنظر فيما يبدو إلى طبيعة علاقتها مع إيران من زاوية مكانتها في النسق الدولي، وصراعها مع القوى العالمية المنافسة الأخرى؛ فقديماً كان الاتحاد السوفيتي في تلك المعادلة وحديثاً نجد الصين، مع تفاعل إيران مع تلك التغييرات[7].

وبالمجمل فإنّ إيران تُعدّ دولة انتهازية استفادت من المتغيرات الدولية والإقليمية لتحقيق مكاسب عديدة؛ إذ استطاعت انتهاز فرصة التحول باتجاه الحرب على الإرهاب وما تلاه من غزو الولايات المتحدة لأفغانستان والعراق في سبيل تحقيق مصالحها الاستراتيجية وتوسيع نفوذها في كلا البلدَين الجارَين لها، حيث وجدت في التحرك العسكري الأمريكي في أفغانستان فرصة سانحة تساعدها على التخلص من نظام طالبان، وفتح قناة تنسيق وتعاون مع الولايات المتحدة تستطيع من خلالها تقليل حدة التوتر معها، في محاولة منها لكسر العزلة المفروضة عليها، ولحل الأمور العالقة بين البلدين. وفي العراق اتخذت إيران موقفاً سياسياً استراتيجياً مركباً تجاه الغزو الأمريكي؛ فعارضت إيران الحرب نظرياً، واستفادت منها عملياً[8]، لأنها خشيت فعلياً من تحقيق الولايات المتحدة نصراً سريعاً في العراق على غرار نصرها في أفغانستان، وتنصيب نظام عراقي موالٍ لها؛ ما يعني تطويق الولايات المتحدة لها وجعلها أكثر عرضة للضغوطات الأمريكية. وقد نجحت إيران بشكل مُرَكَب كذلك بسياستها في العراق؛ حتى أن إدارة أوباما امتدحت إيران بأنها لعبت دوراً حاسماً في مواجهة الإرهاب ومحاربة داعش، دون إغفال استثمار إيران في تنظيمات الغلو والتطرف وفي الميليشيات التابعة لها في العراق لتحقيق نصرها[9].

“إسرائيل” وإيران: سعيٌ نحو الهيمنة الإقليمية وتضارُبٌ في السياسات الخارجية:

تختلف النظرة “الإسرائيلية” عموماً عن النظرة الأمريكية في طبيعة العلاقة وتفاعلها مع إيران؛ فبينما تدخل العلاقة مع إيران ضمن حسابات الولايات المتحدة العالمية الأشمل فإن “إسرائيل” تنظر إلى إيران كونها منافساً إقليمياً يزاحم النفوذ “الإسرائيلي” الإقليمي في منطقة حيوية لـ “إسرائيل”، ويشكّل خطراً على أمنها. وعلى الرغم من الخطابات الإيرانية النارية ضد “إسرائيل”، والتضخيم الإعلامي لإيران بوصفها مهدِّداً للوجود الإسرائيلي؛ فإن تطورات العلاقة بين الطرفَين تشير إلى خلاف ذلك، إذ بقيت النظرة العدائية الإيرانية ـــــ الإسرائيلية المشتركة إلى المحيط العربي المعادي محور العلاقة البراغماتية التي جمعت طهران وتل أبيب، سواءٌ قبل الثورة الإيرانية أو بعدها، على الرغم من تعاظُم وتنامي نظرة بعض الأطراف “الإسرائيلية” إلى التهديد النووي الإيراني تحديداً بوصفه تهديداً وجودياً لـ “إسرائيل”[10].

وقد أدّى تقهقر العراق بعد حرب الخليج الثانية إلى حدوث فراغ إقليمي جعل كلّاً من إيران و”إسرائيل” تتنافسان على ملء هذا الفراغ؛ فوجدت “إسرائيل” في إيران قوةً إقليميةً صاعدةً يمكن أن تتمدد مستقبلاً ضمن مجالها الحيوي، وهو ما قد يهدد بدوره التفوق الإقليمي الإسرائيلي في المنطقة، حيث وفّر ذلك الفراغ  الفرصة لإيران لكي تستعيد الدور الإقليمي الذي فقدته بعد سقوط الشاه، وهو ما أثّر عملياً بشكل سلبي على العلاقة الإيرانية مع كلٍّ من الولايات المتحدة و”إسرائيل”، بسبب حرص الولايات المتحدة على تفوق “إسرائيل” في المنطقة وأمنها، وتأثير اللوبي “الإسرائيلي” في واشنطن.

“تصدير الثورة” والاعتماد على المليشيات، ودعم التنظيمات المتطرفة:

 تتصف السياسة الخارجية للدول في النظام العالمي الحديث (وفقاً للنظرية الواقعية الجديدة) بالاستمرارية؛ إذ تشير النظرية إلى أنَّ المصالح الاستراتيجية لدولةٍ ما ضمن مجالاتها الحيوية الإقليمية والدولية لا تتغير بتغير النظام أو الحكومة، وما يحدث من ثورات أو انقلابات وتغييرات في الأنظمة إنما يؤثر في الدوافع والتصورات لا في المسارات[11]، وهذا أكّدته الحالة الإيرانية؛ فعلى الرغم من تغيّر النظام السياسي الإيراني بعد ثورة 1979م والإطاحة بنظام الشاه، وتبنّي الرؤية الدينية “على الطريقة الخمينية”؛ فقد بقيت الأهداف الاستراتيجية الإيرانية الكبرى متشابهة إلى حدٍّ بعيد، متمثلةً في محاولة النهوض بإيران لتكون قوةً إقليميةً لا يمكن تجاوزها  في المنطقة[12]. وبينما بدا واضحاً سعي الشاه للحصول على التفوق الإقليمي الإيراني وفرض هيمنته على الخليج العربي من خلال الاعتماد المباشر على الدعم العسكري والاقتصادي الأمريكي، ومحاولة التودد والتقارب مع المحيط العربي؛ فإنَّ إيران في ظل الخميني سعت للوصول إلى الهيمنة على العالم الإسلامي من خلال تبنّيها نموذجها الخاص عبر “ولاية الفقيه”، معتمدةً ما يُسمى منهج “تصدير الثورة”، الذي أضاف بُعداً عقائدياً لتكوين الجيش الإيراني؛ حيث لا تلتزم القوات المسلّحة بأعباء الدفاع فقط، وإنما تحمل أيضاً رسالتها التي حددها المشرِّع “الولي الفقيه”، وهي “بسط حاكمية القانون الإلهي في العالم”[13]؛ الأمر الذي هيأ لنمو الأذرع والمليشيات غير الرسمية التابعة لإيران، والذي أدّى بدوره إلى زعزعة استقرار المنطقة. ويبدو أن هذا تطابَقَ بداية مع المصالح الاستراتيجية “الإسرائيلية” الأمريكية؛ إذ تغاضت “إسرائيل” عن مشروع إيران التوسعي ومحاولتها التمدد إلى الجوار العربي، ولم ترَ “إسرائيل” تبنّي طهران مفهوم “تصدير الثورة” مهدداً لأمنها القومي ومصالحها الاستراتيجية العليا في المنطقة، بل إنَّ أي خطوة إيرانية قادرة على زعزعة الاستقرار في المنطقة وإضعاف الدول العربية المعادية لها تصبُّ تماماً في مصلحة “إسرائيل” وهدفها الاستراتيجي[14]؛ متمثّلاً بالضغط على الحكومات العربية للقبول بشرعيتها والتطبيع العلني معها[15]، وهذا يعني إخراج “إسرائيل” من العزلة التي تكبّلها وتمنعها من التمدّد في محيطها أيضاً[16]. وكذلك فإن الولايات المتحدة استثمرت في مشروع إيران الإقليمي التوسعي والخوف العربي من التهديدات الإيرانية؛ لشرعنة وجودها في منطقة الخليج العربي، وعقد العديد من الاتفاقيات وصفقات السلاح مع عدد من الدول العربية أبرزها دول الخليج.

ولكنْ مع ظهور إيران منافساً إقليمياً لـ”إسرائيل”، واستخدامها أوراقاً داعمةً لتعزيز مكانتها على الساحة الإقليمية والدولية، كالملف النووي ومشروعها للصواريخ البالستية ودعم الجماعات المناهضة لـ”إسرائيل”؛ كل ذلك يبدو أنه شكّل خطراً فعلياً على مكانة “إسرائيل” الإقليمية (لا الوجودية) ونفوذها، وهو ما أدّى بطبيعة الحال إلى وضع إيران في سلّم أولويات السياسة الخارجية لـ”إسرائيل”[17].

تمثّل طموحات إيران “الولي الفقيه” للحصول على دور القيادة الإقليمية عبر ما يُسمى “تصدير الثورة” أولويّةً على باقي الأهداف الاستراتيجية للنظام الإيراني، وتدخل حقيقةً في صميم تركيبة النظام الإيراني، ويخضع لمسار ونهج ثابت غير قابل للتغيير، بغضّ النظر عن تقلبات السياسة الداخلية الإيرانية بين الإصلاحيين والمحافظين، الأمر الذي يحتّم بدوره على إيران التمسك بتفوقها ونفوذها الإقليمي، والمحافظة على دعم وكلائها وحلفائها في المنطقة، لاسيما بعد تحقيق جزء من طموحاتها التوسعية في سوريا والعراق ولبنان واليمن، في ظل التماهي الأمريكي مع هذا الهدف في عهد أوباما. وفي سبيل ذلك تستخدم إيران أوراقاً تعدها قوّة داعمةً تمّكنها من تحقيق مكانة ريادية ونفوذ واسع في المنطقة واعتراف دولي بمكانتها وتأثيرها، ولذا فقد تتراجع إيران مؤقتاً عن الوصول إلى امتلاك سلاح نووي، وتقبل بتجميد مشروعها الصاروخي في حال تم الاعتراف بدورها ونفوذها الإقليمي في المنطقة، وهو ما أكده توقيع إيران الاتفاق النووي في العام 2015م وقبولها الحد من قدراتها النووية، مقابل رفع العقوبات الاقتصادية عنها؛ والذي أدى إلى تحررها وزيادة توسعها إقليمياً[18].

ثانياً: العوامل المتعلقة بالديناميكيات الداخلية:

ثمّة عدد من العوامل المتعلقة بالتغيرات الداخلية المؤثرة في العلاقات بين الدولتَين (الولايات المتحدة وإيران)؛ فبالنسبة إلى الولايات المتحدة تختلف المقاربات في التعامل مع إيران بين الإدارات الديمقراطية والجمهورية، بل تختلف حتى بحسب العوامل الشخصية للرؤساء الأمريكيين. وكذلك الحال عند الحديث عن اختلاف المحافظين والإصلاحيين في إيران في مقارباتهم للتعامل مع السياسة الأمريكية والغرب عموماً، رغم الهامش المحدود نسبياً لتغير السياسات في إيران باختلاف الحكومات نظراً لوجود سلطة عليا مسيطرة متمثلة بمرشد الثورة “الولي الفقيه”.

اختلاف مقاربات السياسة الخارجية تجاه إيران بتغير الإدارة الأمريكية:

اختلفت عموماً الإدارات الديمقراطية عن الجمهورية في مقارباتها تجاه إيران؛ إذ كانت الإدارات الديمقراطية أكثر ميلاً إلى التعامل التفاوضي والحلول الوسط مع إيران، ويمكن أن يلحظ هذا بشكل خاص مع بداية أفول عهد الشاه؛ فقبيل الثورة الإيرانية تم انتخاب مرشح الحزب الديمقراطي (جيمي كارتر) رئيساً للولايات المتحدة في العام 1977م، وكان خطابه مشبعاً بالحديث عن الحريات وحقوق الشعوب المضطهدة، مما لم يكن في صالح الشاه المستبدّ الذي كان يفضّل قدوم الجمهوريين للحكم، وكانت تقارير ذكرت دعم الشاه المالي للمرشح الجمهوري المنافس “جيرالد فورد”[19]. وقد صل الأمر ذروته مع إدارة أوباما الديموقراطية الذي أكد عزمه الوقوف ضد حصول إيران على سلاح نووي، مبتعداً عن الأساليب الأحادية والمقاطعة والتهديدات العسكرية التي تميزت بها سياسة إدارة جورج بوش الجمهورية في تعاملها مع إيران ومشروعها النووي، محاولاً رسم مسار جديد قائم على الدبلوماسية والحوار بديلاً عن الخيار العسكري لإقناع إيران بالتخلي عن برنامجها النووي.

ويلعب اللوبي الإيراني في واشنطن دوراً مهماً في التأثير على عملية اتخاذ القرار الأمريكي؛ إذ إنَّ اللوبي الإيراني كان أكثر حضوراً وقدرةً على التأثير في الإدارات الديمقراطية منه في الجمهورية، وكانت فترة الرئيس أوباما -خلافاً للإدارات الأمريكية الأخرى – مسرحاً متسعاً لنشاط الأمريكيين الإيرانيين؛ فهي من أكثر الإدارات الأمريكية استيعاباً لعناصر أمريكية من أصل إيراني بين طواقمها[20]، وفي الوقت ذاته تلعب اللوبيات الصهيونية دوراً في التأثير على قرارات الإدارات الأمريكية الجمهورية.

اختلاف مقاربات السياسة الخارجية الإيرانية بين الإصلاحيين والأصوليين:

يمكن ملاحظة اختلاف مقاربات السياسة الخارجية بين الاصلاحيين والمحافظين في إيران على الرغم من محدودية الهوامش المتاحة للعمل التي تبقيها سلطة المرشد الأعلى؛ إذ يبقى للرئيس الإيراني هامش يستطيع من خلاله تحديد أوجه السياسة الداخلية والخارجية للبلاد وأولوياتها، وإدارة السياستين الخارجية والداخلية، وترك بصمته الخاصة على الفترة التي يتولى فيها الرئاسة[21]؛ وكل ذلك بمصادقة “المرشد الأعلى” وموافقته. وقد أظهر قدوم روحاني “الإصلاحي” إلى السلطة في العام 2013م وتوقيعه الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة بعد فترة أحمدي نجاد “الأصولي المحافظ” (2005 ــــ 2012م) التي تميّزت بالعدائية والمناكفة مع الغرب حجم التغييرات التي طرأت على السياسة الخارجية الإيرانية مع انتخاب كلٍّ من الرئيسَين.

يتمسك التيار الأصولي عادة بما يعدّه “قيم ومبادئ الثورة الإسلامية”، ومنها “مواجهة قوى الاستكبار”، ويُبدي نظرة متشددة أكبر من التيار الإصلاحي (الأكثر انفتاحاً على الغرب) في التفاوض مع الغرب؛ وعلى الرغم من سيطرة المرشد إلا أن هناك حيّزاً لتمرير رؤية الرئيس والحكومة باختلاف توجهاتها[22].

المبحث الثاني. تأثير ديناميكية العلاقة الإيرانية مع الولايات المتحدة و”إسرائيل” على المشهد في سوريا:

تُعد الأطراف الثلاثة (إيران والولايات المتحدة و”إسرائيل”) فواعل رئيسة منخرطة بدرجات متفاوتة في المشهد السياسي والعسكري السوري؛ حيث تؤثر تجاذبات العلاقة بينها تأثيراً مباشراً في مسار الأوضاع ضمن بيئة مفعمة بالتنافس السياسي والعسكري في سوريا.

ويمكن تصنيف أهم العوامل والتفاعلات التي تؤثر بشكل مباشر وغير مباشر في العلاقة بين الأطراف الثلاثة على الساحة السورية كالآتي:

  1. التنافس الإقليمي الإيراني “الإسرائيلي” الذي تُعد سوريا جزءاً منه.
  2. تشابُك الملفات الدولية والإقليمية العالقة بين الولايات المتحدة وإيران كملف الاتفاق النووي مع الملف السوري.

أولاً. المنافسة الإقليمية الإيرانية “الإسرائيلية” وتأثيرها في الحالة السورية:

تمثّل سوريا نقطة احتكاك مباشر بين إيران و”إسرائيل”؛ لـِمَا تمثله من موقع جيوسياسي مهم لكلا الطرفَين، لاسيما على صعيد التنافس على الهيمنة الإقليمية؛ إذ تمثل سوريا نقطة ارتكاز مهمةً في حسابات إيران الاستراتيجية الإقليمية التوسعية، وقد حرصت إيران على تعزيز حضورها في سوريا والمنطقة عبر التحالف الاستراتيجي مع نظام الأسد؛ الذي بدأت معالمه تتضح مع صعود الخميني إلى سدة الحكم في إيران بعد انتصار الثورة في العام 1979م[23]. ومع انطلاق الثورة السورية في العام 2011م تبنت دوائر صنع القرار الإيراني الرواية الرسمية لنظام الأسد، وساندته سياسياً وإعلامياً ومادياً وعسكرياً للحيلولة دون إسقاطه. ومع التحولات التي شهدتها الساحة السورية لاحقاً، وانتقال الصراع لمستويات متعددة متداخلة استثمرت إيران ذلك بتغيير حجم وشكل تموضعها النوعي في بنى الدولة ومؤسساتها، لاسيما في مؤسسات الجيش والأمن[24]، وزادت من انخراطها العسكري، من خلال الدعم الميليشياوي الأجنبي والمحلي[25]؛ وبالتالي تهدف إيران من خلال مدّ نفوذها في سوريا إلى امتلاك ورقة إضافية تعزز بها حضورها ضمن تفاعلات النظام الإقليمي، إضافة إلى حرصها على امتلاك ورقة أمن “إسرائيل” بوصفها ورقة مهمة تسهم في تحسين تموضع إيران التفاوضي مع الولايات المتحدة فيما يخص الملفات العالقة بين الطرفين كالاتفاق النووي، وهو ما كان له تأثير واضح في العلاقة مع “إسرائيل” والولايات المتحدة، وشكّل رؤيتهما للصراع في سوريا.

 ومن جهتها ركّزت الاستراتيجية “الإسرائيلية” مع بدء الثورة السورية على إضعاف نظام الأسد دون الذهاب بعيداً لإسقاطه، متبعةً سياسة “الحياد/عدم التدخل”، في محاولةٍ لاستنزاف جميع الأطراف المتنازعة[26]، ومن هنا تغاضت “إسرائيل” بداية عن التدخل الإيراني إلى جانب قوات النظام لدعمه ومساندته ومنع سقوطه، ولكن مع زيادة إيران حضورها العسكري في سوريا عبر نشر أعداد كبيرة من ميليشياتها، لاسيما “حزب الله” اللبناني، والمباشرة بتحويل مناطق انتشار تلك الميليشيات تدريجياً إلى قاعدة عمليات إيرانية متقدمة، والعمل على بناء قواعد عسكرية تتبع مباشرة لإيران[27]؛ تركّز اهتمام صانع القرار “الإسرائيلي” حول إدارة الوجود الإيراني في سوريا، خاصة في المناطق القريبة من الجولان المحتل، ومنع إيران من تشكيل تهديد عسكري ملموس على “إسرائيل”، وذلك من خلال الاستهداف المباشر للبنية التحتية للقوات الإيرانية وميليشياتها في سوريا، مع التنسيق والتعاون مع القوى الإقليمية والدولية الفاعلة في المشهد السوري، كالولايات المتحدة وروسيا والأردن، بغية تأطير النفوذ الإيراني في سوريا[28].

فلا يبدو الوجود الإيراني بحد ذاته مستفزاً ومقلقاً لـ”إسرائيل”، كما لم يكن “النهج الطائفي” الذي تتبعه إيران في سوريا، وعلى صعيد سياستها الخارجية عموماً، محل خلاف إسرائيلي إيراني؛ في حين أنّ توسع إيران في التغلغل في مؤسسات نظام الأسد والتوغل عسكرياً عبر ميليشياتها إلى مناطق حدودية مع “إسرائيل” يثير فعلياً القلق الإسرائيلي، خاصة في حال امتلاك مليشيات إيران صواريخ وأسلحة يمكن أن تهدد أمن “إسرائيل”، وكان عاملاً محركاً فيما يبدو للسياسات “الإسرائيلية” تجاه التحركات الإيرانية في سوريا، فتبنّت سياسة قصّ العشب دون اقتلاعه، من خلال تكثيف هجماتها على المليشيات الإيرانية في مختلف المناطق السورية.

ثانياً. تأثير تجاذبات العلاقة الإيرانية الأمريكية على سياق الأوضاع في سوريا:

ارتكزت السياسة الأمريكية في طبيعة تعاملها مع إيران على الموقع العالمي للولايات المتحدة في النظام الدولي، بخلاف “إسرائيل” التي حددت سياستها تجاه إيران من منطلق تنافسي إقليمي؛ وهذا ما كان له أثر كبير في العلاقة مع إيران من جهة، وفي مسار الصراع في سوريا من جهة أخرى.

ويبدو أنَّ تبدّلات الإدارات الأمريكية المتعاقبة كانت أيضاً عاملاً حاسماً في طبيعة التعامل مع إيران وفي تحديد مسار  التفاعل معها نسبياً في سوريا؛ إذ إنَّ المسار الاستراتيجي المرن للتعامل مع إيران الذي تبنّته إدارة أوباما حمل في طياته فرصة لإيران لتوسيع نفوذها والتمدد إقليمياً[29]، لاسيما بعد توقيع الاتفاق النووي معها في العام 2015م الذي حدَّ حينها من قدرة إيران النووية (وهو الهدف الأهم بالنسبة للإدارة الأمريكية)؛ ولكنه في المقابل أمّن اعترافاً أمريكياً غربياً بحق إيران النووي، ما عنى فعلياً تحرّر المشروع السياسي الإيراني من الكثير من العقبات أمام نشاطاتها الإقليمية التوسعية، وأطلق يد إيران للتمدد إقليمياً عبر ميليشياتها المختلفة؛ حيث استغلت إيران رفع العقوبات الاقتصادية عنها ورفع الحظر عن بعض أصولها المالية المجمدة في البنوك الأجنبية في زيادة دعمها لوكلائها، وفي تكريس نفوذها وهيمنتها في المنطقة[30]، وهو ما انعكس سلباً على المنطقة عموماً، وعلى سوريا خصوصاً؛ حتى إن محللين رأوا أن الاتفاق النووي الإيراني كان ثاني أسوأ اتفاق أجرته الإدارة الأمريكية السابقة فيما يتعلق بانعكاساته على الملف السوري بعد الاتفاق على تسليم أسلحة النظام السوري الكيماوية[31].

في حين كان لانسحاب إدارة الرئيس الأمريكي ترامب من الاتفاق النووي مع إيران (الخطوة التي لاقت دعماً واضحاً ومباشراً من “إسرائيل” التي كانت الأشد معارضة لذلك الاتفاق منذ بدايته)، وإعادة فرض أقصى العقوبات الاقتصادية عليها، وهبوط مؤشر العلاقة بين الطرفين إلى أدنى مستوياته، وما أدّى إليه ذلك من مناوشات وتهديدات متبادلة تأثيراتٌ بشكل مباشر في الملف السوري أيضاً؛ وذلك من خلال تفعيل “قانون قيصر” وتسريعه، ومنع إعادة الشرعية لنظام الأسد عبر الضغط الدبلوماسي الأمريكي لمنع إعادته إلى الجامعة العربية أو الاعتراف به عموماً، كما أضعفت سياسة “الضغط القصوى” اقتصاد إيران وقدرتها على دعم نظام الأسد وميليشياتها في سوريا.

فلا تنظر الولايات المتحدة إلى الصراع في سوريا بوصفه ملفاً مستقلاً بحدِّ ذاته؛ بل كونه جزئية من جزئيات تشكّل صورة أوسع عن طبيعة علاقاتها وتنافسها مع القوى الدولية الأخرى الفاعلة في مجريات الساحة السورية، وهو ما ينطبق تماماً على الموقف الأمريكي من التموضع الإيراني في سوريا؛ إذ ينظر صانع القرار الأمريكي (على اختلاف توجهاته السياسية؛ جمهورياً كان أو ديمقراطياً) إليه كجزء من الملف التفاوضي الأوسع مع إيران، الذي يشكل الملف النووي الإيراني لبّ المفاوضات بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية لكونه يُعد خطاً أحمر بالنسبة إليها، ثم يأتي بعد ذلك ملف القوة الصاروخية وموضوع الانتشار الإيراني في الدول المجاورة، ومنها سوريا.

فلا ينبغي التعويل على الرغبة والجهود الأمريكية “الإسرائيلية” لإخراج إيران من سوريا؛ ولعلَّ تحجيم الوجود الإيراني ليأخذ دوراً مقبولاً بحيث لا يشكل تهديداً على الأمن “الإسرائيلي” وعلى المصالح الأمريكية الاستراتيجية في المنطقة هو ما تسعى إليه “إسرائيل” بدعم من الولايات المتحدة.

خاتمة:

تؤدي العلاقة المعقدة والمتغيرة بين إيران من جهة والولايات المتحدة و”إسرائيل” من جهة أخرى إلى وقوع بعض النخب – فضلاً عن آراء الشارع العام –  في فخّ اختزال العلاقة بتوصيفات بسيطة لا تتناسب مع واقعها المركب المعقد، كالعداء، أو التحالف السرّي أو التبعية؛ وهو خطأ ناتج عن عدم التعمق في تعقيدات السياسة وتناقضات وتغيرات المصالح الدولية، وهذا ما يؤكد  أهمية انطلاق أي عمل لمواجهة النفوذ الإيراني (كأحد أهم الأعمال في سياق نصرة القضية السورية ) من فهم عميق لتعقيدات تلك العلاقة التي تحددها ملفات أوسع وأشمل من كونها محصورة في الجغرافية السورية، لاسيما فيما يتعلق بالعلاقة الإيرانية “الإسرائيلية”؛ التي غالباً ما تكون محل جدل مستمر بين بعض مَن يحاول نفي المنافسة والعداء الإيراني “الإسرائيلي” ومَن يتماهى مع البروباغندا الإيرانية التي تركز على ما يُسمى “محور المقاومة”[32]، الأمر الذي يؤكد ضرورة بناء استراتيجية إعلامية توضح ارتباط تلك العلاقة المتناقضة بمشروع إيران الإقليمي التوسعي الذي يهدف إلى الوصول إلى سيادة العالم الإسلامي والمنطقة من خلال تبنّيها وتصديرها نموذجها الخاص عبر “ولاية الفقيه”، واستغلالها قضية فلسطين لترويج مشروعها في الهيمنة والتوسع، الذي يأتي ضمن أهداف سياسية محضة؛ ملخصها: محاولة غسيل سلوكها الطائفي الإجرامي الأسود، والحصول على صك براءة من الجرائم التي ترتكبها في سوريا والعراق واليمن ولبنان، وتلميع صورتها أمام الشارع العربي والإسلامي.

 تتيح المتابعة الجيدة، والفهم الدقيق للمشروع الإيراني وأهدافه إمكانية القيام بفعاليات توعية عامة إعلامياً وسياسياً واجتماعياً وثقافياً في سبيل مقاومة إيران ومشروعها في سوريا والمنطقة عموماً؛ المشروع الذي يفوق خطراً  أي مشروع احتلالي وجودي آخر في المنطقة، وهو ما ينبغي على القوى السورية المعارضة التركيز عليه، مع التركيز المستمر على توضيح السلوك الطائفي للنظام الإيراني، وطبيعة العلاقة البراغماتية التي ينسجها مع الفواعل الإقليمية والدولية الأخرى، لاسيما الولايات المتحدة و”إسرائيل”، وفهم تناقضات المصالح وتغيراتها وتلاقيها، والتركيز على الحقائق دون الركون إلى المبالغات أو نظريات المؤامرة، والتواصل المستمر مع الهيئات والمؤسسات الإقليمية والدولية، خاصة القوى العربية التي تعاني من التمدد الإيراني بشكل مباشر؛ فعلى الرغم من تزايد المؤشرات التي تشي بتحقيق نوع من الاختراق في العلاقات الإيرانية العربية (السعودية والإمارات ومصر تحديداً بدرجات متفاوتة) بعد قطيعة سياسية طويلة نسبياً، وتوقع البعض اقتراب حل الخلافات بينها تدريجياً[33]؛ إلا أنَّ التناقضات في المصالح وإصرار إيران على مضيها في مشروعها الطائفي المهدد لأمن ووجود دول المنطقة تعيق حدوث مسار تقارب حقيقي فعال[34]؛ إذ لا يُتوقع تراجع إيران عن أيديولوجيتها السياسية القائمة على “ولاية الفقيه” للوصول إلى تسيد المشهد في العالم الإسلامي، لاسيما بعد تحقيق بعض من أهدافها في سوريا والعراق واليمن ولبنان، وهو ما تنظر إليه العديد من الدول في المنطقة بوصفه تهديداً، وذلك بالتوازي مع ضرورة بناء سردية وخطاب إعلامي يفضح الأنشطة العدائية الإيرانية الخبيثة وممارساتها وانتهاكاتها في المنطقة عامة، وفي سوريا على وجه الخصوص، في سبيل حشد الرأي العام العربي والعالمي لكبح جماح النفوذ الإيراني، وحشد الجهود للتركيز على تجريم إيران وارتكابها جرائم حرب بحق الشعب السوري ومختلف شعوب المنطقة، ومحاولتها غسيل جرائمها من خلال التجارة بدعاية “المقاومة والممانعة“. ومن الجدير ذكره هنا أن كثرة جرائم إيران ومليشياتها ونظام الأسد الذي تدعمه تغني عن محاولة تكلُّف تجريم إيران من بوابة إثبات تواطئها مع “إسرائيل”، ويتعلق هذا أيضاً برفع الوعي الشعبي العربي والإسلامي ليبتعد عن تمجيد أي كيان أو دولة لمجرد مقاومته لـ”إسرائيل” بسبب تناقض مصلحي آنيّ أو حتى استراتيجي معها، لاسيما بعد أن استغل نظام الأسد والعديد من الأنظمة الديكتاتورية الأخرى دعاية المقاومة ضد “إسرائيل” طويلاً لتبرير تسلطهم وتغولهم على الدولة والمجتمع وقمع الحريات ومنع الإصلاحات.

إلى جانب ذلك تبرز أهمية الدفع باتجاه تحقيق توافق عربي تركي، من جهة أنَّ تركيا هي الموازن الإقليمي الأوضح والأقدر أمام إيران على الساحة الإقليمية، لاسيما مع تراجع الدور الأمريكي في المنطقة، ومع صعوبة مجابهة النفوذ الإيراني والحد من التأثير السلبي لارتدادات مشروع إيران وأطماعها في سوريا والمنطقة دون الاعتماد على سند إقليمي داعم، في الوقت الذي تتصاعد فيه حدة التنافس بين تركيا وإيران في الآونة الأخيرة في العديد من الميادين الإقليمية بوصفهما قطبَين مؤثرَين ومتنافسَين نتيجة لتضارب مصالحما ومشاريعهما السياسية في عدة مناطق كسوريا والعراق وأذربيجان[35]؛ فالساحة السورية مجال حيوي للتنافس والصراع التكتيكي الإيراني التركي[36]. وذلك بالتزامن مع محاولة الاستفادة من التناقضات والتنافس بين إيران من جهة والولايات المتحدة و”إسرائيل” من جهة أخرى، دون الذهاب بعيداً في اعتماد تلك التناقضات لأنها متغيرة غير ثابتة[37]، ويمكن أن تتحول إلى توافقات على حساب الشعب السوري والشعوب المكتوية بنيران المشروع الطائفي الإيراني، كما حدث عندما تغاضت إدارة اوباما عن تمدد إيران في سوريا بهدف حثّها على توقيع الاتفاق النووي.


[1] يُنظر الإصدارات الأربع السابقة:
  1. كواليس دعم الولايات المتحدة الأمريكية للخميني، 4/11/2020م، الرابط: https://bit.ly/3gIQXlF.
  2. التقرير التحليلي “تصدير الثورة والتحولات في السياسة الإيرانية”، 10/01/2021م، الرابط: https://tinyurl.com/awxmyxfs.
  3. تموج العلاقات وسط أحداث اقليمية ودولية كبرى، 22/ 03/2021م، الرابط: https://tinyurl.com/532uxvcu.
  4. تأثيرات الملف النووي والتغيرات الداخلية على العلاقات الإيرانية الأمريكية، 17/07/2021م، الرابط: https://tinyurl.com/3wzetnvp.
[2]  عن أصول النظرة الواقعية بنوعيها التقليدي والجديد يُنظر:
Waltz, Kenneth., 1988. “The Origins of War in Neorealist Theory”, Journal of Interdisciplinary History. 18 (4). At: https://tinyurl.com/2h3v5w7t.
وعن مبادئ النظرية الواقعية البنيوية وأصولها يُنظر الفيديو التالي للبروفسيور الأمريكي”جون ميرشايمر” على الرابط: https://tinyurl.com/5bdsr8fk.
[3] كواليس دعم الولايات المتحدة الأمريكية للخميني، مرجع سابق.
[4] يُنظر: كواليس دعم الولايات المتحدة الأمريكية للخميني، مرجع سابق، ص13.
[5] تموج العلاقات وسط أحداث اقليمية ودولية كبرى، مرجع سابق.
[6] تأثيرات الملف النووي والتغيرات الداخلية على العلاقات الإيرانية الأمريكية، ص11، مرجع سابق.
[7] تأثيرات الملف النووي والتغيرات الداخلية على العلاقات الإيرانية الأمريكية، ص17، مرجع سابق.
[8] لا يمكن عزل مشاركة الكيانات العراقية التابعة لإيران عن المشاركة في الدعوة لغزو العراق والمساهمة فيه وفي استقرار الغزو، فإيران بكياناتها التابعة لها (السياسية والعسكرية) في العراق شاركت فعلياً في الحرب الأمريكية على العراق، فضلاً عن موقف مراجع الشيعة تجاه الغزو وارتباطهم بإيران، ما يمثل أكثر من أنه “استفادة” بل شراكة وتوظيف كلا الطرفين بعضهم بعضاً لتكامل الأهداف وعدم تعارضها حينها. يمكن الرجوع لورقة: تموج العلاقات وسط أحداث اقليمية ودولية كبرى، ص17، مرجع سابق.
[9] للتوسع في هذا الموضوع يُنظر: إيران والتنظيمات المتطرفة علاقات توافقات في مناطق الصراع، مركز الحوار السوري، على الرابط: https://tinyurl.com/2p8e8hts.
[10] هنا يبرز موقف معسكر اليمين الإسرائيلي الذي  يتبنّى عادة آراء متشددة حيال إيران ومشروعها النووي، ويميل في الغالب إلى تصعيد النزاع عسكرياً مع إيران على حساب الحلول الدبلوماسية، وتمثّل ذلك بمواقف نتنياهو (رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق والوجه الأبرز لليمين في “إسرائيل”) المتشددة حيال الاتفاق النووي مع إيران؛ إذ إنه يعدّ البرنامج النووي الإيراني تهديداً وجودياً لـ “إسرائيل”، وهدّد باستمرار برغبة تل أبيب بالتحرك منفردة ضد إيران، في حال توصلت الولايات المتحدة والقوى الدولية لاتفاق مع إيران لا يأخذ التخوفات “الإسرائيلية” بالحسبان.
يُنظر: نتنياهو: امتلاك إيران أسلحة نووية هو أكبر تهديد وجودي لإسرائيل، الشرق الأوسط، 2021م، على الرابط: https://tinyurl.com/wpbkshn9. ويُنظر:
 Ehud Olmert, Netanyahu’s anti-Iran campaign is Israel’s greatest failure – opinion, The Jerusalem Post, MARCH 11, 2021. At: https://tinyurl.com/4kv3ncw.
[11] يُنظر: نبيل برغال، الواقعية الإيرانية والاتفاق النووي بحث في الدوافع والمسارات، رؤية التركية، 2015. الرابط: https://tinyurl.com/423e2wac.
[13]  يُنظر: مقولات في الاستراتيجية الوطنية (شرح نظرية أم القرى الشيعية)، ص103 ــــ 114. على الرابط: https://tinyurl.com/jawhrkxa.
[14] أشار تقرير نشره مركز الجزيرة للدراسات حول الانجذاب الجيواستراتيجي الإيراني تاريخياً للأقاليم المحيطة إلى أنَّ إقليم الهلال الخصيب (العراق وسوريا ولبنان وفلسطين والأردن) قد شكّل مركز جذب تاريخي لإيران؛ بغضّ النظر عن مَن كان يتولى السلطة فيها، وهو ما قرأه “الإسرائيليون” كما يبدو، وعلموا أن نزاعاً عراقياً إيرانياً قادماً لا محالة.
يُنظر: وليد عبد الحي، بنية القوة الإيرانية وآفاقها، 2013. الرابط: https://tinyurl.com/3jp453by.
[15] وهو ما يمكن ملاحظته عموماً في التعامل “الإسرائيلي” مع مفهوم “تصدير الثورة” الذي تبنّته إيران بعد مجيء الخميني إلى السلطة، حيث كان تبنّي إيران “تصدير الثورة” إلى الجوار العربي محل ارتياح لإسرائيل التي رأت في الاستراتيجية الإيرانية الجديدة تهديداً للحكومات العربية التي سترى في إيران تهديداً أكبر على مصالحها الاستراتيجية من “إسرائيل”، وهو ما قد يعني توجهاً عربياً نحو التطبيع مع “إسرائيل” للوقوف بوجه التمدد الإيراني في المنطقة. يُنظر:  تصدير الثورة والتحولات في السياسة الإيرانية، ص6، مرجع سابق.
[16] هذا مع الأخذ بعين النظر أنَّ مسألة التطبيع العربي مع “إسرائيل” وما سيؤدي إليه ذلك من إخراج “إسرائيل” من العزلة المفروضة عليها قد يبدو مرتبطاً أيضاً بعدة عوامل داخلية وخارجية أخرى، كموقف الإدارة الأمريكية وتوجهاتها تجاه العملية السلمية بين الفلسطينين والإسرائيلين، إضافة إلى توجهات الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة ومواقفها من العملية السلمية.
[17] هذا ما حصل في سوريا؛ فـ”إسرائيل” لا ترغب بإسقاط الأسد لكونه قد أصبح أحد عُقد النظام الأمني الإقليمي، ولا ترغب بالتالي “إسرائيل” بحدوث فوضى حولها، ولكنها حاولت إضعاف القدرات الصاروخية الإيرانية والتوسع الإقليمي الإيراني في سوريا، دون أن تقوم بما من شأنه إضعاف الأسد.
[18]  تأثيرات الملف النووي والتغيرات الداخلية على العلاقات الإيرانية الأمريكية، ص13، مرجع سابق.
[19] كان معروفاً أن الحزب الجمهوري أكثر تأييداً للشاه وسياساته، وربما زاد من عداوة كارتر للشاه ما سمعه عن إنفاق السفارة الإيرانية بأمر من الشاه ملايين الدولارات على دعم مرشح الحزب الجمهوري المنافس لكارتر.
يُنظر: موسى الموسوي، الثورة البائسة، ص14. الرابط: https://tinyurl.com/3dhbwn8a.
[20] هذا بحسب ما كشفته دراسة غربية معنونة بـ “دور جماعات الضغط الإيرانية في صنع القرار الأمريكي تجاه إيران”، منشورة في عربي 21، 2016م. على الرابط:  https://tinyurl.com/2yymbza3.
[21] يُنظر: حسن أحمديان، رئيسي والسياسة الخارجية الإيرانية.. بين الاستمرار والتغيير، مركز الجزيرة للدراسات، 30/06/2021. الرابط: https://tinyurl.com/5bxwfbds.
[22] أحمديان، المرجع السابق.
[23] يُنظر: محجوب الزويري، العلاقات الإيرانية-السورية والحراك السوري الشعبي، مركز الجزيرة للدراسات، 24/08/2011م. الرابط: https://tinyurl.com/kymm5kxf.
ولما يمثله المشروع الإيراني، المتمثل في التغلغل الثقافي داخل النسيج السوري والطبقات الاجتماعية السورية، من مخاطر كبيرة على الهوية الوطنية السورية، وفي إطار جهوده للمساهمة في تعزيز الهوية الوطنية السورية الجامعة ورصد الأخطار المحدقة بها؛ نشر مركز الحوار السوري دراسة كاملة في أربعة إصدارات بعنوان “التغلغل الثقافي الإيراني في سوريا: أدواته مخاطره سبل مواجهته”، وهي كما يلي:
  1. التغلغل الثقافي الإيراني في سوريا (1): الأدوات الدينية، 10/05/2020م. الرابط: https://tinyurl.com/5cub49bw.
  2. التغلغل الثقافي الإيراني في سوريا (2): الأدوات التعليمية والاجتماعية، 02/06/2020م. الرابط: https://tinyurl.com/y25236nt.
  3. التغلغل الثقافي الإيراني في سوريا (3): الأدوات الإعلامية والديموغرافية، 30/06/2020م. الرابط: https://tinyurl.com/28pd3w9h.
  4. التغلغل الثقافي الإيراني في سوريا (4): مخاطره على الهوية السورية وسبل مواجهته، 19/09/2020م. الرابط: https://tinyurl.com/4d8ht33r.
[24] يُنظر: معن طلاع، الدور الإيراني في الأزمة السورية: التموضع والتحالفات والمستقبل، مركز الجزيرة للدراسات، 06/03/2019. الرابط: https://tinyurl.com/s2c7eate.
[25] ساهم التدخل العسكري الإيراني في سوريا والذي بدأ في وقت مبكر بالتأثير على مجرى الأحداث عسكرياً وسياسياً، وقدمت الساحة السورية مسرحاً جديداً ساهم في تعزيز المشروع الإيراني بشكله العسكري في المنطقة ونقل المعركة إلى ساحات جديدة، ونظراً لما يحمله مشروع المليشيات الإيرانية العابرة للحدود – أو التابعة لها – من مخاطر على الأمن الإقليمي وعلى الهوية السورية ولدوره الواضح في ترسيخ عملية تغيير ديمغرافي ممنهج ؛ نشر مركز الحوار السوري دراسة كاملة في ثلاثة إصدارات بعنوان “مليشيات المشروع الإيراني في سوريا”، وهي كما يلي:
  1. التقرير التمهيدي “مليشيات المشروع الإيراني في سوريا: التصنيف والتبعية وعوامل الحشد”، 1/11/2019م. الرابط: https://sydialogue.org/0228 .
  2. الورقة التحليلية “مليشيات المشروع الإيراني في سوريا … الأدوار ومجالات التأثير”، 22/11/2019م. الرابط: https://sydialogue.org/t16s.
  3. الورقة التحليلية “مليشيات المشروع الإيراني في سوريا … المستقبل والأثر الإقليمي”، 03/01/2020، الرابط : https://sydialogue.org/n7dr
[26] Larry Hanauer, Israel’s Interests and Options in Syria, Rand corporation, at: https://tinyurl.com/v3sssr6w. and, Under the Microscope: Israel’s Role in the Syrian Conflict, Sputnik, July 17, 2017. At: https://tinyurl.com/wpzter9f.
[27] يُنظر: التقرير التمهيدي: ميليشيات المشروع الإيراني في سوريا 1، التصنيف والتبعية وعوامل الحشد، مركز الحوار السوري، 2019م. الرابط: https://tinyurl.com/yveaenxv.
[28] ربما تشكل حالة درعا و”اتفاق التسوية” في تموز من العام 2018م أبرز الأمثلة على التنسيق بين “إسرائيل” وباقي الفواعل الدولية للعمل ضد الوجود الإيراني في منطقة قريبة من حدود “إسرائيل”؛ فقد أفادت تسريبات حينها بحدوث توافق بين روسيا وأمريكا و”إسرائيل” حول القبول بسيطرة النظام على الجنوب، شريطة إبعاد إيران عن الحدود مع الجولان، وهو ما تكفل به وضمنه الجانب الروسي.  يُنظر:
  Israel, Hizbollah and Iran: Preventing Another War in Syria, 16.  International Crisis Group, 02.08.2018. at: https://tinyurl.com/ja26j5ex.
[29]  وقد كان التنسيق العسكري والأمني والاستخباراتي في العمليات ضد تنظيم “داعش” في العراق وسوريا في العام 2014م من أبرز أوجه التعاون بين البلدين في عهد أوباما، وكان له عظيم الأثر في سوريا. يُنظر:
Dina esfandiary and Ariane tabatabai, Iran’s ISIS policy, 2015. At: https://tinyurl.com/6mdhznbb.
[30] فضح “بن رودس” الذي شغل منصب نائب مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي باراك أوباما في كتابه “العالم كما هو” الكثير من سياسات الإدارة الأمريكية في عهد أوباما؛ إذ كشف “أن رفع العقوبات بعد التوصل إلى الاتفاق النووي أفاد الخزينة الإيرانية بنحو 400 مليار من واردات النفط، حولت منها طهران نحو 100 مليار لدعم تمددها في سوريا والعراق واليمن ولبنان وإفريقيا والمغرب العربي”.
يُنظر: التقرير الصحفي “بن رودس: أوباما يعشق إيران حد العمى ويكره العرب”، الخليج، 2018م. الرابط: https://tinyurl.com/4we9cwwu. ويُنظر: “نصر الله”: إيران لن تتخلى عن دعمها لحزب الله بعد الاتفاق النووي، السورية نت، 25/07/2015م. الرابط: https://tinyurl.com/4t9z76sy.
[31] تُنظر: الورقة التحليلية “الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي الإيراني وانعكاساته على الملف السوري”، مركز الحوار السوري، 15/05/2018م. الرابط: http://sydialogue.org/files/report37.pdf.
[32]  غالباً ما يحدث هذا الجدل على المستوى الشعبي وعلى مستوى النخب أيضاً، وفي المناظرات الإعلامية وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، كما حدث بعد اشتباكات الفصائل الفلسطينية مع “إسرائيل” وشكر بعضها لإيران وقادتها، خاصة بين السوريين والعراقيين واليمنيين من جهة والفلسطينيين والمتعاطفين معهم من جهة أخرى، وعلى الرغم من تعاطف معظم الشعوب العربية مع القضية الفلسطينية؛ إلا أن إشادة بعض الشخصيات الفلسطينية بإيران مثّل شرخاً عميقاً على المستوى الشعبي، الأمر الذي يعكس ضرورة دراسة المقاربة الإعلامية في خطاب الرأي العام حول الموضوع.
[33] يُنظر: السعودية وإيران.. هل آن أوان المصالحة بين قُطبي الخليج؟ 25/01/2021م، على الرابط: https://tinyurl.com/59azcp4e. وإيران والإمارات.. تطبيع اقتصادي وتوقعات بارتفاع المبادلات التجارية، مركز الجزيرة، 06/09/2019م، على الرابط: https://tinyurl.com/vf7c8fwh.
[34]  لم تكد بوادر التهدئة بين السعودية وإيران تظهر حتى جاءت تصريحات وزير الإعلام اللبناني “قرداحي” المحسوب على حزب الله (أداة إيران في لبنان) تأييداً للحوثيين (أداة إيران في اليمن) ضد السعودية، وحدثت الأزمة الخليجية مع لبنان؛ إذ تمثل الأزمة وجهاً من أوجه التوتر بين دول الخليج وإيران بسبب هيمنة الأذرع المليشياوية الإيرانية وتدخلها في مختلف البلدان العربية.
[35] هذا مع وجود مساحة للتعاون بين البلدين نظراً لتقارب وجهات نظرهم في العديد من الملفات، كالملف الاقتصادي والموقف من الانفصال الكردي، وغيرها.
[36] ظهرت معالم احتكاك وتوتر بين تركيا ومليشيات إيران أثناء عملية “درع الربيع” التركية والمناوشات المباشرة التي حصلت بين الجيش التركي والميليشيات الموالية لإيران، ووصف وسائل إعلام تركية رسمية تلك الميليشيات بـ “الإرهابية” رداً على هجمات استهدفت جنوداً أتراكاً في إدلب العام الماضي؛ فقامت تركيا بضربات انتقامية قالت إنها استهدفت “مواقع للنظام السوري والميليشيات الإرهابية الداعمة له في منطقة خفض التصعيد بإدلب”، في إشارة إلى ميليشيات إيران التي تقاتل إلى جانب قوات نظام الأسد.
يُنظر: عام من الصمود … كيف أتمّ اتفاق موسكو عامه الأول دون أن ينهار؟ مركز الحوار السوري، الرابط: https://tinyurl.com/54tzkhk7.
[37] وتقوم روسيا حالياً باستثمار التناقض الإيراني “الإسرائيلي” لتقديم نفسها كضامن لأمن “إسرائيل”، مع عرض إبعاد الأسد عن إيران مقابل استعادة شرعية الأسد فيما بات يُعرف بسياسة الخطوة بخطوة. للإطلاع أكثر انظر: هل نشهد مقاربة جديدة للتعاطي مع الملف السوري؟ قراءة في المواقف الدولية والإقليمية، 22/11/2021م، على الرابط: https://tinyurl.com/3dzn2u6r.

مؤسسة بحثية سورية تسعى إلى الإسهام في بناء الرؤى والمعارف بما يساعد السوريين على إنضاج حلول عملية لمواجهة التحديات الوطنية المشتركة وتحقيق التنمية المستدامة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى