الأبحاث والدراساتالإصداراتالوجود السوري في تركياالوحدة المجتمعية

السوريون في تركيا: جوانب إضافية من الضعف والهشاشة كشفَها الزلزال

تقرير تحليلي صادر عن الوحدة المجتمعية في مركز الحوار السوري

ملخص تنفيذي:

شهد جنوب تركيا وشمال سوريا يوم 6 فبراير/شباط 2023 وقوع زلزالين مدمرين بلغت قوتهما 7.8 و7.4، تسببا بمقل عشرات الآلاف وتشريد الملايين، وكشفا عن جوانب من مواضع الضعف والخطأ أسهمت في زيادة حجم المأساة وزيادة المعاناة على شرائح مختلفة من المجتمع.

ضرب زلزال 6 فبراير/شباط عشر ولايات تركية يعيش فيها ما يقارب 1.7 مليون سوري يشكلون %50 من إجمالي عدد السوريين في تركيا، وقد بلغت نسبة الوفيات من السوريين %0.2 من إجمالي عدد السوريين المقيمين في تلك الولايات، و %9 من إجمالي عدد ضحايا الزلزال في تركيا، فيما لا تزال معدلات الجرحى غير معروفة حتى الآن.

تحركت إدارة الهجرة التركية بعد اليوم الثاني من الزلزال، إذ جمدت العمل بأذونات السفر للاجئين المسجلين في الولايات المنكوبة، وسمحت لهم بالذهاب لأي ولاية أخرى، وطالبتهم باستخراج إذن سفر من الولاية الجديدة يسمح لهم بالمكوث في تلك الولاية مدة  90 قابلة للتجديد يومًا، كما فتحت باب الزيارات إلى سوريا مجدداً، ومنحت من يريد  الذهاب إجازات تراوحت مدتها بين 3-6 شهور في الشمال السوري. كما أصدرت عددًا من المنشورات بلغات مختلفة تشرح سبل الاستجابة العامة لكارثة الزلزال.

واجه السوريون العديد من الإشكاليات التي أظهرت هشاشة وضعهم القانوني في تركيا. إذ لم تكن هناك خطة واضحة للتعامل معهم خلال كارثة كبيرة مثل الزلزال، كان ومن أهمها الإشكاليات مسألة استصدار إذن سفر في الولاية الجديدة ، والذي اشترط  وجود عائلة مستضيفة وحضور جميع أفراد العائلة المتضررة من الزلزال لإدارة الهجرة من أجل تثبيت قيد السكن، الأمر الذ تسبب بحالة من الإرباك في الدوائر الحكومية، وصعّب الأمر على بعض الأسر التي لا يسمح وضعها المادي باستضافة أقاربهم لفترات طويلة، أو على الناجين الذين ليس لديهم أقارب في تركيا.

وقد فقدت العديد من الأسر أوراقها الثبوتية السورية أو التركية في الزلزال، الأمر الذي جعلهم معرضين لعمليات الترحيل التعسفي نتيجة فقدانهم للإثباتات الشخصية، كما تسببت حالة الفوضى وعمليات الإنقاذ بفقدان التواصل بين بعض أفراد الأسرة نفسها، وهو ما زاد عدد الأطفال غير المصحوبين وعائلاتهم الذين واجهوا مشكلات في عملية لم الشمل لاحقاً.

وفي جانب آخر، لم يكن واضحاً ما إذا كان بإمكان اللاجئين السوريين الحصول على الخدمات الطبية على المدى المتوسط والطويل وفي الحالات غير الطارئة في الولايات التي نزحوا لها، إذ لم تصدر أي بيانات رسمية بهذا الخصوص حتى تاريخ صدور التقرير.

ومع وقوع الزلزال أعلنت الحكومة التركية عن تعطيل الدراسة في الولايات المنكوبة حتى الأسبوع الثالث من مارس/آذار، ولم يكن واضحاً ما إذا كانت المدارس في الولايات غير المتضررة ستستقبل الطلاب السوريين القادمين من الولايات المنكوبة أم لا، في حين واجه طلاب الجامعات السوريين صعوبات في تأمين الأقساط الجامعية، ما أدى إلى حرمان بعضهم من إكمال دراستهم لفصل دراسي على أقل تقدير.

واجه السوريون كذلك مشكلات كبيرة في مسألة الإيواء، إذ تعرضوا للابتزاز من ملاك بيوتهم من أجل الاستحواذ على الإعانات الحكومية المقدمة لهم كمساعدات أولية، أو بدأ بعض ملاك البيوت برفع الإيجارات عليهم بشكل كبير أو بالمطالبة بخروجهم من البيت لحجج مختلفة، حيث تسببت قوانين تقييد الأحياء بصعوبات كبيرة للسوريين في مسألة عثورهم على منزل جديد للإيجار.

ساهم الزلزال بزيادة الصعوبات الاقتصادية على شرائح واسعة من السوريين في تركيا الذين يعملون بشكل غير نظامي وبأجرة يومية أو أسبوعية، فقد فقدوا فرص عملهم ومدخراتهم وباتت التعاطي في ظروف مادية شديدة الصعوبة، وتحمل كلفة الانتقال واستئجار منازل جديدة دون أن تكفيهم الإعانات غير المستدامة التي قدمت لهم، والتي أتت لمعالجة وضع طارئ ولم تغط الاحتياجات على المستوى المتوسط والبعيد.

ومن التحديات الجلية التي تجلت بشكل واضح، غياب الدعم الموجه للفئات الهشة من السوريين، كذوي الاحتياجات الخاصة والمسنين، بالإضافة إلى ارتفاع أعداد الأيتام والأرامل بعد الزلزال، ووجود فئة هشة أخرى هي السوريين الذين لا يحملون أوراقًا ثبوتية أساساً، لم تكن مشاكلهم في الغالب غير مرئية، حيث واجهوا احتمال تعرضهم للملاحقة القانونية.

ورغم هذه المآسي التي حلت بالأتراك والسوريين على حد سواء، استغلت بعض الجهات التركية المعادية للاجئين هذه الكارثة بالتحريض على السوريين، وذلك إما بنشر أخبار كاذبة حول قيامهم بالنهب والسلب، أو بالدعوة لمنع السوريين من الاستفادة من الخدمات الحكومية كالإيواء في المساكن الطلابية، وقد تسبب هذا النوع من الخطاب في زيادة استهداف العديد من السوريين والعاملين في الفرق الإنسانية بالاعتداء بسبب تأثر بعض السكان بهذه الشائعات التحريضية.

وقدم التقرير في خاتمته توصيات للجهات التركية والسورية، والتي كان من بينها إعادة النظر في الشكل القانوني للحماية المؤقتة، وتقديم تسهيلات للحصول عليها وعلى أذونات السفر، وإعادة النظر في أوضاع المخالفين، ونشر تعميمات وبيانات تعتمدها إدارة الهجرة منعًا للالتباس، ومكافحة الخطاب التحريضي العنصري.

كما أوصى التقرير الجهات السورية بالتعاون مع المنظمات المعنية باللاجئين، والضغط على مفوضية اللاجئين لأخذ دور الوسيط لإصدار وثائق رسمية لمن فقدوا وثائقهم، ومتابعة قضايا العائلات التي فقدت أطفالها، وتشجيع دعم الطلاب الجامعيين، وزيادة الاهتمام بالفئات الهشة، وتطوير سياسة إعلامية تسعى لسد الفجوات بين الأتراك والسوريين.

مقدمة

خلال ثوانٍ معدودة وجدَ السوريون والأتراك أنفسهم في مواجهة كارثة إنسانية كبيرة فاقَ ضررُها كلَّ التوقعات؛ إذ خلّفت عشرات الآلاف من الضحايا والمفقودين، والملايين من الناجين المشرَّدين، ودماراً قُدّر بملايين الأطنان من الأنقاض، كما سبّبت صدمات نفسية لن تزول آثارها على المستوى المنظور؛ إلا أنها أبرزت جوانب ناصعة من التضامن والتآزر والدعم المجتمعي من جهة، وكشفت عن جوانب من مواضع الضعف والخطأ أسهمت في زيادة حجم المأساة وزيادة المعاناة على شرائح مختلفة من المجتمع.

في فجر السادس من شباط عام 2023م ضربَ زلزالان بشدة 7.8، و7.6 على مقياس ريختر جنوب تركيا وشمال سوريا بفارقٍ زمني قدرُه عدة دقائق[1]، ولحقه خلال الأسابيع الثلاثة اللاحقة ما يزيد عن 9300 هزة ارتدادية، فاق بعضها في شدته الـ 6 درجات على مقياس ريختر، خلّفت خسائر بشرية فاقت 44 ألف ضحية وما زالت الأرقام مرشحة للازدياد[2].

استنفرت الحكومة التركية ومؤسساتها المتخصصة للاستجابة لهذه الكارثة، واستقبلت الكثير من المساعدات والفرق الداعمة التي قدمت للمساعدة في إنقاذ المدنيين ورفع الأنقاض، وانطلقت الفرق التطوعية السورية والعربية المقيمة في تركيا لتقديم أشكال المساعدة المتاحة للاستجابة لهذه الكارثة الكبيرة.

ضرب زلزال 6 شباط عشر ولايات تركية يعيش فيها ما يقارب 1.7 مليون سوري يشكلون 50% من إجمالي عدد السوريين في تركيا، وقد بلغت نسبة الوفيات من السوريين 0.2% من إجمالي عدد السوريين المقيمين في تلك الولايات[3]، و 9% من إجمالي عدد ضحايا الزلزال في تركيا، فيما لا تزال معدلات الجرحى غير معروفة حتى الآن.

وقد كشف الزلزال جانباً من حالة الضعف والهشاشة التي كانت تشوب الحياة التي يعيشها السوريون في تركيا، وفاقم من حالة الاحتياج والفقر التي يعيشونها؛ لاسيما مع غياب أية شبكات مجتمعية داعمة، وغياب أي أصول أو مدّخرات يمكن أن يُستفاد منها خلال الكوارث والأحداث الطارئة، كما أن العديد من الإشكاليات الطارئة الناتجة عن الوضع القانوني الخاص بالحماية المؤقتة قد برزت وأسهمت في كثير من الارتباك والمشاكل التي لم تُؤخذ بالحسبان.

يحاول هذا التقرير تتبُّع الإشكاليات التي واجهت السوريين المتضررين جراء الزلزال والتنبيه المبكر عليها، ودعوة المعنيّين للتحرك والتفاعل معها بهدف تخفيف آثار الزلزال عن شريحة ما زالت تعاني من ارتدادات الحرب واللجوء والصدمات القاسية التي شهدتها، وقد اعتمد هذا التقرير على رصيد سابق للوحدة المجتمعية في مركز الحوار السوري في رصد مشاكل السوريين في مختلف المجالات[4]، وعلى عملية رصدٍ ومتابعةٍ للمشكلات التي ظهرت بين شريحة واسعة من السوريين خلال الأسابيع الثلاثة عقب الزلزال وتتبُّع الآثار المختلفة للزلزال في سوريا[5] وتركيا، بالإضافة إلى مخرجات إحدى الورشات التي شاركت فيها الوحدة المجتمعية لمناقشة مشاكل السوريين عقب الزلزال.

يسلّط التقرير في قسمه الأول الضوء على الاستجابة الطارئة التي أدارتها دائرة الهجرة التركية عقب الزلزال والقرارات الناظمة لها، ويوضح في قسمه الثاني بعض جوانب الضعف والهشاشة التي ظهرت نتيجة الكارثة، ويقدّم في قسمه الأخير مجموعة من الحلول والتوصيات لتحسين هذه الاستجابة على المدى المتوسط والبعيد.

أولاً: دائرة الهجرة التركية؛ والاستجابة الطارئة الخاصة بالسوريين:

تحركت دائرة الهجرة المعنية بشؤون الأجانب في اليوم الثاني على وقوع الزلزال، واجتمعت مع بعض الإعلاميين وممثلي المجتمع المدني لتُطلعهم على بعض القرارات الخاصة بالسوريين المقيمين في الولايات المنكوبة من الزلزال، ثم أصدرت في اليوم الثالث قراراً يقضي بتجميد العمل بإذن السفر[6] المطلوب للتنقل بين الولايات لحاملي بطاقة الحماية المؤقتة الصادرة من الولايات العشرة المنكوبة، وأشارت إلى أن بإمكانهم التنقل بحرية بين الولايات والذهاب إلى أقاربهم باستثناء الموجودين في إسطنبول، مع تأكيد ضرورة أن يستصدر المتضرّرون أذونات سفر من مراكز دائرة الهجرة في الولايات التي يصلون إليها والتي ستُمنح لهم لمدة 90 يوماً، بهدف معرفة مكان استقرارهم وإقامتهم المؤقتة؛ وصدرَ القرار بشكل مكتوب ونُشر على العديد من المعرّفات الإعلامية السورية[7].

بعد مرور يومين على تجميد العمل بإذن السفر انتشرت تعليمات جديدة موجهة للأجانب بشكل عام ومكتوبة بأربع لغات: التركية والإنكليزية والعربية والفارسية، تشير إلى عدة توضيحات تتعلق بالاستجابة العامة للزلزال؛ إذ أوضحت هذه التعليمات أن عمليات الإخلاء المجاني جواً لن تشمل الأجانب الذين يفترض بهم أن يتدبروا أمورهم بمعرفتهم[8]، مع التشديد على عدم قدوم الأجانب إلى إسطنبول، ورغم أن هذه التعليمات لم تحمل أية إشارة رسمية فإنه تم التأكد من أنها صادرة عن دائرة الهجرة[9].

الشكل 1: التعميمات الخاصة بالأجانب التي نُشرت في 10/2/2023 وتُنسب – وفق مصادر مطلعة – لدائرة الهجرة

شملت عمليات الإخلاء الجوية المجانية العديد من المتضررين من الزلازل في الأيام الأولى عقب الزلزال دون تمييز؛ إلا أن القيود والتشديد زاد بعد إصدار هذه التعميمات، وهو ما دفع بالعديد من الجهات السورية لتأمين باصات نقل مجانية لنقل العائلات المتضررة خارج المناطق المنكوبة، كما صدر تعميم لاحق من إدارة الكوارث والطوارئ “آفاد AFAD” موجه بشكل عام يشير إلى اعتماد الإدارة خطة تتكفل فيها “آفاد” بعمليات الإخلاء وتوزيع المنكوبين المحتاجين للمساعدة ضمن مراكز الإيواء المؤقتة حول الولايات، وقد شملت تلك العمليات بعض الأسر السورية؛ إلا أنه من غير الواضح حتى الآن ما إذا كانت هذه الخطة ستشمل أعداداً أكبر منهم[10].

وقد تراجعت دائرة الهجرة بشكل غير رسمي عن منع ذهاب العائلات السورية المتضررة إلى أقاربهم في إسطنبول، وسمحت لهم بالمكوث فيها بشرط استصدار إذن سفر من إحدى مراكز دائرة الهجرة فيها ولمدة لا تزيد عن شهرين، واشترطت للحصول على هذا الإذن اصطحاب أحد أفراد العائلة التي تستضيفهم من أجل تثبيت عنوان إقامتهم المؤقتة، وقد طُبّق هذا الشرط في جميع الولايات[11].

كما أعلنت عدد من المعابر السورية بالتنسيق مع إدارة الهجرة السماح لحاملي بطاقة الحماية المؤقتة “الكيملك” من الولايات المتضررة بالدخول الى سوريا في إجازات لا تقل عن 3 أشهر ولا تزيد عن 6 أشهر، مع الإشارة إلى إلغاء قيد الكيملك فيما لو تجاوزت مدة الزيارة المدة القصوى[12].

وعقب الزلزال تحركت العديد من الجهات والمنظمات السورية والفرق التطوعية للاستجابة لحاجة العائلات السورية النازحة داخل الأراضي التركية جراء الزلزال؛ فأقامت مراكز للإيواء المؤقت، وتم جمع المساعدات العينية والنقدية، وتأمين شقق لإسكان بعض العائلات فيها بشكل مؤقت، كما تحركت العديد من الفرق الشبابية التطوعية السورية والعربية إلى المحافظات التركية الجنوبية لمساعدة فرق الإنقاذ.

ومن المفهوم أن اتساع حجم الكارثة وحجم المتضررين قد أربكَ الحكومة التركية في استجابتها للزلزال الذي يُعد الأكبر في المنطقة منذ القرن الماضي، إلا أنه أوضح أيضاً هشاشة وضع السوريين في تركيا؛ فلم تكن هناك خطة واضحة عند دائرة الهجرة للتعامل مع أعداد كبيرة من السوريين في أوقات الأزمات والكوارث، كما تسببت التعميمات الشفهية بحالة من عدم اليقين والارتباك، وأدت إلى انتشار العديد من المعلومات المغلوطة وصعوبة الحصول على المعلومات الدقيقة.

وإلى جانب ذلك لم تكن هناك جهة سورية واضحة تدير عملية الاستجابة بالتعاون مع الأطراف التركية وتتفاعل مع احتياجات المنكوبين؛ فقد كانت غالبية المنظمات السورية المرخصة في تركيا – المتضررة أساساً من الزلزال- تعمل بأقصى طاقتها للتفاعل مع الاحتياجات داخل سوريا، لاسيما وأن السوريين خارج مناطق سيطرة نظام الأسد كانوا الشريحة الأضعف، وكانت الخسائر المادية والبشرية جراء الزلزال في مناطقهم كبيرة وتزامنت مع ضعف الاستجابة الإنسانية.

ثانياً: المزيد من الضعف والهشاشة؛ احتياجات ما بعد الزلزال

من الصعب التكهُّن حالياً بحجم الاحتياجات المطلوبة لإغاثة السوريين المنكوبين داخل الأراضي التركية من مختلف الجوانب، لاسيما وأن الحجم الكامل للخسائر لم يتضح بعد، كما أن سياسة الاستجابة متوسطة المدى للكارثة لا تبدو واضحة حالياً، خاصة فيما يتعلق بالسوريين في تركيا؛ إلا أن الأسابيع الأولى بعد الزلزال كشفت العديد من مواطن الضعف والهشاشة التي يعيشها السوريون المتضررون في تركيا، ويمكن إجمالها في النقاط الآتية:

2- 1- الإشكاليات القانونية:

تبرز الإشكاليات القانونية المتعلقة ببطاقة الحماية المؤقتة في صدارة الأمور المؤرقة للسوريين في تركيا؛ فعلى الرغم من توجيه دائرة الهجرة المنكوبين بضرورة استخراج إذن سفر  فإن هذه العملية كانت تستدعي ذهاب العائلة الناجية كاملة إلى دوائر الهجرة في المحافظات لاستصدار هذه الأوراق بشكل شخصي، مما تسبب بحالة من الازدحام غير المبرر، ولم يُراعَ أن من بين المتضررين المحتاجين لهذه الأوراق مصابين وكباراً في السن وأطفالاً لم يتعافوا بعد من أثر الصدمة، وبينهم مَن هو عاجز عن الانتظار لساعات ريثما يحين دوره، حيث كان من الممكن حل هذه الإشكالية بتعميم إمكانية الحصول على إذن السفر بشكل إلكتروني[13].

ومن جهة أخرى فقد كان طلب وجود كفيل من أحد الأقارب الذين قاموا باستضافة العائلة أمراً له بعض الإشكاليات؛ فقد استضافت بعض العائلات السورية أقاربها بشكل مؤقت، ولم يكن بإمكانها أن تستوعب هذه الاستضافة لفترة طويلة من الزمن، لاسيما وأن معظم العائلات السورية – متضررة من الزلزال أو غير متضررة- تُعد من الفئات الضعيفة التي تعيش في وضع مادي ومعاشي سيئ، وهي قادرة بصعوبة على القيام بأعبائها اليومية، ومن الصعب -بل قد يكون من المستحيل- أن تتحمل أعباء عائلات أخرى، فضلاً عن كون بعض العائلات لا تملك أقارب في تركيا، ولم يكن لها أحد يمكن أن تتوجه إليه؛ وهو ما عقّد المسألة أكثر بالنسبة إليهم.

ومن جهة أخرى لم يكن واضحاً مصير السوريين المخالفين الموجودين في تركيا، سواءٌ أولئك الذين كانوا يعانون من مشاكل في تقييد السكن وأدت سابقاً إلى تجميد قيودهم، أو الذين لا يملكون بطاقات إقامة مؤقتة سابقة وتم إطلاق سراحهم من مراكز الاحتجاز عقب الزلزال، وقد واجه بعضهم صعوبات جمّة في استخراج إذن السفر نتيجة عدم قبول النظام الإلكتروني التابع لدائرة الهجرة إجراء هذه المعاملة بسبب وجود هذه المشاكل السابقة في تلك القيود.

ويتساءل السوريون المتضررون من الزلزال عن مصيرهم بعد انقضاء مدة إذن السفر؛ حيث إن تحديد مدة الإقامة الحالية بشهرين أو ثلاثة قد عزّز حالة عدم الاستقرار لديهم، خاصة أولئك الذين تضررت بيوتهم بشكل كبير ولم تعد صالحة للسكن وفقدوا معها فرص عملهم السابقة، لاسيما وأن أحداً لم يتوجه لهم بالطمأنة فيما إذا كانوا سيتلقّون أي شكل من الدعم أو المساعدة.

كما يتخوّف السوريون من أن تطالهم عمليات الترحيل التعسفي، خاصة في المحافظات الكبرى؛ حيث رُصدت مجموعة من حالات الاعتقال التعسفي طالت عدداً من القادمين من الولايات المتضررة بحجج شتى[14]، فيُخشى أن تتزايد مثل هذه الحوادث وتتوسع، بما يضاعف معاناة هذه الشريحة ويزيد من نكبتهم.

ومن جهة أخرى فقدت غالبية العائلات السورية المتضررة في الزلزال أوراقها الثبوتية تحت الأنقاض، والتي تُعد من الوثائق الأساسية لأية عملية تحديث أو استخراج لبطاقة الحماية المؤقتة، فاستخراج وثائق بديلة أمرٌ شبه مستحيل؛ نظراً لصعوبة التعامل مع قنصلية نظام الأسد في إسطنبول، والتي تتطلب مبالغ مرتفعة جداً -سواءٌ للحصول على دور أو للحصول على هذه الأوراق- ليست في متناول غالبية العائلات المتضررة، بالإضافة إلى كونها غير مخولة باستصدار كل أنواع الأوراق الثبوتية.

وقد فقدت الكثير من العائلات بعضاً من أفرادها خلال الزلزال، وهو ما زاد عدد الأطفال السوريين غير المصحوبين، أي: الأطفال الذين أصبحوا بلا عائلات، وانقسمت هذه الفئة قسمين: قسم بقي في رعاية بعض أقاربه، وقسم آخر تم إلحاقه بالمراكز المعنية بمثل هذه الحالات عندما لم يتم التعرف على هويتهم أو عائلاتهم، وتواجه الفئة الأولى مشكلة استخراج أوراق ثبوتية تثبت هوية هؤلاء الأطفال وعلاقتهم مع أقاربهم، خاصة مع فقدان كل المعلومات السابقة كرقم الكيملك الخاص بالطفل، كما يُفترض أن يحصل أحد هؤلاء الأقارب الذين يتولون رعاية هؤلاء الأطفال غير المصحوبين على وصاية قانونية من إحدى المحاكم وفقاً لوكالة رسمية من أحد الوالدين حتى يتمكن من متابعة أمور هذا الطفل على جميع الأصعدة× إلا أن هذا الشرط قد لا يكون قابلاً للتطبيق في ظل الظروف الحالية.

بينما يعاني الأطفال غير المصحوبين الذين تم نقلهم إلى دور الأيتام والمراكز المختصة من إشكالية إثبات هويتهم ونسبهم،  لاسيما الأطفال الذين هم في أعمار صغيرة أو لا يتقنون اللغة التركية أو الذين ما زالوا تحت الصدمة؛ إذ يبرز تحدٍّ واضح في إثبات هويتهم ومعرفة مصير عائلاتهم، أو جمعهم بأقاربهم في سوريا، وليس ثمّة حتى الآن -فيما يبدو للمتابع- سياسة واضحة للتعامل مع هذه الفئة، كما لا يتوفر تقدير واضح لعددهم.

2- 2-الحصول على الخدمات الطبية والتعليمية:

سمحت الاستجابة الطارئة للزلزال لجميع المتضررين على اختلاف جنسياتهم بالوصول للخدمات الطبية الإسعافية، إلا أنه من غير الواضح حالياً فيما إذا كانت هذه الاستجابة في المدى المتوسط ستسمح لحاملي إذن السفر من الولايات المتضررة بالوصول إلى الخدمات الطبية العامة أو الباردة في الولايات الجديدة، خاصة مع وجود تعليمات سابقة بحصر تقديم الخدمات الطبية بحاملي بطاقة الكيملك في الولاية ذاتها.

ومع غياب التعميمات الرسمية ما تزال هناك حالة من عدم اليقين حول إمكانية الحصول على هذه الخدمات، لاسيما لأصحاب الأمراض المزمنة والمستعصية والنساء الحوامل والأطفال، وهو ما يعني حرمان هذه الفئة من تلك الخدمات التي قد تكون متاحة بسبب غياب المعلومة الواضحة.

ومن جهة أخرى تم تأجيل افتتاح المدارس في المناطق المنكوبة للفصل الدراسي الثاني إلى الأسبوع الثالث من آذار، حيث ما يزال من غير الواضح ما إذا كانت المدارس في الولايات غير المتضررة ستستقبل الطلاب السوريين المتضررين بناءً على الوثيقة التي يحملونها “إذن السفر المؤقت”، خاصة أولئك الذين تُعد فرص عودتهم الحالية إلى ولاياتهم المتضررة ضئيلة بسبب انهيار المباني التي كانوا يقيمون فيها، مما قد يحرم آلاف الطلاب السوريين من حقهم في التعليم لفصل دراسي كامل على الأقل.

ومع أن انتقال التعليم الجامعي إلى التعليم الافتراضي قد حلّ بعض المشاكل المرتبطة بالحضور الجغرافي فإن الطلاب السوريين في الجامعات الموجودة في المحافظات المنكوبة سيعانون من مشاكل جدّية في تأمين القسط المطلوب للفصل الثاني الذي يسمح لهم بمتابعة تعليمهم والالتحاق بالصفوف الإلكترونية، خاصة مع عجز الكثيرين منهم عن دفع هذه الأقساط نتيجة الخسائر المادية التي مُنيت بها عائلاتهم، مما قد يحرمهم من متابعة تعليمهم لهذا الفصل على أقل تقدير.

2- 3- إشكاليات المساعدات وجهود الإيواء:

أعلنت الحكومة التركية خطة استجابة واضحة للعائلات المنكوبة، وأنشأت العديد من مراكز الإيواء، وباشرت في عمليات التعويض وإعادة بناء الأبنية المتهدمة، وقد استقبلت بعض مراكز الإيواء عدداً من العائلات السورية وتم تأمين خيام لها، كما وصلت لبعض العائلات السورية المتضررة التي اضطرت للنزوح مساعدة قدرها 10 آلاف ليرة تركية أسوة بالعائلات التركية. إلا أن بعض العائلات السورية تعرضت للابتزاز والتهديد من مالكي البيوت التي كانوا يقيمون فيها؛ فقد تم تهديد بعض العائلات بضرورة تسليم المبلغ لصاحب المنزل التركي والادعاء بأنها مخصصة له، واستجابت بعض هذه العائلات للتهديدات، لاسيما مع غياب أي توضيح قانوني يشير إلى الجهة المستحقة لهذه المساعدة[15].

ومن جهة أخرى بدأت بعض العائلات السورية في المحافظات غير المتضررة بالتعرض للضغط من أجل رفع الإيجارات الشهرية للمنازل التي تقيم فيها بحجة احتياج صاحب المنزل لإخلائه من أجل إسكان أقاربه من المتضررين، وهي حالة لا تبدو موجهة للسوريين فقط، وإن كان السوريون هم الأكثر ضعفاً؛ وذلك للحواجز اللغوية وضعف اطلاعهم على القانون وعدم توثيقهم عقود الإيجار بشكل قانوني.

كما تسببت سياسة تقييد الأحياء التي انتهجتها الحكومة التركية في وقت سابق بهدف ضمان توزيع الأجانب بشكل عادل في جميع المناطق بإشكاليات جديدة؛ حيث تواجه العائلات السورية القادمة إلى المحافظات غير المنكوبة صعوبة بالغة في إيجاد منازل للإيجار، خاصة مع عزوف كثيرين من أصحاب المنازل عن تأجير الأجانب.

2- 4- إشكاليات فقدان العمل والاحتياج المادي:

يُعد السوريون من أكثر الفئات هشاشة في المجتمع التركي، لاسيما وأن التقديرات تشير إلى أن 90% من السوريين في سوق العمل يعملون في الاقتصاد غير الرسمي، أي: بشكل غير نظامي ودون استصدار أذونات عمل، وهم يتلقون رواتب أدنى من الحد الأدنى للأجور، ويعملون لساعات طويلة دون الحصول على حقوقهم في التأمينات الاجتماعية أو الصحية[16].

وإلى جانب ظروف العمل غير العادلة تعمل شريحة كبيرة من السوريين وفق نظام العمل قصير الأمد، العمل اليومي أو الأسبوعي، ويتنقلون بين الكثير من المهن والورشات للحصول على ما يقيهم ذل السؤال؛ فهذه الفئة تؤمّن احتياجاتها الأساسية عندما تعمل فقط، كما أنها لا تملك أي مدخرات أو جهات تدعمها عندما تتوقف عن العمل.

لقد حرم الزلزال شريحة واسعة من السوريين من فرص العمل التي كانت تؤمّن لهم احتياجاتهم، وأصبحوا ضيوفاً عند عائلات سورية لا يختلف حالها عن حالهم، دون أن يتم الانتباه لهم أو تصميم أنماط استجابة خاصة لدعمهم؛ إذ إن أولوية الاستجابة والدعم المادي موجهة حالياً من الحكومة التركية لمواطنيها.

كما أن نمط التبرعات والمساعدات الإنسانية التي تتحرك بها العديد من الفرق الإنسانية غير مستدامة، وهي قائمة على تبرعات صغيرة لسدّ الاحتياجات الطارئة وليس بإمكانها الاستمرار على المدى المتوسط أو البعيد، وهو ما يعني توقع زيادة معدلات الضعف الاقتصادي بين عموم العائلات السورية، متضررة كانت أو مستضيفة، وزيادة التنافس على فرص العمل المتاحة في الولايات التي استقبلت متضررين؛ مما قد يسبب ارتفاع معدلات التوتر المجتمعي بين السوريين والأتراك بسبب التنافس على الموارد المتاحة[17].

2- 5- احتياجات الفئات الأكثر هشاشة:

من التحديات غير المرئية التي لم تبرز للعلن بعد: التعامل مع الفئات الأكثر هشاشة، مثل المسنّين وذوي الإعاقات وذوي الاحتياجات الخاصة الذين فقدوا الاستقرار، وربما فقدوا بعض شبكاتهم الاجتماعية الداعمة والراعية، لاسيما وأن المؤسسات السورية التي كانت تقدّم خدمات لهذه الشريحة كانت محدودة جداً، وكانت متركزة في الولايات الحدودية وتضرّرت من جراء تداعيات الزلزال، وهذه من التحديات التي يلزم التعامل معها بأسرع وقت ممكن.

ومن جهة أخرى تسبب عدد الوفيات المرتفع بين السوريين بازدياد نسبة الأيتام والأرامل، وتضررت الكثير من المنظمات التي كانت ترعى هاتين الفئتين، مما اضطرها لإيجاد سكن ومأوى وكفالة للعائلات التي كانت تعيلها سابقاً، وهو ما يعني عدم قدرتها على استيعاب المزيد من العائلات والأطفال من هذه الفئة.

كما يبرز السوريون المخالفون الذين لا يملكون أية أوراق ثبوتية كإحدى الفئات الهشّة وغير المرئية؛ فهم محرمون من الخدمات ومن المساعدات، ومن العمل أيضاً، ومعرَّضون للملاحقة القانونية لعدم امتلاكهم أية صفة قانونية تسمح لهم بالوجود في الأراضي التركية، وهو ما يتطلب النظر في هذه المشكلة والسعي لحلها من جذورها.

2- 6- ازدياد خطاب التحريض:

رغم الفاجعة الكبيرة التي حلت بتركيا جراء الزلزال الذي لم يفرق في آثاره وضحاياه بين السوريين والأتراك فقد استغلت بعض الجهات السياسية الأزمة الإنسانية لزيادة التحريض والكراهية تجاه السوريين، مستغلة ملف الوجود السوري في تركيا للطعن بالحكومة التركية وتحقيق مكاسب سياسية، خاصة مع اقتراب الانتخابات التركي.

وبدأ بعض السياسيين المعروفين بعداوتهم للاجئين بنشر إشاعات على مواقع التواصل الاجتماعي والادعاء أن السوريين يسرقون المباني المدمرة، ويسطون على المتاجر في ولاية هاتاي خاصة، وبتحريض المتابعين ودعوتهم إلى التجمع أمام السكن الجامعي في مرسين للمطالبة بإخراج النازحين من الأماكن المتضررة في هذا السكن؛ مما اضطر قوات الشرطة للتدخل وإخلاء السكن من العائلات السورية المقيمة فيه[18].

كما نشر بعض السياسيين على معرّفاتهم الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي معلومات مغلوطة وأخباراً كاذبة تتهم السوريين بقيامهم بأعمال نهب وسرقة في المناطق المنكوبة، أو الادعاء بأن الحدود مفتوحة بعد الزلزال وأن موجات الهجرة من سوريا قد تجدّدت، وقد وصل الأمر إلى نشر فيديو يُظهر مسلحين يدعون إلى إطلاق النار مباشرة على السوريين والأفغان[19].

كما تعرّضت بعض الفرق الإنسانية والتطوعية للاعتداء والضرب من بعض المدنيين الذين تأثروا بالأخبار الكاذبة التي نُشرت حول قيام السوريين بعمليات السرقة والنهب، لاسيما وأن هذ الفرق لم تحمل بطاقات متطوعين معتمدة من الجهات التي تشرف على عمليات الإنقاذ[20].

ثالثاً: خلاصة وتوصيات:

من المبكر الحديث عن الآثار والخسائر النهائية التي تسبب بها الزلزال؛ إلا أنه من الواضح أن هذا الزلزال سيحمل معه الكثير من التحديات والتغيرات على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وستطال المجتمع التركي المضيف واللاجئين السوريين المقيمين تحت صفة الحماية المؤقتة.

ومن جهة أخرى فإن هذه الكارثة الإنسانية على الرغم من هولها فهي تحمل كثيراً من الفرص، أهمها: إمكانية ترميم العلاقة بين المجتمعَين السوري والتركي، والتعاطي مع الأخطاء السابقة في التعامل مع الملف السوري وتصحيحها، خاصة في الجانب القانوني، والاستفادة من اليد العاملة السورية في عمليات الإعمار والبناء المطلوبة، لاسيما وأنها عمالة ماهرة معقولة الأجر أثبتت وجودها سابقاً في قطاع الإنشاءات وبقية القطاعات الاقتصادية[21].

إلا أنه يجب التنبُّه لضرورة ألا تزيد الكارثة الإنسانية من الضعف والهشاشة بين السوريين، وألا تسمح باستغلالهم أو استهدافهم أو التحريض عليهم أكثر؛ لأن حلقة الكراهية والخطاب العنصري لن تتوقف عند السوريين، وإنما ستمتد لتشمل شرائح جديدة، مما يهدّد الأمن والسلم الأهلي في المجتمع التركي، ويتحمل الطرفان السوري والتركي المسؤولية أمام هذه الكارثة؛ لذا يُتوقع منهما توحيد الجهود والعمل المشترك من أجل تذليل التحديات وتخفيف المشكلات وتسهيل حياة المتضررين جراء الزلزال، خاصة الفئات الهشّة.

وفي هذا السياق نقدّم مجموعة من التوصيات التي يُفترض أن يعمل عليها كلٌّ من السوريين والأتراك لتجاوز هذه المحنة الإنسانية بكفاءة وفعالية وبأقل الأضرار الممكنة.

توصيات على المستوى القانوني موجهة للسلطات التركية:

  1. ضرورة إعادة النظر في الشكل القانوني لحملة بطاقات الحماية المؤقتة، وتطوير القوانين والسياسات الناظمة لوجودهم في تركيا، بما يسمح بتخفيف جوانب الضعف والهشاشة والاستفادة من وجودهم بما يخدم المجتمع المضيف.
  2. العمل على تسهيل عملية استصدار أذونات سفر للمتضررين من الزلزال؛ وذلك إما بتحويل استصداره إلى الشكل الإلكتروني، وإما بإمكانية استصداره عن طريق وكيل بالنيابة عن كل أفراد العائلة، وإما بتحضير فرق متنقلة بإمكانها زيارة العائلات المتضررة من الزلزال ممن لديها أشخاص كبار في السن أو مصابون أو من ذوي الاحتياجات الخاصة.
  3. التفكير في تسهيلات لمنح بطاقات الحماية المؤقتة للمتضررين من الزلزال استناداً إلى بياناتهم السابقة الموجودة على نظام “سيستم” دائرة الهجرة بعد مطابقتها بصورهم الشخصية وبصمات الأصابع، وعدم إلزامهم بتقديم مستندات جديدة.
  4. التفكير في عملية إعادة توزيع السوريين بشكل متوازن في الولايات التركية، خاصة ممن فقدوا منازلهم وفرص عملهم، وتقديم تسهيلات ومحفزات للمستقرين في الولايات التي لا تضم أعداداً كبيرة من السوريين؛ كالحصول على كرت الهلال الأحمر لمدة عام، وتقديم تسهيلات في نقل قيود كامل العائلة وتصحيح أوضاع المخالفين منهم.
  5. إعادة النظر في وضع المخالفين الذين لا يحملون بطاقات الحماية المؤقتة، والعمل على وضع برنامج لتصحيح أوضاعهم القانونية.
  6. زيادة عدد مراكز دائرة الهجرة وعدد الموظفين العاملين في تلك المراكز بما يسمح بالتجاوب مع متطلبات الأزمة الحالية.
  7. الطلب من دائرة الهجرة الاعتماد على التعميمات المكتوبة والمترجمة والممهورة بختم الدائرة، وإنشاء صفحة رسمية تنشر هذه التعليمات باللغة العربية منعاً للالتباس.
  8. إعادة النظر في واقع الأطفال السوريين غير المصحوبين، والعمل على دراسة احتياجاتهم والمشاكل التي يواجهونها، وتقديم التسهيلات للعائلات الكفيلة للحصول على الوصاية القانونية بعد التأكد من درجة القرابة، والمتابعة الدورية لواقع الأطفال منعاً من تعرضهم للاستغلال.
  9. إصدار تعميمات رسمية باللغتين العربية والتركية توضح الأمور المتعلقة باستفادة القادمين من المناطق المتضررة بالزلزال من الخدمات الطبية والتعليمية المتاحة، ومتابعة الشكاوى والتجاوزات المتعلقة بهذا الموضوع.
  10. إعادة النظر في سياسية تقييد الأحياء السكنية تجاه الأجانب، والعمل على تأمين مساكن مؤقتة بأجور رمزية للمتضررين من الزلزال.
  11. الضغط على الاتحاد الأوروبي والدول المانحة لتقديم استجابة عاجلة داعمة للسوريين المقيمين في تركيا، خاصة المنح المالية الصغيرة التي تُصرف للعائلات المتضررة.
  12. تطبيق سياسة واضحة تتعلق بالخطاب التحريضي وخطاب الكراهية وإشاعة المعلومات الكاذبة، خاصة تلك المتعلقة باللاجئين السوريين.

توصيات موجهة لمنظمات المجتمع المعنية باللاجئين:

  1. التعاون المشترك مع المنظمات المعنية باللاجئين لاستقبال الاستشارات المتنوعة من الأجانب المتضررين من الزلزال، وإرشادهم إلى مراكز الخدمات المتاحة لهم، واستقبال الشكاوى الواردة من طرفهم، لاسيما وأن الرقم المخصص للاستفسارات التابع لدائرة الهجرة مخصص لتقديم بعض الاستشارات القانونية البسيطة وغير مخوَّل بمتابعة المشاكل المعقدة.
  2. التوجه إلى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والضغط عليها لأخذ دور الوسيط والوكيل الذي يقوم بإصدار أوراق رسمية ثبوتية بدل التي ضاعت ضمن الأنقاض، أو توكيلها بالطلب من الدوائر الرسمية التابعة لنظام الأسد والعمل على إحضارها.
  3. إجراء شراكات مع منظمات سورية تسمح لها بمتابعة العائلات التي فقدت أطفالها خلال الزلزال، والعمل على وضع خطة لربط العائلات بمراكز الطفولة أو الملاجئ التي نُقل إليها هؤلاء الأطفال، ومحاولة التعرف على الأطفال السوريين وتقييد المعلومات الواردة منهم.
  4. العمل على تشجيع المتبرعين لدعم الطلاب الجامعيين الذين يقيمون في الولايات المتضررة، والضغط من أجل إعفائهم من القسط الخاص بالفصل الثاني للعام الدراسي 2022-2023.
  5. إنشاء منصة لاستقبال الشكاوى المتعلقة بحالات الاستغلال، سواءٌ الحاصلة بين سوريين أو أتراك، والعمل على متابعتها قانونياً ومعاقبة الأشخاص الذين يحاولون استغلال الكارثة أو تجاوز القانون.
  6. زيادة الاهتمام بالشرائح الهشة من السوريين، وزيادة وصولها للخدمات المتاحة في المناطق الجديدة التي استقرت فيها.
  7. تطوير سياسة إعلامية جديدة تنطلق من المصاب المشترك بين السوريين والأتراك، وتسعى إلى سدّ الفجوات وإعادة بناء العلاقة على أسس سليمة، وإعادة التفكير في الهجرة والمهاجرين كحالة طبيعية -بالنظر الى موقع تركيا الجغرافي- مستمرة يُفترض التعامل معها وفق هذا السياق.
  8. إشراك بعض الطواقم السورية ضمن مجموعات المتطوعين في دائرة الكوارث والطوارئ، والعمل على تدريبهم على عمليات الإنقاذ والمساعدة، وتطوير أداء الفرق التطوعية السورية لتحقيق استجابة أفضل.

لمشاركة التقرير:

https://sydialogue.org/u3yz


[3] عدد السوريين في تركيا كانون الثاني 2023 ، جمعية اللاجئين، تاريخ النشر 9/1/2023.
[4] عملت الوحدة المجتمعية منذ عام 2019 على رصد العديد من الإشكاليات التي يعيشها السوريون في تركيا، وخصصت مساراً بحثياً خاصاً لدراستها؛ فأصدرت نحو 15 تقريراً درست فيها مشاكل الاندماج والمشاكل التعليمية والاقتصادية وإشكاليات المنازل الشبابية والهجرة والقُصّر غير المصحوبين وأزمة كورونا.
للاطلاع على منتجات الوحدة المجتمعية في هذا المسار يمكن زيارة الرابط التالي: https://bit.ly/3Ey5gVx
[5] أصدر مركز الحوار السوري عدة تقارير لتتبع آثار الزلزال الإنسانية في سوريا، منها:
[6] يُقصد بإذن السفر: الوثيقة المفروضة على السوريين حاملي بطاقات الحماية المؤقتة والتي تصدر من دائرة الهجرة للسماح لهم بالتنقل داخل تركيا، ويتم من خلالها تحديد مدة التنقل والولاية التي ستتم زيارتها، وقد فُرض في عام 2016 وتم تطبيقه بشكل فعلي عام 2017، وقامت دائرة الهجرة بالسماح لمتضرري الولايات المنكوبة بحرية الحركة والانتقال عقب الزلزال للذهاب إلى أقاربهم بشرط استصدار هذا الإذن عند استقرارهم في إحدى الولايات.
[8] تكررت مثل هذه الحوادث في عدد من الدول التي تعرضت لأزمات وكوارث؛ حيث أعطت الأولوية لمواطنيها في الخدمات على حساب الأجانب، وهو ما لُوحظ في الحرب الأوكرانية عندما منعت السلطات الأجانب من ركوب القطارات هرباً من الحرب، وواجهت بعض الحكومات الأوروبية تهماً حول قيامها بالتمييز في معاملة اللاجئين الأجانب القادمين من أوكرانيا وفقاً لأصولهم العرقية.
يُنظر: “أجانب” أوكرانيا… الوجه الآخر لعنصرية أوروبا المكتومة، العربي الجديد، تاريخ النشر 10/3/2022.
[9] تم التأكد من أنها صادرة عن دائرة الهجرة بعد تواصل فريق المركز مع أحد أعضاء المنظمات السورية ذات التواصل الدائم مع تلك الدائرة.
[10] بيان صحفي صادر عن إدارة الكوارث والطوارئ التركية، تاريخ النشر 10/2/2023.
[11] أشار بعض مسؤولي دائرة الهجرة إلى أنهم سيغضّون الطرف عن قدوم السوريين لأقاربهم في إسطنبول، وقد بدأت المراكز التابعة لدائرة الهجرة بإصدار أذونات سفر للمنكوبين القادمين من مناطق الزلزال وفقاً لما تم رصده.
[13] يعتقد البعض أن هذا الإجراء يهدف إلى إحصاء عدد العائلات المتضررة الموجودة في كل ولاية، وهذا يتطلب التأكد من عدد أفراد العائلة بحضورهم بشكل فيزيائي؛ خوفاً من انتحال الشخصية أو استخدام بيانات أشخاص متوفين أو مختفين ما زالوا مفقودين. إلا أن من الملاحظ لجوء بعض دوائر الهجرة لتوجيه القادمين من ولايات محددة لاستصدار أذونات سفر إلكترونية.
[14] منشور للناشط الحقوقي طه الغازي، أحد أعضاء منتدى حقوق الإنسان والأمن الاجتماعي السوري التركي، تاريخ النشر 26/2/2023.
[15] رصد فريق البحث عدداً من العائلات السورية المنكوبة التي تعرضت لهذا النوع من الابتزاز.
[16] للمزيد يُنظر: العمالة السورية في سوق العمل التركي، مركز الحوار السوري، تاريخ النشر 21/8/2021.
[17] أشرنا في دراسة سابقة إلى دور الأزمة الاقتصادية في تصعيد خطاب الكراهية وزيادة التوتر الاجتماعي بين السوريين والأتراك.
للمزيد يمكن الاطلاع على: مهددات الانسجام الاجتماعي بين السوريين والمجتمع التركي، مركز الحوار السوري بالشراكة مع مركز الدراسات الإنسانية والاجتماعية İNSAMER والرابطة الدولية لحقوق اللاجئين، تاريخ النشر 18/3/2021.
[20] قام منتدى حقوق الإنسان والأمن الاجتماعي باستعراض بعض الحالات التي تم فيها الاعتداء على بعض المتطوعين السوريين والتحقق من ادعاءاتهم وشهاداتهم أمام مجموعة من الناشطين الحقوقيين السوريين والأتراك، وذلك ضمن ورشة عمل عُقدت في 22/2/2023.
[21] أشارت دراسة سابقة لمركز الحوار السوري إلى أن أكثر قطاعات العمل التي يعمل بها السوريون هي الورشات الصناعية بالدرجة الأولى، ثم الخياطة والأزياء، ثم قطاع الإنشاءات. يُنظر: العمالة السورية في سوق العمل التركي، مرجع سابق.

مؤسسة بحثية سورية تسعى إلى الإسهام في بناء الرؤى والمعارف بما يساعد السوريين على إنضاج حلول عملية لمواجهة التحديات الوطنية المشتركة وتحقيق التنمية المستدامة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى